السلام عليكم
معلومات جميلة جدا أخي الفاضل
سررنا بعودتك
تمنياتي لك بالتوفيق
أخي العزيز ضياء
السلام عليكم
بارك الله فيك وجعل هذا العمل في ميزان حسناتك
والله يوفقك في دراستك وفي الإختبارات
أنا أحب الفيزيـــــــــــــــــــــــــــــاء
*هل تحب الفيزياء؟
نعم، جدا !!
*لماذا؟
أحس بروعة ومتعة كبيرة وأنا أستكشف الطبيعة من حولي.
*وكيف تستكشف الطبيعة؟
أنا أصلا من هواة الرحلات، وأحب خاصة الرحلات في أعماق الطبيعة عبر الصحارى والبحار وفوق الجبال وفي الأدغال. وأستمتع بملاحظة ودراسة كل ما أرى وأسمع.
*وما هو الرابط بين هذا وبين الفيزياء؟
كل ظاهرة طبيعية أو علمية أو حدث إنما يرتبط أساسا بعلم الفيزياء، ولا يمكن تفسيره دون العودة إلى الأساس الفيزيائي للظاهرة.
*وأين الكيمياء والأحياء والجيولوجيا..
نعم، لكنها كلها في الأساس تعود إلى الأصل الفيزيائي وتبني عليه.
*هل توضح ذلك؟
تغوص الفيزياء في سبرهل للطبيعة ابتداء من الجاهري الذي نراه بأعيننا إلى المجهري الذي لا نراه ولا يمكن أن نراه مباشرة. فالفيزياء اليوم تبحث في الكواركات وهي الجسيمات الأولية التي يتكون منها البروتون والنيوترون وهما كما لا يخفى الجسيمات الأساسية في تكوين المادة ككل وهكذا فالفيزياء تدرس لبنات الوجود المادي برمته. وبهذه اللبنات تبنى الطبيعة بكل أشكالها ومظاهرها من الذرة إلى المجرة مرورا بالفيروس والإنسان والجبال والأرض والشمس والنجوم.
*بهذا إذن لا داعي لأي من العلوم الأخرى!!
كلا فالعلوم الأخرى تبحث في ظواهر محددة في الحياة اليومية، لكنها عندما تعود للأسس فلابد لها من الفيزياء.
*وهل من مثال على ذلك
خذ مثلا علم الكيمياء الذي بني في معظم فروعه على الجدول الدوري للعناصر والذي وضع أساسا بناء على العدد الذري لكل عنصر (أي عدد البروتونات في نواته). وهو يصنف الصفات الفيزيائية لكل ذرة (حسب توزيع الإلكترونات في مداراتها) وهذه بدورهاالتي تحدد طبيعة الروابط التي يمكن أن تنشأ بين هذه الذرات وهنا يدخل علم الكيمياء ليدرس ويبين خواص المادة المتكونة من ارتباط ذرتين متماثلتين أو مختلفتين..
*وهل ينتهي دور الفيزياء عندئذ؟
في الحقيقة كلا ، فكثير من هذه الصفات التي يدرسها علم الكيمياء هي صفات فيزيائية مثل الصلابة والكثافة والموصلية الحرارية والكهربائية والقابلية المغناطيسية...
*وماذا بقي للكيمياء
الكثير؛ سلوك الجزيئات ونشاطها وإمكانيات تفاعلاتها وغير ذلك كثير من الأمور تتركها الفيزياء لعلم الكيمياء الذي هو بحر بحد ذاته.
*لا أدري ولكن حديثك أشعرني بالملل من علم الفيزياء وكنت أظنه علم المتعة والمرح فإذا هو علم ليس فيه سوى الدراسة والخصائص والتصنيف . .
على العكس؛ فهذه كلها لا تأتي إلا كنتائج. والمتعة الكبرى تكون في الاستكشاف.
*كيف؟ مثلا . .
مثلا .. دعنا نطرح بعض الأسئلة:
لماذا تدور الأرض حول الشمس؟
لماذا تسقط الأشياء للأسفل؟
لماذا تتوهج المواد عند تسخينها؟
كيف يتكون المطر والضباب؟
ما هو الضوء وكيف نرى الأشياء من حولنا؟
كيف يحدث كسوف الشمس وخسوف القمر؟
*مهلا مهلا ؛ هذه كلها أسئلة جميلة. ولكن كيف يستطيع شخص بمفرده الإجابة عليها؟
لا يجب على شخص بمفرده الإجابة عليها، بل إن هذه أسئلة احتاجت إلى عمل مجموعات كبيرة من البشر حتى تم التوصل لإجابات لها. وهناك الكثير من الأسئلة الأخرى التي لم تتم إجابتها حتى الآن.
*إذن فعمل علم الفيزياء يبدأ بطرح الأسئلة!
في الحقيقة كان طرح الأسئلة هو المنشئ الأساسي للعلم. وطرح الأسئلة حول العمليات والظواهر التي تثير الإنسان أو تؤثر عليه فيما حوله في الطبيعة هو الذي أنشأ علم الفيزياء .
*لكن بعض الأسئلة صعب الإجابة.
بفضل جهود الأجيال الكثيرة من الباحثين والعلماء أصبح هناك إجابات لكثير من هذه الأسئلة وغيرها. لكن المثير أيضا أن هذه الإجابات تفتح لمزيد من الأسئلة.
*ويكون فضول الإنسان لمعرفة ما وراء الأكمة هو الدافع للبحث المستمر عن إجابات للأسئلة الجديدة.
تماما. وهكذا يتقدم الإنسان في سبر أغوار الطبيعة من حوله وهكذا يزيد شعور الإنسان بمحدوديته وجهله بأسرار هذا الكون وحاجته إلى مزيد من العلم والاستكشاف.
وهذا هو مصدر جمال علم الفيزياء.. أننا نستطيع أخيرا فهم واستيعاب وتسخير الطبيعة لخدمتنا وخدمة كافة بني البشر.
وفي سباقه المحموم اللانهائي يكتشف مدى ثبات القاعدة الأزلية: وما أوتيتم من العلم إلا قليلا.
المصدر : موقع الهيثم للفيزياء
:blush: :blush:
إذا قلت سرعة الصوت ...
إذا انتشر الصوت في الهواء ، بسرعة تقل كثيرا عن سرعته المعروفة ، وهي 340م/ ث لزاد عدد الانطباعات السمعية المخادعة بمقدار كبير جدا .
لنتصور مثلا بأن الصوت يقطع في الثانية الواحدة 340مم بدلا من 340م أي يتحرك أبطأ من الشخص الماشي . ولنتصور بأننا نجلس على مقاعد الغرفة ونستمع إلى حديث صديق ما تعوّد على الكلام وهو يذرع الغرفة ذهابا وإيابا . إن تحرك هذا الصديق على هذا الشكل لا يؤثر على سمعنا بتاتا في الظروف العادية . ولكن ، عندما تقل سرعة الصوت إلى ذلك الحد فإننا لا نفهم تماما حديث هذا الصديق . وسبب ذلك هو أن الأصوات التي أصدرها في بداية حديثه ستلحق بالأصوات الجديدة وتختلط بها الأمر الذي يؤدي إلى حدوث اضطراب في الأصوات لا يفهم منه أي شيء .
وبهذه المناسبة ففي اللحظات التي يقترب فيها ذلك الصديق من أحد الأشخاص الجالسين في الغرفة نرى بأن كلماته تصل إلى ذلك الشخص بترتيب عكسي وذلك بأن تصل في البداية الأصوات الصادرة عنه ويبقى في مقدمتها طوال الوقت مع استمراره في إصدار أصوات جديدة .
المصدر : الفيزياء المسلية ج2 - ياكوف بيريلمان
الجليد الذي لا يذوب في الماء المغلي
نأخذ أنبوبة اختبار ونملؤها بالماء ثم نغمر فيها قطعة من الجليد ، ولكي لا تطفو القطعة فوق الماء ( الجليد أخف من الماء ) ، نثقلها بقطعة من الرصاص أو النحاس وغير ذلك . ولكن يجب عند ذلك أن يصل الماء إلى قطعة الجليد بحرية . والآن نقرب أنبوبة الاختبار من مصباح كحولي بحيث يلامس لهبه القسم العلوي لأنبوبة الاختبار فقط .
يبدأ الماء بالغليان في الحال وتخرج من الأنبوبة سحب من البخار . ونلاحظ هنا شيئا غريبا هو عدم ذوبان الجليد الموجود في أسفل الأنبوبة . أليس ذلك أعجوبة صغيرة ؟ جليد لا يذوب في الماء المغلي !
إن ما لدينا هنا , هو (( جليد تحت الماء المغلي )) وليس (( جليد في الماء المغلي )) . وعندما يتمدد الماء بتأثير الحرارة ، يصبح خفيفا ولا يهبط إلى الأسفل ، بل يبقى في أعلى الأنبوبة . كما أن تيارات الماء الحار وانزياح طبقاته تحدث في القسم العلوي من الأنبوبة فقط ، ولا تمتد إلى الطبقات السفلى ، الأكثر كثافة . ويمكن انتقال الحرارة إلى الأسفل عن طريق الموصلية الحرارية فقط ، ولكن الموصلية الحرارية للماء قليلة للغاية .
السلام عليكم
اخي الكريم ضياء
اهلا ومرحبا بك لعودتك من جديد
وجزاك الله كل خير
مسألة حول شروق الشمس
لنفرض أننا قمنا بمراقبة شروق الشمس في الساعة الخامسة صباحا بالضبط . ولكن المعروف أن الضوء لا ينتشر في لمح البصر بل تحتاج أشعته إلى بعض الوقت لكي تصل من مصدر الضوء إلى عين المراقب . ولذلك يمكن أن نطرح السؤال التالي : في أية ساعة بالضبط كنا سنشاهد ذلك الشروق بالذات ، لو كان الضوء ينتشر في لمح البصر ؟
إن الضوء يقطع المسافة بين الشمس والأرض في 8 دقائق . يظهر من ذلك أنه عند انتشار الضوء في لمح البصر كنا سنشاهد شروق الشمس قبل موعده ب8 دقائق أي في الساعة الرابعة والدقيقة الثانية والخمسين .
وربما استغرب الكثير من الناس إذا ما علم بأن الإجابة السابقة غير صحيحة مطلقا . إن الشمس تشرق لأن الكرة الأرضية تدور لتواجه الفراغ المضاء سابقا . ولهذا السبب فعند انتشار الضوء في لمح البصر كنا سنشاهد شروق الشمس في نفس اللحظة أي في الساعة الخامسة صباحا بالضبط .
ويختلف الأمر إذا ما قمنا بمراقبة ظهور نتوء ما على حافة الشمس بالتلسكوب إذ أننا في حالة انتشار الضوء في لمح البصر كنا سنشاهده قبل 8 دقائق .
المصدر : الفيزياء المسلية ج1 - ياكوف بيريلمان
تيار هواء من نافذة مغلقة
كثيرا ما تهب تيارات الهواء من نافذة مقفلة بإحكام وخالية من أية شقوق . ألا يبدو هذا الأمر غريبا ؟ ولكن بهذه المناسبة ، ليس هناك ما يدعو إلى الاستغراب . إن هواء الغرفة لا يعرف السكون مطلقا ، إذ تحدث فيه تيارات خفية ، ناتجة عن سخونة وبرودة الهواء . فبتأثير الحرارة يتخلخل الهواء ، ويصبح بالتالي أخف مما هو عليه . إن الهواء الخفيف الذي تمت تدفئته بواسطة أجهزة التدفئة المركزية الموجودة في الغرف ، أو بواسطة المواقد ، يطرد إلى الأعلى نحو السقف ، بواسطة الهواء البارد . أما الهواء البارد الثقيل الموجود قرب النوافذ والجدران الباردة ، فيندفع إلى الأسفل نحو أرض الغرفة .
ويمكن اكتشاف تيارات الهواء في الغرفة بسهولة ، وذلك بواسطة البالون الهوائي الذي يلهو به الأطفال حيث يعلق فيه ثقل بسيط ليمنعه من الالتصاق بالسقف ويجعله يحوم في جو الغرفة بحرية ,وإذا طيرنا هذا البالون بالقرب من الموقد الدافيء سنرى أنه يحوم في جو الغرفة متأثرا بتيارات الهواء الخفية : ينطلق من ناحية الموقد تحت السقف إلى النافذة ومنها يهبط إلى أرض الغرفة ثم يعود إلى الموقد لكي يستأنف تحليقه في جو الغرفة .
ولهذا نشعر في الشتاء بتيارات الهواء الآتية من النافذة وخاصة عند إقدامنا بالغم من إقفال النافذة بإحكام الأمر الذي لا يدع مجالا لمرور الهواء الخارجي من الشقوق .
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عدنا والعود أحمد
******
الحجر العاشق
لقد أطلق الصينيون على المغناطيس الطبيعي اسم(( الحجر العاشق )) ويقول الصينيون بأن هذا الحجر ( تشو - شي ) يجذب الحديد كما تستميل الأم الحنون أطفالها الصغار ومن الجدير بالذكر أن الفرنسيين - الشعب الذي يعيش في القسم الآخر من العالم القديم - كانوا يطلقون على هذا الحجر اسما مشابها للاسم الصيني .
إن قوة هذا الحب عند المغناطيس الطبيعي ليست كبيرة ولهذا فإن التسمية الاغريقية للمغناطيس تعتبر ساذجة جدا حيث أطلقوا عليه اسم حجر هرقل . وإذا كان الاغريقيون القدماء قد بهتوا لقوة الجذب المعتدلة للمغناطيس الطبيعي فما الذي كان الاغريقيون القدماء سيقولونه لو رأوا المغناطيس الذي يرفع كتلا يصل وزنها إلى عدة أطنان في المصانع الحديثة ! وفي الحقيقة أن هذا المغناطيس ليس طبيعيا ولكنه مغناطيس كهربائي أي عبارة عن كتل حديدية ممغنطة بواسطة تيار كهربائي يمر في ملف يحيط بتلك الكتل . إلا أن القوة الطبعية المؤثرة في كلتا الحالتين هي المغناطيسية وحدها .
ولا يجب التفكير بأن المغناطيس يؤثر على الحديد فقط حيث يوجد عدد من المواد الأخرى التي تتأثر بالمغناطيس القوي ولو لم يكن بنفس الدرجة التي يتأثر بها الحديد .
ويؤثر المغناطيس تأثيرا ضعيفا على المعادن التالية : النيكل والكوبلت والمنجنيز والبلاتين والذهب والفضة والالومنيوم . والأغرب من ذلك خواص المواد المسماة بالأجسام الدايامغناطيسية مثل الزنك والرصاص والكبريت والبزموث . إن هذه المواد تتنافر بتأثير المغناطيس القوي !
والغازات والسوائل تتأثر هي الأخرى بالمغناصيس فإما أن تنجذبة أو أن تنفر ولكن بدرجة ضعيفة جدا ويجب أن يكون المغناطيس قويا جدا كي يكون بإمكانه التأثير على هذه المواد بشكل ظاهر . ويمكن على سبيل المثال جذب الأكسجين بواسطة المغناطيس ، فإذا ملأنا فقاعة صابون بالأكسجين ووضعناها بين قطبي مغناطيس كهربائي قوي لرأينا بأن الفقاعة تمتط بوضوح من قطب إلى آخر متأثرة بالقوى المغناطيسية الخفية .
عصام حجي .. تحليق في آفاق العلم
وكأن العالم الإسلامي يغلي بالأفكار والطاقات الجديدة.. دعوات هنا وهناك ونماذج تتفتح بسخاء تريد الخير لهذه الأمة.. والأهم أنها "تسعى" بجد واجتهاد رغم كل المعوقات.. هذا ما شعرت به بعد انتهائي من الحوار مع "عصام محمد حجي" العالم الجيولوجي المصري في وكالة ناسا للفضاء العامل الآن مع فريق المكوك "سبيريت".. في رحلة اكتشاف المياه على كوكب المريخ. وهو شاب يافع، لم يتجاوز الثلاثين عامًا.. مثقف ووطني ومتدين.. عصام ببساطة شديدة شاب يفرح القلب..
ورد المدارس
حصل عصام على الشهادة الابتدائية من مدارس ليبيا، بعدها سافر الوالد محمد حجي إلى تونس، ومن هناك حصل عصام على الإعدادية.. والد عصام فنان تشكيلي معروف، وكان يعمل بتونس في مشروع ضخم لترميم بعض الآثار الإسلامية هناك.. بينما كان يحلم عصام بترميم الكثير من الأوضاع المقلوبة، ويرى أننا لا نستحق أن نكون حضارة بهذا الضعف والهشاشة والتصدع.
يقول: إن نظام التعليم العربي به العديد من المشاكل، ولكن الأخطر من ذلك هو واقعية الشباب لدرجة البؤس في تعاملهم مع مشاريعهم وأحلامهم.. لماذا لا نحلم؟!
ويضيف أنه تعامل مع النظام التعليمي العربي في 3 دول هي: ليبيا وتونس ومصر، ولم يدرس في مدرسة خاصة، ولم يدفع نقودًا للذهاب إلى جامعة مميزة.. كان يجلس على نفس الأدراج المهشمة في مدارسنا، ويذهب بنفس المواصلات، ويفهم من نفس الأساتذة الذين نعرفهم ونحملهم مسئولية فشلنا وقلة حيلتنا... [
عودة الابن الضال
يقول عصام: في أوربا وأمريكا المئات من العلماء ذوي الأصول العربية الإسلامية.. الرجل لا يخون أحدا، ولكن يشعر -كما نشعر- بتخاذل البعض، وأحيانًا رعونتهم في رد الجميل والدَّين الذي في أعناقهم.
"نحن أمة مشغولة جدًّا بصورة الآخرين عنها وغير مشغولة تمامًا بصورتها عن نفسها"، هكذا يرى مشكلتنا، ويرى الحل في العمل بجدية وحماس، وثقة في أن تاريخنا مشرف، وبه الكثير من النقاط المضيئة التي يجب أن نبدأ منها وننطلق لنتجاوز عنق الزجاجة الحضاري الذي ننحشر فيه الآن.
إذا طالبنا بتطوير التعليم فهذا لا يعني أن نقبل بتعليم أمريكي أو فرنسي أو ألماني أو... أو...، ولكن يجب أن نبدأ من أنفسنا.. لماذا ترفع الحكومات العربية شعار الاستثمار في كل شيء ولم ترفع شعار الاستثمار في مجال التعليم؟ عصام حجي يرى أن هذه هي الثروة الحقيقية التي يجب تنميتها وإنضاجها لكي نعالج من خلالها الخلل الحضاري ونعدل به ميزان القوة لصالحنا.. .
صراع على المريخ!
سألته عن الصراع العلمي الخفي بين أوربا وأمريكا في الوصول إلى المريخ، وما هو شعوره وهو بمفرده وسط هذه الدول الكبرى والمؤسسات الضخمة التي تتسابق للوصول إلى المريخ وتحقيق السبق قبل غيرها؟ فقال: البحث العلمي لا يتدخل في شكل الحياة في المستقبل ولا الماضي، كل ما يعني العلم هو اللحظة الحاضرة.. لماذا صار المريخ بلا حياة الآن رغم وجود المياه؟! هذه هي الأسئلة التي يبحث عنها العلم بغض النظر عن طموحات السياسيين في احتلال المريخ وفرض السيطرة عليه من قبل الدول الأخرى المتنافسة..
البيت
والد عصام -كما قلنا- فنان موهوب، والأهم من ذلك أنه فنان أصيل حتى في رسوماته، ينهل من البيئة الشعبية والتراث القديم.. وبالطبع أب بهذا الشكل يريد من ابنه أن يصير نموذجًا مشرفاً لوطنه.. والرجل أعد لابنه عصام –له ابن آخر هو أسامة متخصص في علوم الحاسب الآلي– كل ما هو متاح ليتفوق في عمله، والأهم أن يكون صاحب حلم من البداية.. لذلك إذا دخلت منزلهم تشعر أنك عبرت إلى زمن آخر وإلى حضارة كنت أعتقد أنها أثر ولّى بغير رجعة.
بيت جميل مصنوع بعناية ورقة.. لوحات هنا وهناك.. مكتبة ضخمة.. تطريزات عربية وتشكيلات إسلامية.. تشعر أن هناك من يشكل المحيط الذي يعيش فيه بوعي؛ ليكون معبرًا بشكل أصيل عن ثقافته وتاريخه وحضارته.. كل هذا بدون تدخل في توجيه أبنائه إلى مسارات يراها هو الأفضل، أو مسارات مشابهة لمساراته الشخصية.. رغم أن الرجل يتحدث "بلطف" عن أنه كان يتمنى أن يصبح أحد أبنائه رسامًا مثله..
بقايا كوب الشاي
هكذا تعلمت أن الجزء "السخي" من الحوار يأتي بعد إغلاق أجهزة التسجيل والكاميرا.. يخف توتر الضيف وتوترك وتشعر أن العمل أنجز.. لكن عصام حجي يفاجئك دائمًا.. بعد التسجيل –يا للحسرة بعد التسجيل– قال: إنه مطلوب للتحقيق في جامعة القاهرة بسبب عدم حضوره امتحانات الفصل الدراسي الأول.. لقد كان مع فريق متابعة المكوك سبيريت.. بينما إدارة الجامعة لا تعرف سبيريت ولا يحزنون(!!) كل ما تعرفه أن يأتي هذا "العقل" ليمارس دوره الأهم -في نظرهم- من تفتيش ومراقبة الطلاب أثناء الامتحان حتى لا يخرج أحدهم ورقة بها إجابات أو ينقل آخر من زميله بطرف عينه معلومة نسيها أو لم يذاكرها من الأساس.
هذا كله لم يغضب عصام، ولكن غضبه الحقيقي كان عندما تدخل أهل الخير لحل المشكلة وإلغاء التحقيق مع عصام.. هؤلاء نصحوه بالكذب وتقديم شهادة طبية تفيد بأنه كان مريضًا في هذا الوقت(!!)
ويتحدث والحيرة تأكله: هل شهادة مرضية كاذبة أفضل عند الجامعة من المشاركة في رحلة علمية بهذا الشكل وبهذه الأهمية التي تحدثت عنها كل وسائل الإعلام؟؟!!.. منطق غريب..
قبل كتابة هذا الموضوع أرسل لي عصام بريدًا إلكترونيًّا يخبرني فيه أنه استقال من جامعة القاهرة.. هنأته وأنا أذوب من الحسرة
من موقع اسلام أون لاين
شادية حبال .. عربية تغزو الشمس
تخصصت في دراسة فيزياء الشمس، وهي الآن واحدة من أشهر العلماء المتخصصين في هذا المجال. وتصف مجلة "ساينس" الأمريكية الشهيرة التي تعد من كبريات المجلات المتخصصة بحوث د. شادية وزملائها بأنها بمثابة "القنابل المتفجرة"؛ فقد أحدثت هذه الأبحاث ردود أفعال متباينة لدى العلماء، حتى إن البعض اعتبرها نوعا من الهرطقة العلمية، في حين وصفها آخرون بأنها ثورية، وأنها تمثل خطوة عملاقة إلى الأمام.
بدأ حب شادية للعلم منذ الطفولة، عندما جذبها أسلوب شرح مدرستها لمادة العلوم وقت أن كانت في الصف التاسع، وكانت هذه المدرسة تحرص على تناول القضايا العلمية بأسلوب فيه من المتعة والحيوية ما يجذب التلاميذ إليه.
وقد دفعها حبها للفيزياء إلى اختيارها كتخصص أساسي في الجامعة، فحصلت على درجة البكالوريوس في الفيزياء والرياضيات من جامعة دمشق، ثم انتقلت إلى بيروت لكي يتسنى لها الحصول على الماجستير في الفيزياء النووية من الجامعة الأمريكية.
وفي عام 1973 قامت بخطواتها الأولى لدراسة فيزياء الفضاء، عندما سافرت إلى ولاية أوهايو الأمريكية لاستكمال دراسة الدكتوراه في جامعة سنسناتى. بعدها التحقت للعمل كباحثة لمدة عام واحد في المركز الوطني للأبحاث الجوية في بولدر، ثم انتقلت لجامعة هارفارد الأمريكية منذ ذلك التاريخ، ولمدة 22 عاما متواصلة.
وفي سبتمبر من عام 2000 عرضت عليها جامعة ويلز البريطانية منصب أستاذ كرسي في علوم الفضاء، وذلك مع الاحتفاظ بمنصبها في جامعة هارفارد، وبالفعل وافقت، وظلت في ذات الوقت حريصة على الذهاب إلى هارفارد كل عام في فصل الصيف لكي تباشر مع زملائها هناك الأبحاث الخاصة بمجال تخصصها.
وبالإضافة إلى ذلك تترأس د. شادية تحرير المجلة الدولية الخاصة بأبحاث فيزياء الفضاء، ويشاركها في ذلك عالمان، أحدهما صيني الجنسية والآخر يحمل الجنسية الأمريكية.
عربية مثابرة
تقدم قصة حياة شادية حبال البرهان على قدرة المرأة العربية على تحقيق المستحيل إذا ما توافرت لها الظروف المواتية. وعلى عكس ما يعتقد البعض من أن الغرب دائما ينصف المرأة، فقد عانت د. شادية كثيرا من التفرقة بين المرأة والرجل، حيث كانت تتقاضى راتبا أقل من زملائها الرجال الذين يعملون في نفس التخصص ويقومون بنفس العمل، حتى عندما كانت تعد رسالة الماجستير في الجامعة الأمريكية ببيروت، وكانت حاملا، فكان أستاذها الأمريكي المشرف على الرسالة دائما يوجه إليها سؤاله قائلا، كيف ستكملين أطروحتك للدكتوراة؟! ورغم الحمل أكملتها وسلمتها في الميعاد المحدد.
وعن مشوارها الصعب تقول د. شادية: "لقد عانيت من الوحدة كثيرا، فنسبة وجود النساء في مجال الفيزياء لا تزيد على 20%، وعلى الرغم من كل ذلك فينبغي للمرأة المثابرة أن تثق بقدراتها. وإذا ما أرادت المرأة العاملة أن تكون أما فينبغي عليها التضحية، فأنا كنت شديدة الحرص على تنظيم وقتي باستمرار حتى لا أقصر تجاه أولادي، وبرغم كل أعبائي فقد كنت أتابع لهم دروسهم خطوة بخطوة".
جمعت د. شادية بين متطلبات الأمومة -فهي أم لطفلين- وقيادة حركة أكاديمية لنساء العلم تعرف باسم "النساء المغامرات"، والعمل الأكاديمي، وقيادة الفرق العلمية في مختلف أرجاء الأرض سعيا وراء التقاط ولو صورة واحدة للشمس تساعد على حل ألغازها التي مازالت تستعصي على بني البشر الذين يعيشون على الأرض.
دراسات وأبحاث ثورية
أحدثت اكتشافات د. شادية حول الرياح الشمسية ضجة عندما قالت بأن الرياح الشمسية التي تشد الكرة الأرضية هي ملاءة جبارة تحمى الحياة من الأشعة الكونية المهلكة. فقد تركزت هذه الأبحاث على استكشاف مصدر الرياح الشمسية، والتوفيق بين الدراسات النظرية ومجموعة واسعة من عمليات المراقبة التي أجرتها المركبات الفضائية وأجهزة الرصد الأرضية.
وكانت النظرة السائدة عن الرياح الشمسية هي أنها تنقسم إلى نوعين، سريعة وبطيئة، الأولى تنطلق من الشمس بسرعة 800 كم في الثانية، والأخرى ثقيلة الحركة تأتي من المنطقة الاستوائية للشمس.
وقد أطاحت أبحاث د. شادية وزملائها بهذه الافتراضات؛ حيث أماطت اللثام عن حقائق تفيد أن الرياح الشمسية تأتي من كل مكان على سطح الشمس، وأن سرعتها تعتمد على الطبيعة المغناطيسية للمناطق القادمة منها. وجاءت النتائج التي توصلت إليها ثلاث مركبات فضائية تولت رصد الشمس -وهى "سوهو" و"جاليليو" و "يوليسيس"- لتؤكد ما كشفته أبحاث د. شادية.
فقد أوقفت د. شادية جانبا كبيرا من أبحاثها لدراسة الطبيعة الديناميكية للانبعاثات الشمسية في مناطق الطيف الراديوية، والضوء المرئي، والمنطقة القريبة من أمواج الطيف تحت الحمراء، وفوق البنفسجية، وما يليها. كما قامت بدراسة الرياح الشمسية لتحديد العوامل الفيزيائية المسئولة عن خواصها، وركزت بشكل مكثف على دراسة سطح الشمس، وثورته التي تمتد إلى ما بين كواكب مجموعتنا الشمسية.
وعن هذا الإنجاز، تقول د. شادية: إن الفريق العلمي الذي تم تشكيله تحت قيادتها في جامعة ويلز تمكن خلال السنوات الماضية من تطوير واحدة من أعقد الشفرات أحادية البعد للرياح الشمسية. كما أنها من خلال التعاون مع عدد من الجامعات الأمريكية العاملة في نفس المجال استطاعت الحصول على برنامج مستمر يتضمن كافة الملاحظات العلمية عن كل ظواهر الكسوف الشمسية، وهو ما ساعدها هي وفريقها على بلورة نتائجها حول أصل الرياح الشمسية.
أول مركبة تصل إلى الشمس
تشارك د. شادية فريقا من علماء الفضاء المتخصصين في الإعداد لأول رحلة فضائية تصل إلى الشمس، وبالتحديد لطبقة الهالة الشمسية التي تمثل الجزء الخارجي من الغلاف الشمسي، ولا يمكن للبشر رؤية هذه المنطقة إلا أثناء كسوف الشمس، حيث تشاهد كلؤلؤة بيضاء محيطة بالشمس.
وقد لعبت د. شادية دورا أساسياَ في تصميم المركبة المنوط بها القيام بهذه المهمة. ويتمثل المشروع الذي بدأ منذ عام 1995 في تصنيع وتصميم "روبوتات" للاستكشافات الفضائية ومركبة فضائية يمكنها الدوران حول الشمس، حيث تحاول هذه المركبة الدوران حول الشمس من الشمال إلى الجنوب لأخذ صور دقيقة لها.
وتخطط وكالة ناسا لإرسال المركبة إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها من الشمس، حيث من المفترض أن يكون الدوران على بعد يتراوح بين 2 إلى 10 أقطار شمسية من سطحها. وعلى الرغم من تأجيل المشروع أكثر من مرة فقد تقرر القيام بالرحلة المنتظرة عام 2007.
الجهد الوفير شعارها
وتمتاز د. شادية بالجهد العلمي الوفير، فقد تقدمت بحوالي 60 ورقة بحث لمجلات التحكيم العلمية، وشاركت بثلاثين بحثا في المؤتمرات العلمية، كما أنها عضوة في العديد من الجمعيات العلمية مثل: الجمعية الفلكية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للفيزياء الأرضية، وجمعية الفيزيائيين الأمريكيين، وجمعية النساء العالمات، والجمعية الأوروبية للجيوفيزياء، والاتحاد الدولي للفلكيين، وتتمتع الدكتورة شادية بدرجة الزمالة في الجمعية الملكية للفلكيين، كما أنها تترأس لجنة جائزة هالي التابعة لقسم الفيزياء الشمسية في الجمعية الفلكية الأمريكية. وقد تم تكريمها مؤخرا بمنحها درجة أستاذة زائرة في جامعة العلوم والتقنية في الصين
العلم يتعلم من الطبيعة
يزداد اهتمام العلماء بدراسة آليات عمل الكائنات في الطبيعة لأنهم يستمدون منها أفكاراً لتحقيق المزيد من الإنجازات التقنية والصناعية. ما هي آخر الاكتشافات في هذا المضمار؟
إن البنى المنتظمة هي أساس العديد من الإنجازات التقنية. فشاشة الحاسوب مثلاً تشتمل على شبكة دقيقة من النقاط الفوسفورية التي تضيء عندما تصدمها حزمة إلكترونية. وخلفها يوجد واقي يحمي كل من هذه النقاط من الالكترونات المخصصة للنقطة المجاورة. وفي عمق الحاسوب هناك المعالج أو الدماغ إن صح التعبير ويتألف من مركبات إلكترونية موزعة بشكل منتظم على رقائق. ونجد هذا النموذج في الطبيعة. فنجد في الطبيعة العديد من الأمثلة على بنى على شكل شبكة من الثقوب والنقاط. وهي حالة القواقع المجهرية أو النقاط الحساسة من أعين الحشرات. وبعض الحراشف التي تغطي أجنحة الفراشات محاطة بأهداب دقيقة تنشر الأشعة الضوئية مما يعطيها مظهرها المشع والملون. ولكن على عكس شبكة الحاسب، فإن هذه النتائج ليست ناجمة عن عملية إعداد مبرمج. فقد تجمعت من نفسها عبر سنين طويلة جداً. ومن هنا اهتمام العلماء بالظاهرات الطبيعية، لأن الحاجة المتزايدة إلى الدقة والصغر في الحجم في الصناعات الالكترونية وغيرها يتطلب مزيداً من المعرفة التي حصلتها الطبيعة بشكل أو بآخر في رحلة تطورها الطويل. وليس الفيزيائيون وحدهم معنيون بذلك. فمنذ وقت طويل يستخدم علماء البتروكيمياء مادة الزيوليت، وهي عبارة عن معادن طبيعية تملك على المستوى الذري بنى تنتظم فيها ذرات الألمنيوم والسيليسيوم والأكسجين في أشكال هرمية، والشبكات المنتظمة التي تؤلفها هذه المعادن تشكل ثقوباً لا تترك سوى جزيئاً واحداً من الهيدروكربورات يمر فيها. وفي الثلاثينات وجد الكيميائيون وسيلة لتصنيع معادن زيوليتية لا ينفك العلماء يحسّنونها حتى الآن وهي لا تزال مستخدمة بشكل أساسي في الصناعات البتروكيميائية.
لاحظ الفيزيائيون في السنوات الأخيرة أن المواد ذات الثقوب المتباعدة بشكل منتظم عن بعضها بعضاً يمكن أن تستخدم كبلورات فوتونية توقف الأشعة الضوئية. عندما يكون للثقوب نفس الحجم والتباعد لأطوال الموجات الضوئية فإنها تدفعها بالضبط كما يحصل في لعبة كرات البليارد الكهربائية التي تصطدم بحواجز وكرات أخرى. وتمنع هذه الظاهرة الأشعة الضوئية من اجتياز عتبة الصف الأول من الثقوب. ويمكن لعازل للضوء من هذا النمط أن يستخدم على سبيل المثال في تلبيس الألياف الضوئية. يمكن أيضاً للبلورات الفوتونية أن تقود الأشعة الضوئية باتجاه نقطة محددة أو مخرج كهربائي مثلاً. وبذلك يمكن تصنيع مدارات كهربائية تعمل بالتيار الضوئي بدلاً من التيار الكهربائي، أو تصنيع أنواع جديدة من اللايزر أكثر اقتصادية. لكن شبكة البلورات الفوتونية يجب أن تكون مجهرية الحجم. ومن المستحيل على هذا المستوى حتى الآن إنجاز ثقوب. ولكن العلماء تعلموا خلال السنوات القليلة الماضية كيف يتعلمون من الطبيعة في حل مثل هذه الصعوبات. وتشتمل إحدى الطرق على ترك كريات السيليسيوم الدقيقة تنجذب أو جزيئات البوليستيرين المعلقة في سائل. فإن كان لجميع الكريات الحجم نفسه، فإنها سوف ستتراكم بشكل منتظم تقريباً يشبه تراكم الفواكه عند أحد البقالين. ويمكن عندها جعل السائل يتصلب في الفراغات ما بين الكرات. ويكفي عندها حرق أو حل هذه الكريات للحصول على شبكة ذات ثقوب.
نجد المظاهر المنتظمة في كافة أشكال الطبيعة الحية. فالكائنات الحية تشتمل على الكثير من البنى الهندسية غير الظاهرة دائماً إنما التي يمكن التعرف عليها إذا ما درسناها عن قرب وبتمعن. فأوراق نبتة ما تتوزع بانتظام على الساق، بحيث تتتالى غالباً بأزواج يسار ـ يمين وأمام ـ وراء. بالمثل فإن خطوط الحمار الوحشي او النمر تمثل هندسة وإن معقدة. ولا شك أن أفضل الأمثلة على الهندسة الطبيعية نجدها في الكائنات البحرية، وخاصة في القواقع التي تغلف الكائنات الحية الهلامية. وبعض هذه الكائنات يصنع هذه القواقع من الرمل والكوارتز، وبعضها من كربونات الكالسيوم. ونجد نماذج متعددة من هذه القواقع ومنها أشكال النجوم أو الأسطوانات المثقبة. لم يبدأ العلماء بفهم الهندسة الطبيعية وبالتالي بإمكانية استثمارها إلا في بداية القرن العشرين، عندما وضع البيولوجي دارسي تومسون تفسيراً للطريقة التي تتشكل بها بعض القواقع البحرية. وفي عام 1952، اقترح عالم الرياضيات ألان تورينغ نظرية تفسر الظهور المتزامن للأشكال (مثل بقع أو خطوط جلود الحيوانات)، وذلك من خلال مزيج كيميائي تنتثر فيه الجزيئات وتتفاعل آنياً فيما بينها. وأشار تورينغ إلى أنه إذا كان نوع من الخلايا الناتجة خلال التفاعل يمنع التفاعل من الاستمرار في حين أن نوعاً آخر من الخلايا يعمل على استمرار التفاعل، فإن المزيج ينقسم إلى قسمين مختلفين في التركيب الكيميائي. وبعد ذلك تم البرهان أن هاتين المنطقتين تشكلان بقعاً أو خطوطاً ذات مسافات وأبعاد متساوية تقريباً كما نرى في شكل حمار الوحش. أما المزيج الكيميائي الذي يُنتج فعلياً هذه التخطيطات والبقع الذي اقترحه تورينغ أو توقع وجوده بشكل رياضي بحت فلم يُكتشف فعلياً إلا في عام 1990. وبعد خمس سنوات تم البرهان على هذه الصيرورة بشكل فعلي في الطبيعة على أحد الكائنات البحرية. ويقدر عدد من البيولوجيين حالياً أنه خلال نمو الجنين عند الحيوانات التي لديها بعض التشكيلات الجميلة مثل حمار الوحش فإن جزيئات تسمى المورفوجينات أو الجينات الشكلية تنتشر تحت البشرة متفاعلة فيما بينها ومنتجة العلامات على شكل هندسي. وهذه العلامات تنطبع في مكانها لتظهر فيما بعد على جلد الحيوان. إن الآلية التي طرحها تورينغ شائعة جداً. وهذه الآلية كما يعتقد العلماء هي التي تعطي البنية التخطيطية لبعض أنماط المعادن مثل العقيق أو اليشب. إن كافة تشكيلات الطبيعة تتميز بأنها تتشكل آنياً، وهذه هي الآلية التي يعمل المهندسون والعلماء في كافة المجالات على تقليدها اليوم.
عن جريدة لوموند الفرنسية، بتصرف
من ومقع الجمعية الكونية السورية
حلم أينشتاين الأخير
النظرية الموحدة الكبرى
قضى ألبرت أينشتاين معظم حياته جاهداً في سبيل نظرية نهائية للكون توحد الكهرطيسية و الثقالة .فقد عمل في هذا الموضوع بلا كلل ولا ملل من عشرينيات القرن العشرين حتى وافته المنية عام 1955.لكن جهوده باءت بالفشل لأنه كان يجهل القوى النووية .
قدمت النظرية النسبية العامة لأينشتاين عام 1915 وصفًا جديدا للثقالة حل محل نظرية نيوتن القديمة. فوفقا لأينشتاين ليست الثقالة قوة بالمعنى التقليدي ولكنها خاصة هندسية للمكان ناشئة عن المادة التي تشغله , ينحني المكان قرب الأجسام الثقيلة . ولقد تنبأ أن الأشعة الضوئية القادمة من نجم يقع خلف الشمس سوف تنحني بفعل ثقالة الشمس , وعندما تأكدت هذه النبؤة بتجربة أثناء الكسوف الذي حصل عام 1919 , طبقت شهرة أينشتاين الآفاق بين عشية وضحاها .
كانت النسبية العامة ذروة إبداع أينشتاين العلمي .إذ أرست قواعد علم الكون الحديث ووسعت نظرية النسبية الخاصة الأولى المذهلة مفاهيمنا إلى الأبد عن المكان والزمان والحركة . إضافة إلى ذلك فقد أسهم أينشتاين في الثورة الكمومية . وقدم للعالم مفتاح الحقبة النووية بفضل معادلته الشهيرة فماذا يأمل عالم أن يحقق أكثر من ذلك ما خلا النظرية الأساسية التي تلف الكون بوصف موحد واحد؟
في عام 1921 ادعى عالم الرياضيات الألماني تيودور كالواز أنه يمكن توحيد الثقالة و الكهرطيسية إذا كتبت معدلات أينشتاين بأبعاد خمسة وليس بأبعاد أربعة . وأضاف عالم الفيزياء السويدي أوسكار كلاين في عام 1926 أن هذا البعد الإضافي ملتف على نفسه بإحكام بحيث لا يمكن أن يرى .
قبل أينشتاين بادئ ذي بدء ما اقترحه كالوزا و كلاين , ولكنه غير رأيه بعد ذلك وسلك بعناد منهجه الرياضي فيما يتعلق بمشكلة التوحيد . كان واثقًا في البداية أنه على المسار الصحيح وأوردت الصحف عام 1929 أنه على وشك اكتشاف أحجية الكون . وكان عليه في هذا الجو المثير أن يختفي عن وسائل الإعلام .
لقد كان ذلك إنذارًا كاذباً, وكان على أينشتاين أن يعترف بأنه مخطئ . إذا قال عام 1931 لباولي الذي انتقد نظريته "تقد كنت على حق في آخر المطاف " ومع ذلك تابع أينشتاين تصديه للمشكلة بعناد حتى النهاية . توفي في 18 نيسان من عام 1955 , وكان قد طلب , قبل يوم واحد فقط , أحدث صفحات أجرى عليها حساباته المتعلقة بالتوحيد , وكان يعد لمحاولة أخيرة .
يتبع ،،،
عندما بدأ أينشتاين يعمل في التوحيد , كان علماء الفيزياء يعرفون ثلاث قوى –الثقالة , والقوى الكهربائية , والمغناطيسية . وكانت القوتان الأخيرتان قد توحدتا من قبل في ستينات القرن التاسع عشر بفضل ماكسويل في القوة الكهرطيسية . على أي حال , فقد كشف النقاب في ثلاثينات القرن العشرين عن قوتين أخريين من قوى الطبيعة .هما القوة النووية الشديدة , والقوة النووية الضعيفة . فأية نظرية تصف الكون بأكمله لا بد أن تتضمن هاتين القوتين . ومع ذلك اختار أينشتاين إهمالهما لأنهما كان يتولى شأنهما الميكانيك الكوانتي الذي كان يمقته . وكان يمكن أن يكون ذلك , فيما يتعلق بأي شخص سواه , انتحارًا علميًا , ولكن أينشتاين استمر في طريقه , ولدى سؤاله ذات مرة حول المعيار الذي سيستخدمه على فراش الموت ليحكم على حياته بالنجاح أو الفشل أجاب "لا على فراش الموت ولا قبل ذلك يمكن أن يسأل هذا السؤال . فالطبيعة ليست مهندسًا ولا متعهدًا وأنا نفسي جزء من هذه الطبيعة " استمر حلم أينشاتين, وحمل جيل جديد من علماء الفيزياء فكرة النظرية الموحدة . وبعد موت أينشتاين بعشرين سنة تحققت الخطوة التالية في البحث عن صورة لقوة كونية
في أواخر أربعينات القرن العشرين وصلت صيغة رائعة من الكهرطيسية, إذ استطاعت هذه الصيغة التي كان من روادها ريتشاد فاينمان وجوليان شفينغر وسين اتيرو توموناغا, والتي تسمى الالكتروديناميك الكمومي, أن تدمج الكهرطيسية التقليدية لماكسويل مع النظرية الكمومية و النسبية الخاصة حجري الزاوية لفيزياء القرن العشرين,تبث رسائل قوة الالكتروديناميك الكمومي ذات المدى الطويل بفضل فوتونات لا كتلة لها تتردد جيئة وذهاباً بين شحنات كهربائية, كانت التنبؤات دقيقة جداً بخطاء لا يتجاوز بضعة أجزاء من المليون
جاء توحيد الكهرضعيفة نتيجة لجسيمات هغر الغريبة التي تكسر تلقائيا تناظر المكان الخالي, فبموجب الفيزياء الكمومية, لا يكون الخلاء خالياً إذ يقول مبدأ الارتياب انه مليء بجسيمات عابرة خفية تظهر وتختفي باستمرار, تعطي جسيمات هغر المكان الخالي نسيجا معروفاً باسم حقل هغر ذا خصائص أشبه بالتغضنات الخفية داخل صحيفة من الورق المقوى إن حاملات القوة الكهرطيسية عديمة الكتلة تسير على امتداد التغضنات الخفية بسهولة أما حاملات القوة الضعيفة تسير على عرض التغضنات ولهذا فهي تحتاج إلى طاقة زائدة كي تعبرها, و تمتص هذه الطاقة من حقل هغر وهكذا تبدو ثقيلة, و بدون حقل هغر تكون حاملات القوة الهرطيسية وحاملات القوة الضعيفة كلاهما بلا كتلة
في سبعينات القرن العشرين حاول علماء الفيزياء توسيع نطاق توحيد القوى لتشمل القوى الشديدة أيضاً استكمالاً لنجاح نظرية "القوى الكهرضعيفة" حيث يمكننا ضم القوى الشديدة إلى القوى الكهرضعيفة بالطريقة ذاتها التي تم بها ضم القوة الكهرطيسية مع القوى الضعيفة لأن القوتين الكهرضعيفة والشديدة, تشكلان أساساً "لقوى موحدة كبيرة "واحدة ذات التناظر ضمني . ثم كسر هذا التناظر بالية هغر, لكن الطاقات المشمولة هذه المرة, كبيرة جداً بحيث لا يوجد سوى قليل من الأمل لاختبار النظرية في تجارب عالية الطاقة.
ومع ذلك فهناك طريقة غير مباشرة لاختبار "النظريات الموحدة الكبيرة" وكما تدمج هذه النظريات القوى الثلاث فهي تربط معًا الفئتين من الجسيمات الأولية , الكواركات والليبتونات, يمكن للكواركات والليبتونات أن تتبادل الأدوار على صعيد "النظرية الموحدة الكبيرة "وهكذا يمكن للبروتونات أن تتفكك إلى ليبتونات. وهذا افتراض مثير ويشير إلى أن الجسيم الذي يشكل أساس كوننا بالذات غير مستقر.
لحسن الحظ يبلغ عمر البروتون 10 قوة 32 سنة أي بلايين أضعاف عمر الكون, لذا فليس هناك خطر فوري أن ، يتفكك العالم من حولنا.بيد أ، تفكك البروتون يعد عملية عشوائية, فإذا ما جمع عدد كاف من البروتونات تكون هناك فرصة ضئيلة لرؤية بروتون يموت مولداً دفقه مميزة من إشعاعات غاما.
لقد أجريت تجارب عديدة للكشف عن تفكك البروتون, ولكنها باءت جميعها بالفشل , بيد أ، هذا لا يعني موت "النظرية الموحدة الكبيرة " إذ لا يمكن زيادة أمد التجارب لتجاري حياة البروتون الأطول, وينبغي دفن هذه التجارب في أعماق الأرض لحجب الأشعة الكونية التي تخفي أية إشارة تدل على تفكك البروتون
يمكن توسيع نطاق الأفكار لتشمل الثقالة أيضا وبذلك سوف يمتلك علم الفيزياء,لأول مرة ,التعامل مع كل القوى الموجودة في الطبيعة.
من موقع الجمعية الكونية السورية
نايفة .. فلسطيني يكشف أسرار الذرة
لم تكن في نيته الهجرة؛ فقد دفعته ظروف بلاده المحتلة -مثل كثيرين غيره من أبناء بلده الذين شردتهم يد الاستعمار- دفعا للهجرة إلى الأردن؛ حيث استكمل دراسته الثانوية التي حاز بعدها على منحة دراسية، حصل بموجبها على البكالوريوس من الجامعة الأمريكية في بيروت.
وعندما أراد أن يعود إلى بلاده رفضت قوات الاحتلال بدعوى أنه يحمل الجنسية الأردنية، فدارت الدنيا به، وأصبح لا يعرف ماذا يفعل؟ فهو لا يملك أي وظيفة، كما أنه أصبح بلا وطن يعود إليه.. إنه العالم الفلسطيني "منير حسن نايفة" أحد أبرز علماء الفيزياء في القرن العشرين، والذي وضع يده على مفاتيح الذرة، فقررت أن تبوح له بأسرارها.
ولد "نايفة" في ديسمبر من عام 1945 بقرية الشويكة ناحية طولكرم الفلسطينية؛ حيث أكمل دراسته الابتدائية قبل أن يغادرها للأردن لاستكمال دراسته الثانوية، ثم إلى لبنان للحصول على درجة البكالوريوس من الجامعة الأمريكية ببيروت في عام 1968، ثم الماجستير في الفيزياء في عام 1970، نال بعدها منحة أخرى مقدمة من جامعة ستانفورد الأمريكية للحصول على الدكتوراه.
وأثناء عمله بمعامل ستانفورد كاليفورنيا وجهه أستاذه لدراسة ذرة الهيدروجين أبسط العناصر الكيميائية الموجودة في الطبيعة باستخدام أشعة الليزر؛ أملا في الوصول على المزيد من الأسرار التي ما زالت تستعصي على العلم التجريبي بخصوص هذه الذرة. وحصل بالفعل نايفة على درجة الدكتوراه في حقل الفيزياء الذرية وعلوم الليزر.
يعود حب نايفة للعلم إلى فترة الطفولة؛ فما زال يتذكر إلى أي مدى كان شغوفا بصناعة أجهزة الراديو (المذياع)، ويعتبرها هوايته المفضلة، ويقضي كثيرا من الوقت في القراءة عنها، ويذهب إلى السوق ومحلات الأدوات الكهربائية ليشتري الهوائيات لكي يتم عمله الذي طالما أحبه والذي اعتبره هو نفسه بداية الطريق الذي أوصله ليصبح عالما كبيرا.
مازال يتذكر سنوات الدراسة في مرحلة الثانوي، والأستاذين سليمان والعبيدي، وكيف كانت معاملتهما له أشبه بالعلاقة التي تربط بين مجموعة من الأصدقاء، وليست مجرد علاقة بين الأستاذ والتلميذ، وذلك على الرغم من أنه كان ما يزال تلميذا وشابا صغيرا. وفى الجامعة الأمريكية ببيروت كان للدكتور أنطون أصلان -الفلسطيني الأصل- أكبر الأثر في حبه للفيزياء، وهو ما دفعه للتخصص فيها على عكس ما كان سائدا في ذلك الوقت من أن يتوجه الطلبة لدراسة التخصصات التطبيقية كالهندسة والطب.
عمل نايفة في الفترة من عام 1977 وحتى عام 1979 باحثا فيزيائيا بمعامل أوج – رج بجامعة كنتاكي، ثم التحق في نهاية هذه الفترة عام 1979 بجامعة آلينوى. وهو نفس العام الذي شهد حصوله على جائزة البحث التصنيعي في الولايات المتحدة؛ حيث تم تأسيس مؤتمر سنوي يعرض آخر التطورات والتطبيقات في ابتكاره.
نشر نايفة ما يزيد عن 130 مقالا وبحثا علميا، وشارك مع آخرين في إعداد وتأليف العديد من الكتب عن علوم الليزر والكهربية والمغناطيسية. كما وردت الإشارة إلى اسم نايفة في العديد من موسوعات العلماء والمشاهير، وكان من أبرزها موسوعة "بريتنيكا" الشهيرة، وموسوعة "ماجروهيل"، وقائمة رجال ونساء العلم الأمريكيين، وموسوعة " Who’s Who in America"، وقائمة "Who's Who in Technology Today"، وقائمة "Who's Who in Engineering "، وكذلك المعجم الدولي للسيرة الذاتية، وقائمة رجال الإنجازات.
فلسطين في القلب
تمكن نايفة من الإجابة على استفهام هام طرحه عالم الفيزياء الشهير "ريتشارد فاينمان" في عام 1959، عندما تساءل: ماذا سيحدث لو استطاع الإنسان التحكم في حركة ومسار الذرة، ونجح في إعادة ترتيب مواضعها داخل المركبات الكيميائية؟.
وفى أقل من 20 عاما قدم نايفة إجابته الفائقة، عندما نجح في تحريك الذرات منفردة ذرة ذرة. وفي التسعينيات تحدثت كبرى المجلات العلمية المتخصصة ووكالات الأنباء العالمية عن العالم العربي الذي رسم صورة لقلب داخله حرف "P" باستخدام الذرات المفردة، في الإشارة إلى فلسطين.
ويرى العلماء أن هذا الكشف من الاكتشافات الثورية التي أتاحت للعلم الدخول إلى منطقة لم يسبق له الدخول فيها من قبل، ويمكن استنتاج تلك القفزة التي سيحققها ذلك العلم من خلال المقارنة بـ"المايكروتكنولوجي" التي أنتجت أجهزة الكمبيوتر والترانزيستور وكل المعدات الإلكترونية الحالية.
وفى هذا الإطار يشير الكتاب السنوي الصادر عن الموسوعة البريطانية "بريتانيكا" إلى أن تقنية نايفة سوف تزيد من كفاءة أداء الآلات ما بين 100 مليون و10 آلاف مليون مرة على الطرق التقليدية.
وكما ذكرت صحيفة "واشنطن بوست" فإنه يؤسس لفرع جديد في علم الكيمياء يدعى "كيمياء الذرة المنفردة" الذي يمهد بدوره لطفرة طبية سوف تسهم في علاج العديد من الأمراض التي وقف العلم عاجزا أمامها سنوات طويلة؛ حيث يتيح هذا الإنجاز بناء أجهزة ومعدات مجهرية لا يزيد حجمها عن عدة ذرات بما يمكنها من الولوج في جسم الإنسان، والسير داخل الشرايين والوصول إلى أعضائه الداخلية.
وتتجاوز تطبيقات هذا الكشف مجالات الطب إلى الهندسة الصناعية والعسكرية وحتى التكنولوجيات النووية؛ حيث يتوقع أن تسهم في تطوير أجهزة رصد جوية لاستكشاف المعادن والألغام الأرضية. ويعلق بعض العلماء الآمال عليها في رصد جسيمات "كوارك" الخفية التي من المفترض أن تسهم في حل بعض ألغاز الكون.
البحث العلمي في العالم العربي
يرى نايفة أن البحث العلمي في العالم العربي والإسلامي ما زال في مرحلة الطفولة، إلا أن الأمر لا يخلو من ومضات مضيئة بسيطة ومحدودة؛ لذا فهو يرى ضرورة الاستفادة من الخبرات العربية الموجودة بالخارج لتقليص الفجوة العلمية والتكنولوجية بين العالم الإسلامي والدول المتقدمة. وفى هذا الإطار يعقد نايفة مقارنة بسيطة تكشف حجم الفجوة التكنولوجية بيننا وبين العالم المتقدم، قائلا: "إن تكلفة ما صرفته الجامعات العربية على البحث العلمي طيلة 50 سنة هو 2.5 مليار دولار، بينما صرفت جامعة آلينوي على البحث العلمي خلال عام واحد 1.5 مليار دولار. وحسبما يرى فإن الاختلاف يأتي في النظرة ذاتها تجاه الموضوع؛ فيبدو أن العرب ما زالوا يتعاملون مع البحث العلمي على أنه نوع من الترف والرفاهية، بينما ينظر العالم المتقدم علميا إليه على أنه المستقبل".
يمد نايفة يد العون للبلدان العربية والإسلامية التي ترغب في الأخذ بأسباب العلم والتكنولوجيا؛ ففي أواخر السبعينيات بدأت خطاه الأولى على هذا الطريق؛ حيث نجح في توثيق العلاقة بين جامعة اليرموك والجامعة الأردنية من ناحية، وجامعة آلينوي التي يعمل بها من ناحية أخرى.
وفى هذا الإطار يسهم نايفة ومعه تلميذه زين حسن يماني المبعوث من جامعة الملك فهد السعودية إلى جامعة آلينوي، ومعهما الدكتورة ليلى أبو حسان، والدكتور عبد الجواد أبو الهيجاء من الجامعة الأردنية، والدكتور سامي محمود، والدكتور نهاد يوسف من جامعة اليرموك الأردنية في بحث علمي على خام "الزيوليت" الطبيعي الذي يوجد بوفرة في البيئة العربية، لإنتاج وتطوير أسلاك ومفاتيح ذرية تستخدم في تشغيل آلات القرن الحادي والعشرين.
ومؤخرا وقبيل انقضاء عام 2003 وقع نايفة مدير مختبرات الليزر في جامعة آلينوي مع الدكتور هاني مرتضى وزير التعليم العالي في سوريا مذكرة تفاهم بين المعهد العالي لبحوث الليزر في جامعة دمشق وقسم الفيزياء في جامعة آلينوي، وتتضمن الاتفاقية التي تستمر 5 سنوات تبادل أعضاء هيئة التدريس، وتبادل الطلاب، وفعاليات البحوث المشتركة، إضافة إلى المشاركة في الندوات واللقاءات العلمية، وتبادل المواد الأكاديمية وغيرها من المعلومات، ووضع برامج أكاديمية قصيرة متخصصة.
ويرأس الدكتور نايفة شبكة العلماء والتكنولوجيين العرب في الخارج، وهو أحد التجمعات الشهيرة للعلماء المهاجرين، أنشئت عام 1992 عقب أول اجتماع لها في العاصمة الأردنية عمان، وتقوم الشبكة بدور هام في حصر الكفاءات العربية في المجالات العلمية المختلفة، وفتح المجال أمام حدوث تعاون وتنفيذ برامج ومشاريع علمية، من شأنها أن ترتقي ببلداننا العربية.
نايفة أيضا عضو بمجلس إدارة المؤسسة العربية للعلوم والتكنولوجيا، وهي مؤسسة تهتم بوضع المشاريع العلمية المشتركة التي تسهم في حل المشكلات التي تعاني منها منطقتنا العربية، بالإضافة إلى التنسيق بين علماء الداخل والخارج، وتعد محاولة لتشكيل قوة ضغط علمية تحث الحكومة العربية على ضرورة دعم البحث العلمي.
عالم مسلم في بلاد الأمريكان
يتحدث العالم الجليل عن ضرورة الاتصال بالجذور كأي مسلم وعربي، فيقول: "زياراتي للمنطقة العربية قاربت المائة، وربما ساعدتني على ذلك ظروف عملي؛ فلم تبقَ دولة عربية إلا وزرتها، ولقد كنت شديد الحرص على أن ترافقني عائلتي في زياراتي إلى المنطقة؛ وهو ما انعكس بشكل إيجابي على علاقتهم وارتباطهم ببلادهم، وتجلى ذلك في حديثهم العربية بطلاقة، على الرغم من أنهم جميعا مولودون بالولايات المتحدة".
وفي إحدى لقاءاته التليفزيونية ذكر نايفة في إجابة له عن سؤال حول اللغة التي يفكر بها عندما يكون في المختبر، فأجاب بأنه يفكر أول ما يفكر بالعربية، وخلال زمن قصير تحدث الترجمة التلقائية في دماغه؛ لذا فإنه قبل ثلاثة أعوام من الآن شارك في مؤتمر عقد في الشارقة يطالب بضرورة تعليم الطفل العلوم بلغته الأم.
ونايفة متزوج من فتاة عربية اسمها هتاف -بنت بلد من طولكرم- كما أن له خمسة أبناء، تزوج الأكبر "حسن" الذي يدرس الدكتوراه في تكنولوجيا "النانو" من فتاة عربية مسلمة من الأردن ويعيشان الآن معا في بوسطن. وكان حسن قد نال زمالة دراسية للدكتوراه بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، تبلغ قيمتها ربع مليون دولار. أما التي تليه فهي "مها" وقد تزوجت هي الأخرى من شاب فلسطيني، وبالنسبة لعمار وأسامة فما زالا في مراحل التعليم، ويأتي مسك الختام "منى" التي لا يتجاوز عمرها 15 عاما.
ونايفة هو الأخ الثالث بين أربعة أبناء لتاجر زيت الزيتون حسن نايفة وزوجته خضرة، جميعهم تفوقوا في مجالات العلوم المختلفة، "علي" الابن الأكبر أستاذ للهندسة الميكانيكية بجامعة فرجينيا، و"عدنان" أيضا يعمل أستاذا للهندسة الميكانيكية والطيران في جامعة سينسيناتي بأوهاويو، أما "تيسير" فيعمل أستاذا للهندسة الصناعية في جامعة كليفلاند.
حقا.. إنها رحلة شائقة جدا.. وشاقة جدا.. تلك الخطوات التي خطتها أقدام الشريد الفلسطيني "منير حسن نايفة" من قرية الشويكة إلى قمة العلم في معامل أمريكا والعالم.
مصدر الموضوع السابق : موقع اسلام أون لاين
عصام حجي .. عاشق المريخ
وكأن العالم الإسلامي يغلي بالأفكار والطاقات الجديدة.. دعوات هنا وهناك ونماذج تتفتح بسخاء تريد الخير لهذه الأمة.. والأهم أنها "تسعى" بجد واجتهاد رغم كل المعوقات.. هذا ما شعرت به بعد انتهائي من الحوار مع "عصام محمد حجي" العالم الجيولوجي المصري في وكالة ناسا للفضاء العامل الآن مع فريق المكوك "سبيريت".. في رحلة اكتشاف المياه على كوكب المريخ. وهو شاب يافع، لم يتجاوز الثلاثين عامًا.. مثقف ووطني ومتدين.. عصام ببساطة شديدة شاب يفرح القلب..
ورد المدارس
حصل عصام على الشهادة الابتدائية من مدارس ليبيا، بعدها سافر الوالد محمد حجي إلى تونس، ومن هناك حصل عصام على الإعدادية.. والد عصام فنان تشكيلي معروف، وكان يعمل بتونس في مشروع ضخم لترميم بعض الآثار الإسلامية هناك.. بينما كان يحلم عصام بترميم الكثير من الأوضاع المقلوبة، ويرى أننا لا نستحق أن نكون حضارة بهذا الضعف والهشاشة والتصدع.
يقول: إن نظام التعليم العربي به العديد من المشاكل، ولكن الأخطر من ذلك هو واقعية الشباب لدرجة البؤس في تعاملهم مع مشاريعهم وأحلامهم.. لماذا لا نحلم؟!
ويضيف أنه تعامل مع النظام التعليمي العربي في 3 دول هي: ليبيا وتونس ومصر، ولم يدرس في مدرسة خاصة، ولم يدفع نقودًا للذهاب إلى جامعة مميزة.. كان يجلس على نفس الأدراج المهشمة في مدارسنا، ويذهب بنفس المواصلات، ويفهم من نفس الأساتذة الذين نعرفهم ونحملهم مسئولية فشلنا وقلة حيلتنا...
عودة الابن الضال
يقول عصام: في أوربا وأمريكا المئات من العلماء ذوي الأصول العربية الإسلامية.. الرجل لا يخون أحدا، ولكن يشعر -كما نشعر- بتخاذل البعض، وأحيانًا رعونتهم في رد الجميل والدَّين الذي في أعناقهم.
"نحن أمة مشغولة جدًّا بصورة الآخرين عنها وغير مشغولة تمامًا بصورتها عن نفسها"، هكذا يرى مشكلتنا، ويرى الحل في العمل بجدية وحماس، وثقة في أن تاريخنا مشرف، وبه الكثير من النقاط المضيئة التي يجب أن نبدأ منها وننطلق لنتجاوز عنق الزجاجة الحضاري الذي ننحشر فيه الآن.
إذا طالبنا بتطوير التعليم فهذا لا يعني أن نقبل بتعليم أمريكي أو فرنسي أو ألماني أو... أو...، ولكن يجب أن نبدأ من أنفسنا.. لماذا ترفع الحكومات العربية شعار الاستثمار في كل شيء ولم ترفع شعار الاستثمار في مجال التعليم؟ عصام حجي يرى أن هذه هي الثروة الحقيقية التي يجب تنميتها وإنضاجها لكي نعالج من خلالها الخلل الحضاري ونعدل به ميزان القوة لصالحنا..
صراع على المريخ!
سألته عن الصراع العلمي الخفي بين أوربا وأمريكا في الوصول إلى المريخ، وما هو شعوره وهو بمفرده وسط هذه الدول الكبرى والمؤسسات الضخمة التي تتسابق للوصول إلى المريخ وتحقيق السبق قبل غيرها؟ فقال: البحث العلمي لا يتدخل في شكل الحياة في المستقبل ولا الماضي، كل ما يعني العلم هو اللحظة الحاضرة.. لماذا صار المريخ بلا حياة الآن رغم وجود المياه؟! هذه هي الأسئلة التي يبحث عنها العلم بغض النظر عن طموحات السياسيين في احتلال المريخ وفرض السيطرة عليه من قبل الدول الأخرى المتنافسة.. .
البيت
والد عصام -كما قلنا- فنان موهوب، والأهم من ذلك أنه فنان أصيل حتى في رسوماته، ينهل من البيئة الشعبية والتراث القديم.. وبالطبع أب بهذا الشكل يريد من ابنه أن يصير نموذجًا مشرفاً لوطنه.. والرجل أعد لابنه عصام –له ابن آخر هو أسامة متخصص في علوم الحاسب الآلي– كل ما هو متاح ليتفوق في عمله، والأهم أن يكون صاحب حلم من البداية.. لذلك إذا دخلت منزلهم تشعر أنك عبرت إلى زمن آخر وإلى حضارة كنت أعتقد أنها أثر ولّى بغير رجعة.
بيت جميل مصنوع بعناية ورقة.. لوحات هنا وهناك.. مكتبة ضخمة.. تطريزات عربية وتشكيلات إسلامية.. تشعر أن هناك من يشكل المحيط الذي يعيش فيه بوعي؛ ليكون معبرًا بشكل أصيل عن ثقافته وتاريخه وحضارته.. كل هذا بدون تدخل في توجيه أبنائه إلى مسارات يراها هو الأفضل، أو مسارات مشابهة لمساراته الشخصية.. رغم أن الرجل يتحدث "بلطف" عن أنه كان يتمنى أن يصبح أحد أبنائه رسامًا مثله..
بقايا كوب الشاي
هكذا تعلمت أن الجزء "السخي" من الحوار يأتي بعد إغلاق أجهزة التسجيل والكاميرا.. يخف توتر الضيف وتوترك وتشعر أن العمل أنجز.. لكن عصام حجي يفاجئك دائمًا.. بعد التسجيل –يا للحسرة بعد التسجيل– قال: إنه مطلوب للتحقيق في جامعة القاهرة بسبب عدم حضوره امتحانات الفصل الدراسي الأول.. لقد كان مع فريق متابعة المكوك سبيريت.. بينما إدارة الجامعة لا تعرف سبيريت ولا يحزنون(!!) كل ما تعرفه أن يأتي هذا "العقل" ليمارس دوره الأهم -في نظرهم- من تفتيش ومراقبة الطلاب أثناء الامتحان حتى لا يخرج أحدهم ورقة بها إجابات أو ينقل آخر من زميله بطرف عينه معلومة نسيها أو لم يذاكرها من الأساس.
هذا كله لم يغضب عصام، ولكن غضبه الحقيقي كان عندما تدخل أهل الخير لحل المشكلة وإلغاء التحقيق مع عصام.. هؤلاء نصحوه بالكذب وتقديم شهادة طبية تفيد بأنه كان مريضًا في هذا الوقت(!!)
ويتحدث والحيرة تأكله: هل شهادة مرضية كاذبة أفضل عند الجامعة من المشاركة في رحلة علمية بهذا الشكل وبهذه الأهمية التي تحدثت عنها كل وسائل الإعلام؟؟!!.. منطق غريب..
قبل كتابة هذا الموضوع أرسلعصام بريدًا إلكترونيًّا لكاتب الموضوع يخبره فيه أنه استقال من جامعة القاهرة.. هنأه وهو يذوب من الحسرة.
شادية حبال .. عربية تغزو الشمس
تخصصت في دراسة فيزياء الشمس، وهي الآن واحدة من أشهر العلماء المتخصصين في هذا المجال. وتصف مجلة "ساينس" الأمريكية الشهيرة التي تعد من كبريات المجلات المتخصصة بحوث د. شادية وزملائها بأنها بمثابة "القنابل المتفجرة"؛ فقد أحدثت هذه الأبحاث ردود أفعال متباينة لدى العلماء، حتى إن البعض اعتبرها نوعا من الهرطقة العلمية، في حين وصفها آخرون بأنها ثورية، وأنها تمثل خطوة عملاقة إلى الأمام.
بدأ حب شادية للعلم منذ الطفولة، عندما جذبها أسلوب شرح مدرستها لمادة العلوم وقت أن كانت في الصف التاسع، وكانت هذه المدرسة تحرص على تناول القضايا العلمية بأسلوب فيه من المتعة والحيوية ما يجذب التلاميذ إليه.
وقد دفعها حبها للفيزياء إلى اختيارها كتخصص أساسي في الجامعة، فحصلت على درجة البكالوريوس في الفيزياء والرياضيات من جامعة دمشق، ثم انتقلت إلى بيروت لكي يتسنى لها الحصول على الماجستير في الفيزياء النووية من الجامعة الأمريكية.
وفي عام 1973 قامت بخطواتها الأولى لدراسة فيزياء الفضاء، عندما سافرت إلى ولاية أوهايو الأمريكية لاستكمال دراسة الدكتوراه في جامعة سنسناتى. بعدها التحقت للعمل كباحثة لمدة عام واحد في المركز الوطني للأبحاث الجوية في بولدر، ثم انتقلت لجامعة هارفارد الأمريكية منذ ذلك التاريخ، ولمدة 22 عاما متواصلة.
وفي سبتمبر من عام 2000 عرضت عليها جامعة ويلز البريطانية منصب أستاذ كرسي في علوم الفضاء، وذلك مع الاحتفاظ بمنصبها في جامعة هارفارد، وبالفعل وافقت، وظلت في ذات الوقت حريصة على الذهاب إلى هارفارد كل عام في فصل الصيف لكي تباشر مع زملائها هناك الأبحاث الخاصة بمجال تخصصها.
وبالإضافة إلى ذلك تترأس د. شادية تحرير المجلة الدولية الخاصة بأبحاث فيزياء الفضاء، ويشاركها في ذلك عالمان، أحدهما صيني الجنسية والآخر يحمل الجنسية الأمريكية.
عربية مثابرة
تقدم قصة حياة شادية حبال البرهان على قدرة المرأة العربية على تحقيق المستحيل إذا ما توافرت لها الظروف المواتية. وعلى عكس ما يعتقد البعض من أن الغرب دائما ينصف المرأة، فقد عانت د. شادية كثيرا من التفرقة بين المرأة والرجل، حيث كانت تتقاضى راتبا أقل من زملائها الرجال الذين يعملون في نفس التخصص ويقومون بنفس العمل، حتى عندما كانت تعد رسالة الماجستير في الجامعة الأمريكية ببيروت، وكانت حاملا، فكان أستاذها الأمريكي المشرف على الرسالة دائما يوجه إليها سؤاله قائلا، كيف ستكملين أطروحتك للدكتوراة؟! ورغم الحمل أكملتها وسلمتها في الميعاد المحدد.
وعن مشوارها الصعب تقول د. شادية: "لقد عانيت من الوحدة كثيرا، فنسبة وجود النساء في مجال الفيزياء لا تزيد على 20%، وعلى الرغم من كل ذلك فينبغي للمرأة المثابرة أن تثق بقدراتها. وإذا ما أرادت المرأة العاملة أن تكون أما فينبغي عليها التضحية، فأنا كنت شديدة الحرص على تنظيم وقتي باستمرار حتى لا أقصر تجاه أولادي، وبرغم كل أعبائي فقد كنت أتابع لهم دروسهم خطوة بخطوة".
جمعت د. شادية بين متطلبات الأمومة -فهي أم لطفلين- وقيادة حركة أكاديمية لنساء العلم تعرف باسم "النساء المغامرات"، والعمل الأكاديمي، وقيادة الفرق العلمية في مختلف أرجاء الأرض سعيا وراء التقاط ولو صورة واحدة للشمس تساعد على حل ألغازها التي مازالت تستعصي على بني البشر الذين يعيشون على الأرض.
دراسات وأبحاث ثورية
أحدثت اكتشافات د. شادية حول الرياح الشمسية ضجة عندما قالت بأن الرياح الشمسية التي تشد الكرة الأرضية هي ملاءة جبارة تحمى الحياة من الأشعة الكونية المهلكة. فقد تركزت هذه الأبحاث على استكشاف مصدر الرياح الشمسية، والتوفيق بين الدراسات النظرية ومجموعة واسعة من عمليات المراقبة التي أجرتها المركبات الفضائية وأجهزة الرصد الأرضية.
وكانت النظرة السائدة عن الرياح الشمسية هي أنها تنقسم إلى نوعين، سريعة وبطيئة، الأولى تنطلق من الشمس بسرعة 800 كم في الثانية، والأخرى ثقيلة الحركة تأتي من المنطقة الاستوائية للشمس.
وقد أطاحت أبحاث د. شادية وزملائها بهذه الافتراضات؛ حيث أماطت اللثام عن حقائق تفيد أن الرياح الشمسية تأتي من كل مكان على سطح الشمس، وأن سرعتها تعتمد على الطبيعة المغناطيسية للمناطق القادمة منها. وجاءت النتائج التي توصلت إليها ثلاث مركبات فضائية تولت رصد الشمس -وهى "سوهو" و"جاليليو" و "يوليسيس"- لتؤكد ما كشفته أبحاث د. شادية.
فقد أوقفت د. شادية جانبا كبيرا من أبحاثها لدراسة الطبيعة الديناميكية للانبعاثات الشمسية في مناطق الطيف الراديوية، والضوء المرئي، والمنطقة القريبة من أمواج الطيف تحت الحمراء، وفوق البنفسجية، وما يليها. كما قامت بدراسة الرياح الشمسية لتحديد العوامل الفيزيائية المسئولة عن خواصها، وركزت بشكل مكثف على دراسة سطح الشمس، وثورته التي تمتد إلى ما بين كواكب مجموعتنا الشمسية.
وعن هذا الإنجاز، تقول د. شادية: إن الفريق العلمي الذي تم تشكيله تحت قيادتها في جامعة ويلز تمكن خلال السنوات الماضية من تطوير واحدة من أعقد الشفرات أحادية البعد للرياح الشمسية. كما أنها من خلال التعاون مع عدد من الجامعات الأمريكية العاملة في نفس المجال استطاعت الحصول على برنامج مستمر يتضمن كافة الملاحظات العلمية عن كل ظواهر الكسوف الشمسية، وهو ما ساعدها هي وفريقها على بلورة نتائجها حول أصل الرياح الشمسية.
أول مركبة تصل إلى الشمس
تشارك د. شادية فريقا من علماء الفضاء المتخصصين في الإعداد لأول رحلة فضائية تصل إلى الشمس، وبالتحديد لطبقة الهالة الشمسية التي تمثل الجزء الخارجي من الغلاف الشمسي، ولا يمكن للبشر رؤية هذه المنطقة إلا أثناء كسوف الشمس، حيث تشاهد كلؤلؤة بيضاء محيطة بالشمس.
وقد لعبت د. شادية دورا أساسياَ في تصميم المركبة المنوط بها القيام بهذه المهمة. ويتمثل المشروع الذي بدأ منذ عام 1995 في تصنيع وتصميم "روبوتات" للاستكشافات الفضائية ومركبة فضائية يمكنها الدوران حول الشمس، حيث تحاول هذه المركبة الدوران حول الشمس من الشمال إلى الجنوب لأخذ صور دقيقة لها.
وتخطط وكالة ناسا لإرسال المركبة إلى أقرب نقطة يمكن الوصول إليها من الشمس، حيث من المفترض أن يكون الدوران على بعد يتراوح بين 2 إلى 10 أقطار شمسية من سطحها. وعلى الرغم من تأجيل المشروع أكثر من مرة فقد تقرر القيام بالرحلة المنتظرة عام 2007.
الجهد الوفير شعارها
وتمتاز د. شادية بالجهد العلمي الوفير، فقد تقدمت بحوالي 60 ورقة بحث لمجلات التحكيم العلمية، وشاركت بثلاثين بحثا في المؤتمرات العلمية، كما أنها عضوة في العديد من الجمعيات العلمية مثل: الجمعية الفلكية الأمريكية، والجمعية الأمريكية للفيزياء الأرضية، وجمعية الفيزيائيين الأمريكيين، وجمعية النساء العالمات، والجمعية الأوروبية للجيوفيزياء، والاتحاد الدولي للفلكيين، وتتمتع الدكتورة شادية بدرجة الزمالة في الجمعية الملكية للفلكيين، كما أنها تترأس لجنة جائزة هالي التابعة لقسم الفيزياء الشمسية في الجمعية الفلكية الأمريكية. وقد تم تكريمها مؤخرا بمنحها درجة أستاذة زائرة في جامعة العلوم والتقنية في الصين.
المصدر : موقع اسلام أون لاين
شاهين عربي يعتلي قمة ناسا
عندما بدأت في صياغة أفكاري لكتابة هذا الموضوع اجتمعت على ذهني ذكريات قديمة، تتعلق بسلسلة روايات بوليسية كنت أتداولها مع مجموعة من أصدقائي، تدور أحداثها حول شخص يقوم بأعمال بطولية خارقة، ولم أستطع مقاومة هذه الذكريات؛ حيث إن الشخصية التي سيدور عنها الموضوع لعالم من ذلك الطراز البطولي الفريد. فعالمنا الجليل الذي بدأ رحلته مع الحياة عام 1935 عربي الأصل قطع آلاف الأميال من أم النبع في بيروت ليصل لولاية كاليفورنيا الأمريكية، حيث وكالة ناسا الفضائية.. أكبر مركز لدراسات الفضاء في العالم.
وعلى الرغم من طول ومشقة السفر انطلق إلى آفاق شاسعة في كوننا الفسيح ربما تعجز عقولنا عن احتوائها. ومع ذلك أيضًا لم ينس الأرض التي نما عليها، فراح يشخص أمراضها من خلال أكبر مشروع عالمي لرصد بيئتها من الفضاء.
إنجازاته تفوق سنوات عمره
يعد شاهين من العلماء المجهولين في عصر الفضاء، وذلك على الرغم من أنه أحد أهم الشخصيات العلمية التي أسهمت بجهدها البحثي والفكري والإداري في إعادة كتابة علوم الفلك، وتحقيق انقلاب كامل في معرفتنا بالأرض والكون.
حصل "شاهين" على درجة الدكتوراة في فيزياء الموائع عام 1960 من جامعة بيركلي التي تعتبر من أهم الجامعات الأمريكية، حيث كان يناهز من العمر 25 سنة، وقد التحق بعدها مباشرة بمختبر الدفع النفاث JPL بوكالة ناسا.
ومن المعروف أن عصر الفضاء الأمريكي ولد عام 1958، عندما أطلق هذا المختبر -الذي يعتبر الأكبر بين مختبراتها العديدة- أول قمر صناعي أمريكي أطلق عليه اسم "إكسبلورر"، ويعني بالعربية المستكشف.
قضى شاهين فترة الـ 15 سنة الأولى من عمله في القسم التقني للمختبر، حيث جرى تصميم معظم الرحلات الفضائية الآلية غير المأهولة بالبشر، والتي تضم قائمة المركبات والمسابر الفضائية التي صممت آنذاك، وقد انخرط شاهين بشكل مباشر ومكثف في نظريات وتجارب الاستشعار عن بُعد داخل المختبر، حيث كان باختصار صاحب الدور الرئيسي كباحث ومصمم ومطور ومحلل في كل تجارب الاستشعار عن بُعد التابعة لوكالة ناسا.
وطور طريقة فيزيائية يطلق عليها the Physical Relaxation Method وهي تقنية مسئولة عن قياس حرارة وتركيب مناخ الكواكب، ثم قام بعد ذلك بصياغة مفهوم "مضاهاة الطيف المتعدد" باستخدام أجهزة الاستشعار عن بُعد، حيث توضع بالسحب وتعمل بالأشعة تحت الحمراء، معتمدًا على بيانات الأشعة تحت الحمراء وأشعة الميكروويف.
وتعد هاتان التقنيتان من أحدث وسائل قراءة أحوال المناخ والطقس باستخدام بيانات الأقمار الصناعية. وقد طبقت تقنيات التحليل المعلوماتي هذه بنجاح منذ عام 1990 لإنتاج التوزيع العالمي الأول لدرجة حرارة سطح الأرض، باستخدام بيانات أجهزة الاستشعار عن بُعد HIRS / MSU .
اشترك شاهين في وضع أسس عمل جهاز الإسبكتروميتر "AIR" الحالي وهو جهاز حساس يمكنه قياس حرارة الأرض من الفضاء بدقة كبيرة جدًّا؛ وهو ما يسمح بتوقعات دقيقة للمناخ. ويمتلك الجهاز القدرة على الفصل الضوئي الذي يضمن بيان جو الأرض من سطحها حتى ارتفاع 30 ميلاً، ويشرف شاهين الآن على المركبة التي أرسلتها وكالة ناسا مؤخرًا إلى كوكب المريخ لانتقاء عينات من سطح الكوكب وجلبها للأرض لتحليلها.
شاهين.. ووسام القيادي البارز
قلدت ناسا شاهين وسام القيادي البارز في عام 1984 تتويجًا له على جهوده في القيادة والتي استمرت لقرابة 30 عامًا متواصلة. فقد ترأس شاهين في الفترة ما بين 1975 و1978 الدائرة الخاصة بدراسة الأحوال الجوية للكواكب، تلا ذلك تأسيسه "قسم علوم الأرض والفضاء" في مختبر الدفع النفاث، والذي لعب دورًا مهمًا في أحداث فضائية كبرى. وقد تولى في الفترة من عام 1978 وحتى عام 1986 رئاسة هذا القسم، حيث كان المسئول عن تأسيسه وإدارة الأنشطة المختلفة لباحثيه الذين قدر عددهم بـ 400 باحث.
وخلال 17 عاما تقريبًا تولي شاهين منصب رئيس العلماء بمختبر الدفع النفاث الذي يعد أهم مؤسسة فضائية للبحث والتطوير في العالم، وواصل القيادة العلمية في سنوات التسعينيات الصعبة التي تم فيها تقليص موازنات الفضاء، وعلى الرغم من ذلك شهدت هذه الفترة تحقق منجزات فضائية فريدة، كإطلاق المرصد الفضائي "هابل" ومرصد "أشعة جاما" اللذين يعتبرهما العلماء علامة فاصلة في تاريخ استكشاف الفضاء.
وترأس شاهين خلال العقدين الأخيرين من القرن الماضي أعلى هيئة علمية لدراسة دورة الماء والطاقة في الطبيعة "جيوكس GEWEX"، وهي هيئة مسئولة عن تحليل البيانات الخاصة بالأقمار الصناعية التي ترصد الإشعاع الشمسي وحركة الرياح والغيوم ومستويات البحار والمحيطات وتركيب جو الأرض، وكذلك رصد النشاطات البشرية التي تؤثر على كل ذلك، بالإضافة إلى مشروع "أكوا" .. وهو قمر صناعي مصمم لمراقبة النظام المناخي لكوكب الأرض بمستوى لم يسبق لم مثيل من التفصيلات والدقة.
البحث عن الحياة خارج الأرض
يعتقد شاهين بوجود حياة أخرى عاقلة خارج كوكب الأرض، وهو يستند في ذلك إلى عدة مبررات أولها أن كوكبنا بالنسبة للكون بمثابة قطرة في محيط كبير، فليست الأرض سوى عضو في منظومة شمسية تتألف من مجموعة من الكواكب والتوابع التي تدور في فلك نجم واحد هو الشمس، وليست الشمس سوى نجم واحد من مليارات النجوم في مجرة درب التبانة، ومجرة درب التبانة هي الأخرى واحدة من المجرات ضمن مليارات المجرات الموجودة في الكون، وبالتالي فالاعتقاد بأن الأرض وحدها القادرة على توفير ظروف الحياة لهو أمر ينبئ عن مدى غرور سكان هذا الكوكب، حسب رأيه. ويقول في هذا الصدد: لعل وقفة بسيطة عند الحسابات العلمية التي أجريت حول هذا الأمر، والتي تقول بوجود 400 ألف حضارة شبيهة بحضارة الأرض في مجرتنا وحدها فقط لكفيلة بمحو هذه النظرة المغرورة.
وكما ذكر في حديثه مع الأستاذ محمد عارف، والذي تم نشره في مجلة العربي الكويتية في عدد مارس من عام 2000، فإنه إذا كان عمر الأرض قد تجاوز 3 مليارات من السنين، بينما عمر تكنولوجيا الفضاء لم يتخط 100 عام فقط، فليس من المتوقع أن يكون البشر قد تمكنوا من صناعة وسائل اتصال تستطيع أن تصل إلى حضارات أخرى عاقلة في هذا الكون.
وأخيرًا فإن الظروف الضرورية لقيام الحياة على الأرض قد تكون هي نفسها المطلوبة لنشأة الحياة في أي مكان آخر، ومن ثم تطورها إلى الأشكال الموجودة على الأرض في وقتنا الحالي. ويجدر الذكر أن أي رسالة من الأرض تحتاج إلى 500 عام على الأقل لكي تصل إلى أقرب المواقع في الكون التي من المحتمل وجود حضارات أخرى مماثلة للأرض فيها.
في العلم والسياسة
لا شك أن شخصية مثل شاهين يمكنها أن ترى ما لا يراه الآخرون؛ فعلى خلاف التصور السائد عن العلم ومدى تطوره السريع بشكل يصفه البعض بعدم القدرة على ملاحقته، يراه شاهين وهو العالم الكبير.. بطيء الحركة، كثير التردد، براهينه غير قاطعة على الدوام. كما يعتقد أنه على الرغم من أهمية العلم وقدرته على أن يلعب دورًا مهمًا في السياسة، فإن السياسة ما زالت هي الموجه للعلم وليس العكس، ويدلل على ذلك بحظر التدخين، فقد استمر الجدل حول مدى تأثيره على الصحة عقدين كاملين، بينما لم يحسم هذه القضية سوى القرار السياسي. ويتكرر الأمر الآن مع ، التي تضغط بعض الدول مستخدمة ثقلها السياسي للهروب من أعباء الالتزام بما يمليه العلم للحفاظ على بيئة الأرض والحد من ظاهرة تغير المناخ العالمي.
عودة إلى الجذور
ما زال شاهين حريصًا على قراءة العربية على الرغم من ابتعاده عنها طيلة ما يزيد عن 40 عامًا، وفي هذا يقول: "للعربية جمال خاص، فهي مبنية على أساس أربعة آلاف جذر من الأفعال، وقد انقطعت عنها سنوات طوالا، ربما نشأت خلالها آلاف من الكلمات الجديدة، ومع ذلك أستطيع أن أعرف الكلمة الجديدة عن طريق ردها إلى جذورها بسهولة، هذا يجعلني أتلذذ بالقراءة، لكنني مع ذلك لا أستطيع أن أستخدم الكلمات مباشرة مع أنني أقرأ العربية بشكل جيد، وأقرأ الصحف العربية التي أجدها في أكشاك الجرائد في باسادينا، كما أقرأ الرسائل التي تأتيني بالعربية.. مرتين، الأولى لأعرف محتواها، والثانية لأتذوق العربية".
وشاهين ليس فقط من أصل عربي، وإنما صاحب أسرة عربية؛ فزوجته الدكتورة "مارينا البندق"، بنت بيت لحم في فلسطين، وهي أستاذة للعلوم السياسية، وقد أنجب الزوجان ولدين، هما توفيق (طبيب عيون)، وسليم (محام
المصدر : موقع اسلام أون لاين
سائد عواد .. من الدفاشة إلى القسام 2
لم يخطر ببال الحاجة "أم حسين" وهي تزجر حفيدها "سائد" ذا الأعوام الست عن العبث بالأجهزة المنزلية، فهو لا يلبث أن يفكك قطع الراديو ويعطله حتى يتوجه صوب الترانس "المحول الكهربي" فيأتي عليه عن آخره، وإن سلم منه هذا وذاك تجده يعبث بمجموعة ألعابه المفضلة "مفكات، وشاكوش، وزردية، وبعض الأدوات الميكانيكية..."، أمام هذا كله لم يخطر ببال أم حسين أن هذا الولد اللعوب ما هو إلا نواة للبطل القادم، وأن هذا العبث و"الشقاوة" ما هي إلا بداية الابتكار، وأن هذا الصغير الذي غادرها منذ سنوات هو اليوم صانع "القسَّام 2" أول صاروخ فلسطيني الصنع والابتكار والإطلاق.
في أزقة "الشابورة"!!
في حواري وأزقة مخيم "الشابورة" للاجئين في رفح على الحدود مع جمهورية مصر العربية، وتحديدًا في السابع والعشرين من آذار/ مارس عام 1977م خطا "سائد حسين عوَّاد" خطواته الأولى، وفي أحضانه عاش مراحل طفولته، وفي أحد بيوته المتواضعة المصنوعة من الأسبستوس، تحدثنا جدته أم حسين ذات السبعين عامًا، وقد ارتسمت على وجهها كل ملامح فلسطين بدءاً بالنكبة والهجرة من بلدتهم الأصلية في فلسطين 48، ومرورًا بالانتفاضة الأولى، وليس انتهاء بالانتفاضة الحالية، سرحت ببصرها بعيدًا قبل أن تبدأ حديثها عن الحفيد الغالي سائد، وقبل أن تفر دمعة من عينها قالت: "لقد كان جميلاً، وشقيًّا، وكان لا يحب الظلم أبدًا، ولا يحب أن يعتدي على أحد، ولا أحد يعتدي عليه، وكان مطيعًا لأهله ووالده منذ صغره"، وتتابع وهي تشير إلى مسجد المخيم القريب، وتقول: "كان رغم صغر سنه يذهب إلى مسجد الفاروق في المخيم مع أبيه وأعمامه، وكان يقضي جميع الإجازات المدرسية في المخيمات الصيفية في المسجد، وكان معروفًا عنه أنه طفل يحب النظام والالتزام".
وترتسم ابتسامة على شفتيها كأنها تذكر مشهدًا جميلاً وتضيف الحاجة أم حسين: "كان سائد يحب أن يكون قائدًا منذ صغره، فكان يلعب مع أصحابه، ويقودهم ويوزع الأدوار عليهم، وكان دائمًا متصدر اللعبة يجمعهم ويفرقهم، ويلتفون حوله، سائد الذي يدعوهم للعبة، وهو الذي ينهيها، وهو الذي يقسمها، ويعطي لكل واحد من أصحابه دوره وموقعه".
ولم يكن هذا هو الهم الأكبر الذي شغل الطفل سائد عوَّاد رغم صغر سنه، فهو وإن كان يلعب مع الأولاد وهو قائدهم، إلا أنه كان متميزًا بألعابه ومقتنياته، حيث يقول عمه عبد الهادي أحمد عوَّاد: "كان سائد نشيطًا ولعوبًا في طفولته الأولى، فقد كان يحب تصليح الأجهزة الكهربية القديمة كالراديو والمحول الكهربي "الترنس"، وكانت لعبته المفضلة منذ صغره المفكات والأدوات الميكانيكية (كالشاكوش، والزردية) وما شابه، وكان مما يشغل باله وهو طفل لم يتجاوز السنوات الست قبل رحيله مع أسرته إلى الضفة الغربية عام 1983م تقريبًا، هو فك وتركيب وتجميع الأجهزة والأسلاك الكهربية"، ويتابع عم الشهيد سائد وهو يتذكر طفولته "أذكر أنه تعرض للزجر من والده أكثر من مرة؛ لأنه تسبب في عطل بعض الأجهزة كالراديو، والساعة المنبه، وما شابه".
الدفاشة: أولى الابتكارات!!
وإن كان الشهيد سائد كثير العبث في كل ما يقع تحت يده من أدوات وأجهزة، إلا أن هذا العبث لم يكن فارغًا أو بلا نتائج، فرغم طفولته إلا أن عقله كان منذ البداية ينبئ عن مبتكر مبدع، حيث يحدث عمه عبد الهادي عن هذه الابتكارات في هذه السن المبكرة، فيضيف "لقد كان سائد يتفنن في تصنيع لعبة الأطفال التي تطلق النار بصوت عال، والمعروفة في قطاع غزة باسم "إستاكوزا"، وهو أول من نقلها إلى الضفة الغربية، وتعرف عندهم باسم "الدفاشة"، وهي عبارة عن آلة يدوية كان في بدايتها يضع مسمارًا في مفتاح يتم تعبئته بالثقاب ويضربها بقوة، فتحدث صوتًا عاليًا مرتفعًا مزلزلاً كالألعاب النارية، ولم يتوقف الشهيد سائد عند ذلك فقد عمد إلى تطوير هذه الآلة، حيث جاء بماسورة طويلة وثبتها على خشبة مستوية، وجعل لها ضاغطًا عبارة عن قضيب من الحديد موصول بزنبرك "زمبلك"، بحيث يتمكن بها من إطلاق رصاصة واحدة في كل ضربة.
قائد أشبال "حماس"
هذه الملامح والشقاوة التي ميَّزت سائد في مراحل حياته الأولى في مخيم "الشابورة" في رفح انتقلت معه إلى مخيم طولكرم في الضفة الغربية، حيث أنهى المرحلة الابتدائية والإعدادية في مدارس وكالة الغوث في المخيم، ثم اضطر لترك الدراسة مبكرًا -كحال الآلاف من الفلسطينيين هنا؛ ليتفرغ لمساعدة والده في تحصيل الرزق.
ومع اندلاع الانتفاضة الأولى كان سائد في مقدمة الصفوف رغم صغر سنه آنذاك وكان له دور متميز، حيث اعتقل على خلفية فعاليات الانتفاضة وهو لم يتجاوز الرابعة عشرة من عمره، وأخضع للتحقيق ولم يكن منه إلا الصمود وعدم الاعتراف، وخرج من السجن منتصرًا رافعًا الرأس.
وبرزت ملامح شخصيته القيادية أكثر في مطلع التسعينيات، حيث قاد مجموعة من الأشبال في العام 1991م في حركة حماس، في مخيم طولكرم، وعملوا معًا في إلقاء الزجاجات الحارقة وإطلاق النار على نقاط الجيش المتمركزة فوق أسطح المنازل، مستخدمين ما يصنعه من "دفاشات"، وهو ما أدى إلى إصابته ذات مرة بعيار ناري في قدمه، لكن هذا لم يثنه عن مواصلة نضاله وجهاده ومقاومته للاحتلال، ولكن بأساليب أقوى ووسائل أنجح.
من سجون الاحتلال إلى سجن جنيد
هذه الأساليب وتلك الوسائل وجدها عوَّاد سائدة في صفوف الجناح العسكري لحركة المقاومة الإسلامية حماس، فانخرط في صفوفها، مقاتلاً شرسًا، لكنه لم يلبث أن اعتقل في العام 1994م لمدة أربع سنوات على خلفية تزعمه لخلية من كتائب "عزّ الدِّين القسَّام" في منطقة طولكرم، وفي السجن كان أيضًا مثالاً للصابر المحتسب عند الله رغم شدة الأساليب والوسائل التي استخدمتها أجهزة المخابرات لانتزاع اعتراف منه، وأحبه كل من سجن معه، ولم ينسوا ذلك الشاب الرقيق الرفيق حتى بعد أن تركهم وخرج من السجن.
ولم يكد سائد يخرج من سجون الاحتلال في العام 1998م، حتى يعتقل مرة أخرى لدى أجهزة السلطة الفلسطينية ليحقق معه مرة أخرى بكل ما تحمله القسوة والبشاعة من معنى، حيث أعيد بعد ذلك إلى سجن جنيد في نابلس؛ ليلقى أحبة له الآن هم إخوانه في الشهادة، بل سبقوه إليها، إنهم الشيخان والقائدان الشيخ جمال منصور، والشيخ يوسف السركجي، وصديقه الشهيد البطل محمد ريحان.
وهناك أحس سائد باقتراب موعده الذي طالما انتظره، حيث ينقل عنه أحد إخوانه تلك المقولة التي كان يرددها دائمًا حينما يسأل عن اعتقاله لدى السلطة في جنيد فيقول: "من دخل سجن جنيد وخرج منه فليستعد للشهادة، فالتنسيق الأمني لا يرحم".
وصدقت مقولة سائد، حيث إن أكثر من 70% ممن كانوا معه في سجن جنيد أصبحوا إما مطاردين أو سجناء لدى اليهود، أو لقوا الله شهداء جراء تعرضهم للاغتيال بعد خروجهم من هذا السجن المشؤوم خلال هذه الانتفاضة.
مع القسَّام "2"!!
بعد خروج سائد من سجون السلطة بعد اعتقال دام 13 شهرًا، تزوج مع مطلع عام 2001م، ورزق بطفل سمَّاه (حمزة)، لكن هذا الزواج لم يشكل عائقًا أمام استمرار سائد في النضال والجهاد خلال هذه الانتفاضة، فلقد تعرض للإصابة مرة أخرى بعيار ناري وهو يدافع عن مدينة طولكرم مع بدء الانتفاضة في عام 2001م.
لكن رجم الحجارة والسير في المسيرات الاحتجاجية لم يقنع أبا حمزة، فلقد كان فكره مشغولاً باستمرار كما كان منذ صغره، يفكر في كل طريقة ووسيلة تساهم في خلع هذا المحتل من أرضه الطاهرة إلى أن هُدِي لتطوير وتصنيع وتصميم صواريخ القسام 2 المتطورة عن صواريخ قسَّام 1 التي أرقت الكيان الصهيوني وأقضت مضاجعه في غزة وفي مدن الضفة الشماء لتصل بمداها إلى قلب الكيان المنبوذ، وهو ما جعلهم يهددون بالعمل على إيجاد حزام أمني على طول حدود الأراضي الفلسطينية، بل التهديد بالرد بقسوة في حال إطلاق أي من هذه الصواريخ.
أهم المواصفات
القسَّام 1
القسَّام 2
طول الصاروخ
70 سم
180 سم
مدى الإطلاق
2 إلى 3 كم
7 إلى 9 كم
حمولة الرأس من مادةTNT المتفجرة
600 جم
5 إلى 6 كجم
قطر الصاروخ
8 سم
12 سم
وكما في صاروخ القسَّام 1 فإن القسَّام 2 لم يُجر تطويرا أو تغييرا على طريقة الإطلاق، إلا ملاءمة القاذف ليكون مناسبًا للحجم، ولا يمكن التحكم فيه أو في توجيهه بعد إطلاقه.
وكانت المصادر الأمنية الإسرائيلية قد ذكرت لصحيفة يديعوت أحرونوت أن صواريخ من طراز "القسَّام 2" تتم صناعتها في ورش في مدينة نابلس، وحسب تحليلهم للمواد التي صنعت منها الشحنة التي ألقي القبض عليها فإن صناعتها تمت بأنابيب فولاذية، ثبت في أحد طرفيها جناحا الصاروخ، أما من الطرف الآخر فقد ثبت فيها رأس مدبب فولاذي يغطي الرأس الحامل للمتفجرات. ويحمل هذا الصاروخ في داخل أنبوبه مواد متفجرة تصل إلى خمسة كيلو جرامات، وأما في جزء الأنبوب السفلي فقد ثبت خليط من المواد المتفجرة لإحداث قوة دفع تلقي بالصاروخ إلى مسافة عشرة كيلو مترات.
بينما قال قائد القوات الإسرائيلية في الضفة الغربية الجنرال "جرشون يتسحاك" عقب ضبط شاحنة الصواريخ بين مدينتي نابلس وجنين، خلافًا للتقديرات المسبقة التي أشارت إلى مدى ثمانية كيلومترات، فإن مدى الصواريخ يقدر الآن بحوالي عشرة إلى اثني عشرة كيلومترًا، وذلك حسب كمية المادة المتفجرة وشكل الصاروخ.
وكان يعلم سائد يقينًا أنه ولا بد ملاحق من قبل قوات الاحتلال في كل مكان، فعليه أن يكون أسرع منهم إلى نشر هذه التقنية لدى أكبر عدد ممكن لئلا تنتهي باستشهاده أو موته، فلجأ إلى طريقة مبتدعة، حيث كان ينتقي عناصره الفعَّالة في كل مدن الضفة ويعلمهم كيفية التصنيع والإطلاق مبتدئًا بمخيم بلاطة في نابلس، ومن ثَم إلى جنين القسَّام، ومن ثَم إلى طولكرم، ومنها إلى طوباس وغيرها من المدن والقرى، حيث أودع سر القسَّام 2 عند كثير ممن علمهم، الأمر الذي أكدته بيانات كتائب القسَّام فيما بعد.
ذهب سائد وبقي القسَّام 2!!
صواريخ القسام 2
انضم سائد لصفوف مقاتلي القسَّام يصارع المحتل في مخيم بلاطة في الاقتحام الأول موقعًا فيهم الإصابات، ولم ينسحب من المخيم إلى أن انسحبوا دون النيل منه ومن إخوانه المجاهدين في كتائب القسَّام، وبعدها انتقل إلى جنين ليتمترس هناك، ويبقى بصحبة مهندس عمليات القسَّام هناك في جنين القائد "قيس عدوان أبو جبل" المطلوب لدى جيش الاحتلال.
واقترب يوم اللقاء برب العزَّة حين اقتحمت قوات الاحتلال مخيم جنين للمرة الثانية بعد تلك العملية في مدينة أم خالد "نتانيا"، فواجههم هو وإخوانه ببسالة شهد لها أبناء جنين القسَّام، فأصيب منهم من أصيب، واستشهد منهم من استشهد؛ لينتقل بعدها بصحبة خمسة من إخوانه إلى طوباس -إحدى ضواحي جنين- يتمترسون ويعدون للعدو ما يخشاه.
وفي صبيحة يوم الجمعة، الخامس من إبريل 2002م، وتحديدًا في بيت الشهيد البطل "أشرف دراغمة" في طوباس حاصرتهم القوات الصهيونية الخاصة فأبوا الاستسلام، واشتبكوا مع تلك القوة التي عززت بالدبابات والطائرات ومئات الجنود لأكثر من "5 ساعات"؛ لتغرب شمس ذلك اليوم على ستة أشلاء مزقتها صواريخ الطائرات الأمريكية الصنع، بعد أن سطَّروا أروع ملاحم البطولة، لينتقل مهندس القسَّام "سائد حسين عواد" إلى جوار ربه بصحبة الشهيد قيس عدوان (أبو جبل)، والشهيد مجدي محمد سمير، والشهيد محمد أحمد كميل، والشهيد أشرف حمدي دراغمة، والشهيد منقذ محمد صوافطة. ذهب سائد بلا رجعة، لكنه ترك ما يذكرنا به، وما يذكر الصهاينة ببأسه، ذهب سائد لكنه ترك القسَّام "2".
الباز .. من الأهرام إلى القمر
شاب أسمر يحمل على وجهه كل الملامح المصرية الأصيلة، بعد 41 عامًا قضاها مهاجرًا في أمريكا، تلمح بعضًا من اللهجة المصرية الصميمة بين حروفه.. يسمونه "الملك" رغم ما تشعر به في روحه من البساطة.. إنه د. فاروق الباز.. مدير معهد أبحاث الفضاء في جامعة بوسطن الأمريكية.. أبلغ ما قيل عنه كان على لسان "ألفريد وردن" أحد رواد الفضاء في رحلة أبولّلو حينما وصل إلى القمر: "بعد تدريبات الملك.. أشعر أنني جئت هنا من قبل".
كيف كانت البداية؟.. وما هي قفزة التحول؟.. وماذا يحمل د. فاروق في أحلامه؟
البداية
وُلِد د. فاروق في الأول من يناير عام 1938م من أسرة بسيطة الحال في قرية طوخ الأقلام من قرى السنبلاوين في محافظة الدقهلية، شجَّعه الوالدان على التدرج في مراحل التعليم المختلفة، حيث كانا يؤمنان دائمًا بقدراته ونبوغه.. كان والده أول من حصل على التعليم الأزهري في قريته.. وكانت أمه رغم بساطتها عونًا له في اتخاذ قراراته المصيرية؛ حيث كانت تمتلك ذكاء فطريًّا على حد وصف د. فاروق.
كانت أمنيته أن يكون طبيبًا جراحًا للمخ.. ولكن آماله باءت بالفشل حينما لم يسمح له مجموعه الكلِّي بالالتحاق بكلية الطب؛ فاضطر بروح أقل حماسة إلى الالتحاق بكلية العلوم – جامعة عين شمس – واختارها دون كلية طب الأسنان؛ لأنها كانت أقرب إلى مسكنه، ويستغرق المشي إليها ساعة ونصف، وهو ما يساعده على عدم إهدار القروش في الذهاب إليها بالمواصلات العامة.. رغم أنه كان يهوى منذ الصغر الذهاب إلى الرحلات الكشفية وجمع العيِّنات الصخرية، فلم يسمع عن علم الجيولوجيا - منبع نبوغه - إلا حينما التحق بكلية العلوم.
حصل على شهادة البكالوريوس (كيمياء - جيولوجيا) في عام 1958م، وقام بتدريس مادة الجيولوجيا بجامعة أسيوط حتى عام 1960م، حينما حصل على منحة لاستكمال دراسته بالولايات المتحدة. نال شهادة الماجستير في الجيولوجيا عام 1961م من معهد علم المعادن بميسوري الأمريكية.. وحصل على عضوية فخرية في إحدى الجمعيات الهامة (Sigma Xi) تقديرًا لجهوده في رسالة الماجستير، نال شهادة الدكتوراة في عام 1964م وتخصَّص في التكنولوجيا الاقتصادية.. واستطاع خلال هذه الفترة زيارة المناجم الهامة، وجمع آلاف العيِّنات من بلاد العالم التي زارها.
عودة إلى مصر
كانت عيون د. فاروق متجهة دائمًا إلى مصر طوال فترة إقامته بأمريكا. جمع عيِّناته وأبحاثه ورجع إلى بلاده، وكلُّه أمل في إنشاء معهد عالٍ للجيولوجيا في بلده الحبيب.. إلا أن المفاجأة كانت في انتظاره.. "عليك استلام عمل كمدرس للكيمياء في المعهد العالي بالسويس"، هكذا بكل بساطة بعد ثمانية أعوام في دراسة الجيولوجيا يدرِّس الكيمياء في معهد لم يسمع عنه من قبل.
رغم صدمته واندهاشه، لم يفقد الأمل.. وانطلق إلى المسؤولين بالوزارة لكي يسمعه أحد، ولكن جهوده باءت بالفشل بعد ثلاثة أشهر من المثابرة.. واضطر إلى الذهاب لاستلام عمله في هذا المعهد الغامض؛ أملاً منه في أن يسمعه أحد بعد استلام وظيفته الجديدة.
ولكنه تقابل هناك قَدَرًا بصديق جعله الله سببًا لتغيير مسار حياته، التقى بأحد زملائه الفيزيائيين، وكان حاصلاً على الهندسة النووية من روسيا، واضطر إلى تدريس مادة الصوت والضوء، حيث نصحه بعدم استلام عمله حتى لا يفقد كل شيء.. فاحتال د. فاروق وسحب أوراقه بعد دقائق من تقديمها إلى إدارة المعهد.
في طريقه إلى الهجرة
"لم أتخيل يومًا أن أهاجر بعيدًا عن بلدي".. قالها د. الباز وهو يحكي قصة هجرته؛ ففي ديسمبر من عام 1966م وبعد سنة من المعاناة، قرَّر أن يسافر سرًّا إلى أمريكا؛ خوفًا من الظروف السياسية الشائكة التي كانت في مصر آنذاك. وهناك بدأ في رحلة شاقة للبحث عن عمل، ونظرًا لوصوله بعد بدء العام الدراسي، فلم تقبله أي جامعة من الجامعات؛ فأخذ يبعث طلبات التحاق إلى الشركات جاوزت المائة في عددها، إلى أن بعثت له "ناسا" التي كانت تطلب جيولوجيين متخصصين في القمر الموافقة وسط دهشة د. فاروق.
والعجيب أنه لم يكن يعلم شيئًا عن جيولوجيا القمر، ودخل ناسا وهو لا يعلم أنه سيكون له فيها شأن. وقد وفَّقه الله إلى أحد المؤتمرات الجيولوجية والتي تحدَّث فيها علماء القمر عن فوَّهاته ومنخفضاته وجباله. لم يفهم شيئًا، وهو ما قيل طيلة ثلاثة أيام متواصلة، وحينما سأل أحد الجالسين عن كتاب يجمع هذه التضاريس، أجابه قائلاً: "لا حاجة لنا إلى أي كتاب فنحن نعرف كل شيء عنه".. حرَّكته الإجابة إلى البحث والمعرفة، ودخل المكتبة التي ضجَّت بالصور القمرية التي يعلوها التراب، وعكف على دراسة 4322 صورة طيلة ثلاثة أشهر كاملة، وتوصل إلى معلومات متميزة.
قفزة التحول
اكتشف د. الباز أن هناك ما يقرب من 16 مكانًا يصلح للهبوط فوق القمر، وفي المؤتمر الثاني الذي حضره. كان د. الباز على المنصَّة يعرض ما توصَّل إليه وسط تساؤل الحاضرين عن ماهيته، حتى إن العالِم الذي قال له من قبل نحن نعرف كل شيء عن القمر قام وقال: "اكتشفت الآن أننا كنا لا نعرف شيئًا عن القمر".
دخل الباز تاريخ ناسا، وأوكلت له مهمتين رئيسيتين في أول رحلة لهبوط الإنسان على سطح القمر: الأولى هي اختيار مواقع الهبوط على سطح القمر، والثانية تدريب طاقم روَّاد الفضاء على وصف القمر بطريقة جيولوجية علمية، وجمع العيِّنات المطلوبة، وتصويره بالأجهزة الحديثة المصاحبة.
تقديرًا لأستاذه؛ بعث "نيل آرمسترونج" برسالة إلى الأرض باللغة العربية، واصطحب معه ورقة مكتوب عليها سورة الفاتحة ودعاء من د. فاروق تيمنًا منه بالنجاح والتوفيق.
انطلاقة د. الباز
بانطلاق أبوللو ونجاح مهمته سطع نجم د. فاروق الباز، بعد مشاركته فيه من عام 1967م إلى 1972م، وبدأ اسمه يأخذ مكانًا في الصحافة العلمية والتلفزيون الأمريكي.
بعد انتهاء مهمة أبولُّلو، شارك مع معهد Smithsonian بواشنطن في إقامة وإدارة مركز أبحاث الكون في المتحف الدولي للفضاء.
وفي عام 1973م عمل كرئيس الملاحظة الكونية والتصوير في مشروعApollo- soyuz الذي قام بأول مهمة أمريكية سوفييتية في يوليو 1975م.
وفي عام 1986م انضم إلى جامعة بوسطن، مركز الاستشعار عن بُعد باستخدام تكنولوجيا الفضاء في مجالات الجيولوجيا، الجغرافيا، وقد طوَّر نظام الاستشعار عن بُعْد في اكتشاف بعض الآثار المصرية.
الباز.. رائد الصحراء
توجَّه د. الباز بعد ذلك إلى دراسة الصحراء.. وخلال 25 عامًا قضاها في هذا المجال حتى الآن، اهتم بتصوير المناطق الجافة خاصة في صحراء شمال أفريقيا، وجمع معلوماته من خلال زياراته لكل الصحراء الأساسية حول العالم.. كان أكثرها تميزًا زيارته للصحراء الشمالية الغربية في الصين، بعد تطبيع العلاقات مع أمريكا عام 1979م.. وبسبب أبحاثه انتخب زميلاً للمعهد الأمريكي لتقدم العلوم AAAS.
كان مما يميز د. الباز استخدامه التقنيات الحديثة في دراسة الصحراء؛ حيث استخدمها أولاً في الصحراء الغربية بمصر، ثم صحراء الكويت، قطر، الإمارات، وغيرها.
وقد فنَّدت أبحاثه المعلومات السابقة أن الصحراء كانت من نتائج فعل الإنسان، وأثبت أنها تطور طبيعي للتغيرات المناخية للأرض.
اختاره الرئيس المصري أنور السادات مستشارًا علميًّا لحكومته عام 1978م –1981م، وكلَّفه بمهمة اختيار أماكن صحراوية تصلح لإقامة مشروعات عمرانية جديدة. وقد شرح بطريقة علمية دقيقة كيفية الاستفادة من الموارد الطبيعية لبلده مصر. دعا إلى أهمية دراسة المياه الجوفية، والتي يهدر منها الكثير في البحار والمحيطات دون استخدام، وطبَّق التكنولوجيا الفضائية لدراستها ودراسة مسارات البحيرات الناضبة.
نادى - وما زال ينادي - "بقمر خاص متخصص للصحراء"؛ لأن كل الصور الفضائية المعمول بها إنما تكون لدراسة الغطاء النباتي، ولكوننا أولى الناس بدراسة أراضينا الصحراوية من الغرب الذي لا يمتلك شيئًا منها، وقد عمل على إنشاء مراكز تدرس التصوير الفضائي والاستشعار عن بُعْد في كل من قطر، مصر، السعودية، الإمارات.
حشد الشهادات والميداليات
انتخب د. الباز كعضو، أو مبعوث أو رئيس لما يقرب من 40 من المعاهد والمجالس واللجان.. منها انتخابه مبعوثًا لأكاديمية العالم الثالث للعلوم TWAS في 1985م، وأصبح من مجلسها الاستشاري في 1997م، وعضوًا في مجلس العلوم والتكنولوجيا الفضائية، ورئيسًا لمؤسسة الحفاظ على الآثار المصرية، وعضوًا في المركز الدولي للفيزياء الأكاديمية في اليونسكو، مبعوث الأكاديمية الأفريقية للعلوم، زميل الأكاديمية الإسلامية للعلوم بباكستان، وعضوًا مؤسسًا في الأكاديمية العربية للعلوم بلبنان.. ورئيسًا للجمعية العربية لأبحاث الصحراء.
كتب د. الباز 12 كتابًا، منها أبوللو فوق القمر، الصحراء والأراضي الجافة، حرب الخليج والبيئة، أطلس لصور الأقمار الصناعية للكويت.. ويشارك في المجلس الاستشاري لعدة مجلات علمية عالمية.
كتب مقالات عديدة، وتمت لقاءات كثيرة عن قصة حياته وصلت إلى الأربعين.. منها "النجوم المصرية في السماء"، "من الأهرام إلى القمر"، "الفتى الفلاح فوق القمر".. وغيرها.
حصل د. الباز على ما يقرب من 31 جائزة، نذكر منها على سبيل المثال: جائزة إنجاز أبوللو، الميدالية المميزة للعلوم، جائزة تدريب فريق العمل من ناسا، جائزة فريق علم القمريات، جائزة فريق العمل في مشروع أبوللو الأمريكي السوفييتي، جائزة ميريت من الدرجة الأولى من الرئيس أنور السادات، جائزة الباب الذهبي من المعهد الدولي في بوسطن، الابن المميز من محافظة الدقهلية، وقد سمِّيت مدرسته الابتدائية باسمه.. وهو ضمن مجلس إمناء الجمعية الجيولوجية في أمريكا، المركز المصري للدراسات الاقتصادية، مجلس العلاقات المصرية الأمريكية.
وقد أنشأت الجمعية الجيولوجية في أمريكا جائزة سنوية باسمه أطلق عليها "جائزة فاروق الباز لأبحاث الصحراء".
تبلغ أوراق د. الباز العلمية المنشورة إلى ما يقرب من 540 ورقة علمية، سواء قام بها وحيدًا أو بمشاركة آخرين.. ويشرف على العديد من رسائل الدكتوراة.
الرؤية العلمية والحياة الاجتماعية
يتألم د. فاروق حينما يرى أن الحكومات العربية في ذيل البلاد النامية، ويرجع ذلك إلى عدم تقدير العلم في بلادنا العربية، وعدم إفساح المجال للإبداع الإنساني. ويقول: إن الدول المتقدمة تنفق ما لا يقل عن 2% من دخلها القومي على البحث العلمي، ونحن ننفق أقل من ½%، وننفق 98% من هذه الأموال على المرتبات والإداريات.. يتعجب د. الباز من الدول العربية التي لا تعلم إلى أي مدى قد يفيدها العلم في كل النواحي والمجالات الأخرى.
جال د. فاروق العالم شرقًا وغربًا، وحاضر في العديد من المراكز البحثية والجامعات.. أحبَّ الرحلات الكشفية، وجمع العيِّنات الصخرية منذ الصغر.. وهو يجيد العربية والإنجليزية بطلاقة، كما يتحدث بعضًا من الألمانية والفرنسية والأسبانية.. يتَّهمه البعض بأنه شديد الثقة بنفسه، ولكنه دائمًا يقول: "المعرفة تولِّد الثقة، أنا لا أقول شيئًا إلا بعد دراسته جيدًا".. و د. الباز متزوج من أمريكية، وهو أب لبنات أربعة هن: منيرة، ثريا، كريمة، وفيروز.. وجد لثلاثة من الأحفاد.
يقول د. الباز: "أحمد الله سبحانه وتعالى أنني رأيت أشياء لم يرها عشرون مثلي"، هذا هو د. فاروق الباز ببداياته وقفزاته وأحلامه.. وكم من أمثاله الذين نبغوا وأبدعوا ولكن.. خارج ديارهم.
طاقة شمسية من القمر!
28/06/2004
د. طارق قابيل **
طاقة شمسية من القمر
من المتوقع أن يصل عدد سكان العالم إلى 10 مليارات نسمة بحلول عام 2050م، وهذا العدد الهائل من البشر سيصل احتياجه من الطاقة إلى 5 أضعاف الطاقة التي يتم توليدها حاليا. لهذا ظهرت الحاجة للحصول على العديد من المصادر الطبيعية التي لا تنضب بخلاف المستخدمة الآن لاستغلالها استغلالا أمثل في إنتاج الطاقة مستقبلا.
ومن أطرف المشاريع المستقبلية في هذا المجال مشروع جديد يعتمد على القمر في توليد الكهرباء. ويرتكز هذا المشروع على أنظمة "الطاقة الشمسية القمرية" The Lunar Solar Power لبناء محطات لتوليد الطاقة الكهربائية على سطح القمر، تتكون من ألواح عريضة من الخلايا الكهروضوئية. وتقوم هذه الألواح بتلقي واستقبال أشعة الشمس الساقطة على القمر وعكسها في صورة أخرى إلى الأرض حيث تستقبلها أجهزة استقبال وتحولها إلى طاقة كهربائية.
وقد يبدو الحديث عن كهرباء من القمر أشبه بالخيال العلمي الآن، لكن عرض مشروع جديد لأول مرة في أكبر مؤتمر دولي لأبحاث وتقنية الفضاء المعروف بـ"كونجرس الفضاء العالمي" (انعقد في هيوستن في الولايات المتحدة في الفترة من 10-19 أكتوبر 2002)، أظهر أن هناك تخطيطا تفصيليا لهذه التقنية يظهر كيفية الاستفادة من طاقة الشمس على القمر، وتحويلها إلى كهرباء ترسل إلى الأرض لسد الاحتياجات المتزايدة لسكان الأرض.
لماذا القمر؟
ولكن لماذا يذهب العلماء إلى القمر للحصول على الطاقة الشمسية بالرغم من وجود مواقع كثيرة زاخرة بأشعة الشمس على مدار العام على الكرة الأرضية! وعلى الرغم من أن مقدار الإشعاعات الشمسية التي تصل إلى الأرض كل 20 دقيقة يعادل طاقة الوقود الأحفوري التي تستعملها البلدان الرئيسية المستهلكة للطاقة سنة كاملة؟!
للإجابة على هذه التساؤلات ينبغي النظر في البداية إلى هذا المشروع؛ باعتباره حلقة مهمة في سلسلة الآمال المعلقة على الطاقة الشمسية لحل مشاكل نقص الطاقة في المستقبل، ويؤكد "دافيد كريسويل" مدير معهد عمليات علم الفضاء بجامعة هيوستون الأمريكية أن هذه العملية يمكن أن تمد الأرض بجميع احتياجاتها من الطاقة بحلول عام 2050. ومن المتوقع أن تحدث طفرة مستقبلا في هذا المجال مع التقدم التقني في علوم الفيزياء والفضاء لجعل هذه الطاقة اقتصادية وسهلة الاستخدام وتتناسب مع كل أفراد المجتمع.
والبروفيسور "كريسويل" حصل على درجة الدكتوراة في الفيزياء من جامعة "رايس"، ويعكف على دراسة هذه الفكرة العجيبة منذ 22 عاما، حينما كان مديرا في معهد العلم القمري الذي يعرف حاليا بـ"المعهد القمري والكوكبي"، ويرى أنها ليست فكرة جيدة فحسب، ولكنها حيوية وضرورية في ضوء حاجة الأرض المتزايدة إلى مصادر طاقة متجددة. ويقول في هذا الشأن: "ربما يكون القمر هو البديل الوحيد مستقبلا للحصول على هذا القدر من الطاقة".
ومن المعروف أن القمر لا يعرف العوائق التي تحد من كامل الاستفادة من طاقة الشمس على الأرض؛ فهو يخلو من الغلاف الجوي. ومن الطبيعي انعدام السحب والأمطار والعواصف الجوية والترابية فيه؛ مما يجعله مكانا مثاليا لالتقاط كميات هائلة من أشعة الشمس التي يتم الحصول عليها كاملة بصورة مستمرة؛ لأن أشعة الشمس تسقط على القمر طوال العام، ما عدا ثلاث ساعات فقط أثناء الكسوف القمري الكامل.. ويوضح "كريسويل" أن 1% فقط من الطاقة الشمسية التي يتلقاها القمر من الشمس (التي تقدر بحوالي 13 ألف تيراوات terawatts) كافية للوفاء باحتياجات الأرض من الطاقة، وأن المحطات التي سيتم بناؤها على القمر لن تتعرض لأي مؤثرات خارجية قد تؤثر على عملها في ضوء الانعدام المناخي الذي يتمتع به القمر.
استخلاص الكهرباء من الشمس
ومع افتراض البدء بتنفيذ هذا المشروع الآن فإنه من المتوقع الحصول على طاقة من القمر خلال 10 سنوات على الأكثر، ولكن قد ينتظر القائمون على هذا المشروع 5 أو 10 سنوات أخرى لبدء الخطوات التنفيذية، لكي تكون أجهزة استخلاص الكهرباء من الشمس في مستوى يضمن توفير كهرباء بلا حدود من القمر.
ومن المعروف أن تحويل أشعة الشمس إلى طاقة كهربية يعتمد على الخلايا الكهروضوئية أو الخلايا الكهروشمسية التي تعرف علميا باسم "فوتوفولتيكس". وقد تم اكتشاف هذه الظاهرة عام 1839م حيث وجد أحد علماء الفيزياء أن الضوء يستطيع تحرير الإلكترونات من بعض المعادن، وقد نال العالم أينشتاين جائزة نوبل في عام 1921م لتفسيره لهذه الظاهرة، واخترع الأمريكي "روسل أوهل" الخلية الشمسية المصنوعة من السليكون في عام 1941م. وتتميز الخلايا الشمسية بأنها لا تستهلك وقودا، ولا تلوث الجو، وحياتها طويلة، ولا تتطلب إلا القليل من الصيانة.
وتقدر عادة كفاءة الخلايا الشمسية بحوالي 20%، وما زال التطور في قدرات وتكاليف هذه الخلايا مستمرا حتى الآن، وتجرى العديد من التجارب لإنتاج خلايا كهروضوئية أشد فاعلية وزهيدة النفقات؛ فكلفة استخراج الكهرباء من الطاقة الشمسية آخذة في التناقص، وتناقصت بنسبة تزيد على 65% خلال السنوات العشر الماضية فقط. حيث يطور العلماء تقنيات جديدة لزيادة القدرة التحويلية للخلايا الشمسية وتخفيض تكلفتها، وتطوير قدراتها.
ومن المنتظر أن تطرح شركة "سفرال سولار" الكندية باكورة إنتاجها من ألواح الخرز الكهروشمسي هذا العام 2004، وهي تقنية جديدة رخيصة الكلفة، وتتميز بالمتانة وقدرتها على التشكل وطواعيتها في الاستخدام لأي غرض.
وفى الشهر الماضي (مايو 2004) ابتكر علماء الهندسة الكهربائية في جامعة برينستون الأمريكية تقنية جديدة تجعل من الخلايا الشمسية مصدرا اقتصاديا مهما للطاقة. وتعتمد هذه التقنية على استخدام مواد عضوية تتألف من جزيئات كربونية بدلا من الأنواع التقليدية المعتمدة على مواد سيليكونية، وتسمح بتوليد الكهرباء بكلفة أقل ولاستعمالات أكثر. وفي الوقت الراهن يجري الباحثون في مركز تكساس للتواصلية الفائقة والمواد المتقدمة Texas Center for Superconductivity and Advanced Materials أبحاثا لتطوير أساليب النانوتكنولوجيا لتحويل التربة القمرية إلى خلايا شمسية. ويؤكد "إليكس فريوندليتش" أستاذ بحوث الفيزياء أن تربة القمر تحتوي على المكونات الضرورية لتصنيع الخلايا الشمسية بطريقة النانوتكنولوجيا، وأنها ستكون ذات قدرة تحويلية أعلى بكثير من 35%.
كيف يتم التخطيط للمشروع؟
يعتمد التخيل المستقبلي لوضع هذه التقنية في حيز الوجود على تقنيات علمية متوفرة حاليا وعلى المواد المتواجدة بالفعل على القمر، وليس هناك حاجة إلى شحن مواد خام إلى القمر لبناء هذه المحطات؛ لأن هذه المواد متاحة بالفعل في القشرة العليا للقمر lunar regolith.
ويمكن البدء في هذا المشروع عن طريق إرسال عدد محدود من رواد الفضاء إلى القمر مع سيارة قمرية معدلة من نوع "روفر" التي تعرف بـ"المتجول القمري المستقل ذاتي الحركة عبر سطح القمر" والتي ابتكرت أثناء الرحلات الشهيرة إلى القمر خلال الفترة من 1969-1972. ويفكر العلماء بإجراء بعض التعديلات عليها مثل تزويد السيارة بعجلات عريضة بها محركات خاصة تحيل تربة القمر إلى حالة قريبة من الانصهار، يستفاد منها في الحصول على السليكون وعلى الكثير من المواد الأخرى اللازمة لتصنيع الخلايا الشمسية.
ولن يكون هناك أي مشكلة في البناء؛ فيكفي عدد قليل جدا من الرواد، مع مجموعة مبرمجة من الروبوتات؛ ليتم إنشاء محطة ضخمة على القمر -كمحول طاقة شمسي عملاق- كفيلة باستقبال أكبر قدر من أشعة الشمس وتحويله إلى كهرباء، وستكفي نسبة 1% فقط من أشعة الشمس على القمر لإمداد ضعف عدد السكان في العالم بكل احتياجاتهم من الطاقة الكهربائية أو الحرارية. وبعد تشغيل هذه المحطة يعود الرواد إلى الأرض؛ لتقوم الروبوتات المبرمجة والمتصلة بمركز المتابعة على الأرض بمهام الإشراف الكامل عليها.
أما عملية توصيل الكهرباء من القمر للأرض فمن المتوقع أن تكون أكثر سهولة، وستتم عن طريق تحويل الطاقة الكهربية المجمعة من القمر إلى أشعة المايكروويف التي تنطلق بسرعة نحو الأرض ليتم استقبالها عن طريق أجهزة متطورة تعيدها إلى كهرباء. ويمكن أن يتم توزيع الكهرباء بالطرق التقليدية إلى جميع مناطق العالم، عبر مراكز مزودة بوسائل تضمن تلبية احتياجات البشر من الطاقة.
ويتوقع المؤيدون لإنشاء محطات الطاقة الشمسية القمرية أن هذه التقنية ستوفر طاقة كهربائية مستمرة ورخيصة إلى أهل الأرض، وأن الاستثمار الرأسمالي للقمر سيؤسس مستعمرات إنسانية كبيرة وقدرة تصنيعية عالية تستطيع خلق ثروة هائلة جديدة. كما يتوقعون أن هذه الثروة ستمكن الإنسان من الاستكشاف المربح للقمر والنظام الشمسي الداخلي، وستزيد من قدرات سكان الأرض والقمر في الدفاع عن أنفسهم ضد هجوم المذنبات والكويكبات الشاردة في الكون الفسيح
المصدر : موقع اسلام أون لاين
البطاريات البشرية .. طاقة متجددة
قد لا يكون في وسعك في المستقبل القريب أن تعيد تزويد سيارتك بوقود عصير القصب، وقد لا يكون بإمكانك شحن بطارية هاتفك المحمول بمجرد وصله بعلبة كولا، لكن في المقابل يكفي أن تغرس وصلة سلك في ذراعك لشحن هاتفك المحمول وغيره من الأجهزة الإلكترونية الشخصية! فالعلماء ينظرون لجسمك كبطارية كهربية لا تنفد، ومن الممكن استغلالها لمد الأجهزة الإلكترونية بالطاقة!.. فكرة مجنونة وغريبة للغاية، ينظر لها بعض العلماء بعين الشك، ولكن ينظر آخرون لها كفكرة عبقرية ستغير مستقبل البشرية في القريب العاجل!.
فمن المعروف أن حجم الدوائر الإلكترونية والآلات الميكانيكية يتضاءل باستمرار، ومع ذلك فإن البطاريات التي تزود هذه العناصر بالطاقة لا تحذو الحذو نفسه، كما أن عمرها ليس طويلا وتنفد بسرعة. ولهذا فكر العلماء في اللجوء إلى مصدر طاقة متجدد يستطيع أن يوفر الطاقة اللازمة للأجهزة الشخصية بطريقة مستمرة، وأخيرا قدم الجسم البشري الحل النهائي لهذه المشكلة.
فنظريا يمكن أن تسمح طاقة جسم إنسان بإخراج 100 وات/ساعة، وهي طاقة كافية لإنارة مصباح كهربي، لكن ذلك يستلزم تحويل كل ما يأكله الشخص العادي من غذاء إلى كهرباء. وعمليا فإن تحويل جزء يسير من هذه الطاقة الزائدة عن حاجة الجسم إلى قوة كهربائية هو أمر قابل للتطبيق، وهو أعظم حلم للعلماء.
وطبقا لمركز طاقة الفضاء والإلكترونيات المتقدمة التابع لوكالة الفضاء الأمريكية "ناسا"، يحتوي الجسم البشري على 15% من وزنه دهنا في المتوسط، وهذه الدهون قادرة على إنتاج طاقة تقدر بـ11 ألف وات/ساعة، في حين يستهلك الجسم طاقة كهربية تقدر بـ3.300 وات/ساعة في المتوسط، وبحسبة بسيطة يمكن استنتاج أنه يمكن استغلال جزء من هذه الطاقة لتزويد الأجهزة الإلكترونية بالكهرباء إذا استُحدثت طريقة مناسبة لتحويل جزء صغير من تلك الطاقة إلى كهرباء.
الجسم البشرى.. بطارية لا تنضب
وقد حاول الكثير من العلماء في السابق تحويل الطاقة الفائضة عن حاجة الجسد إلى طاقة كهربية يمكن استغلالها، ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل. ومنذ سنوات يحاول علماء وزارة الدفاع الأمريكية تطوير هذه الفكرة لاستغلالها في المهمات الفضائية والعمليات العسكرية السرية، وأخيرا اهتدت مجموعة من الباحثين في مختبرات "سانديا" الوطنية الأمريكية لتقنية جديدة تحول سكر الجلوكوز الفائض عن حاجة الجسم إلى طاقة لتشغيل الأجهزة الكهربية.
ويبدو الجلوكوز، وهو أحد أشكال السكر الأساسية، كوقود أو "نفط" مثالي من نوع جديد في رأي "ستانلي كرافيتز" ومجموعة من زملائه الباحثين لدى "مختبرات سانديا الوطنية" الأمريكية. وحصل "كرافيتز" وزملاؤه الباحثون على براءات اختراع لتحويل الجلوكوز إلى طاقة، ويقومون بتطوير مجموعة من الإبر الزجاجية الدقيقة التي تعادل في حدتها ودقتها إبرة البعوضة، حتى يسهل "غرسها" في ذراع إنسان دون أن يشعر بوخزها لتقوم بتحويل جلوكوز جسمه إلى طاقة كهربائية. ويقول الدكتور "كرافيتز": "تخيل أنك تمكنت من صنع رقعة توضع على الذراع ولها إبر دقيقة جدا لا تسبب الألم لدى غرسها.. عندئذ لا يحتاج الجندي إلا إلى أكل كعكة صغيرة لكي يبقى جهاز اللاسلكي في حالة عمل".
وتوفر هذه الوسيلة مصدرا غنيا بالطاقة يتميز برخصه وبوفرته مقارنة بالعديد من المصادر الأخرى المتاحة. وفى رأي بعض العلماء أن هذه التقنية يمكنها أن تضرب عصفورين بحجر واحد لأنها ستقدم خدمة مزدوجة لمستعمليها، فبالإضافة إلى أنها ستساعد على حل مشكلة الطاقة لديهم فإنها يمكن أن تقدم وسيلة فاعلة للوقاية والعلاج لم تكن في الحسبان، ويتوقع "كرافيتز" أنه من الممكن تصنيع جهاز يقوم بسحب الجلوكوز الزائد من دم المصاب بداء السكري، وقد يساعد الأصحاء على احتفاظهم بجسم مثالي ويكافح السمنة والبدانة!.
رقصة فائقة التنسيق
قد يتساءل البعض: أين الجديد في استخدام السكر كمصدر للطاقة؟ فكلنا نعلم أن السكر يمد أجسام الكائنات الحية بالطاقة؟!.. الحقيقة أن السكريات مصدر غني بالطاقة، ولكن الآلة الوحيدة التي تستطيع استخلاص هذه الطاقة بسهولة ويسر هي الخلية الحية نظرا لوجود الأنزيمات التي خلقها الله فيها والتي قامت بتحويل خلايا الكائنات الثديية إلى ماكينات تحرق سكر الجلوكوز!. والجسم البشري على سبيل المثال يقوم بالتمثيل الغذائي (الأيض) ويقوم بمعالجة سكر الجلوكوز في عمليات دقيقة أشبه برقصة فائقة التنسيق يشترك فيها 12 أنزيما مختلفا ليزودوا الجسم بالوقود. وتمكن الباحثون في مختبرات "سانديا" الوطنية من تصميم وإنتاج إنزيمات تحاكي إنزيمات الجسم البشري باستخدام وسائل الهندسة الوراثية.
كما تمكنوا من استخدام معادن محفزة مثل البلاتين من أجل تحرير الإلكترونات من مداراتها حول الذرات. وأظهرت التطبيقات الأولية على خلايا الوقود الجلوكوزي أنها تستخدم كميات قليلة من الطاقة، ولذلك يحاول الباحثون الآخرون استخدام الجلوكوز لتغذية خلايا الوقود بدلا من الهيدروجين، وتحويله إلى طاقة لغرض توليد الكهرباء.
"روبوتات" تتغذى بالسكر
جذبت التطبيقات المحتملة لطريقة استخدام الجلوكوز كوقود انتباه الكثير من الجهات البحثية والهيئات العلمية والعسكرية، مثل شركة "ثيراسينس" التي تصنع أجهزة مراقبة مستوى الجلوكوز في الدم، وقد نالت الشركة براءة اختراع لصنع خلية وقود الجلوكوز، بعد أن نشر البروفيسور "آدم هيللر" الأستاذ في جامعة تكساس مؤسس الشركة ورقة بحثية في السنة الماضية 2003 في "دورية الجمعية الكيميائية الأمريكية"، وفيها قدم "هيللر" وزملاؤه وصفا دقيقا لأصغر خلية وقود تزرع داخل حبة عنب واحدة وتتغذى على السكر الموجود بها!.
وأشار البروفيسور "هيللر" إلى أنه يقوم حاليا بتطوير خلية وقود مماثلة من أجل تشغيل جهاز يستخدم للمراقبة الدائمة لمستوى الجلوكوز في الدم. ويقوم الجهاز المذكور بتخليص مريض السكري من مشكلة وخز الإبرة اليومي وبتوليد طاقة كهربائية تكفي لعمله، وذلك اعتمادا على الجلوكوز الموجود في دم المريض.
وبخلاف الفكرة السابقة، قال الدكتور "كرافيتز": "إن الباحثين في مختبرات سانديا الوطنية يولدون الكهرباء من أجل الحصول على الكهرباء فقط -أي باعتبارها مصدرا من مصادر الطاقة"، وأشار إلى أن الباحثين في مختبرات "سانديا" قادرون على إنتاج الطاقة ضمن مقياس الملي وات، وهذا القدر كاف لمنح وهجة ضوء صغيرة جدا. وأضاف "كرافيتز": "نحن رفعنا من مستوى الكفاءة بمعامل الألف خلال فترة ثلاثة أعوام. لكننا نحتاج إلى الارتفاع بمعامل يساوي المليون".
وامتد الصراع على استغلال طاقة الجسم البشرى لتشغيل الأجهزة والآلات الكهربية إلى الجانب الآخر من المحيط؛ حيث تحاول مجموعة من العلماء اليابانيين تحويل البشر إلى بطاريات حيوية لا تنفد، وأطلقوا على هذه الفكرة "البطاريات البشرية" "human batteries". ويحاول اليابانيون محاكاة طريقة استخلاص الجسم للطاقة من الغذاء، وهم في طريقهم لإنتاج نوع جديد من المولدات الكهربية يعرف بالـ"المولّد النانوي الحيوي" "bio-nano generator"، لتغذية جيش من الأجهزة الإلكترونية والروبوتات المجهرية (الميكروروبوت) التي تتغذى على السكر لتعمل داخل الجسم!.
ونجح فريق من علماء شركة "باناسونيك"، عملاق الإلكترونيات الياباني، بالفعل في تطوير بطارية دقيقة تسمح بإنتاج مستويات كهربائية منخفضة باستغلال السكر الموجود في دم الإنسان. وتعتمد هذه البطارية على إنزيم قادر على تحرير الإلكترونات من سكر الجلوكوز، ويعتقد الدكتور "كازوو إدا" الذي ترأس فريق البحث أن "المولّدات النانوية الحيوية" هي الخطوة الثورية القادمة في مجال البحوث العلمية بعد تطوير محركات تعمل بالهيدروجين والغاز الطبيعي والكحول. ويبدو أن الجلوكوز هو المصدر الكامن للوقود فهو على العكس من الهيدروجين مثلا قابل للتجدد، ورخيص الثمن، ومتوفر بكثرة.
فهل من الممكن أن تقدم مثل هذه البحوث حلا مشتركا لمشكلة الطاقة التي يواجهها العالم والمشاكل الصحية المزمنة التي يعاني منها الإنسان كالسكري والبدانة؟. يجيب الدكتور "كرافيتز" على هذا السؤال بقوله: "تلك فكرة غريبة ومجنونة إلى حد ما.. لكنني مرة أخرى أقول إنها قد لا تكون كذلك".
درع مغناطيسي حول الأرض
الشمس هي أقرب نجم للأرض، وهي كرة هائلة من الغاز يفوق حجمها وكتلتها حجم وكتلة الأرض مئات المرات، وكثافتها حوالي ربع كثافة الأرض، ويتكون الغلاف الجوي للشمس من ثلاث طبقات رئيسية هي الطبقة المرئية (الفوتوسفير) والطبقة الملونة (الكرموسفير) والإكليل (الكورونا) وفي الأحوال العادية عند رصد الشمس أثناء الشروق أو الغروب بالعين المجردة أو بالتلسكوبات؛ فإننا نرى فقط طبقة الفوتوسفير، أما الطبقتان الكرموسفير والإكليل فلا يمكن رؤيتها إلا أثناء الكسوف الكلي للشمس؛ حيث تبدو طبقة الكرموسفير كحلقة حمراء تحيط بقرص الشمس المظلم نتيجة لاحتجابه وراء قرص القمر. ويبدو الإكليل كهالة بيضاء لؤلؤية قد تكون صغيرة إذا كان الكسوف في سنوات هدوء النشاط الشمسي، وتبدو كبيرة في سنوات النشاط العالي وطبقة الإكليل رغم بعدها عن سطح الشمس إلا أن درجة حرارتها تزيد عن المليون درجة، بينما درجة حرارة سطح الشمس لا تتجاوز ستة آلاف درجة، وهذا الارتفاع الشاذ في الحرارة نتيجة لتكسر الموجات الصوتية المنبعثة نتيجة للغليان عند سطح الشمس على طبقة الإكليل وتحول الطاقة الحركية للموجات الصوتية إلى طاقة حرارية، وهذه الحرارة العالية للإكليل تجعل المواد المكونة للإكليل في حالة بلازما ويتحول الهيدروجين والهليون، وهما المكونان الأساسيان للشمس إلى أيونات موجبة وبروتونات وإلكترونات ذات سرعات حرارية عالية، مما يمكنها من الهروب من الإكليل إلى الفضاء الخارجي رغم جاذبية الشمس العالية جدًّا.
هذه الدقائق المشحونة الهاربة من إكليل الشمس تسبح في الفضاء الخارجي لمسافات طويلة؛ حتى تتجاوز أبعد كواكب المجموعة الشمسية (بلوتو) ثم إلى فضاء ما خارج المجموعة الشمسية، وهي ما تسمى بالرياح الشمسية، وتتوقف سرعة هذه الرياح ومكوناتها وكثافتها على حالة الشمس؛ فهي في حالة هدوء النشاط الشمسي تكون لها سرعة حوالي من ثلاثمائة إلى ستمائة كيلومتر في الثانية، وكثافة تتراوح ما بين 1 إلى 10 جسيمات لكل سم3 وفي حالة هدوء النشاط الشمسي، ونتيجة لحدوث الانفجارات الشمسية في الغلاف الجوي للشمس فإن سرعة هذه الرياح تزداد إلى ألف كيلومتر في الثانية، كما تتضاعف كثافتها، وتتغير نسب مكوناتها.
هذه الرياح الشمسية بدقائقها المشحونة، وهي تشابه أشعة ألفا وبيتا الناتجة من الانفجارات الذرية والنووية على سطح الأرض... أي أنها أشعة مهلكة لكل صور الحياة على الأرض.. ولولا رعاية الله ورحمته لهذا المخلوق الضعيف الذي خلقه وهو الإنسان... لكان الجنس البشري وما يحيط به من بيئة حية في خبر كان... وتتجلى عظمة الله ورحمته بأن خلق حول الأرض درعا مغناطيسيًّا، لا يمكن لهذه الدقائق المشحونة أن تخترقه، بل تدور حوله إلى أن تذهب بعيدًا عن الأرض... هذا الدرع هو طبقة الماجنتوسفير أو ما يسمى بحزام "فان ألن".
وقد قامت وكالة الفضاء الأمريكية بإرسال عدة مركبات فضائية تحمل اسم بايونير إلى الفضاء الخارجي لدراسة الرياح الشمسية وتسجيل سرعتها وكثافتها ودرجة حرارتها وتحليل مكوناتها فتم إطلاق بايونير 6 عام 1965 وبايونير 7 عام 1966 وبايونير 8 عام 1967 وبايونير 9 عام 1968 وبايونير 12 عام 1978.
وفي حالة حدوث انفجار عنيف في الشمس فإن سحابة من الدقائق المشحونة تتحرك إلى الفضاء الخارجي هاربة من جاذبية الشمس، وإذا كانت الأرض في مسار هذه السحابة فإنها تصلحها بعد يومين أو ثلاثة ثم تنكسر هذه السحابة على طبقة الماجنتوسفير للأرض ولا يصلح إلى سطح الأرض منها شيء اللهم إلا قليل جدًا الذي يصل إلى طبقات الجو العليا بالمناطق القطبية ويؤدي إلى إضاءة السماء في هذه المناطق لعدة أيام وهو ما يسمى بالشفق أو الفجر القطبي (الأورورا).
ونتيجة للرياح الشمسية أو سحابات الدقائق المشحونة القادمة من الشمس فإنه يحدث عند اصطدامها بطبقة الماجنتوسفير للأرض تغير فجائي لمركبات المغناطيسية الأرضية وخاصة المركبات الأفقية؛ حيث يحدث بها اضطراب قد يستمر لعدة أيام وهو ما يسمى بالعواصف المغناطيسية والذي تسجله محطات قياس المغناطيسية الأرضية كمحطة المسلات الموجودة بمحافظة الفيوم التابعة للمعهد القومي للبحوث الفلكية والجيوفيزيقية بحلوان.
ومن المعلوم أن الأرض الخاصة للانفجارات الشمسية والرياح الشمسية وتأثيرها على الأرض والتي ترصدها محطات وكالة الفضاء الأمريكية NASA والهيئة الأمريكية لبحوث الغلاف الجوي والمحيطات NOAA تصل إلى د. مسلم شلتوت منذ ثلاثة وعشرين عامًا، وقام بالحصول على درجة الماجستير والدكتوراة في موضوع الانفجارات الشمسية وعلاقتها بالرياح الشمسية وتأثيرها على الأرض، وله أكثر من عشرين بحثًا في هذا الموضوع منشورة محليًا ودوليًا بعد الدكتوراة.
موقع اسلام أون لاين
الصباح .. أديسون الشرق الذي أضاء بلاد الغرب
مِن "حسن كامل الصباح" إلى "أحمد زويل" مسار قافلة طويلة كُتِبَ فيها على أرحام الشرق أن تقذف؛ لتُقطف الثمار هناك في الغرب، ونكتفي نحن هنا بالفخر والاحتفاء!!
وإذا كنا جميعًا نعرف من هو "أحمد زويل"، فالكثيرون منا لا يعرفون العالم اللبناني "حسن كامل الصباح" (1894-1935) الذي قدم للبشرية حوالي 176 اختراعاً رغم عمره القصير 41 عامًا، بالإضافة إلى العديد من النظريات الرياضية في مجال الهندسة الكهربائية حتى أطلقت عليه الصحف الأمريكية لقب خليفة أديسون أو "أديسون الشرق"، وكان العربي الوحيد الذي منحه معهد المهندسين الكهربائيين الأمريكيين لقب فتى العلم الكهربائي.
بيت علم
ولد الصبّاح في 16 أغسطس عام 1894 في بلدة النبطية بجنوب لبنان، ونشأ في بيت علم وفكر، فتوجهت اهتماماته نحو الاطلاع والثقافة والتعرف على ما في الطبيعة من قوى، وشجعه على ذلك خاله الشيخ أحمد رضا الذي كان شغوفًا بالبحث والتعرف على الحقائق الطبيعية والاجتماعية والروحية.
وقد ظهرت علامات الذكاء والنبوغ على "حسن كامل الصباح" وهو في السابعة من عمره عندما ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية فنال إعجاب معلميه، ثم التحق بالمدرسة السلطانية في بيروت سنة 1908 فظهر نبوغه في الرياضيات والطبيعيات، وفى نهاية السنة الأولى له فيها أدرك الصباح عدم صلاحية الكتب الدراسية المقررة عليه مع طموحاته العلمية؛ فبدأ في دراسة اللغة الفرنسية للاطلاع على العلوم التي لم يكن يجدها في الكتب العربية آنذاك.
ثم التحق الصبّاح بالجامعة الأمريكية في بيروت، وأتقن اللغة الإنجليزية في مدة قصيرة، واستطاع حل مسائل رياضية وفيزيائية معقدة ببراعة وهو في السنة الجامعية الأولى، وشهد له أساتذته بقدراته، وتردد اسمه بين طلاب الجامعات اللبنانية، ووصفه الدكتور فؤاد صروف - أحد أساتذته - في مجلة المقتطف بأنه شيطان من شياطين الرياضيات.
مدرس للرياضيات
والتحق الصباح بقسم الهندسة في الجامعة الأمريكية، وأبدى اهتمامًا خاصًّا نحو الهندسة الكهربائية ونتيجة لما ظهر عليه من نبوغ في استيعاب نظرياتها وتطبيقاتها تبرع له أحد الأساتذة الأمريكيين البارزين بتسديد أقساط المصروفات الجامعية تقديراً منه لهذا التفوق حين عرف أن ظروف أسرة الصباح المادية لا تسمح له بمواصلة الدراسة الجامعية.
وعندما بلغ سن تأدية الخدمة العسكرية اضطر "حسن كامل الصباح" إلى التوقف عن الدراسة عام 1916 والتحق بسرية التلغراف اللاسلكي وفى عام 1918 توجه إلى العاصمة السورية دمشق؛ حيث عمل مدرساً للرياضيات بالإضافة إلى متابعته دراسة الهندسة الكهربائية والميكانيكا والرياضيات، كما وجه اهتمامًا للاطلاع على نظريات العلماء في مجال الذرة والنسبية، وكان من القلائل الذين استوعبوا هذه النظرية الشديدة التعقيد، وكتب حولها المقالات فشرح موضوع الزمان النسبي والمكان النسبي والأبعاد الزمانية والمكانية والكتلة والطاقة وقال عنه العالم إستون فيما بعد: كان الوحيد الذي تجرأ على مناقشة أراء أينشتاين الرياضية وانتقادها والتحدث عن النسبية كأينشتاين نفسه.
وفى 1921 غادر دمشق وعاد إلى الجامعة الأمريكية مرة أخرى؛ لتدريس الرياضيات، وكان حريصاً على شراء المؤلفات الألمانية الحديثة في هذا المجال، ولكن في الوقت نفسه كان الصباح تواقاً إلى التخصص في مجال الهندسة الكهربائية.
إلى أمريكا
وفى عام 1927 توجه "حسن كامل الصباح" إلى أمريكا، والتحق بمدرسة الهندسة الكبرى المسماة مؤسسة ماسانشوستش الفنية، لكنه لم يتواءم مع التعليم الميكانيكي في هذه المؤسسة، كما عجز عن دفع رسومها فتركها بعد عام، وانتقل إلى جامعة إلينوي ولمع نبوغ الصباح قبل نهاية العام الدراسي الأول في هذه الجامعة، فقدم أستاذ الفلسفة الطبيعية بها اقتراحًا للعميد بمنح الصباح شهادة معلم علوم (M.A) إلا أن العميد لم يوافق على الاقتراح؛ حيث كان يجب على الطالب أن يقضي عامين على الأقل في الجامعة قبل منحه أي شهادة.
وفكر الصباح في بدء حياته العملية؛ فالتحق بشركة الكهرباء العامة في ولاية نيويورك، وكانت تعتبر أعظم شركات الكهرباء في العالم، وفيها ظهرت عبقريته وتفوقه على المئات من المهندسين العاملين بالشركة، ولم تمضِ سنة واحدة على عمله بها حتى بدأت سلسلة اختراعاته التي نالت إعجاب رؤسائه؛ فخصصوا له مختبراً ومكتبًا وعينوا عددًا من المهندسين الذين يعملون تحت إدارته.
ووضع الصباح نظريات وأصولا جديدة لهندسة الكهرباء؛ فشهد له العلماء بالعبقرية ومن بينهم العالم الفرنسي الشهير موريس لوبلان، وبعث إليه الرئيس الأمريكي آنذاك بخطاب يؤكد فيه إعجابه بنبوغه واختراعاته، وأرسلت إليه شركات الكهرباء الكبرى شهادات تعترف بصحة اختراعاته، ومنها شركة وستنجهاوس في شيكاغو وثلاث شركات ألمانية أخرى.
وفى عام 1932 منحه مجمع مؤسسة الكهرباء الأمريكي لقب "فتى مؤسسة مهندسي الكهرباء الأمريكية"، وهو لقب علمي لا يُعطى إلا إلى من اخترع وابتكر في الكهرباء، ولم ينل هذا اللقب إلا عشرة مهندسين في الشركة.
"فتى العلم الكهربائي"
وفي مطلع عام 1933 تمت ترقيته في الشركة، ومنح لقب "فتى العلم الكهربائي" وذلك بعد انتخابه من جمعية المهندسين الكهربائيين الأمريكيين في نيويورك. واستطاع الصباح اكتشاف طرائق الانشطار والدمج النووي المستخدمة في صنع القنابل الهيدروجينية والنووية والنيترونية.
وقد شملت علوم الصباح نواحي معرفية عديدة في مجالات الرياضيات البحتة والإحصائيات والمنطق والفيزياء وهندسة الطيران والكهرباء والإلكترونيات والتلفزة، وتحدث عن مادة "الهيدرولية" وما ينتج عنها من مصادر للطاقة، واستشهد بشلالات نبع الصفا في جنوب لبنان ونهر الليطاني، كما كانت له آراؤه في المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية والحرية والاستعمار والمرأة والوطنية والقومية العربية، وكان ذواقًا للأدب ويجيد أربع لغات هي: التركية والفرنسية والإنجليزية والألمانية.
اختراعات الصباح
ويصل عدد ما اخترعه حسن كامل الصباح من أجهزة وآلات في مجالات الهندسة الكهربائية والتلفزة وهندسة الطيران والطاقة إلى أكثر من 76 اختراعًا سجلت في 13 دولة منها: الولايات المتحدة الأمريكية، وبلجيكا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وأستراليا، والهند، واليابان، وأسبانيا، واتحاد دول أفريقيا الجنوبية. وبدأ اختراعاته عام 1927 بجهاز ضبط الضغط الذي يعين مقدار القوة الكهربائية اللازمة لتشغيل مختلف الآلات ومقدار الضغط الكهربائي الواقع عليها.
وفي عام 1928 اخترع جهازًا للتلفزة يستخدم تأثير انعكاس الإلكترونيات من فيلم مشع رقيق في أنبوب الأشعة المهبطية الكاثودية، وهو جهاز إلكتروني يمكن من سماع الصوت في الراديو والتليفزيون ورؤية صاحبه في آن واحد.
كما اخترع جهازًا لنقل الصورة عام 1930، ويستخدم اليوم في التصوير الكهروضوئي، وهو الأساس الذي ترتكز عليه السينما الحديثة، وخاصة السينما سكوب بالإضافة إلى التليفزيون.
وفي العام نفسه اخترع جهازًا لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية مستمرة، وهو عبارة عن بطارية ثانوية يتولد بها حمل كهربائي بمجرد تعرضها لأشعة الشمس، وإذا وُضع عدد منها يغطي مساحة ميل مربع في الصحراء؛ فإن القوة الكهربائية التي يمكن استصدارها من الشمس عندئذ تكون 200 مليون كيلو وات، وقد عرض الصباح اختراعه هذا على الملك فيصل الأول ملك العراق ليتبناه، ولكنه مات ثم عرضه على الملك عبد العزيز بن سعود لاستخدامه في صحراء الربع الخالي، ولكن الصباح مات بعد فترة وجيزة.
وكان قد شرع قبيل وفاته في تصميم محرك طائرة إضافي يسمح بالطيران في الطبقات العليا من الجو، وهو شبيه بتوربينات الطائرة النفاثة.
الموت المفاجئ
وقد حدثت الوفاة المفاجئة مساء يوم الأحد 31 مارس 1935 وكان حسن كامل الصباح عائدًا إلى منزله فسقطت سيارته في منخفض عميق ونقل إلى المستشفى، ولكنه فارق الحياة وعجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة خاصة وأن الصباح وجد على مقعد السيارة دون أن يصاب بأية جروح مما يرجح وجود شبهة جنائية خاصة وأنه كان يعاني من حقد زملائه الأمريكيين في الشركة، وذكر ذلك في خطاباته لوالديه.
وحمل جثمان العالم اللبناني والمخترع البارع حسن كامل الصباح في باخرة من نيويورك إلى لبنان، وشيع في جنازة مهيبة إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببلدة النبطية بجنوب لبنان، ورثاه رئيس شركة جنرال إلكتريك قائلا: إنه أعظم المفكرين الرياضيين في البلاد الأمريكية، وإن وفاته تعد خسارة لعالم الاختراع
عبدالقدير خان .. أبوالقنبلة الباكستانية
ليس حل مشكلات العالم الإسلامي قنبلة نووية ، ولكن ماداموا يفعلون فعلينا أن نمتلك مصادر القوة ، هذه وجهة النظر الباكستانية في مشروعها النووى ، قد يوافق عليها البعض وقد يرفضها آخرون ، لكن هذا ما صار فعلاً وتطور علي يد العالم الباكستاني عبد القدير خان .
ولد الدكتور عبد القدير خان في ولاية بوبال الهندية عام 1936 لا يصغره سوى أخت واحدة من بين خمسة من الإخوة واثنتين من الأخوات. كان والده عبد الغفور خان مدرسًا تقاعد عام 1935، أي قبل ولادة ابنه عبد القدير بعام واحد؛ ولذا نشأ الابن عبد القدير تحت جناح أبيه المتفرغ لتربيته ورعايته.
كان لوالد عبد القدير خان تأثير كبير في حياة ابنه؛ حيث كان الوالد إنسانًا عطوفًا ورقيقًا؛ فعلّم ابنه تقدير الحياة وحب الحيوانات، حتى إن القردة القاطنة بتلال مارجالا التي تحيط بمنزل الدكتور عبد القدير قد علمت عنه ذلك، فتأتي إليه في كل مساء بعد رجوع الدكتور عبد القدير من يوم عمل شاق لتأكل من يديه!!
كانت زليخة بيجوم والدة الدكتور عبد القدير خان سيدة تقية تلتزم بالصلوات الخمس ومتقنة للغة الأوردية والفارسية؛ ولذلك نشأ الدكتور عبد القدير خان متدينًا ملتزمًا بصلواته.
تخرج عبد القدير خان من مدرسة الحامدية الثانوية ببوبال؛ ليستجيب لنداء إخوته بالهجرة إلى الباكستان أملاً في حياة أفضل وفرص أكبر؛ حيث كان يرى أن الفرص المتاحة له ببوبال محدودة، وربما لم يكن لينجز أكثر من كونه مدرسًا مثل أبيه وعيشه حياة خالية تمامًا من الأحداث المثيرة.
لم يكن عبد القدير خان طالبًا متميزًا؛ حيث أراد أبواه له أن يحيا طفولة عادية، فلم يمارسا عليه أية ضغوط من حيث درجاته؛ ولذا كانت حياته الأكاديمية في المدرسة والكلية خالية تماما من الضغوط النفسية.
توفي والد الدكتور عبد القدير خان رحمه الله، والذي لم يهاجر مع أبنائه إلى الباكستان في بوبال عام 1957.
تخرج عبد القدير في كلية العلوم بجامعة كاراتشي عام 1960، وتقدم لوظيفة مفتش للأوزان والقياسات، وهي وظيفة حكومية من الدرجة الثانية. كان عبد القدير أحد اثنين من بين 200 متقدم قُبِلوا بالوظيفة، وكان راتبه 200 روبية في الشهر. ربما لو استمر الدكتور عبد القدير خان في هذه الوظيفة لتدرج في مناصبها؛ لولا رئيسه المباشر في العمل؛ والذي كان يفرض على عملائه أن يدعوه على الغداء لإتمام أوراقهم، فلم يتقبل عبد القدير الشاب هذه التصرفات التي اعتبرها نوعًا من الرشاوى؛ فاستقال من وظيفته.
قرر عبد القدير خان السفر إلى الخارج لاستكمال دراسته وتقدم لعدة جامعات أوروبية؛ حيث انتهى به الأمر في جامعة برلين التقنية؛ حيث أتم دورة تدريبية لمدة عامين في علوم المعادن. كما نال الماجستير عام 1967 من جامعة دلفت التكنولوجية بهولندا ودرجة الدكتوراة من جامعة لوفين البلجيكية عام 1972.
لم يكن ترك الدكتور عبد القدير خان لألمانيا وسفره إلى هولندا سعيًا وراء العلم.. بل كان ليتزوج من الآنسة هني الهولندية التي قابلها بمحض الصدفة في ألمانيا. فتمت مراسم الزواج في أوائل الستينيات بالسفارة الباكستانية بهولندا.
حاول الدكتور عبد القدير مرارًا الرجوع إلى الباكستان ولكن دون جدوى. حيث تقدم لوظيفة لمصانع الحديد بكراتشي بعد نيله لدرجة الماجستير؛ ولكن رفض طلبه بسبب قلة خبرته العملية، وبسبب ذلك الرفض أكمل دراسة الدكتوراة في بلجيكا؛ ليتقدم مرة أخرى لعدة وظائف بالباكستان، ولكن دون تسلم أية ردود لطلباته. في حين تقدمت إليه شركة FDO الهندسية الهولندية ليشغل لديهم وظيفة كبير خبراء المعادن فوافق على عرضهم.
كانت شركة FDO الهندسية أيامها على صلة وثيقة بمنظمة اليورنكو- أكبر منظمة بحثية أوروبية والمدعمة من أمريكا وألمانيا وهولندا. كانت المنظمة مهتمة أيامها بتخصيب اليورانيوم من خلال نظام آلات النابذة Centrifuge system. تعرض البرنامج لعدة مشاكل تتصل بسلوك المعدن استطاع الدكتور عبد القدير خان بجهده وعلمه التغلب عليها. ومنحته هذه التجربة مع نظام آلات النابذة خبرة قيمة كانت هي الأساس الذي بنى عليه برنامج الباكستان النووي فيما بعد.
حين فجرت الهند القنبلة النووية عام 1974 كتب الدكتور عبد القدير خان رسالة إلى رئيس وزراء الباكستان في حينها "ذو الفقار علي بوتو" قائلا فيها: إنه حتى يتسنى للباكستان البقاء كدولة مستقلة فإن عليها إنشاء برنامج نوويّ". لم يستغرق الرد على هذه الرسالة سوى عشرة أيام، والذي تضمن دعوة للدكتور عبد القدير خان لزيارة رئيس الوزراء بالباكستان، والتي تمت بالفعل في ديسمبر عام 1974. قام رئيس الوزراء بعدها بالتأكد من أوراق اعتماده عن طريق السفارة الباكستانية بهولندا، وفي لقائهما الثاني عام 1975 طلب منه رئيس الوزراء عدم الرجوع إلى هولندا ليرأس برنامج الباكستان النووي.
حين أبلغ الدكتور عبد القدير خان زوجته بالعرض -والذي كان سيعني تركها لهولندا إلى الأبد- مساء نفس اليوم سألته إن كان يعتقد أنه يستطيع إنجاز شيء لبلده.. فحين رد بالإيجاب ردت على الفور: ابق هنا إذن حتى ألمّ أغراضنا في هولندا وأرجع إليك. ومنذ ذلك الحين وآل خان في الباكستان.
توصل الدكتور عبد القدير خان بعد فترة قصيرة من رجوعه إلى الباكستان إلى أنه لن يستطيع إنجاز شيء من خلال مفوضية الطاقة الذرية الباكستانية، والتي كانت مثقلة ببيروقراطية مملة. فطلب من بوتو إعطاءه حرية كاملة للتصرف من خلال هيئة مستقلة خاصة ببرنامجه النووي. وافق بوتو على طلبه في خلال يوم واحد وتم إنشاء المعامل الهندسية للبحوث في مدينة كاهوتا القريبة من مدينة روالبندي عام 1976 ليبدأ العمل في البرنامج. وفي عام 1981 وتقديرًا لجهوده في مجال الأمن القومي الباكستاني غيّر الرئيس الأسبق ضياء الحق اسم المعامل إلى معامل الدكتور عبد القدير خان للبحوث.
بدأ الدكتور عبد القدير خان بشراء كل ما يستطيع من إمكانات من الأسواق العالمية، وفي خلال ثلاث سنوات تمكن من بناء آلات النابذة وتشغيلها بفضل صِلاته بشركات الإنتاج الغربية المختلفة وسنوات خبرته الطويلة.
يقول الدكتور عبد القدير خان في إحدى مقالاته: أحد أهم عوامل نجاح البرنامج في زمن قياسي كان درجة السرية العالية التي تم الحفاظ عليها، وكان لاختيار موقع المشروع في مكان ناءٍ كمدينة كاهوتا أثر بالغ في ذلك. كان الحفاظ على أمن الموقع سهلا بسبب انعدام جاذبية المكان للزوار من العالم الخارجي، كما أن موقعه القريب نسبيًا من العاصمة يسّر لنا اتخاذ القرارات السريعة، وتنفيذها دون عطلة. وما كان المشروع ليختفي عن عيون العالم الغربي لولا عناية الله تعالى، ثم إصرار الدولة كلها على إتقان هذه التقنية المتقدمة التي لا يتقنها سوى أربع أو خمس دول في العالم. ما كان لأحد أن يصدق أن دولة غير قادرة على صناعة إبر الخياطة ستتقن هذه التقنية المتقدمة".
حين علم العالم بعدها بتمكن الباكستان من صناعة القنبلة النووية هاج وماج؛ إذ بدأت الضغوط على الحكومة الباكستانية من جميع الجهات ما بين عقوبات اقتصادية وحظر على التعامل التجاري وهجوم وسائل الإعلام الشرس على الشخصيات الباكستانية. كما تم رفع قضية ظالمة على الدكتور عبد القدير خان في هولندا تتهمه بسرقة وثائق نووية سرية. ولكن تم تقديم وثائق من قبل ستة أساتذة عالميين أثبتوا فيها أن المعلومات التي كانت مع الدكتور عبد القدير خان من النوع العادي، وأنها منشورة في المجلات العلمية منذ سنين. تم بعدها إسقاط التهمة من قبل محكمة أمستردام العليا. يقول الدكتور عبد القدير خان: إنه حصل على تلك المعلومات بشكل عادي من أحد أصدقائه؛ إذ لم يكن لديهم بعد مكتبة علمية مناسبة أو المادة العلمية المطلوبة.
يتلخص إنجاز الدكتور عبد القدير خان العظيم في تمكنه من إنشاء مفاعل كاهوتا النووي (والذي يستغرق عادة عقدين من الزمان في أكثر دول العالم تقدمًا- في ستة أعوام) وكان ذلك بعمل ثورة إدارية على الأسلوب المتبع عادة من فكرة ثم قرار ثم دراسة جدوى ثم بحوث أساسية ثم بحوث تطبيقية ثم عمل نموذج مصغر ثم إنشاء المفاعل الأولي، والذي يليه هندسة المفاعل الحقيقي، وبناؤه وافتتاحه. قام فريق الدكتور خان بعمل كل هذه الخطوات دفعة واحدة.
استخدم فريق الدكتور خان تقنية تخصيب اليورانيوم لصناعة أسلحتهم النووية. هناك نوعان من اليورانيوم يوليهما العالم الاهتمام: يورانيوم-235 ويورانيوم 238. ويعتبر اليورانيوم235 أهمهما؛ حيث هو القادر على الانشطار النووي وبالتالي إنشاء الطاقة. يستخدم هذا النوع من اليورانيوم في المفاعلات الذرية لتصنيع القنبلة الذرية.
ولكن نسب اليورانيوم 235 في اليورانيوم الخام المستخرج من الأرض ضئيلة جدا تصل إلى 0.7 % وبالتالي لا بد من تخصيب اليورانيوم لزيادة نسبة اليورانيوم 235؛ إذ لا بد من وجود نسبة يورانيوم 235 بنسبة 3-4% لتشغيل مفاعل ذري وبنسبة 90 % لصناعة قنبلة ذرية. يتم تخصيب اليورانيوم باستخدام أساليب غاية في الدقة والتعقيد وتمكنت معامل كاهوتا من ابتكار تقنية باستخدام آلات النابذة، والتي تستهلك عُشْر الطاقة المستخدمة في الأساليب القديمة. تدور نابذات كاهوتا بسرعات تصل إلى 100ألف دورة في الدقيقة الواحدة. يقول الدكتور خان: في حين كان العالم المتقدم يهاجم برنامج الباكستان النووي بشراسة كان أيضًا يغض الطرف عن محاولات شركاته المستميتة لبيع الأجهزة المختلفة لنا! بل كانت هذه الشركات تترجّانا لشراء أجهزتها. كان لديهم الاستعداد لعمل أي شيء من أجل المال ما دام المال وفيرًا!
قام الفريق الباكستاني بتصميم النابذات وتنظيم خطوط الأنابيب الرئيسية وحساب الضغوط وتصميم البرامج والأجهزة اللازمة للتشغيل. وحين اشتد الهجوم الغربي على البرنامج وطبق الحظر والعقوبات الاقتصادية بحيث لم يتمكن الفريق من شراء ما يلزمهم من مواد.. بدأ المشروع في إنتاج جميع حاجياته بحيث أصبح مستقلا تماما عن العالم الخارجي في صناعة جميع ما يلزم المفاعل النووي.
امتدت أنشطة معامل خان البحثية لتشمل بعد ذلك برامج دفاعية مختلفة؛ حيث تصنع صواريخ وأجهزة عسكرية أخرى كثيرة وأنشطة صناعية وبرامج وبحوث تنمية، وأنشأت معهدا للعلوم الهندسية والتكنولوجية ومصنعًا للحديد والصلب، كما أنها تدعم المؤسسات العلمية والتعليمية.
نال الدكتور خان 13 ميدالية ذهبية من معاهد ومؤسسات قومية مختلفة ونشر حوالي 150 بحثًا علميًا في مجلات علمية عالمية. كما مُنح وسام هلال الامتياز عام 1989 وبعده في عام 1996 نال أعلى وسام مدني تمنحه دولة الباكستان تقديرًا لإسهاماته الهامة في العلوم والهندسة: نيشان الامتياز.
السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
انا محتاسه في بحث عن العلماء بويل و ماريوت و فاندر فال ،عايزه تواريخ ميلادهم و جنسياتهم واعمالهم
وياريت يكون قبل الثلاثاء
ضرووووووووووووووووووري
وجزاكم الله خيرا:blush:
جزاكم اله خيرا
(http://www.nabdh-alm3ani.net/athkar/index.php?get=Main)
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
عودة سريعة ..
عزيزة علي هذه المنتديات .. أعزها ومن فيها من الإخوة والأخوات .. أعزها وأعز هذه الصفحة .. الموسوعة .. كنت أتمنى أن تظهر بشكل أفضل ومواضيع أكثر . لكن تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن .. اعذروني على التقصير .. وأتمنى أن أجد الوقت الكافي لأتابع معكم المشوار ..
ضيــــــــــــــــــــــــــــــــــــاء
السلام عليكم
اهلا ومرحبا بك اخي الكريم ضياء
اسأل الله العلي العظيم ان يوفقك الى كل خير
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته,,
يااااا إلهي, عجيب, الآن لي أكثر من ألف مرة أدخل منتدى الفيزياء, ولا مرة إطلعت على هذا الموضوع المثبت لا هو ولا عالم االمتناهي في الصغر , كأني أول مرة أشوفهم اليوم!!!!!!!!!! أدري عكس الناس بس ما أدري ليه المواضيع المثبته أطمرها..
أخيتي ضياء يبدو أن الموسوعة ممتعة جداً, بإذن الله سوف أقرئها,,
شكراً لك,, وبارك الله فيك..
والسلام عليكم..
منذ زمن ليس بالبعيد كانت السنة الضوئية تعتبر أكبر واحدة طول وهي تعبر عن المسافة التي يقطعها الضوء في الخلاء خلال سنة واحدة وتعادل حوالي 9.5 مليون مليون كيلومتر . استبدلت هذه الواحدة بالتدريج في المنشورات العلمية بواحدة أخرى أكبر بثلاث مرات وهي البارسك ورمزها (pc) وتعادل حوالي 30.9 مليون مليون كيلومتر أي 3.26 ستة ضوئية . ولكن هذه الواحدة الكبيرة أصبحت بدورها فيما بعد غير كافية لقياس أعماق الكون فأدخل علماء الفلك مضاعفات البارسك مثل الكيلوبارسك والميغا بارسك والجيجابارسك الذي يمثل حاليا أكبر الواحدات المستخدمة .
المصدر : لماذا ؟ اسأل الفيزياء .. ياكوف بيريليمان
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أخواني وأخواتي أشكر لكم هذا الجهد العظيم وأخص بالشكر الأخت ضياء على مجهودها الرائع
ولكن عندي سؤال للأخت؟
في بعض المقالات تطرقتي الى بعض الافكار لكفية عرض موضوع للطلاب وهي عبارة عن طرف علمية , لو سمحتي هل من الممكن أن ترشديني الى كتاب او موقع على النت يهتم بهذا الجانب؟
ولكِ مني ولكافة الأعضاء الشكر والتقدير
محبكم الفارس الصغير
السلام عليكم ورجمة الله وبركاته
أخي الفارس الصغير هناك كتاب مفيد ورائع اسمه ( الطرائف العلمية مدخل لتدريس العلوم ) للدكتور صبري الدمرداش نشرته مكتبة الأنجلو المصرية أتمنى أن تنال منه مرادك
أختي ضياء جزاك الله خيرا
فكرة رائعة ونتمنى التوفيق
http://www.sawarony.com
بسم اللة الرحمن الرحيم
السلام عليكم ورحمة اللة وبركاتة
أخواني وأخواتي أشكر لكم هذا الجهد العظيم وأخص بالشكر الأخت ضياء على مجهودها الرائع
ولكن عندي سؤال للأخت؟
في بعض المقالات تطرقتي الى بعض الافكار لكفية عرض موضوع للطلاب وهي عبارة عن طرف علمية , لو سمحتي هل من الممكن أن ترشديني الى كتاب او موقع على النت يهتم بهذا الجانب؟
ولكِ مني ولكافة الأعضاء الشكر والتقدير
http://www.dawaar.com
فكرة رائعة
وافق الله
http://www.sawarony.com
السلام عليكم جزاكم الله خيرا على هذا الموقع الرائع و المفيد و اشكركم على تقبلي عضوة معكم .أتمنى ان اكون عضوة نافعة و مستنفعة
ليس لدي الأن اي موضوع لطرحه او نقاشه اعدكم في المرة المقبلة لقد استفدت من بعض الردود جزاكم الله خيرا عليها.تقبلوا فائق حتراماتي.وفقكم الله جميعا و السلام عليكم.:
السلام عليكم
اختي الكريمة omhiba
اهلا ومرحبا بك معنا اختا لنا في المنتديات العلمية
بانتظار مشاركاتك معنا
شكرا اخ ابو يوسف سأحاول في المرة القادمة إن شهء الله
ياريت من يضع موضوعا يضعه كاملا شاملا وليس موجزا مع الشكر للجميع .... والله يعطيهم العافية
اقتباس (ضياء @ 15/7/2003 الساعة 06:24) |
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته خطر ببالي أن نعمل موسوعة فيزيائية ولكن بعيدة كل البعد عن القوانين والنظريات والمسائل النظرية وإنما نجمع فيها قصص علماء الفيزياء وقصص الاختراعات والظواهر الفيزيائية في الحياة اليومية وإلى ما هنالك من معلومات وطرائف وألغاز فيزيائية . فأرجو من جميع رواد المنتدى المساهمة سواء بمساهماتهم أو آراءهم واقتراحاتهم والكلمة الطيبة صدقة . |
فكرة حلوه ورائعة
أهلا بك أخ يافعي عضرا جديدا معنا
ونرحب بمشاركاتك وآرائك
الدكتورشارل العشي
ولد د. شارل العشي في 18 نيسان 1947 في لبنان.
مدير مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion laboratory
التابع لوكالة الفضاء الأميركية الناسا-NASA
حصل على:
- شهادة البكاليوريوس في الفيزياء من جامعة غرينوبل في
فرنسا.
- دبلوم هندسة من معهد البوليتكنيك في غرينوبل عام 1968.
- شهادة الماجيستيروالدكتوراه في العلوم الكهربائية من معهد كاليفورنيا
للتكنولوجيا CALTECH في باسادنيا- كاليفورنيا في العام 1969 و 1971.
- شهادة الماجيستير في الأعمال من USC عام 1978.
- شهادة الماجيستير في الجيولوجيا من جامعة U C L A عام 1983.
- يعمل مدير مختبر الدفع النفاث Jet Propulsion laboratory التابع لوكالة الفضاء الأميركية الناسا-NASA، و نائب رئيس معهد كاليفورنيا للتكنولوجيا California Institute of Technology، حيث يحاضر أيضاً في الهندسة الكهربائية وعلوم الكواكب.
ويعتبر من اللامعين في وكالة الفضاء الأميركية حيث قام بتطوير العديد من التقنيات المتقدمة لاستخدامها في مهمات إستكشاف النظام الشمسي ودراسة أسباب نشوئه، مراقبة الأرض ، والفيزياء الفلكية.
نال الدكتورالعشي العشرات من الجوائز العلمية العالمية، وكرّم باطلاق اسمه على أحد الكويكبات "4116 Elachi" تقديراً له على مساهماته في استكشاف النظام الشمسي.
شارك العشي في العديد من البعثات الأركيولوجية العلمية في الصحراء المصرية، و شبه الجزيرة العربية و الصحراء الغربية الصينية للبحث عن طرق التجارة القديمة و المدن المدفونة تحت الأرض، و ذلك بعد الاستعانة بتقنيات التصوير الراداري بالأقمار الاصطناعية، التي ساهم العشي نفسه في تطويرها.
قالت عنه الناسا عند تسلمّه ادارة معهد الدفع النفاث JPL التابع لها : "إن شارل وضع الاستراتيجيات الكفيلة باستكشاف الفضاء لعقود ستأتي، وهو قائد و صاحب رؤية".
يشرف د.شارل العشي حالياً على استكشاف كوكب المريخ بعد هبوط مركبتي سبيريت Spirit و أوبورتشونيتي Opportunity على سطحه،وعلى استكشاف كوكب زحل وأقماره بعد وصول مركبة كاسيني الى مداره
الحدث: امتحان الفيزياء في جامعة كوبنهاجن بالدانمرك..
السؤال: كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام الباروميتر"جهاز
قياس الضغط الجوي"؟!
الإجابة المعتادة والمنتظرة: بقياس الفرق بين الضغط الجوي على
سطح الأرض وعلى سطح ناطحة السحاب.
أما إجابة الطالب (نيلز بور) فجاءت مختلفة لدرجة استفزت أستاذ
الفيزياء وجعلته يقرر رسوب صاحب الإجابة بدون قراءة باقي
إجاباته على الأسئلة الأخرى، فقد أجاب نيلز في الورقة: "أربط
الباروميتر بحبل طويل، وأدلي الخيط من أعلى ناطحة السحاب حتى
يمس الباروميتر الأرض، ثم أقيس طول الخيط"!
غضب أستاذ المادة؛ لأن الطالب قاس له ارتفاع الناطحة بأسلوب
بدائي، ليس له علاقة بالباروميتر أو بالفيزياء، فتظلم الطالب
مؤكدا أن إجابته صحيحة 100% وحسب قوانين الجامعة تم تعيين أحد
الأستاذة الخبراء في المادة للبت في القضية.
أفاد تقرير المحكم بأن إجابة الطالب صحيحة، لكنها لا تدل على
معرفته بمادة الفيزياء، فتقرر إعطاء الطالب فرصة أخرى لإثبات
معرفته العلمية،
فطرح المحكم نفس السؤال شفهيا على
الطالب: "كيف تحدد ارتفاع ناطحة سحاب باستخدام جهاز قياس
الضغط الجوي أو الباروميتر؟!"
فكر الطالب قليلاً وقال: "لدي إجابات كثيرة لقياس ارتفاع
الناطحة، ولا أدري أيهم أختار"،
فقال الحكم: "هات كل ما عندك".
فأجاب الطالب قائلاً: الإجابة الأولى: "يمكن إلقاء الباروميتر من
أعلى ناطحة السحاب على الأرض، ويقاس الزمن الذي يستغرقه
الباروميتر حتى يصل إلى الأرض، وبالتالي يمكن حساب ارتفاع
الناطحة باستخدام قانون الجاذبية الأرضية".
الإجابة الثانية: "إذا كانت الشمس مشرقة، يمكن قياس طول ظل
الباروميتر وطول ظل ناطحة السحاب فنعرف ارتفاع الناطحة من
قانون التناسب بين الطولين وبين الظلين".
ثم أضاف الطالب بخبث: "أما إذا أردنا حلا سريعا يريح عقولنا،
فإن أفضل طريقة لقياس ارتفاع الناطحة باستخدام الباروميتر، هي
أن نقول لحارس الناطحة: "سأعطيك هذا الباروميتر الجديد هدية،
إذا قلت لي كم يبلغ ارتفاع هذه الناطحة؟!".
وأكمل بخبث أكبر: "أما إذا أردنا تعقيد الأمور، فسنحسب ارتفاع
الناطحة بواسطة الفرق بين الضغط الجوي على سطح الأرض وأعلى
ناطحة السحاب.. باستخدام الباروميتر"!!!
كان الحكم ينتظر الإجابة الرابعة التي تدل على فهم الطالب
لمادة الفيزياء، بينما الطالب يعتقد أن الإجابة الرابعة هي
أسوء الإجابات؛ لأنها صعبة وأكثر تعقيدا.
ثم ماذا حدث لهذا الطالب؟!
الطالب (نيلز بور) الذي لم ينجح في مادة الفيزياء، أصبح
الدانمركي الوحيد الذي نال جائزة نوبل في الفيزياء.. ونجح في
تأسيس علم فيزياء ونظريات ميكانيكا الكم..!
تصوروا.. رسب في الفيزياء وفاز بنوبل!!
نوبل الفيزياء لعام 2005 إلى ألمانيا والولايات المتحدة
تيودور هينش
الألماني هينش والأمريكيان غلاوبر وجون هول يحصلون على نوبل الفيزياء لهذا العام. تطوير تقنيتي الطيف ومقياس الزمن وتكنولوجيا الأقمار الاصطناعية من أهم إنجازات الفائزين بجائزة هذا العام
أعلنت الأكاديمية الملكية السويدية أمس الثلاثاء فوز الألماني تيودور هينش والاميركيين روي غلاوبر وجون هول بجائزة نوبل للفيزياء تقديرا لإعمالهم في مجال البصريات. ومنح غلاوبر (80 سنة) نصف الجائزة تقديرا لعمله في "التعريف النظري لسلوك جزيئات الضوء" كما أوضحت الأكاديمية. وتقاسم العالمان الآخران جون هول (71 عاما) وتيودور هينش (63 سنة) النصف الأخر لمساهمتهما في "تطوير التحليل الطيفي باستخدام دقة الليزر من خلال تحديد ضوء الذرات والجزيئات بأقصى دقة".
إنجازات للعلماء الثلاثة
وقد وضع روي غلاوبر أسس البصريات الكمية. وأوضحت الأكاديمية "انه استطاع تفسير الاختلافات الأساسية بين المصادر الحارة للضوء مثل المصابيح مع مزيج من الموجات والمراحل والليزر". وقام جون هول وتيودور هينش بقياس الموجات بدقة لا متناهية. واتاحت تقنيتهما في القياس ابتكار الساعات الشديدة الدقة وتطوير تكنولوجيا التحكم بواسطة الأقمار الاصطناعية. وكان معلوما منذ القرن التاسع عشر أن الضوء هو إشعاع كهرومغناطيسي على غرار الموجات الإذاعية لكن الأبحاث الأخيرة أظهرت أن للضوء طبيعتين فهو يتكون من موجات وجزيئات.
من هو تيودور هينش؟
ولد هينش في هايدلبرغ عام 1941 وحصل على الدكتوراه من جامعتها عام 1969 ويدير معهد ماكس بلانك للبصريات الكمية وهو أستاذ للفيزياء في جامعة لودفيغ ماكسيميليان في ميونيخ. وكان هينش قد اشتعل في مجال البحث العلمي في جامعة شتانفورد الأمريكية لمدة ستة عشر عاما عاد بعدها إلى ألمانيا. ويشر هينش إلى انه غير نادم على عودته إلى ألمانيا "لدينا هنا شروط نجاح جيدة جدا"، حسب تعبيره. ويأمل هنش الذي يملك شركة مينلو سيستم تحقيق نجاحا سريعا في سوق تكنولوجيا الاتصالات " اختراعاتنا هذه سوف يكون لها تأثيرها قبل شيء في مجال الاتصالات"، يضيف هينش. ولا يعرف عالم الفيزياء الألماني بعد ماذا سيفعل بنصيبه من الجائزة التي يبلغ قيمتها الإجمالية عشرة ملايين كورون سويدي (1,1 مليون يورو).
وجائزة نوبل للفيزياء هي الثانية التي تمنح هذا الأسبوع بعد نوبل الطب التي منحت أمس على أن تمنح اللجنة غدا نوبل الكيمياء ثم نوبل الآداب الخميس المقبل، أما جائزة السلام فستمنح الجمعة المقبلة في اوسلو تليها نوبل الاقتصاد الاثنين 10 تشرين الأول/أكتوبر. وكانت نوبل الفيزياء لعام 2004 قد منحت للأمريكيين ديفيد غروس وديفيد بوليتزر وفرانك ويلتشيك لأبحاثهم حول حياة الكوارك أي الجزء الأساسي في قلب الذرة. وتعود آخر مرة حصل فيها عالم فيزياء ألماني على جائزة نوبل للفيزياء إلى أربعة أعوام سابقة حينما فاز فولفجانج كيتيله عام 2001 بالجائزة مناصفة مع عالمين أمريكيين.
الألماني هينش ينال نوبل الفيزياء بعد 16 عاما على منحه جائزة الملك فيصل
أبها في 6 أكتوبر / لم يكن إعلان فوز العالم الألماني ثيودور هينش بحائزة نوبل في الفيزياء أول من أمس مفاجأة للمهتمين والمراقبين، لأنه أحد روّاد علم الفيزياء الذرية المعدودين على مستوى العالم، ولعل ذلك كان سببا لفوزه من قبل بجائزة الملك فيصل العالمية عام 1989.
ويقول أمين عام جائزة الملك فيصل العالمية الدكتور عبدالله العثيمين إن هينش قد منح جائزة الملك فيصل العالمية في الفيزياء بالمشاركة مع الدكتور أحمد زويل سنة 1989 وتسلم الجائزة في الرياض، وقد نال زويل لاحقا جائزة نوبل في الفيزياء عام 1999 فيما نالها هينش هذا العام.
ويضيف العثيمين مبينا أنه بفوز هينش بجائزة نوبل هذا العام يكون عدد الذين نالوا جائزة نوبل ثم نالوا جائزة الملك فيصل العالمية ـ بعد ذلك ـ 11 فائزا.
يذكر أن الدكتور ثيودور هينش ولد عام 1941 في ألمانيا وتعلم حتى نال درجة الدكتوراة في الفيزياء من جامعة هايدلبرج عام 1969م، وقد عمل بالتدريس والبحث العلمي في جامعة هايدلبرج ثم في جامعة ستانفورد بالولايات المتحدة حيث بدأ اهتمامه بفيزياء الليزر. وهو يعمل حالياً أستاذا للفيزياء في جامعة لودفيج ماكسيملان في ميونخ، ومديراً لمعهد ماكس بلانك للبصريات الكمية في ألمانيا، وأستاذاً زائراً في عدد من الجامعات الأوروبية والأمريكية والآسيوية.
وقد تولى الدكتور هينش خلال مسيرته العلمية الحافلة رئاسة العديد من المراكز البحثية والمؤتمرات والأعمال العلمية كما شارك في تحرير كثير من الدوريات المتخصصة في الفيزياء التطبيقية. وقد نال جوائز تقديرية وميداليات وزمالات فخرية عديدة، منها زمالة الأكاديمية الوطنية للعلوم في الولايات المتحدة والجمعية الأمريكية للفيزياء وجمعية البصريات الأمريكية وأكاديمة العلوم في إيطاليا وبافاريا وجائزة إينشتاين لبحوث الليزر وجائزة الفرد كروب للعلوم وميدالية أكاديمية العلوم بإيطاليا. ويعد الدكتور هينش واحداً من رواد علم الفيزياء الذرية وتطبيقيات الليزر في التحليل الطبقي للجزئيات والذراري ومما قام به تطوير تقانات متناهية الدقة تعتمد على إزاحة تأثير دوبلر الناتج عن الحركة الجزئية. وقد نشر له عدد كبير من البحوث في مجال تخصصه مما أكسبه شهرة عالمية.
من جهة أخرى أعلنت أمس الأكاديمية السويدية فوز الفرنسي ايف شوفان و الأمريكيان روبرت جرابز وريتشارد شروك جائزة نوبل للكيمياء لعام 2005 لتطويرهم طريقة التفاعل الكيميائي المزدوج التبادل في التركيبات العضوية، حسب ما أفادت لجنة نوبل.
وأوضحت اللجنة في حيثيات قرارها أن "الفائزين بجائزة نوبل للكيمياء هذه السنة جعلوا من التفاعل الكيميائي المزدوج التبادل أحد أهم التفاعلات في التركيبات العضوية ووفر ذلك فرصا رائعة لإنتاج الكثير من الجزيئات في مجال صناعة الأدوية على سبيل المثال".
وأضافت أن "الخيال سيكون قريبا الحدود الوحيدة" حول نوع الجزيئات التي يمكن تركيبها في المستقبل.
والتفاعل الكيميائي المزدوج التبادل وفق التحديد الأنيق الذي أعطته إياه أكاديمية العلوم السويدية التي تمنح هذه الجائزة هو "رقصة يتخللها تغيير الشريك". ويستخدم بشكل واسع في الصناعات الكيمائية وخصوصا في إنتاج الأدوية والمواد البلاستيكية.
اعلنت الاكاديمية السويدية للعلوم، عن منح العلماء الأميركيين ديفيد غروس وديفيد بوليتزر وفرانك ويلتشيك، جائزة نوبل للفيزياء لعام 2004، لدورهم في الابحاث على بنية المادة وعلى الجسيمات الاساسية الدقيقة«الكوارك» التي تتشكل منها نواة الذرات، والقوى التي تجعلها متماسكة بعضها مع الآخر. وقالت الاكاديمية السويدية للعلوم في حيثيات منح الجائزة التي تبلغ قيمتها عشرة ملايين كرونة (1.36 مليون دولار)، ان اعمال هؤلاء العلماء في مجال جسيمات الكوارك، وهي اصغر وحدات بناء الطبيعة، قد قربت العلم من حلمه في صياغة «نظرية لكل شيء» التي تهدف.......
لوضع اطار نظري شامل يفسر كل القوى المؤثرة في الطبيعة. واضافت ان ابحاثهم لها اهمية حاسمة في «فهم نظرية حول احدى قوى الطبيعة الاساسية، وهي القوة التي تربط اصغر اجزاء المادة اي (الكوارك) في ما بينها». وكان العلماء الثلاثة قد قدموا في السبعينات من القرن الماضي نظرية لوصف القوة التي تجمع الكواركات مع بعضها البعض. وتشكل الكواركات بنية النيوترونات والبروتونات التي توجد في نواة الذرة. ووصف العلماء بشكل «شاعري وفني» تقريبا الكواركات بالألوان، وقالوا ان جسيم الكوارك يمكن أن يكون احمر او اخضر او ازرق، بدلا من ان يكون مشحونا بشحنة موجبة او سالبة. وكما تتجاذب الجسيمات المتضادة الشحنات الكهربائية، أي الشحنة السالبة مع الشحنة الموجبة، فان خلط الالوان المتناقضة يمكن ان يقود الى اجتماع عدد من الكواركات سوية! ونجحت هذه النظرية في تفسير مسألتين الاولى وجود الكواركات في مجموعة من ثلاثة جسيمات، والثانية عدم وجود كوارك واحد بمفرده. كما نجحت في تفسير القوة الشديدة التي تمنع انفصال الكواركات عن بعضها. ونشر العلماء نظريتهم عام 1973 وبذلك ظهرت نظرية «الكرومديناميك الكمي» التي لها علاقة بالالوان والصبغات!
*جائزة نوبل للفيزياء: الفائزون في السنوات العشر الأخيرة
*ستوكهولم ـ ا.ف.ب: في ما يلي لائحة باسماء الفائزين في السنوات العشر الاخيرة بجائزة نوبل للفيزياء :
2004: ديفيد كروس وديفيد بوليتزر وفرانك فيلتشيك (الولايات المتحدة) 2003: اليكسي ابريكوسوف (روسيا ـ الولايات المتحدة) وفيتالي غينزبرغ (روسيا) وانطوني ليغيت (بريطانيا ـ الولايات المتحدة) 2002: ريموند ديفيس وريكاردو جاكوني (الولايات المتحدة) ومازاتوشي كوشيبا (اليابان) 2001: اريك كورنيل (الولايات المتحدة) وولفانغ كيتيرل (ألمانيا) وكارل ويمان (الولايات المتحدة) 2000: زوريس الفيروف (بيلاروس) هيربرت كرومير (المانيا) وجاك كيلبي (الولايات المتحدة).
1999: خيراردوس هوفت (هولندا) ومارتينوس فيلتمان (هولندا) 1998: روبرت لوفلين (الولايات المتحدة) ودانيال تسوي (الولايات المتحدة) وهورست شترومر (المانيا).
1997: كلود كوهين ـ تنوجي (فرنسا) وستيفن شو ووليام فيليبس (الولايات المتحدة).
1996: ديفيد لي ودوغلاس اوشيرهوف وروبرت ريتشاردسون (الولايات المتحدة).
1995: مارتين بيرل وفريدريك راينز (الولايات المتحدة).
المصدر :لندن ـ ستوكهولم: «الشرق الأوسط» والوكالات__الاربعاء6/اكتوبر2004
عندما فزت بجائزة نوبل أخبروني وقالوا...«هذه هي آخر عشرين دقيقة سوف تنعم فيها بالهدوء فى حياتك
كان والدي مقيمًا بالإسكندرية وبعد الحرب العالمية الثانية عمت البلاد حالة من الكساد والتدهور الاقتصادي وهذه الحالة هي التي دفعت والدي إلى مغادرة الإسكندرية إلى دسوق، وهناك أقام مشروعًا تجاريًا وتزوج والدتي التي نشأت في دمنهور وظلت عائلتي تحيا بين دمنهور والإسكندرية. ولدت عام 1946م في مدينة دمنهور التي تقع على الطريق الزراعي بين .........
القاهرة والإسكندرية، وهي عاصمة محافظة البحيرة. ودمنهور مدينة فرعونية قديمة يعتقد أنها كانت تضم معبدًا لإله الشمس «حورس»، وكانت تسمى مدينة حورس أي «دمى-ن-حر» بالفرعونية ثم حرف الاسم إلى دمنهور فيما بعد. أرض موطني تجود بأطيب أنواع الفاكهة، وأهلها يتمتعون بروح تشع بالضياء الداخلى، وقد أخذت لنفسي نصيبًا من شمس حورس التي صافحتني أشعتها منذ ميلادي. أما محطة الميلاد في دمنهور نفسها - وقد كانت عائلتي تقطن دسوق - فقد كانت مصادفة بحتة. فوالدي حسن زويل، ووالدتي روحية ربيع دار، المقيمان في دسوق التي تبعد عن دمنهور 20 كيلو مترًا كانا في زيارة لجدتي - أم والدتي - وفجأة شعرت بآلام المخاض في شتاء 26 فبراير 1946م، وشهد منزل جدتي أول محطة لي في هذا العالم.
ظللت في هذه المحطة 40 يومًا ثم عادت بي والدتي إلى دسوق حاملاً كنية «شوقى» ربما لأني جئت للعالم بعد زواج والدي بخمس سنوات،ربما كان تعبيرًا منهما عن شوق لهذا الطفل، ربما، وظلت هذه الكنية معي حتى دخلت الجامعة فعرفني الجميع باسمي الأصلي في شهادة الميلاد، أحمد.
* محطة الطفولة تحددت معالمها بإطار مسجد سيدي إبراهيم الدسوقي، كانت محطة تقترب إلى الروحانية، دون أن نعي جيدًا مفهوم الروحانية، كنا نجد أنفسنا منجذبين إلى المسجد إما للصلاة أو الاستذكار، وقد شكل المسجد نواة للدراسة الجدية في ذلك الوقت لدينا ولدى من هم أكبر سنًا، كان محورًا لحياة أهل مدينتي في عمومهم، وكان بمنزلة قوة جاذبة للعمل والحياة معًا.
* شهدت محطة الطفولة منغصات تبدو لي الآن ضئيلة وإن كانت في وقتها مثيرة للحنق، في مدرستي الابتدائية «النهضة» فرغم أن صوت العلم وقيمته كان يعلو على أي شيء إلا أن أسوأ ما في العلم كان «الحفظ» في بعض المواد الدراسية عن ظهر قلب، دون الالتفات إلى الفهم أو البحث عن أجوبة لتساؤلات الطلاب، والعقاب البدني كان منغصًا آخر لي في هذه الفترة، فرغم أنه لم يكن قاسيًا أو مؤذيًا فإن الفكرة بحد ذاتها كانت مهينة.
* عام 1956م شهد محطة مهمة في حياتي، وكنت وقتها في العاشرة من عمري، كنت متحفزًا لأبعد الحدود لرؤية الرئيس جمال عبد الناصر أول رئيس جمهورية مصري، كتبت له خطابًا قلت فيه «ربنا يوفقك ويوفق مصر» كانت لدي رغبة في الكتابة له ولم أكن أدري ماذا أقول، كنت في داخلي أتمنى له التوفيق وأتمنى أن تتقدم بلادي فكتبت ماشعرت به ولم أزد، وأرسلته، وفي العام نفسه وصلني منه الرد، تسلمت خطابًا من الرئيس جمال عبد الناصر ردًا على خطابي - مازلت أحتفظ به لليوم - وأتذكر الرجفة التي سرت في بدني وهزت مشاعري لدى رؤية اسمي في خطاب خطه الرئيس بيده ووقعه قال فيه «ولدي العزيز أحمد، تحية أبوية وبعد، تلقيت رسالتك المعبرة عن شعورك النبيل فكان لها أكبر الأثر في نفسي وأدعو الله أن يحفظكم لتكونوا عدة الوطن في مستقبله الزاهر وأوصيكم بالمثابرة على تحصيل العلم مسلحين بالأخلاق الكريمة لتساهموا في بناء مصر الخالدة في الحرية والمجد، والله أكبر والعزة لمصر».
* محطة بداية العلاقة بصوت أم كلثوم بدأت وعمري وقتها 13 عامًا عندما بدأت أستمع لأغانيها. وظللت معي 40 عامًا كاملة. هذه المحطة كانت بواسطة خالي رزق دار تعلمت منه أشياء كثيرة، كيف أقرأ وأحب الاطلاع، كان يقطن في المبنى نفسه الذي نعيش فيه، علمني منهج القراءة الانتقادية للصحف، كيف أقرأ بعين فاحصة. كنت أقضي وقتًا طويلاً معه، وصار فيما بعد رجل أعمال ناجحًا في التصدير والاستيراد وامتلك ورشة كبيرة للسيارات، وفي بيته تعلمت لعبة «الكاول» النرد وكانت أول رحلة صحبني معه فيها للقاهرة لحضور حفل لأم كلثوم وكانت بدايتي مع صوت هذه السيدة الرائعة وظللت أسمعها منذ ذلك الحين وحتى الآن. ومكانة هذه السيدة لدى المصريين تشبه مكانة موتسارت وبيتهوفن لدى الغربيين، هذه السيدة أسهمت في التأثير على وجداني طوال هذه الفترة صورتها في مكتبي إلى جوار زوجتي وأولادي، ومكتبتي عامرة بكل أغانيها.
* محطة المرحلة الثانوية بمدرسة دسوق كانت محطة صعبة شهدت توترات مختلفة عن التي يعيشها الشباب في مثل سني، كان رهاني هو الحصول على درجات عالية بغض النظر عن المواد المختارة، كنت مولعًا بمسائل الكيمياء والميكانيكا والفيزياء، وفي هذه المرحلة بدأ السؤال، كيف تعمل الأشياء؟ وماهية كل شيء؟ وفي هذه المواد حصلت على أعلى الدرجات وأقل الدرجات في اللغة العربية والتاريخ!
* محطة الجامعة كانت بدايتها شجنًا بالنسبة لي كانت فكرة الانتقال من دسوق إلى الإسكندرية - رغم عشقي للإسكندرية - فكرة صعبة على النفس، والأصعب البعد عن الأهل الذين يشكل الارتباط بهم عماد حياتي، ففي الريف تأخذ العلاقات الإنسانية معاني أعمق وأقوى بكثير من تلك في المدينة. كانت صعوبة المحطة أيضًا في الانتقال من بيئة اجتماعية وثقافية إلى بيئة أخرى مغايرة لها تمامًا، والحياة وحيدًا كانت صعوبة أخرى.. أتذكر يوم دخولي الجامعة للمرة الأولى والدموع التي انهمرت على وجنتي فقد كان للجامعي رهبة ومكانة عالية في نفسي، كان أول احتكاك بالجنس الآخر وكان محكًا ليس سهلاً! المجتمع الجامعي وقتها كان نموذجيًا كنا نتلقى محاضراتنا في مكاتب أساتذتنا كان عددنا ليس كبيرًا وكانت العلاقة بالأساتذة مثالية يحيطها الاحترام والتفاهم والمحبة، وفي الجامعة كنت أحصل على مكافأة شهرية لتفوقي. كان مناخًا رائعًا. وتخرجت وعينت معيدًا بمرتب 17 جنيهًا، إضافة إلى جنيهات أربعة للتميز.
* 1967م كان عامًا عصيبًا بالنسبة لي كنت أجري أبحاثي للدراسات العليا وقتها وسط جو من الانكسار النفسي الرهيب، أما الأكثر ألمًا فكان الإحساس بالخديعة. كانت وسائل الإعلام تزف البشري بالنصر ونحن مهزومون، في هذه الفترة ونتيجة حالة الإحباط المرير التي عاشها المصريون هاجر عدد كبير منهم إلى الخارج، وبعد ثمانية أشهر من بداية العمل على الأبحاث حصلت على درجة الماجستير. في هذا الوقت حصلت على منحة لتحضير درجة الدكتوراه من جامعة بنسلفانيا ، ولكن إدارة الجامعة لم توافق على سفري، لأن اللائحة المعمول بها تنص على عدم الموافقة على السفر إلا بعد مرور عامين من حصولي على درجة الماجستير، ومررت بفترة عصيبة جدًا أحاول الخروج من هذا المأزق، حيث إن فرصة السفر والدراسة في أمريكا كانت فرصة مهمة بالنسبة لباحث في مقتبل عمره، وجامعة بنسلفانيا جامعة مرموقة لا توافق على منحة لأي شخص إلا إذا كان متميزًا، وظللت أفكر في وسيلة لحل هذه المعضلة، ونظرًا للجو العلمي الرائع سواء بين الأساتذة والطلاب، أو بين الطلاب وبعضهم بعضًا فقد كان الخروج من المأزق عن طريق توقيع زملائي من المعيدين على طلب بعدم رغبتهم في السفر في الفترة الحالية حتى أتمكن أنا من السفر، وقد كان وبدأت الإعداد للسفر.
* في هذا التوقيت بدأت أفكر في الزواج وهي محطة أخرى تسبب فيها التفكير في سفري، وكرجل ريفي تربى في بيئة محافظة صارت الرغبة ملحة لدي في الزواج وبدأت التفكير في محيطي والقريبين مني عن زوجة مناسبة، وكان اختياري لميرفت، كانت طالبة أقوم بالتدريس لها في الفرقة الثالثة بكلية العلوم، كانت وقورة، جادة، أعجبت بتصرفاتها وأسلوبها، وسريعًا تقدمت لأهلها طالبا الزواج بها، وفي شهور قليلة كنا نركض سويًا لإتمام شيئين في ذات الوقت: الزواج، وإتمام الأوراق اللازمة لسفرنا معًا، لم ننتبه في زحام الانشغال بهذه الإجراءات إلى أننا لم نحصل على فرصة كافية كي يعرف كل منا الآخر قبل الزواج. كان المشهد رومانسيًا في مخيلتي أن أطير بصحبة عروس جديدة، إلى مكان جديد، في تجربة جديدة.
* محطة الخروج من مصر كانت محطة مؤلمة بالنسبة لي، كان الوقت أغسطس 1969م وكان المشهد مؤثرًا جدًا اختلطت فيه الدموع بالخوف من المستقبل بالقلق من الرحلة الطويلة، فقد توقفنا ترانزيت في روما، وباريس، ولندن قبل الوصول إلى أمريكا، ألمي عند الخروج من مصر لم أشعر به من قبل حتى عندما غادرت قريتي إلى الإسكندرية في أول خروج لي من حضن عائلتي، هذه المرة كان شعوري مختلفًا، كأن انقباضًا حادًا اعتصر قلبي، وللآن لم أستطع نسيان شعوري الأول، هذا رغم تعدد الأسفار - فيما بعد- ومازلت غير قادر على وصفه.
* أولى المفاجآت في محطة الوصول إلى أمريكا كانت في مطار فيلادلفيا، حيث هبطنا متصورين أننا سنخرج لنلقى جنات عدن، عبرنا الوجوه الباسمة المرحبة بكل قادم في المطار وغادرنا بوابة الخروج لنفاجأ بأول مشهد وقعت عليه عيوننا في الأرض الأمريكية، مقبرة للسيارات القديمة والمحطمة جراء حوادث طرق أو المباعة كقطع للخردة، هذا المشهد شكل صدمة للهابطين الجدد على الأرض الأمريكية. كان في انتظارنا اثنان من طلاب الدراسات العليا أحدهما أردني والآخر فلسطيني اصطحبانا إلى جامعة بنسلفانيا وهي جامعة خاصة أنشئت عام 1779م وقامت على مبادئ مؤسسها الأول بنجامين فرانكلين بمفهوم ثوري جديد تفتح الباب أمام الطلاب لتعلم العلوم الحديثة على أسس ومبادئ دون النظر لطوائفهم.
* أما ليلتي الأولى فقد كانت غريبة قضيناها أنا وزوجتي في مبنى يشبه الكنيسة ملحق بالجامعة يستخدم كمكتب لرعاية الطلاب الجدد، بطبيعة الحال كان غريبًا على شخص مثلي قضى طفولته في مدينة سيدي إبراهيم الدسوقي، حيث المسجد محور الحياة أن يبيت ليلته في بناية تشبه الكنيسة، المسألة لا علاقة لها بأي شىء سوى العامل النفسي فقط، وربما فكرة الاغتراب في بلد بعيد هي التي فاقمت إحساسي بالمكان وربما المكان استدعى إلى الذاكرة فكرة الغربة، فالمكان بتفاصيله وهيكله وتنظيمه كان غريبًا على إدراكي واعتيادي.
* أن يكون لك مكان مستقل شيء في غاية الروعة لا سيما عندما تكون مغتربًا، وقد شكلت محطة البحث عن مكان يجمعنا معًا أنا وزوجتي محطة مهمة جدًا، ظللنا نبحث عن مكان ملائم بسعر ملائم حتى حصلنا على ما نريد في النهاية واستأجرنا شقة صغيرة من غرفة واحدة في مبنى قديم تملكه سيدة اسمها مسز هيرلي، هذه السيدة كانت تقترب في طباعها من الأمهات المصريات العتيقات اللائي يقدمن اهتمامًا واضحًا للجميع، لم يكن معنا سيولة مالية لتأثيث الشقة ولكن في أمريكا تستطيع بسهولة أن تحصل على ما تريد بالقروض بلا أي شروط صعبة، حصلنا على قرض من الجامعة وأصبح لنا مكان مستقل، وبدأت التركيز على العلم، وكانت أولى الإحباطات التي واجهتها هي الفرق بين المستوى العلمي للخريج الجامعي في أمريكا ونظيره في مصر فرغم تخرجي في مصر بدرجة امتياز إلا أن المستوى العلمي للطلاب في أمريكا كان جديدًا علي، ورغم إحباطي في البداية فقد حاولت اجتياز هذا الإحباط ومحاولة فهم الفروق في الحالتين، وقتها كان المشرف على رسالتي للدكتوراه البروفيسور روبن هوكشتراسر الذي اقترح عليّ أن أعمل على موضوع «ظاهرة ستارك على الجزيئات البيولوجية الكبيرة» وهي باختصار تأثير المجال الكهربي على طيف المادة، ولكنني طلبت منه أن أعمل في موضوع علمي أكثر عمقًا وتحليلاً، وكان لدي شعور دفين بأن الجزيئات البيولوجية كبيرة ومعقدة، وظاهرة ستارك هي ظاهرة للقياس إضافة إلى أن الموضوع برمته لم يكن واضح المعالم في ذهني، ورغم دهشته فقد منحني البروفيسور موضوعًا بحثيا عن «نظام مكونات أكثر دقة» أثارني هذا الموضوع بشدة وخلال شهور قليلة أجريت عددًا من التجارب المعملية وفي 1970م قدمنا ورقة بحثية عن ظاهرة زيمان لنترات الصوديوم، وفي 1971م قدمنا الورقة الثانية عن مشتقات البنزين ونشرت في المجلات العلمية وورقة عن الترايازين، وهكذا بدأت محطة العمل الفعلي الجاد.
الحاجز العلمي بيني وبين الطلاب في أمريكا شكل محطة إحباط لي في البداية وقد حاولت اجتيازه بالقدرة - بمرور الوقت - على التعامل بكفاءة مع الأجهزة العلمية بالغة التعقيد، بعد الاعتياد على التعامل مع إمكانات معملية متواضعة في السابق - في الإسكندرية - كذلك أسلوب ونمط كتابة المقالات العلمية. ففي مصر اعتدنا النمط الإنجليزي في الكتابة سواء في المقالات أو التقارير العلمية أو حتى المقررات الدراسية وأسئلة الاختبارات وفي هذا النظام يكون السؤال: «اكتب ما تعرفه عن فيتامين ب12» وفي هذه الحالة يكون بوسعي كتابة مقال من 6 صفحات عن الطرق المعملية لتحضير فيتامين ب12 ثم خواصه الكيميائية وتأثيره على الأجسام البشرية. أما النظام الأمريكي فالأمر مختلف تمامًا، وكان أول اختبار لي بنظام الأجوبة المتعددة والاختيار من بينها كان للوهلة الأولى امتحانًا طويلاً بالنسبة لي (100)سؤال يحتاج إلى وقت أطول لقراءة كل هذه الأسئلة لم أعتد هذا النمط فكانت درجاتي لا تناظر مرتبة الشرف التي حصلت عليها من كلية العلوم!
* وقررت تخطي هذا الحاجز الذي يحد من انطلاقي وحضرت دروسًا في الفيزياء والكيمياء كمستمع وترددت على مكتبة الجامعة أقرأ وأقرأ الكثير من المراجع العلمية. كان هذا لكي أصبح جاهزًا للدراسة لدرجة الدكتوراه ورغم صعوبة متابعة المحاضر لسرعته الشديدة - وهذا إحباط آخر - في أثناء الشرح ولعدم إتقاني للغة الإنجليزية إلا أنني استطعت في شهور قليلة تخطي هذا الحاجز.
* أما محطة الإحباط التالية فقد كانت الحاجز السياسي الذي تمثل في أنه رغم جو الألفة والوئام اللذين خيما على طبيعة العلاقة بين الجميع، وكان أحد طلاب الدكتوراه من المعادين للعرب وكثيرًا ما كان يخلط بين السياسة والمسائل العلمية، ورغم أنه كان يقدم العون لي أحيانًا في دراساتي فإنه كان لا يتوقع لمصري مثلي أن يتفوق أبدًا، وقد اتخذ من هزيمة 1967م مبررًا لاعتقاده بأن المصريين غير مؤهلين للتعامل مع الأبحاث العلمية، وكان تحامله هذا يجرح شعوري ويؤلمنى. كان يعتقد دائمًا أنني أقل من الطلاب الأوروبيين والأمريكيين، كنت أقول لنفسي: سوف ترى ما أنا فاعل في يوم من الأيام، وبالفعل فذات يوم تقابلنا في أحد المؤتمرات العلمية وتسلمت خلاله جائزة بيترديباي ذات المقام الرفيع وقد جلس هذا الشخص في الصف الأول ضمن المشاركين في الاحتفاء بالمصري في جامعة بنسلفانيا.
* وقد ظلت الحواجز الحياتية والثقافية الأمريكية تشكل محطة يصعب تذليلها أو تجاوزها. في البداية كنت أقول لنفسي «عليك أن تتدبر أمورك دون انتظار معونة من أحد» فالمجتمع الأمريكي لا يقدم لك العون إلا إذا طلبت، وحتى إذا طلبت ليس بالضرورة أن تتلقى المعونة في كل الحالات، نظام الملابس والأزياء نفسه كان مختلفًا وكمعيد في جامعة الإسكندرية اعتدت ارتداء البدلة وربطة العنق. أما في بنسلفانيا فالوضع مختلف الطلبة يذهبون للجامعة بالملابس الجينز البدلة وربطة العنق للمناسبات أو الزيارات الرسمية فقط، والعادات والسلوك المصري عادة مايفهم بطريقة خاطئة، فذات مرة قلت مازحًا لزميل أمريكي ونحن نحتسي القهوة «سوف أقتلك» فتبدل وجه الرجل ولابد أنه قال في داخله هذا الفتى قادم من الشرق الأوسط ولابد أنه سيفعلها، وبدأت أتحسس كلماتي وتصرفاتي مع زملائي من الطلبة الأوروبيين والأمريكيين، والطلبة يتعاملون مع أساتذتهم كمربين فهم يدفعون مبلغًا ضخمًا ليتعلموا فهم يتصورون أن الأساتذة يعملون عندهم فهم يتقاضون رواتبهم مما يدفعه الطلاب من رسوم دراسية.
* سنة 1972م شهدت قدوم أول بناتي ومع أنها محطة سعادة بالغة بالنسبة لي إلا أن الظروف التي أحاطت بميلادها كانت محبطة ومدهشة في الوقت نفسه بالنسبة لي، أما الإحباط فكان لأني لم أستعد سلفًا لمصروفات الولادة فأثناء التسجيل بجامعة بنسلفانيا لم أتبين جيدًا بنودًا خاصة بالتأمين الصحي والحصول على الرعاية الطبية بند ميلاد الأبناء بأجور زهيدة فلم أوقع علىه وكانت تكاليف الولادة وقتها من ألف إلى ألفي دولار ووقتها كان راتبي الشهري 300 دولار ومثلها راتب زوجتي وكانت بالكاد تكفي احتياجاتنا الضرورية، ولكن نظرًا لتفوقي ودرجاتي العلمية العالية وافقت الجامعة على مخاطبة المستشفى التي قامت بكل التدابير اللازمة على أن أسدد ذلك الدين في أقساط شهرية فيما بعد.
* أكتوبر 1973م محطة انتشاء كبيرة بالنسبة لي ففي هذا العام أتممت رسالتي للدكتوراه وكان مشرفًا عليها البروفيسور هوكشتراسر ثم حصلت على علاوة على راتبي ثم منحة ما بعد الدكتوراه وكانت في جامعة بيركلي في الغرب الأمريكي وبعدها بشهرين وفي يوم السادس من أكتوبر على أخبار عبور القوات المصرية لقناة السويس، بالنسبة لمصري مقيم في أمريكا كان النصر مدعاة للفخر والسعادة والشعور بالكرامة، وبالنسبة لي بالذات كان الأمر أكثر من ذلك فليست هناك أي حجة لادعاء أن المصريين أقل من غيرهم في أي شيء، فقد لمست في الفترة السابقة على 1973م عدم تقدير للإضافات العلمية للعلماء العرب بالخارج رغم أهميتها من جانب العلماء والمثقفين.
* انتقلت إلى كاليفورنيا أنا وزوجتي وابنتي في أوائل عام 1974م ولدهشتي وبعد مضي 4 أعوام على حياتي في أمريكا فقد اصطدمت بالحواجز نفسها مرة أخرى: الثقافة والسياسة وكانت جامعة بيركلي جامعة حكومية أنشئت عام 1868م تقابلت مع طلاب ذوي آراء واتجاهات متطرفة وبخاصة تجاه الشرق الأوسط، في البداية كان الأمر أزمة حقيقية داخلي: كيف أتعامل معهم؟ كيف أغير نظرتهم عن الشرق الأوسط؟ وفي النهاية وجدت أفضل الحلول أن نتوقف جميعًا عن الخوض في المناظرات الحارة التي يتشبث فيها كل طرف بمعتقداته دون إعطاء أذن صاغية للآخر، وبمرور الوقت أصبحت أكثر دراية في التعامل مع أمور كهذه، في هذه الفترة تلاشى الحاجز العلمي الذي كان يفصلني عن الباحثين الأمريكيين والأوروبيين.
* 1975م يوم 4 فبراير قطعت الإذاعة المصرية برامجها المعتادة وأخذت تبث تسجيلات لآيات من القرآن الكريم، إذًا قد مات شخص مهم، وبالفعل ماتت سيدة الغناء العربي أم كلثوم، وشيعها أكثر من 4 ملايين مواطن مصري، وكان حزني عليها لا يوصف، كان عميقًا كبيرًا، وفي هذا اليوم ظللت أستمع لأغنية الأطلال مرارًا وتكرارًا.
* ثم عملت بعدها بجامعة كالتك وهي جامعة أمريكية عريقة. في 1976م ضمت الكثيرين ممن حصلوا على جائزة نوبل وقد خصصت لي الجامعة أكثر من 50 ألف دولار كميزانية لإجراء أبحاثي.
* 1979م شهد أحداثًا متضاربة ففيه ولدت ابنتي الثانية أماني، وفيه بدأت رحلة الابتعاد بيني وبين زوجتي وبدأت، أو ربما لنقل أنها ظهرت بشكل جلي الفترة العصيبة بيننا تعرضنا كلانا لضغوط عصيبة، لخلافنا في الطباع والشخصيات، ميرفت إنسانة ممتازة وصادقة لكننا كنا شخصين مختلفين في ثقافتنا وأدائنا وقررنا الانفصال، ثم تم الطلاق في العام نفسه، ولم يكن هذا أمرًا هينًا علي لأنه ببساطة تعارض مع خلفيتي تمامًا فقد وعيت على أبي وأمي متحابين مترابطين طوال 50 عامًا، أما الشيء الذي جرح قلبي بالفعل فكان ابتعادي عن ابنتي رغم أني كنت أقضي معهما عطلات نهاية الأسبوع والأعياد،وفي هذا الوقت كان قراري بتكريس كل وقتي وجهدي لأبحاثي ولعلمي، متجاوزًا تمامًا فكرة الزواج للمرة الثانية.
* 1980م شهد محطة شجن بالنسبة لي فقد ذهبت لزيارة مصر بعد 11 عامًا من الاغتراب عن الوطن ذهبت إلى الإسكندرية ودمنهور ودسوق على التوالي واهتزت مشاعري لرؤية آثار الشيخوخة على أبي وأمي وشعرت بالذنب لعدم زيارتي لهما من قبل، وكمحاولة للتعويض ظللت معهما طوال فترة وجودي في مصر مقتطعًا من الوقت الذي كنت سأقوم فيه بأشياء أخرى، عدت مرة أخرى إلى مصر لعقد مؤتمر بجامعة الإسكندرية عام 1982م وكانت ممتعة للغاية حيث زرت الأقصر وأسوان أيضًا.
* 1987م أول زلزال عاصرته، كانت الساعة الثامنة إلا الثلث صباح أول أكتوبر وخرجت من بيتي مهرولاً بملابس النوم وكان مقياسه 6 درجات كان مرعبًا وكان يجاورني في السكن أستاذ وخبير في الزلازل بنفس الجامعة - كالتك - الذي قال لي: هذا زلزال صغير يمكنك أن تعود إلى شقتك!! وفي هذا العام نفسه توصلت إلى الاكتشاف الذي قادني فيما بعد إلى جائزة نوبل.
* 1988م بدأت الرؤية تصبح أوضح بالنسبة لموضوع الفيمتو ثانية وهو رصد الظواهر الجزئية بمقياس الفيمتو ثانية، وبدأت أحصد الجوائز وتقام حفلات التكريم لي في بقاع شتي من العالم كرائد لهذا العلم الجديد. وفي عام 1989م سافرت في رحلة لتسلم جائزة مؤسسة الملك فيصل في السعودية وكانت هذه الرحلة منعطفًا جديدًا في حياتي، وجائزة الملك فيصل عالمية تمنح لأشخاص من كل دول العالم يحصدها العرب والمسلمون في الأدب والدراسات الإسلامية، بينما تمنح في الطب والعلوم للأمريكيين والأوروبيين واليابانيين وكنت أول عربي يحصل على هذه الجائزة في العلوم. والشهرة التي حققتها هذه الجائزة جاءت من التقيد الصارم والدقيق في اختيار المرشحين والإجراءات التي تضمن أن الفائزين قد تم اختيارهم على أسس سليمة، وكان القدر قد رتب لي لقاء آخر بخلاف الجائزة، فقد كان د.شاكر الفحام قد حصل على الجائزة نفسها في الأدب وكان وزيرًا للتعليم في سوريا وشغل عدة مناصب دبلوماسية بارزة وقد جاء د.الفحام إلى الممكلة بصحبة زوجته وابنته ديمة، والتقيتها ولم أكن أفكر في إعادة تجربة الزواج مرة أخرى منذ انفصالي عن زوجتي الأولى منذ 10 سنوات، كانت ديمة مطلقة بعد زواج دام شهورًا قليلة ولم يكن لديها أطفال، كان ذلك في مارس وبعد عودتها إلى سوريا وعودتي إلى أمريكا ظللنا على اتصال هاتفى حتى تجاوزت فواتير المكالمات التليفونية حجم ميزانيتنا معًا فقررت الذهاب إلى سوريا لزيارة صديقي د.شاكر الفحام (!!) في شهر مايو من العام نفسه، وهناك طلبت الزواج بها وتم الاتفاق والخطوبة في شهر يوليو من نفس العام في ولاية ميتشجان، وتم الزواج في سبتمبر من العام نفسه.. لتبدأ مرحلة جديدة من حياتي، كانت ديمة تحمل درجة الدكتوراه في الطب من جامعة دمشق لكنها قررت ألا تعمل.
* وفي إبريل 1993م ولد ابننا الأول نبيل، كانت المرة الأولى التي يتاح لي أن أكون إلى جوار زوجتي وهي تستقبل مولودها، عندما جاءت مها وأماني لم تكن الفرصة سانحة لكي أكون إلى جوار زوجتي، أما هذه المرة فقد دخلت غرفة العمليات، في البداية كانت التجربة غريبة لم أدر كيفية التصرف في مثل هذا الأمر ماذا أفعل وماذا أقدم، على كل حال لقد جاء نبيل وكنت أول من حمله بعد الطبيب، وبعدها بعام واحد جاء ابننا الثاني هاني، وفي الحقيقة فقد استطعت بمرور الوقت تغيير بعض عاداتي المتعلقة بالعمل والجلوس مع الطفلين بقدر استطاعتي فأتوقف تمامًا عن العمل يوم الأحد.
* 1998م حصلت على جائزة بنجامين فرانكلين التي كان قد حصلت عليها من قبل ماري كوري والأخوان رايت وألبرت أينشتين. في هذا العام زرت مصر وكان استقبالي فيها شيئًا مذهلاً في دمنهور ودسوق والقاهرة. وفي أثناء هذه الرحلة أصدرت مصر طابعًا بريديًا تذكاريًا تكريمًا لي، كما أطلقت اسمي على شارع كبير في مدينة دمنهور وعلى مدرسة ثانوية فيها.
* 1999م في الخامسة والنصف صباح الثاني عشر من أكتوبر رن الهاتف بمنزلي وكان المتحدث السكرتير العام للأكاديمية السويدية د.إيرلنج نوربي يبلغني بفوزي بجائزة نوبل قائلاً: « هذه هي آخر عشرون دقيقة سوف تنعم فيها بالهدوء في حياتك » وبالفعل كان كلام الرجل صحيحًا، وجلسنا أنا وزوجتي وأبنائي نتابع عبر الإنترنت أخبار وتفاصيل منحي الجائزة.
* وفي 2000م جرت مراسم تسليم الجائزة بحضور ملك السويد كارل جوستاف والملكة سلفيا وقد طلبت أن يقدمني السفير المصري، وتعلن باسم زويل العالم المصري بعد أن كانت قد صدرت باسمي كعالم أمريكى.
* أما محطة ما بعد نوبل فقد قررت فيها التركيز على 3 أشياء: أن أظل عالمًا استمر في مشواري العلمي لي وللعالم ولمصر على أن تدخل مصر القرن الـ21 بالعلم والتكنولوجيا وهذا حافظ على جزء كبير من طاقتي، وأن أتمتع بإلقاء المحاضرات العامة وأشعر أن هذا هو الأمل القادم العمل في كل أنحاء العالم شيء رائع، وألا أنسى - تطبيقًا لمقولة والدي - أن أستمتع بحياتي وبالعلاقات الإنسانية مع جميع البشر.
* محطة مهمة شغلتني طويلاً هي مفهوم النهضة وقد وجدت لذلك تعبيرًا هو ثلاثية النهضة راقني كثيرًا وهذه الثلاثية تتلخص في: تقدم سياسي، واقتصادي، وثقافي، كما شغلني مفهوم الديمقراطية واستهلاك الاسم بحيث أصبح لا يعني شيئًا بالنسبة للكثيرين. بالنسبة لي أهم تعريفات الديمقراطية: حرية الفكر والرأي والإبداع وهي ركائز وشروط المجتمع المنتج التي تعطيه النشاط.
* محطة البحث العلمي تبدأ عندي من خروج المجتمعات من عصور الظلمات ورؤية أهمية العلم في الرقي بالمجتمع، ومن ثم هو الذي يقوم بتمويل البحث العلمي بعد ذلك. البداية أن تكون لدى الشعوب إرادة قوية ووعي للدور الأساسي للتطور العلمي. في الصين مثلاً كمية الأبحاث والدراسات العلمية والتكنولوجية طوال السنوات الخمس الماضية مذهلة، أصبح لديهم قناعة بأن التطور العلمي والتكنولوجيا هما محطة الانطلاق إلى العالمية.
* عام 2005م شهد تدشين مؤسسة زويل للعلوم والمعرفة، إضافة إلى الجائزة السنوية التي تقدمها الجامعة الأمريكية باسمي في العلوم، وجائزة الإبداع السنوية في دار الأوبرا.
* محطتي العلمية القادمة هي بحث عن مرض الزهايمر مرض العصر.
المصدر : مجلة المعرفة العدد119
./ حازم فلاح هاشم سكيك
استاذ مشارك في الفيزياء
جامعة الأزهر-غزة
المعلومات الشخصية
الاسم حازم فلاح هاشم سكيك
تاريخ الميلاد 18 سبتمبر 1965
مكان الميلاد غـــــزة
الحالة الإجتماعية متزوج (3 أولاد + بنت)
العنوان جامعة الأزهر - غزة
ص ب 1277
تلفون:2824020-08
فاكس:2823180-08
البريد الإلكتروني skhazem@hally.net
المراحل الدراسية
مرحلة البكلوريس بكالوريس علوم تخصص فيزياء رياضيات من جامعة الإمارات العربية المتحدة في عام 1987
مرحلة الماجستير ماجستير في الإلكترومات الضوئية وأنظمة المعلومات الضوئية من جامعة كوين في بلفاست - إيرلندا الشمالية - بريطانيا في عام 1988
مرحلة الدكتوراة دكتوراة في الفيزياء من جامعة كوين في بلفاست - إيرلندا الشمالية - بريطانيا في عام 1991
الخبرات العملية
1989 العمل في مركز أبحاث الشركة البريطانية للكهرباء في مشروع تخرج رسالة الماجستير تحت عنوان استخدام الليزر في المسح الضوئي
1990/1989 معيداً في مختبر الفيزياء لطلبة مرحة الـمستوي O-level
1991/1990 معيداً في مختبرات الفيزياء لطلبة مرحلة الماجستير
1992/1991 باحثاً في قسم الفيزياء بجامعة كوين للاشراف على مشاريع المتعلقة بموضوع برسالة الدكتوراة
1993 محاضراً في قسم الفيزياء بجامعة الأزهر-غزة وحتى الآن
1994 مدرباً لبرامج ميكروسوفت للكمبيوتر وحتى الآن
مهام مناصب إدارية
1998-1993 رئيساً لقسم الفيزياء عملت خلال تلك الفترة على افتتاح تخصص الفيزياء حاسوب والحصول على منحتين لتطوير مختبرات قسم الفيزياء
1998-1994 مدير مركز الحاسوب بالجامعة بعد الحصول على منحة لإنشاء أول مختبر للحاسوب بالجامعة
1995 رئيس تحرير مجلة العلوم والمعرفة والتي صدر منها 4 اعداد
1996 تأسيس برامج الدبلوم المسائية بالجامعة
2000-1998 عميداً للقبول ولتسجيل بالجامعة عملت خلالها على حوسبة كافة الأعمال المتعلقة بلقبول والتسجيل مما رفع من مستوى الخدمات للطالب والجامعة
2001 حتى الأن عميداً لكلية الدراسات المتوسطة (برامج الدبلوم)
2001 حتى الأن رئيس وحدة تكنولوجيا المعلومات
2002 حتى الأن رئيس جمعية الإنترنت الفلسطينية
محمد النشائي .. عالم عربي
في الطريق لجائزة نوبل في الفيزياء
حياته .. رحلة طويلة مليئة بالنجاحات والإنجازات ، والعقبات أيضاً . فمن مصر حيث نشأ إلى قمة مؤسسة سولفاى للطبيعة ببلجيكا ، اجتاز آلاف الأميال . ارتبطت حياته بتاريخ بلده .. مصر ، فبعد قيام ثورة يوليو تبدلت أحوال عائلته ، حيث تقاعد والده من عمله كضابط بالجيش ، وقررت أمه أن تصطحب أخيه الأكبر في سفره لدولة الكويت ، وهنا ارتأى والده ضرورة سفر أبنه ذو الخمسة عشر عاماً لألمانيا كي يستكمل تعليمه هناك. وكان قرار والده المفاجئ على غير رغبة منه ، ولم يكن هذا هو الشيء الوحيد الذي فعله عالمنا الشهير الدكتور محمد النشائي ، على غير رغبته ، فقد أصر والده أيضاً على أن يلتحق أبنه بكلية الهندسة ، في وقت كان هو نفسه يرى مستقبله مستقبل فنان.
مهندس رغم أنفه
وفى لمحة تبرز مدى ما يتمتع به عالمنا الجليل من تواضع جم ، يتذكر هذه الأحداث وهو يقول إن والده كان لا يمل أن يردد عليه عبارة : " إما أن تصبح مهندساً أو أن تصبح حماراً ، وبخفة دمه الملحوظة يقول ولأني لا أريد أن أكون حماراً ، التحقت بكلية الهندسة ، فقد كان أبى على قناعة كاملة بأن الفن والأدب ليسا إلا هواية ، ولا ينبغي لهما أن يكونا أكثر من ذلك.
ومرة أخرى يجبره والده على التخلي عن دراسة الهندسة المعمارية التي رأى فيها عوضاً عما فاته في دراسة الفن والأدب ، طالباً منه أن يدرس الهندسة المدنية .
درس النشائى الهندسة المدنية دون حماس ، وبعد تخرجه من جامعة هانوفر الألمانية في عام 1968 ، عمل قرابة ثلاث سنوات في بعض الشركات العاملة في مجال تصميم الشوارع والكباري إلى أن جاء يوم تحدث إليه أستاذه ناصحاً باستكماله لدراسته الأكاديمية ، على أن يكون ذلك في أمريكا، واستجاب النشائى ، إلا أنه قرر الذهاب لإنجلترا بدلاً من أمريكا ، وهناك حول مساره من دراسة الهندسة الإنشائية لدراسة الميكانيكا التطبيقية. وقد غاص في هذا العلم باحثاً عن الأسس التي قام عليها ، لينال درجة الماجستير والدكتوراه في هذا التخصص من جامعة لندن .
الفوضى تقوده إلى جائزة نوبل
عمل النشائي محاضراً في جامعة لندن بعد حصوله منها على درجة الدكتوراه لمدة سنتين ، سافر بعدها للمملكة العربية السعودية ليعمل مدرساً في جامعة الرياض ، ومديراً عاماً للمشاريع بالمركز الوطني للعلوم والتكنولوجيا لمدة أربع سنوات، تمكن خلالها من الحصول علي درجة الأستاذية ، ومن هناك سافر إلي أمريكا ليلتحق بالعمل في معامل لاس آلاموس، وكانت هذه بداية الخروج من محيط الهندسة ، حيث بدأ في الاهتمام بالعلوم النووية... وفى هذه الأثناء ، ظهر علم جديد يطلق عليه "الشواش" أو الفوضى ، وهو علم يدرس في القواعد الرياضية والتطبيقات الفيزيائية للنماذج العشوائية .
وجد النشائي نفسه مشدوداً إلى العلم الجديد ، وقرر أن يدرسه قبل أن يلتحق بجامعة نيومكسيكو للعمل كأستاذ فوق العادة لمدة عامين ، عمل بعدها بجامعة كورنيل كأستاذ بقسم علوم الفضاء والطيران .تخصص النشائى في دراسة علم " الفوضى المحددة " ، وفى هذه الفترة تقابل مع العالم البريطانى السير هيرمان الذي قدم له الفرصة ليلتحق بجامعة كمبريدج البريطانية العريقة . ولم يكن تعيينه في كمبريدج أمر سهل ، حيث قابل صعوبات عديدة خاصة وأن تخصصه الأساسي كان الهندسة ،، وأكثر من 99 % من المشتغلين معه في القسم من علماء الطبيعة مما جعله يشعر بالغربة .
ولكن تحت إصراره ورغبته في ألا يخذل الرجل الذي عينه بالقسم على الرغم من أنه مسلم ومصري وأسمه محمد ، بدأ في الإطلاع على ما يتم من حوله ، حيث كان أكثر من 100 عالم يشتغلون علي ما يسمي نظرية ( الأوتار الفائقة) وهى نظرية تهدف إلى توحيد نظرية النسبية مع نظرية الكم على مستوى علم الميكانيكا والذرة. وكانت المفاجأة أن دراسته للهندسة وعلم الفوضى قد أفادوه كثيرا في هذا المجال المعروف الآن بفيزياء الجسيمات عالية الطاقة .
وهناك نجح النشائى في أن يحفر لاسمه بأحرف من ذهب ، حيث استطاع بعد قيامه بالعديد من التجارب والأبحاث تصحيح بعض الأخطاء والمفاهيم العلمية التي حوتها نظرية النسبية العامة لآينشتاين ، ودمج نظريته الشهيرة مع نظرية الكم في نظرية واحدة ، أطلق عليها نظرية " القوى الأساسية الموحدة " .
وظل النشائى يعمل كأستاذ بقسم الرياضيات والطبيعة النظرية بجامعة كمبريدج ببريطانيا لمدة 11 عاماً ، نجح خلالها في تأسيس أول مجلة علمية في العلوم غير الخطية وتطبيقات العلوم النووية ، وتصدر هذه المجلة في ثلاث دول هي أمريكا وإنجلترا وهولندا.
علم الفوضى ( الشواش ) فى سطور
ظهرت كلمة " الشواش" Chaos فى عام 700 ق م ، وكان الشاعر الإغريقي هسيود أول من أطلقها في قوله: "في البدء كان الشواش، لا شيء سوى الخلاء والهيولى والفراغ غير المحدود ، حيث أضحى استخدام الكلمة للتعبير عن خاصية للفوضى غير المرغوبة. ويعرَّف "الشواش" فى المعاجم اللغوية على أنه الاضطراب أو الاهتياج . أما المراجع العلمية فتعرف الشواشُ على أنه مرادف للعشوائية randomness غير المرغوبة. وقد عبَّر المؤرخ والكاتب الأمريكي هنري أدامز (1918-1858) عن المعنى العلمي للشواش بشكل بليغ في قوله: "الشواش غالبًا ما يولِّد الحياة، بينما النظام order يولِّد العادة."
وكان العلماء قد رصدوا ظواهر علمية كثيرة تُحدِث نتائج كبيرة غير متوقعة ، وذلك على الرغم من صغرها مثلاُ ، بحيث إن التوقُّع (أو التنبؤ) بحدِّ ذاته بنتائج سلوكها يصبح بلا فائدة. مثال ذلك كرات البلياردو التى لا نستطيع التنبؤ الدقيق باتجاهاتها عندما تصطدم ثلاث منها.
وفى الطبيعة كثير من الأمثلة ، وعلى سبيل المثال ، في العام 1889 أنشأ ملك النروِج جائزة للإجابة على تساؤل هام ، وهو: هل المنظومة الشمسية مستقرة أم لا ؟
وقدَّم بوانكاريه الحل وفاز بالجائزة. لكن زميلاً له اكتشف بعض الخطأ فى الحسابات؛ وهو ما دفع القائمون على الجائزة منح بوانكاريه مهلة ستة أشهر كي يعالج المسألة حتى يصبح من حقه الاحتفاظ بالجائزة. ولكنه لم يوفق للحل، وإنما توصل لنتائج قلبت النظرة المقبولة عن الكون الحتمي الخالص الذى تقود إليه نظريات نيوتن الرياضية . وأفاد بوانكاريه في بحثه أن قوانين نيوتن لا تقدِّم أيَّ حلٍّ للتنبؤ بحركات الشمس والأرض والقمر، ووجد أن اختلافات طفيفة فى حركة هذه الأجرام فى مساراتها تُحدِثُ تباينات هائلة بالظواهر النهائية وتتحدى اية تنبؤات.
استفاد إدوارد لورنتس Edward Lorenz من رياضيات بوانكاريه فى تقديم نموذج رياضيّ مبسط لمنظومة الطقس، تمكن من خلاله الكشف عن نِسَب التغير في درجة الحرارة وسرعة الرياح. وقد أظهرت هذه النتائج سلوكًا معقدًا ناجمًا عن المعادلات البسيطة ؛ وهو ما يشير إليه المضمون النهائى لنظرية الشواش ، وهو أن المقدمات البسيطة قد تقود إلى سلوك معقد. . كما أجرى إيليا بريغوجين بحوثًا إضافية ، وقادته بحوثُه لطرح مفهومي "التوازن" equilibrium والـ"بُعد عن التوازن" far-from-equilibrium كي يصف حالة النظام ، كاشفاً عن شروط البعد عن التوازن التي تقود لسلوك معاكس للسلوك الذي يتوقعه التفسير العلمى المألوف ، وقد وجد أن ظواهر التشعب والتنظيم الذاتي تنشأ عن المنظومات المتوازنة عندما تخضع للاضطراب . وقد كانت هذه الدراسات الخطوة التي قادته لنظرية التعقيد/الشواش ، والتى تظهر كيف يولد النظام من الفوضى (الشواش) في المنظومات الحرارية والكيميائية، وكذلك في المنظومات الحية.
وقد نال إيليا بريجوجين Ilya Prigogin على جائزة نوبل في الكيمياء فى عام 1977 . ويعد بريجوجين رائد علم الإنتروبيا entropy التى تدرس فى المنظومات المفتوحة، والتى تعنى بتبادل المادة والطاقة والمعلومات بين هذه المنظومات وبيئتها. وقد استخدم بريجوجين مفهوم "البُنى المبدِّدة" dissipative structures لكي يبيِّن احتمالية نشأة البني المعقدة عن البني الأبسط وأن النظام ينبثق عن الشواش ( الفوضى ) .
وأخيراً ، نستطيع أن نقول إنه لم تكن نظرية " الشواش " قانونًا، كما هي الحال في علوم الديناميكا الحرارية أو الفيزياء الكمومية، لكنها مكَّنتْ الباحثين من تحليل الأفعال والأنظمة المتداخلة .
ثورة جديدة في علم الطبيعة
للنشائي عدد ضخم من الأبحاث المنشورة في مجلات علمية دولية لها تطبيقات هامة في مجالات الفيزياء النووية وفيزياء الجسميات ، وقد أوردت الجمعية الأميركية للرياضيات أكثر من مائة بحث من أبحاثه في حين أن متوسط عدد الأبحاث التي أوردتها نفس المجلة لأي من العلماء المتخصصين لا يزيد على العشرين بحثاً ، وهو ما دفع علماء نالوا جائزة نوبل في الفيزياء لترشيحه أكثر من مرة لنيل نفس الجائزة.
وقد أحدثت أبحاث النشائى ثورة في مجالات العلوم بما فيها العلوم الذرية وعلوم النانوتكنولوجي التي تدرس في المنطقة المحصورة ما بين العلوم الذرية والعلوم الكيميائية، كما استخدمت وكالة الفضاء الأميركية " ناسا " أبحاثه في بعض تطبيقاتها.ومؤخراً ، قام مركز الفيزياء النظرية التابع لجامعة فرانكفورت الألمانية والذي يعد أكبر وأشهر مراكز الأبحاث الطبيعية في أوربا بتكريمه كأستاذ متميز لدوره في تطوير نظرية يطلق عليها اصطلاحيا " الزمكان كسر كانتورى " نسبة إلى العالم الألماني جورج كانتورى .
وقد أتاحت هذه النظرية للنشائي تحديد قيم الثوابت الطبيعية في الكون مثل ثابت الجذب العام ، وكذلك ثابت الكهرومغناطيسة . وتأتى نظرية النشائى في محاولة لتوحيد قوى الطبيعة جميعها في قانون واحد ، وهو ما يعد تعميماً لنظرية النسبية لآلبرت آينشتاين.
وتكشف نظرية النشائى النقاب عن أن هناك قوة واحدة تشمل القوى الأربع الأساسية المعروفة في الطبيعة ، وهى قوى الجاذبية والقوى الكهربية والقوى المغناطيسية بالإضافة إلى القوى النووية.
وقد استغرق عمل النشائى في هذه النظرية 15 عاماً ، ولكنه لم ينته منها ويقوم بنشرها إلا من 4 سنوات فقط .
كما تم تكريمه في جامعة حيدر أباد بالهند، ورشحه أستاذه الراحل الدكتور آليان بوكوجيه لجائزة نوبل مرتين ، كما كرمته مصر بمنحه جائزة الدولة التقديرية .
ويعمل العالم الشهير محمد صلاح النشائى الآن أستاذاً بمؤسسة سولفاى للطبيعة والكيمياء بجامعة بروكسل الحرة ببلجيكا ، وأستاذاً زائراً في ست من جامعات العالم ، بينهما جامعتا القاهرة والمنصورة في مصر .
عالم بأحاسيس فنان
يصف النشائي نفسه بأنه يمتلك روحين يسكنان جسداً واحداً ، روح أدبية فلسفية وروح هندسية علمية ، فعلى الرغم من حبه لعلم الطبيعة منذ الصغر ، فقد نشأ أيضاً محباً للفن والأدب بجميع أشكالهما ، حيث دأب على قراءة كتب الفلسفة ، والرسم بالزيت ، والاستماع إلى الموسيقى .
يتحدث النشائى العربية بطلاقة ، ويكتب الشعر ، ويهوى القراءة ، ومن كتابه المفضلين المعرى والعقاد وطه حسين وتوفيق الحكيم ، كما أنه يعشق مسرح العبث ورواده يونسكو وبيكت. كانت أمنيته أن يصبح مخرجاً سينمائياً أو كاتباً مسرحياً . وربما هذا ما دفعه إلى الإعلان عن قراره ورغبته الشديدة التفرغ للكتابة في المستقبل القريب ... وكما يقول الكتابة فقط وبالعربية .
وللنشائي عدد من المؤلفات العلمية في مجالات تخصصه جميعها مكتوبة بالإنجليزية. . وبالإضافة إلى ما سبق ، يعشق الدكتور النشائى الرياضة ، وبالتحديد هواية التزحلق على الجليد ، لذا فهو يحرص على الذهاب لألمانيا في كل عام لممارستها .
عائلة .. علمية جداً
الدكتور النشائى متزوج ، ولديه ابنتان ، الأولى شيرين وتدرس العمارة بجامعة ليدز البريطانية ، أما الثانية فهي سونيا ، وقد تخصصت في دراسة الطب البيطري . ، كما أن له أخوين في الحقل العلمي هما الدكتور عمر النشائى مدير معهد الزلازل بالولايات المتحدة الأمريكية ، وسعيد النشائى العالم الشهير في الهندسة الكيميائية بجامعة آلاباما الأمريكية .
وعلى الرغم من طيلة الغربة ، مازال عالمنا الجليل متمسكاً بتقاليد الإسلام وانتمائه لوطنه الذي نشأ فيه ، فهو صاحب نظرة صوفية في الحياة ، ويعتبر التقدم الحقيقي هو تقدم الإنسان وليس التقدم التكنولوجي.
ومن أراءه : " العلم بدون حكمة مثل عضلات بدون مخ ، فهو يحط من شأن الإنسانية " .
والعلاج في تقديره هو أن يسير الأدب والدين بجوار العلم جنبا إلي جنب . وكثيراً ما كان يخشى أن يكبر أولاده في بيئة تعترف بالإباحية . وفى هذا الإطار يعترف بأن انتقاله من الولايات المتحدة الأمريكية لأوربا بعد أن قضى عدة سنوات بأكبر جامعاتها جاء رغبة منه . وكما يقول : "على الرغم من تميز الشعب الأمريكي بالطيبة ، وبأنهم أقل عنجهية من شعوب أوروبا التي تفتخر بعراقتها ، وبأنهم يتقبلون الأجانب بروح مفتوحة عن أوروبا ... فإنهم يختلفون عنهم في نفس الوقت بالتربية الإباحية لأولادهم . ولقد كان قرار العودة إلي أوروبا علي أن تكون محطة لعودتنا مرة أخري إلي مصر" . فهو كما يقول عن نفسه يشعر بأنه بلا معني في أوروبا ، فقد غرس فيه أباه الحس الوطني منذ أن كان صبياً .
بتصرف عن : شبكة المعلومات العربية - محيط
تكريم عالمي في الصين للدكتور محمد النشائي
رئيس جامعة شانغهاي:
نيوتن، أينشتين، النشائي.. غيروا مسار الإنسانية
رسالة الصين: جمال الغيطاني
د. النشائي يتسلم شهادة تقدير
من رئيس جامعة شانغهاي
خلال يومي 20 و 21 ديسمبر الماضي، عقد في جامعة دونجاهاو بشانغهاي مؤتمر عالمي، لتكريم العالم المصري محمد النشائي، اشترك الاتحاد الاوروبي في تنظيم المؤتمر الذي حضره اكثر من خمسمائة عالم ينتمون إلي جنسيات مختلفة، وألقي فيه اكثر من الف بحث علمي.
الجلسة الافتتاحية عقدت بفندق جالاكسي الضخم، وفي مدخل الفندق والشوارع المؤدية علقت لافتات ضخمة كتب عليها ما نصه:
مؤتمر الديناميكا اللا خطية تكريما للعالم المصري الجليل الاستاذ الدكتور محمد النشائي لبلوغه الستين عاما.
العبارة كتبت بثلاث لغات، الصينية والانجليزية والعربية، وحملت اللافتات صورة محمد النشائي، ولوحة للفنان الالماني ايشر الذي يستشهد النشائي به في التدليل علي صحة نظرياته الخاصة بوحدة القوي في الكون، البروفيسور زهانج منج جاو، منسق عام الاحتفال كتب تصورا شعريا للاحتفال قال فيه:
أحداث عظيمة مرت في المائة عام الماضية مرتين.
الهزة العنيفة لنظرية نيوتن والتي رويت لي.
استبدال نظرة الانسان بنظرة الله، أصابت البعض بالفزع منحنا البرت (اينشتين) عالما ذا أربعة أبعاد دون سقوط تفاحة.
فقط انحناء الزمان الفضائي.
اختلاف الوقت، باختلاف المجال المحيط، وقبض الجاذبية
المكان عند النشائي أصبح مشهدا مجزأ.
اختلاف كبير واضح حول الزمن الفضائي
الآن يسبر اغوار العالم بميزان الكم، ويكتشف تسع وستين ذرة جديدة برهان اختباري، وفاعلية ديناميكية لا حدود لها ونشائي غير قابل للمقارنة
ربما تبدو تلك الاشعار غامضة، غير اننا نجد تفسيرها في المقدمة التي كتبها البروفيسور جاو للاحتفالية.
وفيما يلي نصها:
ما وراء الزمان والمكان
يقول الدكتور جاو
عام 2005 ليس عاما مميزا فحسب بل أنه فريد من نوعه، فهو العام العالمي للفيزياء ويتزامن مع العيد ميلاد ال 60 لواحد من أعظم علماء العالم بأسره.
ان عظمة الاكتشافات العلمية تقاس بقدر ما تسهم به من جديد للمعرفة الانسانية وخاصة تلك التي تغير من نظرة الانسان للكون. فقد استطاع ألبرت اينشتين دمج الزمان والمكان في نظرية النسبية ذات أبعاد أربعة مماثلة وتعرف 'بالزمكان' أو 'زمان مكان'. وأثبتت نظريته أن تفسير الظواهر الطبيعية تحتم دمج الزمانا والمكانا وبعده بقرن اكتشف العالم محمد النشائي زمان مكان لا نهائيين في نظريته 'الأبعاد اللا نهائية'، والتي يمكن تسميتها بنظريةالزمان اللانهائي الكانتوري وهي ذات أبعاد لانهائية.
وقد قام نيوتن منذ ما يقرب من ثلاثة قرون باكتشاف قانون الجاذبية العام ذي أبعاد ثلاثة متماثلة وحول تصور الانسان إلي أن العالم مكون من نوعين من الأبعاد وهي ثلاثة أبعاد للمكان وبعد الزمان المنفصل عنهم. وهذا عكس ما قام به اينشتين حيث الزمان والمكان ملتصقان.
وبعد ثلاثة قرون قام محمد صلاح الدين النشائي باكتشاف جديد، وهو أن الزمان مختلف عما هو عليه في نظرية اينشتين، فقد اعتبر ان المسار في الزمان مكان ممكن تقسيمه إلي أجزاء متساوية وصغيرة ثم كل جزء يقسم إلي أجزاء أصغر حتي يصل إلي نقطة متجاورة ثم تقسم النقطة إلي ما لانهاية من النقاط الأصغر، وبذلك اكتشف زمان المكان الفركتالي المتصل بنظرية الشوشرة والفوضي.
فعالم نيوتن ذو الأبعاد الثلاثة موجود من مائتين عاما وعالم اينشتين ذو الأبعاد الأربع موجود منذ مائة عام، أما نور القرن الجديد فقد سطع بنظرية محمد النشائي ذات الأبعاد اللا نهائية لزمان المكان وبذلك تكون تعميما شاملا وساحقا لما اكتشفه اينشتين في نظرية النسبية فقد حقق النشائي حلم اينشتين 'المسمي بنظرية المجال الموحد'.
فعالم نيوتن عالم تحكمه نظرية إلهية، فالكون يبدو مماثل لكل مراقب اينما كان وعالم اينشتاين تحكمه نظرة الانسان للعالم فلذا نجده نسبيا وفقا لما تراه وأنا أراه.
أما عالم النشائي فهو يختلف كثيرا عن المكان الذي ندركه بحواسنا ففي كون النشائي نجد أن الزمان مكان متصل لو نظرت إليه من بعد كبير، أما اذا نظرت إليه عن قرب تجده متقطعا ومتفقا مع نظرية الكم، وبذلك وحد نظرية النسبية ونظرية الكم النووية.
علي الرغم من النجاح العظيم لنظرية الأوتار الفائقة في القرن الماضي إلا انه يمكن أن نقول أنها غير كاملة وسنجد أن نظرية النشائي مستخدما فيها الديناميكا اللاخطية ونظرية المتعقدات قد غيرت من مفهوم الانسان للكون بصورة جذرية ونجح النشائي في بناء جسر بين فيزياء الطاقات العليا والديناميكا غير الخطية وعلم الشوشرة ونظرية المتعقدات من ناحية أخري وهندسة الشوشرة هي التي تسمي الهندسة الفركتالية.
وسيرا علي نهج النشائي نجتمع في شنغهاي بالصين في 21 25 ديسمبر 2005 لتكريم أعظم عالم للقرن الواحد وعشرين بعد نيوتن واينشتين لنشارك في إنجازه العظيم، وما يجدر بنا الإشارة إليه أنه أول مرة يقام مؤتمر لتكريم عالم عربي في الصين، فعلماء الصين يكنون لهذا العالم حبا وإعجابا لانهائيين لنفسه ولعلمه. ونأمل أن يتوطد التعاون بين كل من الصين والشرق الأوسط لتحقيق آمال أمتين عظيمتين.
والآن نتكاتف حول العالم العربي محمد صلاح الدين النشائي العظيم لنسمع قصة حياته الخاصة والعامة وليعرفنا علي زمانه الجميل ولنعرف ما هو الزمان والمكان. فالنشائي يتوقع وجود 69 جسيما نوويا بدلا من 60، وبذلك يكون هناك 9 جسيمات أولية نووية مفقودة تنتظر الاكتشاف في المعمل. ولنعرف المزيد عن هذه الجسيمات دعونا نجتمع في ديسمبر 2005 في مؤتمره.
وكما توقعت من قبل فإن التجربة المعملية ستؤكد صحة نظريته مما سيؤدي إلي أن ينال جائزة نوبل وبذلك يكون قد تحقق نصر عظيم للعلوم غير الخطية ونظرية المتعقدات والشوشرة بالإضافة إلي النجاح الشخصي لهذا العالم العربي المصري الوطني الجليل.
* * *
بين العرب الذين شاركوا في الاحتفالية د. فتحي صالح رئيس مركز توثيق التراث التابع لمكتبة اسكندرية، والدكتورة هالة بركات الباحثة بالمركز، والدكتور كمال قنديل عميد كلية العلوم بالاسكندرية، والدكتور أدهم مدرس الفيزياء بجامعة المنصورة. قنصل عام مصر خالد عبد الرحمن في شانغهاي كان حاضرا طوال الاحتفالية وأقام مأدبة عشاء تكريما للنشائي.
من السعودية جاء صالح بن عبدالرحمن العذل وزير البحث العلمي بالمملكة العربية السعودية، والدكتور محمد السجئيل وزير الاتصالات السابق بالمملكة العربية السعودية، والدكتور دهمان (سوري) ويعمل باحثا في مدينة الملك عبدالعزيز العلمية بالرياض والتي أسهم الدكتور محمد النشائي في تأسيسها، العلماء المشاركون والذين تجاوز عددهم خمسمائة ينتمون إلي اثنتين وعشرين جنسية.
وهب نفسه للرياضيات والفيزياء
ستيفن هوكينج راوي قصة الزمن
بيد أن رغبة هذا الشباب الجامحة، كانت تدور في فلك آخر، فعقله لا يفكر جدياً إلا بما يدور في الفضاء، إذ لم تزل تلك الرغبة المكبوتة متغلغلة في كيانه منذ الطفولة، وفي خضم هذه الأحوال لم يكن جسد هوكينج ليعينه على المضي قدماً في تحقيق حلمه القديم، ففي العام ،1963 أطلعه الأطباء على حقيقة مريرة مفادها أنه مصاب بمرض التصلب الجانبي الضموري أو مرض (شاركوت) وهو مرض تصاب فيه الأعصاب المتحكمة بالعضلات بالتلف، والضمور، وأن فرص الحياة أمامه ليست كثيرة، بل لا تكاد تزيد على السنتين، ويبدو أن الشلل الذي أصاب أعضاءه لم يؤثر في عقله المستنير، ولذا فقط شعر بأنه لا بد أن يحقق حلمه الذي طالما راوده منذ نعومة أظفاره.
عكف هوكينج على دراسة الرياضيات والفيزياء وبدأ بتحضير أطروحة في علم الكونيات في جامعة كامبريدج، ليثبت بحق أن عقله لم يزل يتوقد شرارة وعبقرية وحياة، كيف لا وهو صاحب اشهر كتاب في القرن العشرين “تاريخ موجز للزمن”.
ومن الواضح ان هوكينج لم يتغلب على مرضه، لكن المرض ذاته لم يفت عضده ولم يهزم عزمه، ولذا فقد وضع في رأسه فكرة ثابتة تتمثل في أنه طالما كان قلبه ينبض بالحياة وعقله يتوقد بالذكاء، فلا بد أن يعيش لأنَّ ذلك يستحق الحياة، وبالفعل ها هو ستيفن هوكينج ما زال على قيد الحياة وجاوز الستين ولديه من الأولاد ثلاثة وحفيد واحد.
وفي تلك الفترة قابل هوكينج زوجته الأولى جان وايلد التي أنجب منها أولاده الثلاثة، والتي استطاع بفضل مساعدتها الحصول على درجة الدكتوراه والعمل كباحث في جامعة كامبريدج، إلا أن هذا الزواج الطويل لم يستمر، بل اضطر هوكينج إلى تطليق زوجته وايلد والتزوج بإيلايان مازوف إحدى ممرضاته.
وعلى الرغم من أن المرض أقعده عن الحركة وحبس لسانه عن الكلام وتركه في صمت مطبق، إلا أنه استطاع الخروج من هذه القوقعة باللجوء إلى حلمه الطفولي الذي شجعه ودفعه نحو تحقيق ذاته، وبالفعل خرج من هذه المرحلة بكتاب عنوانه “الكون في قوقعة جوز” حيث غاص في أعماق الفضاء وعاد فيه إلى “هاملت” في مسرحية شكسبير وبَيّن كيف كان ذلك الشاب الثائر يصرخ بأعلى صوته قائلاً: “إن كنت محصوراً في قوقعة صغيرة، فأنا أنظر إلى نفسي وكأنني سيد عالم لا حدود له”. وانطلاقاً من هذه الرحلة الذاتية في أعماق النفس والكون، استطاع هوكينج أن يصل إلى بعض الحقائق: كتلك التي تقول إن نسبية اينشتاين تولِّد بالضرورة مفردات (أجساماً لا أبعاد لها وذات كثافة غير محدودة) كالثقوب السود حيث نجد أن الجاذبية فيها تعمل على تشويه أو تغيير معالم حيز (المكان الزمن) إلى درجة يصعب معها التعرف إليه، أو كالحقيقة الأخرى التي تقول إن الثقوب السود ليست سوداء على الإطلاق، بل إنها تبث اشعاعات ضعيفة تسمى “إشعاعات هوكينج” وهكذا نجد أن الرجل عثر في خضم معركته الشرسة ضد المرض، على قوة خارقة جعلته يكمل مسيرة حياته ويتناول قضية خطيرة ومعقدة، كقضية الكون وذلك بمنطق لا يخلو من الغرابة والإبداع. وفي ذلك يقول عنه تيبدو دامور المتخصص في الفيزياء النظرية ونظريات أينشتاين في المعهد العلمي للدراسات العليا في جامعة كامبريدج، وهو المعروف بصرامة أحكامه الخاصة بالعلماء: “كل من يقترب من ستيفن يشعر بأنه مأخوذ نحو شخصيته الجذابة التي لا تدع للشخص فرصة للفرار من كاريزميتها”.
فلسفته العلمية
أصبح ستيفن هوكينج يحمل لقب استاذ الكرسي اللوكاسي لمادة الرياضيات في جامعة كامبريدج منذ العام ،1979 والمعروف أن هذا اللقب يعود إلى هنري لوكاسي الذي أسس هذه الدرجة في العام 1663. وكان نيوتن قد شغل هذا المنصب قبل 3 قرون أيضاً. ومثل كل الفيزيائيين، يسعى ستيفن هوكينج إلى العثور على نظرية مُوّحدة لكل شيء (لكل القوى في الطبيعة) أي أنها تجمع بشكل خاص بين جاذبية أينشتاين وفيزياء الكم وهو ما سعى إليه أينشتاين نفسه طوال حياته.
وأكثر ما يحاول هوكينج أن يثبته، هو أن الكون قد نشأ من العدم، بل ظهر بشكل طبيعي (تلقائي) ودون وجود أية ظروف أولية محددة.
وعلى الرغم من أن الفيزيائيين يرون ان المعادلات الرياضية التي يستند عليها ستيفن في نموذجه عن الكون ليست متينة لإثبات مهمة فرضيته، إلا أن الرجل يحاول أن يصل الى معادلات تكفي لتكون بمثابة السند القوي الذي يرتكز عليه الباحثون في تجاربهم، ولذا لا يتردد الكثيرون من معجبيه في أن يشبهوه بأينشتاين ويرى تلميذه دامور أن أينشتاين كان عبقرياً أما ستيفن فليس أينشتاين، بل هو أحد رجالات العلوم الكبار الذي استطاع بنجاح، أن يؤلف رابطاً بين الجاذبية وميكانيكا الكم من ناحية والديناميكا الحرارية من ناحية أخرى. وينظر دامور الى اكتشاف هوكينج المتعلق بالثقوب السود في العام 1974 الاشعاع والقصور الحراري (أنتروبي) من الاكتشافات الكبرى في تاريخ الفيزياء.
وينظر البعض الى هوكينج على أنه انسان يحب الشهرة، لكن تلميذه دامور، يرى بأنه من حسن الطالع أن يكون للعلوم وجه إنساني يتجسد في شخص ستيفن هوكينج، لأن هذا الرجل يعطي كل ما لديه للعلم فما تكاد تبرز فكرة في رأسه حتى يسارع الى احتضانها والبحث في أمرها حتى النهاية.
ويقول ستيفن بخصوص كتابه الجديد “لمحة مختصرة جداً عن الزمن”: انه أراد في هذا الكتاب سرد تاريخ الكون بطريقة أكثر وضوحاً وبساطة مما فعله في كتابه السابق “لمحة مختصرة عن الزمن” ويضيف ستيفن أن الكثير من القراء يطرحون دائماً التساؤلين الآتيين: “ماذا يوجد خارج الكون وما الذي وجد قبل الانفجار العظيم”. وعندما لا يجدون إجابة شافية فإنهم يشعرون بخيبة الأمل لأن الإجابة في العادة تكون “لا شيء” ويعتقد هوكينج بأنه لا بد من قراءة بعض النظريات الحديثة التي تصف الكون وكأنه يطفو فوق ما يسمى بال (brane) وهي كلمة تستخدم للإشارة الى أجسام مشابهة لكون ذي أربعة أبعاد. والمعروف في نظرية الأوتار الفائقة أن ال (brane) يمثل وتراً واحداً في حين انها تمثل سطحاً منبسطاً.
ويرى هوكينج أن التساؤل عما كان قبل الانفجار العظيم شبيه تماماً بمن يسأل عما يحدث في شمال القطب الشمالي أي أن الأمر بكل بساطة ليس محدوداً.
وفي ذلك يقول هوكينج: “عندما وقع الانفجار العظيم، كان الكون صغيراً جداً وله من الكثافة والحرارة ما يجعلنا عاجزين عن أن نتخيل إن كانت هناك ظروف أولية تنطبق على تلك الحالة، ولذا أرى أن مواجهة هذه المشكلة تعني أن نذهب نحو الزمن الخيالي الذي يمكن اعتباره نوعاً من البعد الفضائي الخاص، وعندها سننظر الى الكون على أنه لا نهائي، ولو فعلنا ذلك لاستطعنا الالتفاف على مسألة وجود شروط أولية لأننا لو عدنا الى الزمن الطبيعي لشاهدنا كوناً وُلد بشكل تلقائي من العدم.
ولكن هل يمكن التثبت من نموذج ستيفن بطريقة عملية؟
الواقع أن عدم توفر حدود معينة يعني وجود كون يمر في مرحلة تضخم تتفق مع الخطوط العريضة للمشاهدات المرئية، أما عن احتمالية وجود حياة في مكان آخر في الكون، فيرى ستيفن، أنها إن وجدت فلا بد أن تكون بعيدة، وإلا لكانت قد زارت الأرض منذ أمد طويل، ولكان سكان الأرض قد عرفوا بوجودها وذلك على غرار فيلم “أندبندنس داي” أو “حرب العوالم”.
د/ محمد عبد السلام " العالم والإنسان "
24/02/2001
نهى سلامة
" د / محمد عبد السلام " اسم تردد بين جنبات الأبنية الفخمة الشاهقة لمؤسسة نوبل، حينما أذيع أسماء العلماء الفائزين بجائزة "نوبل" للفيزياء عام 1979.
فمن هو محمد عبد السلام؟ وكيف استطاع بلد فقير كباكستان أن يخرج مثل هذا العالم الفيزيائي الكبير؟.
النشأة المتواضعة
ولد عبد السلام في قرية "جهانج" بمقاطعة "لاهور" بالبنجاب عام 1956 والتي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الهند، والده كان رجلاً بسيطاً يعمل كاتباً في مكتب مفتش المدارس إلا أنه كان حريصا كل الحرص على تعليم أبنائه منذ الصغر، فتنقل "محمد " في مراحل التعليم حتى وصل إلى سن الرابعة عشرة حيث التحق بالجامعة الحكومية في "لاهور"، وظهر نبوغه المبكر في الرياضيات محطماً كل الأرقام القياسية في امتحانات القبول، وحاصدا لجوائز التفوق في جميع مراحل التعليم، تخرج في الجامعة عام 1944، وحصل على درجة الماجستير في الرياضيات من جامعة "لاهور" بالبنجاب بعد سنتين في عام 1946
وفي صيف هذا العام بالتحديد، تدخل القدر لمنح عبد السلام منحة إلى جامعة "كامبريدج " بإنجلترا، فلقد اختير قبله طالب هندي آخر يدرس مادة الأدب الإنجليزي، ولكنه اعتذر قبل سفره بفترة قليلة؛ فرشحت" الهيئة الهندية العليا " الطالب/ عبد السلام؛ ليسافر بدلا منه.
في الطريق إلى نوبل
في "كامبريدج" وبالتحديد في كلية "سانت جون" لفت عبد السلام الأنظار إليه حينما حصل في سنتين على دبلومتين في الرياضة المتقدمة والفيزياء، وكان في مركزه الأول المعهود.
ثم بدأ أبحاثه في عام 1946 في معامل كافيندش Cavendish وتعلم على يد واحد من الأوائل في مجال الفيزياء النظرية وخاصة في الجسيمات الأولية ألا وهو د/ كيمر Dr. Nicholas Kemmer أستاذ الفيزياء الرياضية بجامعة كامبريدج، كان كيمر أول مشرف رسمي على عبد السلام وهو الذي عرفه على العالم الكبير د/ ماثويث Paul Matthews الذي قدمه إلى النظرية الكميةQuantum theory وأدخله في محاولات لإيجاد الإجابات المفقودة في هذه النظرية.
سافر عبد السلام إلى معهد الدراسات المتقدمة في برنسيتون Princeton في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في صحبه ماثويث، وهناك في 2 مايو 1951م عمل على انتخابه زميلاً للأبحاث العلمية في كلية سانت جون. ومن هنا بدأ يلمع نجمه دولياً، وأخذت أبحاثه تحتل مكاناً بين أبحاث العلماء المتميزين.
التأثير الأكبر على عبد السلام في بداية حياته كان من المعلم المخلص د / بول ديراك Paul Diarc والذي عاش البطل الأكبر في حياة عبد السلام الذي رآه أعظم علماء القرن في الفيزياء، وأن أبحاثه هي التي أعطت الشهرة الكبيرة لأبحاث النشانين في الرياضيات.
كان عبد السلام يخطط دائماً للعودة إلى وطنه "باكستان" والتي استقلت عن الهند في عام 1948 لينقل ما حمل من علم ويضعه في خدمة شعبه وحكومته. فقرر عام 1952 العودة بعد حصوله على درجة الدكتوراه، وعين هناك رئيساً لقسم الرياضيات بجامعة البنجاب بلاهور.
مرت السنوات عصيبة على عكس ما كان يتوقع، واكتشف صعوبة الاستمرار في أبحاثه لقلة الإمكانات الموجودة، فسرعان ما قبل دعوة أخرى من جامعة كامبريدج عام 1954 وعاد كأستاذ جامعي في الرياضيات وزميلا لكلية سانت جون.
سنوات العمر في المراكز والميداليات
بقى د / عبد السلام في جامعة كامبردج حتى عام 1957، ثم انتقل إلى الكلية الملكية بلندن كأستاذ في الفيزياء.. وقد حصل في العام نفسه على الدكتوراه الفخرية من جامعة البنجاب، ثم انتخب مبعوثاً للكلية الملكية عندما بلغ من العمر 33 سنة عام 1959.
تنقل د. عبد السلام بين مراكز عديدة، ومنح أوسمة عالية... نذكر منها:
- أرفع وسام لدولة باكستان من رئيس الجمهورية وعين مستشاراً علمياً للرئيس.. كما منح وسام الجمعية الفيزيائية البريطانية عام 1960 وعين عضواً في لجنة العلوم والتكنولوجيا.
- وتقديراً لجهوده كرئيس للجنة الفرعية التي أنشأتها الأمم المتحدة لدراسة إمكانية تقديم العون من الدول الصناعية للبلدان النامية .. حصل د / عبد السلام على جائزة "هيوج" من الجمعية الملكية للعلوم عام 1964.
- هذا فضلاً عن جائزة وميدالية بنهايمر (1971) ، وميدالية أيشتين من اليونسكو (1979) وميدالية السلام (1981) وجائزة الفروسية تقديراً لجهوده في العلوم البريطانية (1989) ونيشان الامتياز الباكستاني (1979).
- كما يحمل د / عبد السلام المراكز الفخرية في أكثر من أربعين جامعة على مستوى العالم، وتم اختياره عضواً في معهد الدراسات العليا في "برنستيو"ن، والذي لا يحظى بعضويته إلا كبار العلماء.
جائزة نوبل لأبحاث "عبد السلام"
في عام 1979، حصل د / عبد السلام على جائزة نوبل في الفيزياء مشاركة مع العالمين ستيف واينبرج Weinberg وجلاشو Glashow حينما قام بتقديم نظريته التي تقضي بتوحد قوتين من القوى الرئيسية في الكون إلى قوة واحدة.
فمن المعروف فيزيائيا أن القوى الأساسية في الكون أربعة: ألا وهي: قوى الجاذبية المادية التي تتسبب في سقوط الأجسام نحو سطح الأرض أو في استقرار حركة الكواكب.. ثم القوى الكهرومغناطيسية، التي ينتج عنها تجاذب أو تنافر الشحنات الكهربائية، فالقوى النووية الضعيفة التي تظهر في انحلال الأنوية عن طريق إشعاع جسيمات مثل الإلكترونات وغيرها وأخيراً القوى النووية القوية وهي المسئولة عن تماسك النواة، وفي حالة انشطارها تتولد طاقة كبيرة يمكن استغلالها سلمياً أو تدميرياً. وقام عبد السلام بتطوير نظرية لتوحيد القوى النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية، بل وجزم بإمكانية توحيد القوى النووية القوية مع القوى الثلاث الأخرى.
واهتم أيضا بالنظرية الكمية، التي تصف سلوك المادة بجسيماتها الأولية والطاقة في الكون. وقام بدراسات عديدة على الجسيمات الأولية مثل الإلكترون (ذو الشحنة السالبة) والبروتون (ذو الشحنة الموجبة) والنيوترون (المتعادل) والتي تتواجد في الذرة. واهتم بجزيء "نيوترنيو" الذي لم يسجل له العلماء شحنه أو كتله (أو ربما تكون ضعيفة جداً) وثبت تأثره بالقوى النووية الضعيفة التى تستطيع التغيير من شكله.. فكان عبد السلام أول من وصل الى أن هذا الجزيء يدور في اتجاه عكس عقارب الساعة، مما أوضح نقاطاً كانت غائبة في فهم نظرية القوى النووية الضعيفة وتأثيراتها.
وكان يرى أن ديراك كما ذكرنا من قبل أعظم علماء القرن؛ حيث قام بتطوير علم ميكانيكا الكم النسبية ليصف به حركة الجسيمات الدقيقة ذات السرعات العالية.. وتوصل إلى معادلة سميت باسمه، وعند تطبيقها على جسيم الإلكترون تنبأ بوجود جسيم آخر له نفس كتلة الإلكترون، ولكن ذو شحنة موجبة وهو البوزتيرون الذي اكتشفه كارل أندرسون بعد ذلك في عام 1932.
عبد السلام.. الفكر والإنسان
عاش عبد السلام حياته مشغولاً بالعوائق التى تقف أمام تقدم العالم الثالث في العلم والتعليم .. وكان يرى أن الفجوة الكبيرة بين الدول الصناعية الكبرى والنامية لن تضيق إلا إذا استطاعت الدول النامية أن تحكم نفسها في مستقبلها العلمي والتكنولوجي، وأن ذلك لن يتحقق من خلال استيراد التكنولوجيا من الخارج، بل من خلال تدريب نخبة من العلماء المتميزين والزج بهم في مجالات العلم المختلفة، وقد سجل رؤيته عن الحاجة الملحة للعلوم والتكنولوجيا في العالم الثالث في كتابة "المثاليات والحقائق ". ولم يتأخر في مد يد العون لشباب العلماء من العالم الثالث، وصرف جزءا من أمواله لمساعدتهم.
وقد كان إنشاؤه للمركز الدولي للفيزياء النظرية في تريستا Trieste بإيطاليا في عام 1964 انعاكساً لفكره ومبدئه؛ حيث كان هدف المركز الأول هو إيجاد مكان للفيزيائيين الشبان من العالم الثالث؛ لاستكمال أبحاثهم، وقد استمر مديره حتى عام 1994 حيث كان منارة للعمل الدءوب والطموح العالي.
وقد دعا د.عبد السلام إلى توظيف علوم الفيزياء لخدمة السلام والتعاون الدولي، ووضعه هدفًا من أهدافه، حتى إن البعض كان يعتقد باستحقاقه لجائزة نوبل للسلام فضلا عن جائز نوبل للفيزياء.
كان عبد السلام رجلاً متواضعاً، مرحاً يحب الاستمتاع بالحياة كما يراه تلامذته، ولا يأنف أن يستمع إلى كل الأفكار الجديدة حتى ولو لم تكن جديرة بالثقة، ورغم خوضه الشديد في مجال الفيزياء فإنه كان يرفض تعقيد المادة، ويرد على من يحاول ذلك بقوله: "أنا إنسان متواضع".
وقد صنف شباب العلماء هؤلاء العلماء الكبار الى صنفين: صنف واضح تستطيع أن تفهمه، يفتح لك مجال الاختيار، وصنف ثانٍ وهم "الساحرون" المبهمون ذوو الشخصية المحيرة، وكان " محمد عبد السلام " واحدا من هؤلاء، تردد عن عبد السلام اعتناقه للمذهب القادياني وكان يحتفظ دائما بالنزعة الشرقية فى شخصيته، وقد ظهر هذا جلياً حينما حرص على حضور حفل توزيع جوائز نوبل بالزي الرسمي الباكستاني، بل كان متزوجا باثنتين، وحرص على حضورهما معا فى الحفل، حتى كاد الأمر يتحول إلى كارثة دبلوماسية.
ويسدل الستار على هذه الشخصية في 21 نوفمبر 1996 حينما توفي عبد السلام بعد صراع طويل مع المرض.. ودفن في قريته التى ولد فيها وهي قرية "جهانج" مسقط رأسه بمقاطعة لاهور.
القدير خان...أبو القنبلة الباكستانية
ليس حل مشكلات العالم الإسلامي قنبلة نووية ، ولكن ماداموا يفعلون فعلينا أن نمتلك مصادر القوة ، هذه وجهة النظر الباكستانية في مشروعها النووى ، قد يوافق عليها البعض وقد يرفضها آخرون ، لكن هذا ما صار فعلاً وتطور علي يد العالم الباكستاني عبد القدير خان .
ولد الدكتور عبد القدير خان في ولاية بوبال الهندية عام 1936 لا يصغره سوى أخت واحدة من بين خمسة من الإخوة واثنتين من الأخوات. كان والده عبد الغفور خان مدرسًا تقاعد عام 1935، أي قبل ولادة ابنه عبد القدير بعام واحد؛ ولذا نشأ الابن عبد القدير تحت جناح أبيه المتفرغ لتربيته ورعايته.
كان لوالد عبد القدير خان تأثير كبير في حياة ابنه؛ حيث كان الوالد إنسانًا عطوفًا ورقيقًا؛ فعلّم ابنه تقدير الحياة وحب الحيوانات، حتى إن القردة القاطنة بتلال مارجالا التي تحيط بمنزل الدكتور عبد القدير قد علمت عنه ذلك، فتأتي إليه في كل مساء بعد رجوع الدكتور عبد القدير من يوم عمل شاق لتأكل من يديه!!
كانت زليخة بيجوم والدة الدكتور عبد القدير خان سيدة تقية تلتزم بالصلوات الخمس ومتقنة للغة الأوردية والفارسية؛ ولذلك نشأ الدكتور عبد القدير خان متدينًا ملتزمًا بصلواته.
تخرج عبد القدير خان من مدرسة الحامدية الثانوية ببوبال؛ ليستجيب لنداء إخوته بالهجرة إلى الباكستان أملاً في حياة أفضل وفرص أكبر؛ حيث كان يرى أن الفرص المتاحة له ببوبال محدودة، وربما لم يكن لينجز أكثر من كونه مدرسًا مثل أبيه وعيشه حياة خالية تمامًا من الأحداث المثيرة.
لم يكن عبد القدير خان طالبًا متميزًا؛ حيث أراد أبواه له أن يحيا طفولة عادية، فلم يمارسا عليه أية ضغوط من حيث درجاته؛ ولذا كانت حياته الأكاديمية في المدرسة والكلية خالية تماما من الضغوط النفسية.
توفي والد الدكتور عبد القدير خان رحمه الله، والذي لم يهاجر مع أبنائه إلى الباكستان في بوبال عام 1957.
تخرج عبد القدير في كلية العلوم بجامعة كاراتشي عام 1960، وتقدم لوظيفة مفتش للأوزان والقياسات، وهي وظيفة حكومية من الدرجة الثانية. كان عبد القدير أحد اثنين من بين 200 متقدم قُبِلوا بالوظيفة، وكان راتبه 200 روبية في الشهر. ربما لو استمر الدكتور عبد القدير خان في هذه الوظيفة لتدرج في مناصبها؛ لولا رئيسه المباشر في العمل؛ والذي كان يفرض على عملائه أن يدعوه على الغداء لإتمام أوراقهم، فلم يتقبل عبد القدير الشاب هذه التصرفات التي اعتبرها نوعًا من الرشاوى؛ فاستقال من وظيفته.
قرر عبد القدير خان السفر إلى الخارج لاستكمال دراسته وتقدم لعدة جامعات أوروبية؛ حيث انتهى به الأمر في جامعة برلين التقنية؛ حيث أتم دورة تدريبية لمدة عامين في علوم المعادن. كما نال الماجستير عام 1967 من جامعة دلفت التكنولوجية بهولندا ودرجة الدكتوراة من جامعة لوفين البلجيكية عام 1972.
لم يكن ترك الدكتور عبد القدير خان لألمانيا وسفره إلى هولندا سعيًا وراء العلم.. بل كان ليتزوج من الآنسة هني الهولندية التي قابلها بمحض الصدفة في ألمانيا. فتمت مراسم الزواج في أوائل الستينيات بالسفارة الباكستانية بهولندا.
حاول الدكتور عبد القدير مرارًا الرجوع إلى الباكستان ولكن دون جدوى. حيث تقدم لوظيفة لمصانع الحديد بكراتشي بعد نيله لدرجة الماجستير؛ ولكن رفض طلبه بسبب قلة خبرته العملية، وبسبب ذلك الرفض أكمل دراسة الدكتوراة في بلجيكا؛ ليتقدم مرة أخرى لعدة وظائف بالباكستان، ولكن دون تسلم أية ردود لطلباته. في حين تقدمت إليه شركة FDO الهندسية الهولندية ليشغل لديهم وظيفة كبير خبراء المعادن فوافق على عرضهم.
كانت شركة FDO الهندسية أيامها على صلة وثيقة بمنظمة اليورنكو- أكبر منظمة بحثية أوروبية والمدعمة من أمريكا وألمانيا وهولندا. كانت المنظمة مهتمة أيامها بتخصيب اليورانيوم من خلال نظام آلات النابذة Centrifuge system. تعرض البرنامج لعدة مشاكل تتصل بسلوك المعدن استطاع الدكتور عبد القدير خان بجهده وعلمه التغلب عليها. ومنحته هذه التجربة مع نظام آلات النابذة خبرة قيمة كانت هي الأساس الذي بنى عليه برنامج الباكستان النووي فيما بعد.
حين فجرت الهند القنبلة النووية عام 1974 كتب الدكتور عبد القدير خان رسالة إلى رئيس وزراء الباكستان في حينها "ذو الفقار علي بوتو" قائلا فيها: إنه حتى يتسنى للباكستان البقاء كدولة مستقلة فإن عليها إنشاء برنامج نوويّ". لم يستغرق الرد على هذه الرسالة سوى عشرة أيام، والذي تضمن دعوة للدكتور عبد القدير خان لزيارة رئيس الوزراء بالباكستان، والتي تمت بالفعل في ديسمبر عام 1974. قام رئيس الوزراء بعدها بالتأكد من أوراق اعتماده عن طريق السفارة الباكستانية بهولندا، وفي لقائهما الثاني عام 1975 طلب منه رئيس الوزراء عدم الرجوع إلى هولندا ليرأس برنامج الباكستان النووي.
حين أبلغ الدكتور عبد القدير خان زوجته بالعرض -والذي كان سيعني تركها لهولندا إلى الأبد- مساء نفس اليوم سألته إن كان يعتقد أنه يستطيع إنجاز شيء لبلده.. فحين رد بالإيجاب ردت على الفور: ابق هنا إذن حتى ألمّ أغراضنا في هولندا وأرجع إليك. ومنذ ذلك الحين وآل خان في الباكستان.
توصل الدكتور عبد القدير خان بعد فترة قصيرة من رجوعه إلى الباكستان إلى أنه لن يستطيع إنجاز شيء من خلال مفوضية الطاقة الذرية الباكستانية، والتي كانت مثقلة ببيروقراطية مملة. فطلب من بوتو إعطاءه حرية كاملة للتصرف من خلال هيئة مستقلة خاصة ببرنامجه النووي. وافق بوتو على طلبه في خلال يوم واحد وتم إنشاء المعامل الهندسية للبحوث في مدينة كاهوتا القريبة من مدينة روالبندي عام 1976 ليبدأ العمل في البرنامج. وفي عام 1981 وتقديرًا لجهوده في مجال الأمن القومي الباكستاني غيّر الرئيس الأسبق ضياء الحق اسم المعامل إلى معامل الدكتور عبد القدير خان للبحوث.
بدأ الدكتور عبد القدير خان بشراء كل ما يستطيع من إمكانات من الأسواق العالمية، وفي خلال ثلاث سنوات تمكن من بناء آلات النابذة وتشغيلها بفضل صِلاته بشركات الإنتاج الغربية المختلفة وسنوات خبرته الطويلة.
يقول الدكتور عبد القدير خان في إحدى مقالاته: أحد أهم عوامل نجاح البرنامج في زمن قياسي كان درجة السرية العالية التي تم الحفاظ عليها، وكان لاختيار موقع المشروع في مكان ناءٍ كمدينة كاهوتا أثر بالغ في ذلك. كان الحفاظ على أمن الموقع سهلا بسبب انعدام جاذبية المكان للزوار من العالم الخارجي، كما أن موقعه القريب نسبيًا من العاصمة يسّر لنا اتخاذ القرارات السريعة، وتنفيذها دون عطلة. وما كان المشروع ليختفي عن عيون العالم الغربي لولا عناية الله تعالى، ثم إصرار الدولة كلها على إتقان هذه التقنية المتقدمة التي لا يتقنها سوى أربع أو خمس دول في العالم. ما كان لأحد أن يصدق أن دولة غير قادرة على صناعة إبر الخياطة ستتقن هذه التقنية المتقدمة".
حين علم العالم بعدها بتمكن الباكستان من صناعة القنبلة النووية هاج وماج؛ إذ بدأت الضغوط على الحكومة الباكستانية من جميع الجهات ما بين عقوبات اقتصادية وحظر على التعامل التجاري وهجوم وسائل الإعلام الشرس على الشخصيات الباكستانية. كما تم رفع قضية ظالمة على الدكتور عبد القدير خان في هولندا تتهمه بسرقة وثائق نووية سرية. ولكن تم تقديم وثائق من قبل ستة أساتذة عالميين أثبتوا فيها أن المعلومات التي كانت مع الدكتور عبد القدير خان من النوع العادي، وأنها منشورة في المجلات العلمية منذ سنين. تم بعدها إسقاط التهمة من قبل محكمة أمستردام العليا. يقول الدكتور عبد القدير خان: إنه حصل على تلك المعلومات بشكل عادي من أحد أصدقائه؛ إذ لم يكن لديهم بعد مكتبة علمية مناسبة أو المادة العلمية المطلوبة.
يتلخص إنجاز الدكتور عبد القدير خان العظيم في تمكنه من إنشاء مفاعل كاهوتا النووي (والذي يستغرق عادة عقدين من الزمان في أكثر دول العالم تقدمًا- في ستة أعوام) وكان ذلك بعمل ثورة إدارية على الأسلوب المتبع عادة من فكرة ثم قرار ثم دراسة جدوى ثم بحوث أساسية ثم بحوث تطبيقية ثم عمل نموذج مصغر ثم إنشاء المفاعل الأولي، والذي يليه هندسة المفاعل الحقيقي، وبناؤه وافتتاحه. قام فريق الدكتور خان بعمل كل هذه الخطوات دفعة واحدة.
استخدم فريق الدكتور خان تقنية تخصيب اليورانيوم لصناعة أسلحتهم النووية. هناك نوعان من اليورانيوم يوليهما العالم الاهتمام: يورانيوم-235 ويورانيوم 238. ويعتبر اليورانيوم235 أهمهما؛ حيث هو القادر على الانشطار النووي وبالتالي إنشاء الطاقة. يستخدم هذا النوع من اليورانيوم في المفاعلات الذرية لتصنيع القنبلة الذرية.
ولكن نسب اليورانيوم 235 في اليورانيوم الخام المستخرج من الأرض ضئيلة جدا تصل إلى 0.7 % وبالتالي لا بد من تخصيب اليورانيوم لزيادة نسبة اليورانيوم 235؛ إذ لا بد من وجود نسبة يورانيوم 235 بنسبة 3-4% لتشغيل مفاعل ذري وبنسبة 90 % لصناعة قنبلة ذرية. يتم تخصيب اليورانيوم باستخدام أساليب غاية في الدقة والتعقيد وتمكنت معامل كاهوتا من ابتكار تقنية باستخدام آلات النابذة، والتي تستهلك عُشْر الطاقة المستخدمة في الأساليب القديمة. تدور نابذات كاهوتا بسرعات تصل إلى 100ألف دورة في الدقيقة الواحدة. يقول الدكتور خان: في حين كان العالم المتقدم يهاجم برنامج الباكستان النووي بشراسة كان أيضًا يغض الطرف عن محاولات شركاته المستميتة لبيع الأجهزة المختلفة لنا! بل كانت هذه الشركات تترجّانا لشراء أجهزتها. كان لديهم الاستعداد لعمل أي شيء من أجل المال ما دام المال وفيرًا!
قام الفريق الباكستاني بتصميم النابذات وتنظيم خطوط الأنابيب الرئيسية وحساب الضغوط وتصميم البرامج والأجهزة اللازمة للتشغيل. وحين اشتد الهجوم الغربي على البرنامج وطبق الحظر والعقوبات الاقتصادية بحيث لم يتمكن الفريق من شراء ما يلزمهم من مواد.. بدأ المشروع في إنتاج جميع حاجياته بحيث أصبح مستقلا تماما عن العالم الخارجي في صناعة جميع ما يلزم المفاعل النووي.
امتدت أنشطة معامل خان البحثية لتشمل بعد ذلك برامج دفاعية مختلفة؛ حيث تصنع صواريخ وأجهزة عسكرية أخرى كثيرة وأنشطة صناعية وبرامج وبحوث تنمية، وأنشأت معهدا للعلوم الهندسية والتكنولوجية ومصنعًا للحديد والصلب، كما أنها تدعم المؤسسات العلمية والتعليمية.
نال الدكتور خان 13 ميدالية ذهبية من معاهد ومؤسسات قومية مختلفة ونشر حوالي 150 بحثًا علميًا في مجلات علمية عالمية. كما مُنح وسام هلال الامتياز عام 1989 وبعده في عام 1996 نال أعلى وسام مدني تمنحه دولة الباكستان تقديرًا لإسهاماته الهامة في العلوم والهندسة: نيشان الامتياز.
جزاك الله خيرا أخي باسم على هذه الإضافات ..
لم استطع إنهاء المقالات بالكامل ... ولكنها كما يتبين من بدايتها ذات فائدة كبيرة فشكرا لك
نحن مرحبون بهذا المنتدى و ساشارك به
شكرا اخي العزيز ضياء . موسوعة ممتازة و جزاء الله خيرا اخي العزيز.
العالم فايز فوق العادة
ascssf@mail.sy
من مواليد دمشق 1942
بكالوريوس في الهندسة المدنية من جامعة حلب 1964
أسس الجمعية الكونية السورية عام 1980
ساهم في تأسيس الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك، وتولى منصب نائب رئيسه.
عضو اللجنة الوطنية الخاصة بتطوير علوم الفضاء والفلك في سورية
عضو الجمعية الكوكبية العالمية
ألقى الآلاف من المحاضرات العلمية في كافة محافظات ومدن القرى السورية
شارك في المؤتمرات الفلكية العربية وقدم أبحاثاً فيها
له مقالات منشورة في مجلات وصحف عربية وأجنبية
يقدم برنامجين تلفزيوني وبرنامج إذاعي في المحطات السورية.
ألف وترجم أكثر من ثلاثين كتاباً.
نال جوائز عديدة وكرّم من قبل جهات عربية وسورية.
تحول إلى المعلوماتية عام 1974 حيث أدخل الحاسوب إلى وزارة المواصلات، وكانت الوزارة هي الجهة الثانية في سورية في إدخال الحاسوب بعد المركز المركزي للإحصاء.
المؤلفات
1. دراسة الريعية الاقتصادية لاوت ستراد دمشق ـ حمص 1970 (باللغة الإنكليزية).
2. تعريف بالحاسبات الإلكترونية وبرامجها، 1984.
3. الأجسام الطائرة المجهولة، 1984.
4. ارتحال إلى أعماق الكون، 1984.
5. ما هو الكومبيوتر، الجزء الأول، 1985.
6. ما هو الكومبيوتر، الجزء الثاني، 1986.
7. منعطف الرياضيات الكبير، 1987، وزارة الثقافة، دمشق.
8. نحن والرياضيات، 1987.
9.الثقوب الكونية السوداء، 1988.
10.أطلس المجموعات والتوابع، 1989، بالمشاركة مع محمد سعيد الدقر.
11. شرخ في مرآة الفكر البشري، 1989.
12.علم الفلك وفلسفة النسق الكوني, 1992.
13. الذاكرة الكونية، 1995.
14. أطلس الرياضيات العامة، 1995، بالمشاركة مع محمد سعيد الدقر.
15. المجموعة الشمسية من منظور معاصر، 2002.
16. الفيزياء المعاصرة وفلسفلتها، قيد الطباعة.
الترجمات
1. الذكاء الصنعي بلغة البيسيك، 1988.
2. الاتصال مع النجوم، الجزء الأول، 1988.
3. الاتصال مع النجوم، الجزء الثاني، 1988.
4. النجم الغريب، 1988.
5. مقدمة إلى نظرية المعلومات، 1990.
6. ما بعد أينشتين، 1991.
7. الطرائق المتقدمة في برمجة الكومبيوتر، الجزء الأول، 1992.
8. الطرائق المتقدمة في برمجة الكومبيوتر، الجزء الثاني، 1992.
9. أزمة الطاقة والدراسات الكونية، 1992.
10. 3000 مسألة محلولة في الفيزياء، 1996.
11. 3000 مسألة محلولة في التفاضل والتكامل، 1996.
12. 1997الحضارة المريخية.
. 2000 مسألة محلولة في الكهرمغنطيسية، 1997.
14. 2500 مسألة محلولة في المعادلات التفاضلية، 1997.
15. 2000 مسألة محلولة في التحليل العددي، 2000.
16. 2000 مسألة محلولة في الديناميكا الحرارية، 2000.
17. الفيزياء الجامعية، الجزء الثاني، 2001.
18. الشتاء النووي، قيد الطباعة
19.الميكانيكا الهندسية، قيد الطباعة
شكرا على المعلومات يا اخي الكريم
بتمنى لك التوفيق ان شاء الله
ولله عجبتني الصورة اكتير وخاصة الي مكنوب عليها وسامحيني علشان نقلتها علي الايميل
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أسعدتني عودة الحياة إلى الموسوعة فشكرا لكم
ضياء
نقلت معظم المعلومات على جهازي لاستخدامها في تدريس طالباتي
جزاكم الله خيرا
السلام عليكم ورحمةالله وبركاته
حبيت أسلم عليكم ، وبإنتظار مشاركات مني ومن جميع أعضاء المنتدي
تقبلوامروري
ودمتم
في مجلة العلوم العدد ان 9- 8 المجلد 19 اغسطس-سبتمبر 2003
حل مشكلة النيوترنيو الشمسي
*منذ الستينات من القرن الماضي بينت التجارب التي أجريت تحت الارض أن عدد نيوترينو هات _ الالكترون الشمسيه المرصوده اقل بكثير مما تتنبأ به النظريات وقد عرف هذا اللغز بمشكلة النيترنيو الشمسي
*في عام 2002 قام مرصد سدبري بحل هذه المشكله وذلك بالكشف عن ان كثير من النيترونهات المتولده من الشمس تغيرمن نكهاتها قبل وصولها الى الارض مما تسبب في عدم اكتشافها
*تؤكد النتائج بان النيتورينوهات هي في الواقع ذات كتله
وسوف اكتب لكم المزيد من الايضاح لاحقا
مرصد سدبري يحتوي على الماء الثقيل الذي يبلغ 1000 طن
اخي الكريم..
اشكرك جدا عالموضوع الجميل والعرض الاجمل...وقد قرات احدى التجرب العلمية من كتب الفيزياء المسلية واحببت ان انقلها اليكم .
أحضر صحناً وضع بهِ قليلاً من الماء....ثم أحضر كوباً كبيراً وضع بهِ ورقة..( هـيّـا...قـُمْ...جرّب)..ثم أشعل تلك الورقة لبعض الوقت...لكن لا تتركها لتحترق....فقط حتى يحترق نصف الورقة....ثم أقلب الكوب بسرعة وضعهُ مباشرة على الصحن الذي بهِ من الماء...ماذا تلاحظ....لقد شفط الكوب الماء بالكامل...وأصبح الصحن خالياً بالمرة من أي نقطة ماء.....جرّب ولكن بحذر
مالسبب ياترى في ذلك....ليس سحرٌ بالطبع....فكل الظواهر لها أسباب علمية
والسبب الفيزيائي هو: الضغط الجوي...بمعنى أننا عندما أشعلنا الورقة داخل الكوب فإن الضغط الجوي داخل الكوب إرتفع وخرج قسم منه للخارج بسبب تسخين الهواء....وعند إنطفاء الورقة ...برد الهواء مرة أخرى...فأصبح الضغط في الكوب ضعيفاً...فأندفع الماء للكوب تحت تأثير الضغط الجوي في الخارج
تواريخ مهمة في حياة الفيزياء
اردت ان اشارك بهذا الموضوع لاثراء الموسوعة ومواصلتها بالمواضيع
وثانيا لكي يستفيد قراءمنتدياتنا العلمية...... واسال الله ان يكون في المستوى المطلوب
الحدث الفيزيائي التاريخ
قدم أرسطو نظريات في مجالات عديدة من الفيزياء القرن الرابع قبل الميلاد
اكتشف أرخميدس قانون العتلة وقوانين تتعلق بسلوك السوائل القرن الثالث قبل الميلاد
تصور بطليموس أن الارض ساكنة تدور حولها النجوم والكواكب
والشمس والقمر القرن الثاني قبل الميلاد
اخترع البيروني أول جهاز لقياس كثافة المواد 1017
وضع العالم العربي ابن الهيثم أساس علم البصريات في عدة كتب فيزيائية مهمة مثل كتاب المناظر الذي درس فيه الضوء وانكساراته وطبيعة الإبصار وتشريح العين 1020
أجرى الخازن أولى التجارب لإيجاد العلاقة بين وزن الهواء وكثافته 1135
أجرى روجر بيكون دراسات في البصريات 1270
نشر نيكولاس كوبرنكوس نظريته بأن الارض والكواكب تتحرك
في مدارات دائرية حول الشمس 1543
اكتشف جاليلو قوانين مهمة في حقول فيزيائية كثيرة بصفة خاصة في الميكانيكا 1600
نشر نيوتن قوانينه للحركة 1687
نشر كريستيان هايجنز نظرية موجيّة الضوء 1690
ذكر بنيامين طومسون وكاونت رمفورد أن حركة الجسيمات خلال مادة تنتج حرارة 1798
أحيا توماس يونج النظرية الموجية للضوء 1801 - 1803
أعلن جون دالتون لأول مرة نظريته الذرية عن تركيب المادة 1803
أنتج مايكل فارادي وجوزيف هنري كل على حدة الكهرباء من المغناطيس 1930
اكتشف جيمس جول أن الحرارة والطاقة يمكن أن يتحول كل منهما للآخر بمعدل ثابت 1847
نشر جيمس كلارك ماكسويل نظريته الكهرومغناطيسية للضوء 1864
أثببت تجربة ماكلسون ومورلي عدم وجود الأثير 1887
اكتشف ويلهلم رونتجن الاشعة السينية 1895
اكتشف أنطوان هنري بكويريل الاشعاع الطبيعي 1896
استخلصت ماري كوري وزوجها بيير عنصر الراديوم المشع 1898
نشر ماكس بلانك نظريته الكمية 1900
نشر أينشتاين نظريته النسبية الخاصة 1905 اقترح إرنست رذرفورد ونيلز بور نماذج على شكل نظام كوكبي للذرة 1911 - 1913
أعلن أينشتاين نظريته النسبية العامة 1915
قدم لوي دي روغلي النظرية الموجية للإلكترون 1924
طوّر كل من إيرفين شرودينجر وهيسينبرج كل على حدة نظاما
لتنسيق الفيزياء الكمية 1925- 1926
تنبأ بول ديراك بوجود البوزيترون وه إلكترون موجب الشحنة 1930
أنشأ السيرجون كو كروفت وأرنست والتن أول معجل جسيمات 1932
تمكن أوتوهان وفرتز ستراسمان من شطر ذرة اليورانيوم 1938
حقق إنريكو فيرمي وزملاؤه أول تفاعل نووي متحكم 1942
اخترع جون باردين ووالتر براتين وويليام شو الترانزستور 1947
صنع ثيودور ميمان أول ليزر 1960
اقترح موري جل - مان وجورج زفايج وجود جسيمات الكوارك جسيمات أساسية 1964
اكتشف بيرتون ريختر وصمويل سي سي تنج نوع من الجسيمات تحت الذرية سمّي
بجسيم ابساي أو جسيم جي 1974
اكتشف باحثون تحت قيادة كارلو روبيا ثلاثة جسيمات تحت الذرية هي +ًW و -W و Z 1983
منقول