Advanced Search

المحرر موضوع: الفحم والبترول... ولدا الشمس  (زيارة 517 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

سبتمبر 23, 2004, 10:22:56 مساءاً
زيارة 517 مرات

marwan

  • عضو خبير

  • *****

  • 2630
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
الفحم والبترول... ولدا الشمس
« في: سبتمبر 23, 2004, 10:22:56 مساءاً »
الفحم والبترول... ولدا الشمس

أ.د. مسلم شلتوت

أستاذ ورئيس قسم بحوث الشمس والفضاء


الطاقة الشمسية هي مصدر جميع الطاقات على الأرض، فطاقة الفحم والبترول والغاز الطبيعي هي في الأصل طاقة شمسية مخزونة تحت سطح الأرض نتيجة لطمر غابات وحيوانات أولية ملايين السنين تحت سطح الأرض. والأشجار تتكون نتيجة لامتصاص أشعة الشمس بالكلوروفيل الموجود بأوراق الأشجار، وإحداث عملية التمثيل الضوئي لبناء الخلايا النباتية الحية من ثاني أكسيد الكربون الممتص من الجو،والكائنات الحية تعتمد بصفة أساسية في طعامها على النبات سواء كمصدر غذائي مباشر أو غير مباشر، إضافة إلى ذلك فإن الشمس هي مصدر جميع الطاقات المتجددة الآن، فهي مصدر طاقة الرياح، وطاقة أمواج البحر، وطاقة باطن المحيطات والمساقط المائية، كما أنها المصدر المباشر لأهم وأنظف طاقة مرشحة للجنس البشري للقرون القادمة وهي الطاقة الشمسية.

وتقدر كمية الطاقة الشمسية المتدفقة إلى الأرض بمقدار 177 مليار كيلووات، بمعدل 1367 وات للمتر المربع خارج الغلاف الجوي للكرة الأرضية، ونتيجة لعمليات الامتصاص والتشتت للإشعاع الشمسي في الغلاف الجوي للأرض فإن ما يصل إلى سطح الأرض هو في المتوسط 750 وات للمتر المربع فقط، تشكل الأشعة المرئية منه 42%، والأشعة فوق البنفسجية 2%، بينما معظم الإشعاع الواصل لسطح الأرض إشعاع حراري تحت الأحمر بمقدار 56%.

وتفوق ما تستقبله الأرض من طاقة شمسية في اليوم الواحد احتياج الجنس البشري من الطاقة لعام بكثير.

والشمس هي نجم متوسط وتعتبر أم ومركز مجموعتنا الشمسية، حيث تفوق كتلتها وحدها مجموع كتلة الكواكب السيّارة التي تدور حولها، فعلى سبيل المثال تبلغ كتلة الشمس 333 مرة كتلة كوكب الأرض. وهي كرة هائلة من الغازات الساخنة يبلغ قطرها 109 مرات قطر الكرة الأرضية، وكثافتها 1.4 جرام لكل سنتيمتر مكعب، وتدور حول نفسها في حوالي 26 يومًا عند خط الاستواء للشمس. وتبلغ كمية الطاقة التي تشعها الشمس في الفضاء 3.9 ألف مليون مليون مليون مليون مليون أرج، وهي ما توازي 523 ألف مليون مليون مليون حصان ميكانيكي. هذه الطاقة الهائلة ناتجة من اندماج الهيدروجين - وهو الغاز المكون الأساسي للكون وللشمس - وتحوُّله إلى غاز الهليوم نتيجة لاندماج نووي داخل باطن الشمس حيث تبلغ درجة حرارة مركز باطن الشمس 15 مليون درجة بجانب الضغط والكثافة المرتفعة في باطنها؛ لذلك يعتبر باطن الشمس مفاعلاً نوويًّا طبيعيًّا هائلاً ينتج عنه أشعة "جاما" وأشعة "إكس" المهلكة، إلا أن هذه الأشعة عند انتقالها من باطن الشمس حتى سطح الشمس تكون قد تحولت نتيجة لعمليات امتصاصها ثم إعادة بثها عبر طبقات الشمس المختلفة إلى أشعة مرئية ذات طول موجي يمكن الإحساس به بالعين البشرية، وهو المصدر الأساسي للطاقة الشمسية.

وسطح الشمس تبلغ درجة حرارته حوالي ستة آلاف درجة، ولكن هناك عند السطح دوامات حمل لنقل الحرارة العالية أسفل السطح لأعلى السطح، هذه الدوامات ينتج عنها فرقعة صوتية وفوق صوتية كتلك التي نسمعها عند تجاوز الطائرات الحربية لحاجز الصوت وزيادة سرعتها عن واحد ماخ فما أكثر.

 وتسري هذه الفرقعات داخل الغلاف الجوي للشمس كموجات صوتية ذات طاقة ميكانيكية ثم تتكسر هذه الموجات في طبقة إكليل الشمس (الكورونا) وتتحول طاقتها إلى طاقة حرارية ترفع درجة حرارة الإكليل إلى أكثر من مليون درجة ليصبح الإكليل مصدرًا للأشعة الراديوية على الأطوال الموجية المختلفة، ابتداء من الموجات الملليمترية حتى الموجات الكيلومترية بما فيه أشعة الميكروويف. كذلك يصبح هذا الإكليل مصدرًا لأشعة "إكس" والأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية وهي أشعة مهلكة وقاتلة، إلا أن الله خلق لنا طبقة الأيونوسفير فوق سطح الأرض بحوالي مائة كيلومتر لامتصاص أشعة إكس القادمة من الشمس، كذلك خلق الله لنا طبقة الأوزنوسفير في طبقات الجو العليا (الستراتوسفير)، حيث يقوم الأوزون بامتصاص الأشعة فوق البنفسجية ذات الطاقة العالية (النوع C)، ولولا الأوزونوسفير لهلكت الحياة على الأرض في دقائق؛ لذلك فإن وجود ثقب في هذه الطبقة الهامة سيؤدي إلى عواقب وخيمة لكل المخلوقات الأرضية.

متوسط المسافة ما بين الأرض والشمس 150 مليون كيلو متر. وللشمس مجال مغناطيسي تبلغ شدته 6 جاوس وتتغير أقطابه كل أحد عشر عامًا، فالقطب الموجب يصبح سالبًا والسالب يصبح موجبًا.. وهكذا يعود الموجب ليبقى موجبًا مرة ثانية والسالب يعود ليبقى سالبًا مرة ثانية كل 22 عامًا.

ونتيجة لدوران الشمس حول نفسها يحدث ما يسمى بالتراكمات المغناطيسية وارتفاع شدة المجال المغناطيسي في بعض المناطق على سطح الشمس لأكثر من ألفي جاوس، وهو أكبر من شدة المجال المغناطيسي للأرض ملايين المرات.

 يؤدي هذا المجال المغناطيسي في المنطقة النشطة على سطح الشمس إلى إعاقة دوامات الحمل وتفقدها جزءاً من طاقتها الحرارية لتحويلها إلى طاقة ميكانيكية للوصول إلى الشمس، فتصبح هذه المناطق معتمة عن باقي سطح الشمس، حيث تقل عمَّا حولها بحوالي ألفي درجة وتسمى البقع الشمسية. ويمتد هذا المجال المغناطيسي للبقع الشمسية داخل الغلاف الجوي للشمس، ويحدث ما يسمى بالغطاء المغناطيسي، يمنع هروب الغازات من سطح الشمس إلى الفضاء الخارجي حتى يرتفع ضغط هذا الغاز لدرجات عالية ينتج عنه ما يسمى بالانفجارات الشمسية، وفي بعض الأحيان تصل طاقة هذه الانفجارات إلى مائة مليون مليون مليون مليون مليون أرج (وحدة طاقة)، وتفوق طاقة القنابل النووية الأرضية مجتمعة ملايين المرات، وينتج عنه كمية كبيرة من أشعة إكس وأشعة جاما القاتلة، وتزيد مساحة الانفجار في كثير من الأحيان على مليون كيلومتر مربع على قرص الشمس.

إلا أن المرعب من هذه الانفجارات هو دفعها لسحابة كبيرة من الإلكترونات والبروتونات والنيوترونات والنويات الخفيفة المشحونة بطاقات عالية وبسرعة كبيرة قد تصل إلى ألف كيلومتر في الثانية، لتصل إلى الأرض بعد يومين أو ثلاثة أو أكثر حسب طاقة الانفجار ووضع الأرض في مسار السحابة المهلكة، إلا أنه من نعم الله - عز وجل - علينا هو خلق طبقة الماجنتوسفير على ارتفاعات كبيرة من سطح الأرض بآلاف الكيلو مترات؛ لتكون هي الدرع الواقي من هذه السحابة المهلكة وتبعدها عن الأرض.. اللهم إلا بعض النويات القليلة التي تتسرب عند منطقة أقطاب الأرض، وتُحْدِث وهجًا في السماء يسمى الفجر القطبي يستمر لعدة أيام بألوان خلابة.

والآن بعد هذا العرض الوجيز لآية من آيات الله في خلق الكون وهي الشمس، نعود لكتابه العزيز "القرآن الكريم"؛ لنستلهم من آياته المحكمة كيف سخَّر الله – سبحانه وتعالى - الشمس منذ بدأ الخليقة؛ لتكون مصدرًا دائمًا للطاقة للأرض وما عليها من مخلوقات، وطاقة لكل أعضاء المجموعة الشمسية في قوله تعالى:

"وَسَخَّرَ لَكُمُ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ دَائِبَيْن" (إبراهيم: 33)

"وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي إِلَى أَجَلٍ مُسَمَّى" (لقمان: 29)

"وَمِنْ آيَاتِهِ اللَّيْلُ وَالنَّهَارُ وَالشَّمْسُ وَالْقَمَرُ لا تَسْجُدُوْا لِلشَّمْسِ وَلا لِلْقَمَرِ وَاسْجُدُوْا للهِ الَّذِيْ خَلَقَهُنَّ إِنْ كُنْتُمْ إِيَّاهُ تَعْبُدُوْن" (فصلت: 37)