Advanced Search

المحرر موضوع: البروفيسور ستيفان هوكينج في جـامعـة بيـرزيـت  (زيارة 1324 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

ديسمبر 16, 2006, 12:33:03 مساءاً
زيارة 1324 مرات

maths

  • عضو خبير

  • *****

  • 1037
    مشاركة

  • عضو مجلس الرياضيات

    • مشاهدة الملف الشخصي
البروفيسور ستيفان هوكينج في جـامعـة بيـرزيـت
« في: ديسمبر 16, 2006, 12:33:03 مساءاً »
"يعود بالتـاريـخ إلى الـوراء" في جـامعـة بيـرزيـت
البروفيسور ستيفان هوكينج .. عبقريته في الفيزياء وحكاية تحديه للـمرض مثار إعجاب العالـم !
 

 
 
 
 
كتب يوسف الشايب:

قبل قدومه بأكثر من ساعتين، تجمع مئات الطلبة في جامعة بيرزيت، أمام مبنى كلية العلوم، الأربعاء الـماضي، في محاولة لالتقاط صورة، أو حتى مجرد التمكن من مشاهدة بروفيسور الفيزياء والرياضيات البريطاني ستيفان هوكينج، الـملقب بـ "العقلية الفيزيائية الثانية بعد نيوتن"، حيث اعتبرت نظريته عن أصل الكون ونهايته، تحولاً في هذا الاتجاه، خاصة أنه ركز جهوده، طوال العقود الـماضية، على التوحيد بين "فيزياء الكم"، و"نسبية اينشتاين". واستغرقت طريق هوكينج، من القدس إلى رام الله، أطول من الـمعتاد، حيث احتاج لتلقي علاج خاص، قبل، وخلال، وبعد الرحلة، كونه ومنذ كان في سن الحادية والعشرين، يعيش حبيس كرسيه الـمتحرك، بعد إصابته بمرض ALS، وهو مرض يصيب الجهاز العصبي، ويؤدي بالـمريض إلى فقد القدرة على التحكم في عضلاته بالتدريج، وأصيب به هوكينج عندما كان يحضّر رسالته في الدكتوراه في الفيزياء النظريّة بجامعة كامبريدج، التي يحاضر فيها هذه الأيام، غير أنّه لـم يستسلـم، بل سُمع يقول مرة: إن مرضه كان بركة عليه، ويعتقد آخرون أنه كان بركة على العالـم بأسره !
وعلاوة على أن هوكينج، الـمولود في العام 1942، اضطر إلى قضاء حياته على كرسيّ متحرك، فإنه فقد صوته بعد شق قصبته الهوائيّة، وكما يقول صديقه ديفيد فيلكين: إلا أن عقله ظل كحد السيف، كما كان دائماً، وبمساعدة الكمبيوتر ومحاكي الصّوت، الـمتّصلين بالكرسي الـمتحرك، واللذين تواصل عبرهما مع جمهور "بيرزيت"، أصبح ستيفان قادراً على إكمال عمله الأكاديمي.
حصل هوكينج في العام 1979 على الكرسي اللوكاسياني في الرياضيّات بجامعة كامبريدج، وهو خبير في الثقوب السوداء، ويعد من أعظم علـماء وعباقرة نهاية القرن العشرين، حيث اهتم بالعمل على انتشال الناس من حيرتهم حول فهم الكون، عبر كتاب مبسط يفهمه العامة، وأنصاف الـمتعلّمين، والـمتعلّمين كذلك، حول نشأة الكون ونهايته، وكيف نظر البشر إلى هذا الكون منذ القديم، وحتى أحدث النظريّات العلـميّة الحديثة، وهذا ما قدمه في محاضرته، التي شهدت حضوراً لافتاً، واهتماماً كبيراً من الجامعة، والـمجتمع الفلسطيني، حيث وصف الكثير من الحضور، زيارة هوكينج بالتاريخية.
ونجح هوكينج، فعلاً في تقديم هذه النظرة الـمبسطة لنشوء الكون، ونهايته، في كتابه "تاريخ موجز للزمن"، الذي حقق مبيعات هائلة في جميع أنحاء العالـم، وأعاد نشر قصة مبسطة عن الكتاب، العام الـماضي.
والـملفت في حكاية هوكينج، ليس فقط عبقريته العلـمية الفذة، بل كونه، ورغم الـمرض الذي يصفه الأطباء بالـمميت، استطاع أن يجاري بل ويتفوق على أقرانه من علـماء الفيزياء، رغم سلامة أيديهم، وقدرتهم على كتابة الـمعادلات الـمعقدة، وإجراء الحسابات الطويلة على الورق، حيث كان هوكينج، وبطريقة تكاد لا تصدق، يجري هذه الحسابات في ذهنه، حتى حظي بذات اللقب و كرسي الأستاذية، الذي سبق أن حظي به من قبل السير إسحق نيوتن.
وعلاوة على أنه يستخدم صوتا الكترونياً، عبر الحاسوب، بسبب إجراء عملية للقصبة الهوائية، فقد صوته إثرها، بات منذ سنوات غير قادر على تحريك ذراعه وقدمه، بل أصبح غير قادر على الحركة تماماً، ليرتبط، منذ ذلك الحين، بجهاز الكتروني خاص موصول مع الكرسي يتلقى الأوامر عن طريق حركة العين والرأس، فيعطي بيانات مخزنة في الجهاز، وهذا الجهاز الحوسبي طورته شركة "إنتل" خصيصاً لهوكينج.
والـملفت، حسب الـمقربين لهوكينج، أنه يتميز بالدعابة، وعشقه الكبير للأطفال، فهو يدعم كثيراً مشاريع تنمية الطفولة، وكذلك مواقفه السياسية، والتي كان من بين أبرزها مشاركته في مظاهرات ضد الحرب على العراق.

حكاية منذ الطفولة
وحكايته مع الفيزياء تعود إلى العام 1950، وبالتحديد، حين كان في سن الثامنة، حيث انتقلت أسرته إلى "سانت ألبانز"، التي تبعد بمسافة 20 ميلاً إلى الشمال من لندن، وهناك التحق بالـمدرسة، ومن ثم "بيونيفرسيتي كوليج" في أكسفورد، حيث درس الفيزياء، وبعد ثلاث سنوات حصل على شهادته في علوم الطبيعة بدرجة الشرف، وتوجه إلى "كامبريدج"، لإجراء أبحاثه في علـم الكونيات، فحصل على شهادة الدكتوراه، وعمل بعدها كزميل باحث، ومن ثم زميل محاضر في إحدى الجامعات.
ومنذ العام 1979 شغل ستيفن كرسي لوكاس كبروفيسور للرياضيات، وهو الكرسي الذي تعود بدايته إلى العام 1663، وشغله من قبل علـماء مشاهير من أمثال اسحق بارو، واسحق نيوتن.
وعمل ستيفن هوكينج على القوانين الأساسية التي تحكم الكون، ومن الـمنشورات التي صدرت له هناك "النسبية العامة"، و"300 عام من الجاذبية"، بالإضافة إلى كتابين حققا نسبة مبيعات كبيرة هما التاريخ الـموجز للزمن، وكتاب آخر جمع فيه محاضراته وأبحاثه بعنوان "الثقوب السوداء"، و"الكون الطفل" ومقالات أخرى، وقد منح هوكينج ما يزيد على 12 درجة شرف وجوائز وميداليات، وهو زميل في الجمعية الـملكية البريطانية، والأكاديمية القومية للعلوم في الولايات الـمتحدة الأميركية.
ولا يزال ستيفن هوكينج يجمع بين النجاح في الحياة العائلية إذ لديه ثلاثة أبناء وحفيد، والنجاح الـمهني من خلال أبحاثه في الفيزياء النظرية، بالإضافة إلى جدوله الـمكتظ بالرحلات والسفر، وإلقاء الـمحاضرات العامة، والتي كان آخرها محاضرة "العودة بالتاريخ إلى الوراء"، في جامعة بيرزيت.
في العام 1960 نشر هوكينج نظريته الكبرى الـموحدة عن أصل الكون، وفي العام 1971 وبالتزامن مع عالـم الرياضيات روجر بنروز، أصدر نظريته التي تثبت رياضياً، وعبر نظرية النسبية العامة لاينشتاين، بأن الثقوب السوداء، أو النجوم الـمنهارة بالجاذبية، هي حالة تفردية في الكون "أي أنها حدث له نقطة بداية في الزمن"، وفي العام 1974 أثبت نظرياً أن الثقوب السوداء تصدر إشعاعاً، على عكس كل النظريات الـمطروحة آنذاك، وسمي هذا الإشعاع باسمه "اشعاع هوكينج"، استعان بنظريات ميكانيكا الكم وقوانين الديناميكا الحرارية، ثم طور مع معاونه "جيم هارتل"، من جامعة كاليفورنيا، نظرية اللاحدود للكون، التي غيرت من التصور القديم للحظة الانفجار الكبير عن نشأة الكون، إضافة إلى عدم تعارضها مع أن الكون نظام منتظم ومغلق، وفي العام 1988 نشر كتابه "موجز تاريخ الزمن"، الذي حقق أرقام مبيعات وشهرة عالية جداً، ولاعتقاد هوكينج أن الإنسان العادي، يجب أن يعرف مبادئ الكون، فقد بسط النظريات بشكل سلس جداً، وفي العام 1993 نشر مقاله بعنوان "الكون الوليد والثقوب السوداء"، وفي 2001، نشر كتابه "الكون في ملخص" أو "الكون في قشرة جوز"، وفي العام الـماضي 2005، نشر نسخه جديدة من كتابه "موجز تاريخ الزمن" بشكل مبسط أكثر فأكثر.. ومن عباراته الشهيرة التي طالـما يرددها في محاضرته، بما فيها محاضرة أول من أمس، رده على تساؤل مفاده: ماذا يأتي قبل الانفجار الكبير في الكون؟، حيث أن الرد على هذا السؤال، حسب هوكينج، يشبه سؤال "ما الـمكان الذي يقع شمال القطب الشمالي؟"، حيث كانت هذه الإجابة تلخيصا لنظريته حول الكون الـمغلق غير الـمحدود.

غزو الفضاء
ولا يعتقد، هوكينج، الذي عبر عن سعاته بزيارة فلسطين، وجامعة بيرزيت، أن العنصر البشري سيتمكن من العيش في الألف عام الـمقبلة، إلا إذا تمكن من غزو الفضاء، لأن هناك الكثير من الحوادث، التي يمكن أن تقضي على الحياة في كوكب واحد.
وقال هوكينج إن علـم البيولوجيا وليس الفيزياء، هو الذي سيشكل التحدي الأكبر بالنسبة لبقاء الجنس البشري واستمراره، مشيراً إلى إن أحداث الحادي عشر من أيلول في الولايات الـمتحدة، ورغم أنها كانت مروعة، لكنها لـم تقض على الجنس البشري، غير أن الأسلحة النووية قادرة على ذلك، معرباً عن قلقه من أخطار البيولوجيا، لأن الأسلحة النووية، كما يرى، تحتاج إلى مصانع وتسهيلات كبيرة، بينما لا تحتاج أبحاث هندسة الأجنة سوى مختبر صغير يمكن أن يوجد بمصادر متواضعة، وليس بالإمكان فرض ضوابط معينة على كل مختبر في العالـم، حسب قوله.
ومن الـمعروف أنه نادراً ما يقبل هوكينج التحدُّث إلى وسائل الإعلام، إلا أنه تحدَّث، مرة، إلى هيئة الإذاعة البريطانية، فأكد على اعتقاده بأنَّ الجنس البشري مهدَّد بالزوال إذا لـم يسارع إلى تطوير تكنولوجيا ووسائل نقل فضائية، تمكِّنه من استيطان كواكب "ملائمة" في مجموعات شمسية أخرى، فليس في مجموعتنا الشمسية من الكواكب التي تلائم الاستيطان البشري، وفق ما يشير.
والـمشكلة الكبرى التي لـم تحل حتى الآن، والتي لا بد من حلها تلافيا لكارثة كونية، أو كارثة من صنع البشر، يمكن أن تؤدي إلى زوال الجنس البشري، حسب هوكينج، تكمن في عجز البشر العلـمي ـ العملي، أو التكنولوجي، عن إيجاد بديل من الوقود الكيميائي التقليدي الذي يستخدمونه الآن قوة لدفع لصواريخهم الفضائية، فالوصول إلى أقرب كوكب ملائم للاستيطان البشري بمركبات فضائية تستخدم مثل هذا الوقود يستغرق نحو 50 ألف عام!
وفي سعيه إلى البحث، أو إلى التشجيع على البحث، عن حل ثوري لتلك الـمشكلة، تحدَّث هوكينج، مؤلِّف كتاب "تاريخ مختَصَر للزمن"، عن استخدام مركبات فضائية على غرار "ستار تريك"، وعن سفينة النجوم الخيالية "انتربرايز" التي تَستَخدم قوة دفع تسمح لها بالسير في الفضاء بسرعة تفوق سرعة الضوء، فتنتَقل "لحظيا" إلى الـموضع الكوني الذي تريد.
لـم يقل هوكينج بقوة دفع كهذه؛ لأنَّ القول بها ينطوي على انتهاك كبير لقانون فيزيائي من أهم قوانين نظرية "النسبية" لآينشتاين هو قانون استحالة أن يتخطى أي جسم، أو جسيم، أكان له كتلة أم لـم يكن، في سرعته، سرعة الضوء، التي هي السرعة العظمى في الكون.
هوكينج انتقل، في حديثه النادر، من روايات الخيال العلـمي، إلى بعض النظريات والحقائق الفيزيائية، في سعيه إلى إيجاد حل لـمشكلة القوة الدافعة للصواريخ الفضائية، فأوضح أنَّ تطوير تكنولوجيا تسمح لنا بالإفادة من "الطاقة الخالصة" ـ الـمتأتية من تفاعل جسيمات الـمادة مع جسيمات الـمادة الـمضادة، كعملية تصادم الإلكترون وجسيمه الـمضاد البوزيترون ـ في الحصول على قوة دفع لصواريخنا الفضائية تمكننا من السفر في الفضاء بسرعة تقل قليلا عن سرعة الضوء التي تبلغ 300 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة.
الحل الذي يتوقَّعه هوكينج يقوم أولا على تكنولوجيا تسمح للبشر بالحصول على "الطاقة الخالصة" ما يسمى عملية "الفناء الـمتبادل للـمادة والـمادة الـمضادة"، فهذا الـمَصْدَر من الطاقة هو، بحسب ما يأمل ويتوقع هوكينج، الذي يمكنه تزويدنا قوة الدفع الصاروخية تلك.
ولكن، ثمة مشكلة أخرى لا بد من حلها، إذا ما حللنا مشكلة "قوة الدفع"، هي أن الوصول إلى كواكب ملائمة للاستيطان البشري يستغرق، ولو سافرنا في الفضاء بسرعة تقل قليلاً عن سرعة الضوء، زمنا طويلا جدا.. مئات، أو آلاف، أو ملايين، أو مليارات، السنين، فكيف الحل؟! .. الحل جاء به آينشتاين إذ اكتَشَف، وإذ أقيم الدليل الفيزيائي ـ العملي على صحَّة اكتشافه، أنَّ الزمن يتباطأ في مركبة فضائية تسير بسرعة قريبة من سرعة الضوء، وهوكينج الـمؤمِن بهذا الذي جاء به آينشتاين، أي "تباطؤ (أو تمدُّد) الزمن"، لا يرى مشكلة في سفر الإنسان إلى كوكب يبعد عن الأرض مسافة يقطعها الضوء في زمن مقداره مئات، أو آلاف، أو ملايين، أو مليارات، السنين.
ولا يبدو حديث هوكينج، من الخيال العلـمي، في جوهره ومبدئه، فبعض التجارب الفيزيائية العملية أقامت الدليل على صحَّته، إذا سافر إنسان في مركبة فضائية بسرعة قريبة من سرعة الضوء (290 ألف كيلومتر في الثانية الواحدة مثلا) إلى كوكب يبعد عن الأرض مسافة يقطعها الضوء في زمن مقداره، مثلا، 10 ملايين سنة فإنه يستطيع الوصول إلى هذا الكوكب، والعودة منه إلى الأرض، في زمن مقداره، مثلا، 10 ساعات، بحسب ساعة هذا الـمسافر (التي تباطأ سير الزمن فيها..) هذا الـمسافر لـم يَزِدْ عُمْره فعلا سوى 10 ساعات؛ ولكن عُمْر الأرض زاد بنحو 12 مليون سنة.. مسافرنا هذا سيعود إلى الأرض ليجد أنَّ 12 مليون سنة قد مرَّت على الأرض بينما هو زاد عمره 10 ساعات فحسب، معنى ذلك أنَّ السفر في الفضاء بسرعة قريبة من سرعة الضوء يسمح لأي إنسان شاب أن يصل إلى كوكب يبعد عن الأرض أكثر مما تبعد الشمس بملايين الـمرات قبل أن يشيخ أو يموت، فالسفر الفضائي بمثل هذه السرعة يطيل، ويطيل كثيرا، عُمْر الإنسان الـمسافر بالنسبة إلى سكان الأرض وليس بالنسبة إليه.. هو سيعيش، مثلا، 70 عاماً بحسب ساعته؛ ولكنه، بحسب ساعة سكان الأرض، عاش، مثلا، ملايين السنين!

تكيف وإرادة
وفي الوقت الذي حاول فيه هوكينج حل طلاسم نشأة الكون وتحولاته، حاول الكثيرون ممن يعرفون القدر اليسير عنه، الاقتراب من حكاية، في محاولة للتعرف على الكيفية التي تعامل فيها هذا العبقري مع إعاقته الجسدية، فهو يحاول أن يعيش حياة طبيعية قدر الـمستطاع، ويبتعد عن التفكير بإعاقته والأشياء التي لا يستطيع القيام بها، والتي يرى بأنها ليست كثيرة.
وفق ما يؤكد مقربون منه، فقد كانت صدمته كبيرة عندما علـم أنه مصاب بخلل في الأعصاب الحركية، فمنذ طفولته لـم تكن حركته متناسقة، إذ لـم يكن ماهرا في لعب الكرة، وكان خط يده معضلة بالنسبة إلى مدرسيه، ولعل ذلك كان سبب عدم اهتمامه بالرياضة والنشاطات البدنية، ولكن الأمور تغيرت قليلا بعد التحاقه بجامعة أكسفورد في سن السابعة عشرة، بدأ يمارس التجديف وسباق الزوارق، وفي عامه الثالث في أكسفورد لاحظ ستيفان أن الأمور بدأت تسوء، اذ وقع لـمرتين أو ثلاث دون سبب واضح، واصطحبه والده إلى طبيب استشاري وقتها، وبعد عيد ميلاده الحادي والعشرين، أدخل ستيفان إلى الـمستشفى لإجراء الفحوص، وعندها علـم من الأطباء أنه يعاني من حالة خاصة ستشهد في الـمستقبل القريب تدهورا كبيرا، وأنه ليس في وسعهم أن يفعلوا شيئا سوى إعطائه بعض الفيتامينات، وهنا شعر من كلام الأطباء أن الفيتامينات لن تكون ذات فائدة، وتوقف عن السؤال عن التفاصيل، بعد أن أدرك أنها ستكون أكثر سوءاً.
صعق هوكينج حين علـم بإصابته بمرض عضال لا علاج له، سيفتك به خلال سنوات قليلة، وخلال وجوده في الـمستشفى شاهد طفلاً كان يقيم بجواره، ويعاني من اللوكيميا (سرطان الدم)، وعندها أدرك أن هناك حالات أخرى أكثر سوءا من حالته، فعلى الأقل لـم يكن مرضه يسبب له الشعور بالألـم، وهكذا كلـما كان شعور الأسى يحاول أن يتسلل إلى قلبه، كان يتذكر ذلك الطفل.
لـم تكن نهاية مرض هوكينج محددة، لذلك نصحه الأطباء بالعودة إلى كامبريدج، التي لا يزال يحاضر فيها، والاستمرار بالعمل الذي كان قد بدأه حول النسبية العامة وعلـم الكونيات، ولكنه لـم يكن يعتقد أنه سيعيش إلى حين حصوله على شهادة الدكتوراه، وبدأ يتحول إلى شخصية تراجيدية متأثرا بما كان يقرأه في مقالات الصحف والـمجلات عن حالته الـمرضية، ولكن فجأة حدث تحول كبير في نفسية ستيفان، فقبل أن تشخص حالته الـمرضية كان يشعر بملل كبير من الحياة، ولكن بعد اكتشاف الـمرض بفترة قصيرة اتضح له أن هناك الكثير من الأشياء التي يمكنه أن يقوم بها، فكان حلـمه الأكبر أن يضحي بنفسه لإنقاذ الآخرين، وأخذ يفكر بأنه طالـما أنه سيموت فمن الأفضل أن يترك وراءه الأعمال الجيدة.
ولكن ستيفن لـم يمت، وبالرغم من وجود غمامة سوداء تحيط بمستقبله، إلا أنه وجد نفسه أكثر استمتاعا بالحياة من ذي قبل .. بدأ ستيفن يحرز تقدما في أبحاثه، وتقدم لخطبة فتاة تدعى جين وايلد كان قد تعرف عليها في الوقت الذي تم فيه تشخيص حالته الـمرضية، وغيرت تلك الخطوبة من مسيرة حياته، إذ شعر بأن هناك ما يعيش من أجله، ولكن ذلك وضع على عاتقه مسؤوليات أخرى، إذ إن الزواج يحتم عليه العثور على عمل يحقق من ورائه الدخل اللازم لحياته وحياة عائلته، ولذلك تقدم بطلب إلى كلية جونفيل وكيز في كامبريدج، للعمل كزميل باحث، وبالفعل حصل على العمل، وتزوج بعد ذلك بشهور قليلة، وله ثلاثة أبناء.
وفي الكلية لعب الحظ دوره مع هوكينج، إذ تم تكليفه بالعمل على أبحاث الفيزياء النظرية، وهو من الـمجالات القليلة التي لا تقف إعاقة ستيفان الحركية عقبة في طريق العمل فيها، فحتى العام 1974 ظل قادرا على الاعتماد على نفسه، ولكن بعد أن بدأت الأمور تصعب أكثر فأكثر بدأ هوكينج يعتمد على أحد طلبته، ليقيم معه مجانا، مقابل أن يقوم بمساعدته في حياته اليومية، ومن ثم استعان بكوادر التمريض لهذا الغرض.
في العام 1985 أصيب بمرض في الرئة والقصبة الهوائية، وخضع لعملية فتح فوهة في العنق، كانت بدأت قبلها قدرته على الكلام تتعثر، ولـم يعد أحد يفهم كلامه غير الـمقربين منه، لكنه لـم يستسلـم للأمر فقد ظل مواظبا على الاتصال بالآخرين، وكان يعد الأوراق العلـمية عن طريق تلقينها لسكرتيره، وكان يلقي الـمحاضرات من خلال مترجم يعيد كلـماته بصورة أكثر وضوحا، لكن العملية الجراحية أفقدته الـمقدرة على الكلام بشكل نهائي، وأصبحت الطريقة الوحيدة الـمتوفرة أمامه للتواصل مع الآخرين هي تهجئة الكلـمات بالإشارة إلى حروفها على لوحة الأحرف أمامه، وجاء حل هذه الـمشكلة على يد خبير الكمبيوتر الأميركي وولت وولتوز، الذي أعد له برنامجا خاصا يدعى "ايكويلايزر"، يستطيع من خلاله اختيار كلـمات من قائمة بواسطة الضغط على زر باليد، كما يمكن التحكم بالبرنامج عن طريق حركة الرأس أو العينين، وبعد الانتهاء من انتقاء الكلـمات يقوم بإرسالها إلى جهاز ينتجها بشكل صوتي، وهم ما قام به تماماً في محاضرته بجامعة بيرزيت.
في البداية كان على هوكينج استخدام هذا البرنامج من خلال جهاز الكمبيوتر الـموجود على مكتبه وحسب، ولكن فيما بعد تمكن عالـم آخر من تزويد كرسيه الـمتحرك بجهاز كمبيوتر، وجهاز التركيب الصوتي، وبذلك أصبح قادراً على إنتاج ما يصل إلى 15 كلـمة في الدقيقة، وبواسطة هذه التقنية أصبح قادراً أيضاُ على اصدار كلـماته بشكل صوتي، أو مطبوع، أو حتى تخزينها على قرص مرن واستعادتها وقت الحاجة، كما استخدم ستيفان هذا البرنامج لتأليف كتاب، وعشرات الأبحاث العلـمية، وإلقاء العديد من الـمحاضرات التي لاقت استحسانا من قبل الحضور.
وهكذا لـم تقف الإعاقة الجسدية التي مني بها هوكينج في طريق حياته، ولـم تمنعه من تأسيس أسرة سعيدة ومن تحقيق النجاحات الهائلة في عمله .. ويرى ستيفان أن ذلك كله كان بفضل زوجته جين وأبنائه، ومساعدة الكثير من الناس والـمنظمات من حوله، فهو يعتبر نفسه محظوظا لأن مرضه لـم يتطور بالسرعة الـمفروضة، ولكن الحقيقة أن قوته جاءت من أنه لـم يفقد الأمل في الحياة أبداً، كما يؤكد الـمقربون منه.
 
جريدة الأيام

ديسمبر 16, 2006, 03:15:53 مساءاً
رد #1

maths

  • عضو خبير

  • *****

  • 1037
    مشاركة

  • عضو مجلس الرياضيات

    • مشاهدة الملف الشخصي

ديسمبر 16, 2006, 03:22:34 مساءاً
رد #2

أرشميدس مصر

  • عضو خبير

  • *****

  • 1875
    مشاركة

  • مشرف الفيزياء

    • مشاهدة الملف الشخصي
البروفيسور ستيفان هوكينج في جـامعـة بيـرزيـت
« رد #2 في: ديسمبر 16, 2006, 03:22:34 مساءاً »
السلام عليكم

جزاك الله خيرا أخت ماثز .

ويعطيك العافية  ':203:'

تحياتي!

يناير 06, 2007, 09:31:24 مساءاً
رد #3

greencity

  • عضو مشارك

  • ***

  • 425
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
البروفيسور ستيفان هوكينج في جـامعـة بيـرزيـت
« رد #3 في: يناير 06, 2007, 09:31:24 مساءاً »
أتمنى لو كنت في جامعة بيرزيت
كان عندي سؤالين للعالم ؟

يناير 07, 2007, 12:30:59 صباحاً
رد #4

Vipera Palestina

  • عضو خبير

  • *****

  • 1539
    مشاركة

  • مشرف قسم الحاسوب

    • مشاهدة الملف الشخصي
    • http://ala.aburayyan.com
البروفيسور ستيفان هوكينج في جـامعـة بيـرزيـت
« رد #4 في: يناير 07, 2007, 12:30:59 صباحاً »
هذا الرجل عبارة عن اعجوبة قائمة بحد ذاتها..
و أفكاره و طريقة شرحه تدل على انه انسان هائل القدرات العقلية.

تحياتي للجميع..
الحياة مزيج جميل مستعص على الادراك البشري من القوة و الحب و الكره و الضعف و لا نمسها بشيء .. بل هي من يمسنا بكل شيء و طريقنا الوحيد لتغييرها هي تغيير أنفسنا من الداخل. و هو أصعب ما يمكن لي أن أتصور حدوثه.
كل شيء في هذه الحياة قد رسم بخط أسود... و إن لم نره !

ألا كل شيء ما خلا الله باطل و كل نعيم لا محالة زائل