حقيقة الخلاف بين الرؤية البصرية والحساب الفلكي ومنهجية التقويم الإسلامي الموحد
في كل عام وما أن يقترب موعد دخول شهر رمضان يزداد، وللأسف، الخلاف بين عموم الناس، وينتاب الإرباك الدوائر الحكومية وقطاعات المجتمع لعدم معرفتهم بالموعد الدقيق لدخول هذا الشهر وانقضائه نظراً لارتباط ذلك بالنواحي الإدارية والاتصالات العالمية.
سوف أشير هنا إلى بعض النقاط المرتبطة بظروف رؤية هلال رمضان وشوال، وحقيقة الخلاف بين الرؤية البصرية " التبليغ " والحساب الفلكي، ومنهجية التقويم الإسلامية الموحد الذي أرى فيه شخصياً حلاً جذرياً للتباين في مواعيد المناسبات في العالم الإسلامي وبذلك يعود لهذا التقويم، وأقصد هنا التقويم الهجري، هيبته وأهمية وأتساع تداوله بين الناس والمعاملات البنكية والاجتماعية.
أولاً: موجز دراسة الدكتور أيمن بن سعيد كردي، أستاذ علم الفلك بجامعة الملك سعود. حصر الباحث مقارنة بين الرصد الفعلي " التبليغ " مع الحسابات الفلكية للأشهر: رمضان، شوال، ذو الحجة للفترة من 1400 إلى 1422هـ، 22 سنة، وذلك من خلال البيانات المنشورة في الجرائد السعودية، مثل جريدتي " الجزيرة " و " الرياض " في منطقة الرياض خط طول 46.7 شرقاً وخط عرض 24.6 شمالاً، أي 62 حالة رؤية.
خــلـص البـــاحـث الـى الـتـالـي:
(1) تطابق الحساب الفلكي مع التبليغ، من ناحية أن الحساب يشير إلى أن الهلال فوق الأفق، وتم التبليغ عن ذلك من قبل الشهود ـ وهذا حدث 14 مرة.
(2) عدم تطابق الحساب الفلكي مع التبليغ من ناحية أن الحساب الفلكي يشير إلا أن الهلال في الأفق ولكن لم يبلغ أحد عن ذلك ـ أي لم ير الهلال بالعين المجردة ـ وحدث مثل ذلك مرتان.
(3)عدم تطابق الحساب الفلكي مع التبليغ من ناحية أن الحسابات تشير إلى أن الهلال أسفل الأفق بينما يتم التبليغ من قبل الشهود برؤية الهلال فوق الأفق، وحدث مثل ذلك 18 مرة.
(4) تطابق الحساب الفلكي من ناحية أن الحساب يشير إلى أن الهلال أسفل الأفق بينما لم يتقدم أحد بادعاء رؤية الهلال، وحدث ذلك 28 مرة.
من ذلك نستنتج أن 42 حالة تطابق بين الحساب الفلكي وحالات التبليغ، من أصل 62 حالة رصد، (تطابق67.7%)، بينما هناك 20 حالة عدم تطابق (عدم تطابق32.3%).
فبينما الحسابات الفلكية قطعية، وليست ظنية، لمن يتقن الحساب ولمن هم مشهود لهم بالدقة، فإن التبليغ عن رؤية الهلال به عامل خطأ عشوائي، فالوهم والتأثير النفسي لهما دور كبير. كما أشارت الدراسة الى أن أقل فارق بين الحساب الفلكي والتبليغ في موعد مُكث الهلال هو دقيقة واحدة، وأكثر فارق هو 54 دقيقة ! وإن أقل زمن لعمر القمر تمّ فيه التبليغ عن الرؤية يبلغ 4 ساعات ـ وهذا يقودنا إلى أقل فترة زمنية لعمر القمر.
ثانياً: المشروع الإسلامي لرصد الأهلة: كان هناك مشروع إسلامي لرصد الأهلة تقدم به الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك بعّمان في شهر أغسطس 2000 م، بمشاركة 109 اعضاء من 37 دولة، حيث تضّمن المشروع إيصال نتائج رصد الهلال بأسرع وقت ممكن على الشبكة الإلكترونية على العنوان التالي:
www.jas.org.jo/icop.htm وفي حال التعذر استخدام البريد الإلكتروني:
odeh@gas.org.jo ويمكن الرجوع إلى برنامج moon calculator من إعداد منظور أحمد.
مثال ذلك، فقد أخبر بعض الشهود من ماليزيا هذا الموقع الإلكتروني أنه استطاع رؤية الهلال وهو على ارتفاع درجتين وذلك في يوم الأربعاء 5 أبريل (6 أبريل = 1 محرم 1421هـ) وذلك بعد مضي 10 دقائق من غروب الشمس، وكان عمر الهلال حينها 16.4 ساعة. وفي هذا العام كان أول محرم 1421هـ في الأردن والعراق في 5 أبريل، بينما كان في 6 أبريل في ماليزيا، وسنغافورة، وموريتانيا، وإيران، والسعودية، والإمارات، ومصر، وكينيا، وجنوب أفريقيا، ونيجيريا، والمغرب.
ثالثاً: كارثة في حق التقويم الهجري: في رمضان 1419هـ، بدأ المسلمون صيامهم في 3 أيام مختلفة (أكثر من ذلك في عيد الفطر) فقد صام الأردن، والسعودية على سبيل المثال يوم 19 ديسمبر ، ومصر والمغرب وغيرها في 20 ديسمبر، وفي يوم 21 ديسمبر في الهند، وباكستان.
وتكرر أسوأ من ذلك في عـيد الفـطر لعام 1420هـ، حيث فطر المسلمون في 4 أيام مختلفة (فنيجيريا ـ الخميس 6/ 1; السعودية، والأردن ـ السبت 7/ 1; مصر والمغرب ـ الأحد 8/ 1; الهند وباكستان ـ الاثنين 9/ 1).
للعلم يدور القمر حول الأرض مرة كل 29.53 يوم " متوسط الشهر الاقتراني " ، وهذا يعني أن القمر يتحرك في السماء بالنسبة للنجوم كل يوم بمقدار 13 درجة تقريباً نحو الشرق " 52 دقيقة " ، أو نصف درجة كل ساعة.
إن الاقتران أو مولد الهلال، أو المحاق كلها تقريباً لها نفس المفهوم، أي وقوع القمر بين الأرض والشمس تماماً إذ تضيء الشمس نصف القمر المواجه لها في حين يكون النصف المواجه للأرض مظلماً تماماً ولا نرى القمر في ذلك الوقت. ويلي المحاق التربيع الأول، ثم الإبدار، ثم التربيع الثاني، وأخيراً يبدو محاقاً.
لا حظ أنه لا يحدث كسوف كل شهر لإن القمر يميل بمقدار 5 درجات عن مستوى مدار الأرض حول الشمس.
يــــــتـــبع .......