الخنزير البري
الخنزير البرّي حيوان وحشي شرس عنيد، وهو سلف الخنازير المستأنسة (المعروفة في بعض المناطق بالخنازير الجوية) التي تربى في المزارع والمناطق الريفية حول العالم، وهو يعرف أيضا بالعربية بالعفر. و يتواجد الخنزير البرّي في معظم دول أوروبة الوسطى و حوض البحر المتوسط بما فيها شمال أفريقيا حيث يقطن تقريبا كل غابات المغرب في جبال أطلس وكذلك في سلسلة جبال خمير بشمال تونس، حيث يكثر في المرتفعات الغابوية والجبلية.كما يقطن الخنزير البري في براري جنوب العراق وفي أهوار البصرة وكذلك في شمال العراق إضافة إلى شرق و شمال سوريا خصوصا منطقة الجزيرة و غابات جبال الساحل السوري. وبعض أجزاء ليبيا و موريتانيا و إيران و تركيا، بالإضافة إلى لبنان و فلسطين، كما يمتد موطنه أيضا ليشمل جزءا كبيرا من آسيا يمتد حتى إندونيسيا جنوبا، وقد أدخلت الخنازير البرّية بنجاح إلى العديد من الدول الخارجة عن نطاق موطنها الطبيعيّ.
ينتمي الخنزير البرّي إلى عائلة الخنزيريات وهي العائلة نفسها التي ينتمي إليها الخنزير الثؤلولي أو الحلّوف، و خنزير الآجام الإفريقيين بالإضافة للعفر القزم من شمالي الهند و البابيروسة من إندونيسيا و غيرها. تظهر الخنازير البرية في ميثولوجيا العديد من الحضارات القديمة، كالحضارة اليونانية و الفينيقية و الفارسية على أنها حيوانات شجاعة شرسة، وفي أحيان أخرى على أنها شريرة، و لا تزال وجهات نظر الناس حتى اليوم مختلفة بشأن هذه الحيوانات، فالبعض يراها حيوانات قويّة شجاعة جديرة بالإحترام، بينما يراها البعض الأخر مزعجة و طفليّة.
وصف الفصيلةللخنزير البرّي جسد و رأس ضخمان و قوائم قصيرة نسبيا، و فراء الخنزير ثخين يشتد سماكة في الشتاء و يتراوح لونه من الرمادي الداكن إلى الأسود و البنيّ، إلا أن هناك اختلافا بنمط الألوان بحسب اختلاف الموطن وقد أفادت بعض التقارير بوجود خنازير برّية بيضاء حتى في آسيا الوسطى.
يختلف حجم الخنزير البرّي كذلك الأمر بناء على اختلاف الموطن، فالإناث البالغة (5 سنوات أو أكثر) من أوروبة الوسطى يبلغ طولها 135 سنتيمترا و تزن بين 55-70 كيلوغراما بينما تصل الذكور البالغة في طولها إلى 140-150 سنتيمترا و تزن ما بين 80 و 90 كيلوغراما. بينما تكون الخنازير من مناطق أخرى كالقوقاز أضخم حجما بكثير، حيث يصل طول الذكور منها إلى 200 سنتيمترا و تزن 200 كيلوغراما و حتى في بعض المناطق الأخرى كغرب فرنسا و لبنان فقد تم صيد خنازير برّية يصل وزنها إلى 100 كيلوغرام. و خلال أعوام الثلاثينات من القرن العشرين اصطيدت حيوانات تزن 260 كيلوغراما من دلتا الفولغا، و كذلك الأمر بالنسبة للشرق الأقصى الروسي حيث وردت تقارير عن ذكور يفوق وزنها 300 كيلوغرام. وقد أدّى الصيد المكثّف إلى تقليص عدد الحيوانات الضخمة، و أصبحت الخنازير البالغة 200 كيلوغراما تعد حاليا بأنها ضخمة جدّا.
الهيكل العظمي للخنزير البرّي
للخنزير البرّي زوج من الأنياب على كل فك، و تستخدم هذه الأنياب كوسيلة للدفاع عن النفس و تستمر بالنمو طيلة فترة حياة الحيوان. يبلغ طول الأنياب السفليّة في الذكور حوالي 20 سنتيمترا (نادرا ما يظهر منها أكثر من 10 سنتيمترات خارج الفم) وقد تبلغ 30 سنتيمترا في حالات استثنائيّة، أما الأنياب العلويّة فهي تميل نحو الأعلى عند الذكور و يقوم الذكر على الدوام بشحذها على بعضها لإبقائها حادّة عند الأطراف. و بالنسبة للإناث فأنيابها أصغر حجما و تميل قليلا نحو الأعلى لدى الإناث الأكبر سنا.
الموطنالموطن الكاملكان الموطن الأصليّ للخنزير البرّي يشمل شمال إفريقيا و معظم أوراسيا من الجزر البريطانية إلى اليابان و جزر السوندا، وفي الشمال فقد امتد نطاق موطنه ليبلغ جنوب اسكندنافيا و جنوب سيبيريا.
خنزير برّي ناضج
و منذ بضعة قرون كانت هذه الخنازبر تتواجد على طول وادي النيل في شمال إفريقيا حتى تصل إلى الخرطوم و شمالي الصحراء الكبرى. وفي آسيا كان موطنها الأصلي يمتد من بحيرة لادوغا شمالا عبر منطقة نوفغورود و موسكو حتى يصل إلى جنوب الأورال ومن ثم يمتد شرقا حتى سهوب بارابا فجنوبا إلى جبال آلتاي فشرقا مجددا إلى جبال تانو أولا و بحيرة بايكال حتى يصل قريبا من بحر الصين. وفي بعض المناطق الأخرى تم تأكيد وجود خنازير بريّة فيها بالسابق عبر مستحثاتها التي وجدت فقط، ولا تتواجد الخنازير في المناطق الصحراويّة الجافّة و أعالي الجبال بشكل طبيعي، و هذا ما يفسّر عدم وجودها في المناطق الجافة من منغوليا و غربي سيتشوان في الصين بالإضافة إلى شمالي الهيمالايا في الهند و شبه الجزيرة العربية.
الموطن الحاليالموطن الحالي للخنزير البري
لقد تغيّر نطاق موطن الخنزير البرّي بشكل كبير عبر القرون الماضية، و يعود السبب في ذلك إلى النشاط البشري بشكل رئيسيّ و ربما لتغيّر المناخ أيضا. وقد انقرضت الخنازير البرّية في بريطانيا بحلول القرن الثالث عشر، و يؤكد بأنها لم تستمر بالتواجد في جنوب إنكلترا بحلول عام 1610 عندما قام الملك جايمس الأول بإعادة إدخالها إلى منتزه ويندسور الكبير. وقد باءت هذه المحاولة و غيرها من المحاولات اللاحقة بالفشل بسبب القنص اللاشرعيّ، و بحلول عام 1700 لم يكن قد تبقى أي خنازير برّية في بريطانيا.
قتل آخر خنزير في الدنمارك في بداية القرن التاسع عشر، وفي عام 1900 لم تعد تشاهد الخنازير البرّية في تونس و السودان و مناطق عديدة في ألمانيا و النمسا و إيطاليا. وفي روسيا انقرضت هذه الحيوانات في مناطق متعددة بحلول الثلاثينات من القرن العشرين و تقلّصت حدود موطنها الشماليّة لتبلغ جبال آلتاي جنوبا.
وعلى العكس من ذلك فقد استمرت جمهرة الخنازير البرّية في فرنسا و بعض دول الشرق الأوسط بالنمو خصوصا في المناطق الريفيّة في وسط و جنوب فرنسا وفي سوريا وفلسطين و العراق و لبنان.
تعيش الخنازير في الأراضي السبخة العراقيّة على ضفاف نهريّ دجلة و الفرات بالإضافة إلى شمال البلاد، وتعيش في مناطق الجبال الساحلية في سوريا بسبب قلّة صيدها من السكان المحليين ذوي الأغلبيّة المسلمة الذين لا يأكلون لحمها وتتواجد في منطقة الجزيرة السورية . وفي لبنان تنتشر الخنازير البرّية في جميع أنحاء البلد في المناطق الجبليّة و السهول، وقد ازداد عددها على الرغم من صيدها في بعض الأحيان بسبب قيام الإسرائليين بإطلاق سراح العشرات منها في جنوب لبنان بعد الانسحاب عام 2000. أما في فلسطين فإن الخنازير استمرت بالتواجد للسبب عينه الذي أدى إلى بقائها في الدول المجاورة أي قلّة صيدها من الأغلبيّة المسلمة و اليهوديّة بعد قيام دولة إسرائيل.
قامت الخنازير البرّية مؤخرا بتوسيع نطاق موطنها الآسيوي ليصل إلى حدوده الشماليّة السابقة، وقد لوحظ ذلك في عام 1950. وفي عام 1960 وصل نطاق موطنها إلى حدود بطرسبيرغ و موسكو ومن ثم توسعت أكثر في الإقليم الروسي، وخلال أعوام السبعينات أصبحت تتواجد مجددا في الدنمارك و السويد بسبب هرب العديد من الحيوانات المأسورة إلى البريّة، وخلال التسعينات هاجرت هذه الحيوانات إلى توسكانا و أصبحت تشاهد مجددا في شمال تونس.
وضع الفصيلة في بريطانياأُعيد إحضار الخنازير البرية إلى بريطانيا خلال السبعينات و الثمانينات من القرن العشرين لتربيتها في المزارع من أجل الحصول على لحمها، و لأن هذه الحيوانات تعد من ضمن الفصائل التي عددها قانون الحياة البرية الخطرة لعام 1975، فإنه كان يجب على أي شخص القيام ببعض الإجراءات القانونية قبل إنشائه لمزرعة. ومن هذه الإجراءات حصول المرء على رخصة من المجلس البلدي المحلي، الذي يقوم بتعيين خبير للكشف على موقع المزرعة ومن ثم تقديم تقريره إلى المجلس. يتتطلّب إنشاء مزرعة أن تكون الحظائر المخصصة لتربية الخنازير آمنة و متينة، كما يجب أن تكون الأرض مسيّجة و أن يكون كل من الري، الحرارة، الإضاءة، النظافة، التهوئة، و التأمين متوافرا بالقدر الصحيح. هرب الكثير من الخنازير البرية من المزارع منذ أن أحضرت لأول مرة في السبعينات، وقد حصلت أولى حالات الهرب من منتزهات الحياة البرية، ولكن نسبة الخنازير الهاربة من المزارع إزدادت منذ بداية التسعينات أي في الفترة التي إزداد فيها الطلب على لحم هذه الحيوانات، و خلال أوائل هذه الفترة زُعم بأن هناك جمهرة متناسلة في كل من مقاطعتي كنت و شرق ساسكس. قامت وزارة الزراعة و صيد الأسماك و الغذاء ( التي أصبحت اليوم تعرف بوزارة البيئة و الغذاء و الشؤون القروية ) عام 1998 بإجراء دراسة على الخنازير البرية البريطانية، و أكدت وجود جمهرتين متناسلتين في البلاد، أحداها في كنت و شرق ساسكس، و الأخرى في دورست. وقد تم أيض التبليغ عن جمهرات لخنازير برية في مناطق أخرى مثل هيرفوردشير و غلوسترشير.
الخنازير المدخلةتمّ إدخال الخنازير البرّية إلى الولايات المتحدة في بداية القرن العشرين كطرائد للصيد، حيث تزاوجت في بعض المناطق مع الخنازير المستأنسة الطليقة. كما أدخلت الخنازير البرّية إلى أميركا الجنوبية و غينيا الجديدة و نيوزيلندا و أستراليا و غيرها من الجزر حيث تزاوجت بشكل جزئي مع الخنازير المستأنسة الطليقة.
خنازير وحشيّة في فلوريدا في الولايات المتحدة
التفرقة بين الخنزير البري و الخنزير الوحشيالخنزير البرّي هو الخنزير ذو الجذور البرّية أما الوحشي فهو الخنزير المستأنس الذي أصبح طليقا وغدا وحشيّا. التفرقة بينهما لا تتم على أساس أنهما نوعين مختلفتين فكلاهما يعد نوعاً واحداً يسمى Sus scrofa، ويستخدم لفظ خنزير للدلالة على الذكر البالغ من أي فصيلة خنزيريّات بما فيها الخنزير المستأنس، وفي حالة الخنزير البرّي فإن التعبير بلفظ خنزير برّي لايكفي للدلالة على الذكر لأنه يدل أصلا على الفصيلة. و عوضا عن ذلك ينبغي قول "خنزير برّي ذكر" و "خنزيرة بريّة" و "خنّوص برّي" بمعنى صغير الخنزير البرّي. وتتم التفرقة عبر النظر إلى المكان الذي تقطنه الحيوانات أو عبر معرفة تاريخها في تلك المنطقة أو البلد بالتحديد. ففي نيوزيلندا على سبيل المثال تعرف الخنازير البرّية بإسم "القباطنة كوكر" أو "الكابتن كوكرز" ( بالإنكليزية: Captain Cookers ) نسبة إلى الاعتقاد بأنها تتحدر من الخنازير التي أهداها مكتشف الجزيرة القبطان جيمس كوك إلى شعب الماوري خلال أعوام السبعينات من القرن الثامن عشر. كما تعرف خنازير نيوزيلندا "بذوات الأنياب" أو "التسكرز" (بالإنكليزية: tuskers)
إحدى الخصائص التي يمكن بواسطتها تفرقة الخنازير البرّية عن السلالات المستأنسة هي لون الشعر. فالحيوانات البريّة تمتلك دوما معطفا سميكا و قصيرا يتراوح لونه من الرمادي إلى الأسود و البني، كما و تمتلك صفا من الشعر المنتصب على طول العمود الفقري وهذا ما أدى إلى تسميتها في جنوبي الولايات المتحدة و أستراليا "بالعرفيّة الظهر" أو "الرايزور باك" ( بالإنكليزية: razorback ). يكون ذيل الخنازير قصير و مستقيم، وتميل الحيوانات البرّية إلى امتلاك قوائم أطول بالإضافة إلى رأس وخطم أضيق من الخنازير المستأنسة. يصل وزن الذكور البرّية الأوروبيّة البالغة إلى 200 كيلوغراما (في بعض الأحيان الإستثنائيّة قد يصل وزنها إلى 300 كيلوغراما، خصوصا في شرق أوروبة)، بينما تكون الإناث أصغر حجما من الذكور بحوالي الثلث.
رأس هجين بين خنزير بري و مستأنس في متحف روثتشايلد ببلدة ترينغ، إنكلترا
وفي يونيو 2004 تم قتل خنزير وحشيّ ضخم جدّا أطلق عليه اسم هوغزيلا، في ولاية جورجيا في الولايات المتحدة . وقد اعتقد في بادئ الأمر أن القصة غير حقيقية وأن الحيوان مزيّف ومن ثم انتشرت القصة بشكل كبير على الإنترنت وأصبحت هوساً لبعض العامّة، فأرسلت جمعيّة ناشونال جيوغرافيك بعض العلماء إلى موقع الحادثة حيث قاموا بإجراء فحص لجثة الحيوان ولحمضه النووي وتبيّنوا بعد ذلك أن هوغزيلا هجين بين خنزير برّي وخنزير مستأنس.
أدخلت الخنازير البرية إلى عدد من الدول في بداية القرن العشرين لتشجيع رياضة الصيد، وما لبثت أن تكاترت و تناسلت بنجاح مع الخنازير المستأنسة الطليقة. ومن الدول التي أدخلت إليها هذه الحيوانات: الولايات المتحدة، عدد من دول أميركا الجنوبية، أستراليا، غينيا الجديدة، نيوزيلاندا، و غيرها من الجزر. وفي أميركا الجنوبية، أدخلت هذه الحيوانات في بادئ الأمر إلى الأوروغواي حيث تكاثرت بشكل كبير و انتشرت عبر الحدود شمالا حتى وصلت إلى البرازيل في تسعينات القرن العشرين حيث أصبحت تعتبر فصيلة دخيلة طفيليّة، وقد أصبحت الحكومة ترخّص صيد الخنازير البرية النقية بالإضافة للخنازير الهجينة (التي يُسميها العامة javaporcos) في ولاية ريو غراندي دو سول الجنوبية و ذلك منذ أغسطس 2005، على الرغم من أن التأثير السلبي لهذه الخنازير على البيئة و الحيوانات البلديّة لوحظ منذ عام 1994. إلا أن إطلاق هذه الحيوانات عمدا في البرية أو هروبها من المزارع الغير مرخص لها ( التي تأسست بسبب الطلب المتزايد على لحم الخنازير البرية عوضا عن لحم المستأنسة ) يستمر برفع عددها في البرية، و بحلول منتصف عام 2008 كان على الحكومة السماح بصيد الخنازير في ولايتي سانتا كاتارينا و ساو باولو المجاورتين.
يخلط الكثير من العامّة بين الخنازير البرية المدخلة حديثا إلى البرازيل و بين الخنازير الوحشيّة التي أدخلت و استقرّت في البلاد بأراضي البنتنال المستنقعية منذ ما يزيد على مئة سنة، حيث عاشت جنبا إلى جنب مع البقري ( حيوانات شبيهة جدا بالخنازير من حيث الشكل الخارجي ). ولا تزال العلاقة بين الخنازير الوحشية و فصيليتي البقري الموجودة في تلك المستنقعات ( البقري المطوّق و البقري الأبيض الشفة ) و تأثير وجودها عليها غامضة و تتم دراستها حاليا. يفترض بعض العلماء أن وجود الخنازير في تلك المنطقة يخفف ضغط إفتراس اليغور على جمهرات البقري، حيث يبدو أن اليغور يُفضل الخنازير على البقري بحال وجدت الفصيلتين في منطقته.
تعتبر الخنازير الوحشية حيوانات مخربة تسبب الكثير من الأضرار للإنسان، حيث قدّرت إحدى الدراسات في عام 2008 أن جمهرة الخنازير الوحشية البالغ عددها 4 ملايين في الولايات المتحدة تسبب أضرارا سنوية بالملكيّات تبلغ قيمتها حوالي 800 دولار أميركي.
العاداتتعيش الخنازير البرّية في مجموعات عائليّة يبلغ عدد أفرادها حوالي 20 حيوانا، إلا أنه من الممكن أن يصل عدد الأفراد إلى مافوق الخمسين في بعض الأحيان. تتكون المجموعة العائليّة في العادة من خنزيرتين و صغارهما، ولا تختلط الذكور بهذه المجموعات في خارج موسم التزاوج الذي يتكرر مرتين أو ثلاثة في السنة و غالبا ما تعيش منفردة. تضع الأنثى حملها في منطقة مختارة بعيدا عن المجموعة العائليّة و يتكوّن البطن في العادة من 4 إلى 6 خنانيص.
خنانيص ترضع
تعتبر هذه الحيوانات ليليّة النشاط حيث تقوم بالبحث عن طعامها من الغسق وحتى الفجر، وهي تأكل أي شيء يقع في دربها بما في ذلك البندق و التوت و الجيفة و الجذور بالإضافة إلى البصلات و الحشرات و الزواحف الصغيرة وحتى صغار الأيائل و الحملان.
الخنازير البرّية هي الحافريات الوحيدة التي يعرف عنها بأنها تحفر جحورا، و يمكن تفسير ذلك على أنها الثدييات الوحيدة التي لا يولد جسدها حرارة كافية لحمايتها من البرد و لذلك عليها أن تجد وسائل أخرى لتحمي نفسها، ومن هذه الوسائل قيام الخنانيص الصغيرة بالارتجاف لتوليد حرارة في جسدها.
و بحال حوصر الخنزير أو فوجئ على حين غرّة فسوف يدافع عن نفسه بشراسة (خصوصا الأنثى مع صغارها). و عند الهجوم يقوم الذكر بخفض رأسه و العدو نحو الخطر ومن ثم يرفع رأسه للأعلى لجرح خصمه بأنيابه، أما الأنثى القصيرة أو العديمة الأنياب تقوم بالهجوم فاغرة فمها و رأسها مرفوع لعض ما يهددها. و نادرا ما تكون هذه الهجومات قاتلة للإنسان إلا أنها تؤدي إلى صدمات عنيفة و فقدان للدم.
المفترسات الطبيعيّةللخنزير البري عدد كبير من الضواري التي تقتات عليه، من شاكلة الببور التي تصطاد هذه الحيوانات في المناطق التي تشاطرها إياها. تعتبر الذئاب أيضا مفترسات رئيسيّة للخنزير البري في بعض المناطق، وهي غالبا ما تقتات على الخنانيص، إلا أنه تم توثيق حالات قتلت فيها الذئاب خنازير بالغة في شبه الجزيرة الأيبيرية و روسيا. نادرا ما تهاجم الذئاب الخنزير وجها لوجه، بل هي تُفضل أن تنقض عليها من الخلف حيث تقوم بقضم و تمزيق عجانها مما يفقد طريدتها حس الإتجاه و يتسبب بفقدان الكثير من الدماء. وفي بعض المناطق من الإتحاد السوفياتي السابق، كان القطيع الواحد من الذئاب يفترس مابين 50 و 80 خنزيرا بريا في السنة. وقد ظهر في إيطاليا أنه في المناطق التي تتشاطرها الفصيلتين أصبحت الخنازير أكثر عدائية تجاه الذئاب و الكلاب المستأنسة وفقا لنسبة إفتراس الأخيرة لها.
تفترس الضباع المخططة الخنازير البرية بين الحين و الأخر، إلا أنه يُعتقد بأن السلالات الثلاثة الكبيرة من شمال إفريقيا، الشرق الأوسط، و الهند، هي وحدها القادرة على قتل خنزير بري بنجاح.
السلالاتللخنزير البرّي 11 سلالة يعيش منها 6 في أوروبة:
*السلالة الأوروبيّة ( Sus scrofa scrofa ): أكثر السلالات شيوعا و انتشارا بلا منازع، يمتد موطنها الأصلي من فرنسا حتى القسم الأوروبي من روسيا و آسيا الغربية. أدخلت إلى السويد، النرويج، الولايات المتحدة، و كندا.
الخنزير البري الأوروبي
*السلالة الإيبيرية ( Sus scrofa baeticus ): سلالة صغيرة الحجم، تنتشر عبر شبه الجزيرة الأيبيرية.
* السلالة القشتاليّة ( Sus scrofa castilianus ): تُعد أكبر حجما من السلالة الأيبيرية، وهي تقطن شمالي إسبانيا.
* السلالة السردينية ( Sus scrofa meridionalis ): سلالة صغيرة الحجم تتواجد في سردينيا.
* السلالة العظمى ( Sus scrofa majori ): سلالة أصغر حجما بقليل من السلالة الأوروبية ذات جمجمة أعلى و أعرض. تنتشر في وسط و جنوبي إيطاليا، وقد تهجنت مع السلالة الأوروبية منذ أن أدخلت الأخيرة إلى البلاد عام 1950.
* السلالة الشرقية ( Sus scrofa attila ): سلالة ضخمة جدا، تنتشر عبر رومانيا، هنغاريا، ترانسلفانيا، وصولا إلى القوقاز و حدود بحر قزوين. يٌعتقد أن الخنازير البرية الموجودة في أوكرانيا، آسيا الصغرى، و إيران تنتمي لهذه السلالة.
* السلالة الروسيّة ( Sus scrofa ussuricus ): تنتشر عبر آسيا الشمالية و اليابان.
*السلالة الهنديّة ( Sus scrofa cristatus ): تتواجد في آسيا الصغرى و الهند.
خنزير برّي هندي في منتزه رنثامبور القومي في الهند
* السلالة الإندونيسيّة ( Sus scrofa vittatus ): تعيش في إندونيسيا.
* السلالة التايوانيّة ( Sus scrofa taivanus ): تعرف باسم الخنزير البري الفورموزي .تنتشر في تايوان.
يُعتبر الخنزير المستأنس سلالة رابعة عادة تعرف بالإسم العلمي Sus scrofa domestica - إلا أنه في أحيان أخرى يصنّف على أنه فصيلة مستقلة تحمل الإسم العلمي Sus domestica. يمكن التفرقة بين سلالات الخنزير البري عن طريق طول جسدها و شكل عظامها الدمعية، فالسلالتين الهندية و الإندونيسية مثلا تمتلك عظاما دمعية أقصر من تلك الخاصة بالسلالات الأوروبية. تختلف الخنازير الإسبانية و الفرنسية عن باقي الخنازير البرية في أوروبة بأنها تمتلك 36 كروموسوما بينما تمتلك الباقية 38، أي نفس عدد الكروموسومات عند الخنازير المستأنسة. تستطيع هذه الخنازير أن تتناسل مع بعضها على الرغم من إختلاف عدد كروموسوماتها، لتنتج حيوانات هجينة غير عقيمة ذات 37 كروموسوما.