نبذة عن تاريخ الفيروسات
كلمة فيروس تعني السم و مصدر الروائح الكريهه ، كما أشار إليه قاموس فيلبس .. و أول من أطلق عليه هذه التسمية كان العالم الهولندي بايرنيك Beijerinck عام 1898م ..
نعود الآن إلى عام 1700 م ، حيث لاحظ المزارعون في المملكة المتحده أن محاصيل البطاطس لديهم تعاني من خطبٍ ما و تم وصفه بمرض موزئيك (المزوق ) وإلتفاف الأوراق دون معرفة المتسبب به ..، وبقي هذا السر مجهولاً لمدة قرن كامل ..
حتى جاء
الدكتور إدوارد جنر عام 1798م وهو طبيب قروي ، ولاحظ بأن الفلاحين المعرضين للأبقار المصابة بالجدري لا يصابون بهذا المرض في الحالات الوبائية .
وتوصل من خلال أبحاثه إلى طريقة تحصين الأشخاص ضد مرض الجدري .
ولكن إلى الأن لم يتم معرفة المتسبب بكل تلك الأمراض ، فمع تطور العدسات و المجاهر الضوئيه تم إكتشاف الفطريات و البكتيريا .. إلا أنه بسبب صغر حجم الفيروس ..لم تبدأ الدراسات الجاده عنه إلى عندما أشتكى مزارعوا التبوغ في هولندا من مرض فتاك يصيب نبات التبغ .. وبناء على ذلك تم تكليف
أدولف ماير Adolf Mayer عام 1870-1886م ، لدراسة هذا المرض.
ولكن بسبب الإعتقاد السائد أنذاك بأن الأمراض في الحيوان والنبات يجب ان تتسبب عن فطريات أو بكتيريا فقد فشل ماير في اكتشاف الفيروس ، بالرغم من انه وصف بشكل دقيق أن العصير المستخلص من النبات المصاب يُحدث الإصابه في النبات السليم إضافه إلى بعض الخواص الأخرى التي درسها .
ثم جاء
عام 1892م ، حيث درس العالم الروسي إيفانوفسكي نفس المرض وبيَنَ أن العصير النباتي المرشح خلال المرشحات البكتيريه يحتفظ بقدرته على إحداث العدوى ، إلا أنه فُسر على أساس الإعتقاد السائد في تلك الأوقات أن المسبب بكتيري و أن السموم التي تفرزها البكتيريا هي التي احدثت المرض . .
ولكن .. تجرأ
العالم الهولندي بايرنيك Beijerinck عام 1898م .. وقال : بأن المسبب المرضي لهذه الحاله هو شيء لا يعود إلى البكتيريا أو الفطريات المعروفه أنذاك ، بل إنه سائل حيوي معدي .. و اطلق عليه مسمى فيروس والتي تعني باللاتينيه سُم .
وقد توصل إلى نتيجته بناء على تجاربه التي اعتمد فيها على مرشحات تمنع مرور أي شيء في حجم الخليه أو أكبر منها . وتوصل إلى أن الفيروس عديم التركيب الخلوي .. مما يعني ان الماده تكون حيه بدون أن يكون لها تركيب خلوي (سبحان الله ) .
وفي نفس السنه
1898م أكتشف العالمان لوفلر وَ فروش Loeffler and Frosch أن مرض الحمى القلاعيه يتسبب عن كائنات تتواجد في السائل الخالي من أي بكتيريا ، فأفترضا أن جسمات الفيروسات هي حوالي 1\15 إلى 1\10 قطر الخلايا البكتيريه .
و في
عام 1900م جاء والتر ريد Walter reed حيث توصل هو وجماعته إلى ان المسبب الرئيسي للحمه الصفراء هو فيروس ، وعليه يعتبر هذا الإكتشاف هو أول حالة مرضيه معروفه تتسبب عن الفيروس في الإنسان .
وفي نفس الحقبة الزمنيه ، أثبت بعض العلماء اليابانيون تعايش الفيروسات في داخل حسم بعض الحشرات ..
ففي
عام 1939م أثبت Fukushi قابلية إنتقال المسبب المرضي خلال بيض الحشرة الناقله إلى الأجيال التاليه للحشره .
عام 1915م أكتشف Twort بإنجلترا
وَ Herelle في فرنسا عام 1917م ..
أن البكتيريا أيضاً تصاب بالفيروسات .. وذلك بعد تجارب عديده قاما بها حيث وجدوا ان إضافة بعض مخلفات المجاري بعد ترشيحها و إستبعاد البكتيريا منها إلى مزرعة بكتيريه حديثه قد تسبب بتحلل لتلك البكتيريا ..
وأعتبر Herelle أن السبب قابل للنفاذ عبر المرشحات يتميز بأنه صغير جداً وغير مرئي وهو ميكروب حي يتطفل على الأحياء الدقيقة المعويه ..أسماه البكتيروفاج المعوي أو ملتهم البكتيريا المعوية Bacteriophage .
نكتفي بهذا القدر من تاريخ الفيروسات ، ولكن نرى جميعنا أن العلماء أعتمدوا في أبحاثهم على ترشيح تلك
الكائنات عبر المرشحات المعده لحجز البكتيريا ، للتاكيد على صغر حجمها و بساطة تركيبها .. وقدرتها لفائقه على إحداث التخريب للخلايا ، والأدهى ، قدرتها الواسعه على الإنتشار .. فهي قد حطمت الرقم القياسي في تاريخ الأوبئه في العالم البشري ..
نتسكمل بإذن الله المرة المقبله ، ونبدأ بعرض البطاقه الشخصية للفيروسات .. لتحدثنا قليلاً عن نفسها .
عالمة فيروسات
'>