السلام عليكم ورحمة الله
أعتقد أنه حدث لبس في فهم الموضوع والفكرة المرادة حيث أنها خيالية بعض الشئ , لذا سأحاول أن أوضح وجهة نظري البدائية في الموضوع بشكل أدق بإذن الله :
أولاً : إن كان المراد من الموضوع هو ( نقل ) مركز الإحساس والإدراك والوعي للإنسان دون الجسد إلى عالم آخر ليعيشه ويدركه ثم إعادته له , فهذا هو المستحيل الذي أتحدث عنه , وأصرّ هنا رغم ضآلة معلوماتي حول الموضوع على أن هذا يتطلب نقل الروح ومعرفة سرها ومهيتها وهو الأمر المبتوت بشأنه .
ثانياً : أما إن كان المراد هو عمل جهاز خاص بتقنية متقدمة معينة بحيث تتصل فيزيائياً بالشخص لتعطي معلومات وإشارات معينة لدماغه توهمه وتجعله يدرك ويشعر بما هو ليس موجود واقعياً أو بمعنى آخر محاكاة الدماغ أو خداعه وهو حسبما أعتقد الذي يريد الوصول له الأخ المشرف سلوان رواز , فهذا أقل استحالة من سابقه . وسأحاول هنا أن أوضح فكرة معينة نتجت من فهمي للموضوع لمثل هذا الجهاز السحري الذي يقوم بهذه المهمة .
نحن نعلم أن الأنسان عبارة عن جسد ( مادي ) وروح وعقل وتفاعل هذه العناصر معاً يسبب ما نعيشه وندركه , فبالنسبة للروح فأمرها مبتوت لن نمسها هنا , وأما الجسد فلن نحتاج له هنا بما أنه لن ينتقل لأي مكان , وأما العقل فهو محور دراستنا في هذا الموضوع , وكما هو معلوم فإن العقل أساسه مادي وهو الدماغ الذي يرى ويسمع ويحس... وغير مادي وهو المعلومات والبيانات التي يجمعها العقل من خلال الرؤية والسمع والحس ومن خلال عمليات عقلية يتم الربط بين ما هو موجود وواقع الآن الذي ينتقل الى الدماغ عبر السمع والبصر والحس وبين ما هو مخزن مسبقاً في الدماغ من معلومات وهذا التفاعل بينها يسمى العملية العقلية . وأيضاً دعنا نأخذ الدماغ المادي هنا ونترك الجانب غير المادي له .
فالفكرة التي نسعى لها هي جهاز سحري يتصل بالدماغ البشري عبر الأعصاب ويولد إشارات كهربائية لعوامل غير حقيقية معينة تشبه تلك الإشارات التي تولدها العوامل الحقيقية نفسها وكل ذلك لمحاولة محاكاة الدماغ بحيث يشعر بأن تلك العوامل حقيقية واقعة . فالإنسان يرى والرؤية ناتجة عن سقوط الضوء على الشبكية فيصل كل خلية من خلايا الشبكية معلومات ضوئية فتثيرها وتتحول هذه المعلومات إلى سيال عصبي يأتي ويتجمع من خلايا بصرية متعددة لينقل عبر العصب البصري إلى الدماغ حيث تتكون صورة كاملة ويدرك الإنسان الشئ المشاهد ولكن جهازنا السحري الآن سيولد إشارات كهربائية جاهزة تحمل معلومات الصورة وتنقلها للدماغ ولكن ليس عملياً أن نشبك كل خلية بصرية في الشبكية بهذا الجهاز حتى يصدر السيال من كل خلية بصرية للدماغ لتكوين الصورة التي نريد خلقها , ولكن سيكون هناك وصلة واحدة تصل ما بين العصب البصري والجهاز السحري وسنسمي الوحدة في الجهاز المسؤولة عن توليد إشارات وسيالات بصرية للعصب البصري بوحدة الإبصار . وكذلك بالنسبة للسمع سيكون في الجهاز وحدة تسمى وحدة السمع تتصل مع العصب السمعي وتنقل له معلومات وإشارات الأصوات التي نريد للشخص أن يسمعها . وكذلك حاسة الشم يمكن أن نخصص لها وحدة في الجهاز تسمى وحدة الشم تتصل مع العصب المسؤول عن نقل السيلات الناتجة من الخلايا الشمية في الأنف لتنقل للعصب معلومات وإشارات لروائح معينة نريد لللشخص أن يشتمها . وحاسة الذوق يمكن أن نخصص لها وحدة تسمى وحدة الذوق تتصل بالعصب الذوقي الرئيسي لنقل معلومات وإشارات خاصة لأشياء نريد للشخص أن يشعر بطعمها . وكذلك الحس فالأعصاب الحسية منتشرة في جميع أنحاء الجسد وليس من العملي أن نصل كل عصب حسي بالجهاز لذا سيكون الجهاز متصل فقط بالعصب الحسي الرئيسي لنقل المعلومات والاشارات الحسية التي نريد للشخص أن يحس بها , وهنا يجب ان تكون ( الوصلة ) على درجة عالية من الإتقان والدقة ومقسمة إلى أجزاء هائلة كل منها يختص بمنطقة معينة فمثلاً السيال الحسي الناتج عن الأصبع يجب ألا يختلط مع السيال الحسي الناتج عن الصدر مثلاً بل كل منها ينقل معلوماته إلىالدماغ ليشعر الشخص تماماً كالشعور الحقيقي بالشئ , وخصوصاً أن جميع السيالات الحسية ستصل الدماغ عبر عصب واحد ! وكذلك الأمر بالنسبة للحركة فهناك في الجهاز وحدة معينة أسمها وحدة الحركة تتصل مع العصب الحركي الرئيسي وهو الحبل الشوكي في الإنسان لنقل معلومات وإشارات حركة الأعضاء والأجزاء في الجسم للدماغ حسب الحركة التي نريد . ولا بد من وجود وحدة أخرى في الجهاز سنسميها وحدة المعلومات لنقل معلومات معينة للدماغ عند لزومها .
إذن أصبح لدينا جهاز مكون من سبع وحدات هي : وحدة الإبصار , وحدة السمع , وحدة الحس , وحدة الحركة , وحدة الذوق , وحدة الشم , وحدة المعلومات . وكل من هذه الوحدات متصلة مع العصب المناظر لها في جسد الشخص . ويجب أن يحوي هذا الجهاز على برمجيات متقدمة تستطيع أن تعطي معلومات للجهاز لإصدار إشارات كهربائية دقيقة للعالم الذي نريد أن نوهم الشخص بوجوده , بحيث يكون عالم متكامل من حيث الرؤية والسمع والإحساس ... فمثلاً لو كان لديك أربعة علب في أحدها ثلج درجة حرارته 100 تحت الصفر والآخر ماء بدرجة حرارة صفر والثالث فيه ماء بدرجة حرارة 40 درجة والرابع فيه ماء بدرجة حرارة 100 درجة ووضعت يدك في كل منها ففي العلبة الأولى ستحس ببرودة شديدة والثاني برودة أقل والثالث دافئ والرابع ساخن جداً , ففي كل مرة ستنقل خلايا اليد الحسية إشارات وسيالات للدماغ تختلف عن غيرها لتجعله يحس إما بالبرد أو الدفئ أو السخونة ... لذا عندما نقول للجهاز أننا نريد أن يشعر الشخص ببرودة في إبهام يده اليمنى مثلاً , يجب أن يكون الجهاز قادراً على إعطاء الإشارات المناسبة للعصب الحسي التي تجعل الشخص يشعر بالبرودة في إبهام يده اليمنى . فأين هذا البرنامج الذي يستطيع أن يترجم جميع ما نعطيه من معلومات لما نريد للشخص أن يدرك ويشعر ويترجمها إلى سيالات يفهمها الدماغ !!! وكما يجب الإشارة هنا إلى أن الجهاز في تعامله مع الدماغ يجب أن يكون ثنائي المسار أي يستقبل ويرسل المعلومات والإشارات .
ولتوضيح كل ذلك , لنفرض أننا حصلنا على مثل هذا الجهاز السحري الذي يستطيع محاكاة الدماغ وفهم لغته وأردنا تطبيق المثال التالي على شخص ونقله إلى عالم معالمه مخزنة في الجهاز السحري بحيث ينتقل الشخص بكافة مشاعره وأحاسيسه إلى ذلك العالم كما يلي :
نريد للشخص أن يكون في حديقة من الأزهار والأشجار التي تفوح منها رائحة الأزهار وتغرد فيها العصافير , ثم يقطف حبة تفاح من إحدى الأشجار ويأكلها , ثم تهب عليه رياح من الأمام باتجاهه فتدخل في عينه حبة رمل , ثم يجد طائرة مروحية فيصعد فيها ويشغلها ويحلق بها في الجو ... مع العلم أن الشخص لا يعرف قيادة الطائرات .
والآن البرنامج الخاص بمعلومات ومعالم هذا العالم السابق وصفه موجودة على الجهاز السحري وتم وصل الجهاز السحري بالأعصاب المركزية الرئيسية للشخص لتبدأ رحلته في هذا العالم الجديد الذي سنجعله يشعر تماماً كما لو أنه حقيقة يعيشها . فيبدأ الجهاز عمله كالتالي :
1- تقوم وحدة الإبصار في الجهاز والمتصلة مع العصب البصري بنقل الصورة على شكل إشارات يفهمها الدماغ فيرى الشخص المنظر ويعيشه بالنظر , بحيث تكون الصورة متغيرة باستمرار حسب حركة الشخص وتغير موقع نظره .
2- تقوم وحدة السمع والمتصلة بالعصب السمعي بإعطاء إشارات تجعل الشخص يسمع أصوات تغريد العصافير .
3- تقوم وحدة الشم والمتصلة بالعصب الشمي بإعطاء إشارات تجعل الشخص يشم رائحة الأزهار , ولكن في الحقيقة لا توجد رائحة أزهار .
4- الآن نريد له أن يتحرك نحو شجرة التفاح ليقطف حبة تفاح ويأكلها , فهو يرى شجرة التفاح لأن وحدة الإبصار توهمه بذلك , الآن سيصدر أمر من دماغ الشخص إلى الرجلين بالتحرك نحو الشجرة عبر العصب الحركي الرئيسي أو الحبل الشوكي ولكن وبما أن الجهاز ثنائي المسار إذن ستستقبل وحدة الحركة في الجهاز المعلومات من الدماغ التي تأمر بتحرك القدمين نحو الشجرة , فتقوم وحدة الحركة بالرد بإشارات تقول للدماغ وتوهمه بأن الرجلين قد تحركتا فيشعر الشخص بأن رجليه تحركتا فعلاً , وبنفس الوقت وأثناء ارتفاع القدم عن الأرض وضربها بها ستقوم وحدة الحس في الجهاز والمتصلة بالعصب الحسي بإعطاء إشارات للدماغ بحيث يشعر الشخص ويحس برجله عند رفعها وضربها بالأرض أثناء المشي , وأثناء ذلك ترسل وحدة الإبصار باستمرار للدماغ إشارات توهمه بالمنظر الذي يشاهده حيث أن الصورة تتغير باستمرار أثناء المشي . أي أن جميع الوحدات تعمل معاً بتكامل وتناسق تام .
5- عندما يصل الشخص الشجرة يأمر الدماغ الرجلين بالتوقف فتنتقل الإشارات إلى وحدة الحركة فيرد الجهاز بإشارات إلى الدماغ تقول له قد توقفت الرجلان , والآن يأمر الدماغ اليد بالتحرك لقطف حبة التفاح فيصل الأمر لوحدة الحركة فترد بأن اليد قد تحركت وتوهمه وتجعله يشعر بذلك , وعند بلوغ اليد التفاحة ..قد توقفت.. ثم عادت.. مع ملاحظة أنه عند ملامسة التفاحة لليد ستقوم وحدة الحس بإرسال معلومات للدماغ لتجعل الشخص يحس بالتفاحة في يده ... إلى أن تدخل التفاحة في فمه فتقوم وحدة الحس بإرسال معلومات إلى الدماغ تجعل الشخص يحس بالتفاحة بين فكيه فيقوم الدماغ بإصدار أمر بتحرك الفك السفلي ثم تتابع حركته لتقطيع التفاحة فتقوم وحدة الحس والحركة معاً باستقبال كل تلك المعلومات وترد عليها بأن ترسل معلومات وإشارات للدماغ تجعل الشخص يشعر وكأن فكيه يتحركان ويشعر بقطع التفاح في فمه .
6- تقوم وحدة الذوق المتصلة بالعصب الذوقي بإرسال إشارات للدماغ تجعله يتذوق ويحس بطعم التفاح وكأنه يأكل التفاح حقيقةً .
7- والآن ستهب الرياح فتقوم وحدة الإبصار بإرسال إشارات للدماغ ليرى مشهد الأشجار من بعيد تحركها الرياح فيرى الشخص ذلك , وبما أن الرياح تهب من الجهة الأمامية باتجاه الشخص ترسل وحدة الحس إشارات للدماغ تجعله يشعر بالرياح تضرب الواجهة الأمامية لجسده , والآن ترسل وحدة الحس للدماغ إشارات تجعل الشخص يحس ويشعر بدخول حبة الرمل في عينه فيصدر الدماغ أوامر لعضلات العين بالتحرك والإغماض فتستقبل وحدة الحركة هذه المعلومات وترد بإرسال إشارات توهم الشخص وتجعله يشعر بأن العين قد أغمضت ورمشت فعلاً .
8- والآن جاء دور المروحية فيركب الشخص بداخلها ويجلس مكان الطيار ( كل ذلك بالوهم طبعاً ) , ويرسل معلومات للدماغ يطلب أليه طريقة تشغيل الطائرة وقيادتها ( طبعاً في الحقيقة سيرد الدماغ بأنه لا يعلم بذلك لأن الشخص لم يقد طائرة من قبل ) ولكن المعلومات الخاصة بقيادة الطائرة موجودة في وحدة المعلومات في الجهاز لذا يشعر الشخص بأنه يعلم ويعرف كيف يقود الطائرة , فتقوم وحدة المعلومات في الجهاز بإعطاء الإشارات والمعلومات الخاصة بقيادة الطائرة للدماغ فتقول له إضغط الزر الأحمر ثم ارفع الذراع الذي أمامك , فيقوم الدماغ بإرسال أوامر لليدين بالتحرك فتستقبل وحدة الحركة هذه المعلومات وترد بإشارات توهم الشخص بأن يديه تحركتا وقامتا بالضغط على الزر ورفع الذراع ...
مع ملاحظة أنه هناك أحداث وتفاصيل كثيرة في الخطوات أعلاه لم أشأ أن أذكرها للاختصار قدر الإمكان , فجميع الوحدات تعمل معاً بتكامل وتناسق تام , فالحركة يصحبها تغير المشهد والصورة وتغير الإحساس ... فكل الإشارات والمعلومات الصادرة من الجهاز تكمل بعضها بعضاً حسبما هو محدد في البرنامج الذي يحوي معالم العالم المراد نقل الشخص إليه .
مشاكل :
1- هل توصل العلم إلى فهم لغة الدماغ , وفك شيفرة السيالات العصبية ؟
2- لو أننا توصلنا لمثل هذا الجهاز فهل من الممكن وصله بالأعصاب الجسدية ثم فصله دون حدوث مشاكل وأخطار على حياة الشخص .
ملاحظات :
1- ليس بالضرورة أن يحوي الجهاز وحدتا الإبصار والسمع , بل يمكن نقل الصورة للشخص عبر نظارات ثلاثية الأبعاد والصوت عبر سماعات , ولكن هذا إذا لم يتطلب الأمر تنويم الشخص أو تخديره لوصل الجهاز بباقي الأعصاب أما إذا تطلب الأمر تنويم أو تخدير الشخص فإنه لن يرى ولن يسمع إلا بالإيهام المذكور .
2- يمكن أن نجعل الجهاز بوحدة إبصار فقط لوحدها لإيهام الشخص بعالم يعيشه بالرؤية فقط ولكن افترضنا أننا نريد إيهام الشخص بعالم متكامل يعيشه ويشعر به بكافة أحاسيسه تماماً كالعالم الحقيقي .
3- كل ما هو أعلاه ناتج من تفكير شخصي ومن فهمي للموضوع , لذا قد أكون مخطئاً في بعض المواضع وقد أكون مخطئاً كلياً , لذا أرجو سماع التعليقات والردود .
4- وأخيراً أرى ومن وجهة نظر شخصية أن فكرة محاكاة الدماغ الواردة في فيلم ( MATRIX ) مشابهة لفكرة السفر عبر الزمن الواردة في فيلم ( BACK TO THE FUTURE ) من حيث إمكانية التطبيق العملي .
وأعتذر جداً للإطالة
هذا كله والله تعالى أعلم وأخبر
هام : رجاءاً محداش يسب عليّ
'>