الآن وقد انقضى العيد.. وعاد من سافر المعايدة وللتعييد في الداخل وفي الخارج، وبعد أن رجع الناس إلى مواقع عملهم ومناكب معيشتهم العادية، وبعد أن أكملوا فرحتهم بالعيد،..إليكم الآن بعض المراجعة، مع شيء من المصارحة إن سمحتم --حيال مسألة "رؤية" هلال الشهر القمري، مع أملي الأخذ بما جاء هنا أو بعضه،.. ولو للأعياد والمناسبات القادمة. وكل عيد وكل مناسبة والجميع بخير.
هذه المرة وعلى الأقل في منطقة الخليج العربي، لم تـنح "رؤية الهلال" المنحى العلمي، فلقد جاء "شاهد" (الرؤية) الفلكية مجانباً للحقيقة[..بلا شك من حيث لا يقصد] وأخطأ من حيث لم يحتسب؛ فلقد شُبِّه له أنه "رأى" الهلال، في حين أن ما "رآه" كان سراب الهلال.
فالذي حدث هو أنه بينما كان الهلال الوليد متوارياً خلف الشمس كان في الأفق هواء بارد من [على مد مستوى إبصار العين في خط مستقيم]،.. بينما كان على الجهة المرتفع[في درجة حادة..] هواء دافئ، مما سبب للرائي "رؤية" انعكاس –كما في انعكاسات السراب في الصحارى -وكما في انعكاس المرايا- للهلال الحقيقي القابع في الجهة الأخرى.
وكما أوضح الدكتور وهيب الناصر، وهو نائب رئيس الجمعية الفلكية البحرينية/ عميد كلية العلوم في جامعة البحرين.. إن الذي حدث هو انكسار شعاع الضوء بسبب مروره من وسط دافئ إلى وسط بارد؛ وأفاد بأن الذين ظنوا أنهم "رأوا" الهلال، إنما رأوا "خداعاً بصرياً تمثل في سراب الهلال، أو ما أسماه الدكتور وهيب: "السراب القطبي"، فأشار إلى أن غروب القمر في مكة المكرمة (والمملكة العربية السعودية) في يوم الجمعة 12 من نوفمبر 2004 م، يسبق غروب الشمس بحوالي 10 دقائق.. مما تستحيل معه "رؤية" الهلال. فـما رصده "الشهود" إنما كان صورة خيالية للهلال.. بسبب ظاهرة "السراب القطبي"، وتمنى الدكتور وهيب --بكل حُرقة- أن يأخذ الناس بالحسابات العلمية الفلكية في السنوات القادمة.
ولقد كان إعلان "رؤية" هلال عيد الفطر لهذا العام أكثر مفاجأة بعد أن كان قد أُعلن.. بتكرار وتواتر وفي أكثر من جهة علمية وفقهية رسمية وأهلية (بما فيها "تقويم أم القرى" العتيد) أن ستكون غرة شهر شوال 1425هـ، في يوم 14 من نوفمبر / تشرين الثاني، 2004م - يوم الأحد أول أيام عيد الفطر، وقال مثل تلك المقولة أيضاً عميدُ الفلكيين العرب الدكتور صالح العُجيري في الكويت.