>>>>>>
خامسًا....
............حرمة تلويث البحار
يحرم تلويث البحار والأنهار بالنفط وغيره سواء كان عمداً في أصله كما حدث في حرب
الخليج على أثر قيام صدام بتفجير آبار النفط، أو غير عمد إذا كانت المقدمة عمديّة. فإن مقدمة
الحرام حرام أيضاً، كما إذا كانت الناقلة محتملة الانفجار فـي وسط البحر، ثم إن الذي يسبب
الضرر يكـون ضامناً أيضاً فرداً كان أو شركة أو دولة، فالحكم في هذا المورد هو تكليفي
ووضعـي. وذلك يعـدّ كفراً بنعمة الله سبحانه وتعالـــى، كما قال سبحانه: (لئن شكرتم
لأزيـــدنّكم ولئــــن كفرتم إن عذابي لشديد)(7)، وقال فـي آية أخرى: (ألم تر إلى الذين بدلوا
نعمة الله كفراً واحلّوا قومهم دار البَوار جهنم يصلونهـا وبئس القـرار)(
، فالله سبحانه
وتعالى خلق الأرض ومن عليها للعمران والطاعة، كمـا قال سبحانه: (هو أنشأكم من الأرض
واستعمركم فيها...)(9)، وقال فـي آية أخرى: (ويسعون في الأرض فساداً والله لا يحب
المفسدين)(10)، ومعنى ذلك إنه يكرههم لا أنه لا يحبهم على سبيل التوسط بين الحب
والبُغض. وقال في آية أخرى: (فانظر كيف كان عاقبة المفسدين)(11)، فإن الإفساد بطبيعته
له عاقبة سيئة حيث إنه لا يواكب الحياة وكل ما لا يواكب الحياة يكون مصيره الدّمار.
وتغطي البحار ما يقارب 71% من سطح الأرض وتقوم بدور هام في تهيئة الأوضاع
المناسبة لحياة الإنسان وغيره من الكائنات الحية على ظهر هذا الكوكب من خلال تفاعلاتها
المختلفة مـع الغلاف الــجوي والقشرة الأرضية فيما يعرف بالدورات الأرضية الكيماوية.
وتعتبر البحار الموئل لطائفة واسعة مـن النباتات والحيوانات، وتمـدَّ الإنسان بالغذاء والطاقة
والموارد المعنوية، وتعتمد أكثر مـن نصف سكان البلاد النامية على الأسماك البحرية للحصول
على 30% أو أكثر من استهلاكهم للبروتين الحيواني. وقد قـال سبحانه: (وَهُوَ الذي سَخَّرَ
البَحَرَ لتأكُلوُا مِنـهُ لَحماً طريّاً وتَستَخرجوُا مِنهُ حِليَةً تَلبَسوُنَهـا وَتَرَى الفُلـكَ مَوَاخِـرَ فِيـهِ
ولتَبتَغـوُا مِـن فَضلِهِ وَلَعَلَّكُم تَشكُروُنَ)(12).
7ـ سورة إبراهيم: الآية 7.
8 ـ سورة إبراهيم: الآية 28 ـ 29.
9 ـ سورة هود: الآية 61.
10- سورة المائدة: الآية 64.
11ـ سورة الأعراف: الآية 103.
12ـ سورة النحل: الآية 14.