Advanced Search

عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - mng1

صفحات: [1] 2
1
شكراًً جزيلاً لكم للاهتمام من أجل بناء فكر علمي بحثي و حقيقي نحن بحاجة إليه في هذا الوقت أكثر من أي وقت مضى
مع التحية

2
ضعيف العقل هو من انحط ذكائه بحيث أصبح عاجزاً تماماً عن التعلّم المدرسي و هو صغير و عاجز عن تدبير شؤنه الخاصة دون اشراف و هو كبير و لضعف العقل أسباب عضوية تتعلق بالدماغ منذ الولادة و ليس أسباب نفسية اجتماعية كالأمراض النفسية التي سأتحدث عنها لاحقاً و له ثلاث درجات أساسية هي :
1-   المعتوه : و هو شخص يبدو عجزه عن التعلم بأسوأ حالاته بحيث لا يستطيع أن يتعلم كيف يغسل يديه أو يلبس ثيابه بل قد يعجز عن إطعام نفسه أو قضاء حاجته , أما لغته فهي لا تزيد في العادة عن بضع مقاطع مما يجعله عاجزاً عن الاتصال بغيره عن طريق اللغة , و أهم ما يميز عجزه على سبيل المثال نراه و هو يضع يده في النار و يظل في مكانه إن رأى سيارة قادمة و مهما كبر عمره الزمني فإن عمره العقلي لن يزيد عن طفل في الثانية أو الثالثة من العمر .
2-   الأبله : و هو شخص يستطيع أن يتجنب ما يعرض له في الحياة اليومية من أخطار كما أنه يملك القدرة على الكلام و لكنه يعجز عن تعلم القراءة و عن القيام بالكثير من الأعمال النافعة باستثناء بعض الأعمال البسيطة كتنظيف الأرض و الأثاث و الكنس و قطع الحشائش و مهما كبر عمره الزمني فإن عمره العقلي لن يصل إلى أكثر من طفل في السادسة من عمره .
3-   الأهوك : و هو شخص يتسنى له القيام ببعض الأعمال البسيطة النمطية دون اشراف موصول يتعب أسرته , و أعلى هؤلاء درجة يستطيعون العناية بالحيوانات و الأطفال و القيام بأعمال النجارة و التنجيد أو الكي و الطباعة غير أنهم مع هذا بحاجة إلى اشراف عام من دونه يبعثرون أموالهم و يسيئون استخدام أوقات فراغهم حيث من اليسير اغرائهم بالنسل و السرقة بل و حتى القتل و ممارسة البغاء , و يتراوح مستوى الأهوك العقلي بين 8 – 11 سنة .

3
ان العقدة هي مجموعة مركبة من ذكريات و أحداث مكبوتة و مشحونة بشحنة انفعالية قوية من الذعر أو الغضب أو الاشمئزاز أو الكراهية أو الغيرة أو الاحساس الخفي بالذنب , فالعقدة هي استعداد لاشعوري مكبوت يقسر الفرد على ضروب شاذة من التفكير و السلوك و الشعور . و قد تنشأ العقدة من صدمة انفعالية واحدة أو من خبرات مؤلمة متكررة أو من تربية قاسية و عناء في عهد الطفولة كالاسراف في الكبح أو التخويف أو التدليل أو التأثيم أي اشعار الطفل بأن خاطئ في كل ما يفعل أو يفكر .
و العقدة هي استعداد لا شعوري أي أن الفرد لا يفطن إلى وجودها و لا يعرف أصلها أو منشئها و كل ما يشعر به هو آثار تلك العقدة على سلوكه و شعوره ووجدانه , و نشير هنا بأن أشد العقد خطورة و تمهيداً لاضطرابات نفسية و سلوكية هي العقد التي تتكون في مرحلة الطفولة المبكرة ( من 1 إلى 5 سنوات ) خاصة فيما يتعلق بعلاقة الطفل بوالديه .
و هناك العديد من العقد المصنفة في علم النفس و ضمن كتب التحليل النفسي سنكتفي بالتحدث عن أهمها و أكثرها تأثيراً و انتشاراً و هي عقدة الذنب و عقدة النقص و عقدة أوديب
1- عقدة النقص والتعويض المسرف : و هي استعداد لا شعوري مكبوت تنشأ من تعرض الفرد في مرحلة الطفولة بشكل خاص لمواقف كثيرة و متكررة تشعره بالعجز و الفشل و قد علق عليها العالم النفسي أدلر و الذي كان أحد تلامذة فرويد ثم انفصل عنه لهذا السبب أهمية فائقة معتبراً أن محور حياة الانسان النفسية هو الشعور بالنقص , و هنا يجب التمييز بين عقدة النقص و الشعور بالنقص , فالشعور بالنقص هي حالة نفسية يدركها الفرد ادراكاً مباشراً و يعترف بها و هي تنشأ غالباً عن نقص جسمي أو عقلي أو اجتماعي أو اقتصادي متوهم أو حقيقي و تلك الحالة هي شعور غير شاذ تبدو مظاهره في الارتباك و الخجل و الخوف من المواقف الاجتماعية , خاصة تلك التي تتضمن المنافسة أو النقد و هذه تعود في النهاية إلى عدم الثقة بالنفس و عدم رضى الفرد عن مكانته و التي قد تتطور في حال استمرار التطرف في التعبير عنها إلى عقدة نفسية التي هي استعداد لا يفطن الفرد إلى وجوده و لا يعرف منشأه بل نرى الفرد غلياً لا يعترف بوجود عقدة النقص لديه و هذا يسوقه إلى أنواع غريبة من السلوك لا يفهم دلالاتها و لا يدرك الصلة بينها و بين عقدته العميقة اللاواعية كالزهو الشديد الذي يخفي وراءه احساس كبير بالنقص و العجز و الاسراف في تقدير الذات أو باظهار الشجاعة أو تكلف الوقار أو الميل الشديد إلى السيطرة و العدوان و الاستعلاء و غير ذلك من مظاهر التعويض المسرف كما يبدو في صور متكلفة و مبالغ فيها في السلوك كالتفاخر بالكذب و التباهي الذائف و المفضوح أو التأنق غير المحتشم في الملابس و التحذق بالكلام .
2- عقدة الذنب و إدانة الذات :و هي استعداد لا شعوري يقسر الفرد على الشعور الشاذ بالذنب و على القيام بأعمال مختلفة لايذاء نفسه و عقابها و إذلالها و الغض من شأنها بالتفكير في ذنوب يتوهم أنه ارتكبها أو أفعال صغيرة قام بها يضخمها ليجعلها كارثة قام بها , و تنشأ هذه العقدة من بواكير الطفولة الأولى حيث التربية تقوم على الاسراف في لوم الطفل و تأنيبه و عقابه و اشعاره بالذنب و الخطأ في كل ما يفعل أو التمعن في تهويل أخطائه و التقليل من أفعاله الحسنة مما يؤدي إلى تضخم خبيث في ضميره المتكون الذي يتحول إلى سلطة قسرية عنيفة مستبدة بحيث يبدأ الفرد يحاسب نفسه بقسوة علىأي هفوة أو سهوة بحيث يغدو الفرد مسرف في محاسبة نفسه و شديد السخط على نفسه في كل ما يفعل أو يفكر فيرى في أهون أخطائه ذنوباً لا تغتفر و يلوم نفسه على أمور لا يلومه عليها أحد و يسيطر عليه شعور غامض بأنه مذنب و آثم حتى و إن لم يكن هو كذلك بالفعل و هكذا يرافق الفرد شعور مهين دائم غير معروف السبب بالذنبو الخجل و المذلة و الاشمئزاز من الذات , و تزداد هذه العقدة حدة و شدة إن اقترنت صرامة الضمير مع رغبات و عواطف محرمة مكبوتة ككراهية الأب أو الأخ أو اشتهاء محرم أو الغيرة من أخ أو أخت و تمني الموت له أو لها . و نجد أن المصاب بعقدة الذنب لا يستطيع أن يخفف مما يعانيه ( مؤقتاً طبعاً ) إلا إذا ورط نفسه عن غير قصد منه ( كون دوافعه لا شعورية ) في متاعب و مشاكل و صعوبات مالية أو عائلية أو صحية بحيث لا يناله منها إلا التعب و المشقة و العذاب اللانهاية له بل قد يصل به الأمر إلى أن يستفز عدوان الغير عليه أو عدوان المجتمع عليه بارتكاب جرائم لا لسبب إلا لإيقاع العقوبة عليه فكأنه هنا في حاجة موصولة إلى عقاب نفسه سواءً مادياً أم معنوياً حتى يرتاح .
3- عقدة أوديب : و هي من أكثر العقد شأناً و خطراً عند المحللين النفسيين و قد اعتبرها فرويد أساس الحياة النفسية بأسرها عند كل الكائنات البشرية دون استثناء ( و قد استعار فرويد اسم أوديب من المسرحية التراجيدية اليونانية ( أوديب الملك ) لمؤلفها اليوناني سوفكليس و التي تتحدث باختصار عن أوديب الذي قتل أباه و تزوج أمه دون علم منه ) و لهذه العقدة صلة وثيقة بتكوين ضمير الفرد و خلقه كما أنها حجر الزاوية و نواة لجميع الأمراض النفسية . و تتلخص تلك العقدة في رغبة مكبوتة لدى الطفل ( قبل ال 5 سنوات ) في الاستئثار بأمه و الاستحواذ عليها مع غيرة و نفور و خوف و حقد و كراهية مكبوته اتجاه الأب ( عكس ذلك يحدث لدى البنت حيث ترغب بأباها و تكره أمها و تسمى العقدة بعقدة الكترا ) فالطفل خلال السنوات الثلاث و الأربع الأولى من حياته تكون علاقته العاطفية و الاجتماعية بوالديه قد أخذت تنمو و تتطور و هذا لا يلبث إلا أن يزداد متجهاً إلى التعلق بالأم و حبه لها كما تأخذ بوادر العزوف عن الأب , وهذا الموقف الغريب الذي يمتزج فيه حب الأم و التعلق الشديد بها مع الرغبة باستبعاد الأب مع ما يرافق ذلك من خوف و ندم و مشاعر أخرى متصارعة هي ما يسمى بالموقف الأوديبي , و بما أن هذا الموقف يتكون من مشاعر و عواطف كريهة غير مستساغة فانه سرعان ما يلفها الكبت الشديد فتتكون بذلك عقدة أوديب , و كما ذكرت ترى مدرسة التحليل النفسي أن هذه العقدة عامة و فطرية لا ينجو منها أي طفل غير أن التربية الرشيدة في عهد الطفولة تستطيع تصفية هذه العقدة نهائياً و انقاذ الطفل منها , و ان لم تتح الظروف و التربية للطفل أن يحل هذه العقدة بشكلها السليم فغن هذه العقدة ستؤلف نواة كل أمراضه النفسية فيما بعد ( كالأمراض العصابية و الذهانية التي سأتكلم عنها بمشاركة قريبة أخرى .....

4
منتدى علوم الفلك / أرقام كونية
« في: يوليو 14, 2003, 04:49:26 مساءاً »
يبلغ قطر مجموعتنا الشمسية نحو جزء واحد من خمسة عشر جزء من السنة الضوئية و يبعد أقرب النجوم إلينا بمقدار 4,3 سنة ضوئية و هناك نحو مائة نجم داخل العشرين سنة ضوئية حولنا و مجرتنا عبارة عن قرص حلزوني من النجوم و الغبار و الغاز يدور ببطء و يعبره الضوء خلال مائة ألف سنة ضوئية و يحوي هذا القرص قرابة 10 بجانبها11 صفراً من النجوم و أقرب المجرات إلينا هي مجرة المرأة المسلسلة ( الأندروميدا) و هي أكبر بعض الشئ من مجرتنا تبعد عنا قرابة مليوني سنة ضوئية و هي تقترب من مجرتنا باطراد و هناك بضع مجرات صغيرة في المنطقة المجاورة لنا عموماً كسحابتي ماجلان ووراء ذلك يتسع الكون في كل الاتجاهات لمسافة تقدر ببلايين السنين الضوئية و يضم عدداً يصل إلى 10 بجانبها 11  صفراَ من المجرات مختلفة الأشكال و الأحجام .
و يبلغ عمر الأرض مع كواكب المجموعة الشمسية قرابة 4,5 مليار سنة , أما الزمن الذي مر منذ نشأة الكون يرجح أنه بين ال10 - 15 بليون عام و منهم من يرجح ال 30 بليون عام حيث لم يكن هناك تقريباً أي من العناصر الثقيلة التي لم تظهر بكميات محسوسة إلا بعد مضي بليون سنة عن تشكل الكون .

5
منتدى علم الطب / السرطان .... 5 العلاج المناعي
« في: يوليو 12, 2003, 06:58:03 صباحاً »
-تفعيل الجهاز المناعي :
لقد طور العلماء خلال العقد الفائت طيفاً مختلفاً من المعالجات المناعية غير النوعية , فإذا ما صدمنا الجهاز المناعي صدمة ملائمة فإن سلسلة الأحداث تتلاحق و قد تتزايد مقدرته على تخليص الجسم من الخلايا السرطانية , فالسرطان المتشكل مثلاً على جدار المثانة الداخلي ( سرطان المثانة السطحي ) يستجيب جيداً للقاح معروف بعصيات كالميت – كيرا ( BCG) المستعمل في مكافحة السل و إن تقطير هذا اللقاح في المثانة بوساطة القثطار تستثير استجابة التهابية مزمنة ( تفعيل مديد للخلايا المناعية التي تحارب الغزاة ) و النتيجة النهائية تتلخص في أن الخلايا المناعية و المواد التي تغرزها تقتل الخلايا السرطانية التي كانت أصلاً في جدار المثانة و التي تتنامى فيه , فهذا اللقاح يوضح المقدرة الكامنة للمعالجات المناعية غير النوعية .
كما اتجه عدد كبير من باحثي علم الأورام في سبعينات و ثمانينات القرن الماضي إلى الجزيئات التي ينتجها الجسم استجابة للعدوى الفيروسية و البكتريا حيث تساعد هذه الجزيئات ( المعروفة الآن باسم الستيوكينات ) على تنسيق الاستجابة الدفاعية و تحتوي الستيوكينات بروتينات معينة كالأنتروفينات و الأنترليوكينات و عامل تخثر الدم TNF  و يوجد بعض الأدلة التي تشير إلى أن الجهاز المناعي يهاجم فقط الأورام الناجمة عن الأخماج الفيروسية .
المستضدات السرطانية :
إن إحدى الطرق التي يميز بوساطتها الجهاز المناعي الخلايا السرطانية من الخلايا السليمة تقوم على جزيئات تعرف بالمستضدات تظهر على سطح الخلية , و يمكن جعل هذه المستضدات تعمل كهدف لهجمة مناعية تماماً كما تبز المستضدات البكتيرية و الفيروسية الجسم إلى الغزاة مسببي المرض . و اكتشاف الأضداد في القرن التاسع عشر قدم وسيلة ملائمة للتقصي عن مستضدات مقاومة للسرطان و مهد السبيل فيما بعد لدراسة الأضداد دراسة موسعة كوسيلة لمعالجة مناعية ضد السرطان , و الأضداد و هي مكون حاسم من مكونات الجهاز المناعي تجول في الدم و تترابط بالمستضدات الغريبة و عليه فإن الأضداد تميز من قبل الخلايا الكانسة المعروفة باسم البلعميات و من قبل خلايا أخرى متخصصة تؤازرها في ذلك مكونات بروتينية توجد في الدم و تعرف باسم المتممة , فإذا ما استجاب الجهاز المناعي عند الحيوان لوجود الخلايا الورمية البشرية الغريبة بانتاجه أضداداً لا تتفاعل مع الخلايا السوية عنده , فإن هذا سيعني وجود مستضدات يمكن فيما بعد تعرفها و استعمالها كأهداف لمعالجات أساسها الأضداد .
عصر الأضداد وحيدة النسيلة :
تعرف ب mono chnal antitdis , ذلك أن أي واحدة من الخلايا لبمنتجة للضد تعطي نوعاً واحداً فقط من الأضداد و تقدم هذه الطريقة أسلوباً جديداً لتقصي وجود المستضدات السرطانية , كما و أن أي انتاج لكميات من أضداد محددة النوعية تكفي لاختبار معالجات أساسها الأضداد , و غالياً ما يتم الحصول على الأضداد وحيدة النسيلة من الفئران التي مٌنعت بالسرطان البشري , و على العموم يبنى الفرد في الاختبارات السريرية استجابة مناعية تعطّل الجزيئات المحقونة المشتقة من الفأر , لذا بدأ العلماء بتركيب أضداد بشرية علاجية تستطيع التخلص من التعرف المناعي , و في غضون ذلك يقنع الباحثون الأضداد الفأرية بتحوير بنيتها إلى جزيئات تشابه الأضداد البشرية و يتم ذلك باستبدال الأجزاء غير الأساسية  في جزئ الضد لدى الفأر بالبنى التي تقابلها في الجزئ البشري , و قد أنتج هذا التحوير الخادع و الذي يعرف بالأنسنة أضداداً تشكلت في التجارب السريرية الأولى إلى أورام متملصة من الجهاز المناعي البشري , كما أن مهندسي الأضداد يشذبون الخصائص الأخرى للجزيئات المؤنسنة ليجعلوها ترتبط على نحو أفضل بالمستضدات و تتغلغل بالورم .
وعود اللقاحات :
لقد لقح الأطباء مئات كثيرة من مرضى السرطان بخلايا خبيثة ( تؤخذ من المريض نفسه أو من مريض آخر ) عولجت بالأشعة لمنع أي نمو لاحق , إلا أنها لم تقدم طريقة واضحة لمراقبة و ضبط تأثير اللقاح في الجهاز المناعي , و قد وجد العلماء في أربعينات و خمسينات القرن الماضي أنه عندما تقوم كيميائيات أو فيروسات معينة بتحريض الأورام في الفأر فإن الورم يحمل مستضداً بوسعه تمنيع فأر آخر من السلالة نفسها ضد اغتراس ذلك الورم , و بينت الدراسات اللاحقة أن بوسع خلايا من الجهاز المناعي تعرف باللمفاويات التائية أخذت من حيوان ممنّع أن تنقل المناعة ضد الورم إلى حيوانات صحيحة من السلالة نفسها , كما ابتكر الباحثون تقنيات برهنوا بوساطتها على أن الخلايا التائية من فأر ممنّع تستطيع أن تقتل أيضاً الخلايا الورمية التي تمت تنميتها في أنبوب إختبار , و على النقيض من ذلك فإن الأضداد التي تشكلت بتأثير من الخلايا الورمية تخفق عموماً في نقل المناعة أو في قتل الخلايا الورمية , و لقد تم عزل مستضدات الخلايا التائية لدى مرضى الورم الميلاني كما تم كشف النقاب عن وجود فئتين من المستضدات الورمية التي تستثير استجابة الخلايا التائية في مرضى الميلانوم , و تضم الفئة الأولى المستضدات التي تنتجها الخلايا الورمية و ليس أي خلية سوية , أما الفئة الأخرى من المستضدات تشمل إنزيم التيروزيناز و الميلان و هي تتضمن ما أطلق عليه مستضدات التمايز و تنتجها كلاً من خلايا الميلانوم و الحلايا الميلانية ( السوية ) , و الخلايا التائية لا ترى كامل المستضد البروتيني على الخلية السرطانية , إنما مقاطع منه تعرف بالببتيدات و حالما تعالج الخلية الورمية البروتين تعرض على سطحها مقترناً بما يعرف بمستضدات التوافق النسيجي .
ان احدى أكثر الأهداف جاذبية لاستخدامها في اللقاحات يتمثل في أن البروتينات الشاذة الي تصنع عادة عندما تقوم الطفرات الجينية بتحويل الجينات السوية إلى نسخ محورة تحض على التسرطن , و بطبيعة الحال فإن السرطانات البشرية التي تسببها الفيروسات هي إحدى الأهداف الرئيسية للمعالجات المعتمدة على اللقاحات , إضافة لذلك فقد يكون بوسع اللقاحات التي تتألف من كامل الخلايا السرطانية ( سواء هندست جينياً أم لم تهندس ) أن تتمخض عن لقاحات تحوي مستضدات ورمية محددة , و لأنه يسهل تركيب اللقاحات الببيتيدية فإنها تتصدر حلياً الاختبارات السريرية .
إن المعالجة المناعية بالتبني التي هي حالياً قيد الدراسة تنطوي على تفعيل الخلايا التائية في المختبر بتعريضها لخلايا ورمية أو مستضدات , و من ثم حقن المريض بجمهرات موسعة من الخلايا المعالجة , و تتمثل الفائدة الكبرى للمعالجة المناعية بالتبني في معالجة العدوى الفيروسية و كذلك الأورام في مرضى أوهن جهازهم المناعي المرض و المعالجة كمرضى ابيضاض الدم الذين يتلقون قبل اغتراس نقي العظم فيهم جرعاً كبيرة جداً من المعالجة الكيميائية و الشعاعية بغية تدمير خلايا ابيضاض الدم كلها حيث يترك المريض مكبوتاً شعاعياً و عرضة للعدوى كعدوى فيروس مضخم الخلايا ( cmv ) , و هناك أدلة حالياً على أن حقنة واحدة من خلايا تائية فعّالة بالنسبة لفيروس cmv بامكانها أن تقلل مجازفة العدوى بهذا الفيروس لدى المرضى الذين اغترس فيهم النقي , زد على ذلك أنه يمكن استثارة تراجع ىدرامي للمقومات المرتبطة بالفيروسات ( و التي تنشأ عن مرضى اغتراس النقي ) بمجرد حقن لمفاويات متبرع سوي , و لأن هذه الخلايا المناعية لم تتعرض لتأثيرات العقاقير الكابتة للمناعة , فإنها تحتفظ عملياً بمقدرتها على مقارعة خلايا اللمفوم .
فئات لقاحات السرطان :
إن المقصود في اللقاحات السرطانية تحريض الخلايا التائية أو مكونات الجهاز المناعي الأخرى على التعرف على النسيج الخبيث و مهاجمته بقوة . و من فئات اللقاحات .
- خلايا السرطانية الكاملة : بوسع الخلايا السرطانية غير النشيطة أو خلاصاتها أن تستثير الجهاز المناعي بقوة مفاجئة , كما أن الخلايا السرطانية المهندسة لتفرز السيتوكينات ( GM-CSF و IL-2 ) ترفع أيضاً من مستوى المناعة المضادة للورم , و تعزز الخلايا المصممة للتعبير عن جزيئات تميمة المنشطات ( كالجزئ B-7 ) مقدرة الخلايا التائية على تمييز الخلايا الورمية .
-   الببتيدات : تحقن الببتيدات الورمية ( و هي شدف من البروتينات التي تميزها الخلايا التائية ) إما وحدها أو مع مساعد داعم للاستجابة المناعية .
-   البروتينات : تقبط الخلايا المقدمة للمستضد البروتينات الورمية المحقونة و تفككها إلى طيف من الشدف الببيتيدية التي تميزها الخلايا التائية .
-   الخلايا التغصنية : إن الخلايا التغصنية المقدمة لمستضد تعزل من الدم , و تعرض للببيتيدات الورمية أو تهندس لتنتج بروتينات ورمية ثم يعاد حقنها .
-   الكنكليوزيدات : ينتج الإنسان أضداداً ضد هذه الجزيئات ( كالجزئ  GM2 ) التي توجد على سطح الخلية الورمية , و بينت الدراسات السريرية أن مرضى الميلانوم الذين لديهم أضداداً للجزئ GM2 يبدون إنذاراً أفضل .
-   بروتينات الصدمة الحرارية : تترابط عادة هذه البروتينات البنيوية بالببيتيدات , إن حقن بروتينات الصدمة الحرارية المعزولة من الأورام يعزز المناعة المضادة للورم في الفأر .
-   النواقل الفيروسية و البكتيرية : تجيل الجينات المكودة للمستضدات الورمية في جينومات فيروسية أو بكتيرية , فإذا ما حقنت هذه العوامل المعدية المحورة فإنها تستثير المناعة ضدها و ضد المستضدات المكودة فيها .
-   الحموض النووية : إن الDNA و ال RNA المكودين للمستضدات الورمية يحرضان الخلايا السوية كي تبدأ بانتاج هذه المستضدات .

6
منتدى علم الطب / السرطان .... 4 العلاج الهرموني
« في: يوليو 12, 2003, 06:55:20 صباحاً »
ثانياً : الهرمونات و مضاداتها في معالجة السرطانات :
أ-   الستيروئيدات القشرية : تسبب هذه الهرمونات امكانية حل و تثبيط الانقسام للخلايا اللمفاوية و من أهمها : - البردنيزون و البردنيزولون : تستخدم في الابيضاضات النقوية الحادة – داء هودجكن – الأورام اللمفاوية الحادة – سرطان الثدي – داء وجود الغلوبولينات الضخمة في الدم – فرط كالسيوم الدم – ارتفاع الضغط داخل الدماغ , تعطى هذه المركبات عن طريق الفم و كذلك البريدنيزولون يعطى عضلياً ووريدياً .
-الديكساميتازون : يستخدم لعلاج ارتفاع الضغط داخل الدماغ و يعطى حقناً بالوريد أو عن طريق الفم .
ب-   الأندروجينات : وتستخدم لعلاج السرطانات عند المرأة مثل سرطان الثدي ولم يتم معرفة آلية التأثير حتى الآن .وأهم الأندروجينات المستعملة:
1ً- التستوستيرون بروبيونات.2ً-تيستولولاكتون.3ً-كالوستيرون.
4ً-دروستانولون بروبيونات.وتستعمل 2-3-4 في علاج سرطان الثدي والكلية.
التداخلات الدوائية:توجد بعض الأدوية التي تزيدمن فعالية الأندروجينات وهي:فنيل بوتازون-أمينو فينازين-الباربيتورات-مضادات الهيستامين مثل كلور سيكليزين.
ج- الأستروجينات:وتستعمل لعلاج سرطان الثدي والبروستات.من أهمها:1ً-ايثينيل استراديول.
2ً-دي ايثيل ستلبسترول.3ً-دي ايثيل ستلبسترول دي فوسفات.4ً-استراموستين: وهو عبارة عن استروجين وخردل آزوتي.
د-البروجسترونات:وأهمها:1ً-ميدروكسي بروجسترون:يستخدم لعلاج سرطان الرحم والكلية والثدي والمبيض .2ً-نور إيثيسترون:يستخدم الرحم و الكلية و الثدي و المبيض .3ً-سبيروستيرون أستيك:وهو مضاد أندروجيني و يستخدم لعلاج سرطان البروستات .
ه-مركبات كيميائية لها تأثير هرموني :ومن أهمها:1ً-ميتوتان:وهو يسبب ضمور في قشرة الكظر ويثبط نشاط وإنتاج الكورتيزول ويستخدم لعلاج سرطان قشرة الكظر .2ً-أمينو غلوتيثيميد: وهو يثبط تشكل الكورتيزول والألدوستيرون من الكوليسترول ويستخدم خاصة عند المرضى المصابين بسرطان قشر الكظر الوظيفي .
و-مضادات الأستروجين : ومن أهمها 1ً-كاوميفين .2ً- تاموكسيفين . وهي ترتبط بالمستقبلات الأستروجينية مما يسبب تعطل استمرار النمو في الأورام المعتمدة على الأستروجين .وتستعمل في علاج سرطان الثدي .

7
منتدى علم الطب / السرطان .... 3 العلاج الدوائي
« في: يوليو 12, 2003, 06:53:42 صباحاً »
معالجة السرطان :
 لدينا عدة أنواع من المعالجات أهمها :
1-   المعالجة الشعاعية
2-   المعالجة الكيميائية
3-   المعالجة المناعية
4-   المعالجة الجينية
5-   المعالجة الهرمونية
و سوف نتناول هنا المعالجة الكيميائية و الهرمونية و المناعية .
·   الأدوية المضادة للسرطان :
 و تشتمل على كل من :
1-   الأدوية المضادة للانقسام
2-   الهرمونات و مضاداتها في معالجة السرطان  
 أولاً : الأدوية المضادة للانقسام :
 تحتوي على
1-   مضادات الاستقلاب ( المثبطات لاصطناع الحموض النووية ): تقسم إلى :
أ-   مضادات الفوليك : و يمثلها الميتوتركسات ( أميثوبترين ) .
آلية تأثيره : إن الميتوتركسات مركب يتشابه في البنية مع حمض الفوليك الضروري لتضاعف ال DNA  لأنه يعطي الأدنين و الجوانين – و بذلك يقوم بالتنافس معه على الارتباط مع انزيم دي هيدروفولات ريدوكتاز المسؤول عن تحويل الدي هدروفولات إلى تتراهيدروفولات , أي أنه يقوم بتثبيط انزيمين مسؤولان عن تكوين الحموض الأمينية و هما :
-   دي هيدروفولات ( يدكتاز المسؤول عن تحويل الدي هدروفولات إلى تتراهيدروفولات )
-   أنزيم ثيميدلات سنثتار : المسؤول عن تشكيل الحموض الأمينية من الثيميدلات .
الاستعمالات السريرية : 1- سرطان الحنجرة و البلعوم و القصبات
2- ابيضاض الدم الحاد    3- سرطان الثدي و الخصية
3-   الورم العظمي المشيمي
الحرائك الدوائية : يعطى عن طريق الفم و نصف عمره البيولوجي حوالي الساعتين و يعبر حاجز المشيمية بسهولة
التأثيرات الجانبية : التهاب غشاء الفم المخاطي – تقرحات فموية و هضمية – غثيان و إقياء – صلع – التهاب جلد – اضطراب كبدي .
مضادات الاستطباب : الحمل – قصور الكبد و الكلية .
التداخلات الدوائية : 1- السلفاميدات و الساليسيلات -  تزيمات الميتوتريكسات من مواضع ارتباطه ببروتينات البلازما مما يؤدي إلى زيادة تأثيراتها و سميتها .
2-   الكلور أمفينيكول و مضادات الصرع : و هي أدوية سامة لنقي العظم .
ب- مضادات الأسس البورينية : و هي الأدنين – الجوانين تدخل في اصطناع الحموض النووية و أهمها : 1- مركابتوبورين : يستقلب بواسطة أنزيم الزانتين أوكسيداز و يتم ذلك في الكبد و هو يمتص من الأمعاء بسرعة و يبلغ نصف عمره الحيوي 90 دقيقة بالحقن الوريدي .
آلية تأثيره : - يثبط اصطناع الأسس البورينية
-   مشابه كيميائي لبنية الأدنين و بالتالي يتحول إلى نيكليوتيد كاذب و يتدخل في مختلف التفاعلات الخاصة باستقلاب البورينات
-   يؤدي إلى تثبيط اصطناع الحموض النووية .
الاستعمالات السريرية : - ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد
-   مثبط مناعي immuno suppressant  أو كابت مناعة .
التأثيرات الجانبية : - غثيان و إقياء و إسهال – نزف بولي – يرقان – التهاب الفم – تثبيط مناعي – اجهاض و تشوه جنيني .
مضادات الاستطباب : الحمل خاصة في الأشهر الثلاث الأولى .

-   الأللوبورينول : يعمل على تثبيط أنزيم الكزانين أوكسيداز الذي يستقلب المركابتوبورين لذا يجب تخفيض جرعه
3-   الآزوثيوبرين :  تجارياً tmurel  و هو طليعة ال 6-ميوكابتويورين و يستخدم كمثبط مناعي في عمليات زرع الأعضاء .
ج – مضادات الأسس البيريميدينية : و هي : التيمين – السيتوزين – اليوراسيل , تدخل في اصطناع الحموض النووية و أهمها : _ 5 فلورويوراسيل : يعطى حقناً بالوريد أو يطبق موضعياً على شكل مراهم أو محاليل أما عن طريق الفم فامتصاصه ضعيف , يتم استقلابه في الكبد و ينطرح عن طريق هواء الزفير و عن طريق البول .
آلية تأثيره : يتشابه كيميائياً و بنيوياً مع الأسس البيريميدية و يتحول إلى نيكلوتيد كاذب و يمنع تحول اليوراسيل إلى ميتيل ثيمين و يثبط استقلاب اليوراسيل الذي يدخل في تركيب ال DNA  
الاستعمالات السريرية : سرطان الجهاز الهضمي – سرطان المثانة و البروستات – سرطان المبيض و الثدي
الثأثيرات الجانبية : غثيان و اقياء – إسهال و تقرحات فموية – تثبيط نقي العظم .
التداخلات الدوائية : اعطاء الثيميدين قبل أو أثناء تناول 5 فلورويوراسيل يؤدي إلى نقص تأثير الفلورويوراسيل – اعطاء الثيميدين بعد تناول 5 فلورويوراسيل يؤدي إلى زيادة تأثير الفلورويوراسيل
المحاذير : الحمل – قصور الكبد و الكلية .
3-   أدوية مثبطة لتضاعف ال DNA  : و تضم :
أ - الصادات المضادة للسرطان : و هي : - الأكيتنومايسين D  : يعطى هذا المركب وريدياً و ينطرح بشكل رئيسي عن طريق الصفراء إلى خارج الجسم عن طريق البراز .
آلية تأثيره : يتثبت على الجوانين حيث يمنع تأثير أنزيم ال DNA  بوليميراز المسؤول عن تضاعف ال DNA  مما يؤدي إلى وقف عملية التضاعف ( النسخ ) . كما يؤثر على مراحل انقسام الخلية S – G2- G1
استعماله السريري : يستعمل في علاج مرض ويلمز  سرطان الكلية عند الأطفال ) و سرطان الخصية
جرعته : 5,5 ملغ / م في اليوم و ريدياً لمدة 5 أيام كل 3-4 أسابيع
تأثيراته الجانبية : غثيان – إقياء – تعب  و ارتفاع درجة الحرارة – تثبيط نقي العظم – التهاب الفم – تقرحات هضمية – طفح ووذمات .
تداخلاته الدوائية : يثبط هذا الدواء فعالية البنسلينات المبيدة للجرائيم .
_ دانوروبيسين : آلية تأثيره : يثبت ال DNA  و يمنع تشكل ال RNA  و يعطى وريدياً .
استعمالاته : ابيضاض الدم اللمفاوي الحاد .
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – تثبيط نقي العظم – تقرحات فموية – قلة صفيحات .
_أدرياميسين : استعماله : في علاج سرطانات الثدي – الغدة الدرقية – الرئة – المبيض – الخصية – المثانة – الرحم . و يعطى وريدياً .
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – تقرحات فموية .
التداخلات الدوائية : يعمل الفينوباربيتال على انقاص فعالية و تأثير الأدرياميسين المضادة للسرطان .
_ بلومايسين : آلية تأثيره : يثبط اصطناع و تضاعف الDNA و يؤثر في مراحل انقسام الخلية M – S –G2- G1  .
استعمالاته : في علاج سرطانات الجلد – الحنجرة و البلعوم – القصبات – المهبل – القضيب – المثانة – الخصية ( مشاركة مع الفينبلاستين ) .
ب- العناصر المؤلكلة : و هي مركبات شديدة الفعالية تتفاعل مع الحموض النووية بروابط تشاركية مشكلة جسوراً مع الحمض النووي DNA مما يؤدي إلى توقف عمله الحيوي و إيقاف نشاطه و نتيجة لذلك فإن العوامل المؤلكلة تمنع تضاعف ال DNA  و هذه هي آلية التأثير لجميع مركبات هذه المجموعة : - مركبات الخردل الآزوتي : أو مشتقات الكلوراييل أمين و تضم :
1-كلورميثين : فعّال جداً يعطى بطريق الحقن الوريدي مع المصل الفيزيولوجي و لا يعطى عن طريق الفم لأنه يؤثر على مخاطية الجهاز الهضمي و لأن امتصاصه ضعيف في الأمعاء .
استعمالاته : في علاج سرطانات اللمف الخبيثة و الرئة .
تأثيراته الجانبية : غثيان و إقياء – صداع و اختلاجات – تثبيط النقي – انقطاع الطمث عند الاناث و غياب الحيوانات المنوية عند الذكور .
2- ميلفالان : استعمالاته : في علاج سرطانات الثدي – الورم النقوي المتعدد – مرض السلاسل الثقيلة ( و فيها يتم تصنيع أجسام مضادة من الخلايا اللمفاوية و لكن السلاسل الخفيفة غائبة ) . و يعطى فموياً .
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – تثبيط المناعة – تليف رئوي – تأثيرات مسرطنة .
3-السيكلوفوسفاميد : يعطى فموياً و تسريب وريدي .
آلية تأثيره : يؤثر على مراحل انقسام الخلية كلها و هو كابت مناعة لأنه من العوامل المؤلكلة – يثبط تضاعف ال DNA  و استنساخه و يتحول إلى مركب مؤلكل آخر هو دوفوسفاميد .
استعمالاته : في داء هودجكن – الورم النقوي المتعدد – ورم ويلمز – سرطانات المبيض و الرئة و الخصية و غيرها من السرطانات .
الآثار الجانبية و السمية : غثيان و إقياء – سقوط الشعر – ارتفاع الحرارة و الشعور بالمرح – قلة الصفيحات الدموية و قصور المبيض عند الاناث و التهاب المثانة الحاد .
ملاحظة : جميع مركبات الخردل الآزوتي و مشتقاتها تسبب سقوط الشعر المؤقت و تشوهات جنينية لذا لا تستعمل أثناء الحمل .
التداخلات الدوائية : يسبب الأللوبورينول زيادة في سمية هذا الدواء على نقي العظم – تسبب مثبطات ألدهيده هيدروجيناز و ألدهيدأوكسيداز زيادة التأثير السمي له .- يسبب السيكلوفوسفاميد زيادة في تأثير السوكساميثونيوم .
ج_ مركبات الأيتيلين إيميتين :و تضم : - الثيوتيبا : استعمالاته : ابيضاض الدم اللمفاوي و بعض سرطانات الدم – سرطان المبيض و الصدر _ يعطى حقناً في الوريد بمقادير تختلف حسب الحالة المرضية و يسبب هذا المركب غياب الحيوانات المنوية و الاصابة بالعقم .
3-الاسترات الكبريتية ( السلفونية ) : أهمها : البوسلفان : استعماله : يؤثر بشكل انتقائي على كريات الدم المحببة و الصفيحات الدموية و ذلك بمقادير صغيرة أما المقادير العالية فهو يؤثر على خلايا الدم الحمراء , يعطى عن طريق الفم أو حقناً في علاج ابيضاض الدم نظير النقوي المزمن و فرط الصفيحات الدموية .
آثاره الجانبية : ارتفاع حمض البول في الدم و سقوط الشعر و اصطباغ الجلد – عسر الطمث – تأثيرات رئوية قلبية – يرقان .
4-   مشتقات النتروزويوريا : أهمها : لوموستين و كارموستين : يعطيان عن طريق الفم أو حقناً في الوريد .
استعماله : سرطانات الدماغ لأنها تعبر الحاجز الدموي الدماغي – سرطانات اللمف الخبيثة .
الآثار الجانبية و السمية : غثيان و إقياء – تثبيط نقي العظم .
التداخلات الدوائية : يعمل مركب الأمفوتريسين B على زيادة فاعلية و تأثير الكارموستين المضاد للسرطان .
5-   البلاتين المقرون ( سيس بلاتين ) : يعطى وريدياً فقط و لا يعبر حواجز ال BBB  .
آلية تأثيره : يثبط الاصطناع الحيوي لل DNA و يرتبط معه بروابط تساندية لأنه عنصر مؤلكل و يؤثر في جميع مراحل انقسام الخلية خاصة المرحلة S .
الاستعمال : سرطانات الخصية و المبيض و الثدي .
الآثار الجانبية : غثيان و إقياء – تثبيط المناعة بقوة – سمية أذنية تتجلى بنقص الشعور بالأصوات المرتفعة .
التداخلات الدوائية : يتداخل مع حمض الايتاكرينيك – و يتداخل مع مركبات الأمينوغليكوزيدات و بالتالي يزداد التسمم السمعي .
المحاذير : الحمل – اضطراب الجهاز السمعي .
6-   ميثومايسين : آلية تأثيره : يثبط تضاعف ال DNA و يؤثر في مراحل الانقسام S – G1 و يعطى وريدياً .
استعماله : فس سرطانات الرئة و الثدي و الطرق الهوائية و السرطانات الهضمية
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – ارتفاع الحرارة – تثبيط نقي العظم – تقرحات فموية و هضمية .
ج_ مثبطات اصطناع البروتينات : أهمها : الأسبارجيناز : و هو إنزيم يتم عزله من جرائيم الإيشريشيا كولي و يوجد في مصل حيوان الكوباي .
آلية تأثيره : يسبب نقصاً في الأسبارجين النسيجي و البلازمي حيث يحوله إلى حمض الأسبارتيك و غاز النشادر , و بما أن الخلايا السرطانية غير قادرة على تصنيع الأسبارجين على عكس الخلايا الطبيعية و السليمة فهو بالتالي يؤثر في نموها و تكاثرها – و يؤثر على المرحلة G2 .
الاستعمال : ابيضاض الدم الحاد اللمفاوي و النقوي .
آثاره الجانبية : طفح – حمّى – وذمات – اصابات كبدية ينتج عنها نقص في كوليسترول الدم و زيادة البيليروبين .
التداخلات الدوائية : لا يعطى مع الميتوتريكسات و الدانوروبيسين لأن التأثيرات السمية على الكبد تزداد .
المحاذير : الحمل و قصور الكبد .
د_ الأدوية المثبطة لتشكل المغزل ( السموم المغزلية ) : و تضم :
1-القلويدات العناقية : و هي قلويدات تستخلص من نباتان الفصيلة العناقية Vincorasea و أهمها : الفنكرستين – الفينبلاستين : تعطى عن طريق الفم أو حقناً بالوريد .
آلية التأثير : توقف الانقسام في المرحلة M  - تتثبت على البروتين ثيوبولين و هو المكون الأساسي للأنابيب الدقيقة حيث يتوقف انقسام الخلية خلال تمزيق الأنابيب الدقيقة .حيث تقوم هذه الأنابيب بجذب الكروموسومات المزدوجة ال DNA  إلى أحد جانبي الخلية الأم مؤكدة أن كل خلية بنت مستقبلية قد تلقت مجموعة كاملة من النسخة الجينية فتأتي هذه القلويدات و تتثبت على هذه الخيوط ( الأنابيب الدقيقة ) فتجمعها أو تفرقها فتمنع الخلايا من الانقسام بنجاح .
- الفين بلاستين : استعماله : داء هودجكن – الورم اللحمي الشبكي – الورم الغدي المشيمي أورام الخصية و الثدي .
آثاره الجانبية :  غثيان و إقياء – صلع – تثبيط نقي العظام بشكل قوي .
الفين كريستين : استعماله : ابيضاض الدم الحاد – الورم اللمفاوي – سرطان الرئة – الورم العضلي .
آثاره الجانبية : اضطرابات عصبية محيطية – سقوط الشعر – تثبيط نقي العظم بشكل أخف من سابقه .
2- الكولشيسين : و هو قلويد طبيعي يستخرج من نبات اللحلاح الخريفي و هو من مضادات الانقسام ( حيث يخرب مغزل الانقسام ) الخلوي في المرحلة M , و له تأثير مسكن لنوبات النقرس الحاد و لا يستعمل في علاج السرطانات السمية الشديدة بسبب تأثيراته الجانبية و التي تتضمن اضطرابات كلوية و إقياءات –و اسهال مدمى أحياناً – و انحلال عضلي – و صلع مؤقت .
4-   مشتقات البودوفيللوتوكسين : آلية التأثير : توقف تطور الخلايا في المرحلة S-G2 و تعطى وريدياً .
الاستعمال : علاج أورام الدماغ .
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – صلع – نقص في الكريات البيض و الصفيحات الدموية – اضطرابات هضمية .
ه- مثبطات متعددة : تقوم هذه المركبات بتثبيط التكاثر الخلوي بمنع تكوين ال RNA  DNA  و البروتينات و أهمها : - بروكاربازين : و هو مثبط الإنزيم MAO ( مينو أمينو أوكسيداز ) , يعطى فموياً و يستخدم لعلاج داء هودجكن .
آثاره الجانبية : غثيان و إقياء – تثبيط الجملة العصبية المركزية – تثبيط نقي العظم – اعتلال الأعصاب المحيطية – ابيضاض الدم .
-   ميتوغوازون : يعطى حقناً بالوريد و يثبط انتساخ ال DNA بتثبته عليه و تثبيطه لل DNA  بوليمراز .
آثاره الجانبية : إسهال و تقرحات فموية .

8
منتدى علم الطب / السرطان .....2
« في: يوليو 11, 2003, 03:02:45 مساءاً »
ما الذي يسبب السرطان :
 إن التدخين و نمط التغذية يأتيان على رأس مسببات السرطان إذ يتسببان في حدوث ثلثي مجموع وفيات السرطان و يعدان من أكثر العوامل المسرطنة قابلية للتصحيح , و من أهم مسببات السرطان نجد :
1-   عوامل تصيب الجينات و تشمل الطفرات و التغييرات الجينية و تؤدي إلى إفلات الخلية و نسائلها من الضوابط الطبيعية للانقسام و الهجرة , و بالطبع فإن للجينات الموروثة من الأبوين دوراً في حدوث السرطان , فالبعض يولد بطفرات تساعد بشكل مباشر على النمو المفرط لخلايا معينة أو على تشكيل عدد أكبر من الطفرات و يعمل الضغط الانتقائي الانتخابي على ابقاء هذه الطفرات في خدها الأدنى فهي المسؤولة عما يقل عن 5% من السرطانات القاتلة .
2-   عوامل لا تؤثر في الجينات : و إنما تزيد بشكل انتقالي من نمو الخلايا الورمية أو أسلافها , و يكمن الخطر الأساسي للخباثات في قدرتها على تشكيل نقائل تمكن بعض خلاياها من الهجرة و من هذه العوامل : أ _ المواد الكيماوية الموجودة في الدخان مثلاً خاصة دخان التبغ حيث يسبب سرطانات الرئة و الطرق التنفسية العلوية و سرطان المرئ و المثانة و الحنجرة و البنكرياس و ربما حتى المعدة و الكبد و الكليتين , و يبدو أن لتدخين دوراً في ابيضاض الدم النقوي المزمن كما يحتمل أن يسبب سرطان القولون و المستقيم . و تعتمد قدرة التدخين في احداث الخباثة على كمية التدخين و كمية القطران و مدة استمرار التدخين .
ب_ تشكل الجذور الحرة و هي جزيئات كيماوية نشيطة و فعّالة في الارتباط مع العديد من الجزيئات العضوية , و تكمن خطورتها في تفاعلها مع ال DNA  في الخلية مما يؤدي إلى تخريب و حدوث طفرات دائمة في الجينات , لذلك من المفيد تناول بعض مضادات الأكسدة مثل فيتامين E  للوقاية من السرطان .
ج_ بعض الميكروبات و خاصة الفيروسات تقوم باحداث السرطان و ذلك عبر دخولها إلى نواة الخلية و تثبيتها على ال DNA  النواة و احداث تغييرات جينية فيها مثل فيروس الورم الحليمي الذي يسبب سرطان عنق الرحم
د_ عوامل بيئية مثل التعرض لأشعة الشمس التي تسبب سرطان الجلد لإحتوئها على الأشعة فوق البنفسجية .
ه_ الأكل غير السليم و اللامتوازن : فالأكل المفرط بالشحوم الحيوانية المشبعة باللحم الأحمر خاصة ذو صلة وثيقة بسرطانات القولون و المستقيم و البروستات أيضاً , و كذلك فإن حذف الفواكه و الخضراوات من الطعام اليومي يزيد من احتمالات الاصابة بالسرطانات و كذلك المشروبات الساخنة كالمتة قد تسبب سرطان المرئ .
و_ التعرض للاشعاع الناتجة عن المواد المشعة و استخدام الهاتف الخلوي و غاز الرادون المشع المنبعث من الأرض بشكل طبيعي .
ز_ التماس المباشر و المديد مع بعض المركبات الكيماوية كاللإيتر و المازوت و الزئبق و الرصاص و الزرنيخ .
و هكذا نلاحظ أن ربع حالات السرطان تكون متأصلة و راسخة أي أنها قد تنشأ و تتطور حتى في عالم خال من المؤثرات الخارجية و ذلك بسبب تشكل المواد المسرطنة داخل الجسم و حدوث الأخطاء الجينية غير الصحيحة .

9
منتدى علم الطب / السرطان .....1
« في: يوليو 11, 2003, 03:00:22 مساءاً »
مرض السرطان – آلية  حدوثه – أدويته


تعريف السرطان :
هو مرض ناتج عن تكاثر خلوي عشوائي غير منضبط و بدون نظام و يحدث ذلك عندما تتحل الخلية من القيود الطبيعية التي تحول دون نموها و انتشارها بشكل منضبط , عندها تتشكل كتلة كبيرة من الخلايا و هو ما يعرف باسم الورم حيث تنجح بعض الخلايا الشاذة في الانتقال إلى أماكن أخرى من الجسم عبر الدم و اللمف , و عندما تصل إلى أعضاء حيوية هامة للجسم فإنها تخرب هذه الأعضاء و تهدد حياة الإنسان .
الآلية الامراضية للسرطان :
 يتألف جسم الإنسان من نحو 30 ترليون خلية تنظم تكاثر بعضها بعضاً فالخلايا الصحيحة لا تتوالد إلا بتوجيه من خلايا مجاورة أخرى , و يضمن هذا التعاون المستمر احتفاظ كل نسيج بحجمه و بنيانه الملائمين لاحتياجات الجسم , بينما نجد أن الخلايا السرطانية لا تستجيب للإشارات التي تتحكم في التكاثر و لا تتبع سوى برنامجها الداخلي للتوالد , و الأسوأ من ذلك قدرتها على الهجرة من مكان نشوئها لتغزو النسج الأخرى التي تتحول إلى خلايا سرطانية خبيثة تخرب النسج و الأعضاء الهامة و الضرورية لبقاء الإنسان حياً .
و نحن نعلم أن جميع الخلايا في الورم تنحدر من خلية سلفية مشتركة واحدة قامت قبل عقود ربما بتوالد غير ملائم و غير طبيعي نتيجة طفرات تتراكم في صفوف معينة من الجينات الموجودة في الصبغيات في نواة الخلية , و يلعب صفان من الجينات يشكلان بنية صغيرة من الجين البشري دوراً كبيراً في استثارة السرطان , فهذه الجينات تقوم في شكلها السوي بتنسيق دورة حياة الخلية أي تسلسل الأحداث المؤدية إلى كبر الخلية و انقسامها , و أحد هذين الصفين يشكل الجينات الورمية البدئية التي تحث الخلية على النمو و التكاثر بينما الصف الآخر يشكل الجينات الكابتة للورم حيث يقوم بتثبيط نمو الخلية و انقسامها , و بعد هذان الصفان من الجينات مسؤولين معاً عن معظم حوادث التكاثر الخلوي غير المضبوط و الملاحظ في سرطانات البشر , فعندما تطفر الجينات الورمية البدئية تصبغ جينات مسرطنة تدفع بالخلية إلى تكاثر مفرط و تحث هذه الطفرات الجين الورمي على إنتاج كميات كبيرة من البروتين المنبه للنمو الذي يكوّده هذا الجين , أو على إنتاج شكل مفرط الفعالية منه , و بالمقابل فإن إسهام الجينات المثبطة للورم في نشوء السرطان يحدث عندما تعطّل الطفرات فاعليتها , و يؤدي فقدان البروتينات لوظيفتها الكابتة للورم إلى حرمان الخلية من كوابحها الأساسية التي تحول دون حدوث نمو غير ملائم ,  و لكي يحدث الورم أي نشوء السرطان فإن على الطفرات أن تصيب ستة أو أكثر من الجينات الأساسية الضابطة لنمو الخلية , كما أن الطفرات في صفوف أخرى من الجينات يمكن أن تسهم في نشوء الخباثة و حدوث النقائل و ذلك بتمكين الخلية المتكاثرة من غزو النسج المحيطية أو من الانتقال إلى أنحاء الجسم كافة .

10
( مضادات الذهان )

مضادات الذهان تستخدم بشكل أساسي في حالات مرض الفصام للسيطرة على الأعراض الحادة و منع النكس و بشكل ثانوي لتحسين أعراض الفصام المزمن كما تستعمل لمقاومة أعراض الهوس مثل فرط الحركية المنهك و الشمق و الثرثرة و حالات البارانويا , كما تستخدم كعلاج مساعد في تدبير المتلازمات العضوية كالخرف و الأذى الدماغي , و يعزى  تأثيرها إلى فعاليتها المركزية المضادة للدوبامين حيث يعد حجب هذا الناقل العصبي في مناطق الدماغ الأخرى مسؤولاً عن الآثار السلبية كردود الفعل خارج الهرمية و فرط نشاط هرمون البرولاكتين .و هي تقسم كما يلي :
1   - مشتقات الفينوثيازين : و تقسم إلى :
1-   ذات سلسلة  جانبية الكلتية ( أي تحوي على الهدرجين و الزنك ) أمينية ( سلسلة البروبيل أمين ) و أهمها -  الكلوربرومازين – الميتوبرومازين – التري فلوبرومازين – الأسي برومازين  : و يعد الكلوربرومازين ( لارجاكتيل ) المركب الرئيسي من زمرة مضادات الذهان حيث يستعمل في الطب النفسي مركناً في الذهانات و التشنجات المختلفة , كما قد يستعمل في الجراحة لتحضير التخدير و الوقاية من الصدمات الجراحية , و يمكن أن يسبب أعراض جانبية كالنعاس و جفاف الفم و خفقان القلب كما يمكن أن يسبب تغيرات في الصيغة الدموية و بعض الاندفاعات الجلدية .
-   اليميمازين ( تري ميبرازين ) – ميتيوميبرازين : يتمتع اليميمازين بخواص متوسطة بين الكلوربرومازين و مضادات الهيستامين حيث يبدي تأثيراُ مهدئاً للجملة العصبية المركزية كما يعتبر مضاد للسعال و التحسس .
2 – سلسلة البيبرازين : أهمها تي ايتيل بيرازين – التري فلوبيرازين – بروكلوربيمازين – بيرفينازين – ديكسيرازين – فلوفينازين : لهذه المركبات تأثيرات مضادة للذهان و يغلب فيها التأثير المضاد للقلق كما لها تأثير قوي مضاد للقيء و لها آثار جانبية كالنعاس و هبوط الضغط .
3   - سلسلة البيبيريدين : أهمها الثيوريدازين – بيرمتيازين – بيبوتازين – بيري سيازين : أهمها الثيوريدازين و هو يستعمل في نفس مواضع استعمال الكلوربرومازين حيث يستعمل مضادً للذهان و يستعمل بجرعات خفيفة في حالات القلق و التوتر النفسي العصبي .
2 – مشتقات البوتيروفينون : أهمها على الإطلاق هو :
-   الهالوبيريدول : و هو عقار قوي التأثير يستعمل في حالات الذهان المتقدمة و الاضطرابات النفسية الحادة و حالات الفصام الخطيرة , و ينصح بعدم استعمال الهالوبيريدول لدى المرضى الذين يستعملون أملاح الليثيوم
-   البيموزيد ( البيمازيد ) : و هو مضاد ذهاني قوي التأثير أيضاً .
-   البين بيريدول – درو بيريدول – الفلوأنيسون : و هي كلها من مضادات الذهان
3 – مركبات مختلفة : أهمها
- السولبيريد : مضاد ذهان و له تأثير مضاد للقيء و مثبط لإفرازات المعدة , يستعمل في معالجة الذهان الحاد و الذهان الهوسي و الفصام كما يستعمل في معالجة العصابات و آلام الشقيقة خاصة ذات المنشأ الهضمي و التشنج المعوي حيث يستخدم في معالجة القرحة المعدية و الأثني عشرية .
 - الفلوسبيرين : من مضادات الذهان المستعملة في معالجة الفصام .
- آزاسيكلونول : له تأثير مثبط للجملة العصبية المركزية لدى الإنسان و الفأر و منبه لدى الكلب و القط , و يستعمل في معالجة الذهان العصبي الحاد للمدمنين على الكحول و أعراض الذهان الهوسي و مرضى الفصام .


 و الآن ننتقل إلى الزمرة الثانية و هي زمرة المنشطات النفسية و هي تصنف من وجهة نظر فارماكولوجية إلى :
1-   منبهات عامة كالأمفيتامين أو زمرة أمينات التنبيه .
2-   منبهات الأمزجة أو ما يسمى بمضادات الاكتئاب .
3-   منشطات مختلفة كالكافيين و فيتامين c  و بعض مشتقات حمض الفوسفور .
و لكن ما يهم هنا هو دراسة العقاقير القادرة على تحسين الحالة النفسية العامة و التي تدعى مضادات اكتئاب .
(مضادات الاكتئاب )
نستطيع تمييز ثلاثة سلاسل أساسية من هذه المركبات :
1- مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات من مشتقات الدي بنزوآزبين ( من نموذج الأيميبرامين ) و من مشتقات البنزو سيكلو هيبتادين ( من نموذج الأمتيريبتيلين )  .
2- مضادات الاكتئاب رباعية الحلقات .
3-مثبطات إنزيم المونوأمينوأوكسيداز I.M.A.O
1-   مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات :
تقوم آلية عمل هذه المركبات على تثبيط التقاط النواقل العصبية مثل النورأدرينالين و السيروتونين من قبل الأعصاب و هنا تحصل تغيرات ثانوية تتمثل بتناقص عدد مستقبلات بعض النواقل العصبية علماً أن الآلية الكاملة لعمل هذه المضادات لا تزال غامضة , و هي تقسم إلى :
أ) مشتقات الدي بنزوآزبين : أهمها – الإيميبرامين ( توفرانيل ) : و هو من مضادات الاكتئاب يستعمل في حالات الاكتئاب العامة و الخمول كما يستعمل في معالجة بول الفراش ( سلس البول الليلي ) و توجد حالياً مشتقات للإيميبرامين أهمها التري ميبرامين – ديزي برامين .
-الكلوميبرامين ( أنافرانيل ) : يستعمل أيضاً في حالات الاكتئاب العامة
ب) مشتقات الدي بنزو هيبتادين :أهمها – الأميتريبتيلين ( لاروكسيل – تريبتيازول ) : و هو يعد مركب نموذجي لمضادات الاكتئاب فهو يتمتع بتأثير منشط للأمزجة المرهفة و مهدئ و مضاد للشعور بالقلق علماً أن آلية تأثيره غير معروفة بدقة , يستعمل في معالجة الاكتئاب النفسي داخلي المنشأ و في معالجة حالات الخجل الاجتماعي و عدم التوازن النفسي كما يستعمل في حالات سلس البول الليلي , من آثاره الجانبية الإمساك و احتباس البول و اضطرابات عينية و زيادة ضربات القلب و النعاس كما يجب عدم استعماله مع مركبات المينوأمينو أوكسيداز أو مع مضادات الصرع .
-   النورتريبتيلين ( ألليجرون ) : يستعمل في مواضع استعمال الأميتريبتيلين و يتميز عنه بتأثير مهدئ ضعيف و يستعمل في حالات الاكتئاب و الاضطرابات النفسية بشكل عام و في الاضطرابات المرافقة لسن اليأس عند النساء .
ج) مركبات ثلاثية الحلقات مختلفة :أهمها – الدوكسيبين ( أبونال ) : يستعمل مضاداً للاكتئاب و يتميز بتأثيره المهدئ و المركن كما يعطى في حالات القلق .
و ما ينبغي إضافته أنه يمكن أن يكون لمضادات الاكتئاب ذات الخصائص المركنة مثل الأميتريبتيلين و الدوكسيبين و التري ميبرامين أكثر نفعاً للمرضى اللذين يعانون حالات شديدة من القلق و الهياج , أما مضادات الاكتئاب ذات الخواص المركنة أو المنبهة الضعيفة كالأيميبرامين و الكلوميبرامين و النورتريبتيلين فهي أكثر فائدة للمرضى الذين يعانون من الوسن . و ينبغي التذكير بأنه يجب استخدام مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات بحذر في حالات احتباس البول و تضييق البواب و ضخامة الموثة لأنها ذات تأثير مضاد للكولين و يمكن التقليل من تلك الأعراض الجانبية ببدء العلاج بجرعات منخفضة تتزايد تباعاً , و تتجلى الاستجابة الدوائية بجعل المريض ينام بشكل أفضل و توقف في تدهور وزنه ثم يتبع ذلك تسارع في التفكير و الكلام و الفعالية و النشاط و في النهاية يرتفع المزاج و تتحسن الحالة النفسية لكن يمكن للقلق أن يستمر و يحبذ أن يستمر العلاج لعدة أشهر . و لا يشفى بعض المرضى المصابين بالاكتئاب الكامل بل يعانون من متلازمة مزمنة يمكن السيطرة عليها بمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات TCAD  . و تشمل الاستطبابات الأخرى لمضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات حالات الرهاب و الوسواس القهري .
2-   مثبطات أنزيم المونو أمينو أوكسيداز I.M.A.O  :
إن وظيفة هذا الأنزيم هي استقلاب المركبات الأمينية المقلدة للودية في الجسم كالنور أدرينالين و السيروتونين  و الأدرنالين أي أنه يثبطها  و هي تلعب دوراً كبيراً في عمليات الإثارة و التنشيط . و أهم تلك المركبات :
-   الأيبرينيازيد  ( مارسيليد ) : كان في السابق يستخدم كعلاج لمرض السل ثم أهمل هذا الاستخدام و أخذ يستعمل بسبب تأثيره المحدث للنشوة و المضاد للاكتئاب في بعض الأمراض النفسية العصبية كما يستعمل مسكناً لألم الخناق الصدري في الحالات الحادة عند الضرورة ومن مضادات استخدامه الشيخوخة و هبوط الضغط و الصرع و قصور الكبد و الكلية .
- مشابهات الأيبرينيازيد : يمكن أن نميز منها ثلاث مجموعات : 1- مجموعة الهيدرازيلات : تشمل مركبات النيلاميد – البيفازيد – البنموكسين – الايبروكلوزيد – الايزوكاربوكسازيد .
2- مجموعةالهيدرازين : تضم الفينيلزين – فينيبرازين – الفينوكسيبرازين – الأوكتاموكسين .
3-   مجموعة الأمينات : تضم الترانيل سيبرومين – البارجيلين – الإتريبتامين .
3- مضادات الاكتئاب رباعية الحلقات : أهمها – الميانسيرين : يعمل على تعزيز تحرر النور أدرينالين و يثبط قبط السيروتونين نسبياً و يحجب مستقبلاته و هو يملك تأثيراً مركناً .
- المابروتيلين ( لودايمول ) : و هو من مضادات الاكتئاب التي أدخلت حديثاً في المداواة حيث ينشط الأمزجة المرهفة كما يتميز بتأثيره المضاد للقلق و المهدئ و هو لا يملك تأثيراً مركناً على عكس الميانسيرين , يحظر استعماله مع مركبات I.M.A.O  و يجب عدم تناول الكحول أثناء استخدامه .
4-   الترازودون : وهو من مضادات الاكتئاب و تفيد خصائصة المركنة في علاج القلق المرافق للاكتئاب كما يبدي تأثيراً مضاداً للسيروتونين و حاجباً لمستقبلات ألفا ولا تزال آلية تأثيره المضاد للاكتئاب غير معروفة بدقة , كما تعد خصائص الترازودون المركنة مفيدة في حالات القلق المصاحبة للاكتئاب , و يلاحظ بأن تأثيراته الجانبية المضادة للكولين أقل من تلك التي تحدثها مضادات الاكتئاب ثلاثية الحلقات إضافة لكونه أقل إحداثاً للاختلاجات السمية في حالات تجاوز الجرعة .
5-   مثبطات إعادة التقاط السيروتونين : تثبط هذه المركبات إعادة قبط السيروتونين رافعة تركيزه في المشابك العصبية و يبدو أن تأثيرها خفيف و معدوم على إعادة قبط بقية النواقل العصبية المركزية , و بالتالي فهي معدومة التأثيرات الجانبية الكولينية ( الأستيل كولين ) أو النور أدرينالية و أهم مركباتها هو الالفلوكسيتين .
6-   الكاربامازبين : و هو مضاد اختلاج مر ذكره و هو هنا يدخل في علاج مرضى الذهان الدوري ( الهوس الاكتئابي ) غير المستجيب الليثيوم حيث يؤثر في تثبيط إفراغ الشحنات الكهربائية في مستوى الجهاز الحوفي ( الجسم الحوفي ) .
7-   السيرترالين : وهو مضاد اكتئاب و يعطى في الاضطرابات الوسواسية القهرية .
و أخيراً لا بد من التذكير بأن المشاركة بين الأميتريبتيلين و كلورديازيبوكسيد في معالجة الاكتئاب المرافق للقلق .

11
10 – الباربيتورات :  و هي من مشتقات حمض الباربيتوريك الناتج عن تفاعل البولة مع حمض المالونيك و هي تستعمل مهدئة و منومة و مضادة للصرع و ذلك حسب الحاجة و الجرعة و تقسم إلى أنواع : 1- الباربيتورات طويلة التأثير : و منها الباربيتال و الفينو باربيتال و هما يستعملان لمعالجة جميع أنواع الصرع باستثناء الصرع الصغير و كذلك من أجل الوقاية من الاختلاجات الحمية عند الأطفال , و من أهم آثاره الجانبية النعاس و الوهن و التثبيط العقلي كما قد يسبب ردود فعل تحسسيه جلدية و تشوش عند المسنيين و فرط حركية عند الأطفال و قد يسبب فقر دم و ضخامة في الأرومة .
2- الباربيتورات قصيرة التأثير : أهمها السيكلوباربيتال و البروباليونال و الههيبتاباب و هي تستعمل في الغالب كمنومات .
3- الباربيتورات قصيرة التأثير جداً : أهمها الهكسوباربيتال .
4- الباربيتورات قصيرة التأثير جداً من مشتقات البولة الكبريتية : أهمها الثيوبنتال و الميثيتورال .
و لا بد من القول أن الباربيتورات لا تعطى إلا في حالات القلق الشديد على الحالة فقط حيث قد يحدث عن سوء استعمالها تحملاً ( تراجعاً في تأثير الجرعة مع استمرار الاستخدام مما يؤدي للإدمان ) مع أعراض انسحابية شبيهة بتلك التي تحدث نتيجة الحرمان من الكحول , و تكلك الباربيتورات هامش أمان ضيق جداً كما أن آثارها شديدة السمية كالغيبوبة و الوفاة بعد تعاطي جرعات زائدة أو تعاطي الكحول معها نتيجة لتآزر التأثير , و تحرض الباربيتورات أنزيمات الكبد الميكروزومية و بالتالي تؤثر على معدل الإطراح و تقلل من تأثير الكثير من الأدوية التي يتم استقلابها في الكبد . تحدث الوفاة عند تعاطي جرعات زائدة نتيجة لشلل المراكز التنفسية و الدورة الدموية و تستعمل في مثل هذه الحالات الحادة الأدوية المنعشة و المنشطة و المنبهة بالإضافة للقيام بالتنفس الاصطناعي .
11- الأزيبين و مشتقاته :  يعطى اسم الآزبين إلى النواة السباعية الآزوتية غير المتجانسة  و التي تحوي على ثلاث روابط مضاعفة فإذا احتوت على ذرة آزوت واحدة سميت آزبين و إذا احتوت على ذرتي آزوت سميت دي آزبيين . أما المجموعات المستخدمة في الطب النفسي فهي :
1 – مشتقات الآزبين ثنائي البنزين : و أهمها : - الكاربامازبين : و هو من مضادات الاختلاج المستعملة في حالات الصرع آلية تأثيره غير معروفة بدقة يتميز بتأثيره المسكن للعصب الثلاثي التوائم يسبب استعماله خاصة في البداية أعراضاً عصبية كالدوار و النعاس و بعض الاضطرابات الجلدية .
-   أوبيبرامول : مهدئ في حالات القلق النفسي , يزيد القدرة على النوم و ينشط الأمزجة المرهفة . يحظر استخدام هذا المركب مع مركبات المونوامينوأوكسيداز المثبطة .
2 – مشتقات البنزو ثنائي الآزبين ( البنزوديازبين ) : أدخلت مجموعة البنزوديازبين في المداواة سنة 1959 بإدخال الكلورديازيبوكسيد ( ليبيريوم ) و الديازيبام ( الفاليوم ) ثم ظهرت مشتقات عديدة أهمها : - الكلورديازيبوكسيد ( ليبراكس ) : يستعمل لأجل تأثيره المهدئ المركب النفسي و المضاد للشعور بالقلق و أيضاً في حالات فرط الانفعال النفسي كما يستخدم كمضاد للتشنج العضلي .
-   الديازيبام ( الفاليوم ) : يعد من المهدئات النفسية و له تأثير مضاد للاختلاج و مركن و مرخ للعضلات يستعمل في معالج القلق النفسي و الأرق و تشنج العضلات و بعض حالات الصرع . يسبب استعماله كما كل مشتقات البنزوديازبين آثار جانبيه كالنعاس و عدم القدرة على تنسيق الحركات العضلية الإرادية ( ترنح ) كما يمكن أن يسبب النسيان و في حال الاستعمال الطويل الأمد قد يسبب الإدمان .
-   الأوكسازيبام : له نفس حواص الديازيبام .
-   النترازيبام :  يتميز عن المركبات السابقة بتأثيره المنوم فهو يحافظ و يحمي الآلية الطبيعية للنوم ضد الاضطرابات الانفعالية و النفسية .
-   الميدازيبام : يتمتع كمضاد للشعور بالقلق النفسي و بتأثيره النوعي على الاضطرابات العضوية الناجمة عن حالات القلق النفسي فهو يستعمل في كل حالات القلق و أعراضه الوعائية و القلبية و التنفسية .
-   الكلورازيبات دي بوتاسيوم : يتميز بتأثيره المضاد للقلق و لكنه لا يولد النعاس و ليس له تأثير في الانعكاسات الوظيفية الفيزيائية عند استعماله .
-   الكلوبازام : يستعمل في حالات القلق النفسي عند الأطفال و الشيوخ لأنه يتمتع بتأثير سريع و طويل المدة .
-   التريازوكام : و هو مركب ذو تأثير قصير الأمد حيث يستمر تأثيره أقل من 6 ساعات .
-   التيمازيبام – اللوبرازولام – البرومازيبام : و هي مركبات ذات تأثير متوسط يتراوح بين 6 – 10 ساعات و يلاحظ وجود أرق ارتدادي عند استعمالها .
-   الكلوبازام – الألبرازولام – الفلورازيبام – الميدازيبام : و هي مركبات ذات تأثير طويل الأمد حيث تملك تأثيرات مركنة ثابتة حتى اليوم التالي .
و يمكن أن تضاف بعض الأدوية التابعة لمجموعات علاجية أخرى لكن لها تأثيرات مركنة و مهدئة و منومة و مضادة للقلق فقط و منها : 1 – مضادات الهيستامين : أهمها – البروميتازين ( فينيرغان )
-   ديفينهيدرامين : و هي عبارة عن مضادات هيستامين h1  أي مضادات حساسية فهي تثبط التفاعلات التحسسية في الجسم لكن لها آثار مركنة مساعدة على إحداث النوم خاصة عند الأطفال .
-   اليميمازين .
2 – حاصرات مستحضرات بيتا : و هي إحدى أهم مجموعات خافضات الضغط و اضطرابات النظم و الذبحات الصدرية حيث تقوم بخفض نتاج القلب و تثبط إفراز الرينين و تحث تغيراً في حساسية منعكس مستقبلات الضغط و تشمل التأثيرات العكسية الأساسية كبطء القلب الشديد و قصور القلب و التشنج الوعائي , كما لها تأثيرات على الجهاز العصبي المركزي بخاصة المركبات المنحلة بالدسم و أهمها :
-   البروبرانولول – الأوكسبرينولول : حيث يملكان فعالية أكبر في إزالة أعراض القلق الجسدية ( الخفقان – الرعاش  - الاضطرابات الهضمية ) و هما أقل فعالية من البنزوديازيبينات لكنهما يشكلان بدائل جيدة لمعالجة الاعتياد الناجم عن استعمال البنزوديازيبينات

12
-   تقسم الأدوية النفسية بشكل عام إلى زمرتين أساسيتين :
-   الأولى هي زمرة المثبطات النفسية و تقسم إلى (  المنومات و المهدئات و مضادات الصرع  و مضادات الذهان )
-   و الثانية هي زمرة المنشطات النفسية و التي تقسم إلى ( المنبهات العامة و منبهات الأمزجة أو ما يسمى بمضادات الاكتئاب و المنشطات المختلفة )
الزمرة الأولى : تقسم إلى قسمين
القسم الأول : المهدئات و المنومات و مضادات الصرع : و هي تضم المجموعات التالية :
البرومورات – أملاح الليثيوم – الأغوال – الكلورال و مشتقاته – السلفونال و مشتقاته – الأوريتانات – البوليدات – الباربيتورات – مشتقات الهيدانتوئين و مشابهاته البنيوية – مشتقات الالبيبيريدين دي أون – مشتقات نواة الكينازولون – مشتقات نواة الأزيبين و البنزوديازبين .
القسم الثاني : مضادات الذهان  : و يشمل
مشتقات الفينوثيازين و هي إما سلسلة جانبية ألكيلتية أمينية أو بيبيرازنية – مشتقات البوتيروفينون – مشتقات مختلفة .و سنبدأ بشرح القسم الأول :
( المنومات و المهدئات و مضادات الصرع )
1 – البرومورات : أو البروميدات و هي أملاح صودية أو بوتاسية غالباً و هي تفيد كمسكنات بسبب تأثيرها على مناطق معينة للجملة العصبية المركزية حيث تضعف ردود الفعل و تساعد على النوم إلا أنها لا تعتبر من فئة المنومات إذ أن مشاركة البروميدات مع المنومات أو المخدرات لا يزيد من التأثبر المنوم و لكنها تعطي تأثيراً إضافياً مسكناً , و لهذا فإنها تستعمل في الناحية العملية في الاضطرابات العصبية و خصوصاً في الصرع حيث لا يظهر التأثير المهدئ لنوبات الصرع إلا عندما يبلغ التركيز حوالي 150 إلى 200 ملغ / 100 غ مصل و هذا يعني أن البروم قد حل بنسبة 25 % من كلوريد المصل و من المعلوم أن وجود البروم بنسبة 300 إلى 400 ملغ / 100 غ مصل يشكل خطراً على الحياة و بالتالي فإن الجرعة الفعّالة للصرع تقع إلى جانب الحدود السمية .
2- أملاح الليثيوم : أدخلت حديثاً بعض مركبات الليثيوم للمعالجة و الوقاية من بعض الأمراض النفسية و ذلك بجرعات تصل يومياً إلى 1.5 غ .
3 -  الأغوال : و أهمها الإيتانول ( الغول الإيتيلي ) فهو يؤثر كمخدر إلا أنه يختلف عن المخدرات المعروفة من ناحية استمرار كل مرحلة من مراحل التخدير ففي حالة الإيتانول تستمر مرحلة النشوة مدة طويلة جداً بينما تكون المرحلة الأخيرة ( الدور السباتي ) قصيرة جداً و تنتهي عادةً بالموت إذا ما وصلت إلى ما بعد تلك المرحلة , لذلك يتعذر استخدام الإيتانول كمخدر في العمليات الجراحية , و عندما يصل تركيز الإيتانول في الدم نسبة 0.1 % فإن الإنسان يصاب في اضطرابات حادة في التوازن و فقدان السيطرة أما في التركيز الذي يبلغ 0.4 إلى 0.5 % فإن الشخص يفقد الوعي الذي يعقبه الموت بسبب شلل المراكز التنفسية علماً بأن الكحول يستخدم في حالات الإغماء . بينما الكحول الميتيلي ( الميتانول ) فهو سام إذ يؤثر في الخلايا العصبية في المخ خاصة الفص البصري محدثاً العمى .
4- الكلورال و مشتقاته .
5- السلفونال و مشتقاته .  
6- الأوريتانات : هي ايسترات حمض الكارباميك و أهمها : - الأوريتان : يتمتع بخواص منومة إلا أنه خطر لأنه يؤدي إلى تغيير في الصيغة الدموية لذلك ألغي استعماله .
-   - الميبرومات : و هو عقار مهدئ و منوم في حالات القلق و الاضطرابات العصبية النفسية و يزداد تأثيره الدوائي بمشاركته للباربيتورات  و يستعمل أيضاً مسكناً لألم التشنج العضلي .
- السيكلاربامات : و هو مسكناً و مهدئاً في حالات التشنج الحشوي و بعض الآلام القطنية و المفصلية
-   الإيتنامات : و هو عقار مهدئ و منوم .
-   الميفينيزين : و هو ليس من مجموعة الأوريتانات إنما هو غول عضوي يحتوي رابطة إيتيرية و هو يؤثر بوصفه مرخياً للعضلات كما يثبط الانعكاسات السطحية حيث يستعمل في حالات مرض باركنسون لكن مدة تأثيره قصيرة و كان يستعمل أيضاً في حالات القلق و التوتر النفسي يسبب استعماله أثاراً جانبية كفقدان الشهية و الغثيان و الإقياء و بعض التفاعلات الجلدية التحسسية .
-   الميفينيزين كاربامات : و هو من الأوريتانات له نفس استعمالات الميفينيزين لكن مدة تأثيره أطول .
-   الميتوكاربامول : يستعمل مرخياً للعضلات و مسكناً للألم و مهدئاً .
7 -  البوليدات : و هي مركبات أمينية مشتقة من البولة و تقسم إلى : 1- البوليدات ذات السلسلة المفتوحة : و منها  - الكاربرومال ( البرومورال ) : يستعمل منوماً في حالات الأرق .
-   البروميزوفال ( برومفاليتون ) : يستعمل منوماً .
-   فينياسيميد : لا يتمتع بأي خواص منومة و إنما يستعمل في معالجة بعض حالات الصرع و يستعمل حالياً الإيتيل فيناسيميد .
2 – البوليدات ذات السلسلة المغلقة : و أهمها مشتقات الهيدانتوئين الذي يعد ذو تأثير مزدوج فهو يستعمل كمهدئ و منوم بالإضافة لاستعماله كمضاد للصرع و أهم مشتقاته :
-   الفينينتوئين ( دي فينيل هيدانتوئين ) : يستعمل مضاداً للصرع و يفضل في ذلك على الفينوباربيتال لأن تأثيره المنوم ضعيف يسبب في حالات الاستعمال الطويل بعض أعراض عدم تحمل كالغثيان و القيء و الإمساك و بعض الاضطرابات العصبية و الجلدية .
-   مشابهات الهيدانتوئين البنيوية المضادة للصرع : أهمها : - مشتقات الأوكزازولدين : و تقسم إلى – تري ميتاديون – باراميتاديون : تستعمل في حالات الصرع المعند على الأدوية الأخرى و لكن يجب مراقبة الصيغة الدموية أثناء استعماله كما يجب مراقبة الاضطرابات الكلوية .
-   مشتقات السوكسينيميد : أهمها – فينسوكسيميد – ايتوسوكسيميد : و هي من مضادات الاختلاج تستعمل في حالات الصرع الصغير بالمشاركة مع مضادات الصرع الأخرى و له أعراض ثانوية مثل الغثيان و الإقياء و فقدان الشهية و ألام بطنية و بعض الاضطرابات العصبية و اندفاعات جلدية كما يجب مراقبة الصيغة الدموية أثناء الاستعمال .
8 – مشتقات البيبيريدين دي أون : تقسم إلى :
1- مشتقات بيبيريديين دي أون 2 – 6 : أهمها : غلو تيتيميد : يستعمل مهدئاً و منوماً حسب الجرعة و يسبب استعماله الطويل اضطرابات هضمية عصبية و جلدية كما قد يسبب الإدمان .
-   تاليدوميد : و هو العقار المسؤول عن أكبر مأساة علاجية في تاريخ الطب عام 1961 فقد استعمل مهدئاً و لكن عندما استعمل من قبل النساء الحوامل أدى إلى ما يسمى بالضخامة الجنينية الذي يؤدي إلى تشوه بعض أعضاء الجنين أو بغيابها بالكامل حيث أدى لولادة آلاف الأطفال المشوهين
2- مشتقات بيبيريدين 2- 4 : أهمها الميتيبريلون : و قد يستعمل مهدئاً و منوماً .
9- مشتقات الكينازولون : أهمها الميتاكالون و الميكلوكالون : و هما يستعملان كدواء مهدئ و منوم .

13
2-   المدرسة الانتشارية : انطلقت تلك المدرسة من فكرة أن الثقافة كثيراً ما تكون مستعارة , حيث تنشأ في مركز واحد أساسي تنتقل بعده إلى المراكز الأخرى عبر مجموعة من العوامل , و يضيف أصحاب هذه المدرسة أنه إذا ما دققنا في المسألة وجدنا أنه لم يكن هناك إلا عدد محدود من المراكز الهامة التي عملت على تنمية الثقافة و نشرها كما أن المواصفات المنتشرة قد تخضع خلال عملية الاستعارة و الاستيعاب إلى تغييرات و تبدلات كثيرة , و بالتالي فإن مفهوم الصدفة التاريخي في انتشار المساهمات الحضارية يلعب دوراً فعّالاً و مواجهاً لمفهوم الامتداد الطبيعي و الحتمي للمؤسسات الاجتماعية المرافق لأفكار التطوريين , و هناك ثلاث وجهات أساسية عبرت عن وجهة نظر تلك المدرسة أولها إنكليزية : و مؤسسها هو غرافتون إليوت سميث عالم التشريح الشهير الذي انكب خلال إحدى فترات حياته على دراسة المومياء المصرية و هذا قاده إلى الإقامة في مصر الذي أدهشته حضارتها و أخذ يلاحظ بأن الثقافة المصرية القديمة تضم عناصر كثيرة يبدو أن لها ما يوازيها في ثقافات بقاع أخرى من العالم , فقلبت نظريته الاعتبارات التقليدية للزمان و المكان , و لم يقتصر على القول بأن العناصر الثقافية المتشابهة في حوض البحر المتوسط و إفريقيا و الشرق الأدنى و الهند ذات أصل مصري , بل ذهب للقول أن العناصر المماثلة في ثقافات إندونيسية و بولينيزيا و الأمريكيتين تتبع نفس المصدر أيضاً , فالحضارة المصرية بدأت على ضفاف النيل قبل 5 آلاف عام قبل الميلاد و بعد أن بدأت الاتصالات بين الجماعات و الشعوب انتقلت بعض مظاهر تلك الحضارة إلى بقية العالم , و هكذا يجعل سميث من الاقتباس الوسيلة الوحيدة تقريباً التي يمكن من خلالها أن تتم عملية التغير الثقافي و هذا يعني أن مقدرة الإنسان على الاختراع معدومة تقريباً و ينجم عن ذلك رفض فكرة تعدد الأصول , و يتوقف الكثير من براهين سميث على تأويل المعلومات بطريقة المقارنة مع المركز , و كمثال نرى أنه ينطلق من سؤال بناء الأهرامات , متى يكون الأهرام أهراما حقاً بالمعنى الحصري ؟ هل الأهرام المستخدم كقاعدة تبنى فوق المعبد كما هو الحال في المكسيك هو عنصر ثقافي مماثل للمبنى الهرمي الذي أنشئ كنصب لملك متوفى و خصص لكي يضم رفاته للأبد ؟ و إذا افترضنا وحدة أصل جميع الأهرامات فإن هذه الفرضية ستطبق على حالات أصغر فأصغر إلى الحد الذي تعتبر معه المصاطب الحجرية و التلول الأرضية في وادي الأوهايو هي بقايا أو أشكالاً هامشية من الأهرامات , إن تلك النظرة المتطرفة التي تهمل عناصر المكان و الزمان و تلغي قدرات الإنسان المبدعة جاعلة من الاقتباس المبدأ الوحيد للتغيير الثقافي أضعفت من نفوذ تلك النظرية بحيث لم تتعدى إنكلترا موطن منشؤها , و ثاني وجهات نظر تلك المدرسة هي ألمانية نمساوية : و هي نظرة أكثر عمقاً من التي سبقتها من أبرز مؤسسيها وولهم شميدث و فريتر جرايبنور الذين رفضوا فكرة المنشأ الواحد للحضارة و افترضوا وجود عدة مراكز حضارية أساسية في العالم نشأ عن التقائها نوع من الدوائر الثقافية حيث حصلت بعض عمليات الانصهار و التشكيلات المختلفة . أما وجهة النظر الثالثة فهي أميركية : عبر عنها فرانز بواس الذي أكد أن المسألة الأساسية التي يجب أن تعالج في دراسة الثقافة ليست حادثة الاحتكاك الثقافي بين شيئين بقدر معرفة ما هي نتائج هذا الاحتكاك الديناميكية المؤدية للتغير الثقافي , فاقتصرت تلك النظرة بالتأكيد على صفة الوقائع الدينامية للثقافة أكثر من إعادة تركيبها تركيباً وصفياً , و بذلك رفض هذا الاتجاه الزعم بعدم إمكانية التطور المستقل , و بأن الناس بطبيعتهم غير مبتكرين ,  و يؤكد بواس على أن تسجيل العناصر المتماثلة في ثقافات متباينة لا يمكن له أن يشكل بحد ذاته برهاناً مناسباً عن الاحتكاك التاريخي , بل يجب أن تتضمن التشابهات عناصر متماثلة مرتبطة فيما بينها بصورة متماثلة لكي تعتبر دليلاً على الانتشار , زد على ذلك أن هذا يجب أن يكون ضمن منطقة محدودة فقط حيث لا يصعب افتراض قيام الاتصال بين المقتبسين و المقتبس عنهم , و هكذا أكد هذا الاتجاه على ضرورة دراسة الثقافات اللاكتابية و اتباع طرق البحث الميداني ذي المعايير الدقيقة و ذلك من وجهة نظر أعضاء الجماعة المدروسة لا من وجهة نظر الأثنوغرافي بحيث شجع على دراسة اللغات الوطنية و استعمالها بالبحث , و بهذا يكون هذا الاتجاه قد دفع بالدراسة الميدانية للأنثروبيولوجيا دفعاً جديداً . كما دفع البحث الأنثروبيولوجي إلى تأكيد دراسة المجتمعات الأولية لذاتها لا كما نراها نحن , و هذا شجع على ظهور اتجاه جديد في الأنثروبيولوجيا قائم على إدخال الآليات النفسية في الدراسات الانثربيولوجية ممثلاً بمدرسة جديدة هي :
3-   المدرسة التاريخية النفسية : جاءت كرد فعل على المدرسة الانتشارية و الوظيفية و نزعتهما اللاتاريخية , حيث رأت بإمكانية فهم الثقافة عن طريق التاريخ إلى جانب الاستعانة ببعض مفاهيم علم النفس و بشكل خاص تقنيات التحليل النفسي , فوسعت روث بيندكت و هي من رواد هذه المدرسة المفهوم التاريخي بتطبيق مبادئ علم النفس بحيث غدت أي أية سمة من السمات الثقافية تضم مزيجاً عن النشاط السيكولوجي و الثقافي بالنسبة لعينة معينة من الجماعات , فالتاريخ عند بينديكت لا يكفي وحده لتفسير الثقافة لكون الثقافة مسألة معقدة تجمع بين التجربة التي اكتسبت عبر الزمن بالإضافة إلى التجارب و المكتسبات النفسية , و ربما كان من أهم الموضوعات التي ركز عليها أصحاب تلك المدرسة هي دراسة التميز بين الجماعات و الثقافات تبعاً للخصائص النفسية السائدة فيها , و ظهر نتيجة لذلك عدة دراسات عالجت موضوع الطابع القومي للشخصية و التي تهدف إلى تحليل و تفسير المقومات النفسية الرئيسة التي يتميز بها شعب دون آخر أو ثقافة دون أخرى , و من أهم الممارسات التطبيقية في هذا المجال نجد دراسة بنديكت بعنوان ( زهرة الكيزتنم و السيف ) في العام 1946 و التي تمثل دراسة للشخصية اليابانية , حيث كان لهذه الدراسة أهمية كبيرة في بلورة السياسة الأميركية نحو استسلام الجنود اليابانيون في نهاية الحرب العالمية الثانية في المحيط الهادي , فبناء على ما أوضحته الدراسة عن أهمية شخصية الإمبراطور كرمز مقدس في العقلية اليابانية و احترام الجنود الشديد للسلطة الحاكمة في شخص الإمبراطور أبقت الحكومة الأميركية على مركز الإمبراطور و طلبت منه أن يصدر تعليمات لجنوده بالاستسلام و هو ما تم و به حقن الكثير من الدماء . و يمكن القول أنه يرجع الفضل لهذه المدرسة في طرح فكرة تعدد الثقافات و كسر فكرة الاحتكار الثقافي لشعب من الشعوب أو مركز من المراكز , و عندهم نشأت فكرة النسبية الثقافية الذي لاقى رواجاً و قبولاً واسعاً في عصر سيطرت فيه النسبية الآنيشتاينية و جزبت الاهتمام النظري و الاستخدام العملي في العلوم الطبيعية . و هذا ساعد على ترسيخ ا لأساس الميداني البحثي المباشر للجماعات المدروسة التي عبرت عنه بشكل واضح المدرسة الوظيفية .
4-   المدرسة البنائية الوظيفية : تعود جذور هذه المدرسة لعالم الاجتماع الفرنسي اميل دوريكهايم الذي أكد على الدور الوظيفي لبعض المفاهيم الاجتماعية كالانتحار و الدين .. و في هذه المدرسة انتقل الأنثروبيولوجي من المنظر إلى الباحث الميداني فأصبح الباحث و المنظر شخص واحد , و غدا الباحث يحيا قيم الجماعة المدروسة و يعيش عاداتها و تقاليدها و يحترمها بغير تحيز , هذه كانت حال مؤسسي تلك المدرسة أمثال مالينوفسكي و راد كليف براون الذين لم ينطلقوا مثلاً كما انطلق فريزر واضع الأحد عشر مجلداً عن الطوطمية  حينما أجاب عن سؤال مفاده هل ذهب إلى المتوحشين فأجاب ( لقد جنبني الله ذلك ) . فقد ركزت الوظيفية على دراسة الثقافات كل على حدة في وقها و زمانها الحالي فرفضت المفهوم التاريخي الموجود في المدرسة التاريخية , و السبب من وجهة نظرهم أن العلم لا يهتم بتاريخ الظاهرة التي يبحثها قدر تركيزه على الكشف عن العلاقات القائمة بالفعل بين عناصر تلك الظاهرة ككل و علاقتها بغيرها من الظواهر الأخرى , و هذا يؤدي في النهاية إلى الوصول للقوانين التي تحكم الظاهرة المدروسة من ناحية تكوينها و أداؤها لوظيفتها . فالعنصر الثقافي لا يمكن فهمه عن طريق إعادة تكوين نشأته أو انتشاره بل من خلال وظيفته العملية الآنية , و عليه يترتب دراسة ثقافات الشعوب كل على حدة في إطار وضعها الحالي لا كما كانت عليه . و هكذا نلاحظ اتسام هذه المدرسة بالاتجاه اللاتاريخي و اللاتطوري , فالمجتمعات عبارة عن أنظمة طبيعية كل أجزاءها مترابطة العلاقات فيما بينها , كما أن كل جزء يقوم بوظيفته داخل شبكة متراصة من العلاقات التي لا بد منها للحفاظ على الكل الاجتماعي , و هذه الحياة الاجتماعية يمكن أن تصاغ بلغة قوانين علمية تسمح باستباق الأحداث و تداركها . , و قد تحدث براون عن الوظيفية قائلاً " إن مفهوم الوظيفية في تطبيقه على المجتمعات البشرية  مبني على التماثل القائم بين الحياة الاجتماعية و العضوية و الوظيفة هي ما يقدمه نشاط جزئي من مساهمة في النشاط الكلي , و بالتالي فإن وظيفة العرف المجتمعي المعين تحدد في مساهماته التي يقدمها للحياة المجتمعية بأسرها " و يصف مالينوفسكي الوظيفية بأنها " تهدف إلى تفسير الوقائع الانثربيولوجية في جميع مستويات تطورها بالوظيفة التي تؤديها و الدور الذي تلعبه في منظومة الثقافة بأكملها , و كيفية ارتباطها ببعضها داخل المنظومة , و كيفية ارتباط هذه المنظومة بالمحيط الطبيعي " .
و تؤكد الوظيفية على مفهوم البناء الاجتماعي الذي و كما عرفه براون يشتمل على ثلاثة مجموعات من الظواهر الاجتماعية هي : الجماعات الاجتماعية المستمرة في الوجود لفترة معينة من الزمن – و كل العلاقات الاجتماعية في المجتمعات الأولية – و ظواهر التنوع بين أفراد و جماعات ما حيث تحدد تلك الظواهر الأدوار الاجتماعية التي يقوم بها الجماعات و الجماعات في المجتمع الواحد . كما عرفه إيفانز بريتشارد بأنه الجماعات الاجتماعية المستمرة في الوجود لوقت كاف بحيث تستطيع الاحتفاظ بكيانها كجماعات رغم التغييرات التي تحدث للأفراد الذين يكونون تلك الجماعات . و يمكننا تقسيم البناء الاجتماعي العام إلى مجموعة من الأنساق الفرعية التي تتجلى فيها مجموعة من النظم , و من المتفق عليه حالياً بين الأنثروبولوجيين الاجتماعيين أن بنية البناء الاجتماعي تتألف من أربعة أنساق أساسية هي : النسق الاقتصادي ( نظام التبادل – نظم الملكية – نظم تقسيم العمل ) و النسق السياسي ( نظم الزعامة – نظم السلطة – نظم الجزاء – نظم القانون ) و النسق القرابي ( نظم الميراث – نظم الزواج و المصاهرة – نظم القرابة ) و النسق الديني ( نظم السحر و العرافة – نظم الدين و المعتقدات ) و قد ركزت الوظيفية على جانب التوازن بين هذه الأنساق في المجتمع مغفلة عوامل الصراع أو دراسة التغيير و عمليات الاتصال الثقافي , و حتى في معالجتهم للتغيير و التحديث نجدهم يركزون على التنافر الموجود مسبقاً و الذي يتحول بمرور الزمن إلى تجانس و انسجام , و لذلك نجدهم يتجهون لدراسة المجتمع أكثر من اتجاههم لدراسة الثقافة , فمثلاً هم لا يسعون إلى اكتشاف دلالة هذه القواعد بالنسبة للعلاقات القائمة  بين الجماعات , و لا ينظرون إلى عنصر اجتماعي معين إلا من خلال أداؤه لوظيفته , و هذا ما عبر عنه مالينوفسكي عندما رأى أن السستام الاجتماعي عبارة عن شبكة من التجريدات , و لعل مما يؤخذ على الوظيفية هو إهمالها لدور التاريخ حيث معرفة ماضي المجتمعات يظل عنصراً أساسياً يساعدنا على فهم أفضل لطبيعة حياته الاجتماعية الراهنة , و التاريخ لا يقتصر على دراسة تتابع الأحداث بل هو يمثل أيضاً عملية نمائية حيث أن الماضي يظل مستوعباً في الحاضر الذي يستوعب بدوره المستقبل , كما أخذ عليها الطابع السكوني التي عبرت به عن المجتمعات ناكرة إمكانيات التغيّر بشكل عام , بالإضافة إلى مزجها للظاهرات الاجتماعية بالظاهرات الطبيعية , و هذا ما أخذه عليها كلود ليفي شتراوس الذي أدخل الفلسفة البنيوية إلى الميدان الأنثروبيولوجي مؤسساً لمدرسة خاصة هي البنيوية .
5-   المدرسة البنيوية : و هي التي أكد فيها شتراوس على دور العقلانية العلمية في تأسيس الظاهرة الاجتماعية بوصفها واقعة علمية تقبل التحليل و الصياغة الرياضية الدقيقة , و على الرغم من التشابه العام الذي يجمع البنيوية بالوظيفية إلا أن الفارق الأساسي بينهما قائم على مفهوم البنية الاجتماعية التي هي عند شتراوس لا تؤخذ من الواقع التجريبي المباشر كما صرحت الوظيفية بل من النموذج العقلي الذي تكونه من الواقع المعاش , و عليه فالبنية ليست كامنة في الموضوع , بل ماثلة في صميم المطلب العقلي الذي يريد إدخال الكثرة التجريبية تحت نظام أو نسق , فالبنية لا تمثل الواقع التجريبي الذي تمدنا به الملاحظة السطحية البحتة , بل الواقع العملي غير الظاهر و الذي لا بد من الكشف عنه فيما وراء المعطيات المباشرة , و هكذا نجد أن أساس البحث عند شتراوس هو فيما وراء العلاقات اليقينية أي البحث عن تلك البنية اللاشعورية و التي لا يمكن الوصول إليها إلا بفضل عملية بناء استنباطي لبعض النماذج المجرّدة , و هذا ما جعله يحمل على النزعة الوظيفية التي اقتصرت على النظرة الواقعية الصرفة للنظم الاجتماعية لإبراز ما فيها من جوانب وظيفية دون الاهتمام ببناء فكرة عقلية تتكفل بتفسير البنية الكامنة خلف المظهر السطحي للظواهر ,  فالمجتمع يتحول من جهاز عضوي متكامل في الوظيفية إلى مجموعة من العلاقات الرياضية المجردة في البنيوية , و بالتالي فإن مفهوم البنية الاجتماعية لا يستند عند شتراوس إلى الواقع التجريبي بل إلى النماذج النظرية الموضوعة بمقتضى هذا الواقع , و قد توصل من خلال ذلك إلى مبدأين أساسيين : أولهما أن ما نسميه باسم المجتمعات البدائية إنما هي في الحقيقة بالغة التعقيد . و ثانيهما أن ليس ثمة إنسان طبيعي من طبيعة الإنسان دائماً أن يتمثل الطبيعة على شكل ثقافة , و معنى هذا أنه ليس أمعن بالخطأ من التوحيد بين العقلية البدائية و عقلية الطفل , و أصل تعدد الثقافات إنما يعود إلى ما يمتلكه العقل من قدرة كبيرة على التأليف و التركيب و التحول انطلاقا من مبادئ و علاقات ضرورية محددة على غرار ما هو عليه الأمر في اللغة التي أعطاها شتراوس أهمية بالغة و اعتبرها أحد الأركان الأساسية للأنثروبيولوجيا , فاللغة هي الخاصية الرئيسية التي تميز الإنسان عن بقية الكائنات الحية و عن طريقها يمكن فهم كل صور الحياة الاجتماعية , ولذلك نراه يعطي الكلمة أو الدال في تحليله للثقافات أكثر مما يعطي للشيء المعني أو المدلول خاصة و إن الدال الواحد قد يكون له مدلولات مختلفة , و يبرهن شتراوس على أهمية أخذه للنموذج اللاشعوري على اعتبار أن النماذج الشعورية التي تسمى عادة بالمعايير تعد من أفقر النماذج بسبب وظيفتها القائمة على تخليد المعتقدات و العادات بدلاً من تبيان دوافعها , و اللاشعور عند شتراوس مختلف عن اللاشعور عند فرويد فهو عند الأول لا يمثل القطب المضاد للشعور بل هو يكون ماهية الواقع الاجتماعي من حيث هو تبادل و تواصل متخذاً بصورة مباشرة طابع النظام الرمزي بما له من مقومات لا شخصية و لا زمانية .
و يرفض شتراوس تماماً مبدأ التاريخية رافضاً فكرة تكون العقل البشري الارتقائي ما دام من شأن هذه الفكرة أن تستلزم القول بمرور العقل البشري عبر مراحل تطورية متعاقبة و حدوث تغييرات جذرية أو انقلابات حاسمة في طريقة إدراك الفكر للعالم , فالعقل البشري عند شتراوس واحداً عبر تاريخه , و رغم المحاولات الحثيثة التي قام بها شتراوس محاولاً التقريب بين السحر و العلم إلا أن طروحاته ظلت ضمن الإطار الافتراضي دون أن يكون باستطاعته الزعم أنها وليدة تحقيق علمي محض , و رغم أنه لا يرفض فكرة التقدم إلا أنه يتصورها على شكل طفرات منفصلة يقول عنها أنها ليست ضرورية و لا مستمرة بل هي أشبه ما تكون بتراكمات لضربات الحظ السعيد , و بالتالي يغدو التطور أشبه بمجموعة من ألعاب الحظ و كأن المسألة هب تجمع عدد كبير من المعطيات التي يزداد تراكمها احتمال حدوث عدد أكبر من الصدف السعيدة و أما الرابح فهو مجموع البشرية لأنها هي التي تزداد غنى و ثراء . و الواقع إن ولع شتراوس بالرياضيات الوصفية و استعماله لتقنيات علم اللغة و الرفض القاطع للتطورية  و مفهوم العقل البدائي بدقة غير معهودة من قبله جعله يخطو خطوة هامة من خطوات البحث الأنثروبيولوجي , و مما لا يمكن نكرانه حالياً أنه لا يمكن الحديث عن الأساطير أو أنظمة القرابة دون الرجوع إليه و نظرته البنيوية العميقة .
و هكذا يتبين لنا كيف استطاعت الأنثروبيولوجيا كعلم  تهذيب نظرتنا للآخر و هي و إن بدأت بشكل مثير للريبة إلا أنها ما لبثت أن تجاوزت عوامل نشأتها لتنظر للإنسان كإنسان دون النظر إلى أي اعتبار آخر و الرسالة التي تنقلها إلينا تقول بأن خطأنا في رفض الآخر لا يقل عن خطأ رفض الآخر إلينا . و أختم محاضرتي بقول شتراوس :" إن الأنثروبيولوجيا تبحث عن إلهامها داخل أشد المجتمعات تواضعاً و عرضة للازدراء , و هي تؤكد على عدم وجود شئ مما هو بشري يمكن أن يكون غريباً عن الإنسان , و هي إذ تجند مناهج و تقنيات مستمدة من جميع العلوم لوضعها في خدمة معرفة الإنسان , تدعو إلى مصالحة بين الإنسان و نفسه , و بينه و بين الطبيعة في أنسية معممة "

14
الأنثروبيولوجيا هي مصطلح مركب من مقطعين باللغة اليونانية هما ( أنثروس ) و تعني إنسان و ( لوجيا ) و تعني علم و بهذا فهي تعني علم الإنسان أو المعرفة المنظمة عن الإنسان , و هي تجمع في علم واحد الجوانب البيولوجية و الاجتماعية و الثقافية للإنسان و ميدان الدراسة الأساسي لها هو الجماعات أو المجتمعات التي تدعى بالبدائية و إن كان هذا الميدان اتسع في الفترة الأخيرة بحيث أصبح يشمل دراسة المجتمعات العليا القديمة و بتأثير المدرسة الثقافية الأميركية ازداد المجال اتساعاً ليشمل مجتمعات أوروبية الأصل تعيش في ظروف تكنولوجية حديثة , و بالتالي أصبحت تدرس الأنماط الحضارية ذات الطابع المعاصر و القديم و الأولي و المدني , كما تدرس المجتمعات الحديثة في الريف و المدينة و تأثير الهجرات في التركيبات الحضارية الثقافية المعاصرة . و من الناحية الاصطلاحية نجد تصورين أساسيين لهذا العلم , التصور الأول هو التصور الأميركي الذي ينظر للأنثروبيولوجيا كعلم يهتم بدراسة الإنسان من الناحيتين العضوية و الثقافية  على حد سواء و يستخدم الأميركيون مصطلح الأنثروبيولوجيا الجسمية أو الفيزيقية للإشارة إلى دراسة الجانب العضوي التطوري الحيوي للإنسان , بينما يستخدمون مصطلح الأنثروبيولوجيا الثقافية لمجموع التخصصات التي تدرس النواحي الثقافية و الاجتماعية لحياة الإنسان يدخل في ذلك الدراسات المتعلقة بالإنسان القديم ( الأركولوجيا ) , كما تتناول الأنثروبيولوجيا الثقافية دراسة لغات الشعوب الأولية و اللهجات المحلية و التأثيرات المتبادلة بين اللغة و الثقافة بصفة عامة و ذلك في إطار ما يعرف بعلم اللغة .
أما التصور الأوروبي للإنثروبولوجيا فهو مختلف بين بلد و آخر , فقد كان يقصد بالأنثروبيولوجيا حتى عهد( كانت  ) دراسة التاريخ الطبيعي للإنسان حيث اتسعت في أوروبا موضوعات الأنثروبيولوجيا بهذا المعنى و تنوعت لتشمل الدراسات المقارنة بين الإنسان و الحيوان و بين السلالات البشرية بل و حتى الدراسة المقارنة بين الذكور و الإناث و صلة ذلك بالأدوار الاجتماعية .و قد اصطلح الفرنسيون على الأنثروبيولوجيا الاجتماعية بالأثنولوجيا و الأثنوغرافية و هم يدرسونها تحت مظلة علم الاجتماع , أما الإنكليز فأسموها بالأنثروبيولوجيا الاجتماعية و تعاملوا معها كعلم قائم بذاته لا يدرج تحته أي من الأركولوجيا أو علم اللغويات و هذا ما ساعدهم على وضع نماذج نظرية تشرح أبنية المجتمعات و تفسّر الآليات و الوظائف التي تساعد على استمرارية الحياة الاجتماعية و تماسكها , و بهذا خرج إلى الوجود ما يشار إليه مثلاً بأنثروبيولوجيا القرابة أو الدين أو الاقتصاد أو النظم السياسية و غير ذلك مما يسير ضمن إطار الانثروبيولوجيا الاجتماعية . و هكذا فالانثروبيولوجيا الاجتماعية في إنكلترا و إلى حد ما في أميركا استعملت للدلالة على فرع معين من الأنثروبيولوجيا التي تعنى بدراسة الإنسان ثقافياً و اجتماعياً , أما في أوروبا فالقاموس اللفظي مختلف , فعندما يتحدث الأوروبيون عن الأنثروبيولوجيا فهم يذهبون إلى ما يسميه الإنكليز الأنثروبيولوجيا الفيزيقية الحيوية أما ما يسميه الإنكليز بالأنثروبيولوجيا الاجتماعية يسمى في أوروبا بالأثنولوجيا أو بالاجتماعيات . و بشكل علم يمكن تقسيم الأنثروبيولوجيا إلى فرعين رئيسيين يتشعب عنهما مجموعة كبيرة من الفروع الأخرى , الفرع الأول هو الأنثروبيولوجيا الحيوية أو الفيزيقية أو الطبيعية , و هي فرع قديم ظهر في أواخر القرن الثامن عشر تحت تأثير الأفكار الداروينية و هو يهتم بدراسة الإنسان من حيث سماته الجسمية و التشريحية كشكل الجمجمة و طول القامة , كما يدرس الإنسان في نشأته الأولى و في تطوره عن الرئيسيات و في كيفية اكتسابه السمات و الخصائص السلالية التي تميزه عن غيره من الأجناس و الأنواع الحيوانية . أما الفرع الثاني فهو الأنثروبيولوجيا الثقافية ( بشقيها الاجتماعي و الثقافي )  وهي تهتم بدراسة منتجات الإنسان الثقافية على اعتبار أنه نوع يتميز عن بقية الأنواع الحيوانية بالثقافة و هذا الفرع تندرج تحته مجموعة من المباحث الأساسية هي علم اللغويات الأنثروبولوجية التي تقوم بدراسة اللغات و تاريخها دراسة بحثية وصفية بغية تحديد أصول اللغات الإنسانية بالإضافة للأنثروبيولوجيا الاجتماعية التي تنقسم بدورها إلى عدة فروع سياسية و قانونية و اقتصادية و دينية … الخ , ثم هناك علم الآثار و ما قبل التاريخ الذي يحاول دراسة أسلوب تطور تفكير الإنسان القديم من خلال مخلفاته الأثرية المختلفة و طرق تطويرها . ومن هذا التيار يمكننا الحديث عن تياران أساسيان هما الأنثروبيولوجيا الاجتماعية و الأنثروبيولوجيا الثقافية , الأولى تهتم بدراسة المجتمعات البسيطة الصغيرة التي يمكن فيها فهم دراسة العلاقة بين النظم الاجتماعية جميعاً , و لذلك بدأ هذا الفرع بدراسة المجتمعات الأولية صغيرة الحجم ذات النسيج الاجتماعي المحدود و المتكامل , و الذي يمتاز ببساطة الفنون و الآلية الاقتصادية و قلة التخصص في الوظائف الاجتماعية , وهذا الاتجاه ساد في إنكلترا بشكل خاص . أما الأنثروبيولوجيا الثقافية فهي بشكل خاص تهتم بالسلوك التقليدي للبشر في السياق الاجتماعي حيث تدرس أنساق الحكم و السلوك لدى الجماعات بدءً من المجتمعات الأولية ذات التكنولوجيا البسيطة وصولاً إلى المجتمعات الأكثر تنظيماً , و على ذلك إذا كانت الانثروبيولوجيا الاجتماعية قد نظرت للإنسان الشامل من خلال نتاجاته فإن نظيرتها الثقافية نظرت للإنسان انطلاقاً من تصوراته  و إذا كانت الأنثروبيولوجيا الاجتماعية تركز على العنصر البشري كالعلاقات الشخصية و العلاقات القائمة بين البشر داخل الجماعات فإن نظيرتها الثقافية تركز على الإنجاز الخلاّق و الأهداف و الأفكار التي يتم توضيحها و نقلها من جيل لآخر .و هذا الفرع من الانثروبيولوجيا نجده قد ساد في الولايات المتحدة الأميركية .  أما من الناحية المنهجية فإن الأنثروبيولوجيا تقسم إلى فرعين أساسين هما الأثنوغرافية و الأثنولوجيا : و كلمة أثنوغرافية تعود إلى المؤرخ الألماني  (ب . ج . نيبور ) عام 1810 و هي تعني الدراسة الوصفية لأسلوب الحياة و مجموعة التقاليد و العادات و القيم و الأدوات و الفنون و المأثورات الشعبية لدى جماعة أو مجتمع معين خلال فترة زمنية محددة , أما الأثنولوجيا و هي كلمة ظهرت سنة 1787 على يد عالم الأخلاق  (دوشوفان ) فهي تهتم بالدراسة التحليلية و المقارنة للمادة الأثنوغرافية بهدف الوصول إلى تصورات نظرية و تعميمات بصدد مختلف النظم  الاجتماعية الإنسانية و بهذا تكون الأثنولوجيا هي نظرية الأثنوغرافية , فإذا كانت الأثنوغرافية كالتاريخ تعتمد على الاستقصاء و صياغة المواد , فإن الأثنولوجيا كعلم الاجتماع تحلل و تبرز النماذج المقامة على أساس الوثائق الأثنوغرافية هادفة القيام بتركيب ثلاثي , الأول بيئي يقارن مكانياً بين الجماعات السكانية المتجاورة , و الثاني تاريخي زماني يضع الحوادث الرئيسية الخاصة بجماعة معينة في ديمومة الزمان , و الثالث منهجي يتوصل من خلاله إلى تفسير نمط من التقنيات و المؤسسات أو المواقف المتعلقة بجماعة ما , و الأنثروبيولوجيا وفقاً لذلك هي العلم الذي يقود إلى درجة أعلى من التعميم لأنها تطمح إلى تحقيق المعرفة الشاملة عن الإنسان منذ بداياته حتى الوقت الحالي , و هكذا تغدو علاقة الأثنوغرافية بالأثنولوجيا هي نفس العلاقة بين الأثنولوجيا و الأنثروبيولوجيا حيث ترتبط الأولى بالطابع الميداني التحليلي و الثانية بالطابع النظري التوثيقي التركيبي و الثالثة أعم تشمل الاثنين معاً لتقدم نظرة شاملة و عمومية , بحيث لا يمكننا اليوم التحدث عن بحث أنثروبيولوجي بالمعنى الأكاديمي دون أن يكون قد مر بتلك المراحل الثلاث .
و عن تلك التقسيمات و المراحل نشأت المدارس الأنثروبولوجية المختلفة و التي تقسم حسب النشوء التاريخي إلى المدارس التالية :
1-   المدرسة التطورية : و هي أقدم و أول المدارس الأنثروبولوجية و كان يسود على روادها الطابع النظري المحض الذي لا يرافقه البحث الميداني المطلوب في العمل الأنثروبيولوجي , و إذا ما حاولنا تقصي الإرهاصات التي سبقت تلك المدرسة يمكننا ذكر كتابات هامة ذات طابع أنثروبيولوجي مهدت لنشوء تلك المدرسة , فمنذ القرن الثامن عشر جاءنا مونتسيكو بكتابه 0 روح الشرائع ) الذي يعتبر أول بحث يقوم بدراسة أنثروبيولوجيا تقوم على أساس المقارنة بين الشعوب بحسب مواقعها الجغرافية و المناخية المختلفة , و هو يؤكد بأن التغيير الذي لا يأخذ بعين الاعتبار عادات و تقاليد الجماعة الموروثة لا بد و أن يفشل و الإصلاح لا يكون إلا بغرس عادات و تقاليد جديدة يوجهها المصلحون و يعملون على نشوءها و تطورها , و كذلك تشكل دراسات جان جاك روسو ركيزة هامة في تاريخ الأنثروبيولوجيا نظراً لما تتضمنه من تناول للمادة الأثنوغرافية عن الشعوب المكتشفة في إطار المقارنة بينها و بين المجتمعات الأوروبية حيث استطاع أن يخلص نفسه من التحيز الثقافي لمجتمعه منتقداً قيمه و مشيداً بطرق حياة الشعوب في المجتمعات الأخرى . و في القرن التاسع عشر ظهرت الانثروبيولوجيا كعلم مستقل مع كتّاب أمثال دالمبير و كوندروسه و تورغو ثم سان سيمون و تلميذه الذي اختلف معه فيما بعد أوجست كونت ,  ففي مؤلفات هؤلاء نجد الأسس النظرية لعلم الأنثروبيولوجيا كما صيغت فيما بعد بحيث كانوا الآباء المؤسسون لأول مفهوم نظري للأنثروبيولوجيا مثلته المدرسة التطورية التي صاغها مجموعة كبيرة من الباحثين نشروا الكتب الأثنولوجية تباعاً في كل من فرنسا و ألمانيا و إنكلترا و أميركا , من تلك الكتب نذكر كتاب المدينة القديمة للفرنسي فوستيل دو كولين عام 1864 , ثم كتاب الإنكليزي إدوارد تايلور الثقافة البدائية عام 1871 , ثم كتاب المجتمع القديم للأميركي لويس مورجان سنة 1877 , ثم كتاب أصل العائلة و الملكية الخاصة و الدولة للألماني فريدريك أنجلز سنة 1884 , و أخيراً و ليس آخراً نذكر الكتاب الشهير – الغصن الذهبي – للإنكليزي جيمس فريزر الذي ظهر جزءه الأول في العام 1890 . و تعكس تلك المؤلفات اهتماما مركزاً حول اتجاه فكري معين ساد إبان هذه الفترة و دفع بالأنثروبيولوجيا دفعة جديدة من حيث تركيزها على الدراسات الأثنولوجية حيث نشأ مفهوم التطورية الثقافية كمرادف لمفهوم التطورية الطبيعية التي جاء بها داروين في كتابه الشهير أصل الأنواع , و بالتالي فإن الفكرة الأساسية لتلك المدرسة تقوم على مفهوم التطور الثقافي على أساس أنه لا يمكن فهم العقل الإنساني إلا بربطة بالتاريخ الذي من خلاله فقط يمكن فهم الحياة الإنسانية و الوصول إلى القوانين التي تحكم مسارها , فتاريخ البشر واحد على أساس وحدة الفكر الإنساني أما الفروقات الثقافية فهي وليدة ظروف تاريخية معينة , وعليه تكون المجتمعات وجود متجانس و متواصل مؤلف من طبقات تطورية و أقسام متوازية يسير فيها التطور حتماً وفق خط مستقيم لا بد على جميع المجتمعات أن تمر به , فالتاريخ خطي المسير و ذا شكل موحد في نشأته و تجاربه و تقدمه و هو ينتقل وفق درجات متتالية للتطور بحيث تكون كل درجة وليدة سابقتها و مساهمة في تشكيل تاريخ ما بعدها , وهذا بالطبع يفترض وجود وحدة سيكولوجية بين جميع البشر على اختلاف ثقافاتهم , لقد تحدث مورجان قائلاً " يتحدد الذكاء بالاختراع و الاكتشاف و تطور القانون الاجتماعي و مفهوم الأسرة و الملكية و يكون التطور بمقدار عملية إنتاج أو تطور إنتاج شروط حياة الإنسان المادية و الذهنية " و هذا بالطبع يقود لفكرة شكلت محور ذهنية تلك المدرسة  , تلك الفكرة تقول بحتمية نهاية العصور القديمة لصالح مفاهيم العصور الأحدث بحيث تقوم الفكرة التطورية على إحداث قطيعة بين الثقافات الأولية و الثقافات العلمية , فالثقافات البدائية تدرك نظرياً بالتحليل على اعتبارها بقايا أو عقلنه ميتة و بالتالي يجب أن تختفي من الحياة العملية و الممارسة و ذلك كما قال تايلور " بسبب ترابطها مع المراحل المتدنية من تاريخ البشر العقلي " , وهذا يقود بدورة إلى إيديولوجيا قوامها مفهوم التماثل التي نادت و روجت لها تلك المدرسة و هذا المصطلح يعني ضرورة أن تماثل الشعوب البدائية أو الأقل تحضراً الشعوب المتمدنة و الحضارية و ذلك يكون بأن ينشر لواء المدنية لدى تلك الشعوب بالقضاء على إرثها المتخلف و حملها على الرقي المدني الذي يوحد مفهوم التطور البشري , كما يلاحظ على من يطّلع على مختلف مؤلفات باحثي تلك المدرسة مدى الأهمية التي يعلقونها على ما كان يسميه تايلور بالرواسب الاجتماعية التي تقارن بالأعضاء النافلة عند بعض الكائنات الحية أو الحروف الخرساء في بعض الكلمات , فهذه الرواسب لا تلعب أي دور أو وظيفة أساسية و إن كان لها وظيفة فهي ثانوية و مختلفة كل الاختلاف عن الوظيفة الأساسية و هذه الرواسب لا تعدو أن تكون بقايا زمن منصرم و هي التي تقدم الدليل على أن هذه السلسلة من المراحل الاجتماعية كانت في الواقع سلسلة تاريخية ,  و إذا ما تمكنا حسب تلك النظرة من تحديد النسق الذي تم بموجبه تتابع تلك المراحل يبقى علينا أن نسعى إلى تحديد المؤثرات التي ولدّت الانتقال من مرحلة إلى أخرى , فهذا مورغان يدعي أن النظام التصنيفي لقاموس ألفاظ القربى ( التي تطلق لفظ أبي على من هو من جيل أبيه و كذلك كلمة أمي على من هم من جيل أمه ) تدل على أن أعضاء تلك الجماعات الغابرة كانوا قد عاشوا قبل ذلك في حالة من الاختلاط الجنسي أو حالة شبيهة بها , كما أدخل مكلينان و هو من رواد تلك المدرسة مفاهيم الزواج و الطقوس المرافقة له كرواسب تشير إلى مرحلة مبكرة من التطور , و كذلك نجد رائد آخر هو الفيلسوف الاجتماعي سبنسر  الذي أدخل المفهوم ألد ارويني على المجتمع مع فارق بسيط هو تأكيده على أن التطور الاجتماعي ناتج عن وراثة قدرات مكتسبة لا عن الانتخاب الطبيعي , و كذلك عبر كونت عن قانون الحالات الثلاث ( الحالة اللاهوتية فالحالة الميتافيزيقية فالحالة الوضعية ) التي تصاحب كل المجتمعات البشرية , و هذا على نحو قريب مما عبر عنه مورغان و أنجلز بالمراحل الثلاث للتطور البشري ( الوحشية فالبربرية فالحضارة ) و كذلك فريزر عندما قسم تاريخ الفكر وفق ثلاث مراحل ( السحر – الدين – العلم ) .
بمثل هذا  المنهج ألد ارويني سعى باحثي تلك الفترة إلى دراسة كافة مفاهيم المجتمع الإنساني المختلفة من دين و فن و علم و أدب و سياسة .... , و لا يمكن إنكار أن تلك المجموعة من الباحثين قد قدمت معلومات هامة التي ساهمت و دعمت فيما بعد إرساء أسس الأنثروبيولوجيا حيث يعتبر باحثين أمثال مكلينان و تايلور و مورجان من أوائل من نظروا إلى دراسة المجتمعات الأولية كموضوع جدي يمكن للعلماء أن يقصروا عليه إهتمامهم , كما كانوا شديدي الرغبة بتخليص دراسة النظم الاجتماعية من التفكير النظري رغم عدم ابتعاد معظمهم عن ذلك النمط من التفكير , كذلك فقد أسهموا في إدخال الكثير من الدراسات و الموضوعات إلى المجال العام للأنثروبيولوجيا كمورجان الذي أدخل الدراسة المقارنة لنظم القرابة و ماكلينان الذي أو ضح دور النظام الأمومي و مفهوم الطوطمية و فريزر الذي برهن على عمومية المعتقدات السحرية و جمع العديد من الأمثلة عن النظام الإلهي و المقدس , و تايلور الذي برهن على عمومية المعتقدات الحيوية و أدخل كلمة أنيميزم إلى المصطلحات الانثروبيولوجية . و لكن هذا لم يمنع تلك المدرسة تقع بمجموعة من الأخطاء جعلت الكثير من الباحثين ينتقدونها بشدة , فقد وجه إليها الكثير من التحفظات و الانتقادات التي تتميز بالحدة و الصواب منذ لووي و بواس انتهاءً بليفي شتراوس و بالانديه , حيث وضع موضع الشك مبدؤها القائل بالتقدم وفق المسار الخطي وحيد الاتجاه من المجتمع البدائي البسيط إلى المجتمع العصري المعقّد , دون الأخذ بعين الاعتبار عوامل الزمان و المكان الهامة جداً في دراسة ديناميكية الثقافة , فتطور الإنسان ليس مسألة علم حياة و حسب , بل هو ترابط خصائص الإنسان الفيزيائية و الثقافية حيث تؤثر كل واحدة بالأخرى , و المنظور الإنساني لا يكف عن كونه جدل مستمر بين البيولوجيا و الثقافة , و قد تحطمت على أيدي أقطاب المدرسة الأميركية في الأنثروبيولوجيا الثقافية أمثال بنديكت و هرسكوفيتز فكرة الثقافة وحيدة الاتجاه حيث تساءل هرسكوفيتز قائلاً " كيف يمكن إطلاق أحكام قيم على هذه الثقافة أو تلك ما دامت هذه الأحكام مؤسسة على التجربة , و ما دام كل فرد يؤول التجربة في حدود تثقيفه الخاص " . و المشكلة الأساسية كانت في اعتماد التطوريين على مزيج من المعلومات الخاطئة و الغير دقيقة جمعها الرحالة و المبشرون و التجار , و بالتالي اعتمادهم على التاريخ الظني و التخميني بحيث لم يستطيعوا تقديم تفسير واضح عن فكرة التطور الموازي للثقافة , فكيف يمكن تفسير التطور غير المتوازي بين الشعوب و الثقافات ؟ و إذا افترضنا بصحة الفكرة القائلة بوحدة التكوين الفيزيولوجي السيكولوجي للإنسان فهل يمكن القول أن مجتمع الأسكيمو قد انتقل من مرحلة الصيد إلى الزراعة المنظمة على النحو الذي نجده في مصر و الشرق الأوسط ؟ و بهذا نرى أن الأساس الأثنولوجي لهذه المدرسة لم يكن متيناً و لم يجمعه أثنولوجيون مختصون , هذا الأمر دفع إلى قيام بعض الباحثين المتأثرين بأفكار تلك المدرسة بمحاولة لتحسين مفاهيمها و تعديلها و ذلك ما عرف بإسم التطورية الجديدة , فبعد الحرب العالمية الثانية قام مجموعة من الإثنولوجيين يتقدمهم ليزي هوايت و جوليان ستيوارد  بمحاولة لاعادة إحياء تلك المدرسة , و على الرغم من أن تساؤلاتهم جاءت متشابهة إلى حد كبير مع الخطوط العريضة و الأساسية لأفكر سابقيهم إلا أنهم أضافوا إليها بعض التعديلات المتعلقة بميكانيزمات التغيير و آلياته , فهوايت تحدث عن مراحل تطور الثقافة كما لو كانت مرتحل كلية عامة تميزها الخبرة الإنسانية المتراكمة و هو يرى أن الثقافة تنمو و ترقى وفقاً لإزدياد كمية الطاقة وفق المعادلة التالية : P=E*T  حيث E  هي الطاقة و T  التكنولوجيا و P   النظم الأساسية للثقافة , و عليه إن المضمون التكنولوجي في ثقافة ما هو الذي يحدد الكيان الاجتماعي و الاتجاهات التكنولوجية لها , و يستدل هوايت أنه في المجتمعات التي يستخدم أفرادها قدراً محدوداً من الطاقة تنشأ عندهم نظم سياسية و دينية و اقتصادية أقل و أكثر بساطة من تلك المجتمعات التي تتنوع و تكثر فيها استخدامات الطاقة , و قد مهدت تلك الأبحاث إلى ظهور تخصص جديد في الأثنولوجيا يتناول العلاقة المتبادلة بين البيئة و الثقافة عرف باسم الإيكولوجيا الثقافية . و قد انتقد شتراوس نظرية هوايت قائلاً : " يبدو أن التطورية الجديدة التي ذهب إليها هوايت عاجزة هي الأخرى عن تذليل الصعوبات التي تعترض التطورية الكلاسيكية عموماً , فإذا كان المعيار الضابط الذي اقترحه هو معدل الطاقة المتوفرة للفرد الواحد لكل مجتمع يستجيب لمثال من المثل قد يبدو مقبولاً في بعض مراحل الحضارة الغربية و في عدد من جوانبها , فإن المرء لا يرى كيف يمكن تطبيق هذا العامل المحدد على الأغلبية الساحقة من المجتمعات البشرية حيث تبدو هذه المقولة المقترحة لا تتخذ فوق ذلك أية دلالة على الإطلاق , فالأسكيمو يعتبرون من كبار التقنيين و مع ذلك هم من صغار الاجتماعيين , على العكس من سكان أستراليا الأصليين الذين يعتبرون من كبار الاجتماعيين و صغار التقنيين ." و هكذا فإن الانتقاد المتسارع للتطورية بشقيها ساهم بمحاولة تجاوز تلك المدرسة و تقديم مفاهيم مختلفة كلياً عن مفاهيمها و هذا ساهم بدورة في نشوء مدارس أخرى أكثر حداثة نذكر منها .

15
منتدى الاحياء العام / نشوء الحياة على الأرض ....3
« في: يونيو 18, 2003, 08:34:07 صباحاً »
إذا ما تابعنا مشوارنا التطوري للحياة مطبقين المبدأ المذكور نجد بأن الخلايا البدائية الأولى قد عانت من أزمة خطيرة هددت وجودها بالخطر هذه الأزمة هي أزمة الغذاء فقد كانت الخلايا تستمد غذاءها من موادها نفسها بمعنى أنها كانت تستمد الأساس الطاقي لها مما هو متوفر في محيطها من الجزيئات الكبيرة المشكلة بطريقة لاعضوية و هنا فقد واجه ذلك التركيب نهم الخلايا المتشكلة و هنا بدأت مشكلة الغذاء و الصراع التكيفي الأول و يمكنا إيجاز الحل الذي تم في هذه المرحلة وفق ما يلي : كانت هناك مع مجموعة الخلايا المتشكلة خلايا احتوت بالصدفة على جزيئات البورفيرين الموجودة بكثرة في المحيطات الأولى هذا الجزيء يحتوي على خاصية راتعة هي امتصاص الضوء الشمسي و تحويله إلى طاقة و من هنا نفهم أن الخلايا الحاوية على هذا الجزيء بدأت أول عملية تكيفية بحيث أنها بدأت تحضر غذاءها وفق مبدأ الاكتفاء الذاتي أي مكتفية بما يرد إليها من ضوء الشمس , أما الخلايا التي لم تكن تحتوي على مثل هذه الجزيئة فقد وجدت نفسها في صراع مصيري من أجل البقاء و بالتالي فقد بدأ بعضها الذي لم يموت بالتهام بعض خلايا البورفيرين التي يبدو بأن بعضها لم يمت في الخلية البالعة بل ظل يقوم بعملية التركيب الضوئي ليحدث تكامل بين الخليتين ( و لعل هذا كان أول انفصال بيولوجي كبير بين مملكتي النبات و الحيوان ) . و الواقع البيولوجي التكيفي الهام الثاني الذي ساهم في دفع عملية التطور هو ظهور الخلايا المتحركة , فقد كان الكثير من وحيدات الخلية النباتية ذات طابع حركي و هذا بدوره فرض على الخلايا المفترسة أن تكون متحركة لتأمين غذائها و إلا انقرضت و في هذه المرحلة أيضاً مات عدد لا حصر له من الخلايا التي لا تسمح لها مؤهلاتها التكيف مع هذه الخصائص المتبدلة بينما تمكنت بعض الخلايا القليلة الأخرى من الاستمرار حين تحولت بالوقت المناسب عبر أداة مكنتها من الحركة السريعة و المطاردة و هذه الأداة هي الهديبيات الحركية و هذه العضية أيضاً لم تحصل عليها الخلية شيئاً فشيئاً و إنما أخذتها كقوة جاهزة وفقاً لمبدأ التعاون المتبادل حيث وجدت الخلية الجائعة التي علقت على سطحها الخارجي حلزية شعرية لأول مرة وجدت نفسها فجأة تتحرك بسرعة كافية لمنحها فرص أكبر في الغذاء . و بعد تلك المرحلة التكيفية تعرض الوجود البيولوجي خطر جديد محدق هدد وجوده تمثل بتغير الوسط الناتج عن زيادة نسبة الأوكسجين في الجو نتيجة عمليات التركيب الضوئي التي قامت به الخلايا النباتية المخضرّة و في هذا الصدد قالت عالمة الأحياء الأميركية لين مارجوليس " إن الغاز الذي أنتجته البكتريا الزرقاء ( و المقصود هنا الخلايا البورفيرينية ) قد غيّر العالم "  و من هنا جاءت أهمية جسيمات جديدة هي الجسيمات الكوندرية التي مثلت الرد المناسب على خطر قاتل هدد الوجود البيولوجي على الكوكب و قد كان رد الخلايا الحية على هذا التحدي الأكسجيني الجديد مشابهاً بالخطوط العريضة لما حصل في حالات سابقة حيث ظهر طراز جديد من الخلايا و كان الطراز هذه المرة هو البكتريات التي تمكنت بواسطة أنزيمات لم تكن معروفة من حماية نفسها من هذا الغاز الجوي الجديد و عبر الصراع التكيفي و انهيار الخلايا غير المتكيفة استطاعت الخلايا المتكيفة من أن تستغل النشاط الكيميائي الكبير للأوكسجين بما يخدم مصالحها و هذا ما كان ليحدث لولا وجود الجسيمات التعاونية التي رافقت الخلايا المتكيفة أي الجسيمات الكوندرية التي اعتبرت الأساس الأولي لنشوء كافة الأحياء التي تعتمد مبدأ التنفس , و قد وصلنا إلى تلك المرحلة منذ حوالي المليار سنة حيث و عند هذه النقطة نرى وجود خلايا محتوية على نواة و تجهيزات داخلية ( عضيات ) عالية التخصص .
q   متعددات الخلايا و نشوء الأنواع : قلنا أنه عند تاريخ التأقلم مع الأكسجين تكاثرت في البحار أعداد كبيرة من وحيدات الخلايا المتخصصة غير أن الشروط الكيميائية و الفيزيائية حالت من ناحية أخرى دون حصول الانقسام الخليوي ( أي تشكل كثيرات الخلايا ) و بالتالي تضاعف جزيئات      DNA  بلا أخطاء كما أن الأشعة المتحررة من التفكك الإشعاعي في الطبيعة الأرضية و الأشعة الكونية أدت إلى حصول تشوهات صبغية طفيفة و قليلة في   DNA الخلية و بذلك تغير معنى الرسالة الواجب على هذه الجزيئات نقلها بمقادير قليلة و لكنها اعتباطية , و هكذا نشأت الطفرات التي و من خلال لعبة متبادلة مع المحيط قامت بعملية التطور البيولوجي .
أما عملية الانتقال من مرحلة وحيدات الخلية إلى مرحلة كثيرات الخلايا التي تعتبر حاسمة في تاريخ الحياة البيولوجية على الأرض تصبح واضحة عندما نعلم أن ذلك لم يتم من خلال مفهوم الاتحاد الخليوي بالمعنى المعروف الحرفي للكلمة , ففي الواقع تنشأ الكائنات الأعلى عن طريق انقسام خلية تدعى بويضة بشكل أن الخلايا الناتجة عن الانقسام المتتالي لهذه الخلية لم تعد كما كان يحصل لدى وحيدات الخلايا منذ المليارات من السنين تنفصل عن بعضها البعض و تشير جميع الدلائل على أن نشوء متعددات الخلايا نشأ منذ حوالي المليار سنة و قد نشأ بنفس الطريقة المذكورة . أحد البراهين على ذلك هو أن بعض المتعضيات لم تزل حتى يومنا هذا تحتفظ بهذه الطريقة الانتقالية كالبكتريات و بعض الأشنيات الخضراء البدائية التي لا تزال تشبه الخلية القديمة عديمة النواة . و عليه فقد كان الانتقال إلى مرحلة الكائنات متعددة الخلايا يمثل خطوة هامة من خطوات التطور البيولوجي حيث نتج مبدأ تقسيم العمل بين الخلايا التي يتألف منها الكائن المركب و زيادة التخصص تعني زيادة في التعقيد و الارتقاء .و بعد هذه المرحلة يبدو أن التنوع قد بدأ يظهر مع ظهور الخلايا الجنسية المختصة و الانتقال من مرحلة التكاثر اللاجنسي إلى مرحلة التكاثر الجنسي , يقول العالم نول * :*" مع نشوء الجنس حصلنا على الكثير من الاتحادات الجينية و بالتالي على الكثير من احتمالات التغير " .
و المرحلة التالية من مراحل التطور البيولوجي العظمى تمثلت بصعود بعض الكائنات الحية من الماء إلى اليابسة , لقد كانت الأشكال الحياتية الأولى التي تكيفت مع الخواص الفيزيائية لمحيطها المائي السائل متعددة , فبما أنه و على بعد قريب من الشاطئ يصبح الوصول إلى القاع أمر غير ممكن فقد كانت أفضل طريقة لحل هذه المشكلة هي اليوم بمطابقة الوزن النوعي للماء مع الوزن النوعي للجسم و لتحقيق هذا الهدف طورت الحياة حويصلات هوائية تملأ بالغازات الخفيفة و في مقدمتها الأوكسجين نستطيع نفخها و تنفيسها كيفما نشاء و بذلك فقد اخترعت أداة مدهشة للعوم و الغطس , و من البديهي أيضاً أنه كان يوجد منذ البداية متخصصات قاعية أي أشكال تكيفت مع العيش في القاع على الأرض الصلبة و كان يوجد أيضاً عدد ممن العائدين أي حيوانات عادت للعيش عائمة في الماء بعد أن ملّت العيش المتواصل في القاع عدة ملايين من السنين و لم يزل بعض هذه الأنواع قائم حتى اليوم كالروخا و هو أحد أنواع القرش فهو يعبر عن ذلك التاريخ ليس فقط بشكله المسطّح الناتج عن التماس مع الأرض القاعية و إنما بوزنه النوعي الأثقل من الماء الأمر الذي يعتبر غير عادي بالنسبة للأسماك و قد اضطرت هذه الأسماك لكي تبقى عائمة أن تستخدم الأطراف الخارجية لجسمها كأجنحة طيران حيث تقوم بتحريك تلك الأجزاء باستمرار بطريقة اهتزازية و ذلك تعويضاً عن فقدانها لحوصلاتها الهوائية خلال فترات حياتها القاعية و بما أن هناك قانون عام في النظرية التطورية ينص على أن العضو الذي يضمر لا يعود مرة أخرى حتى و إن عادت الظروف القديمة التي كان يعمل بها نجد أن ذلك النوع من السمك اضطر بعض ضياع حويصلاته لاستخدام وسيلة تكيفية أخرى تمثلت بالطيران فبمجرد توقف حركتها الاهتزازية تهبط للأسفل فوراً , غير أن هذا الخضوع غير المشروط للظروف السائدة أدى على اليابسة إلى نتائج شديدة الغرابة فهنا وجدت الحياة نفسها و لأول مرة في محيط تعتبر التأرجحات الحرارية من خصائصه الأساسية و في الواقع لم يعرف السبب المباشر في صعود بعض الكائنات الحية من بيئتها المائية المستقرة إلى بيئة اليابسة الأشد صعوبة و اضطراباً لعل السبب كان غذائياً أو استكشافياً أو غير ذلك و لكن ما نعرفه أن خصائص تلك البيئة الجديدة كانت متذبذبة حيث تبدل حراري متواصل يحدث وفق إيقاع منتظم بين الليل و النهار و ينتقل من الحار إلى البارد تبع الفصول دون توقف و من البديهي أن هذه التأرجحات فذ شملت كل الكائنات على سطح اليابسة و هذا يعني أن نشاط تلك الكائنات بدأ ينخفض ليلاً حيث يبرد الطقس و بعد ذلك في صباح اليوم التالي يعود النشاط من جديد مع بزوغ الشمس و الدفء و لم حتى يومنا هذا نلاحظ هذه الحالة عند الضبّ و السمندل و يعود السبب في ذلك إلى أن هذه الحيوانات باردة الدم آو متبدلة الحرارة , فخلال الحقبة الزمنية الطويلة التي امتدت من خروج البرمائيات الأولى من الماء و حتى نهاية عصر العظائيات أرغمت الأرض بسبب دورانها  جميع الكائنات على هذا الإيقاع المنتظم في الليل نرى أن جميع سرعات التفاعلات الكيميائية تتناقص لانخفاض درجة الحرارة , لقد ظلت الأمور على هذا المنوال فوق اليابسة حوالي 300 مليون سنة فهل ننام ليلاً لهذا السبب ؟ نحن نعرف أن الكائنات البحرية لا تنام إلا قليلاً لعدم وجود التفاوت الكبير في بيئتها فهل نحن ورثنا تلك التركة التي خلفها لنا أجدادنا الصاعدون إلى اليابسة ؟ لعل للأمر صلة بذلك . و مع ذلك فإن هذا الوضع السلبي تجاه الطبيعة قد تغير فجأة عندما ظهرت في نهاية تلك الحقبة كائنات جديدة فقارية كان التطفّر قد منحها خاصية انقلابية جديدة ترتبت عليها تبعات حاسمة حيث قامت إنزيمات جديدة بحرق الغذاء الذي يلتهمه الحيوان و بالتالي فقد ولد مولد جديد للطاقة و عليه تحولت الطاقة الفائضة التي لم يستهلكها نشاط الحيوان بالضرورة إلى حرارة بدأت تمد الجسم بالحرارة و النقطة الحاسمة هنا تتجلى بالقدرة على المحافظة على حرارة ذاتية ثابتة للجسم , صحيح بأن هذا الوضع يكلف المزيد من الطاقة و لكن الأوكسجين المتوفر بغزارة كان يؤمن الطاقة بشكل كاف, و عليه و لأول مرة منذ 300 مليون سنة أضحت الحياة بصدد التحرر من نير الخضوع للتقلبات الحرارية في محيطها و بالتالي تحققت قفزة أخرى من قفزات التطور الكبرى بأن نشأت الذات المستقلة عن تقلبات الظرف المحيط هذا ما حصل مع أصحاب الدم الدافئ أو ثابتات الحرارة و على هذا الأساس وقفت الحياة منفصلة عن الخضوع التام للمحيط , غير أن هذا الانفصال المبدئي الضروري يجعل من الضروري أيضاً إقامة قنوات اتصال ثانوية خاضعة للتحكم تتيح التصرف الحر و الاختيار دون تحد بأشكال جديدة من التبعية و من هنا نشأت الحواس الموجودة حتى عند أبسط الكائنات الحية لكي تقيم نوعاً من الاتصال المقنن اللازم مع المحيط , و يبدو أن الثبات الحراري كان بدوره مقدمة لا غنى عنها لتحقيق مبدأ الاستقلال على مستوى أعلى , إن ثبات الحرارة الذاتية للجسم هو مقدمة أساسية لتطوير القدرة على التجريد الذي يمثل الشكل الأقصى للاستقلال عن المحيط أي أن ثبات الحرارة هي واحدة من الشروط الجوهرية القادرة على التعامل الموضوعي مع الوسط الخارجي , و من هذا المنظور يتضح لنا أنها ليست مصادفة أن يتواجد المركز الذي ينظم حرارة جسمنا في أقدم جزء من دماغنا .
و قد قام داروين بتحديد العوامل الطبيعية التي يؤدي فعلها إلى التطور البيولوجي في الكائنات الحية و قسمها إلى خمس مراحل وفق الآتي :
×   الوراثة : و محصلها أن الشبه يأتي بمشابهه فالسنانير لا تلد كلباً بل سنانير أي أن صغار كل نوع تشابه آباءها و ذلك في النبات كما في الحيوان .
×   التحول : أي أن أفراد كل نوع تتشابه و لكن لا تتماثل أي لا تكون نسخة مطابقة لأصولها فهي تشابه آباءها و لكن لا تماثلهم .
×   التوالد : و ينص على أن ما يولد من النبات أو الحيوان أكثره لا يقدر على البقاء فالطبيعة تسرف في الإيجاد كما تسرف في الإفناء و من هنا ينشأ العامل الرابع .
×   الصراع على البقاء : و هو عامل مضطرد التأثير غير منقطع الفعل فكل نبات أو حيوان يبرز إلى الوجود ينبغي له أن يسعى إلى الرزق و أن يجاهد في سبيل ذلك و عليه يغدو الصراع على البقاء أحد العوامل المهمة في التطور البيولوجي , ففي أعقاب عمليات التغير و توارث الصفات و الانتخاب الطبيعي و تنازع البقاء تتكون لدى النباتات و الحيوانات البرية العديد من الصفات المتكيفة و بذلك تحافظ الأنواع على بقائها , و كمثال على ذلك نرى أن أنثى سمك القرش و الورنك تضع بيضة واحدة تتميز بقشرتها السميكة و بالخيوط الخاصة التي تثبتها في قاع الماء , كما يضع طائر السون الذي يعشش فوق الصخور في الأماكن الشمالية الباردة بيضة واحدة تتميز بقشرتها الصلبة و شكلها المخروطي حيث يكون مركز الثقل في منتصف البيضة و ذلك يسمح للبيضة أن تدور حول محورها دون أن تسقط من المرتفع الذي وضعت فيه , أما الكائنات الأخرى و التي لا تملك وسائل خاصة تساعدها على حماية أجنتها نراها تلد العديد و الكثير من البيوض أو تلد الكثير من الولادات , فنجد أنثى الفأر مثلاً التي تستطيع و في ولادات متواصلة مدة أربع أعوام من أن تغطي اليابسة أما بكتريا اللاكتيكي فتعطي خلال يومين 50 مليار فرد .
 وفي رأي داروين ينقسم تنازع البقاء إلى ثلاثة أنواع : أولها – تنازع مع قوى الطبيعة , و ثانيها – تنازع بين الأنواع , و ثالثهما – تنازع بين أفراد الجنس الواحد .
أما التنازع مع قوى الطبيعة فهو عبارة عن العلاقة المتبادلة المعقودة بين الكائن و الظرف المحيط و كمثال على ذلك نرى نباتات الصحراء التي تكون أوراقها ذات نتوءات و أشواك حتى تقلل من تبخر الماء مقارنةً مع نبات التندرا و المناطق العالية التي تكون قصيرة لكي تتمكن من مقاومة الرياح الباردة القوية و استغلال الدفء الموجود في طبقات الجو السفلى .
أما التنازع بين الأنواع فهو عبارة عن التطاحن الذي يتم بين الأنواع المختلفة أي بين مختلف أنواع النباتات مع بعضها البعض و بين النباتات و الحيوانات آكلة العشب و بين هذه الحيوانات و الحيوانات اللاحمة … الخ , وليس من النادر أن تكون الأنواع النباتية متضادة حيوياً فمن المعلوم أن نبات الشيلم الشتوي يؤذي نمو القمح الشتوي كذلك نمو القرنفل يؤذي نمو الورد البلدي , و تنازع البقاء هذا لا بد أن يؤدي إلى استحداث مجموعة صفات تكيفية جديدة عند الكائنات الحية , كمثال على ذلك نرى كيف تكون بعض الحيوانات نفسها على نحو مشابه لتكوين البيئة التي تعيش فيها و ذلك للحماية من الأعداء كحشرات فرس النبي الشبيهة بأوراق الأشجار التي تعيش عليها , وتمتلك صغار أسماك القرموط التي تعيش بالقرب من سواحل إفريقيا الغربية تقليداً جماعياً فهي تتجمع عند شعورها بالخطر في كتلة كروية الشكل جاعلة ذيولها إلى الداخل و رؤوسها الحادة إلى الخارج .
أما التنازع داخل النوع فهو التنافس الذي يحصل بين أفراد النوع الواحد من أجل الحصول على الغذاء أو الضوء أو الهواء.و هذا يقودنا بدوره إلى العامل الخامس الذي تحدث عنه دارون و هو
×   بقاء الأصلح : فالأفراد التي تتزود في بنائها بقوة أو حيلة أذكى أو قدرة على المقاومة أكبر تكون أكثر قابلية للبقاء و التوالد حيث تورث صفاتها للنسل من أعقابها .
كما أكدت نظرية التطور على فكرة هامة هي فكرة الرباط العضوي بين الكائنات الحية حيث ارتكزت على ثلاث نقاط أساسية :
1.    إننا البشر و كافة أنواع الحيوانات مما دون الإسفنج و ما يعلو عليه من الحشرات و الأسماك و الثعابين و الطيور و السباع و البهائم نشترك في أصل واحد و بيننا و بين هذه الحيوانات قرابة من نوع ما تختلف في قربها و بعدها تبع لقربنا و بعدنا من نوع حيواني معين .
2.   إننا نحن البشر بشكل خاص ننتمي إلى أسرة متعددة الأنواع كالطرسيوس و الليمور و القردة و هذه هي الأسرة الكبرى , أما العائلة الصغرى التي ننتمي إليها فهي مجموعة القردة العليا التي نجتمع و إياها بقرابة وثيقة قي سلف واحد مشترك .
3.   إن التطور لم ينقطع أو يقف ذلك أن جميع الأحياء حيواناً كان أم نباتاً لا يزال في تغير جيلاً بعد جيل و التغير يتراكم حتى يتحول حيث ينقلب الكم إلى كيف فيصير تطوراً .و رغم حدوث اجماع بين علماء البيولوجيا فيما يخص مسألة الأصل الواحد للكائنات الحية إلا أنة لا تزال تثار بعض الإعتراضات فيما يخص مفهوم بقاء الأصلح ( و هو تعبير صدر عن هربرت سبنسر و ليس عن داروين ) و مفهو م التغييرات التدريجية الناتجة عنه حيث يرد بعض علماء البيولوجيا استمرار و ثبات الجينات إلى عامل المصادفة و ليس للانتخاب الطبيعي كما يردون ظهور الأنواع الجديدة إلى التغيرات الهائلة التي تطرأ على كروموسومات الكائنات العضوية الموجودة بالفعل دون أن يكون لذلك أي علاقة بقدرة تلك الكائنات على الإستمرار في الحياة أو صلاحيتها للبقاء ويكاد هؤلاء العلماء يجمعون من خلال تطور الدراسات الميدانية الإحفورية على أن الأنواع الجديدة لم تكن تظهر نتيجة لتراكم التغيرات الصغيرة خلال فترات طويلة جداً و لكنها تظهر فجأه ثم تستمر في الوجود دون أن يطرأ عليها أي تغيرات كبيرة حتى تندثر و تختفي تماماً لكي يظهر من بعدها و بطريقة فجائية أنواع أخرى تختلف عنها اختلافاً كبيراً دون أن يكون هناك مقدمات أو شواهد في الأنواع القديمة تبشر بظهور الأنواع الجديدة الأكثر تطوراً و تمهد لها .هذا ما تفعله الطفرات التي يمكن أن تحدث تحت تأثير عوامل البيئة الخارجية المختلفة التي تسبب خللاً في التركيب الوراثي أو في ترتيب الوحدات الوراثية أو تغيير ترتيب بعض الجينات أو مجموعة كاملة منها و قد تكون الطفرة نافعة أو ضارة أو عديمة النفع و الضرر و قد تحدث الطفرة طبيعياً أو ذاتياً من تلقاء نفسها تحت تأثير الاشعاع الطبيعي للأشعة الكونية الساقطة على الأرض و كذلك نتيجة للاتحلال الذي يحدث للمواد ذات النشاط الاشعاعي الموجود في الأرض نفسها , و تنتشر الطفرات الطبيعية في الانسان بقدر كبير فمثلاً يوجد في كل إنسان في المتوسط أحد الجينات الطفرية الذي لم يكن موجوداً في أجدادنا و أبسط حالات الطفرة في الانسان هو قلة ظهور الصفة السائدة للآباء في أحد الأبناء , كما يمكن احداث الطفرة صناعياً . و بالطبع فإن ذلك لا يضعف الأساس المنهجي العلمي الذي انطلقت منه النظرية التطورية بقدر ما يسهم في اعادة تنظيمها و تدعيمها باللأسس العلمية الحديثة .
وللحديث بقية .....

صفحات: [1] 2