البكري (000-487هـ /000 -1094م)
عبد الله بن عبد العزيز بن محمد بن أيوب بن عمرو وكنيته أبو عبيدة والمعروف بالبكري نسبة إلى قبيلته العربية "بكر" ، ويعرف أيضا بالمرسي نسبة إلى بلدته الأندلسية "مُرْسِية". جغرافي فقيه لغوي نسابة، عاش في القرن الخامس الهجري / الثاني عشر الميلادي.
البكري أقدم جغرافي أندلسي وصلت إلينا مؤلفاته، ولد بمدينة مرْسِية بالأندلس ولم تحدد له الموسوعات أو كتب تأريخ العلوم تاريخ ميلاده، وكانت قبيلته بكر ذات شأن عظيم في غربي الأندلس بين القبائل العربية، فقد كان جده محمد بن أيوب واليا على شلطيش (مدينة في الجنوب الغربي من الأندلس) ونجح في الاستقلال بالمدينة عن الخلافة الأموية في فترة الاضطراب التي يسميها المؤرخون عهد ملوك الطوائف، ولكن ابنه عبد العزيز عجز بعد وفاته أن يثبت لهجمات المعتضد فاضطر إلى تسليم المدينة . وحمل أمواله وفر سرا هو وولده عبد الله البكري وذهبا إلى قرطبة ، وكانت قرطبة مستقلة في ذلك الوقت يحكمها طبقة من الأعيان بزعامة أسرة بني جهور.
أتم البكري دراسته في قرطبة على يد أشهر علماء قرطبة ومن بينهم أبو مروان بن حيان، ولما توفي أبوه عام456هـ /1064 م التحق بخدمة محمد بن معن أمير المرية الذي رحب به في مجلسه وجعله من صفوة خلصائه. وتابع البكري دروسه بقرطبة. وفي عام 478هـ /1085 م سافر البكري إلى إشبيلية في صحبة المتعمد بصفته سفير أمير المرية إلى مراكش ليطلب العون من يوسف بن تاشفين على نصارى قشتالة. وظل يتنقل بين مدن الأندلس والمغرب عائدا إلى قرطبة بين حين وآخر فقد كان يهوى السفر والترحال إلى أن توفي عام 487هـ /1094 م، ودفن بمقبرة أم سلمة بقرطبة، وقد نال البكري تقدير المعاصرين له عالما وأديبا فقد كان شاعرا تحفظ أشعاره، وكذلك كانت مؤلفاته في فقه اللغة والأدب تحظى بمكانة عالية وخلدت ذكراه بين الناس ومنها: كتاب في أعلام نبوة نبينا محمد . شفاء عليل العربية . الأمثال السائرات ، وهو شرح لكتاب الأمثال لابن سلام. كتاب اللآلي على كتاب الأمالي .
أما مؤلفاته الجغرافية التي ذاعت في العالم العربي فمن أهمها كتاب: المسالك والممالك ، ومن أغراضه أن يكون دليلا للمسافرين، وهو كتاب من أمهات المصنفات العربية في الجغرافيا، وقد كان الكتاب يتكون من عدة مجلدات عن مسلمي العالم الإسلامي في القرن الخامس ال هجري / الحادي عشر الميلادي، وقد نقل عنه كثير من المصنفين المتأخرين، ومع الأسف لم يصلنا من هذا الكتاب إلا أخبار شمالي افريقيا وصفحات من تاريخ الأندلس.
وكتاب المسالك والممالك ينتمي لما يمكن أن يسمى بالجغرافيا البلدانية كما يدعوها مؤرخو العلوم، وكما يتضح في هذا الكتاب فقد كان البكري مهتما بالوصف الدقيق للأقاليم التي ذكرها وهي أقاليم: الجزيرة، الشام، فلسطين، مصر، تونس، المغرب، الأندلس. وتحدث عن ممالك الهند والصين والسند والسودان، وذكر بدقة جغرافية المدن، ووصف خواص تلك المدن من حدود ومعادن وصناعات ومنتجات، والمدن المجاورة لها والأبعاد بينها، وقد اهتم اهتماما خاصا بأسماء الأقطار والمدن وما يربط بينها من طرق مواصلات وأخبار أهلها، وصفات الأرض وتضاريسها، والأقاليم السبعة والبحار و الأنهار ، والعجائب التي ترويها الشعوب. وقد تجاوز البكري في كتابه هذا الأفكار الأسطورية عن تكوين الأرض وتقسيمها ما بين معمور وغير معمور، مما جعل كتابه متميزا بين الكتب العربية للجغرافيا الوصفية للبلدان.
ومن كتب البكري الهامة الأخرى كتاب: معجم ما استعجم ، وهو كتاب يدل على اهتمام البكري بأسماء البلدان، فهو بمثابة معجم للبلدان المشكوك في أسمائها، وقد استفاد فيه من خبرته بالفن والأدب، فقد كان يرجع فيه دائما إلى نصوص الشعر القديم وما ورد في المصنفات التاريخية القديمة. وله كتاب في النبات بعنوان: أعيان النبات والأشجار الأندلسية ، وهو كتاب مبني على ملاحظات البكري ومراقبته للنبات في الأندلس. وقد استفاد منه ابن البيطار .