Advanced Search

عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - التواق للمعرفة

صفحات: 1 ... 28 29 30 [31] 32 33 34 ... 105
451
لا شك أن التلوث البيئي بجميع أشكاله قد غدا خلال السنوات العشرين الماضية إحدى المشكلات الرئيسية التي يواجهها المجتمع الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة. فقد تعرضت مختلف المناطق الفلسطينية لكثير من المؤثرات البيئية العنيفة، مثل التزايد الكبير في عدد المركبات والمصانع، والزيادة الهائلة في حجم النفايات الصلبة والسائلة، والاستخدام المفرط للمركبات الكيماوية في الزراعة. ولقد ضاعف من حجم المشاكل البيئية تواجد عدد كبير من المستوطنات الاسرائيلية في فلسطين، وقيام بعض هذه المستوطنات بقذف مخلفاتها للمناطق المجاورة بدون أي اكتراث لتأثيراتها المدمرة على السكان والبيئة في التجمعات السكانية الفلسطينية المجاورة.

ومع أن تلوث البيئة أصبح ظاهرة عامة تعاني منها جميع التجمعات السكنية الفلسطينية، إلا أن بعض هذه التجمعات تعاني من مشكلات اضافية ناجمة عن عوامل محلية مميزة. ولعل من أبرز الأمثلة على ذلك هي بلدة يعبد، والتي تقع في شمال الضفة الغربية إلى الجنوب الغربي من مدينة جنين. ويقدر عدد سكانها بحوالي 11 ألف نسمة (أنظر الخارطة المرفقه). وتتبع يعبد من الناحية الادارية لمحافظة جنين.

لقد عانت يعبد ومنذ عشرات السنين من مشاكل صحية مميزة ناجمة عن أن هذه البلدة كانت مركزاً لزراعة وتصنيع الدخان في فلسطين. إلا أن هذا الفرع الاقتصادي تعرض لتراجع حاد بعد أن توقفت شركات الدخان المحلية والاسرائيلية عن استخدام دخان يعبد في صناعتها. ولا شك أن ذلك قد أدى لمضاعفات ايجابية من النواحي البيئية والصحية، إلا أنه أدى من الناحية الأخرى الى انعكاسات اقتصادية سلبية على البلدة. وقد تزامن هذا التحول في البنية الاقتصادية في يعبد مع انطلاق الانتفاضة الأولى وما تلى ذلك من آثار مدمرة على الاقتصاد الفلسطيني. وبالطبع فقد نجم عن ذلك تراجع كبير في الأوضاع المعيشية في البلدة، مما دفع أهلها للبحث عن مصدر بديل للدخل. وقد وجدوا ضالتهم في صناعة الفحم، والتي كانت معروفة على نطاق محدود قبل ذلك.

أهداف الدراسة

لقد توسعت صناعة الفحم في منطقة يعبد بشكل حاد منذ منتصف الثمانينيات، حيث زاد عددها من بضع "مشاحر" إلى أكثر من 200 مشحرة في الوقت الحاضر. ومع أن هذه "الصناعة" قد أصبحت تشكل بالفعل مصدر دخل رئيسي للبلدة وأصبحت تعتبر المستوعب الأهم للقوى العاملة فيها، إلا أن التوسع الحاد والعشوائي لهذه الصناعة قد أدى إلى مضاعفات بعيدة الأثر من النواحي البيئية والصحية. وقد وصل حجم الاضرار الناجمة عنها لمستويات مقلقة جداً بالنسبة للمجتمع المحلي، علماً بأن القليل يعرف عن هذه المشكلة خارج إطار المنطقة الجغرافية التي تحتضن هذه الصناعة، وهي بلدة يعبد والمناطق المحيطة بها.

تستهدف هذه الورقة إجراء تقييم أولي للأضرار البيئية والصحية الناجمة عن المشاحر، علماً بأن هذا التقييم غير مبني على دراسة متكاملة للموضوع المطروح للبحث، بل عن الخبرة الشخصية للكاتب كمدير لدائرة الصحة في محافظة جنين، بالإضافة إلى كونه مواطناً من يعبد ويقيم فيها.

العوامل الممهدة للمشكلة

كان عدد المشاحر لغاية بداية الثمانينيات قليلاً وكان موقعها بعيد نسبياً عن المناطق المأهولة في يعبد. ولكن هذه الصناعة شهدت توسعاً حاداً خلال السنوات العشر الماضية، بحيث أنها انتشرت بسرعة باتجاه البلدة، حتى أن بعض المشاحر أقيمت بجوار المناطق السكنية وتحيط بالبلدة من جميع  الاتجاهات تقريباً، باستثناء مدخلها الشرقي. ومن الجدير بالذكر بأن إقامة هذه المنشآت يتم بدون الحصول على ترخيص من أية جهة كانت، مما سمح بإقامة مشاحر في مواقع أقرب فأقرب للمناطق العمرانية.

تنبع المشكلة البيئية في هذه الصناعة من المستوى المتدني لتقنيات الإنتاج المستخدمة فيها. وبشكل عام، فإن عملية الإنتاج ترتكز على تجميع الاشجار الجافة، مثل الحمضيات والزيتون، وتكويمها بشكل هرمي ثم حرقها جزئياً وببطىء إلى أن تتحول إلى فحم. وينجم عن عملية الاحتراق هذه انطلاق كمية كبيرة من الغازات أهمها هو أول أكسيد الكربون، ثاني اكسيد الكربون، وثاني اكسيد الكبريت. كما يتولد عن عملية الاحتراق هذه هبائيات أخرى من الغبار والرماد.

وتتركز الغازات الناجمة في البداية في أماكن انتاجها، وبالتالي فإنها تؤثر كثيراً على العاملين فيها والمقيمين في جوارها. إلا أنها سرعان ما تنتشر إلى الأماكن المأهولة المجاورة، خاصة في بلدة يعبد، حيث أنه لا يوجد قرى أخرى قريبة من منطقة المشاحر. ومن الشرائح الاجتماعية التي تتعرض أيضاً بشكل ملموس للأضرار الناجمة عن المشاحر هي طلبة المدرسة الثانوية في البلدة، وذلك بسبب اقتراب المشاحر من هذه المدرسة. ولا شك أن ذلك يشكل مصدر خطر كبير على الطلبة، خاصة وأنهم يقضون ساعات عديدة أثناء النهار في مدرستهم.

التأثيرات البيئية والصحية للمشاحر

يحرق في مشاحر يعبد أكثر من 100 ألف طن حطب سنوياً، ينبعث منها كمية هائلة من الغازات والأبخرة والرماد. ومن الواضح بأن هناك تأثيرات بيئية وصحية بالغة الخطورة لهذه العملية، سواءاً بالنسبة للعاملين في المشاحر أو المواطنين المقيمين بجوارها، وكذلك بالنسبة للمزروعات والحيوانات المتواجدة في المنطقة. ويمكن الحصول على فكرة أولية عن طبيعة الأضرار الناجمة وحجمها من المؤشرات التالية:

أ- التأثيرات الصحية
ينجم الضرر الرئيسي على صحة الانسان من استنشاقه للغازات المنبعثة من المشاحر. وتتسبب هذه الغازات بأمراض تنفسية عديدة تختلف بحسب نوع الغاز المستنشق. فمن المعروف بأن اكاسيد الكبريت تؤدي إلى تفاعلات التهابية في القصبات الهوائية (Emphysema). في حين تؤدي الغازات الهيدروكربونية، مثل تلك المنبعثة عن عوادم السيارات والمولدات، إلى أمراض سرطانية. أما غاز أول أكسيد الكربون فإن له قدرة على الاتحاد مع الهيموجلوبين 200 مرة أكثر من الاكسجين، وبالتالي فإنه يؤدي إلى التسمم الحاد والصداع والدوخة والغثيان والفشل التنفسي. وفي حالة ارتفاع تركيز الغاز واستمرار تعرض الجسم له فإنه يؤدي لعوارض مزمنة، مثل ضعف الذاكرة، نقص الانتاجية في العمل، اضطرابات في النوم وفي السلوك، وارتفاع في مستوى الكولسترول.

أما بالنسبة لغاز ثاني أكسيد الكربون فإن تواجده في الجو بتركيز منخفض قد يؤدي إلى تسارع في التنفس والصداع والتشويش الذهني والشلل الارتخائي. أما إذا زاد تركيزه عن 5% فإنه يؤدي إلى فقدان الوعي والوفاه.

وهنالك أيضاً أضراراً صحية تنجم عن أكسيد الكبريت، إذ أن هذا الغاز يتحول إلى حامض الكبريتيك عند ملامسته للسطوح الرطبة للأغشية المخاطية، وينجم عن ذلك التهابات وأمراض مزمنة في الجهاز التنفسي. كما تتسبب أكاسيد النيتروجين بتهييج للحويصلات الهوائية في الرئتين، في حين يمكن أن يؤدي تراكم الغبار فيهما إلى التليف والوفاة.

لقد أدى الارتفاع الكبير لنسبة الغازات في منطقة يعبد إلى نتائج صحية سيئة في جميع الاتجاهات السالفة الذكر. ومع أنه لم تجرى حتى الآن دراسة احصائية موضوعية لحجم الاضرار الصحية على المجتمع المحلي، سواءاً من حيث نسبة الوفيات أو مدى انتشار الأمراض التنفسية التي ذكرت سابقاً، إلا أنه من الواضح بأن نسبة حدوث مثل هذه المشكلات الصحية في يعبد هي أعلى بشكل ملموس من التجمعات السكنية المجاورة، والتي لا يوجد بها مشاحر. إذ يتضح من البيانات المتوفرة عن الوفيات وعدد حالات مراجعي الأمراض التنفسية الحادة والمزمنة بأن هذه المعدلات في بلدة يعبد هي أعلى بكثير منها في اليامون وقباطية (أنظر الجدول رقم 1). كما يلاحظ من الجدول بأن نسبة الاصابة بالأمراض التنفسية هي أيضاً مرتفعة في بلدة قباطية، والتي تعاني هي الأخرى من مشكلات بيئية حادة ناجمة عن الانتشار الواسع لمقالع الحجارة في هذه البلده.

الجدول رقم (1)

أعداد الوفيات وعدد مراجعي الأمراض التنفسية

(1/1/200 – 31/3/2001)

قباطية
 اليامون
 يعبد
  
 
14684
 12383
 10756
 عدد السكان (نهاية سنة 2000)
 
73
 68
 70
 الوفيات
 
5.0
 5.5
 6.5
     - النسبة (للألف)
 
858
 540
 805
 عدد مراجعي الأمراض التنفسية
 
58
 44
 75
     - النسبة (للألف)
 
642
 232
 574
 منهم مراجعي أمراض تنفسية مزمنة
 
43
 19
 53
     - النسبة (للألف)
 

       المصدر: سجلات دائرة صحة محافظة جنين

ويجب ملاحظة أن الاحصاءات السابقة عن الوفيات والأمراض التنفسية تتعلق بجميع سكان يعبد، حيث أنه لا يوجد احصاءات مستقلة عن المرتبطين بشكل مباشر بصناعة الفحم. لذلك فإنه من المؤكد بأن معدلات الوفيات والإصابة بالأمراض التنفسية والسرطانية هي أعلى بكثير بين العاملين في المشاحر منها في المناطق الأخرى. وهذا يعني من الناحية الفعلية أن العاملين في الإنتاج وأفراد عائلاتهم القاطنين داخل منطقة المشاحر هم في الواقع معرضون إلى حد كبير لأضرار صحية بالغة الخطورة.

ب- التأثيرات البيئية
وبالإضافة للتأثيرات الصحية السالفة الذكر، فإن للمشاحر آثاراً بيئية مزعجة على سكان بلدة يعبد. فإن ارتفاع نسبة الدخان في الهواء وبشكل دائم يؤدي إلى ترسب طبقة من ذرات الدخان على الجدران والشبابيك وعلى الملابس المنشورة على أسطح المنازل. وتعاني ربات البيوت كثيراً من هذه الظاهرة، والتي لا يمكن وضع حد نهائي لها ما دامت المشاحر موجودة على مقربة من البيوت، وإذا ما بقيت طرق التصنيع على حالها بدون تطوير.

ولا يقتصر ضرر الدخان المنبعث من المشاحر على الإنسان بل يتعداه أيضاً ليصيب النبات. فمن المعروف أن منطقة يعبد هي منطقة غنية بأشجار الزيتون، ولكن يلاحظ أن غالبية الأشجار مغطاة بذرات الكربون المنبعثة من المفاحم مما يضر بها على المدى البعيد، حيث أن تراكم هذه الذرات يحجب أشعة الشمس عن الأوراق، وبالتالي يضعف أو يمنع عملية التمثيل الكلوروفيلي. بل أن بعض الخبراء ممن تمت مقابلتهم يؤكد بأن هنالك خطراً حقيقياً من أن استمرار تعرض الأشجار للغازات المنبعثة من المشاحر قد يؤثر على نوعية الزيت المنتج.

ومن الأسئلة التي تظل مفتوحة في الوقت الراهن هو مدى تأثير المشاحر على المياه الجوفية في المنطقة، خاصة وأنها تقع فوق حوض مائي رئيسي يغذي منطقة شمال الضفة الغربية. فمن المعروف بأن كميات كبيرة من المياه تستخدم في هذه الصناعة، إلا أن غالبيتها الساحقة تتبخر أثناء استخدامها في عملية التصنيع، وبالتالي فإن الكميات التي تتسرب إلى الطبقات السفلى من الأرض هي قليلة جداً. ولكن من المحتمل أن نسبة التلوث في الحوض المائي الجوفي هي أعلى مما يتوقع الكثيرون، خاصة بسبب تسرب كميات كبيرة من مياه الأمطار الساقطة على منطقة المشاحر إلى الأحواض الجوفية. وفي جميع الأحوال فإن هنالك حاجة ماسة لإجراء قياسات دورية لنسبة تلوث المياه الجوفية في المنطقة، خاصة وأن الآبار الموجودة (سواءاً الابار العميقة أم آبار الجمع) تستخدم على نطاق واسع لأغراض الشرب وسقي الحيوانات.

وهنالك أيضاً ضرراً بيئياً ينجم عن قيام أصحاب المشاحر بدفن مخلفات عملية التصنيع من الرماد في حفرة مجاورة لموقع المشحرة. ومن المحتمل أن يكون لذلك تأثيرات ضارة على المدى البعيد.

التوصيات

بغض النظر عن الأهمية الاقتصادية لصناعة الفحم في يعبد إلا أنه من الواضح بأن لهذه الصناعة انعكاسات صحية وبيئية خطيرة تتطلب من جميع الجهات المعنية اتخاذ الاجراءات المناسبة لتلافي هذه الأضرار أو الحد منها قدر المستطاع، مع عدم الاضرار بالدور البارز الذي تلعبه هذه الصناعة كمصدر رئيسي للدخل في بلدة يعبد. ولتحقيق هذا التوازن الحساس بين الجوانب الصحية والبيئية والاقتصادية فإن الباحث يقترح ما يلي:

1- ضرورة مطالبة جميع أصحاب المشاحر بالحصول على رخص من الدوائر الرسمية المختصة، على أن يتم تجديد هذه الرخص سنوياً. ويجب أن يتم التأكد قبل إعطاء الرخصة من التزام صاحبها بالحد الأدنى من الشروط من حيث الموقع والشروط الصحية.

2- هنالك حاجة ماسة لإجراء دراسات فنية على طرق التصنيع المستخدمة وذلك بهدف تطويرها بالشكل الذي يحد من مقدار التلوث الذي تتركه على البيئة المجاورة.

3- يجب حث العاملين في هذه الصناعة على استخدام أدوات الوقاية المناسبة أثناء تواجدهم في منطقة المشاحر. ويفترض أن يكون ذلك شرطاً أساسياً لمنح الرخص اللازمة لمزاولة العمل.

4- يجب منع اقامة أفراد عائلات العمال في منطقة المشاحر لما لذلك من أضرار صحية بالغة الخطورة عليهم.

5- يجب حفز الجهات المختصة في وزارة الصحة للقيام بدراسات احصائية دقيقة حول الأوضاع الصحية الفعلية في يعبد، حيث أنه من المرجح بأن معدلات الاصابات بالامراض التنفسية والخبيثة هي أعلى بكثير مما تظهره الأرقام المتوفرة، والتي تتعلق فقط بالمرضى الذين يراجعون دوائر الصحة الرسمية.

6- يجب إجراء فحوصات صحية دورية للعاملين في المشاحر وللسكان القاطنين في المناطق المجاورة.

7- يجب القيام بحملات للتثقيف الصحي تبين للعاملين في هذه الصناعة حجم الاضرار التي يتعرضون لها وطرق التعاطي مع مختلف الجوانب الانتاجية والتسويقية وبالشكل الذي يمنع أو يحد كثيراً من انعكاساتها الصحية والبيئية.  


بتصرف عن دراسه للدكتور   محمد التفكجي  .( مدير صحة محافظة جنين - فلسطين )..




452
منتدى علم الكيمياء / التصميم المعجز لبلورات الثلج
« في: مارس 13, 2004, 12:21:31 صباحاً »
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الشكر الجزيل لك اخي الكريم على الاهتمام ..

تحياتي
اخوك/ التواق للمعرفة

453
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

الشكر الجزيل لك اختي  balsam  على هذا الموضوع الهام ...


اخي ابو يوسف ..
بارك الله فيك على الاهتمام والتعليق ..
يبدو ان" البيئه " وامور المحافظه عليها وموضوع اعاده التصنيع ليست من ضمن اهتماماتنا ...

تحياتي
اخوكم / التواق للمعرفة




454
لدينا منها ما يكفي ويزيد   ':angry:' ':angry:'

455
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته ..

اشكرك  اخي الكريم على مرورك واهتمامك..


وباركك الله ..  
تقبل تحياتي
اخوك / التواق للمعرفة




456
'<img'> '<img'>

لا بأس اخي الكريم..




457
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

سلمت يداك اخي ابو خالد...

بوركت .. وجزاك الله كل خير ...

تقبل اعذب التحيات
اخوك/ التواق للمعرفة

458
منتدى الاحياء العام / طلب ...
« في: مارس 05, 2004, 08:31:48 مساءاً »
السلام عليكم ورحمه الله وبركاته

اخوتي في منتدى الاحياء ..

هل لكم ان تتكرموا علي ببعض المعلومات  عن " الطحاليات والكرويات " مدعمه ببعض الصور  لهذه الكائنات العحيبه .  

كذلك صوره لميزان حراره لقياس درجه الحراره داخل التربه ...

( معلش .. ولو فيها شويه غلبه )... '<img'>  '<img'>

تقبلوا فائق التحيات
اخوكم / التواق للمعرفة

459
منتدى الاحياء العام / العنـاكـب
« في: فبراير 28, 2004, 10:53:15 مساءاً »
قال تعالى : (مَثَلُ الَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ كَمَثَلِ الْعَنْكَبُوتِ اتَّخَذَتْ بَيْتاً وَإِنَّ أَوْهَنَ الْبُيُوتِ لَبَيْتُ الْعَنْكَبُوتِ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) (العنكبوت:41)  لقد شبه الله سبحانه وتعالى الكافرين و أليائهم الذي اتخذوهم من دون الله تعالى أنصاراً يرجون نصرتهم كمثل حال العنكبوت التي اتخذت بيتاً مكون من زوج و أولاد .

فقد كشف العلم الحديث أن العنكبوت الأنثى بعدما تنشأ البيت الذي  تساكن فيه الذكر تجبر العنكبوت الذكر على النكاح من أجل الحصول على الحيوانات المنوية و و تقوم بإستنزاف قواه  إلى آخر رمق و عندما تحصل على حاجتها منه و تتيقن أنه أصبح لا يستطيع أن يبذل المزيد و أصبح عبئً على العنكبوت الأنثى تطيح برأس زوجها الذي ساكنها في هذا البيت و تأكله كما أن العناكب الصغيرة تغادر البيت في سن مبكرة فراراً من أمهم التي ربما تأكلها إن جاعت فعلاقة العنكبوت الأنثى و العنكبوت الذكر هي علاقة مصلحة تنتهي بانتهائها فالوهن الذي أشار إليه القرآن الكريم في بيت العنكبوت هو وهن اجتماعي لا مادي و ذلك بعد ما كشف العلم الحديث أن خيط العنكبوت أشد متانة من الفولاذ .

 


و إذا كانت هذه الخيوط تبدو ضعيفة واهية تمزقها هبة ريح ، إلا أن الدراسات أوضحت أنها على درجة عالية من المتانة و الشدة و المرونة ، ومن المعروف أن هذا النوع من خيوط العنكبوت يعد أقوى مادة بيولوجية عرفها الإنسان حتى الآن، وتعتبر الخصلات الحريرية التي تكون نسيج العنكبوت أقوى من الفولاذ، ولا يفوقها قوة سوى الكوارتز المصهور، ويتمدد الخيط الرفيع منه إلى خمسة أضعاف طوله قبل أن ينقطع، ولذلك أطلق العلماء عليه اسم "الفولاذ الحيوي" أو "الفولاذ البيولوجي" أو "البيوصلب"، وهو أقوى من الفولاذ المعدني العادي بعشرين مرة، وتبلغ قوة احتماله 300.000 رطلا للبوصة المربعة، فإذا قدر جدلا وجود حبل سميك بحجم إصبع الإبهام من خيوط العنكبوت فسيُمْكِنه حَمل طائرة "جامبو" بكل سهولة.

و لقد قام العلماء بإنتاج مادة يشبه تركيبها  خيط العنكبوت وهي تسمى بالكافلر حيث يستعملونه في صنع  القمصان  الواقية من الرصاص .  

وأنثى العنكبوت هي التي تقوم بنسج الخيط، عن طريق آلية هندسية تعتبر معجزة إلهية في حد ذاتها، فخيط العنكبوت الضئيل الذي يظهر أمام العين المجردة مصنوع بالطريقة نفسها التي يصنع بها الكوابل شديدة الصلابة؛ حيث يتكون الخيط المفرد من عدة خيوط متناهية في الصغر ملتفة حول بعضها، وقد يبلغ سمك الخيط الواحد منها 1 من مليون من البوصة، تنتجه غدد أنثى العنكبوت من خلال ثلاثة مغازل خاصة موجودة أسفل البطن، ويوجد قرب كل مغزل فتحات لغدة صغيرة تخرج منها المادة التي تكون الخيوط الحريرية، وهي مادة معظمها من البروتين و قد يصل عدد هذه الغدد إلى 600 غدة .

وأثناء هندسة النسيج، تقوم العنكبوت بجمع الخيوط الناتجة من ثلاثة مغازل معا لتكوين خصلة قوية ومتينة، وتغزل العناكب التي تعيش خارج المنزل نسيجا معروفا باسم الفلك نسبة إلى شكله الدائري، وهو قطعة هندسية رائعة من الخطوط المتناسقة التي تتلألأ بشكل بهي تحت أشعة الضوء في مطلع الفجر..

و لقد و توصل العلم الحديث إلى وصف أكثر من 35000 نوع من العناكب المختلفة الأحجام و الأشكال و الألوان و الطبائع و الغرائز ، و يعتبر عنكبوت المنزل المعروف أقل هذه الأنواع ابتكاراً و تفنناً في صنع نسيجه .



و من دراسة حياة العناكب لاحظ العلماء أن بيت العنكبوت له شكل هندسي خاص دقيق الصنع ، و مقام في  مكان مختار له في الزوايا ، أو بين غصون الأشجار ، و أن كل خيط من الخيوط المبني منها البيت مكون من أربعة خيوط أدق منه ، و يخرج كل خيط من الخيوط الأربعة من قناة خاصة في جسم العنكبوت و خيوط العنكبوت حريرية رفيعة جداً، حتى أن سمك شعرة واحدة من رأس الإنسان يزيد عن سمك خيط نسيج العنكبوت بحوالي 400 مرة

و لا يقتصر بيت العنكبوت على أنه مأوى يسكن فيه ، بل هو في نفس الوقت مصيدة تقع في بعض حبائلها اللزجة الحشرات الطائرة مثل الذباب و غيرها .. لتكون فريسة يتغذى عليها .



و تدل الدراسات المستفيضة للحشرات على أن بعضها له حياة اجتماعية ذات نظم و مبادئ و قوانين تلتزم بها في إعداد مساكنها و الحصول على أقواتها و الدفاع عن نفسها و التعاون فيما بينها بصورة تدهش العقول و ذلك بإلهام من خلقها الذي يجعلها تبدو و كأنها أمم لها كيان و نظام و عمران .

و من رحمة الله بعباده أن جعل العناكب ، و هي المخلوقات التي يتقزز منها الإنسان ، لا تخلو من فوائد عديدة ، فهي تلتهم الملايين من الحشرات  و النباتات الضارة بالصحة ، أي أنها تعمل كمبيدات حشرية حية لدرجة أن أحد علماء  الأحياء يؤكد أن نهاية الإنسان تصبح محققة على ظهر الأرض إذا ما تم القضاء على العناكب .

من ناحية أخرى ، تستخدم العناكب في مجالات البحث العلمي لتجريب تأثير بعض المواد المخدرة عليها ، كما أن العناكب من أوائل الكائنات التي وضعت في سفن الفضاء لملاحظة سلوكها و هي تبني شباكها تحت تأثير انعدام الجاذبية في الفضاء الخارجي و تجري حالياً دراسات علمية مكثفة للإفادة من حرير العنكبوت على النطاق التجاري على غرار ما حدث بالنسبة لاستخدام الحرير المنتج بواسطة دودة القز .

و يتجلى الإعجاز العلمي في التعبير القرآني عن الفعل بصيغة المؤنث في كلمة " اتخذت " ، وهي إشارة في غاية الدقة للدلالة على أن الأنثى ـ و ليس الذكر ـ هي التي تقوم بضع نسيج البيت، وكذل الإشارة إلى ظاهرة التفكك الأسري في بيت العنكبوت في أن العنكبوت الأم تقوم بقتل زوجها بعد التلقيح مباشرة و كذلك تهجر صغار العناكب أعشاشها في سن مبكرة ،  و هو ما كشف عنه العلم الحديث بالنسبة لغالبية أنواع العنكبوت ، و ما كان لأحد قط أن يفطن إلى هذه الحقيقة وقت نزول القرآن الكريم .

460
هناك بضع الخلايا في جسم الإنسان لمي يعد إليها حاجة أو تكون مريضة أو مصابة ، فهذه الخلايا تتلف نفسها بنفسها ، و معظم الخلايا تقوم بتوليد البروتينات الكافية لقتلها ، و لكن هذه البروتينات لا تكون مؤثرة طالما كانت الخلية مفيدة للجسم و تمارس وظيفتها بشكل إيجابي إلا أن هذه البروتينات القاتلة أو ما نستطيع تسميتها بـ : آلة الموت داخل الخلية ـ تبدأ في العمل فقط عندما تصبح الخلية مريضة أو في حالة إبدائها سلوكاً غريباً أو في حالة كون و جود الخلية يعرض جسم الكائن الحي إلى خطر أكيد .

و من ألأهمية بمكان أن تقرر الخلية الانتحار في الوقت المناسب تماماً ، و إلا فإن بدء البروتينات القاتلة في التأثير سيسبب موت الخلية السليمة حتماً ، و هذا يعني استمرار موت الخلايا السليمة  في الجسم و بالتالي هلاك الكائن الحي .

و كذلك استمرار الخلايا المصابة في الحياة يؤدي إلى أضرار تستفحل باستمرار و تقوم في النهاية إلى الموت ، و هذه الخلية التي يقرر الانتحار ، و تسمح لبروتيناتها القاتلة في العمل ، تبدأ أولاً بالانكماش كي تعزل نفسها عن الوسط الموجدة فيه ، و من ثم تظهر فقاعات على سطح الخلية  فتبدو كأنها تغلي . و بعدها تبدأ النواة ثم سائر أجزاء الخلية في الانقسام إلى أجزاء متعددة . و تتلف الفضلات الناتجة عن الانتحار في الحال بواسطة الخلايا السليمة الأخرى و الموجودة في منطقة الخلية المنتحرة  ، و الغريب هنا أن الخلايا المنتحرة و الميتة لا تتلف كلها بل يتم الإبقاء على بعضها ، لأن في ذلك فائدة لجسم الكائن الحي ، و على سبيل المثال فإن عدسة العين و الجلد و الأظافر ، كل هذه تراكيب تتألف من أنسجة ميتة و لكن وجودها مهم لجسم الكائن الحي ، لذلك لا يتم إتلافها من الخلايا الميتة التي لا تزال ذات فائدة .

ما الذي جعل الخلية السليمة تستطيع أن تميز بهذا الشكل العجيب ؟ من الذي أوحى للخلية السليمة بأن ثمة خلية قد تلفت و أصبحت تشكل خطراً على الجسم ؟ من خلال ما تقدم يتضح لنا أن  الخلايا الحية مبرمجة على أداء وظائفها الحياتية على أحسن صورة و هو ما يسمح باستمرار حياة الكائن الحي . ولكن من صاحب هذا النظام الخارق .

إن دعاة نظرية التطور لابد و أنهم مصابون بالعمى المزمن لأنهم لم يكفوا عن التأكيد بأن المصادفة العمياء هي التي أودعت هذا النظام الخارق في الخلايا . و لكن الذي لا شك فيه أن الله تعالى بقدرته التي لا مثيل لها ، و بعلمه الذي لا حد له يتجلى بكل وضوح عند النظر في مخلوقات .

461
منتدى علم الكيمياء / التصميم المعجز لبلورات الثلج
« في: فبراير 28, 2004, 09:07:20 مساءاً »
عندما يتفحص المرء بلورات الثلج يرى أشكالاً متعددة و مختلفة فيما بينها . ويعتقد الباحثون أن متراً مكعباً من الثلج يحتوي على 350 مليون بلورة ، و هذه البلورات جميعها تتخذ شكل مضلع سداسي ، بيد أن هذه المضلعات السداسية تختلف فيما بينها من ناحية الشكل الذي تتخذه . و لكن كيف ظهرت هذه الأشكال ؟

كيف اختلفت فيما بينها ؟ كيف حدث هذا التناسق فيما بينها ؟ ما زالت الأبحاث جارية من قبل العلماء للتوصل إلى أجوبة عن هذه الأسئلة .

و كل شيء جديد يكتشف يضاف إلى رصيد الإعجاز الموجود في تصميم هذه البلورات الثلجية ، إن الشكل المضلع السداسي للبلورة الثلجية ، و التي لها أنواع مختلفة من ناحية التناسق و التماثل فيما بينها ، يعد دليلاً على الإبداع الإلهي في الخلق ، و لا شك فهو البديع ( أي الخالق دون وجود أنموذج سابق لخلقه ) جل جلاله ، و هو الله الذي خلق الأشياء في أحسن صورة .

و عندما نتفحص البلورة الثلجية سنجد أمامنا جانبياًَ آخر من الإعجاز الإلهي .

إن هذه البلورات الثلجية التي تتجمع لتأخذ أشكالاً عديدة مثل الصحون الصغيرة و الكبيرة ، أو الشكل النجمي أو حتى الشكل الدقيق جداً الذي يشبه رأس إبرة تحقق هذا الاختلاف في التشكل بوسيلة مثيرة للحيرة في العقول..

ولا شكل في أن هذا التركيب البلوري لحبات الثلج قد جلب انتباه الباحثين منذ سنوات عديدة ، فقد أجريت الأبحاث و مازالت مستمرة منذ سنة 1945 لاكتشاف العوامل التي تشكل هذه البلورات بهذه الأشكال المختلفة ، فحبة الثلج تتألف من أكثر من مئتي بلورة ثلجية ، والبلورات الثلجية هي عبارة عن مجموعة من جزيئات من الماء مرتبة و منظمة بتناسق باهر فيما يبنها ، و توصف هذه البلورات الثلجية بأنها بناء معماري بارع جداً ، و هي تشكل عندما يمر بخار الماء خلال السحاب متعرضاَ للبرودة ، و يحدث هذا الأمر كالآتي :

يحتوي بخار الماء على جزيئات الماء التي تكون منتشرة بصورة عشوائية ، و عندما تمر بين السحاب تتعرض للبرودة و بالتالي يقل نشاطها ، و هذه الجزيئات التي أصبحت حركتها بطيئة تميل إلى التجمع فيما بينها ثم تتحول إلى جسم صلب ، و لكن هذا التجمع لا يكون عشوائيا أبداًَ ، بل على العكس إنه دائماَ يكون باتحاد جزيئات الماء لتكوين مضلعات سداسية مجهرية منتظمة الشكل .

و كل قطعة ثلج تتكون من مرحلة أولى من مضلع سداسي و يتبلور من جزيئات الماء ، و من ثم تأتي باقي المضلعات السداسية المتبلورة لتلتحم بالبلورة الأولى ، و العامل الرئيسي في طريقة تشكيل هذه البلورة الثلجية ـ و كما شرح ذلك العلماء ـ هو الالتصاق المتسلسل لهذه المضلعات السداسية بعضها ببعض تماماًَ مثلما تتحد حلقات السلسلة الواحدة .

و المفترض في هذه البلورات هو أن تتخذ الشكل نفسه مهما اختلفت الحرارة و الرطوبة ، و لكن الذي يحصل هو أن شكلها يختلف باختلافهما ، لماذا توجد هذه البلورات المتناسقة ذات الشكل المضلع السداسي في كل قطعة ثلج ؟ و لماذا تأخذ شكلاً مختلفاً إحداها عن الأخرى ؟ لماذا تكون حواف هذه الأشكال ذات  زوايا بدلاً من أن تكون مستقيمة ؟ و لا زال العلماء مستمرين في أبحاثهم سعياً وراء العثور عن الأجوبة  .
و لكن الحقيقة الواضحة أن الله فاطر السماوات و الأرض هو الذي خلق كل شيء و سواه لا شريك له و هو الأحد الصمد .

 

462
منتدى الاحياء العام / الإعجاز العلمي للقرآن في الطيور
« في: فبراير 28, 2004, 08:50:11 مساءاً »
قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (النور:41)

قال تعالى : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّرَاتٍ فِي جَوِّ السَّمَاءِ مَا يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللَّهُ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) (النحل:79).

لقد أشارت هاتان الآيتان إلى ناحيتين من نواحي الإعجاز العلمي في القرآن في قوله صافات في سورة النور و التي تشير إلى تثبيت الطير لجناحيه وعدم تحريكهما أثناء الطيران و ذلك من أجل الاستفادة من التيارات الهوائية و التي سوف نتناولها في شيء من التفصيل ..

و قوله مسخرات في جو السماء ما يمسكهن إلا الله و هي تشير إلى الأنظمة التي خلقها الله في جسم الطائر و في الهواء والتيارات الهوائية التي تمكن الطائر من الطيران في الجو.

 


و سنتناول في هذا البحث تلك الأنظمة المعقدة التي وهبها الله سبحانه وتعالى للطير:

بنية ريش الطائر:
الريش من أكثر النواحي الجمالية التي يتمتع بها الطير ، و تدل عبارة "خفيف كالريش" على كمال البنية المعقدة للريش .

تتكون الريش من مادة بروتينة تدعى كيراتين و الكيراتين مادة متينة تتشكل من الخلايا القديمة التي هاجرت من مصادر الأكسجين و الغذاء الموجود في الطبقات العميقة من الجلد و التي تموت لتفسح المجال أمام الخلايا الجيددة .

إن تصميم الريش تصميم معقد جداً لا يمكن تفسيره على ضوء العملية التطورية ، يقول العالم آلان فيديوسيا عن ريش الطيور : " لها بنية سحرية معقدة تسمح بالطيران بأسلوب لا يمكن أن تضمنه أي وسيلة أخرى .و يقول عالم الطيور فيديوسيا " إن الريش هو بنية متكيفة بشكل مثالي تقريباً مع الطيران  لأنها خفيفة ، قوية و ذات شكل منسجم مع الديناميكية الهوائية ، و لها بنية معقدة من الخطافات و القصبات" .
لقد أجبرت هذه الرياش تشارلز داروين نفسه على التفكير بها ، بل لقد جعله ريشة الطاووس مريضاً ( حسب قوله ) .

لقد كتب إلى صديقه أز غري في الثالث عشر من نيسان 1860 : "أتذكر تماماً حين كان الشعور بالبرودة يجتاحني ما أن تخطر ببالي العين ، إلا أنني تغلبت على هذا الآن ..

ثم يتابع :
القصيبات و الخطافات :
عندما يقوم أحدنا بفحص ريش الطائر تحت المجهر ستصيبه الدهشة ، و كما نعرف جميعاً هناك قصبة رئيسية لباقي الرياش يتفرع عن هذه القصيبة الرئيسية المئات من القصيبات في كلا الاتجاهات ، وتحدد هذه القصيبات ـ المتفاوتة الحجم و النعومة ـ الديناميكية الهوائية للطائر ، و تحمل كل قصبة الآلآف من الخيوط و التي تدعى القصيبات ، وهذه لا يمكن رؤيتها بالعين المجردة و تتشابك هذه القصيبات مع بعضها بواسطة شويكات خطافية ، و تكون طريقة اتصالها بمساعدة هذه الخطافات بشكل يشبه الشكل الذي يرسمه الزالق المسنن " السحاب " .

على سبيل المثال : تحتوي ريشة رافعة واحدة على 650 قصبة على كل جانب من جانبي القصبة الرئيسية ، ويتفرع ما يقارب 600 قصيبة عن كل قصبة ، و كل قصيبة من هذه القصيبات تتصل مع غيرها بواسطة 390 خطافاً . تشابك الخطافات مع بعضها كما تتشابك أسنان الزالق على جانبيه ، تتشابك القصيبات بهذه الطريقة بحيث لا تسمح حتى للهواء المتسب عنها باختراقها ، إذا انفصلت بهذه الطريقة لأي الأسباب ، فيمكن للطائر أن يستعيد الوضع الطبيعي للريشة إما بتعديلها بمنقاره ، أو بالانتفاض.

على الطائر أن يحتفظ برياشه نظيفة مرتبة وجاهزة دائماً للطيران لكي يضمن استمراره في الحياة ، يستخدم الطائر عادة الغدة الزيتية الموجودة في أسفل الذيل في صيانة رياشه . بواسطة هذا الزيت تنظف الطيور رياشها و تلمعها ، كما أنها تقيها من البلل عندما تسبح أو تغطس أو تطير في الأجواء الماطرة .

تحفظ الرياش درجة حرارة جسم الطائر من الهبوط في الجو البارد ، أما في الجو الحار فتلتصق الرياش بالجسم لتحتفظ ببرودته .
أنواع الريش :
تختلف وظائف الرياش حسب توزيعها على جسم الطائر فالرياش الموجودة على الجسم تختلف عن تلك الموجودة على الجناحين و الذيل . يعمل الذيل برياشه على توجيه الطائر و كبح السرعة ، بينما تعمل رياش الجناح على توسيع المنطقة السطحية أثناء الطيران لزيادة قوة الارتفاع عندما ترفرف الأجنحة متجهة نحو الاسف تقترب الرياش من بعضها لتمنع مرور الهواء ، و لكن عندما تعمل الأجنحةعلى الاتجاه نحو الأعلى تنتشر الرياش متباعدة عن بعضها سامحة للهواء بالخلل.تطرح الطيور رياشها خلال فترات معينة من السنة لتحتفظ بقدرتها على الطيران ، وهكذا يتم استبدال الرياش المصابة أو الرثة فوراً .



"  ... و الآن عندما أفكر بجزئيات البنية أشعر بعدم الارتياح ، إن منظر ذيل الطاووس ورياشه يشعرني بالمرض.



رياش الآلة الطائرة :
يكتشف المدقق في أجسام الطيور أنها خلقت لتطير لقد زُود جسمها بأكياس هوائية و  عظام مجوفة للتخفيف من وزن الجسم و بالتالي من الوزن الكلي . و تدل الطبيعة السائلة لفضلات الطائر على طرح الماء الزائد الذي يحمله جسمه ، أما الرياش فهي خفيفة جداً بالنسبة إلى حجمها .

لنمض مع هذه البينات المعجزة لجسم الطائر فنتناولها الواحدة تلو الأخرى .

1.    الهيكل العظمي :
إن القوة التي يتمتع بها جسم الطائر في غاية الانسجام مع بنيته و احتياجاته على الرغم من تركيبة عظامه المجوفة و ذلك من أجل تخفيف وزنه ليمكنه هذا من سهولة الطيران . على سبيل المثال : يبذل طائر البلبل الزيتوني الذي يبلغ طوله 18 سم ضغطاً يعادل 68.8 كغ لكسر بذرة الزيتون، تلتحم عظام الكتفين والفخذين والصدر مع بعضهما عند الطيور و هو تصميم أفضل من ذلك الذي تملكه الثديات ، وهو يبرهن على القوة التي تتمتع بها بنية الطائر . من المميزات الأخرى التي يتمتع بها الهيكل العظمي للطائر ـ كما ذكرنا سالفاً ـ أنه أخف من الهيكل العظمي الذي تمتلكه الثديات . على سبيل المثال : يبلغ الهيلك العظمي للحمامة 4.4 % من وزنها الإجمالي بينما يبلغ وزن عظام طائر الفرقاط (طائر بحري ) 118 غراماً أي أقل من وزن رياشه .





2.    النظام التنفسي :
يعمل الجهاز التنفسي عند الطيور بشكل مختلف تماماً عن الثديات لعدة أسباب : السبب الأول يعود إلى الحاجة المفرطة للأوكسجين الذي يستهلكه الطائر . على سبيل المثال : تبلغ كمية الأوكسجين التي يحتاجها الطائر عشرين ضعف الكمية التي يحتاجها الإنسان فرئة الثديات لا يمكن أن تقدم كميات الأوكسجين التي تحتاجها الطيور ، لذلك صممت رئات الطيور بشكل مختلف تماماً .
يكون تبادل الهواء في الثديات ثنائية الاتجاه يسير الهواء في رحلة عبر شبكة من القنوات ويتوقف عند أكياس هوائية صغيرة ، و هنا تأخذ عملية تبادل الأوكسجين و ثاني أكسيد الكربون مكانها . يسلك الهواء المستهلك المسار العكسي تاركاً الرئة و متجهاً نحو القصبة الهوائية حيث يتم طرحه .

عل العكس من ذلك ، فإن التنفس عند الطيور أحادي الاتجاه حيث يدخل الهواء النقي من جهة و يخرج الهواء المتسهلك من جهة أخرى . و هذه التقنية توفر تغذية مستمرة بالأوكسجين عند الطيور ، مما يلي حاجاتها لكميات الطاقة الكبيرة التي تستهلكها ، يصف البيولوجي الأسترالي ميشيل دايتون المعروف بنقده للنظرية الداروينية الرئة الهوائية كما يلي .

يتجزأ النظام الرغامي عند الطيور إلى أنابيب صغيرة جداً . و في النهاية تجتمع هذه التفرعات التي تشبه النظام التقصي مرة أخرى لتشكل نظاماً دورانياً يمر فيه الهواء خلال الرئة باتجاه واحد .

على الرغم من وجود الأكياس الهوائية في أنواع معينة من الزواحف ، إلا أن البنية الرئوية عند الطيور و عمل النظام التنفسي بشكل عام فريد تماماً . لا يوجد أي بنية رئوية عند الفقاريات تشبه تلك التي تحملها الطيور ، علاوة على أن هذه البنية مثالية بكل تفاصيلها ...
أن البنية الفريدة لرئة الطائر الهوائية تنبيء عن تصميم يضمن التزود بالكميات الكبيرة من الأوكسجين التي يحتاجها الطائر في طيرانه .

لا يحتاج الأمر إلى أكثر من إحساس بسيط لنتبين أن رئة الطائر هي دليل آخر من الدلائل التي لا تعد على أن الله هو الذي خلقها بهذه الصورة .



3.    نظام التوازن :
خلق الله الطيور في أحسن تقويم دون أي خلل شأنها شأن باقي المخلوقات .و هذه الحقيقة تتجلى في كل تفصيل من التفصيلات . خلقت أجسام الطيور في تصميم خاص يلغي أي احتمال لاختلاف التوازن أثناء الطيران . رأس الطير مثلاً صمم ليكون يوزن خفيف حتى لا ينحني الطائر أثناء الطيران . و بشكل عام يشكل وزن رأس الطائر 1% من وزن جسمه فقط .

من خصائص التوازن الأخرى لدى الطائر ،بنية الرياش المتناسبة مع الديناميكية الهوائية حيث تسهم الرياش ، وخاصة رياش الذيل و الأجنحة بشكل فعال جداً في توازن الطائر .

يتمثل إعجاز هذه الخصائص مجمعة في الصقر الذي يحتفظ بتوازن مذهل أثناء انقضاضه على فريسته من علو شاهق 384 كم في الساعة .

4.    مشكلة القوة و الطاقة :
إن كل عملية تتم وفق سلسلة من الحوادث في علم الأحياء و الكيمياء و الفيزياء ، تعتمد على مبدأ " حفظ الطاقة " يعني هذا المبدأ باختصار : " الحصول على كمية معينة من الطاقة للقيام بعمل معين " .
يعتبر طيران الطائر ومثالاً واضحاً على مبدأ حفظ الطاقة .

يتوجب على الطيور المهاجرة ادخار كمية من الطاقة تكفيها أثناء رحلتها ، إلا أنها يجب أن تكون بنفس الوقت في أخف وزن ممكن ، و مهما يكن الأمر فيجب أن يتم طرح الوزن الزائد مع الاحتفاظ بالوقود بأقصى درجات  .

الفاعلية بمعنى آخر : في حين يجب أن يكون وزن الوقود في أدنى مستوياته يجب أن تكون الطاقة في أقصى معدلاتها . كل هذه الأشكاليات لا تشكل عائقاً أمام الطيور .

الخطوة الأولى تحديد السرعة القصوى للطيران . فإذا كان على الطائر أن يطير ببطء شديد يكون استهلاك الطاقة للحفاظ على البقاء في الهواء ، أما إذا كان يطير بسرعة عالية جداً فإن الطاقة تستهلك في التغلب على مقاومة الهواء . و هكذا يتضح أنه يجب الحفاظ على سرعة مثالية في سبيل استهلاك أقل كمية ممكنة من الوقود . بالإعتماد على البنية الديناميكية الهوائية للهيكل العظمي و الأجنحة ، فإن السرعات المختلفة تعتبر مثالية بالنسبة لكل أنواع الطيور .

 لنتفحص الآن مشكلة الطاقة عند طائر الزقزاق الذهبي الهادئ

pluvialis dominica fulva

يهاجر هذا الطائر من ألاسكا إلى جزر الهاواي  ليقضي فصل الشتاء هناك . و بما أن طريق هجرته يهاجر هذا الطائر من ألاسكا إلى جزر الهاواي ليقضي فصل الشتاء هناك . و بما أن طريق هجرته خالٍ من الجزر ، فإنه يضطر إلى قطع 2500 ميل ( أي 4000كم ) من بداية رحلته حتى نهايتها ، و هذا  يعني 250000 ضربة جناح دون توقف ، بقي أن ننوه إلى أن هذه الرحلة تستغرق 88 ساعة .

يزن الطائر في بداية رحلته 7 أونسات أي ما يعادل 200 غ ، 2.5 أونس منها (70 غ ) دهون يستخدم كمصدر للطاقة ، إلا أن الطاقة التي يحتاجها الطائر لكل ساعة طيران ـ كما حسبها العلماء ـ تساوي 3 أونسات (82غ ) كوقود يغذي الفاعلية الطيرانية لديه ، أي أن هناك نقصاناً في الوقود اللازم يعادل 0.4 أو نس (12غ ) مما يعني أن على الطائر أن يطير مئات الأميال دون وقود قبل أن يصل إلى هاواي .

ولكن و على الرغم من كل هذه الحسابات ، يصل الطائر الذهبي إلى جزر هاواي بسلام ، و دون مواجهة أي مشكلات كما أعتاد في كل سنة ، فما السر وراء هذا ؟

أوحى الله تعالى إلى هذه الطيور التي خلقها أن تتبع طريقة معينة في هذه الرحلة تجعل من طيرانها أمراً سهلاً و فاعلاً . لا تطير هذه الطير وبشكل عشوائي و لكن ضمن سرب ، و هذا السرب بدوره يطير في الهواء بشكل حرف . " 7" و بفضل هذا التشكيل لا تحتاج الطيورإلى كثير من الطاقة في مقاومة الهواء الذي تواجهه ، و هكذا توفر نسبة 23% من الطاقة ، و يبقى لديها 0.2 أونس ( 6 ـ 7 غ ) من الدهون عندما تحط في المستقر . و لكن هل هذه الطاقة الزائدة فائض لا معنى له ؟ بالطبع لا . هذا الفائض محسوب للاستخدام في حالات الطوارئ عندما يواجه السرب تيارات هوائية معاكسة .


و هنا تظهر أمامنا هذه الأسئلة :

كيف يمكن أن تعلم الطيور كمية الطاقة أو الدهون اللازمة ؟

كيف يمكن أن تؤمن هذه الطيور كل الطاقة اللازمة قبل الطيران ؟

كيف يمكنها أن تحسب مسافة الرحبة و كمية الوقود اللازم لها ؟

كيف يمكن أن تعرف أن الظروف الجوية في هاواي أفضل منها في ألاسكا؟

من المستحيل أتتوصل الطيور إلى هذه المعلومات ، أو تجري هذه الحسابات ، أو تقوم بتشكيل السرب بناء على هذه الحسابات . إنه الوحي الإلهي : قوة عظمى توجهها و تدلها على كل ما يضمن لها استمراريتها في هذا العالم . كذلك يلفت القرآن الكريم انتباهنا إلى طريقة أخرى تطير بها الطيور (صافات ) و تخبرنا الآيات عن الإدراك الموجود عند هذه الأحياء إنما هو إلهام إلهي :

قال تعالى (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُسَبِّحُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَالطَّيْرُ صَافَّاتٍ كُلٌّ قَدْ عَلِمَ صَلاتَهُ وَتَسْبِيحَهُ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِمَا يَفْعَلُونَ) (النور:41)

 الجهاز الهضمي :

يحتاج الطيران إلى قوة كبيرة ، لهذا السبب تمتلك الطيور أكبر نسبة من الخلايا العضلية، الكتلة الجسمية بين الكائنات على الإطلاق . كذلك يتناسب الاستقلاب لديها مع المستويات العالية للقوة العضلية . وسطياً يتضاعف الاستقلاب عند هذا الكائن عندما ترتفع درجة حرارة جسمه بمعدل 50 فهرنهايت (10درجات مئوية ) . تدل درجة حرارة الطائر الدوري على سبيل المثال و البالغة 108 فهرنهايت ( 42 درجة مئوية) و الشحرور البالغة 109 ف ( 43.5 درجة مئوية ) ، على مدى سرعة العملية الاستقلابية لديهم . هذه الحرارة العالية و التي تزيد من استهلاك الطاقة و بالتالي من قوة الطائر .

تقوم الطيور بسبب حاجتها المفرطة للطاقة بهضم طعامها بطريقة مثالية . على سبيل المثال : يزيد وزن صغير اللقلق بمقدار كيلوغرام واحد عند تناوله 3 كيلو غرامات من الطعام . بينما تكون نسبة الزيادة في الثديات كيلوغرام واحد لكل 10 كيلوغرامات من الطعام . كذلك الأمر بالنسبة للجهاز الدوراني عند الطيور الذي صمم ليتوافق مع متطلبات الطاقة العالية . بينما يخفق القلب البشري بمعدل 78 خفقة في الدقيقة ، ترتفع هذه النسبة إلى 460 خفقة في الدقيقة عند طائر الدوري و 615 عند الشحرور  . و تتخذ الرئتان الهوائيتان موقف القائد الذي يزود كل هذه الأجهزة السريعة الأداء بالأكسجين اللازم لعملها .

و تستخدم الطيور طاقتها بفاعلية كبيرة، فهي تظهر فاعلية كبيرة  في استهلاك الطاقة تفوق استهلاك الثديات لها . على سيل المثال يستهلك السنونو 4 كيلوكالوري في الميل 2.5 في الكيلومرت ، بينما يحرق حيوان ثديي صغير 41 كيلو كاليوري .

لا يمكن للطفرة أن تفسر الفرق بين الطيور و الثديات . و حتى لو سلمنا جدلاً أن أحد هذه الخصائص حدثت عن طريق طفرة عشوائية ،و هو افتراض مستحيل بالطبع ، فإن خاصية واحدة تقف منعزلة لا تعني شيئاً .

إن الاستقلاب الذي تتولد عنه مستويات عالية من الطاقة لا يحمل أي معنى دون رئتين هوائيتين مخصصتين ، علاوة على أن هذا قد يسبب للحيوان معاناة من نقص في التغذية بالأكسجين و إذا طرأت طفرة على الجهاز التنفسي قبل الأجهزة الأخرى ، فهذا يعني أن يستنشق الطائر أكسجيناً يفوق حاجته ، و ستكون الزيادة ضارة تماماً كما هو النقص كذلك الأمر بالنسبة للهيكل العظمي . فلو كان الطائر مجهزاً برئتين هوائيتين و نظام استقلاب متكيف مع كل احتياجاته ، فسيبقى عاجزاً عن الطيران . فمهما بلغت قوة الكائن الأرضي لا يمكنه الطيران بسبب البنية الثقيلة و المجزأة نسبياً لهيكله العظمي . يحتاج تشكيل الأجنحة أيضاً إلى تصميم متقن لا يقبل الخطأ .

آليات الطيران المتقنة :

جهز الخالق عز وجل كل أنواع الطيور من النورس و حتى النسر ، بآلية طيرانية تمكنها من الاستفادة من الرياح ، وبما أن الطيران يستهلك الكثير من الطاقة ، فقد خلقت الطيور بعضلات صدر قوية و قلوب كبيرة و عظام خفيفة . و لا تقف معجزة خلق الطيور عند أجسامها ، فقد أوحى الخالق إلى الكثير من الطيور اتباع طريقة معينة في الطيران تجعلها تخفض من الطاقة اللازمة لها .

العوسق طائر بري منتشر في أوربا و إفريقيا و آسيا ، و هو يتمتع بمقدار خاصة ، إ يمكنه أن يبقي رأسه بوضعية ثابتة أثناء طيرانه في مواجهة الرياح و مع أن جسمه يتأرجح في الهواء إلا أن رأسه يبقى ثابتاً مما يحقق له رؤيا ثاقبة على الرغم من كل الحركة التي قد يضطر لا نتهاجها . على المبدأ نفسه يعلم جهاز الجيروسكوب الذي يستخدم لموازنة السفن الحربية في البحار ، لذلك يطلق العلماء على رأس العوسق لقب " رأس البوصلة الموازنة " .
آلية التوقيت :

تضع الطيور جدول الصيد الخاص بها بمهارة فائقة فطيور العوسق تحب أن تتغذى على الفئران ، والفئران تعيش عادة تحت الأرض و تخرج للاصطياد كل ساعتين يتزامن وقت الطعام عند العوسق معه عند الفئران ، فتصيد خلال النهار و تأكل عند حلول الظلام ، فإذن هي تطير في النهار بمعدة فارغة مما يضمن لها وزناً خفيفاً . هذه الطريقة تخفض من الطاقة اللازمة ، ووفقاً لحسابات العلماء ، فإن الطائر يوفر نسبة 7% من طاقته بهذه الطريقة .

التحليق في الهواء :

 كذلك تتمكن الطيور من تخفيض معدل الطاقة المستهلكة باستخدامها الهواء ، فالطيور تحلق عندما تزيد من شدة التيار الهوئي فوق أجنحتها و تستطيع أن تبقى معلقة في الهواء حتى في التيارات القوية . و تعتبر تيارات الهواء الصاعدة ميزة إضافية بالنسبة لها .

يطلق على استخدام الطائر التيارات الهوائية لتوفير الطاقة أثناء طيرانه " التحليق " ، و العوسق هو أحد الطيور التي تتمتع بهذه القدرة . إن إمكانية التحليق تعتبر من خصائص التفوق عند الطيور للتحليق فائدتان أساسيتان : الأولى أنه يوفر الطاقة اللازمة للبقاء في الهواء أثناء البحث عن الطعام أو الانقضاض على فريسة أرضية ، و الثانية أنه يسمح للطائر بزيادة مسافة الطيران . يتمكن القطرس من توفير 70% من طاقته أثناء التحليق .

الحصول على الطاقة من التيارات الهوائية :

تستخدم الطيور التيارات الهوائية بطريقتين : يستفيد العوسق الذي ينحدر من قمة المرتفع و القطرس الذي يغوص ف يالخلجان الشاطئية من التيارات الهوائية ، و يدعى هذا بالتحليق المنحدر .

عندما تمر رياح قوية فوق قمة المرتفع ، تشكل موجات من الهواء الساكن ، ومع ذلك تستطيع الطيور أن تحلق في هذه البيئة . يستفيد طائر الأطيش و غيره من الطيور البحرية من هذه التيارات الساكنة التي تحدث في الجزر ، و في بعض الأحيان يستفيد من التيارات التي تثيرها بعض الجمادات مثل السفن ، التي يحلق فوقها القطرس .

تخلق الجبهات الهوائية التيارات الرافعة للطيور  :

و الجبهات هي السطح البيني الفاصل بين الكتل الهوائية المختلفة الأحجام و الكثافة . و يطلق على تحليق الطيور على هذه الأسطح البينية " العاصفة المنحدرة " . ثم اكتشاف هذه الجبهات و التي غالباً ما تتشكل على الشواطئ بفعل التيارات الهوائية القادمة من البحر أو عن طريق الرادار أو من خلال مراقبة الطيور البحرية و هي تنحدر فيها على شكل أسراب . هناك نوعان آخران من التحليق :التحليق الحراري و التحليق الديناميكي .

تلاحظ ظاهرة التحليق الحراري في مناطق الجزر الحارة على وجه الخصوص . عندما تصل أشعة الشمس إلى الأرض ، تقوم الأرض بدورها يسخن الهواء الملامس لها . وعندما يتسخن الهواء يصبح أقل وزناً و يأخذ بالارتفاع . يمكن ملاحظة هذه الظاهرة أيضاً في العواصف الرملية و الشابورات الهوائية .

طريقة التحليق عند النسور

تملك النسور طريقة خاصة في الاستفادة من الموجات الحرارية عند التحليق لتتتمكن من مسح الأرض من علو مناسب . فهي تنساب من موجة حرارية إلى موجة حرارية أخرى طوال اليوم و هكذا تحلق فوق مساحات كبيرة في اليوم الواحد .

تبدأ الموجات الهوائية عند الفجر بالارتفاع . تشرع النسور الصغيرة أولاً بالتحليق مستخدمة التيارات الأضعف ، و عندما تشتد التيارات ، تقلع النسور الأكبر حجماً . تطفو النسور غالباً باتجاه الأمام في هذه التيارات النازلة في حين تتوضع التيارات الرافعة الأكثر سرعة في منتصف التيار الهوائي . تحلق النسور ضمن دوائر ضيقة لتؤمن التوازن بين التحليق عالياً وقوة الجاذبية . و عندما ترغب بالهبوط تقترب من مركز التيار .

تستخدم أنواعاً أخرى من طيور الصيد التيارات الحارة ، فيستخدم اللقلق مثلاً هذه التيارات الساخنة في رحلة الهجرة بشكل خاص . يعيش اللقلق الأبيض في أوربا الوسطى و يهاجر إلى إفريقيا ليقضي الشتاء هناك في رحلة يقطع فيها 4350 ميل ( 7000كم ) .

و إذا هاجر بشكل فردي مستخدماً طريقة الرفرفة بأجنحته ، فعليه أن يتوقف للاستراحة أربع مرات على الأقل ، إلا أن اللقلق الأبيض ينهي رحلته خلال ثلاثة أسابيع فقط مستخدماً التيارات الحارة لمدة 6 ـ7 ساعات في اليوم ، و هذا يُترجم على توفير كبير في الطاقة .

يتسخن الماء بسرعة أقل من الأرض ، لذلك لا تتشكل التيارات الساخنة فوق البحار ، و هذا هو السبب الذي يجعل الطيور لا تهاجر فوق البحار عندما تكون رحلتها طويلة ، يفضل اللقلق وطيور أخرى تعيش في أواسط أوربا أن تسلك في طريق هجرتها إلى إفريقيا ، إما أراضي البلقان و مضيق البوسفور ، أو الجزيرة الإيبيرية فوق مضيق جبل طارق .

من جهة أخرى ، يستخدم النورس ، و الأطيش و القطرس و طيور بحرية أخرى التيارات الهوائية التي تسببها الموجات العالية .

تستفيد هذه الطيور من التيارات الرافعة الموجودة عند ذروة الأمواج . و أثناء تحليق النورس في التيارات الهوائية ينعطف و يواجه الرياح فيرتفع بسهولة إلى الأعلى ،و بعد بلوغ ارتفاع 10 ـ 15 متراً في الهواء يغير أتجاهه من جديد و يستمر في التحليق ،تحصل الطيور على الطاقة من تغير اتجاهات الرياح تفقد التيارات الهوائية سرعتها عندما تلامس سطح الماء .

و لهذا السبب يواجه النورس تيارات أقوى في العروض العليا ، و بعد أن يحقق السرعة المناسبة ، يعود لينحدر من جديد مقترباً من سطح البحر .

يستخدم جلم الماء ـ وهو طائر بحري طويل الجناحين ـ والعديد من الطيور البحرية الأخرى ، الأسلوب نفسه في التحليق فوق البحر .

463
منتدى الاحياء العام / أطوار خلق الإنسان
« في: فبراير 28, 2004, 08:40:08 مساءاً »
كانت البداية خليةٌ واحدةٌ فقط في بطنِ الأم، وجودٌ عاجزٌ ومحتاجٌ إلى حماية، أصغرُ من حبيبةِ ملحٍ واحدة .

أنتم أيضاً كنتم عبارةً عن هذهِ الخليةِ الصغيرةِ مثلما كلُّ الناسِ الآخرينَ على وجهِ الأرض.

بعد فترة انقسَمَتْ هذهِ الخليةُ وأصبحتِ اثنتَين، ثمَ انقسمت مرةً أخرى وأصبحت أربعَ خلايا، ثم ثماني، ثم ستَ عشرة.

استمرتِ الخلايا بالتكاثر، ثم ظهرتْ أولاً قطعةُ لحم، ثم أخذت قطعةُ اللحم هذه شكلاً وأصبحت لها يدانِ ورِجلانِ وعينان، فالخليةُ الأولى كبُرت مئةَ مليارِ ضِعف، وأخذت وزناً بستةِ مليارِ ضِعف.

فالتي كانت قطرةَ ماءٍ فقط في السابق، أجرى اللهُ تعالى فيها معجزاتٍ عدة، فخلقَ منها الإنسانَ الذي يقرأ هذه الكلمات.

وقد بيَّن القرآنُ الكريمُ كيفَ خُلقَ الإنسان.

قال تعالى '<img'> أَيَحْسَبُ الْإِنسَانُ أَن يُتْرَكَ سُدًى {36} أَلَمْ يَكُ نُطْفَةً مِّن مَّنِيٍّ يُمْنَى {37} ثُمَّ كَانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى {38} فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَالْأُنثَى {39} أَلَيْسَ ذَلِكَ بِقَادِرٍ عَلَى أَن يُحْيِيَ الْمَوْتَى )(القيامة 36-40).






تبدأُ أولُ مرحلةٍ في معجزةِ الخلقِ بنُضجِ خليَّةِ البويضةِ في عضوٍ في جسمِ المرأةِ يسمى المَبيض، هناكَ رحلةٌ طويلةٌ أمامَ البويضةِ الناضجة، ستدخُلُ أولاً أنبوبَ فالوب وهنا ستقطَعُ مسافةً طويلةً حتى تصلَ إلى الرَّحِم

يبدأُ أنبوبُ فالوب بالحركةِ للإمساكِ بالبويضةِ الناضجةِ قبل خروجِها من المبيضِ بمُدَّةٍ قصيرة، ويُحاولُ إيجادَ خليةِ البويضةِ عن طريقِ لمَساتٍ خفيفةٍ على المبيضِ، ونتيجةَ هذا البحثِ يجدُ أُنبوبُ fallop البويضةَ الناضجةَ ويسحبُها لِداخِلِه، وحينئذٍ تبدأُ رِحلةُ خليةِ البويضة.

يتوجبُ على البويضةِ قطعُ طريقٍ طويلٍ عَبْرَ أُنبوبِ fallop، لكن ليس لها أيُ عُضوٍ يؤمِّنُ لها قَطْعَ هذا الطريقِ كالزعانفِ أو الأرجل، ولهذا خُلقَ لرحلتِها نظامٌ خاصّ، فقد وُظِفَت ملياراتُ الخلايا التي توجدُ في السطحِ الداخليِ لأنبوبِ fallop لإيصالِ البويضةِ إلى الرَّحِم.

تحرِّكُ الخلايا هذه الشعيراتِ الموجودةَ على سطحِها المسماة بـ siliya نحوَ الرَّحِمِ بِاستمرار، وهكذا تُحمَلُ خليةُ البويضةِ من يدٍ إلى يدٍ إلى الجهةِ التي يجبُ ذهابُها نحوَهُ كحِملٍ ثمينٍ جداً.

عندَ ملاحظةِ هذهِ الشعيراتِ نجِدُها قد نُسِّقَت في المكانِ والشكلِ الذي يجبُ أن تكونَ عليهِ ضِمنَ خُطَّةٍ ذكيةٍ جداً، وتقومُ بحركةِ نقلٍ معاً وإلى الجهةِ نفسِها وكأنَّها آلةٌ مبرمَجَة، فلو لم يقُمْ قِسمٌ من هذهِ الخلايا بمهمته أو قامَ بنقلِها إلى جهاتٍ مختلفةٍ لن تصِلَ البويضةُ إلى هدفِها، ولا تتحققُ الولادةُ أبداً.

ولكنَّ خلقَ اللهِ تامّ، فَكُلُّ خليَّةٍ تنفِّذُ مُهِمَّتَها التي أُوكِلَت إليها دونَ أيِ خطأ، وهكذا تتقدَّمُ إلى المكانِ المُجَهَّزِ خصوصاً لأجلِ البويضةِ أي إلى رَحِمِ الأم.

لكنَّ خليةَ البويضةِ المنقولةِ بِدِقَّةٍ بِهَذا الشَكلِ عُمرُها لا يتجاوزُ أربعاً وعِشرينَ ساعة، وتموتُ ما لم تُلقَّح في هذهِ المُدة.

وتحتاجُ إلى مادَّةٍ حياتيةٍ للتلقيح :

النُطفةُ التي تأتي من جسمِ الرجل.



النُطفةُ: خليَّةٌ موظَّفَةٌ لإيصالِ معلومَةِ الذَّكَرِ الوراثيَّةِ إلى خليةِ البويضةِ في الأنثى.

إذا دقَّقنا عن كثب، نرى جهازاً مُصَمَّماً بشكلٍ خاصٍّ لحملِ هذهِ النُّطفة

فالقِسمُ الأماميُّ للنُطفَةِ مغطى بِدِرعٍ واقٍ وتحتَهُ دِرْعٌ ثانٍ، وتَحتَ هذا الدِرعِ الثاني أيضاً يوجدُ ما يشبِهُ الشاحِنَةَ التي تحمِلُ النُطفة.

ويوجد داخلَ هذه الشاحنة ثلاثةٌ وعِشرونَ صبغياً عائداً للرجل.

جميعُ المعلوماتِ العائدةِ لجِسمِ الإنسانِ وأدقِّ تفاصيلِه مخفيٌّ في هذه الصبغيات، ولظهورِ إنسانٍ جديدٍ يجبُ أن تَتَّحِدَ الصِبغياتُ الثلاثةُ والعِشرون الموجودةُ في نُطفَةِ الرجلِ مع الصبغيات الثلاثةِ والعِشرين الموجودةِ في بويضةِ المرأة، وهكذا سيظهَرُ أولُ تكوينٍ لجِسمِ الإنسانِ من ستةٍ وأربعين صبغياً.

تصميمُ الدِرعِ الموجودِ في الجِهةِ الأماميَّةِ لِلنُطْفَة سَيَحمي هَذا الحِملَ الثَمينَ طَوالَ هذه المسافةِ الطويلةِ من جميعِ أنواعِ الأخطار.

وتصميمُ النطفةِ غيرُ محصورٍ بهذا فقط، فهناكَ في القِسمِ الأوسطِ للنُطفةِ محرِّكٌ قويٌ جِداً، ويرتبِطُ بِطَرَفِ هذا المحرِكِ قسم ذيل للنطفة.

القوةُ التي ينتجُها المحركُ تدوِّرُ الذيلَ كالمِروحةِ، وتؤمِّنُ للنطفةِ قطعَ الطريقِ بسرعة.

ولوجودِ هذا المحرِكِ لا بُدَّ من وَقودٍ لتشغيلِه، وقد حُسبت هذه الحاجَةُ أيضاً فرُتّب لهُ الوقودُ الأكثرُ اقتصاداً أي سُكر ال fruktoz على السائل الذي يحيط بالنطفة.

وهكذا فقد تَمَّ تَوفيرُ وَقودُ المُحَرِّكِ خلالَ الطريقِ الذي ستقطَعُهُ النُطفَة.

بفضلِ هذا التصميمِ الكامِلِ تَقطَعُ النطفةُ طريقاً نحوَ البويضةِ بسرعة.

عندَ ملاحظةِ حجمِ النُطفةِ بالنِسبَةِ إلى المَسافَةِ التي قطعتها تظهَرُ حركتُها السريعةُ التي تُشبه قارِبَ السباق.

هذا الجهازُ المدهشُ ينتَجُ بمهارَةٍ كبيرة، حيثُ يوجدُ داخلَ كلِّ خِصيةٍ - مركزُ إنتاجِ النُطَف - أقنيةٌ مِجهريةٌ يصلُ طولُها إلى خمسِمِئَةِ متر.

الإنتاجُ في هذهِ الأقنية يُشبِهُ تماماً نِظامَ السِّكةِ الحديديةِ المستخدَمَةِ في المعامِلِ الحديثة، فأقسامُ النُطفةِ من دِرعٍ ومحركٍ وذيلٍ تُركَّبُ معَ بعضِها على الترتيب.



وفي النهايةِ تظهَرُ روعة الهندسة الكاملة.

علينا التفكيرُ ولو قليلاً في هذهِ الحقيقة.. كيف عَرَفتِ الخلايا التي لا وعيَ لها طريقةَ تجهيزِ النُطفةِ بشكلٍ يتناسبُ معَ جِسمِ الأُمِّ رغمَ جَهلِها بِها تماماً ؟

كيف تعلمتِ النُطَفُ صُنعَ الدِرعِ والمُحَرِّكِ والذيلِ حَسَبَ حاجَةِ جِسمِ الأُم؟

بأيِ عقلٍ تتركَّبُ هذه القِطَعُ بالترتيبِ الصحيح؟

من أين تعلَمُ أنَّ النُطَفَ ستحتاجُ إلى سكرِ ال fruktoz؟

 كيف تعلّمت صنعَ محرِّكٍ يعملُ بسكَّرِ ال froktoz؟

هناكَ جوابٌ واحدٌ فقط لكلِّ هذهِ الأسئلة ...

النُطَفُ والسائلُ المرتَّبُ داخلَها خَلَقَهُ اللهُ عزَّ وجلّ بشكلٍ خاصّ لاستمرارِ نَسْلِ الإنسان.

الدكتور البروفيسور جواد بابونا الطبيب في كلية الطب في جامعة استانبول المختصُّ بأمراضِ النساءِ والتوليد، والوزيرُ السابقْ علَّقَ على خصائصِ النطفةِ بقولِهْ: "خلايا النطفةِ منتَجَةٌ في جِسمِ الأب، أمَّا مُهِماتُها فلا تتحقَّقُ إلا في جِسمِ الأم، ولا تملِكُ أيُ نُطفةٍ منذُ تاريخِ البشريةِ العودةَ إلى جسمِ الأبِ مرةً أخرى بعدَ إنهاءِ مهمتِها في جِسمِ الأمِّ لإخبارِ الخلايا المنتِجَةِ لها عن مهمتِها وما فعلتْهُ وعنِ الأحداثِ التي واجهتها.

في تلكَ الحالةِ كيفَ تكونُ خليةُ النُطفةِ ذاتَ بُنيَةٍ مختلفةٍ تماماً عن آلافِ أنواعِ الخلايا الموجودةِ في بنيةِ الأب، من أينَ تعرِفُ خليةُ النُطفةِ أن تذهبَ بالحِملِ الوراثيِ الذي أخذته من الأبِ إلى بنيةٍ ستُرزَقُ الحياةَ بعدَ مُدَّةٍ بحملِ دِرعٍ في مقدمتِه ؟

من أينَ تعرِفُ خليةُ النُطفَةِ أنَّهُ يلزَمُها ثَقبُ ذلكَ الغشاءِ الرقيقِ فتأخذُ معَها أسلحةً كيميائيةً مرتَّبَةً خلفَ الدِرع؟

كما ترَون لا يمكنُ أن تكونَ جميعُ عناصِرِ هذه الآلية، والحوادثِ التي تكلفت بها، والمُهماتِ التي تقوم بها النطفةُ مصادفةً، ولا يمكِنُ أن تكونَ المعرفةُ جاءت عن طريقِ التَكرار.

هذا دليلٌ واضحٌ على أن اللهَ ألهمَها هذه المهمةَ وعلَّمَها كيفيةَ الإتيانِ بها على أكملِ وجه.

هذا التصميمُ الخارِقُ في النطفةِ وَحدَهُ مُعجِزَةُ خَلقٍ كبيرةٌ، وهكذا يشدُّ اللهُ تعالى انتباهَنا إلى خلقِ هذهِ النطفةِ في آيةٍ قرآنيةٍ بقولِه:

{ أَفَرَأَيْتُم مَّا تُمْنُونَ {58} أَأَنتُمْ تَخْلُقُونَهُ أَمْ نَحْنُ الْخَالِقُونَ {59} (الواقعة 57-59).
رحلة النطفة الشاقة :
يُرسَلُ إلى رَحِمِ الأمِّ في المرةِ الواحدةِ ما يقارِبُ المئتين وخمسين مليونِ نُطفَة، حُدد هذا العددُ بهذهِ الكَثرةِ بشكلٍ خاصّ ؛ لأنَّ النطفَ تواجِهُ أخطاراً مميتَةً بمجردِ دخولِها إلى الرَحِم .

 فهناكَ خليطٌ حمضيٌ كثيفٌ في العضوِ التناسليِ للمرأةِ تمنَعُ وصولَ البكتريا، هذا الخليطُ قاتلٌ بالنسبةِ للنطفِ أيضاً، فبعدَ دقائقَ عِدَّة يُغَطى جدارُ الرحمِ بملايينِ النطفِ الميتة، وبعدَ عدةِ ساعاتٍ يكونُ قسمٌ كبيرٌ منَ المئتين وخمسين مليون نطفةٍ ميتاً.

الخليطُ الحَمضيُّ هذا مهمٌ جداً لصِحَّةِ الأمِّ وقويٌّ جِداً بحيثُ يستطيعُ قتلَ كلِّ النطفِ الداخلةِ إلى الرحِمِ بسهولة.

في هذهِ الحالةِ لن يتحققَ التلقيحُ أبداً، وينتهي نسلُ الإنسان.

لكنَّهُ أخذَ الاحتياطَ الضروريَ أيضاً، فأثناءَ إنتاجِ النُطَفِ في جِسمِ الرجلِ يضافُ إلى السائِلِ المحتوي على النُّطَفِ الخليطُ الذي يحمِلُ خاصيةً قُلوية (Bace )، هذا الخليطُ يزيلُ قِسماً من تأثيرِ الخليطِ الحمضيِ في رحمِ الأم، وبفضلِ هذا الخليطِ تستطيعُ آلافُ النطفِ الوصولَ إلى مدخَلِ قناةِ فالوب مروراً برحِمِ الأم.

ولقد لاحظ العلماء أن النطف جميعاً تتجه إلى جهة واحدة ؟

إذاً كيف تجدُ الجهةَ الصحيحةَ هذه؟ من أينَ تعرِفُ مكانَ البويضة التي بحجمِ حبيبةِ المِلح؟..

تجدُ النطفةُ مكانَ البويضةِ لأنَّ نظاماً كاملاًَ آخرَ خُلِقَ وتدخَّلَ لأجلِها.

ترسِلُ البويضةُ إشارةً كيميائيةً لتشُدَّ إليها النطفَ البعيدةَ عنها بما يقارب خمسةَ عشَر سنتيمتراً، فالنطفُ بفضلِ هذهِ الإشارةِ تتَّجِهُ نحوَ البويضة، باختصار... تدعو البويضةُ إليها النطفَ التي لا تعرِفُ عنها أيَ شيء، ولم تقابِلها من قبلُ أبداً، وتتراسلُ الخليتانِ الغريبتانِ اللتانِ لا تعرفانِ بعضَهما .

هذه الحقيقةُ دليلٌ آخرُ أيضاً على خلقِ البويضةِ والنطفةِ بتناسقٍ كبيرٍ معَ بعضِهما.

اللقاء الكبير
وفي النهايةِ تستطيعُ مئاتُ فقط الوصولَ إلى البويضة، غيرَ أنه لم ينتهِ السباقُ حتى الآن، فلا تقبل البويضةُ إلا نطفةً واحدةً فقط، ولهذا يبدأُ سباقٌ جديد، هناكَ عائقانِ مهمانِ جداً أمامَ النطفِ: الطبقة الحامية التي تقتل جميع أنواع الجراثيم التي تحاول الاقتراب من البويضة، وقشرة البويضة المتينة التي يصعب ثقبها إلى حدٍ كبير.

خلق في النطفة أنظمة خاصة لاجتياز هذين العائقين

فهناك الأسلحة المخفية التي خبأتها النطف تحت طرف الدرع الصلب إلى هذه اللحظة، إنها أكياس الأنزيم المذيبة و التي تسمى بالهيالورونيديز ، هذه الأكياس ستثقب العائق الأول الذي على أطراف البويضة أي الطبقة الحامية بإذابتها

فعندما تجتاز النطفة هذه الطبقة، وتتقدم في الطبقة يتآكل درعه شيئاً فشيئاً ثم يتفتت ويتبعثر، أما تفتت درعه هذا فهو جزء من الخطة المنفّذة الكاملة

لأنه بفضل هذا التفتت ستبدأ أكياس الأنزيم الثانية الموجودة داخل النطفة بالظهور.

وهذا يؤمن اجتياز آخر عائق تواجه النطفة أي ثقب قشرة البويضة.

الآن تشاهدون هذه الأحداث من خلال الصور الملتقطة على المجهر الالكتروني، فللنطفة درع أحمر، يذوب هذا الدرع تدريجياً وتجتاز النطفة قشر ة البويضة إلى الداخل...

التصميم الكامل في اتحاد النطفة والبويضة غير محصور بهذا فقط، ففي لحظة وصول النطفة إلى قشرة البويضة تتحقق معجزة أخرى .

فجأة تدخل النطفة بنفسها تاركة وراؤها ذيلها الذي أوصلها إلى هنا، وهذا مهم جداً، لأنه إذا لم تقم النطفة بهذا العمل، فسيدخل الذيل المتحرك إلى خلية البويضة ويخربها.

ترك النطفة ذيلها يشبه عمليات مكوك الفضاء، والصاروخ المرسل إليه، حيث تُترك المحركات وخزانات الطاقة عندما لم يبق لها حاجة أثناء انفصاله عن الغلاف الجوي.

حسناً.. كيف تقوم نطفة صغيرة بهذا الحساب الدقيق ؟

بقيام النطفة بهذا الحساب عليها أن تعرف أنها وصلت إلى آخر الطريق وأنها لم تعد بحاجة إلى الذيل بعد الآن.

غير أن النطفة جهاز بيولوجي لا تشعر بما حولها، ولا تملك أي عقل أو علم، الخالق سبحانه الله تعالى نسق معها أيضاً نظاماً يحقق انعزال الذيل عنها في الوقت الصحيح.

تقوم النطفة التي تركت ذيلها خارجاً بثقب البويضة وتضع فيها الصبغيات من خلال ذلك الثقب، وهكذا يتم انتقال المعلومات الوراثية.

ونتيجة عمل مئات الأنظمة المختلفة المستقلة عن بعضها البعض بنظام عمل متناسق أوصلت المعلومة الوراثية العائدة لجسم الرجل، إلى البويضة في جسم المرأة، وكما نرى فلا مكان لأي مصادفة في اتحاد النطفة مع البويضة بل تحقق ذلك بفضل تصميم وخطة كاملة،

هذه الحوادث التي تحققت دون أن يدركها الإنسان، وهذا التخطيط الدقيق لكل مرحلة من هذه المراحل دلائل واضحة على خلق الإنسان من قبل الله تعالى.

بالنتيجة نجد أن الذي قام بعملية تلقيح البويضة هو عبارة عن نطفة واحدة تمكنت من الوصول إلى البويضة وثقبت جدارها الخارجي و لقد أشار النبي صلى الله عليه وسلم قبل أكثر من ألف و أربعمئة سنة هذه الحقيقة بقوله " ما من كل الماء يكون الولد ، و إذا أراد الله خلق شيء لم يمنعه شيء "رواه مسلم في كتاب النكاح ، باب العزل .

العلق
تقوم نطفة الرجل بالاتحاد مع البويضة، فتصبح المعلومة الوراثية للنطفة والبويضة إلى جانب بعضها بعضاً.

وتتحقق واحدة من أكبر المعجزات على وجه الأرض، حيث يتحقق اختلاط معلومتين وراثيتين واجتماعهما لتكوين إنسان جديد، وتحقق اللقاء...

ربما يكون تصديقه صعباً، إلا أنه يوجد داخل هذه الخلية جميع المعلومات العائدة للإنسان الذي لم يولد بعد.

عين الطفل الذي سيولد، جلده، لون شعره، وشكل وجهه، وجميع الخصائص الفيزيائية له مشفّرة هنا.

إلا أنه ليس مظهره الخارجي فقط بل حُدد هيكله وأعضاؤه الداخلية جلده، عروقه، وحتى أشكال خلايا الدم التي تدور في عروقه إلى عددها العائدة للجنين إلى جميع التفاصيل.

خصائص الإنسان في السّن السابعة وحتى خصائصه في سن السبعين كل شيء وضحت وكتبت داخل هذه الخلية .

تقوم الخلية بعد التلقيح بمدة قصيرة بتصرف آخر محيّر جداً، تنقسم وتكوّن خليتين حديثتين، ثم تنقسم هذه الخلايا مرة أخرى وتصبح أربعة، فقد بدأ الآن تكوين إنسان جديد.

ولكن ... لماذا تتخذ الخلية قرار الانقسام هذا ؟

لماذا تتكلف وتقوم بمهمة تكوين الإنسان؟

من أعطى الخلية معلومة هذا التكوين؟

هذه الأسئلة توصلنا إلى وجود الله تعالى صاحب العلم والقدرة اللا متناهيتين، خالق الخلية، والإنسان الموجود داخل الخلية، والعالم الذي يوجد فيه الإنسان وجميع الكون، خالقهم من العدم.

في هذه الصور نشاهد رحلة الخلايا التي تنقسم وتتكاثر باستمرار داخل أنبوب fallop، كتلة الخلايا هذه يقال لها منذ الآن بيضة ملقحة، أثناء انقسام وتكاثر الخلايا التي داخل البيضة الملقحة تتحقق حادثة أخرى محيرة أيضاً.

 تبدأ بعض الخلايا بالتمايز عن الأخرى، أثناء تجمع الخلايا القديمة في المركز، فإن الخلايا المتمايزة تحيط حولها، وبعد مدة قصيرة ستكوِّن مجموعة الخلايا المركزية الجنين، يعني أول حال الطفل الذي سيولد، وستكون المجموعة التي حولها المشيمة التي ستغذي الجنين.

بدءُ الخلايا فجأة بالتمايز، واتخاذها قرار تكوين الجنين أو المشيمة تعد معجزة كبيرة في الأوساط العلمية، فهناك أمر مخفيٌّ يُعمل في هذه الخلايا.

تصل البيضة الملقحة بعد أربعة أيام من تلقيحها إلى المكان الذي جهّز خاصة لأجلها يعني إلى رحم الأم، ويلزم تمسكها بالرحم لعدم سقوطها خارج الجسم، إلا أن البيضة الملقحة ليست إلا كتلة دائرية مكونة من الخلايا الشبيهة ببعضها وليس لها أي نتوء أو ممسك خاص يؤمن لها التعلق بمكان ما، فإذاً كيف تستطيع التمسك بجدار الرحم؟

وهذا أيضاً قد حُسب له حسابه.....

 عند وصول البيضة الملقحة إلى رحم الأم يتدخل نظام خاص آخر.

هذا الصور الملتقطة بالمجهر الإلكتروني تظهر البيضة الملقحة التي وصلت قبل لحظات إلى رحم الأم، تفرز الخلايا الموجودة في السطح الخارجي للبيضة الملقحة أنزيمات خاصة تذيب جدار الرحم، وبذلك تتمسك البيضة الملقحة بالرحم بشدة وتنجو من سقوطها خارج الرحم.

وجود الخلايا على سطح البيضة الملقحة في المكان اللازم وإفرازه الإنزيم اللازم يوضح مرة أخرى كون خلقه بدون نقصان .

بفضل هذه الخلقة الكاملة تنغرز البيضة الملقحة في جدار الرحم.

هذا المخلوق الجديد الذي يكبر بتمسكه بالرحم يسمى منذ الآن بالجنين.

هذه الحقيقة التي اكتشفتها البيولوجيا الحديثة ذكرت في القرآن الكريم فعندما يذكر الله تعالى أول مرحلة للطفل في رحم الأم يستخدم كلمة العلق قال تعالى:

(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ. خَلَقَ الإنسان مِنْ عَلَقٍ.اقْرَأْ وَرَبُّكَ الْأَكْرَمُ) (العلق:1- 3) .

أما كلمة العلق بالعربية فيقال للشيء المتمسك بمكان والمتعلق به، وحتى أصل كلمة العلق يستخدم للتعريف عن بعض الطفيليات التي تلتصق بالجلد وتمصّ الدم من ذلك المكان.

استخدم البيان الإلهي كلمة العلق لتعريف البيضة الملقحة في رحم الأم في الوقت الذي كانت المعلومات البيولوجية للناس ضئيلة جداً.
التمايز( مرحلة المضغة):
يعيش في عالمنا الذي هو كوكب مليء بالحياة أنواع لا تحصى من الكائنات وحيدات الخلية، وحيدات الخلية جميعها تتكاثر عن طريق الانقسام وتكوّن نسخة عنها أثناء انقسامها.

الجنين النامي في رحم الأم يبدأ الحياة بخلية واحدة تتكاثر هذه الخلية بنسخ نفسها كذلك.

تنموا هذه الكتلة تتمايز وتتخصص بالتدريج لتكون براعم الرأس والدماغ والقلب والأطراف والعظام وتسمى هذه المرحلة علمياَ بـ EMBRYO وبالنظر إلى شكلها فهي تشبه قطعة لحم أو لبان ممضوغة ولقد سماها القرآن الكريم بلفظ مضغة قال تعالى : ( فخلقنا المضغة عظاماً ..).

وهنا لولا تدخل تنظيم خاص للزم من انقسام خلايا المولود ظهور كتلة لحم مؤلفة من خلايا متشابهة وليس إنساناً.

لكنه لا يحصل شيء كهذا لأن الخلايا ليست عاطلة إلى هذا الحد.

بل تبدأ النطفة والبويضة بعد الالتقاء بأسابيع بالتمايز عن بعضها بأمر خفي أعطي لهم

إن هذا التغير يعتبرها علماء الأجنة معجزة هائلة، فالخلايا التي لا وعي لها بدأت بإنشاء الأعضاء الداخلية والهيكل والدماغ.

ففي هذه المرحلة تبدأ خلايا الدماغ بالتكون هذه الصور التي نراها في هذه الصور ملتقطة بالمجهر الإلكتروني، تظهر أول تشكل الدماغ.

تنموا خلايا الدماغ ويزداد عددها بسرعة، وفي نهاية هذا الإنشاء يصبح الجنين ذو 10 مليارات من خلايا الدماغ.

كل خلية جديدة تتصرف بمعرفة سابقة إلى أين ترجع، ومع أي الخلايا يجب أن ترتبط، كل خلية تجد مكانها بين احتمالات لا حصر لها، وترتبط مع الخلايا التي يجب أن ترتبط معها.

يوجد في الدماغ 100 تريليون صلة وصلة لتستطيع الخلايا صنع ترليونات الوصلات هذه بالشكل الصحيح يجب أن تملك عقلاً يفوق عقل الإنسان بكثير

غير أنه ليس لهذه الخلايا أي عقل.

ليس فقط خلايا الدماغ، بل كل واحدة من الخلايا المتكاثرة بانقسامها داخل الجنين تقوم برحلة من أول مكان تكوّنت منه نحو النطفة التي يجب أن تتواجد فيها، وكل واحدة تجد المكان المخطط لها، وهنا تقوم بالارتباط بالخلايا التي يجب أن ترتبط معها.

 

حسناً .. هذه الخلايا التي ليس لها أي وعي .. فمن يتتبع هذه الخطة الذكية ؟

يجيب الدكتور البرفيسور جواد بابونا على هذا السؤال بقوله:

" كيف تقوم جميع هذه الخلايا المتشابهة مع بعضها برحلة فجأة وكأنها تلقت أمراً من مكان واحد، وتذهب كلها إلى أماكن مختلفة تعمل على تكوين أعضاء مختلفة، هذا يبين بشكل واضح أن هذه الخلايا المتماثلة خلايا لا تعرف ما ستفعله، الخلايا متماثلة والـDNA الوراثية كلها تشكّل بعضها الدماغ، وبعضها القلب، وبعضها تشكل الأعضاء الأخرى إن الذي يوجها هو الله وحدة خالق السماوات والأرض .

يدوم التكوين في رحم الأم، تبدأ بعض الخلايا المتغيرة بالانقباض والانبساط فجأة.

وبعد ذلك تجتمع مئات آلاف هذه الخلايا في مكان واحد، لتكوّن القلب .....

هذا القلب سيستمر بالخفقان طوال العمر.

بعض الخلايا المستقلة عن بعضها تتماسك ببعضها، وتقيم ارتباطات فيما بينها وتشكل خلايا العروق.

ترى... من أين تعلمت هذه الخلايا وجوب تكوين العروق وكيفية القيام بهذا؟

هذه من الأسئلة التي لم يوجد لها جواب في الأوساط العلمية

في النهاية تصنع خلايا العروق نظام أنبوبي رائع ليس عليه أي ثقب أو شق.

السطح الداخلي للعروق أملس، وكأنه صنع بيد صانع ماهر.

نظام العروق الرائع هذا سيبدأ بعد مدة بنقل الدم لجميع جسم الجنين ويبلغ طول شبكه العروق كلها (40000كم)، وهذه المسافة تساوي الطول الكامل لمحيط الأرض.

يستمر النمو في بطن الأم دون توقف، وتصل أطراف الجنين في نهاية الأسبوع الخامس إلى حال تشبه النتوء كما في الصور .

هذا النتوء سيصبح يداً بعد مدة، تبدأ بعض الخلايا بصنع الأيدي.

إلا أنه يقوم قسم من الخلايا بعد مدة بعمل محير جداً: تقوم الآلاف من الخلايا بتضحية جماعية.

ترى .. لماذا تقدم الخلايا أنفسها ؟

هذه التضحية تخدم هدفاً مهماً جداً، أجسام الخلايا الميتة على خط معين ضروري لتكوين الأصابع، وتأكل الأخرى الخلايا الميتة وتتشكل في هذه المناطق الفراغات اللازمة بين الأصابع.

حسناً.. لماذا تقوم آلاف الخلايا بتضحية كهذه؟ كيف تقوم الخلية بالتضحية بنفسها ليصبح الطفل المولود ذو أصابع في المستقبل؟

من أين عرفت الخلية أنها بهذه التضحية تخدم هدفاً كهذا؟
كل هذا يوضح مرة أخرى أن جميع الخلايا المكوّنة للإنسان موجّهة من قبل الله تعالى.

وفي هذه الأثناء تبدأ بعض الخلايا بصنع الساق.

لا تعرف الخلايا أن الجنين سيحتاج إلى المشي على الأرض، رغم ذلك تكون الساق والأرجل.





هذه صورة تمثل وجه إنسان ذو أربعة أسابيع.

في هذه المرحلة تتكون حفرتان في جانبي رأس الجنين، تصديقه صعب، لكن في هذين الحفرتين ستُنشأ العينان.

يبدأ تشكل الأعين في الأسبوع السادس وتعمل الخلايا طوال الأشهر داخل خطة لا يستوعبها العقل وتكّون أقسام العين المختلفة..بتتابع رتيب.

تصنع بعض الخلايا القرنية وبعضها الحدقة، وبعضها العدسة، تقف كل خلية عند وصولها إلى حد انتهاء القسم الذي يتوجب عليها صنعها، وتنشأ العين المكونة من 40 طبقة مختلفة بشكلٍ كامل...

وهكذا فالعين التي تعد أفضل كاميرا في العالم تُخلق في بطن الأم من العدم، فقد حُسب بأن الإنسان الذي سوف يولد عندما يفتح عينيه سيقابل عالماً ملوناً خُلقت العين من أجله متناسباً مع هذا العالم.

وقد حسبت الأصوات التي سيسمعها، والأنغام التي سيستمع إليها أيضاً، والأذن التي ستسمع هذه الأصوات كذلك تنشأ في بطن الأم حيث تشكل الخلايا أفضل جهاز لاقط للصوت على وجه الأرض.



وهذا يذكرنا مرة أخرى أن السمع والبصر من النعم الكبيرة التي منحها الله تعالى للإنسان، بذلك يتفضل الله عز وجل في القرآن الكريم بقوله:

(وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَالْأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (النحل:78) .

 

معجزات القرآن

جميع المعلومات التي شرحناها حتى الآن في موضوع تطور الجنين في رحم الأم اكتشفت بالبحوث في مطلع هذا القرن وبالعودة إلى الاعتقادات التي كانت سائدة قبل مولد النبي صلى الله عليه وسلم كانت بعيدة تماماً عن الحقيقة العلمية وكانت أقرب إلى الخرافة فقد كان الاعتقاد السائد مثلاً في عصر أرسطو 384 ـ 322 أن الجنين موجود في نظاف الرجل مخلقاً وكاملاً ولكنه صغير جداً فلا نراه ثم ينموا بالتدريج داخل الرحم تماماً كما تنمو بذرة أي نبات .

أما القرآن الكريم فيقول : بينما نجد القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة قد أكدا بصورة علمية دقيقة أن الإنسان إنما خُلق من نطفة مختلطة سماها "النطفة الأمشاج" فقال تعالى في سورة الإنسان ( إِنَّا خَلَقْنَا الإِنسَانَ مِنْ نُطْفَةٍ أَمْشَاجٍ نَبْتَلِيهِ فَجَعَلْنَاهُ سَمِيعًا بَصِيرًا) (الإنسان:2). وقد أجمع أهل التفسير على أن الأمشاج هي الأخلاط، وهو اختلاط ماء الرجل بماء المرأة. والحديث الشريف يؤكد هذا أخرج الإمام أحمد في مسنده( مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد موضوع حلقة اليوم هو محور سورة يخلق الإنسان قال يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب وأما نظفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم فقام اليهودي فقال هكذا كان يقول من قبلك) مسند أحمد 4206رواته ثقات إلا حسين بن الحسن قال فيه البخاري فيه نظر ولكن ابن حبان وثقه.

ولم يتوصل العلم إلى حقيقة أن الإنسان يتكون من نطفة الرجل وبويضة المرأة إلا في سنة 1775م على يد العالم الإيطالي "سبالانزاني" Spallanzani . وفي عام 1783 تمكن "فان بندن" Van Beneden من إثبات هذه المقولة وهكذا تخلت البشرية عن فكرة الجنين القزم. كما أثبت "بوفري" Boveri بين عامي 1888 و1909 بأن الكروموسومات تنقسم وتحمل خصائص وراثية مختلفة، واستطاع "مورجان" Morgan عام 1912 أن يحدد دور الجينات في الوراثة وأنها موجودة في مناطق خاصة من الكروموسومات[1].

وهكذا يتجلى لنا أن الإنسانية لم تعرف أن الجنين يتكون من اختلاط نطفة الذكر وبويضة الأنثى إلا في القرن الثامن عشر، ولم يتأكد لها ذلك إلا في بداية القرن العشرين.

أن العظام والعضلات تتشكلان معاً إلا أن البحوث الجارية الأخيرة اكتشفت حقيقة لم ينتبه إليها الناس في الماضي.

 تتشكّل في الجنين أولاً العظام ثم يكسى العظام بالعضلات والغريب أن هذه الحقيقة التي اكتشفها العلم من جديد أشار إليها القرآن الكريم عنها قبل 1400سنة

(ثُمَّ خَلَقْنَا النُّطْفَةَ عَلَقَةً فَخَلَقْنَا الْعَلَقَةَ مُضْغَةً فَخَلَقْنَا الْمُضْغَةَ عِظَاماً فَكَسَوْنَا الْعِظَامَ لَحْماً ثُمَّ أَنْشَأْنَاهُ خَلْقاً آخَرَ فَتَبَارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخَالِقِينَ) (المؤمنون:14) .

من جانب آخر أوضحت البحوث الجارية في موضوع الولادة أن الطفل يجتاز ثلاثة مراحل كاملة في بطن الأم، وقد شرحت هذه الحقيقة في أحد من المراجع الأساسية في علم الأجنة المسمى :

(Baisic Human Embrylogy):

"الحياة في بطن الأم تتكون من ثلاثة مراحل:

1-pre - embriyonik أول أسبوعين ونصف.

2-embroginik إلى آخر الأسبوع الثامن.

3-fetal من الأسبوع الثامن وحتى الولادة.

أشار القرآن الكريم قبل 1400 سنة ما توصلت إليه نتائج البحوث التي دامت سنين طويلة، واستخدمت فيها تكنولوجيا حديثة

أشار إلى المراحل الثلاثة للجنين في بطن الأم في قوله تعالى

(يَخْلُقُكُمْ فِي بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ خَلْقاً مِنْ بَعْدِ خَلْقٍ فِي ظُلُمَاتٍ ثَلاثٍ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ) (الزمر:6).

 لقد أذهلت آيات الإعجاز السابق و كذلك الحديث النبوي الشريف العديد من جهابذة علماء العصر و من بينهم البروفسور كيت مور أستاذ علم الجنين في الجامعات الأمريكية و صاحب أشهر كتاب عن الجنين في العالم . لقد قال مرو: " لقد كان نبيكم إنساناً بسيطاً و رجلاً أمياً ، و قد عاش و مات في القرآن السابع الميلادي ، أي في وقت لم يكن فيه لعلم الأجنة أساس و لا خبر ، كما لم يكن هناك مجاهر على الإطلاق ، ولم يكن علم البصريات قد ظهر إلى عالم الوجود بعد ، فمن أين له بهذه المعلومات العلمية المذهلة ؟ و كيف شاهد اندماج نطفة الذكر بنطفة الأنثى ؟ و كيف عرف أن في نطاف الرجل نطف و أن في ماء المرأة نطفة ؟ "[2] .

ولقد طلب الدكتور مور من الشيخ عبد المجيد الزنداني أن يقوم بكتابة مقدمة لكتابه The Developing Human

أطوار خلق الإنسان و هذا الكتاب يعتبر من أهم الكتب في علم الأجنة Embryology and Anatomy  و هو مترجم إلى ثمانية لغات علمية فقام الشيخ الزنداني بكتابة مقدمة تحدث فيها عن مراحل خلق الإنسان كما ذكرها القرآن الكريم .[3]

المشيمة
الجهاز الذي ترونه في الصورة واحد من أجهزة الطب وذات أحدث تقنية في العالم، هذه وحدة دعم الحياة اللازمة للمرضى في العناية المشددة إلا أنه أثناء مقارنة هذه التقنية التي تملأ غرفة بجهاز فائق آخر سنرى مدى الفرق الهائل بينهما.

هذا الجهاز الفائق هو : المشيمة الذي يحيط بالجنين من الجهات كلها ويسدّ حاجته.

المشيمة وحدها تعمل كوحدة غسيل للكلية، وكالقلب والرئة والكبد الاصطناعي

وتقوم بجميع هذه المهمات في وقت واحد وتصميم خارق تؤمن حياة الطفل والأم معاً.

الخلايا المكوّنة للمشيمة تُعرف من بين ملايين الخلايا في بطن الأم جزئيات الغذاء التي يحتاج إليها الطفل وتوصله إليه.

ومهمة المشيمة الأخرى هي حماية الجنين.

الخلايا الدفاعية التي في بطن الأم تتوجه نحو الرحم كي لا يتعرض الجنين للهجوم، إلا أن الخلايا الموجودة في أول الطبقة الخارجية للمشيمة تشكّل نوعاً من مصفاة بين عروق الدم للأم والجنين، أثناء الموافقة للغذاء بالمرور تمنع مرور خلايا النظام الدفاعي.

لو أعطيت مهمة التفكير باحتياجات الجنين الذي ينمو وسد حاجته ليس للمشيمة بل لإنسان لما عاش هذا الجنين أكثر من دقائق معدودة، لأنه لا تستطيع أي تقنية يملكها الإنسان حساب حاجات الجنين المتغيرة ولا يستطيع سد تلك الحاجات، الآلة الوحيدة التي تقدر على هذه العمليات هي المشيمة.

هذه التقنية الفائقة لقطعة اللحم المسماة بالمشيمة توضح لنا مرة أخرى الكمال في خلق الله تعالى.

الحبل السري يُؤمَّن الارتباط بين جسم الأم والجنين، هذا الحبل التي يُقطع ويُرمي بعد الولادة، الذي كانت له مهمة حياتية طوال تسعة أشهر معجزة هندسية حقيقية، يمر داخل هذا الحبل ثلاثة خطوط متفرقة، أحد هذه الخطوط تنقل الغذاء والأوكسجين للجنين، وبفضل هذا لا يختنق الجنين رغم عيشه في بيئة مليئة بالسوائل، مع كون رئتاه مليئتان بالماء، ولا يموت جوعاً رغم عدم تكوين نظامه الهضمي وعدم أكله، بل تعطى هذان الحاجتان الأساسيتان له عن طريق البطن.

أما الخطان الآخران للحبل فيطرحان زوائد الطعام والماء الذي ينتجه الجنين من الجسم.

وليس للأم ولا للجنين الذي ينمو في بطنها علم بهذه الأنظمة كلها.

إلا أن الله تعالى خلق جميع التدابير أيضاً لتأمين حياة الجنين بشكلٍ كامل.

النتيجة
طوال مرور الأشهر، الطفل الذي في بطن الأم يأخذ شكلاً وينمو، ويصل إلى حالة يمكنه الانتقال والعيش في العالم الخارجي .

وقد جاء دور المرحلة الأخيرة أي الولادة، إلا أنه بقي خطر كبير ينتظر الطفل الذي في بطن الأم، سيولد الطفل من رحم الأم ماراً بعظام الحوض للأم، وهذا يشكل خطراً كبير على الطفل، لأنه سيحصر رأس الطفل أثناء الولادة في هذه المناطق الضيقة، وسيشكل ضغطاً على جمجمته.

ولكن تدابير خاصة جداً أُعدت لحماية صحة الطفل.

عظام جمجمة المولود طريّة بعكس جمجمة الإنسان البالغ لم تلحم مع بعضها وبفضل هذا تتمطط العظام مقداراً معيناً أثناء الولادة وهذا التمطط يشكل فراغات بين العظام تمنع تخريب الجمجمة.

بفضل هذا يولد الطفل ولادة صحيحة دون تضرر الجمجمة والدماغ.

في الأشهر القادمة تقسو جمجمة الرأس وتستمر حياة الطفل بشكل سليم.

هذه الأحداث الموضحة في هذا الكتاب مرّت على جميع الناس الذين عاشوا على وجه الأرض، وتُري أن جميع الناس إنما كانوا من نطفة بسيطة ألقيت في رحم الأم

وبفضل هذه الشروط الخاصة اتحدت مع البويضة، ثم بدأت الحياة بخلية واحدة فقط، حيث ليس لها أي علم حتى بوجودها، فالله تعالى سوى خلقهم، وخلق كل واحد منهم إنساناً في أحسن تقويم من خلية واحدة فقط ...

والتفكير في هذه الحقيقة واجب كل إنسان على وجه الأرض.

ومهمتكم أنتم أيضاً التفكير كيف وجدتم وأن تشكروا خالقكم الله تعالى.

ولا تنسوا أن ربنا الذي خلق أجسامنا مرة، سيخلقنا بعد موتنا مرة أخرى، وسيحاسبنا على النعم التي وهبنا إياها وسيعيد خلقنا مرة أخرى وهو أهون عليه.

أما المنكرين لحقيقة خلقهم بنسيانهم ربهم والدار الآخرة فمخطئون خطأً كبيراً.

يذكر الله تعالى الناس كهؤلاء في القرآن الكريم بقوله:

(أَوَلَمْ يَرَ الْأِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ) (يّـس:77-79 )

مر يهودي برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يحدث أصحابه فقالت قريش يا يهودي إن هذا يزعم أنه نبي فقال لأسألنه عن شيء لا يعلمه إلا نبي قال فجاء حتى جلس ثم قال يا محمد موضوع حلقة اليوم هو محور سورة يخلق الإنسان قال يا يهودي من كل يخلق من نطفة الرجل ومن نطفة المرأة فأما نطفة الرجل فنطفة غليظة منها العظم والعصب وأما نظفة المرأة فنطفة رقيقة منها اللحم والدم فقام اليهودي فقال هكذا كان يقول من قبلك. مسند أحمد 4206رواته ثقات إلا حسين بن الحسن قال فيه البخاري فيه نظر ولكن ابن حبان وثقه ..

464
منتدى علوم البيئة / النقل والموارد والبيئة
« في: فبراير 27, 2004, 12:00:13 صباحاً »
يعد النقل نصرا هاما في التنمية الاجتماعية والاقتصادية واليوم يسافر اشخاص اكثر من أي وقت مضى عبر مسافات اطول وتنقل كميات اكبر من الوقود والمواد الأولية والمنتجات على نطاق العالم اكبر من أي وقت مضى. وتتنوع شبكات النقل ووسائله جغرافيا وتتغير باستمرار الوقت. على حين لا تزال الوسيلة الأساسية للسفر هي السير على الاقدام لا سيما في المناطق الريفية اما في المناطق الحضرية وشبه الحضرية فتستأثر الترأيشو استخدامات النقل البري في البلدان النامية. وتمثل الدراجات في بعض البلدان وسيلة هامة للنقل. وفي عام 1989 قدر مجموع ما لدى الصين والهند معا من الدرجات بنحو 600 مليون دراجة.  وفي هولندا والدنمارك وبعض البلدان الأوروبية الأخرى كان ركوب الدراجات ولا يزال يحظى بشعبية.

 

يعد النقل أكثر وسائل النقل شيوعا لكل من الركاب والبضائع في الدول المتقدمة وتتزايد اهميته في البلدان النامية. ولقد ارتفع عدد السيارات في العالم الاكثر من الضعف خلال السنوات العشرين الاخيرة، ويتوقع ان يتضاعف مرة اخرى خلال السنوات العشرين او الثلاثين المقبلة. ولا يزال انتاج السيارات وامتلاكها يتركزان بصورة كاسحة في البلدان المتقدمة وتستأثر البلدان الاعضاء في منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي بنسبة 88 في المائة من انتاج السيارات ونسبة 81 في المائة من الاسطول العالمي من السيارات. وقد شهد امتلاك السيارات زيادة حادة في البلدان النامية حيث بلغ متوسط الزيادة السنوية 10 في المائة سنويا فيما بين عامي 1970 و1990 وينتظر ان تستمر هذه الزيادة في الوقت الذي يستقر فيه معدل امتلاك السيارات في البلدان المتقدمة. ومع ذلك فسوف يظل المستوى المتوسط لاستخدام السيارات في البلدان المتقدمة اعلى كثير من البلدان النامية وفي الوقت الحالي يبلغ عدد السيارات لكل 1000 فرد في الولايات المتحدة نحو 550 سيارة وما يتراوح بين 200 و400 سيارة في أوروبا الغربية وفي افريقيا 9 سيارات وفي الهند سيارتين وفي الصين  0.4 سيارة. وتزايدت وسائل النقل الاخرى كذلك منذ عام 1970 فقد قطع الطيران المدني نحو 7 مليارات كيلو متر في عام 1970 على اساس ان عدد الركاب 382 مليار راكب/ كيلو متر. وارتفعت تلك الأرقام الى 12 مليار/ كيلو متر و1368 مليار راكب/ كيلو متر في عام 1987. وكذلك تزايد ارتفاع نقل البضائع بالسكك الحديدية من 5019 مليار طن اضافي/ كيلو متر في عام 1970 الى 7285 مليار في عام 1987. وارتفع الشحن البحري من 2605 مليون طن في عام 1970 الى 3675 مليون طن في عام 1980 وان كان قد انخفض الى 3361 مليون طن في عام 1987 نتيجة للانخفاض في نقل البترول الذي يستأثر بنحو 55 في المائة من كافة البضائع التي تنقل بحرا.

# النقل والموارد والبيئة :

يستهلك قطاع النقل كميات هائلة من الموارد فهو يستهلك الأرض لشق الطرق وإنشاء السكك الحديدية والموانىء والمطارات والمرافق الأخرى ذات الصلة كما انه يستهلك المعادن واركاز في صناعة المركبات وتشييد البنية الأساسية وكميات ضخمة من الطاقة وقد تزايدت اطوال طرق السيارات في البلدان الاعضاء في منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي من 73000 كيلو متر في عام 1970 الى 132000 كيلو متر في عام 1988 اي زيادة مقدارها 81 في المائة. اما في البلدان النامية فإن الصعوبات الاقتصادية كانت تقيد عملية انشاء طرق جديدة للسيارات (والطرق بصفة عامة) كما ان احوال الطرق القديمة في العديد من البلدان النامية قد تدهورت خلال العقدين الماضيين نتيجة لانعدام الصيانة او عدم كفايتها وفي بعض البلدان كان ثمة تضارب بين الأراضي المستخدمة لخدمة قطاع النقل (سواء لإنشاء طرق السيارات أو السكك الحديدية أو الموانىء أو المطارات والاستخدامات الاخرى كإنتاج الأغذية مثلا).
وعلى الصعيد العالمي يستأثر قطاع النقل بحوالي 30 في المائة من إجمالي الاستهلاك التجاري حيث يستهلك النقل البري وحدة 82 في المائة منه كل هذه تقريبا منتجات مشتقة من البترول  غير ان هناك اختلافات واسعة بين الاقاليم والبلدان. ففي اوروبا الشرقية والاتحاد السوفياتي مثلا يمثل قطاع النقل حوالي 13 في المائة من الاستهلاك الكلي للطاقة ؛ وفي كينيا يستأثر بحوالي 45 في المائة ومنذ أوائل السبعينات أخضعت عدة بدائل للنفط للدراسة كوقود للمحركات وينصب الاهتمام الآن على انواع الوقود الكحولي (الأيثانول والميثانول) والغاز الطبيعي وعلى الكهرباء وإن يكن بدرجة اقل. ويمكن استخلاص الوقود الكحولي من الكتلة الحيوية ويمكن ايضا انتاج الميثانول من الغاز الطبيعي والفحم كما ان برنامج الايثانول (المستخلص من قصب السكر) الذي بدأته البرازيل عام 1975 قد زودها نحو نصف وقود المحركات في البلد في عام 1986. والآن تعمل محركات نحو ثلث السيارات في البرازيل بالأيثانول الصافي وتعمل محركات السيارات الاخرى بخليط من البنزين والأيثانول بنسبة 80/20 . واصبح شائعا في بعض البلدان استخدام الغاز الطبيعي بصورة مباشرة كوقود للمحركات سواء في صورته المضغوطة (ONG) أو المسالة (LPG) وهناك الآن اكثر من 300000 سيارة تنطلق بالوقود المضغوط على الطرق في ايطاليا وتلبي ايطاليا واليابان نحو 4 في المائة من الطلب المحلي على وقود النقل بالغاز الطبيعي المسال (LPG). كما بدأت بلدان أخرى كالأرجنتين واستراليا واندونيسيا ونيوزيلندا وباكستان وتايلاند في استخدام الغاز الطبيعي كوقود للنقل.

# تأثير النقل على الغلاف الجوي :

تقوم السيارات والشاحنات والحافلات بدور بارز في توليد كافة الملوثات الرئيسية للهواء من الناحية الفعلية لا سيما في المدن السيارات التي تحرق النفط ينبعث منها ثاني اكسيد الكربون وأول اكسيد الكربون والمواد الهيدروكربونية واكاسيد النيتروجين والجسيمات فالمركبات المحسوسة وفي الأماكن المغلقة والشوارع التي تعاني الاختناقات يمكن ان ترتفع تركيزات أول اكسيد الكربون الى مستويات خطرة على الصحة لا سيما بالنسبة للأشخاص الذين يعانون ضعفا في القلب أو في الرئتين. تتفاعل اكاسيد النيتروجين والمواد الهيدروكربونية بوجود ضوء الشمس فينتج عن تفاعلها ضباب دخاني مؤكسد يؤذي العيون والرئتين ويتلف النباتات الحساسة وفي البلدان التي يستخدم فيها البنزين المحتوي على الرصاص نجد ان كل الرصاص الذي يحتوي عليه الانبعاثات الهوائية في المدن ناتج عن عادم السيارات. وتبين الدراسات التي اجريت على مقربة من الطرق السريعة وجود تركيزات مرتفعة من المعادن المحسوسة مثل الكادميوم والرصاص والنحاس والزنك والنيكل والكروم على النبات والتربة وعلى الرغم من ان السيارات التي تسير بالديزل تنبعث منها كمية من أول اكسيد الكربون والمواد الهيدروكربونية مماثلة لتلك التي تنبعث من السيارات التي تسير بالبنزين أو اقل منها فانه تنبعث من هذه الجسيمات عن الميكرومتر ومن ثم فهي تنقل بسهولة عن طريق تيارات الهواء وتستقر في الجزء السفلي من الجهاز التنفسي اثر استنشاقها. وتحتوي هذه الجسيمات على المئات من المركبات العضوية، التي يسبب الكثير منها الاصابة بالسرطان. ومع ان حجم ملوثات الهواء المنبعثة عن الطائرات وقاطرات السكك الحديدية مجتمعة يقل كثيرا عما ينبعث من المركبات البرية فقد قدر ان الاسطول العالمي من الطائرات المدنية يولد حوالي 2.8 مليون طن من اكاسيد النيتروجين سنويا الأمر الذي يمكن أن يزيد من تكون الأوزون التربوسفيري.
يولد قطاع النقل على مستوى العالم حوالي 60 في المائة من انبعاثات أول اكسيد الكربون التي من صنع الإنسان و42 في المائة من اكاسيد النيتروجين و40 في المائة من المواد الهيدروكربونية و13 في المائة من الجسيمات و3 في المائة من اكاسيد الكبريت كما يعد قطاع النقل مساهما رئيسيا في غازات الاحتباس الحراري؛ فهو يولد نحو 18 في المائة من كل ثاني اكسيد الكربون الذي يطلق الوقود الاحفوري او نحو 15 في المائة من الحجم الكلي لانبعاثات ثاني اكسيد الكربون التي من صنع الانسان ويتم حاليا القضاء تدريجيا على المواد الكلورية الفلورية الكربونية التي تحتوي عليها انظمة تكييف الهواء وعوادم السيارات.
من بين جميع مصادر الضوضاء الحالية فإن الضوضاء الصادرة عن النقل - لا سيما من المركبات البرية - هي الاكثر انتشارا. وهي تعد في كثير من البلدان المصدر الذي يخلق اضخم المشاكل. وتتزايد كثافة الضوضاء في كل مكان وتمتد الى مناطق لم تتأثر بها من قبل بل الى ساعات الليل وتثير القلق بقدر ما تثيره أنواع التلوث الأخرى وتوضح البيانات الحديثة ان نحو 16 في المائة في السكان في بلدان منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي - حوالي 110 ملايين نسمة معرضون للضوضاء الناجمة عن حركة المرور بما يتجاوز 65 ديسيبل وهو المستوى الذي اذا تجاوزته الضوضاء فإنه يسبب الازعاج والضرر . أما بالنسبة للضوضاء الناجمة عن الطائرات فإن حوالي 0.5  من السكان في البلدان الأوروبية واليابان معرضون لمستويات ضوضاء تتجاوز 65 ديسيبل على حين ترتفع نسبة السكان المتضررين في الولايات المتحدة 2 في المائة وفي العديد من البلدان تتزايد النسبة المئوية للسكان الذين يعيشون في المناطق الرمادية أي تلك المناطق المعرضة لمستويات من الضوضاء تتراوح بين 55 و65 ديسيبل ومن ثم فقد اصبحت الضوضاء مشكلة اكثر حدة مما كان يعتقد قبل عقد مضى وتزداد المشكلة تضخما بصورة خاصة في كثير من المراكز الحضرية في البلدان النامية وقد اصبحت الضوضاء مشكلة كبرى في بانكوك ومانيلا والقاهرة وفي العديد من المدن الاخرى.

# أثر النقل على المياه :

ينشأ التلوث النفطي للطرق المائية الداخلية والبيئة البحرية عن التصريف المعتاد للسفن الصنادل والاطلاقات العارضة وفي عدد من البلدان النامية يتم طمر زيوت المحركات المستعملة على الأرض أو القاؤها في المياه السطحية مما يخلق عددا من الآثار البيئية (كتلوث موارد المياه الجوفية والآثار على الأحياء المائية في المياه السطحية والروائح العفنة الكريهة... الخ) وفي بعض الحالات يتم تصريف زيوت المحركات المستعملة في شبكة الصرف الصحي (لا سيما في محطات خدمة السيارات واماكن انتظارها). وقد يخلق ذلك مشاكل لمحطات معالجة مياه الصرف الصحي من خلال تدمير كفاءة الكائنات الحية الدقيقة التي تهضم المادة العضوية أو الحد من هذه الكفاءة وعلى سبيل المثال فقد ادى التسرب من صهاريج تخزين البنزين تحت الأرض لا سيما في محطات البنزين إلى تلوث المياه الجوفية في الولايات المتحدة.
احرز على امتداد السنوات العشرين الماضية تقدم كبير في مجال زيادة كفاءة السيارات الجديدة من حيث الطاقة. فقد زادت كفاءة سيارات الركوب الجديدة في الولايات المتحدة اليوم الى اكثر من ضعف ما كانت عليه الحال في أوائل السبعينات ففي المتوسط انخفض استهلاك الوقود من 16.6 لتر/ 100 كيلو متر في عام 1973 الى 8.3  لتر/100 كيلو متر في عام 1987. وفي بلدان منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي. بوجه عام انخفض استهلاك الوقود الى السيارة الواحدة بحوالي 25 في المائة منذ عام 1970. وهذه الكفاءة الاعلى تحققت اساسا بخفض وزن السيارة عن طريق الاستعاضة عن الصلب في صناعة السيارات في الالمنيوم والبلاستيك والسيراميك والتحسينات التي ادخلت الى المحركات ونقل الحركة.
كما تم اجراء تقدم في مجال الحد من الانبعاثات التي تطلقها السيارات ولا سيما في البلدان المتقدمة ومن بين جميع ملوثات الهواء كانت مكافحة الرصاص هي اكثر نجاحا بالقضاء تدريجيا على البنزين الذي يحتوي على الرصاص. وفي الفترة ما بين عام 1976 و1987 انخفض محتوى الرصاص في انبعاثات السيارات بنسبة 87 في المائة في الولايات المتحدة. وتحققت نتائج متماثلة في البلدان الأخرى الأعضاء في منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي غير ان البنزين المحتوى على رصاص لا يزال الوقود الرئيسي المستخدم في غالبية البلدان النامية وكان تخفيف الانبعاثات الاخرى للسيارات اقل نجاحا وكان معقدا من جراء حقيقة ان الحد من ملوث او اكثر قد لا يتحقق في بعض الاحيان الا على حساب تزايد ملوثات اخرى وعلى سبيل المثال فإن المحركات التي تدار بمزيج منخفض ( نسبة الهواء الى الوقود 20 الى 1 أو أكثر بدلا من النــسبة التــقليدية 15 الى 1 ) تسمح باحتراق الوقود بكفاءة اكبر وتخفض انبعاث اكاسيد النيتروجين وأول اكسيد الكربون الا انها تسبب زيادة في انبعاثات المواد الهيدروكبرونية. وفي الوقت الذي ينخفض فيه المحرك الحفاز من أول أكسيد الكربون فإنه يزيد قليلا من انبعاثات ثاني اكسيد الكربون واكاسيد الكبريت وعلى الرغم من تحقيق انخفاض كبير في انبعاثات أول اكسيد الكربون والمواد الهيدروكربونية في كندا والولايات المتحدة واليابان عددا آخر من بلدان منظمة التنمية والتعاون في الميدان الاقتصادي فإن الانبعاثات التي تطلقها السيارات في ازدياد بسبب الزيادة في عدد السيارات ويصدق ذلك بصفة خاصة على البلدان النامية حيث نادرا ما تطبق تدابير التحكم نتيجة مشاكل فنية واقتصادية (قدم المركبات لا سيما المركبات والحافلات وعدم كفاءة الصيانة والإصلاح نتيجة لنقص قطع الغيار أو ارتفاع اسعارها واختناقات المرور... الخ).
ساعدت التدابير التنظيمية مثل الحد من الانبعاثات والحد من الضوضاء وتحسينات السلامة للنقل البري والبحري والجوي، والتحسينات المتعلقة بحركة المرور وخفض الضوضاء حول المطارات... الخ التي طبقت خلال العقدين الماضيين لا سيما في البلدان النامية ساعدت بدرجات متفاوتة على تحقيق تخفيض عام للآثار البيئية المترتبة على قطاع النقل فقد تركز الاهتمام على ضرورة ان تكون الشبكات العاملة لنقل الركاب اكثر كفاءة من حيث الوقود اقل تلويثا على اساس راكب/ كيلو متر. ولقد تبين ان التحول الى استخدام الحافلات وشبكات النقل الثابتة القضبان في الانتقال داخل المدن في بعض البلدان قد ادى الى وفورات ملحوظة في الطاقة والى انخفاض التلوث. كما ادى تخفيض السرعة على طرق السيارات الى زيادة في كفاءة الوقود واطالة عمر اطارات السيارات الى جانب خفض حوادث الطرق السريعة في كثير من البلدان.
# إنتاج الطاقة واستخدامها :

ازداد الطلب على الطاقة بدرجة مثيرة في سائر انحاء العالم خلال القرن الأخير. فقبل الخمسينات كان استهلاك الطاقة ينمو بمعدل سنوي مقداره 2.2 في المائة الا انه فيما بين عامي 1950 و1970 كان ينمو بمعدل أكبر كثيرا مقداره 5.2 في المائة في السنة. بيد أن الطلب على الطاقة انخفض فيما بين عامي 1970 و1990 الى معدل سنوي مقداره 2.3  في المائة. وكان ذلك يعزى إلى جملة أمور منها الزيادات في أسعار النفط في أوائل وأواخر السبعينات واتخاذ تدابير لزيادة كفاءة استخدام الطاقة ولوقف تزايد الطلب على الطاقة في البلدان المتقدمة.
وعلى مر العصور كانت الزيادة في استهلاك الطاقة تصاحبها تغيرات رئيسية في مزيج الطاقة المستخدم. فمنذ مضي قرن كانت مصادر الطاقة غير التجارية (الحطب والمخلفات الزراعية والروث ونحو ذلك) تشكل نحو 52 في المائة من مجموع الطاقة المستخدمة. الا ان تلك الحصة انخفضت بدرجة كبيرة عندما أصبح الوقود الاحفوري هو المصدر السائد للطاقة. وفي عام 1930 كانت حصة أنواع الوقود غير التجاري 25 في المائة من مجموع الطاقة المستخدمة وفي عام 1950 أصبحت 21 في المائة ثم 12 في المائة في عام ،1970 وظلت هذه الحصة على حالها منذ ذلك الحين على الرغم من ملياري نسمة في البلدان النامية يعتمدون اليوم، في جزء جوهري من احتياجاتهم من الطاقة على الوقود غير التجاري وخاصة الحطب. وثمة تغير هام آخر هو انخفاض حصة الفحم. ففي العشرينات كان الفحم يشكل نحو 80 في المائة من مجموع استهلاك العالم من الطاقة التجارية؛ وفي العقود التي تلت ذلك حل النفط بصفة أساسية محل الفحم، وفي عام 1970 كان الفحم يمثل 29 في المائة من مجموع استهلاك الطاقة ثم زادت حصته زيادة طفيفة إلى 22 في المائة في عام 1990. كان النفط هو المصدر الرئيسي للطاقة على الرغم من أن حصته قد انخفضت في عام 1970 إلى 36 في في المائة في عام 1990.
يتركز استهلاك المصادر التجارية للطاقة تركزا شديدا في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وأوروبا الشرقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتي. ففي عام 1990 استهلكت هذه البلدان التي يقطنها نحو 22 في المائة من سكان العالم قرابة 82 في المائة من المصادر التجارية للطاقة في العالم على حين أن البلدان النامية التي يقطنها 78 في المائة من سكان العالم لم تستهلك سوى 18 في المائة فقط. وفي المتوسط يستهلك الفرد الذي يعيش في البلدان ذات الدخل المرتفع قدرا من الطاقة يزيد 15 مرة على استهلاك الفرد في البلدان ذات الدخل المنخفض، ويقرب من 4 مرات من استهلاك الفرد في البلدان ذات الدخل المتوسط . ولكن فوارق كبيرة بين فئات السكان المختلفة في البلد الواحد
أدت الأحداث التي جرت خلال العقدين الماضيين إلى خلق إدراك عام بأن عصر الطاقة الرخيصة قد ولى وأن الاقتصادات لا بد ان تتكيف مع أسعار النفط المرتفعة، وفضلا عن ذلك فإن حقيقة ان انواع الوقود الاحفوري محدودة بطبيعتها اصبحت واضحة اكثر من اي وقت مضى. وادى هذا الى تسليط الضوء على أهمية ايجاد أمزجة من الطاقة لتلبية الطلب مع الاعتماد بدرجة أكبر على الموارد الملحية وأهمية زيادة فعالية استخدام الوقود الأحفوري - يمكن ان يؤدي الى زيادة تدهور البيئة العالمية (وذلك على سبيل المثال من خلال زيادة المطر الحمضي وتلوث الهواء في المدن وتغير المناخ)، وتقويض التنمية والرفاهية في المستقبل على نطاق هذا الكوكب.
أجريت عدة تقديرات للطلب العالمي على الطاقة في المستقبل إلا أن أوجه عدم اليقين الكثيرة الكامنة في الافتراضات التي استندت إليها هذه التقديرات تجعلها مجرد تقديرات إرشادية. غير انه يبدو ان هناك اتفاقا عاما على ان الطلب العالمي على الطاقة سيستمر في الازدياد وستكون أعلى معدلات نموه في البلدان النامية (نحو 4.5  في المائة في السنة)؛ تليها أوروبا الشرقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية (3 في المائة) واقلها في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي (نحو 1.3  في المائة في السنة). وعلى الرغم من ان حصة منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في مجموع استهلاك الطاقة في العالم من المرجح أن تنخفض من 46 في المائة في الوقت الحالي إلى نحو 43 في المائة في عام 2000 فستظل هي المنطقة ذات أعلى استهلاك للطاقة لا سيما الوقود الأحفوري.
كانت التقديرات المؤكدة لاحتياطات النفط العالمي التي يمكن استيرادها عند نهاية عام ،1989 139 مليار طن من النفط (77 في المائة في بلدان الأوبك، 12 في المائة في البلدان النامية الأخرى، 6 في المائة في أوروبا الشرقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية، 5 في المائة في البلدان المتقدمة ذات الاقتصادات السوقية). وتبلغ موارد الفحم نحو 534 مليار طن من معدل النفط وموارد الغاز الطبيعي 104 مليارات طن من معدل النفط. وبناء على مستوى استهلاك العالم في عام 1990 فان احتياطات النفط ستدوم نحو 46 والفحم نحو 205 سنوات والغاز الطبيعي نحو 67 سنة. وقد ادى عدم تساوي توزيع الوقود الأحفوري في العالم الى خلق تجارة ضخمة على نطاق العالم في سلع الطاقة: إذ يتم الاتجار دوليا في نحو 44 في المائة من النفط و14 في المائة من الغاز و11 في المائة من الفحم. وتوجد شبكات توزيع واسعة لخدمة هذه التجارة وتأمين وصول الموارد الى المستهلك. وينقل الغاز الطبيعي بريا من خلال مليون كيلو متر من الأنابيب وينقل النفط خلال 400000 كيلو متر من الأنابيب وتستبعد من ذلك شبكات التوزيع الداخلي. وتبخر نحو 2600 ناقلة نفط عبر بحار العالم حاملة النفط الخام؛ كما تقوم 65 سفينة أخرى بنقل الغاز الطبيعي السائل في سائر انحاء العالم.
تستخدم كمية كبيرة من الوقود الأحفوري على نطاق العالم لتوليد الكهرباء. ومن بين نحو 11000 تيرا واط/ ساعة (1 تير واط = مليار كيلو واط/ ساعة) تم توليدها في عام ،1989 تم توليد قرابة 62 في المائة من محطات الطاقة الحرارية (التي تستخدم الوقود الأحفوري) و20 في المائة من الطاقة الهيدروليكية و17 في المائة من محطات الطاقة النووية، واقل من واحد في المائة من موارد حرارية أرضية. وقد تزادت حصة الطاقة النووية من 1.6  في المائة في عام 1970 الى 16.8 في المائة في عام 1989 ، وحتى 31 كانون الأول/ ديسمبر 1990 كانت توجد في العالم 423 محطة للطاقة النووية تولد قدرة مجموعها 325873 ميغاوات - كهربائي (Mwe) . وقد تم تنقيح الإسقاطات التي أجريت في منتصف السبعينات والتي تفيد بأن الطاقة الكهربائية النووية ستساهم بـ 2600 غيغاوات - كهربائي (Gwe) في عام 2000 وخفضت إلى 1075 غيغاوات - كهربائي في أوائل الثمانينات ثم إلى 444 غيغاوات - كهربائي استنادا الى إسقاط عام ،1987 الذي أجرته الوكالة الدولية للطاقة الذرية. وفي منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي كانت الطاقة النووية تمثل متوسط مقداره 22 في المائة من توليد الكهرباء في عام 1987 وكان الوقود الأحفوري يمثل 60 في المائة، وكانت الطاقة الهيدروليكية والحرارية الأرضية تمثل نسبة الـ 18 في المائة المتبقية. ويقدر ان تبقى هذه النسب دون تغيير حتى عام 2005 . بيد ان مزيج الوقود الأحفوري المستخدم في توليد الكهرباء سيتغير، وستنخفض حصة النفط وسيحل الفحم محله.
تترتب على انتاج الطاقة وتحويلها ونقلها واستخدامها آثار مهمة على البيئة. وتختلف هذه الاثار اختلافا كبيرا تبعا لمصدر الطاقة وتكنولوجيات انتاجها واستخدامها في القطاعات المختلفة : الزراعة والصناعة والنقل والمنازل والتجارة. وعادة ما يتم تقييم الاثار البيئية لمختلف نظم الطاقة بالنسبة لدورة الوقود باكملها اي بدءا من استخراج المادة الخام وانتهاء بالنقل والتجهيز والتخزين واستخدام الطاقة حتى ادارة النفايات المتولدة في جميع مراحل الدورة. وقد كانت هذه الاثار البيئية موضوع دراسات مستفيضة اجراها برنامج الامم المتحدة للبيئة ومنظمات أخرى منذ منتصف السبعينات.

# آثار إنتاج الطاقة واستخدامها على الغلاف الجوي :

يولد احتراق الوقود الاحفوري والكتلة الحيوية عددا من النبعاثات في الجو تختلف نوعياتها واحجامها تبعا لتركيب الوقود المستعمل. وفي المتوسط يعتبر حرق الوقود الاحفوري في القطاعات المختلفة مسؤولا على نطاق العالم عن اطلاق 90 في المائة من اكاسيد الكبريت و85 في المائة من اكاسيد النيتروجين و30 - 50 في المائة اول اكسيد الكربون و40 في المائة من المواد الدقيقة و55 في المائة من المركبات العضوية الطيارة و 15 - 40 في المائة من الميثان و55 - 80 في المائة من ثاني اكسيد الكربون وهي جميعا مركبات من صنع البشر . وتختلف حصص الانبعاثات في شتى القطاعات اختلافا كبيرا من بلد الى اخر وتعتمد على مقدار وتركيب الوقود المستخدم وعلى التكنولوجيات المستخدمة في تخفيف الانبعاثات في مكانها وتتولد من حرق الفحم لكل وحدة طاقة انبعاثات من اكاسيد الكبريت والنيتروجين وثاني اكسيد الكربون تفوق انبعاثات النقط او الغاز الطبيعي او الكتلة الحيوية ومن جانب اخر تنبعث من احتراق الكتلة الحيوية مقادير من اول اكسيد الكربون تفوق ما ينبعث من احتراق الفحم او النقط او الغاز الطبيعي. وقد نوقشت في الفصل 1 اتجاهات آثار انبعاثات أكاسيد الكبريت والنيتروجين وأول أكسيد الكربون والمواد الدقيقة من المصادر الثابتة والمتحركة. ومما له اهمية خاصة آثار مختلف الانبعاثات على نوعية الهواء في المدن ودورها في تكوين المطر الحامضي وتغير المناخ. وكان مقدار ثاني اكسيد الكربون المنبعث نتيجة استخدام الطاقة في عام 1988 نحو 6.3  مليار طن من الكربون (ساهم في حرق النفط بنحو 2.4  مليار سون من الكربون والغاز الطبيعي بـ 1.1 مليار طن وحرق الفحم بـ 4.2 مليار طن وحرق الوقود غير التجاري بنحو 0.5) وستصل انبعاثات ثاني اكسيد الكربون اذا ما استمرت الاتجاهات الحالية لاستخدام الطاقة وكفاءتها الى نحو 9.1 مليار طن من الكربون في عام 2005 . ويمكن ان تتضاعف بحلول عام 2010 . بيد ان ما امكن استخدام الطاقة بكفاءة أكبر فإن مقدار ثاني اكسيد الكربون المنبعث في عام 2010 قد يكون أعلى بنسبة 50 في المائة فقط مما كان عليه في عام 1988. وإذا ما ادخلت تحسينات جذرية على استخدام الطاقة فستكون الزيادة بنسبة 15 في المائة فقط.

# آثار إنتاج الطاقة واستخدامها على المياه :

يمكن أن ينشأ تلوث المياه من انشطة عديدة متصلة بالطاقة فقد ادى الصرف الحمضي من المناجم الى تلويث مجاري المياه السطحية في الولايات المتحدة وبلدان أخرى كثيرة وإلى تقليل الأحياء المائية أو القضاء عليها في كثير منها. وقد حدث التلوث البحري نتيجة التخلص من مخلفات السفن ومنصات النفط البعيدة عن الشواطىء ومن انسكابات النفط العرضية. وتتدفق من مصافي النفط مواد سائلة تحتوي على النفط والشحم والفينول والأمونيا وغيرها من المركبات السامة. وتستخدم محطات الطاقة المياه للتبريد وعادة تكون المياه التي تتخلص منها أدفأ بنحو 7 درجات مئوية من درجات حرارة الأجسام المائية التي تصب فيها. ويقال ان مثل هذا التلوث الحراري يؤثر على الأحياء المائية الا انه في بعض البلدان كانت هذه المياه الحرارية تستخدم في تربية الأحياء المائية أو الري في اغراض أخرى.

# آثار إنتاج الطاقة واستخدامها على الأرض :

يؤدي تعدين الفحم الحجري لا سيما التعدين السطحي إلى افساد مساحات واسعة من الارض وعلى الرغم من نجاح عمليات استصلاح مناطق التعدين السطحي في بعض البلدان في المانيا على سبيل المثال فإنه يخشى ان تؤدي زيادة استخدام الفحم مستقبلا الى افساد مزيد من الأرض والتأثير على المستوطنات البشرية الواقعة قرب مناطق التعدين. وتتطلب جميع الأنشطة الأخرى المتصلة بالطاقة أراض قد لا تتوفر بسهولة أو قد يفضل استخدامها لأغراض أخرى. فبناء سد قد يؤدي الى غمر مساحات من الغابات بالمياه ولذلك آثار ضارة على الاحياء البرية كمنا ان انشاء حظائر تعمل وطواحين الهواء أو محطات تعمل بالطاقة الشمسية يتطلب مساحات شاسعة ويمكن ان يتعارض مع استخدامات أخرى للأرض كذلك يمكن ان تتعارض حقول الطاقة مع استخدام الأرض لانتاج الأغذية. وتلزم الأرض أيضا لادارة كميات هائلة من النفايات الصلبة المتولدة من بعض دورات الوقود (لا سيما دورات الفحم والدورات النووية). ويخلف التعدين وتجهيز الفحم واليورانيم كميات كبيرة من النفايات الصلبة التي ينبغي التخلص منها بصورة سليمة. وقد ظهر مصدر رئيسي ومتزايد للنفايات الصلبة جنبا الى جنب مع تدابير مكافحة تلوث الهواء في محطات الطاقة التي تعمل بالوقود الأحفوري. كما ان الأوساخ المترسبة نتيجة ازالة الكبريت من غازات المداخن والرماد المتجمع بواسطة اجهزة الترسيب الكهربائي فضلا عن الرماد السفلي تفاقم مشكلة ادارة النفايات الصلبة التي تتطلب مساحات متزايدة من الارض.

# الطاقة النووية والبيئة :

تركز القلق بشأن تطوير الطاقة النووية على عدد من القضايا أهمها: آثار الاشعاع على البشر وأمن المنشآت النووية والآثار البيئية المتعلقة بادارة النفايات ذات الفاعلية الاشعاعية (بما في ذلك وقف تشغيل المنشآت النووية) وامكانيات تحويل المواد النووية الى استخدامات غير سليمة. وتنطلق في البيئة مواد مشعة عند كل مرحلة من دورة الوقود النووي- بدءا بالتعدين وطحن خام اليورانيوم وتنصيع الوقود وتشغيل محطات الطاقة وانتهاء باعادة تجهيز الوقود المشع والتخلص من النفايات النووية. وتتلاشى النويدات المشعة التي تنطلق من ذلك بمعدلات متفاوتة" وغالبيتها ليست لها سوى أهمية محلية إذ أنها تتلاشى بسرعة؛ وبعضها يبقى مدة طويلة تكفي لانتشارها في انحاء العالم؛ وبعضها يظل في البيئة الى الأبد من الناحية الفعلية. وتسلك النويدات المشعة سلوكا مختلفا أيضا في البيئة؛ فبعضها ينتشر بسرعة والبعض الآخر قليلا ما يتحرك. واجمالا فإن تشغيل دورة الوقود النووي يسهم بنحو 0.04 في المائة من جملة الاشعاع الذي يتعرض له البشر؛ وبالمقارنة فإن المصادر الطبيعية تسهم بحوالي 83 في المائة والمصادر الطبية التي من صنع الإنسان بنحو 17 في المائة . والسكان الذين يعيشون قرب المنشآت النووية يتلقون بطبيعة الحال جرعات تفوق المتوسط بكثير جدا. ومع ذلك فإن الجرعات المثالية حول المفاعلات النووية في الوقت الحاضر تشكل جزءا من واحد في المائة من الجرعات من المصادر الطبيعية. وتفترض هذه الأرقام جميعا ان المحطات النووية تعمل بصورة طبيعية؛ إذ ان كميات اكبر كثيرا من المواد النووية يمكن ان تطلق في الحوادث. وعلى الرغم من انه قد تراكم قدر كبير من المعلومات عن الآثار الحادة للاشعاع فلا تزال توجد جوانب كثيرة من عدم اليقين بشأن آثار التعرض لمستويات منخفضة من الاشعاع. كما ان صعوبة اثبات السبب والنتيجة تعد بدورها مشكلة في دراسة الروابط بين الآثار الجينية البشرية والاشعاع. بيد ان دراسة حديثة كشفت ان حدوث سرطان الدم كان اعلى لدى الأطفال الذين ولدوا بالقرب من محطة سيلافيلد النووية في المملكة المتحدة ولدى الأطفال الذين يعمل آباؤهم في المحطة لا سيما أولئك الذين سجل أنهم تلقوا جرعات إشعاع عالية قبل ان يكون اطفالهم في طور الحمل.

تتولد النفايات المشعة عند جميع مراحل دورة الوقود النووي. وتنتج أغلبية النفايات عند طرف بداية الدورة الذي يشمل التعدين والطحن على حين تنتج النفايات الأكثر اشعاعا عند طرف نهاية الدورة الذي يشمل تشغيل المفاعل واعادة تجهيز الوقود (في حالة اعادة التدوير). وهذه النفايات الاخيرة تقسم بوجه عام الى نفايات منخفضة المستوى ونفايات متوسطة المستوى ونفايات عالية المستوى 9 وهي تشمل النفايات من محطات اعادة التجهيز و/أو الوقود المستهلك من المفاعلات النووية). وعلى نطاق العالم كان حجم النفايات منخفضة المستوى المتولدة في عام 1990 نحو 370000 متر مكعب وحجم النفايات متوسطة المستوى نحو 27000 متر مكعب وحجم النفايات عالية المستوى والوقود المستهلك نحو 21000 متر مكعب. وبحلول عام 2000 فإن الحجم المتراكم من النفايات منخفضة المستوى من مفاعلات الطاقة النووية يمكن ان يصل الى نحو7 ملايين متر مكعب ومن النفايات عالية المستوى الى نحو مليون متر مكعب. وعادة يتم التخلص من النفايات منخفضة المستوى في المنشآت السطحية أو الضحلة أو الجوفية التي ينبغي التحكم فيها لنحو 300 سنة. أما النفايات متوسطة المستوى فيتم التحكم فيها عادة في الاسمنت او الزفت أو الراتنغ ثم تطمر في جوف الأرض في مستودعات ضحلة. ولم يتم حتى الآن التخلص من أية نفايات عالية المستوى. اذ تقوم السلطات الوطنية بتخزينها؛ وكان بعضها يجري بحوثا حول سبل تصليدها والتلخص منها في تكوينات جيولوجية ثابتة على الارض او على قاع البحار او تحته.
يعد وقف تشغيل المنشآت النووية - عملية تفكيك المحطات النووية القديمة والتخلص منها - مجديا من الناحية التقنية، بيد ان القضايا المتعلقة بعملية وقف تشغيلها قضايا معقدة: اذ ان الجوانب المتعددة للمشكلة - التقنية والاقتصادية والاشعاعية والبيئية والتنظيمية - تتضارب في نواح كثيرة ولن يكون حلها ممكنا ما لم يتم تحديد طرق التخلص من النفايات. وفي عام 1990 افادت الوكالة الدولية للطاقة الذرية بان 143 مرفقا نوويا (116 مفاعل للبحوث، 16 محطة للطاقة والبقية مرافق اخرى) في 17 بلدا كانت تمر بمرحلة ما من وقف التشغيل (لم يتم حتى الآن وقف تشغيل أي محطة كبيرة للطاقة النووية) وفضلا عن ذلك فإن 64 مفاعلا نوويا و256 مفاعلا للبحوث قد يصبح من الضروري وقف تشغيلها بحلول عام 2000 . وتكاليف الإخراج من الخدمة مرتفعة وتقدر بنحو 480 مليون دولار لإخراج محطة نووية طاقتها 1000 ميغاوات من الخدمة ولكنها يمكن ان تكون اعلى.


تم خلال العقدين الماضيين في بلدان كثيرة ولا سيما بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي تقليل الآثار البيئية لانتاج الطاقة واستخدامها وذلك نتيجة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة والتغييرات في مزيج الطاقة المستخدم والتحكم في الانبعاثات. وكان اقل تقدم احرز في البلدان النامية حيث كان حفظ الطاقة ضعيفا في جميعا القطاعات وحيث كانت المشاكل المالية تعوق الاستثمار في مجال التحكم في الانبعاثات، وبوجه عام انخفضت كثافة استخدام الطاقة (استخدام الطاقة لكل وحدة من الناتج المحلي الاجمالي) في البلدان المتقدمة ذات الاقتصادات السوقية بمقدار 29 في المائة بين عامي 1970 و1990؛ وفي أوروبا الشرقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية بمقدار 20 في المائة على الرغم من ان كثافة الطاقة فيها اعلى بنحو 3 مرات من مثيلتها في البلدان المتقدمة ذات الاقتصادات السوقية. وعلى نقيض ذلك فقد ازدادت كثافة الطاقة في البلدان النامية من عام 1970 الى عام 1990 بمقدار 30 في المائة. وكانت هذه الزيادة تعزى في المقام الأول الى النجاح المحدود للغاية للجهود المبذولة لزيادة كفاءة استخدام الطاقة والسرعة في إحلال مصادر تجارية مثل منتجات النفط والكهرباء محل الوقود غير التجاري ويتوقع ان تستمر الطاقة في الانخفاض في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بنحو 1.3  في المائة في السنة حتى عام 2000 . ولكنها لن تتغير في أوروبا الشرقية واتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية وقد تستمر في الارتفاع في البلدان النامية
خلال العقدين الماضيين ادى التغيير في المزيج الطاقة لا سيما في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي وتطبيق تدابير للتحكم في التلوث الى انخفاض ملحوظ في انبعاثات أكاسيد الكبريت وأول أكسيد الكربون. وعلى الرغم من وجود اتجاه في بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي نحو التنظيم الصارم لمرافق الحرق الكبيرة الجديدة فإن تنظيم محطات الطاقة الموجودة اقل اتساقا وذلك لأن الضبط الخلفي للمحطات القائمة غير مجد في بعض الحالات من ناحية التكلفة. ويجري حاليا في البلدان التي تخطط للاعتماد على الاستخدام المتزايد للفحم في توليد الكهرباء (مثل المانيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة الامريكية) تطوير تكنولوجيات توليد متقدمة لها عدد من المزايا على التكنولوجيات التقليدية (انبعاثات اقل من أكاسيد النيتروجين والكبريت وكفاءات حرارية اعلى). وقد أسهم تطوير توحيد الحرارة والطاقة وتشجيع التوليد الذاتي الصناعي واستخدام حرارة النفايات الصناعية وتطوير شبكات توحيد الحرارة والطاقة/ التدفئة في الأحياء في زيادة فعالية استخدام الطاقة وبالتالي في تخفيض الانبعاثات.

465
منتدى علوم البيئة / المواد الكيماوية والنفايات السامه
« في: فبراير 26, 2004, 11:53:57 مساءاً »
تم تركيب حوالي 10ملايين مركب كيميائي في المختبرات على نطاق العالم منذ بداية هذا القرن، ويتم انتاج واحد في المائة تقريبا من هذه المواد الكيميائية العضوية وغير العضوية البالغ عددها 100000 مادة على أساس تجاري (تتضمن قائمة السجل الأوروبي للمواد الكيميائية التجارية حاليا 110000 مادة كيميائية) وتظهر ما بين 1000-2000 مادة جديدة كل سنة. تستخدم بعض هذه المواد مباشرة (كمبيدات الحشرات والأسمدة) الا ان غالبية المواد الكيميائية << قاعدية >> أو وسيطة تستخدم في إنتاج ملايين المنتجات النهائية للاستخدام البشري. ولا يوجد من الناحية الفعلية قطاع من قطاعات النشاط البشري لا يستخدم منتجات كيميائية، وقد عادت منتجات كثيرة بآثار مفيدة على الإنسان وبيئته.
غير انه كان في السنوات الأخيرة إهتمام متزايد على نطاق العالم بشأن الآثار الضارة للمواد الكيميائية على صحة الإنسان وبيئته. وقد تأكدت على أنه موثق منذ الستينات الآثار المؤذية للمبيدات وكلوريد الفينيل وثنائيات الفينيل متعددة الكلورة، وعلى مدى العقدين الماضيين إستأثرت مركبات أخرى كثيرة بالإهتمام العام (على سبيل المثال الديوكسين وأيوسينات الميثيل والرصاص والزئبق والمعادن الثقيلة الأخرى والمواد الكلورية الفلورية الكربونية... الخ).

 

# المواد الكيميائة السامة :

تتميز جميع المواد الكيميائية بدرجة ما من السمية. فالخطر الصحي لمادة كيميائية معينة هو في المقام الأول دالة على السمية والتعرض. وربما تكفي اجزاء قليلة فقط من البليون من مركب محتمل السمية كالديوكسين على سبيل المثال لإحداث ضرر صحي اثر التعرض لفترة قصيرة. وعلى النقيض من ذلك ربما يكون من الصعب ان تتسبب حتى جرعات كبيرة من مركبات اخرى مثل اكسيد الحديد او المغنيسيوم في احداث اية مشكلة الا بعد فترات تعرض طويلة وكان من التطورات المهمة اثناء العقدين الماضيين التحول من التركيز على مجرد الآثار الصحية الحادة للمواد الكيميائية، الى التركيز على الآثار المزمنة ايضا كما ان هذه الآثار المزمنة التي تشمل العيوب عند الميلاد والاضطرابات الجينية والعصبية بالاضافة الى السرطان تثير قلقا خاصا للجمهور. وهذا ما يجعل اتخاذ قرارات تنظيمية امرا اكثر وضوحا وصعوبة في آن واحد.
ويزيد من تفاقم المشكلة حقيقة ان غالبية المواد الكيميائية لم تختبر بدرجة كافية لتحديد درجة سميتها فقد تبينت دراسة اجراها المجلس الوطني للبحوث بالولايات المتحدة انه لا توجد معلومات كافية لاجراء تقييم كامل للأخطار الصحية الا لنسبة تقل عن 2 في المائة من المواد الكيميائية المنتجة تجاريا، وانه لا تتوفر معلومات كافية لاجراء حتى تقييم جزئي للمخاطر الا لنسبة 14 في المائة فقط. واعلنت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي مؤخرا خططا لدراسة حوالي 1500 مادة كيميائية (ينتج كل واحد منها بكميات تتجاوز 1000 طن في السنة) تتوفر عنها اية معلومات. ومن الناحية الفعلية لا يعرف اي شيء عن آثار هذه المواد على البيئة حتى على الرغم من انها تمثل 95 في المائة من المواد الكيميائية المستخدمة على نطاق العالم. وسيشمل الاختبار الأول 147 مركبا لا تتوفر اية معلومات عن سميتها؛ ويتم انتاج 70 من هذه المركبات بكميات تتجاوز لكل منها 10000 طن سنويا. وقد جمعت معلومات عن خصائص مختلف المواد الكيميائية السامة وتبذل جهود لتقييم سميتها وآثارها الخطرة.
تطلق المواد الكيميائية السامة في البيئة اما مباشرة نتيجة للاستخدامات البشرية (على سبيل المثال المبيدات المختلفة) واما بطريقة غير مباشرة كتدفقات لنفايات مختلف الأنشطة البشرية كالتعدين والعمليات الصناعية والترميد واحتراق الوقود والأنشطة الأخرى. والمواد الكيميائية يمكن ان تطلق في شكل جامد أو سائل أو غازي، كما يمكن ان تطلق إلى الهواء أو المياه أو الأرض. ويعتبر توزيع ومصير المواد الكيميائية في البيئة عملية بالغة التعقيد تحكمها الخصائص الفيزيائية - الكيميائية للمواد الكيميائية والبيئة ذاتها. ولا يقتصر وجود كثير من المواد على المنطقة القريبة من مصدر اطلاقها وانما تنتقل على النطاق المحلي والإقليمي والعالمي لتسبب تلوثا واسع النطاق للبيئة. فقد ادى استخدام المبيدات في كاليفورنيا على سبيل المثال الى تلوث الضباب في المنطقة. وقد عثر مؤخرا في الضباب في مناطق بعيدة عن تلك التي استخدمت فيها المبيدات على 16 نوعا من المبيدات ومنتجاتها البديلة. كما ان ثنائيات الفينيل متعددة الكلورة قد انتقلت بواسطة الغلاف الجوي من مصادر اطلاقها في البلدان الصناعية الى مناطق بعيدة قرب القطب الشمالي. ونتيجة لاستهلاك الأسماك والثدييات المائية الملوثة في المقام الأول فان سكان منطقة القطب الشمالي يعانون مستويات تقرب من السمية بسبب التعرض لثنائيات الفينيل المتعددة الكلورة. وتشمل الأمثلة الأخرى للتوزيع عبر الحدود لهذه المواد الكيميائية السامة الـ DDT والزئبق والرصاص والمعادن والأخرى والـ Hexahloroclohezane. كما ان القلق بشأن »التلوث الكيميائي العالمي المتزايد« قد اثبتته مؤخرا آثار المواد الكلورية الفلورية الكربونية وغيرها من المواد الكيميائية على طبقة الأوزون وآثار غازات الاحتباس الحراري على المناخ.
سن عدد من البلدان الصناعية تشريعات في محاولة »للتحكم في المواد الكيميائية قبل تسويقها من أجل حماية صحة الإنسان والبيئة وذلك عن طريق تناولها واستخدامها بطريقة سليمة. بيد ان هذه المهمة كانت معقدة وبطيئة لأن الادوات اللازمة لتقييم آثار المواد الكيميائية لا سيما ذات السمية الطويلة الأجل وذات السيمة الايكولوجية لا يتم تطويرها بالقدر الكافي. ولا يزال تقييم المخاطر التي يتعرض لها البشر القائم على البيانات المجمعة من حيوانات المختبرات مسألة مثيرة للجدل كما لا تزال هناك جوانب كثيرة من عدم اليقين فيما يتعلق بالأساليب المستخدمة لتحديد المخاطر المحتملة على البيئة نتيجة للمواد الكيميائية. وقد ادت هذه الصعوبات الى اقصى مستويات للتعرض وضعت لبعض المواد الكيميائية والى حظر او تقييد استخدام مواد معينة باعتبارها على درجة من الخطورة لا تسمح بتسويقها او استهلاكها وإلى البحث عن بدائل لبعض المواد الكيميائية التي قد تكون اقل اضرارا بالبيئة.
على خلاف البلدان المتقدمة لا تتوفر لدى غالبية البلدان النامية أي قوانين للتحكم في المواد الكيميائية السامة ولا القدرات التقنية او المؤسسية لتنفيذ تلك القوانين. وقد تكشفت في السنوات الأخيرة عدة حالات بيعت فيها أو »طمرت« في البلدان النامية منتجات تحظرها البلدان الصناعية او تفرض عليها قيودا شديدة. وقد اعتمد مجلس ادارة برنامج الأمم المتحدة للبيئة في عام 1989 »مبادىء لندن التوجيهية المعدلة لتبادل المعلومات بشأن المواد الكيميائية في التجارة الدولية«، والتي تتضمن اجراء خاصا بالموافقة المستنيرة المسبقة. وبحلول عام 1990 كانت 75 بلدا قد حددت هيئات وطنية لتكون بمثابة قنوات للموافقة المستنيرة المسبقة وكخطوة أولى طبقت الموافقة المستنيرة المسبقة على المواد الكيميائية التي تحظرها او تقيدها بشدة من جانب عشرة بلدان او اكثر؛ وستطبق بعد ذلك على المواد التي تحظرها او تقيدها بشدة بواسطة خمسة بلدان او اكثر. ويقوم السجل الدولي للمواد الكيميائية المحتملة. وعندئذ تقرر البلدان ما إذا كانت ترغب في حظر المواد الكيميائية المعنية او تسمح باستيرادها في المستقبل، وينقل ليسجل هذه المعلومات الى البلدان المصدرة ثم يترك للبلدان المشتركة لتقرر ما اذا كانت ستنفذ هذه القرارات. وتشمل الصكوك القانونية الدولية الاخرى بشأن ادارة المواد الكيميائية مدونة السلوك الدولية بشأن توزيع واستخدام المبيدات (المعدلة في عام 1989 التي اصدرتها منظمة الأغذية والزراعة) واتفاقية السلامة في استخدام المواد الكيميائية اثناء العمل (1990) الصادرة من منظمة العمل الدولية، وتوصيات منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي بشأن تبادل المعلومات المتعلقة بتصدير المواد الكيميائية المحظورة او المقيدة بشدة والمبادىء التوجيهية (1984/ 1985) ولائحة الاتحاد الاقتصادي الاوروبي بشأن صادرات الاتحاد م
من بعض المواد الكيميائية الخطرة ووارداته منها (1988).


# النفايات الخطرة :
النفايات هي مواد او اشياء يتم التخلص منها او يزمع التخلص منها او يلزم التخلص منها طبقا لأحكام القانون الوطني وبعض النفايات المتخلفة عن النشاطات البشري توصف بانها نفايات خطرة ورغم ان المصطلح له دلالة مختلفة في مختلف البلدان فان النفايات التي تشمل مكوناتها على المركبات معدنية او مذيبات عضوية مهلجنة او مركبات عضوية مهلجنة او احماض او اسبستوس او مركبات فوسفورية عضوية او مركبات السيانيد العضوية او الفينول او غيرها تعتبر مواد خطرة (انظر مرفقات اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود للاطلاع على قائمة بالمواد التي تعتبر خطرة). وتتولد غالبية النفايات الخطرة من الصناعة ولكن من المسلم به الآن وجود مئات الآلاف من مولدات المواد الخطرة بكميات صغيرة والتي يولد الواحد منها ما يقارب 1000 كجم من النفايات في الشهر. وتشمل هذه المولدات الأجهزة المنزلية والطبية (ما يعرف بالنفايات البيولوجية الطبية)، ويجرى في الولايات المتحدة حاليا تنظيم 115000 من مولدات النفايات الخطرة صغيرة الحجم بموجب قانون صيانة الموارد وإعادتها الى حالتها الأولى وتعديلات النفايات الخطرة والجامدة.
أفادت التقديرات ان حجم الانتاج العالمي من النفايات الخطرة يقارب 338 مليون طن في السنة، منها 275 مليون طن (او 81 في المائة) تنتجها الولايات المتحدة وحدها. وعلى سبيل المقارنة فان توليد النفايات الخطرة في سنغافورة يصل الى 28000 طن في السنة وفي ماليزيا الى 417000 طن في السنة وفي تايلند الى 22000 طن في السنة. وينبغي ملاحظة ان هذه الارقام تمثل تقديرات متحفظة نظرا لأنبلدانا ليست لديها أية سجلات للكميات المتولدة من النفايات. ويصدق ذلك على نحو خاص بشأن مولدات النفايات صغيرة الحجم ويزيد التفاوت في تكوين النفايات من تعقيد المشكلة (فبعض المكونات التي تعتبر خطرة في احد البلدان ربما لا تعتبر كذلك في بلد آخر). وعلى العموم تتكون معظم النفايات الخطرة من المواد الكيميائية. وتشمل النفايات الرئيسية في البلدان الأوروبية الاعضاء في منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي، المذيبات ونفايات مواد الطلاء والمعادن الثقيلة والمعادن والاحماض والنفايات النفطية.
تشمل الأساليب التقليدية منخفضة التكلفة من النفايات كالطمر والتخزين في مستجمعات سطحية والحقن في الآبار العميقة وقد تبين ان الآلاف من مواقع الطمر والمستجمعات السطحية المستخدمة لطمر النفايات الخطرة ضارة تماما. وقد تجمعت الأحماض القارضة والمواد العضوية التي تبقى لمدة طويلة والمعادن السامة في هذه المواقع لعقود كثيرة. مثال ذلك ان اكبر موقع تم التعرف عليه في الولايات المتحدة الأمريكية هو مجمع كلارك فورك للتعدين في مونتانا الغربية حيث تراكمت برك النفايات من استخراج النحاس والفضة وأنشطة صهرها لمدة 125 عاما. وهو يعتبر أكبر مكان لطمر النفايات الخطرة في العالم. فعند إنشاء هذه المواقع لم يكن التفكير يتجه لآثرها البيئية ولكن عندما حدث التسرب وهدد الصحة العامة ولوث المياه الجوفية والتربة اتخذ واضعو السياسة اجراءات علاجية في ظل ضغط وقلق متزايد من جانب الجمهور. وفي عام 1990 حددت وكالة الولايات المتحدة لحماية البيئة 32000 موقع في القائمة التي اصدرتها بالمواقع المحتملة الخطورة. ويحتاج حوالي 1200 موقع الى اتخاذ اجراءات علاجية عاجلة. وفي اوروبا تحدد 4000 موقع ضار في هولندا و3200 موقع في الدنمارك وحوالي 50000 موقع في ألمانيا الغربية. ورغم ان بعض البلدان الصناعية قد شرعت في اتخاذ خطوات لتنظيف »المواقع المثيرة للمشاكل« فقد تبين ان تكاليف الاجراءات العلاجية مرتفعة للغاية. وتشير التقديرات إلى انه يلزم حوالي 30 بليون دولار للعمليات العلاجية في المانيا الغربية و6 بلايين دولار لهولندا وحوالي 100 بليون دولار للولايات المتحدة. ويوضح ذلك مدى ضخامة التكاليف التي سببها الإهمال لسنوات طويلة.
أدت العمليات الأخرى للطمر الضار للنفايات الخطرة الى تعرض السكان مباشرة للمواد الكيميائية الخطرة وربما كانت أسوأ الحوادث هي انتشار مرض الميناماتا في اليابان في فترة الخمسينات والستينات. فقد أدت عمليات الصرف في البحر من احد المصانع الكيميائية إلى تلوث الأسماك بواسطة الزئبق. وعدما أكل السكان المحليون هذه الأسماك في مدينة ميناماتا بجزيرة كيوشو في اليابان اصيب الآلاف منهم باضطرابات عصبية. ونتيجة لهذه الحادثة وأخرى مماثلة وقعت في نيغاتا على الصاحل الشرقي من هونشو لقي 400 شخص حتفهم. ورغم ان والقاء النفايات في البحر يخضع لاتفاقيات دولية واقليمية فلا تزال بلدان عديدة تستخدم هذا الطريق للتخلص من النفايات الخطرة. كما ان ما بين 10 و15 في المائة من النفايات الخطرة المنتجة في اوروبا يلقى به في البحر.
في أوائل الثمانينات سلط الضوء في اوروبا والولايات المتحدة على مشكلة نقل النفايات الخطرة عبر الحدود (ولا سيما بعد حادثة الاختفاء الغامض لشحنة من براميل الطمي الملوث بالديوكسين اثناء عبورها بين ايطاليا وفرنسا وهي الحادثة التي وجدت تغطية إعلامية جيدة). والسبب في هذا النقل للنفايات عبر الحدود للتخلص من هذه النفايات في بلد المنشأ. وفي المتوسط فان الحدود الاوروبية لمنظمة التعاون التنمية في الميدان الاقتصادي تعبرها شحنة من النفايات الخطرة كل خمس دقائق، أي انه توجد 100000 عملية نقل من هذا النوع في بلدان المنظمة في اوروبا في السنة الواحدة. وعلى وجه الاجمال فان حجم النفايات الخطرة التي عبرت حدود بلدان منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في اوروبا تراوح بين 2 و2.5 مليون في عام 1988. كما تشير الارقام المتاحة لامريكا الشمالية الى حوالي 230000 طن من النفايات الخطرة قد تم تصديرها وان 9000 عملية عبور في السنة ذاتها. وقد حدثت ايضا عمليات نقل قانونية للنفايات الخطرة بين البلدان الاعضاء في المنظمة والبلدان غير الاعضاء. وكانت تنقل سنويا كمية تتراوح بين 200000 و300000 طن من النفايات الخطرة من بلدان الاتحاد الاقتصادي الاوروبي الى بلدان اوروبا الشرقية. كما صدرت بلدان امريكا الشمالية نفايات خطرة إلى البلدان النامية. وترسل اوروبا حوالي 120000 طن تقريبا من هذه النفايات الخطرة الى العالم الثالث كل عام .
اعتمدت منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي في عام 1985 عددا من المبادىء للتحكم في نقل النفايات الخطرة عبر الحدود. وقد تجسدت هذه المبادىء في قانون الاتحاد الاقتصادي الاوروبي الذي صادقت عليه المنظمة في عام ،1988 والذي وضع قائمة اساسية بالنفايات الخطرة والنفايات الأخرى التي ينبغي التحكم فيها اثناء عمليات النقل عبر الحدود. ومع تشديد الضوابط على عمليات نقل النفايات الخطرة والتخلص منها في البلدان الصناعية زادت العمليات غير القانونية لطمر هذه النفايات والاتجار فيها. وكانت المسألة موضع القلق الخاص هي الصفقات غير القانونية أو »المستترة« التي سلطات عليها الاضواء في اواخر الثمانينات والتي تشمل طمر النفايات الخطرة في البلدان النامية. وكانت افريقيا وامريكا اللاتينية ومنطقة البحر الكاريبي هي التي تستخدم على نحو غير سليم كمواضع للتخلص من مجموعة كبيرة من النفايات المرسلة من العالم الصناعي. كما افيد عن حدوث عمليات طمر واتجار غير قانونية في آسيا وجنوب المحيط الهادىء وحتى في اوروبا.
أدى القلق الدولي المتزايد بشأن عمليات نقل وطمر النفايات الخطرة عبر الحدود، ولا سيما في البلدان النامية، إلى اعتماد اتفاقية بازل بشأن التحكم في نقل النفايات الخطرة والتخلص منها عبر الحدود في عام 1989. وأفضى إدراك ان عدم التحكم في الاماكن القديمة لطمر النفايات الخطرة ينطوي على مخاطر بيئية كبيرة واكتشاف حدوث اتجار دولي غير مشروع في النفايات الخطرة، واقتران ذلك بتزايد احجام الجمهور بوجه عام عن قبول عمليات الطمر او معمل المعالجة في مناطق مجاورة، ( »ظاهرة نيمبي« او »ليس في الفناء الخلفي لمنزلي« )، الى تعقيد ادارة النفايات عموما والنفايات الخطرة على وجه الخصوص. ورغم ان التخزين على السطح والدفن« غير الخاضع للتحكم »للنفايات ظلا اكثر الطرق شيوعا لادارة النفايات الخطرة، فإن بعض البلدان (مثل الدنمارك، فنلندا، هولندا والولايات المتحدة الامريكية) تخطط لحظر اماكن الطمر ما لم تخضع النفايات لشكل ما من المعالجة المسبقة. وهناك اتجاه متزايد لاستخدام تقنيات محددة لنفايات معينة. فعلى سبيل المثال سوف تحرق جميع النفايات العضوية السائلة الخطرة في النمسا وألمانيا وسويسرا أو تخضع لمعالجة فيزيائية - كيميائية. ويتزايد استخدام تكنولوجيا الاحراق ولا سيما عند درجة حرارية عالية باستخدام أفران أقواس البلازما لإدارة النفايات الخطرة.
يعد خفض او منع حدوث النفايات هو افضل الوسائل بالتأكيد لحماية صحة الإنسان وبيئته. ونظرا لضخامة تكلفة معالجة النفايات والتعقيدات المتصلة بها، فان مبدأ »منع التلوث يعود بأعظم المنافع« او »المبدأ 3« يتعين ترويجه على اوسع نطاق. فالمنافع التي تعود منذ ذلك كثيرة حيث تنخفض الحوادث المهنية وحوادث الجمهور للمواد الكيميائية الخطرة، وتتعزز الكفاءة الصناعية والقدرة التنافسية نظرا لأن منع حدوث النفايات يقلل في الوقت نفسه من تدخلات المواد الأولية، ويوفر الطاقة ويخفض حجم النفايات التي ينبغي تخزينها او معالجتها او التلخص منها. وكلما قل حجم النفايات قلت نفقات شراء وتشغيل معدات التحكم في التلوث. كما تقل الحوادث أيضا اثناء نقل النفايات بالسكة الحديدية او بالطرق العامة. وكلما قلت الحاجة الى انشاء مرافق خارج الموقع للنفايات الخطرة، قلت معها المشاكل الصحية البيئية والسياسية. كما تستطيع الشركات تخفيض تكاليف ومخاطر المسؤولية التي تنشأ لولا ذلك من ممارسات التخلص غير السليمة من النفايات. والحقيقة انه يمكن القضاء على نسبة تصل الى 50 في المائة من الملوثات البيئية والنفايات الخطرة بواسطة التكنولوجيا الحالية.
كان تدوير النفايات وإعادة استخدامها يمارسان في بعض البلدان لعقود طويلة ولأسباب اقتصادية. وربما يكون أكثر الأمثلة المعروفة لذلك هي اعادة استخدام خردة المعادن والقناني الزجاجية للمشروبات غير الكحولية. ويحظى التدوير حاليا باهتمام متزايد في كثير من البلدان. ففي هنغاريا على سبيل المثال يتم تدوير حوالي 29 في المائة من النفايات الخطرة. ولا شك ان هناك إمكانيات كبيرة لاستعادة مواد كثيرة، كالمذيبات والمعادن إلى حالتها الاصلية، بما في ذلك الكروميوم والزئبق والنحاس. وأفادت التقديرات بأن ما يقارب 80 في المائة من نفايات المذيبات و50 في المائة من نفايات المعادن في مجاري النفايات السائلة في الولايات المتحدة يمكن بواسطة التكنولوجيات الحالية. وفي اليابان والولايات المتحدة واوروبا حققت مبدلات النفايات - استنادا الى الافتراض البسيط القائل بأن نفاية صناعة ما، يمكن ان تكون المادة الخام لصناعة اخرى - درجات متفاوتة من النجاح في ترويج تدوير النفايات الصناعية وإعادة استخدامها. ويعمل الكثير منها كدور مقاصة لتبادل المعلومات، وتنشر فهارس بالنفايات المتوفرة وقوائم بـ »النفايات المطلوبة« لإحضار الصناعة بفرص الاتجار. وتعود التجارة الناجحة بمنافع على كل من الشركات المشترية والبائعة، فالمشتري يقلل من تكاليف مواده الخام والبائع يقلل من تكاليف المعالجة للنفايات والتخلص منها.

هناك عدة نهج تكنولوجية لمعالجة النفايات الخطرة التي تولدها الصناعات. غير ان عمليات البحث والتطوير الاكثر نشاطا المتصلة بتكنولوجيات خفض النفايات والتدوير والدعم المالي والتقني الى ادنى حد لتشجيع الاستثمار فيها والضريبة التي تفرض في بعض الحالات على النفاية المولدة يمكن على الأرجح ان تقلل من انتاج النفايات الخطرة في كثير من البلدان الصناعية بمعدل الثلث بحلول عام 2000.

صفحات: 1 ... 28 29 30 [31] 32 33 34 ... 105