بداية نعرض لكم المقال كما نشر في صحيفة الرياض يوم الثلاثاء 28 من ذي القعدة 1427هـ - 19ديسمبر 2006م - العدد 14057
الــمـقـال بـعـنـوان :- انقسامات في رؤية الفلكيين حول دخول هلال ذي الحجة.. البعض يراه الخميس وآخر الجمعة .
من هلال إلى هلال ومن سنة إلى أخرى ولازال الجميع يدور في حلقة (متكررة) متسائلاً : أما لاستهلال الأشهر القمرية من حل؟ فالبوادر هذه السنة تنبئ بحدوث أزمة جديدة وهي الخلاف على هلال ذي الحجة لتعيدنا إلى العام قبل الماضي 1425ه مما أحدث أزمة كبيرة وربكة في حركة الحجاج فما أن أعلن دخول الشهر .
ومضى أكثر من خمسة أيام حتى أعلن مجلس القضاء الأعلى ان الهلال قد دخل قبل الذي تم الاعلان عنه الأمر الذي كبد العديد من الخسائر وأدخل الحجاج في متاهات كبيرة جعلت الجميع يتساءل : ألا يوجد حل لرؤية الهلال فالفلكيون لازالوا مختلفين.
فالبعض من الفلكيين لايزال يصر على أن رؤية هلال رمضان لم يثبت مما جعل العديد يطالب بوضع حد لأن يكون هناك نهاية ووضع لهذه المعضلة.
"الرياض" ومن خلال هذا التحقيق تطرح بعضا من رؤى المختصين بالفلك.
في البداية يقول الشيخ عبدالله بن منيع عضو لجنة تقويم أم القرى وعضو هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية في بيان سابق له أوضح من خلاله دخول الأهلة لهذا العام منها شعبان ورمضان وشوال وذي القعدة وذي الحجة لعام 1427ه حيث قال: يولد هلال شهر ذي الحجة مساء يوم الاربعاء ليلة الخميس الموافق 1427/11/29ه (قبل غروب الشمس باثنتين وأربعين دقيقة).
وعلى قاعدة أن الهلال إذا ولد قبل غروب الشمس فإن الشمس تغرب قبله ولو كان بزمن يسير لا يتجاوز الثواني وبناء على هذه القاعدة فإن ليلة الخميس تعتبر أول ليلة من ليالي شهر ذي الحجة ويعتبر يوم الخميس أول يوم من شهر ذي الحجة ويكون يوم الجمعة هو يوم عرفة 1427/12/9ه وذلك وفق الحساب الفلكي ولكن تقويم أم القرى خالف هذه القاعدة وقال بأن هلال شهر ذي الحجة بالرغم من انه ولد قبل غروب الشمس باثنتين وأربعين دقيقة إلا انه يغرب قبل الشمس بأربع عشرة دقيقة حيث يغرب الساعة 5.30وتغرب الشمس بعده الساعة 5.44وهذا في الواقع مخالف لقاعدة ولادة الهلال إذ كيف يولد قبل غروب الشمس بساعة إلا ربعاً تقريباً ويغرب قبلها؟
وبناءً على ما اتجه إلى القول به تقويم أم القرى فلا يجوز ترائي الهلال ليلة الخميس حيث ان الهلال يغرب قبل الشمس بربع ساعة تقريباً ويعتبر يوم الخميس مكملاً شهر ذي القعدة ثلاثين يوماً ويكون يوم الجمعة هو أول يوم من أيام شهر ذي الحجة.
ومما يلفت النظر ويعطي المزيد من التشكيك في صحة ما اتجه إليه تقويم أم القرى في اعتبار يوم الجمعة الموافق 2006/12/22م هو أول يوم من أيام شهر ذي الحجة ما يلفت النظر ان القمر يغرب ليلة الجمعة مساء الخميس الساعة 6.31وتغرب الشمس قبله الساعة 5.44بمعنى ان الهلال يمكث بعد غروب الشمس سبعاً وأربعين دقيقة. فهل هذا المكث معقول لليلة الأولى من الشهر؟
والذي يظهر لي آخذاً بقاعدة ولادة الهلال دون تقييدها بشرط ان ليلة الخميس يجوز ترائي الهلال فيها فإذا رؤي الهلال فالرؤية صحيحة متفقة مع الحساب الفلكي ويكون يوم الخميس هو أول يوم من شهر ذي الحجة وان الوقوف بعرفة يكون يوم الجمعة 1427/12/9ه والله أعلم.
من جانبه يقول الدكتور حسن باصرة رئيس قسم علوم الفضاء والفلك بجامعة الملك عبدالعزيز بجدة: لاشك ان الله سبحانه وتعالى جعل من حركة القمر بين منازل النجوم على دائرة البروج وسيلة لنعلم بها عدد السنين والحساب وذلك عن طريق الحركة الدقيقة التي أودعها فيه وفي بقية الأجرام السماوية، تلك الحركة التي مكنت التقنيات الحديثة المتمثلة في حواسيباتها الضخمة من تعيين مواقع هذه الأجرام السماوية بدقة ساعدت على سبيل المثال في تحديد مواعيد الكسوفات والخسوفات المقبلة أو الماضية.
كما أن لحركة القمر حول الأرض اثناء دورانهما حول الشمس العديد من الحالات اعتماداً على مواقع الأجرام الثلاثة في الفضاء، وهذه الأوضاع هي التي تحدد موقع القمر على أفق الراصد لحظة غروب الشمس ولن يحيط بمثل هذا إلا من كان على دراية بهذه الحركات وعلم بوضع دائرة البروج بالنسبة للأفق.
وللوقوف على معرفة فيما إذا كان القمر فوق الأفق من عدمه لحظة غروب الشمس لابد من سؤال من لديهم إلمام ببديهات حركة القمر لأن عدم ذلك ينتج عنه لبس وإشكالات مثل حالة غروب القمر قبل غروب شمس يوم الاربعاء القادم الموافق 29ذي القعدة 1427ه وذلك بالرغم من ولادته قبل ذلك مما يعني ان دخول الشهر يوم الجمعة.
ويتمثل ميلاد القمر في تأخره عن الشمس اثناء حركتهما نحو الأفق الغربي، فعندما يكون مسار الحركة عمودياً على الأفق فلاشك مطلقاً في غروب الشمس بعد القمر، ولكن الحالة تختلف عندما يكون مسار الحركة مائلا على الأفق إذ قد يكون السبق للجرم الذي يكون الميل في اتجاهه وإن كان متأخراً. ووضع مسار الحركة اثناء غروب ليلة الخميس في مكة المكرمة يكون مائلاً ناحية القمر لذا فإن الشمس في مكة المكرمة ستتأخر عن الغروب لفترة تصل إلى 14دقيقة بعد غروب القمر، وهذا حساب قطعي لا يشوبه الظن بتاتاً.
ولأننا مُتعبدون بالرؤية لا بالولادة فلن يكون هناك امكانية لرؤية هذا الهلال بل من المستحيل لأنه يكون تحت الأفق تماماً، لذا فلا يجب ان يكون هنالك خلاف فيما لا خلاف فيه. أما في الحالات التي يبقى فيها القمر بعد غروب الشمس فإنه للتمكن من رؤيته لابد أن تكون له أبعاد زاويية عن الشمس وعن الأفق وكذلك فترة زمنية تخرجه من هالة الشفق اللامعة حتى يستطيع الرائي من تمييز لمعانه الضئيل وسط اضاءة الغروب الشديدة. لذا فإنه لابد ان يتأخر القمر لفترة (وليست للحظات أو ثوان) حتى تحدث هذه الزوايا التي تمكننا من الرؤية المطلوبة شرعاً والمتُعبدون بها.