ويبدو أن الخصائص البركانية المتفجرة المتضاربة التي تكمن في المراهق ( أو المراهقة ) في فترة المراهقة قد عكست تضاربها على الدراسات التي تعنى بالنمو البدني والذهني والنفسي في تلك الحقبة بحيث أنها تكاد لا تتفق على شيء من الأسس للنمو المصاحب لفترة المراهقة ، ولعل الاتفاق الوحيد بين الدراسات هو أن هناك نمواً يحدث لجسد المراهق ، سواء كان هذا النمو طولياً أو عريضاً أو يبدأ بالرأس وينتهي إلى الساقين أو العكس فهذا خلاف عريض الذيول بين الدراسات المعنية بالمراهقة ، وحسبنا أن نقول إن المراهقة ألقت بموادها المتفجرة على كل شيء حتى دارسيها وأنها بحق مرحلة الخرق أو عمر الخرق Gowly age كما سماها ( ج . أ . هادفيك ) في كتابة "الطفولة والمراهقة " ترجمة أحمد شوكة وعدنان خالد ، وهذا الغالب في هذا السن إلا ما رحم الله من الشباب المربين تربية إسلامية عالية فإنهم لا ينطق عليهم مثل هذا الخرق ، ولذلك لا تستغرب أن تقرأ بين سير الصحابة رضوان الله عليهم عن شباب مراهقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كانوا يتحملون حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ويقرون القرآن ويخرجون للجهاد ويقومون الليل ويصومون النهار ويعبدون الله عز وجل حق عبادته ، من هؤلاء عبد الله بن عمر وعبد الله بن عباس وعبد الله ابن عمرو بن العاص وغيرهم من شباب الصحابة رضي الله عنهم .
عناية الإسلام بمرحلة النمو والمراهقة :
اهتمت الدراسات النفسية والطبية بالجانب المادي للمراهقة ونقصد به جانب الجسد ، ولكنها لم تول الجانب الروحي شيئاً يذكر من الاهتمام ، أما في الإسلام فقد أولى الشرع الحنيف عناية كبيرة للجانب المادي الجسدي وأولى العناية ذاتها للجانب الروحي ، فعلي الجانب المادي فقط نجد أن مادة الفعل ( أكل ) وردت في القرآن الكريم في نحو مائة واثنين من مواضعه الشريفة هذا عدا عن الطعام والشراب وغيرها مما يفصّل ويؤصل منهج التربية البدنية في الإسلام بصورة عامة ، وهذا المنهج تتضح معالمه في الخطوط التالية :
1ـ أن الأصل في الأمور كلها ومنها الطعام والشراب والإباحة إلا ما حرمه الله تعالى بنص أو جاء من طريق حرام أو غير ذلك ، بعكس العبادات فإنها لا تكون إلا بنص وما كان منها خارج النصوص فهو حرام ، ولذلك نجد الآيات التي تحث على تحرى الحلال والحرام في المأكولات والمطعومات وطلب الرزق كثير منها على سبيل المثال : ـ
قوله تعالى : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ كُلُوا مِمَّا فِي الْأَرْضِ حَلالاً طَيِّباً (البقرة:168)
وقوله تعالى
'> يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ) (البقرة:172)
و قوله تعالى: (وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ حَلالاً طَيِّباً) (المائدة:88)
وقوله تعالى : (فَكُلُوا مِمَّا ذُكِرَ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ إِنْ كُنْتُمْ بِآياتِهِ مُؤْمِنِينَ) (الأنعام:118)
وقوله تعالى : (وَلا تَأْكُلُوا مِمَّا لَمْ يُذْكَرِ اسْمُ اللَّهِ عَلَيْهِ وَإِنَّهُ لَفِسْقٌ (الأنعام:121)
والآيات التي تعرض للحرام من الأطعمة كثيرة ولكننا نكتفي بهذا حتى لا نطيل.
والأحاديث النبوية أيضاً كثيرة في هذا منها على سبيل صلى الله عليه وسلم حديث البخاري
عن المقداد رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال ( ما أكل أحد طعاماً قط خيراً من أن يأكل عمل يده وإن نبي الله داود عليه السلام كان يأكل من عمل يده ) .
وحديث الشيخين ( البخاري ومسلم ) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : ما عاب رسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً قط إن اشتهاه أكله وإن كرهه تركه). وحديث أبي داود الصحيح ( صححه الألباني ) قال النبي صلى الله عليه وسلم : " إذا أكل أحدكم فليذكر اسم الله تعالى فإن نسي أن يذكر اسم الله في أوله فليقل بسم الله في أوله وآخره " .
وفي الصحيحين عن أبي هريرة " أن أفضل الإسلام وخيره إطعام الطعام وأن تقرأ السلام على من عرفت ومن لم تعرفت ".