Advanced Search

المحرر موضوع: منصات النفط والإشكالية البيئية  (زيارة 1134 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

مارس 27, 2004, 12:27:54 صباحاً
زيارة 1134 مرات

التواق للمعرفة

  • عضو خبير

  • *****

  • 2342
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
منصات النفط والإشكالية البيئية
« في: مارس 27, 2004, 12:27:54 صباحاً »
تنتشر منصات النفط في شتى إنحاء العالم، واقفة بثبات وسط البحار والمحيطات لاستغلال المكامن النفطية الموجودة في تلك المناطق رغم العقبات والصعوبات الكبيرة التي تواجهها. وحسب إحصاءات حديثة فإن عدد هذه المنصات يتراوح ما بين 6000 و 6500 منصة منتصبة في مناطق عدة، ويقع معظمها نحو 4000 في خليج المكسيك ونحو 950 في آسيا و 750 في الشرق الأوسط ونحو 640 في بحر الشمال وشمال شرقي المحيط الأطلسي.
وتسهم هذه المنصات في إمداد العالم بجزء كبير من حاجته من النفط، وقد تطورت تطورا كبيرا مع الزمن من حيث المواد المستخدمة في إنشائها وطرق تركيبها، وتجهيزاتها الفنية، والتقنيات المستخدمة في استخراج النفط وكيفية تعبئة الناقلات. لكن المشكلة التي تواجهها هذه المنصات هي كيفية التخلص منها بعد انتهاء عمرها الافتراضي او توقف عملها لضعف المكمن او عدم جدواه الاقتصادية أو لأسباب أخرى. وبرزت هذه المشكلة مع حملات شنها دعاة حماية البيئة على شركات النفط التي تحاول التخلص من هذه المنصات بدعوى ان التخلص منها في البحار والمحيطات يؤدي إلى تلوث كبير في هذه المناطق ويسبب كارثة خطرة على الأحياء والنباتات الموجودة فيها.

 

ومن الثابت تاريخيا ان توماس رولان هو من ابتكر الطريقة لاستخراج النفط من البحار في الرابع من مايو عام 1819، فقد سجل هذا الباحث بإسمه أول براءة اختراع لمنصة بحرية ثابتة يمكن استخدامها لاستخراج النفط. وبعد مرور 85 عاما على ابتكار رولاند تم الاستغلال الفعلي للنفط من أول منصة بحرية بنيت في كاليفورنيا عام1879 وكانت هذه المنصة ذاتية الرفع أما منصة (بلووترا) التي بنيت عام 1962 فكانت أول منصة قادرة على الغوص جزئيا. ويتطلب بناء منصات بحرية أمورا عدة. بعد التأكد من وجود مكمن نفطي ذي جدوى اقتصادية منها دراسات جيولوجية تتمثل في إجراء مسح جيولوجي لقاع البحر وإجراء تقييم جيوفيزيائي للمنطقة لتحديد اكثر الأماكن ملاءمة لبدء الحفر. ويجب أيضا دراسة حركة الرياح في المنطقة وحركة الأمواج والتيارات المصاحبة لها فضلا عن الإنشاءات الضرورية للتركيبات المعدنية التي تقوم وسط الماء من حيث تعرضها للصدأ، وسرعة صب الأسمنت المستخدم في بعض أجزائها. وتستخدم عادة طريقة الحفر الرحوية او الدوراتية في حفر آبار النفط الموجودة في البحار سواء كانت في الأماكن العميقة او الضحلة القريبة من الشاطئ.
ويتم الحفر في المياه الضحلة أي المياه التي لا يتجاوز عمقها 60 مترا من على منصات محمولة على ركائز منغرزة في قاع البحر ومرفوعة فوق سطح الماء بعيدا عن مستوى الأمواج أما الحفر في الأعماق فيتم من على منصات طافية ومثبتة في مكانها بواسطة مجموعة متشابكة من المحركات والمراسي.
ان منصات النفط تنتج حاليا نحو 25% من إنتاج النفط العالمي وهذا يعادل نحو 13 مليون برميل يوميا ويعمل في تصميم واشادة وإدارة هذه المنصات نحو 200 ألف مستخدم وينفق على هذا المجهود نحو 25 مليار دولار سنويا مع تقديرات بنمو ذلك مستقبلا بنحو 20% سنويا. لكن هذه المنصات باتت تثير مشكلات جمة مع انصار البيئة عند التخلص منها وابتدأ ذلك في منصف التسعينات فالجدل الذي دار حول التخلص من المنصة النفطية العائمة في حوض (( برنت سبار)) قبل خمس سنوات مضت لقن قطاع النفط الغربي دروسا قاسية.


وكانت الحملة التي شنتها جماعات أنصار البيئة المعروفة بإسم السلام الأخضر عام 1995 ضد شركة شل قد منعت الأخيرة من دفن النفايات الفولاذية التي تنجم عن تفكيك المنصة في أعماق البحار قبالة شواطئ الجزيرة (( شيتلاند)) وعمدت ((شل)) بدلا من ذلك إلى تقطيع المنصة إلى قطع صغيرة هذا الصيف لإستخدامها في إنشاء رصيف بحري لعمليات الشحن في النرويج. وقدمت شركة ((فيليبس بتروليم)) الأمريكية للنفط خطة إزالة خاصة بمعدات النفط والغاز التي تملكها في حقل ((ايكوفيسك )) النفطي تقدر قيمتها بنحو مليا دولار او ما يعادل 8 مليارات كورون نرويجي لوزارة النفط النرويجية واختارت الشركة حلا وسطا يهدف إلى بعث السرور في نفس كل من انصار البيئة والحكومة النرويجية ومالكي الأسهم في آن واحد وتعتبر تكلفة هذا احل أعلى بحوالي 3 مليارات كورون من تكلفة ارخص الحلول وادنى بنحو 6.6 مليار كورون من اعلى الحلول البديلة تكلفة . ويقضي الحل الأعلى تكلفة ان تقوم الشركة بنقل الجزء العلوي من المنصة وخزان الإسمنت الضخم والحاجز الوقائي إلى الشاطئ لإعادة تدويرا واختارت الشركة بديلا عن ذلك تأجيل نقل الخزان ودفن الانابيب ومعدات الحفر في باطن الارض أما الأقسام الفولاذية العليا من المنصة فستعمل على تفكيكها ما بين عامي 2003 و 2018. وقالت الشركة انه كان واضحا من البداية ان الاجزاء الرئيسية العليا من المنصات لا بد من نقلها إلى الشاطئ وعادة تدويرها وجاء هذا التوجه بعد الاجتماع الوزاري للمفوضية الأوروبية الذي عقد في اوسلو وباريس وقرر حظر دفن المنصات الفولاذية في بحر الشمال وشمال شرق الأطلسي مستثنيا من ذلك المنشآت البيتونية.

 

وقالت مصادر شركة (( فيليبس بتروليم)) في النرويج أنها تعمل بالتعاون الوثيق مع أنصار البيئة خاصة بعد حادثة حقل ((برنت سبار)) لأن هؤلاء لديهم بالفعل أفكار طيبة وقال ((انجفار سولبيرج)) الناطق باسم الشركة ((انها نوع من الطرح المنطقي)). وامتدحت جماعة السلام الأخضر خطوة شركة ((فيلبس )) الخاصة بإعادة تدوير الأقسام العليا من المنصات على الشاطئ وقال ((جان ريسبنز)) من الجماعة ان اقتراح الشركة سيعود بالفائدة على البيئة وعلى عمليات تفكيك المنصات البحرية وسيؤمن فرصا للعمل جديدة لكنه انتقدها لتركها مخلفات الحفر من الطمي بينما وجه غيره من انصار البيئة لوما للشركة بسبب عدم إزالة خزان البيتون من الماء وقال ((ريسبنز)) (لقد اضطر الجدل السابق حول برنت سبار والذي اجبر شركة شل على التخلي عن خطتها الخاصة بدفن المنصات قطاع النفط إلى تحمل مسؤولياته تجاه منصات النفط المتراكمة هناك ولا ينبغي السماح لقطاع النفط والغاز بدفن مخلفاته السامة في قاع البحر)). هذا وطالبت اتفاقية جنيف للحقوق البحرية عام 1958 بوجوب تفكيك ونقل المنشآت التقنية البحرية المهجورة بكاملها كما طالب مؤتمر الأمم المتحدة للحقوق البحرية عام 1982 من جديد بضرورة تفكيك المنشآت البحرية كليا أو جزئيا على الأقل بعد الانتهاء من استخدامها كي لا تعيق حركة السفن وعمليات الصيد. كما فوض مؤتمر منظمة الملاحة الدولية بوضع الضوابط اللازمة لذلك وهكذا بوضع الضوابط اللازمة لذلك وهكذا صيغت المقترحات اللازمة لذلك بالتعاون مع لجنة حماية البيئة البحرية وتحولت عام 1989 إلى قرار نافذ للأمم المتحدة وبذلك يصبح إلزاما التفكيك الكامل للمنشآت الواقعة في المياه التي يقل عمقها عن 75 مترا واعتبارا من عام1998 تلك التي يصل عمقها إلى 100 مترا ويقل وزن البنى الحاملة فيها عن 4000 طن وتستثنى من ذلك المنشآت التي يمكن استخدامها لأغراض أخرى مثل الاستخدام كمحطات للأبحاث أو كشعاب بحرية اصطناعية لكن هذه التوجهات لم تتضمن الضوابط حول إمكان إغراق الأجزاء التي يتم تفكيكها في الماء، أو وجوب نقلها إلى اليابسة.


ويعتبر هدم الإنشاءات أو إغراقها في القاع مقبولا فقط في حال كان طول عمود الماء فوق الأجزاء المتبقية منها 55 مترا على الأقل وكان ثبات هذه الأجزاء مضمونا وآمنا ويتحقق ذلك على سبيل المثال في ربع المنشآت البحرية الموجودة في بحر الشمال هذا إضافة إلى وجوب تثبيت جميع البيانات الخاصة بالأجزاء الغارقة في خرائط بحرية ووضع العلامات المميزة عند الضرورة وتكليف المالك بمراقبة حالة هذه المخلفات كما ينبغي ان تقوم المعاهد الوطنية للدول ذات الشواطئ على هذه البحار بفحص الخيار الذي أخذ به المالك واعتماده.
إن عملية إغراق مباني ظهر المنصة ومنشآتها التقنية في عرض البحر هي بالتأكيد اقل الوسائل كلفة لكنها ستؤدي عاجلا أم آجلا إلى تجمع كم كبير من المواد الضارة في نظام البيئة الحساس وفي حال تمت الأعمال بحذر ودراية فقد تكون كمية هذه النفايات في المياه قليلة نسبيا وبتراكيز منخفضة مع انه لا يمكن لأحد ان يضمن ألا تترك هذه النفايات على قلتها أثرا دائما في الحياة البحرية وإذا ما حدث ذلك فلا تتوافر الإمكانات اللازمة للتدخل لاحقا، خلافا لما هي الحال على اليابسة. أما البنى التحتية للمنصة فلا تسبب هذا القدر من المشكلات إذ لا ينفث الصلب او الخرسانة المسلحة مواد ضارة. كما ينصح بناء على الأسباب المذكورة بترحيل المنشآت الفولاذية الواقعة في مجال الجرف القاري الأوروبي إلى اليابسة لإعادة تدويرها أما الهياكل الخرسانية التحتية ذات الأحجام الضخمة فليس لها حسنات بيئية واضحة . لهذا فإن بعض الحكومات مثل الحكومة الألمانية تتبنى استنادا إلى توصيات إدارة البيئة الاتحادية المواقف التالية في المفاوضات:

*  ينبغي تفكيك بنى ظهر المنصة وخطوط النقل والمنشآت التقنية والبنى الفولاذية تفكيكا كاملا ومعالجتها للخلاص منها على اليابسة.

*  أما الهياكل الخرسانية التحتية للمنصات من الطراز الثقالي فينبغي الإبقاء عليها في مكانها او اختيار الموقع المناسب لإغراقها في قاع البحر.

*  يمكن للهياكل الخراسانية التحتية ان تخدم كشعاب صناعية في حالات استثنائية مبررة ، وفي مناطق محددة كخليج المكسيك حيث تصادف حاليا او وجدت في الماضي شعاب طبيعية.

*  ينبغي تنظيف جميع المكونات التي سيتم إغراقها في البحر وتخليصها ما أمكن من المواد الضارة وهذا ينطبق بشكل خاص على الخزانات الموجودة في الهياكل التحتية وخطوط النقل وغيرها من المرافق التقنية.

*  لا بد من إعادة تأهيل موقع المنشأة البحرية بعد توقف العمل فيها وإعادته ما أمكن إلى حالته الطبيعية وينبغي ألا تسبب المكونات المتبقية إعاقة حركة السفن وعمليات الصيد او تهديدها.

*  يجب إقفال موقع الحفر المهجور بشكل لا تتسبب فيه حتى الزلازل بانسياب النفط او الغاز الطبيعي منها وبشكل لا يؤثر في حركة السفن أو عمليات الصيد وبحيث لا يمكن إعادة فتحها إذا علقت بها مرساة او شبكة صيد.