يعتبر فهمُ جيولوجية بلدٍ ما جزءاً أساسياً في عملياتِ التنقيبِ عن النفطِ والغازِ. وأما بالنسبةِ للسلطنةِ يمكنُ أن يعني ذلك إماطةَ اللثامِ عن الرموزِ الجيولوجيةِ التي يعودُ تاريخها إلى 600 مليونِ سنةٍ ونتجت عنها ظروفٌ تكادُ تكونُ فريدةً من نوعها في العالمِ .
ومن بينِ أوائل الأشياءِ التي يتعلمها الإنسانُ في المدرسةِ عن الجيولوجيا هي أنواعُ الصخورِ المختلفةِ التي تشكلُ الأرض وهي الصخور الرسوبية والبركانيةُ والمتحولة.
ويتركزُ اهتمامُ مهندسي النفطِ أساساً على الصخورِ الرسوبيةِ التي هي عبارةٌ عن طبقاتٍ من الرملِ والطينِ والموادِ العضويةِ والمعادنِ المتراكمةِ فوق بعضها البعضِ في أحواضٍ طوبوغرافيةٍ .
وتصنفُ الصخور الكربونيةُ إلى هذه الفئةِ من الصخور وأطلق عليها هذا الاسم لأنها تتكونُ أساساً من كربوناتِ الكالسيوم وغالباً ما تتكونُ هذه الصخورُ من قطعٍ من الأصدافِ والمرجان أو الكائناتِ البحرية الميتةِ الأخرى مثل العوالق .
كما تعتبرُ الصخورُ بمثابةِ المفتاحِ للقدرِ الأكبرِ من إنتاجِ السلطنةِ الحالي من النفطِ والغازِ.
ويأتي نحو 55% من الإنتاجِ اليومي للنفطِ من مكامنَ وجدت في صخورٍ جيرية أو صخور الدولوميت -وهما النوعان الأساسيان للصخور الكربونية- وستكونُ لها أهميةٌ أكثر في المستقبلِ . فثلثي مشاريع الإستخلاصِ المعززِ للنفطِ التي تشملُ مكامنَ كربونية.
ولكن هذا لا يوضح سوى جانباً من قصةٍ جيولوجيةِ الكربوناتِ في السلطنةِ .فتكوينُ عارة الذي يمثلُ منطقةً كبيرةً من حقولِ النفطِ الجنوبيةِ يحتوي على بعض أقدمِ مكامنِ النفطِ في العالمِ التي يعودُ تاريخها إلى زهاء 600 مليونِ سنةٍ . كما انها تحتوي على أعمقِ مكامنِ النفطِ المنتجةِ في السلطنةِ حيثُ يصلُ عمقها إلى 4 كيلومتراتٍ ونصفٌ تحت باطنِ الأرضِ .
وعادةً ما ينطبخُ النفطُ الذي يكونُ في هذا العمقِ بفعلِ حرارةِ القشرةِ الخارجيةِ من سطحِ الأرضِ أو أنه تخلل إلى السطحِ لأن الصخرةَ التي كانت تحتويهِ قد تم تنقيتها بفعلِ انتقالِ الكتلِ الأرضيةِ عبرَ ملايينِ السنين.
ولكن الكربوناتِ الحاويةِ للنفطِ في السلطنةِ تكسوها طبقةٌ ملحيةٌ لها تأثير عازلٌ كما تم ترسيبها في وسطِ كتلةٍ أرضيةٍ مما حالَ دون تعرضها للأنشطةِ التكتونيةِ الشائعةِ على طولِ أطرافِ القاراتِ. وتعرفُ هذهِ الكربوناتُ التي طبقةٌ ملحيةٌ بـ (( الطبقاتِ الجيريةِ )) .
ويذكرُ أن من بينِ المخلوقاتِ التي عاشت قبل التاريخِ وشكلت المكامنَ الكربونيةَ للسلطنةِ كائنين بسيطينِ هما : ثرومبولايت والرخوياتِ البحريةِ ثنائيةِ الصدفةِ.
والثرومبولايت عبارةٌ عن مستعمراتٍ من الميكروباتِ البدائيةِ التي قامتْ بتكوينِ شعبٍ بنفسِ الطريقةِ يكونُ بها المرجانِ الشعبَ المرجانيةَ . وكان لا يوجدُ اليومَ إلا في مكانٍ أو مكانينِ في العالمِ . ويوجدُ عادةً في الظروفِ التي تجعلُ البيئةَ غير صالحةٍ للعيشِ لمعظمِ المخلوقاتِ الحيةِ الأخرى . وتشكلُ الثرومبولايت المكامنَ الرئيسيةَ للطبقاتِ الجيريةِ العميقةِ .
وعلى النقيضِ من الثرومبولايت انقرضت الرخوياتُ البحريةُ ثنائيةُ الصدفية قبل 65 مليونِ سنةٍ . وهي رخوياتٌ تشكلُ الشعبَ وتعيشُ في قاعِ البحرِ وتنمو فوق بعضها البعض لتشكيلِ قوالبٍ بعضها تكاد تم الاحتفاظ بها بالكامل . بقايا الرخوياتِ البحريةِ ثنائيةِ الصدفةِ من أحدِ مكامنِ النفطِ الرئيسيةِ في حقلِ شعيبة .
كانت جيولوجية عمان الآسرة –وما زالت- محطَ أنظارِ العلماء عبر السنين بمن فيهم فريقٌ يتكونُ من زهاءِ 200 شخصٍ من الجيولوجيين والجيوفيزيائيين يعملون على جمعِ الأدلةِ مع بعضها البعض التي قد تسفرُ عن اكتشافٍ نفطيٍ فضلاً عن تعظيمِ كميةِ النفطِ التي يتمُ استخراجها من هذه المكامنِ . وتساعدُ الأدلةُ في إرشادِ فرقِ المسحِ الزلزالي إلى الأماكنِ الصحيحةِ ، وبعد ذلك يستخدم الجيولوجيون خبرتهم لتحليل بياناتِ المسحِ الزلزالي على بعدِ مئاتِ الكيلومتراتِ تحتَ سطحِ الأرضِ والبحثُ عن أدلةٍ للفوزِ بالجائزةِ في نهايةِ المطافِ ألا وهيَ العثورُ على مكمنٍ نفطيٍ .
^^^ العمــــانيــــة ^^^
المصـــدر المجــلة الصــادرة عن شركــة تنميــة نفـــط عـُمـــان
وأشكـــر خـــالي المهنـــدس الجيـــولوجـــي على تزويـــدي إيـــاها