قدمة:
في حكاية ل. كارّول (L.Caroll ) الشهيرة "أليس في بلاد العجائب"، تنام الصغيرة آليس وتنجذب إلى سلسلة حوادث عجيبة. فتجري أمامها لوحات هواميّة، ويروي ظرفاء عجيبون، بحدّةٍ، أشياء لا يمكن فهمها، ويذكرون أهم الأمور، وينكبون على تفسير شيء ما. لكن عندما تقترب آليس منهم أكثر وتحاول أن تفهم أقوالهم، يتراءى لها أن الظرفاء قد تبخّروا، وعلى الفور تنقل الصبيّة إلى وضع آخر، نحو رؤى أخرى...
إن عالم اللامتناهي الصغر، عالم الجزيئات والهباءات الأولية، يشبه إلى حد ما "بلاد العجائب" هذه. فهنا أيضا نشهد تحولات مدهشة. كما نصادف أيضاً كثيراً من الأمور "التي يمكن تصديقها" من زاوية الإنسان المعتاد على واقع يمكن "لمسه بالإصبع" إذا جاز القول.
ولكن لنسرع إلى القول إنّ هذا العالم لا يشهد، هو أيضاًَ، خوارق ومعجزات. فالهباءات الأولية تخضع لقوانينها بكل دقة وانتظام ولا تخالفها أبداً. وفوق ذلك، كل شيء أبعد من أن يكون "خارقاً" جداً في هذا العالم.
ولكن لا بدّ بادئ ذي بدءٍ من لمحة تاريخية.
إن كلمة "أولية" تعكس المحاولة الجارية لوضع حد لتجزؤ المادة وانشطارها. ففي القرن 18 م وفي بداية القرن 19م، كانت الهباءات (هباءة Molecule تصغير لكلمة "Moles" اللاتينية معناها "كتلة"، كتلة صغيرة) قد اعتبرت هي الأبسط والأصغر، ثم انتقل شرفُ تمثل "قرميدات الكون ومداميكه" إلى الذرات (ومعناها في اليونانية atoms أي " لا تقبل الانشطار")، بوصفها جزءاً مكوّناً للهباءة أو الجزيء.
وفي نهاية القرن 18م، جرى اكتشاف الكهيرت (electron)، الذرة الكهربية، بكيفية ما.
وجرى في مطلع عصرنا التواضع على أن أشعة الشمس تتكون من مد جزيئاتٍ خاصة، الضويئات (الفوتونات) أو كمية الضوء.
وفي سنة 1919م، اكتشف رذرفورد البروتون.
وفي 1932م، اكتشف هباءة محايدة تقترب كتلها من كتلة البروتون. وأطلق عليه اسم النيترونات.
ومن هذا العام، تتالت بوتيرةٍ متصاعدةٍ الأخبار التي تعلن اكتشاف جزيئات أولية جديدة. لقد وُجد بعضٌ منها في الأشعة القادمة إلى الأرض من أعماق الكون. وتم الحصول على بعضٍ آخر اصطناعياً من خلال المسرعات.
من المعروف حالياً أكثر من 200 هباءة، ومن ضمنها تلك التي سُميت "إرنانات"، أي الهباءات التي تكون "حياتها" قصيرة جداً (بمقدار 10^-23 ثانية) لدرجة أنه لا يمكن التوصل إلى التقاطها بالوسائل والطرق العادية. لقد تم اكتشاف معظم هذه الهباءات بواسطة مسرعات إلكترونية. وكان من الطبيعي الشعور السريع بالحاجة إلى تصنيفها وتوزيعها في زُمر متقاربة وفقاً لمُشيرات متنوعة.
المصدر:
كتاب: عالم الفيزيائيين.
تأليف ف. كيلي.
تعريب الدكتور خليل أحمد خليل (أستاذ في الجامعة اللبناينة).
دار الفكر اللبناني. الطبعة الأولى 1992م.
من خلال رحلتنا في عالم الجسيمات الاولية سوف نتبع التقسيم التالي:
1- اللبتونات وتحوي جسيمات مثل الالكترون والنيوترينو وغيرهما
2- الكواركات والتي تكون الميزونات, الباريونات والهيبرونات
3- الجسيمات حاملات القوى
حيث سيتم التطرق بشكل عام لكل مجموعة من الجسيمات ومن ثم نقوم بالتعرف على جسيمات المجموعات واحدا واحدا
