المــقــراب العــاكــس
يرجع الفضل في فكرة المقراب العاكس الى الرياضي السكوتلندي غريغوري ، ولكن أول تطبيق عملي له قام به نيوتن سنه 1672 . إن مبدا العاكس بسيط للغاية : ينعكس الضوء من مرآة مقعرة الى نقطة البؤرة ، حيث ترى الصورة المتكونة عبر العينية أيضا. وللعاكس
جوانب إيجابية عديدة. فهو لا يشكو مثلا من المشاكل اللونية كما المقراب الانكساري ، كما أن صنع وتركيب المرآة اسهل بكثير من صنع وتركيب العدسة، وبما أن الضوء لا يمر عبر المرآة، فان نوعية المادة ليست ذات أهمية.
كذلك يمكن للمرآة أن ترتكز على دعائم خلفية. إلا أن هناك مشكلة واحدة ناتجة عن عدم وجود عدسة عينية عند بؤرة المرآة ، وتؤدي الى سد الطريق أمام الضوء القادم من الجسم بمجرد محاولة النظر عبر العدسة العينية.
وكان حل نيوتن لهذه المشكلة يقضي بوضع مرآة مستوية صغيرة مائلة بدرجة 45 درجة، قبل البؤرة بقليل، بحيث ينعكس الضوء الى فتحة جانبية في الأنبوب تسمح بالمراقبة دون صعوبة. يعرف هذا النوع من العاكسات بالنيتروني ولا زال يستعمل حتى اليوم، وخصوصا بين الهواة
وهناك عاكس شائع آخر هو (العاكس المثقوب) وفيه ينعكس الضوء القادم من المرآة الرئيسية مرة أخرى في الأنبوب ليمر عبر ثقب في المرآة الرئيسية الى العدسة العينية، في هذا العاكس يمكن تحقيق بعد بؤري طويل داخل أنبوب قصير ، كما يتيح للمراقب أن ينظر في اتجاه الجسم الذي يراقب (كما في المقراب الانكساري) بدلا من النظر عبر فتحة جانبية في الأنبوب كما في حالة المقراب النيتروني
تسمى دائرة السماء المنظورة من خلال العدسة العينية ب (حقل الرؤية) وهي صغيره جدا في معظم المقرابات. وبما أن الفلكيين يرغبون في تصوير مناطق أوسع من السماء في وقت واحد، فكان لا بد من تطوير أنواع أخري من المقربات ، أكثرها شيوعا هو " عاكس شميدت" فهذا العاكس يستعمل ، بالإضافة إلى مرآته الكبيرة ، ذات البعد البؤري القصير ، لوحة زجاجية مصححة مهمتها إزالة التشوهات العديدة التي تنتج عن حقل واسع للرؤية.
إن من أهم ما يميز المقراب الذي يستخدم للكشف عن الكواكب هو قدرته على لاستبانه ، بمعني ، ما هو قياس اصغر قطعة يتمكن المقراب من تمييزها على سطح الكوكب.
تعرف الاستبانه : بأنها الفرق في الزاوية بين مصدرين للضوء ، وتحسب قدرة استبانه المقراب "R" بثوان من قوس ، بالصيغة التالية : R=4.56/d
حيث d هي طول فتحة المقراب بالبوصات . وهكذا إن كان لدينا مقراب كاسر فتحته تساوي بوصتين يتمكن من مشاهدة معالم لا تتعدى 2.3 ثانية، كما أن عاكسا فتحته 10 بوصات يتمكن من مشاهدة معالم لا تتعدى 0.46 ثانية .
يجب معرفة القطر الزاوي الكوكب لمعرفة حجم اصغر المعالم التي نتمكن من مشاهدتها على سطحه بواسطة المقراب.
ومن المعروف أن الكواكب السيارة العليا تقترب إلى الحد الأقصى وتكون أقطارها الزاوية كبيرة عند الاستقبال، بينما تظهر الكواكب السيارة السفلي في اكبر حجم عند الاقتران السفلي. يبلغ اكبر قطر زاوي للمشتري نحو 50 ثانية، بينما لا يزيد القطر الزاوي للمريخ في احسن الاستقبالات على 25 ثانية. ولو رصدنا المريخ في حالة استقبال جيدة ، نجد أن مقرابا من عيار 10 بوصات يكفي لتبيان معالمه التي لا تزيد عن 0.5 ثانية من طرف إلى أخر أي نحو جزء من خمسين جزء من قطر الكوكب.
وهذا يعني أن اصغر المعالم التي يتمكن هذا المقراب من مشاهدتها لن يتعدى 80 ميلا ين طرف و آخر لان طول قطر المريخ 4000 ميل.
وفي معظم الليالي عندما تكون السماء صافية ، لا تبلغ قدرة استبانه المقراب النظرية قدرته الفعليه بسبب تأثير الغلاف الجوي على الضوء القادم من الكوكب . وغالبا ما يبدو الكوكب متألقا وغير مستقر ويعبر الفلكيون عن هذا بقولهم أن الرؤية سيئة) وقليلا ما تكون الصورة نقية تماما.