Advanced Search

عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


مواضيع - ضياء

صفحات: [1] 2
1
الرجاء المساعدة في الحصول على معلومات عن شاشات البلازما ؟

لو تكرمتم !!!




2
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للجميع ،،
الموضوع بكل بساطة أني درست في الفصل الماضي مقرر النظرية الكهرومغناطيسية لكن هناك العديد من الأشياء التي لم تتضح لي صورتها تماما .. فأكثر دراستنا كانت معادلات رياضية والقليل من التفسيرات الفيزيائية ...
رجاء .. هل أجد من يوضح لي المعنى الفيزيائي لكل من :
الشدة المغناطيسية - الحساسية المغناطيسية - الشروط الحدية في المركبات المماسية والناظمية في معادلات ماكسويل العامة ..
والبقية تأتي ولكن ليس الآن ..
                            ضيـــــــــــــــــــــاء ( الفيزياء )

3
المصباح المحترق يضيء أحيانا
تجربة يحكيها مدرس ذكي مع طالب ( شقي ) بمصطلح العصر ، هذا الطالب بلغ من الفوضى أقصاها ، ولم يدع من سبلها صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها ، فعي به طب أساتذته ، وأعيى رقى مسئولي مدرسته .
يقول صاحبنا :
وكان هذا الطالب قد جمع إلى الفوضى دنوا في التحصيل ، حتى ظن المدرسون أنه من سقط المتاع لا يصلح بحال ، ولا يصلحه حال .
فبت ليلة من الليالي أتفكر في أمره ، وأقلب صفحات الفكر عن العلة ودوائها ، وأمرر على ذهني المكدود ما أعرفه عن أسرته وصحابته ، وما يمكن أن أجعله مدخلا أنفذ إليه منه ، فلما اشتد علي الأمر جاءني الفتح ، وتذكرت أنه مولع بالكهرباء ولعاً سلب لبه ، وتملك كيانه ، وإذ ذاك فقد بيَّت أمرا خلت أنه صالح إن مازجه التوفيق .
يقول صاحبنا :
وكان من لطف الله أن أحد مصابيح الفصل قد احترق ، فطالبنا إدارة المدرسة بإصلاحه فما لقينا غير آذان صماء ، ولرب ضارة نافعة ، فلقد دخلت الفصل حاملا مصباحي بيدي ، وبعد مقدمة ضافية مدحت فيها من سمت هممهم بتعلم الكهرباء وفنونها دعوت فلانا الذي كان نكرة في مواضع الصلاح ، ولا تسل عن عجب زملائه ، ووقع المفاجأة التي لم يكن يتوقعها على نفسه .
يقول صاحبنا :
فكانت تلك الواقعة نقطة تحول في حياته ، أحس بعدها أن له مجالا في الحياة يستطيع أن يبدع فيه ، وبدأ السمت يسري إلى نفسه رويدا رويدا ، وكنت أغذي هذا التوجه الجديد بجرعات مبسطة من النصح غير الثقيل ، أشد على عضده ، وأصور له الحياة عطاء يتنافس فيه المخلصون من البشر ، بمستوى من الحوار يدركه عقله الطفولي .
يقول صاحبنا :
فكانت المفاجأة التي لم يتوقعها أحد أن جاء في أحد المراكز العشرة الأولى ، ويبدو أن احتراق المصباح أضاء له حياته .
المصدر : مجلة المعالم - ملحق رحمة- العدد السادس

4
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أرجو مساعدتي في هذا الموضوع

أريد أن أعرف كم عدد الجزيئات الداخلة والناتجة من جزيئات ( ATP )في تفاعلات التنفس اللاهوائية

ولكم جزيل الشكر  '<img'>  ':<img:'>  ':p'

5
منتدى علم الفيزياء العام / رجاااااااااااااااااء......
« في: أغسطس 27, 2003, 06:36:27 صباحاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
كما قالوا ( فقد الأحبة غربة )
بعد أيام ستبدأ غربتي ، فأنا أحزم الحقائب استعدادا للعودة إلى مقاعد الدراسة . ويعز عليّ أن أفارق منتداي الحبيب لكن .. ماباليد حيلة ، فلن أستطيع متابعته باستمرار .
وهنا أقف .. فعندي رجاء لكل رواد هذا المنتدى ..
بدأت _ بتوفيق من الله _ بجمع مواضيع الموسوعة ، وكما ذكرت لن أستطيع الاستمرار بصفة مستمرة ، فرجااااااااااااااااااااااااااااااااااااء
رجاء حار أن تبذلوا ما في وسعكم على استمرار العمل فيها ولكم من الله جزيل الأجر والثواب .
ودعواتكم لنا .

6
منتدى علم الفيزياء العام / عودوا إلى .....
« في: أغسطس 14, 2003, 05:32:12 مساءاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
تحياتي للجميع ،،،
أود منكم _ لو تفضلتم وتكرمتم _ بأن تعودوا بذاكرتكم إلى الوراء .. إلى أيام الطفولة الرائعة .. الآن .. استحضروا كل ما بقي في الذاكرة من مغامراتكم مع الأجهزة سواء الاختراع أو التطوير أو التدمير الجزئي أو الكلي _ وهو الغالب الأعم _ .. أوقاتا سعيدة أتمناها لكم في عالم الطفولة , وبانتظار مغامراتكم لأني بحاجة إليها .. ودعواتكم لي بالتوفيق .

7
هل تستطيع الفيزياء تفسير كل شيء؟

 إن البحث عن المعرفة الكاملة حلم راود الإنسان منذ آلاف السنين. فما أساطيره ودياناته القديمة وفلسفاته وسرانياته وشعائره إلا تعابير عن محاولة سبر أغوار المطلق وتمثل شكل الحقيقة. لقد أراد الإنسان أن يعرف العالم، فاخترع أدوات كثيرة منها الحساب ومنها الفيزياء، ومذاك أصبح دور العلوم دوراً رائداً في تقدمه وازدهاره. ولكن، إلى أي حد ستستمر العلوم في تقديم المعرفة للإنسان؟ هل التقدم العلمي لانهائي وبلا حدود؟ أم أن هناك حدوداً للعلم لا يستطيع تجاوزها؟ وما الذي يقدمه العلم فعلاً؟ هل يكتشف العلم القانون الطبيعي، أم يصفه، أم يفسره؟ وكيف نميز بين هذه الحالات؟ ما هي النظرية العلمية، وإلى أي حد تعتبر مبادئ الفيزياء وقوانين الطبيعة والثوابت الكونية التي يكتشفها العلم حدوداً لا تقبل التغيير أو التعديل؟ ألا يمكن أن يقودنا العلم إلى عوالم جديدة مختلفة كلياً عن مداركنا وحتى عن قوانيننا العلمية الحالية؟ هل يستطيع العلم في النهاية أن يصل بنا إلى معرفة كاملة ونهائية؟ وإذا كانت الفيزياء تستطيع تفسير كل شيء، فماذا سيحصل عندها للنوع البشري، الذي يقوم تطوره بل ووجوده على تقدم المعرفة؟

كتب وولفغانع باولي W. Pauli في عام1954 يقول: "إن النظريات الفيزيائية تنتج عن المواجهة بين الوقائع التي تهدف إلى تفسيرها والصور العقلية: فالنظريات تولد من فهم توحي به المادة التجريبية، وهو فهم يمكننا أن نفسره في أفضل الأحوال بالعودة إلى إفلاطون على أنه العلاقة القائمة بين الصور الداخلية والأجسام الخارجية وسلوكها[1]". وفي هذا الإطار، فإن حدود قدرتنا على تفسير العالم تخضع لعدم قدرتنا على المراقبة والملاحظة المناسبتين لبعض الظاهرات، أو عدم قدرتنا على وضع وإقامة مماثلات مُرضية. وهذه النقطة الثانية هي الأكثر جدلية لا شك. إذ كيف يمكن التيقن في النهاية من تماثل بين صورة عقلية وواقع رصدي يصبح أكثر فأكثر تجريداً؟ أليست النظرية التفسيرية في هذه الحالة محاولة لوصف واقع وفق تصوراتنا الذاتية له في النهاية؟ يرى ستيفن واينبرغ S. Weinberg أن الفيزياء لا تعمل على وصف العالم بل هي تفسّره فعلياً، متطورة بشكل مستمر باتجاه نظريات أكثر عمومية وجوهرية. وهو يعتقد أيضاً أن الفيزيائيين سيتوصلون، بعد نحو عدة مئات من السنين، إلى مجموعة من المبادئ الأساسية التي ستسمح عموميتها بأن تُستقرأ منها حالات انتظام العالم كلها. ولكن حتى وإن كان واينبرغ على حق، وهو ما يشك به جان ـ مارك ليفي ـ لوبلون[2] J.-M. Lévy-Leblond، فهل سنفهم فعلاً العالم عندها؟ بالمثل يعترف بول ديفيس[3] P. Davies أن الجمهور الذي يلتقي به خلال محاضراته يجد في غالب الأحيان صعوبات كبيرة في القبول بأنه توجد أسئلة عادية في مظهرها وليس لها معنى فيزيائي مثل: "ماذا كان يوجد قبل بداية الكون؟" أو "ما هو الحيز الذي ولد فيه الكون؟" فكيف يمكن أن نتمثل أن الزمان والمكان اللذين نختبر وجودهما بشكل يومي لهما بداية؟ وبالتالي فهما لم يوجدا قبل وجود المادة؟ إن اعتيادنا على هذه المصطلحات الغريبة، على الرغم من أنها تفلت من إدراكنا المباشر والاعتيادي، يسمح لبعض الفيزيائيين بتشكيل الصور العقلية التي تشكل أساس النظريات الأساسية. ويستطيعون عندها أن يحاولوا تقاسمها مع زملائهم وطلابهم ومع عموم الناس. لكن هل يمكن فعلاً أن تصل الفيزياء في النهاية إلى تفسير كل شيء؟

تفسير أم وصف؟

هل يفسر العلم الأشياء أم يصفها فقط؟ هذا هو السؤال الذي يطرحه واينبرغ محاولاً الوصول إلى إجابة حاسمة لصالح التفسير. كان الإبستمولوجيون في النصف الأول من القرن العشرين قد طرحوا بقوة هذه التساؤلات، التي يمكن أن يلخص إلى حد ما رأيهم فيها على سبيل المثال قول ويتغنشتاين L. Wittgenstein: "يكمن وراء تصورنا الحديث للعالم وَهم أن القوانين المزعومة للطبيعة تفسر الظاهرات الطبيعية". وكان يعتقد أنه يكفي اكتشاف سبب واقعة ما من أجل تفسيرها. غير أن برتراند راسل B. Russel نشر في عام 1913 مقالاً دافع فيه عن وجهة النظر القائلة »إن كلمة "سبب" مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بعلاقات مضللة بحيث أنه يفضل حذفها نهائياً من المصطلحات الفلسفية[4].« وما كان ذلك ليترك للفلاسفة مثل ويتغنشتاين سوى حل وحيد من أجل التمييز بين التفسير والوصف، وكان هذا الحل غيبياً ولاهوتياً: فالواقعة يتم تفسيرها عندما يتم البرهان أن لها غاية ما.

إن التمييز بين الوصف والتفسير يتطلب من هذا المنظور معرفة الدافع. لكن قوانين الطبيعة لا تشتمل على دوافع غائية، ولجهله بوسيلة تمييز أخرى بين التفسير والوصف استنتج ويتغنشتاين أن هذه القوانين لا يمكن أن يكون لها قيمة تفسيرية. فبين الذين يزعمون برأي واينبرغ[5] أن العلم يصف ولا يفسّر هناك منهم من يحاول ربما أيضاً القيام بمقارنة ومقابلة العلم باللاهوت، اللاهوت الذي يفسر الأشياء برأيهم استناداً إلى مخطط إلهي، وهو أمر لا يأخذ به العلم أو يقع خارج نطاقه.

إن هذا النمط من التفكير هو نمط خاطئ شكلاً ومضموناً. ويرى واينبرغ أن على الفلاسفة المهتمين بمعنى مصطلح "تفسير" في العلوم معرفة ما الذي يقوم به الفيزيائيون والعلماء عندما يقولون إنهم يفسرون شيئاً ما. وهو يعرّف بالتالي مصطلح "التفسير" في الفيزياء بأنه "ما يكون الفيزيائيون قد قاموا به عندما يصرخون مندهشين: آه!". لكن التعريفات المسبقة كما يردف بما فيها هذا التعريف ليست ذات فائدة على الإطلاق! ويرى واينبرغ أن الفلاسفة الحديثين الذين كتبوا في معنى التفسير، مثل بيتر أخينستاين P. Achinstein وكارل همبل Carl Hempel وفيليب كيتشر Ph. Kitcher وويسلي سالمون W. Salmon، طرحوا الموضوع من منظور صحيح عندما حاولوا أن يجيبوا على السؤال: "ماذا يفعل العلماء عندما يحاولون تفسير شيء ما؟"

تفسيرات ضرورية

يعلن العلماء المختصون بالعلوم البحتة أكثر من نظرائهم في مجال العلوم التطبيقية أن عملهم يشتمل على تفسير الوقائع. ولهذا من المهم بالنسبة لهم كما بالنسبة للفلاسفة تعريف ما هو التفسير بشكل واضح. وكما كان من الصعب دائماً بالنسبة للإبستمولوجيين تعريف ماذا يعني تفسير حدث ما (يلجأ ويتغنشتاين مثلاً إلى الحديث عن "ظاهرات طبيعية")، فإن هذه المهمة تبدو لواينبرغ أكثر سهولة بالنسبة للفيزياء (والكيمياء) مما هي بالنسبة للعلوم الأخرى (هل يمكن حقاً فصل التفسير الفيزيائي عن التفسير الاقتصادي أو البيولوجي أو الاجتماعي مثلاً، خاصة مع تطور علوم الشواش والانتظام الذاتي وغيرها من العلوم التي توحد فروع المعرفة وتجمع التفاسير أو الوصف في حالة من التصميم أو التشكيل المتوحد؟): فالفيزيائيون بنظر واينبرغ يهتمون بتفسير حالات الانتظام والمبادئ الفيزيائية وليس بحوادث منعزلة ومنفصلة. لكننا من هذا المنظور كيف نعرف أن التفسير لا يتسع ليشمل المبادئ الإنسانية والجمالية والرياضية وغيرها؟ بعبارة أخرى، هل يمكن أن يوجد تفسير منعزل عن وقائع العالم الأخرى؟

يقول واينبرغ إن البيولوجيين والمؤرخين وعلماء المناخ وغيرهم يبحثون عن أسباب أحداث منفصلة، مثل انقراض الديناصورات أو الثورة الفرنسية. بالمقابل، فإن الفيزيائي لا يهتم بحدث منفصل وخاص، مثل التشويش الذي ظهر في عام 1897 على الصفائح الفوتوغرافية التي تركها بيكريل قرب ملح اليورانيوم، إلا عندما يكشف مثل هذا الحدث عن انتظام أو تناسق عام ما في الطبيعة، ألا وهو في هذه الحالة لاإستقرارية ذرة اليورانيوم. وقد حاول كيتشر أن يعيد إطلاق فكرة أن طريقة تفسير حدث معزول تكمن في الرجوع إلى أسبابه. ولكن، بين اللانهاية من الأشياء التي يمكن أن تؤثر على حدث ما، أيها يمكن اعتباره من أسبابه؟ إن لانهاية من الأسباب تكمن وراء ظهور حدث ما، أكان فيزيائياً كما يراه واينبرغ ويمكن أن يؤدي إلى تفسير انتظام أو نسق عام، أم كان اجتماعياً أو بيولوجياً أو غير ذلك من ظاهرات الطبيعة من الأحداث التي يعتبرها واينبرغ منعزلة!

يعتقد واينبرغ أنه بالإمكان تقديم إجابة أولية في إطار الفيزياء فيما يتعلق بالتمييز بين التفسير والوصف البسيط، وذلك مع الأخذ بعين الاعتبار لما يعنيه الفيزيائيون عندما يؤكدون أنهم فسروا تناسقاً أو انتظاماً ما. وفي الواقع فإن الفيزيائيين يفسرون مبدأ فيزيائياً عندما يبرهنون أنه يمكن أن يُستنتج من مبدأ فيزيائي أكثر جوهرية منه. ولكن للأسف، وكما نلاحظ، فإن كل كلمة أو مصطلح في هذا التعريف يحمل معنى جدلياً قابلاً للنقاش، بما في ذلك ضمير المتحدث باسم الفيزيائيين! لكن واينبرغ يعتقد أن ثلاثة مصطلحات بين هذه الكلمات هي الأهم وهي التي يختارها للنقاش: الجوهري أو الأساسي، والاستنتاج أو الاستقراء، والمبدأ.

إن لفظة الجوهري لا يمكن أن تحذف من هذا التعريف لأن مفهوم الاستنتاج وحده لا يشير إلى أي اتجاه، فهو يعمل في الاتجاهين. والمثال الأفضل على ذلك نجده في العلاقة بين قوانين نيوتن وقوانين كبلر. ونقول عادة إن قوانين نيوتن تفسر قوانين كبلر. ولكن تاريخياً كان نيوتن قد استنتج قانون الجاذبية من قوانين كبلر. ونحن اليوم في دراستنا للميكانيك نتعلم كيف نستنتج قوانين كبلر من قوانين نيوتن وليس العكس. ونحن مقتنعون تمام الاقتناع أن قوانين نيوتن أكثر جوهرية من قوانين كبلر. وبهذا المعنى تفسر الأولى الثانية وليس العكس. مع ذلك، ليس من السهل أن نعطي معنى محدداً للمفهوم الذي وفقه يكون مبدأ فيزيائي أكثر جوهرية من مبدأ آخر.

لعل أكثر جوهرية تعني أكثر كمالاً. ولا شك أن المحاولة الأكثر شهرة لإدراك المعنى الذي يعطيه العلماء للتفسير هي محاولة كارل همبل Carl Hempel. ففي مقال شهير كتبه في عام 1948 مع بول أوبنهايم Paul Oppenheim يلاحظ: "إن تفسير انتظام عام يشتمل على تضمينه في انتظام أوسع منه، وذلك تحت قانون أكثر عمومية"[6]. مع ذلك فقد استمرت الصعوبة في قبول تعريف مصطلح "التفسير". والحق إن التفسير يعني على المستوى الفلسفي معرفة الأسباب العميقة أو الجوهرية لوجود انتظام ما. أما على المستوى العلمي، فإن معرفة حالة أوسع أو قانون أشمل لا تعني بالضرورة تفسير الحالة الأدنى أو الخاصة. ولهذا، يبقى التمييز بين الوصف والتفسير مسألة مفتوحة، ولعلها ستبقى مفتوحة طالما بقي الحوار المعرفي قائماً.

غرافيتونات متعددة

إن مثال قوانين نيوتن وكبلر مصطنع بعض الشيء. بالمقابل، يكون من الأصعب أكثر في حالات أخرى معرفة أي مبدأ يفسر الآخر. ومثال ذلك عندما نطبق الميكانيك الكمومي على النسبية العامة لأينشتين، فإننا نجد أن الطاقة والدفع في حقل ثقالي يتحدان ليشكلا غرافيتونات، وهي جسيمات كتلتها صفر ولفها يساوي 2. من جهة أخرى، فقد تم البرهان أن كل جسيم كتلته صفر ولفه يساوي 2 يسلك تماماً مثل الغرافيتونات في النسبية العامة، وأن تبادل هذه الغرافيتونات ينتج آثاراً ثقالية تتنبأ بها النظرية. كذلك فإن نظرية الأوتار الفائقة تتنبأ بوجود جسيمات تساوي كتلتها صفر ولفها 2. عندها، هل تفسر النظرية النسبية العامة وجود الغرافيتونات أم العكس؟ نحن نجهل ذلك. ولكن الإجابة على هذا السؤال هامة إذ بها يتعلق اختيارنا برؤية مستقبل الفيزياء: هل ستكون الفيزياء مؤسسة على الهندسة الزمكانية، كما في النسبية العامة، أم على نظرية مشابهة لنظرية الأوتار التي تتنبأ بوجود الغرافيتونات؟

إن فكرة التفسير بما هي استنتاج واستقراء تصبح فكرة إشكالية عندما نأخذ بعين الاعتبار المبادئ الفيزيائية التي يبدو أنها تتجاوز المبادئ التي استُنتجت منها. يتجلى ذلك بشكل خاص بالنسبة للترموديناميك، علم الحرارة والفوضى. فبعد صياغة قوانين الترموديناميك في القرن التاسع عشر، نجج لودفيغ بولتزمان L. Boltzmann في استقرائها من الميكانيك الإحصائي، هذا الفرع من الفيزياء الذي يدرس الأجسام الجهارية المؤلفة من العديد من الجزيئات المفردة. وقد قُبل تفسير بولتزمان للترموديناميك بعبارات الميكانيك الإحصائي على الرغم من عدم قبول عدد من العلماء به مثل ماكس بلانك M. Plank وإرنست زرميلو E. Zermolo وفيزيائيين آخرين ممن يعبترون أن قوانين الترموديناميك مبادئ فيزيائية مستقلة لا تقل عن غيرها أساسية وجوهرية. ومع ذلك، بينت أعمال بكنشتاين J. Bekenstein وهوكنغ أن الترموديناميك يطبق أيضاً على الثقوب السوداء ليس لأنها مؤلفة من الكثير من الجزيئات وإنما ببساطة لأن أي جسيم أو شعاع ضوء لا يمكن أن يفلت من سطحها. وبالتالي، يبدو أن الترموديناميك يتجاوز الميكانيك الإحصائي على الرغم من إمكانية اشتقاق قوانينه من هذا الميكانيك.

مع ذلك، يرى واينبرغ أن قوانين الترموديناميك ليست بمثل جوهرية مبادئ النسبية العامة، ولا النموذج المعياري لفيزياء الجسيمات. ويقول إنه علينا أن نميز بين مظهرين للترموديناميك. فمن جهة، الترموديناميك منظومة شكلية تسمح لنا بواسطة عدد محدود من القوانين البسيطة بالوصول إلى نتائج هامة. وهذه الاستنتاجات تكون صحيحة في كل مكان تُطبق فيه هذه القوانين. لكن مجال تطبيق هذه القوانين ليس لانهائياً. فليس ثمة معنى للترموديناميك على سبيل المثال إذا حاولنا تطبيقه على ذرة واحدة.

فمن أجل أن نحدد فيما إذا كانت قوانين الترموديناميك تطبق على منظومة فيزيائية خاصة، علينا أن نسأل فيما إذا كان يمكن استقراء هذه القوانين انطلاقاً من معرفتنا بهذه المنظومة. وذلك ممكن في بعض الحالات، بينما لا يكون ممكناً في حالات أخرى. إن علم الترموديناميك بذاته لا يفسر شيئاً كما يقول واينبرغ، وعلينا أن نتساءل لماذا هو قابل للتطبيق على المنظومات التي ندرسها أياً كانت هذه المنظومات. ونحن نقوم بذلك بأن نستقرأ قوانين الترموديناميك انطلاقاً من أي من المبادئ الفيزيائية الأكثر جوهرية التي تطبق على المنظومة المدروسة.

الاستقراء الضمني

إن مفهوم الاستقراء يقودنا إلى مسألة أخرى: من الذي يقوم بالاستقراء؟ نقول غالباً إن واقعة ما يتم تفسيرها بواسطة واقعة أخرى دون أن نكون قادرين فعلاً على استنتاج أو استقراء الأولى من الثانية. فعلى سبيل المثال سمح تطوير الميكانيك الكمومي في منتصف العشرينات من القرن الماضي ولأول مرة بحساب واضح ومفهوم لطيف ذرة الهيدروجين. وسرعان ما استنتج عدد كبير من العلماء في حينه أن الكيمياء كلها قد تم تفسيرها بواسطة الميكانيك الكمومي ومبدأ الجذب الكهرستاتيكي بين الإلكترونات والنوى الذرية. وقد أعلن فيزيائيون مثل بول ديراك P. Dirac في ذلك الحين أنه قد تم مذاك فهم الكيمياء كلها. ومع ذلك، لم يكونوا بعد قد استنتجوا الخصائص الكيميائية لجزيئات أخرى غير الهيدروجين وهو أبسطها. لقد أثبتت التجربة هذه الفرضية. ويمكننا اليوم حساب خصائص الجزيئات الأكثر تعقيداً، إنما ليس بمستوى تعقيد البروتينات أو الحموض النووية، وذلك بواسطة حسابات معقدة مرتكزة على الميكانيك الكمومي ومبدأ الجذب الكهرستاتيكي. وهكذا فإن معظم الفيزيائيين يصرحون اليوم إن الكيمياء قد تم تفسيرها بواسطة الميكانيك الكمومي وبواسطة الخصائص البسيطة للإلكترونات والنوى الذرية. مع ذلك، فإن الظاهرات الكيميائية لن تفسَّر بالكامل في يوم من الأيام بهذه الطريقة، ولهذا السبب إنما تبقى الكيمياء علماً قائماً بذاته. مع ذلك، وعلى الرغم من صعوبة دراسة الجزيئات المعقدة بواسطة مناهج الميكانيك الكمومي، فإننا نعرف رغم كل شيء أن الفيزياء تفسر خصائص العناصر الكيميائية. وهذا التفسير لا يوجد في كتبنا ونظرياتنا، بل في الطبيعة نفسها. فقوانين الفيزياء هي التي تتطلب ان تكون للعناصر الكيميائية خصائصها المعروفة.

تصح هذه الملاحظات نفسها على مجالات أخرى في العلوم الفيزيائية. فالنموذج المعياري يشتمل مثلاً على نظرية للتفاعل النووي الشديد، وهي القوة التي تربط بين الكواركات، والتي تربط أيضاً بين جسيمات النواة الذرية: إنها بعبارة أخرى ما يسمى بالكروموديناميك الكمومي. وهذا العلم يفسر كتلة البروتون على أنها نتيجة للقوى الكبيرة التي تمارسها الكواركات على بعضها بعضاً داخل البروتون. ونحن لا نستطيع فعلياً حساب كتلة البروتون. ويقول واينبرغ إنه ليس واثقاً من امتلاكنا لمنهجية أو خوارزمية مناسبة لذلك. ومع ذلك لم تعد كتلة البروتون أمراً خفياً أو عصياً. ويقول واينبرغ إن لدينا الشعور بأننا نعلم لماذا هي على ما هي عليه، ليس لأننا حسبنا ولا حتى لأننا نستطيع القيام بذلك، بل لأن هذا الحساب لا يتطلب بالإضافة إلى الأدوات الرياضية سوى معرفة الكروموديناميك الكمومي.

إن الاعتراف بأن شيئاً ما تم تفسيره، حتى ضمن هذا المجال المحدود نسبياً، أمر على غاية من الأهمية: فذلك يمكن أن يشير إلى المسائل الهامة فعلاً التي يجب دراستها، وربما إلى الاتجاه الذي على العلم السير فيه من أجل بلوغ مرحلة تفسيرية جديدة. . ولهذا لسنا نوافق واينبرغ تماماً حين يصر أن حسابنا لكتلة البروتون مثلاً لن يكون سوى استعراض لمهارات رياضية، وأن ذلك لن يحسن في شيء فهمنا لقوانين الطبيعة، لأننا نعرف بشكل جيد التفاعل النووي الشديد بحيث نعلم أننا لن نحتاج إلى أي قانون طبيعي جديد من أجل إتمام هذا الحساب.

مبدأ أم حادث؟

من جهة أخرى، وعلى الرغم من أن الفيزيائيين يحاولون فقط تفسير المبادئ العامة، فإن الفرق بين المبدأ والحادث البسيط ليس واضحاً دائماً. ففي بعض الأحيان، ما نعتبره كقانون أساسي للطبيعة لا يكون أكثر من حادث طارئ. ويقدم لنا مثال كبلر مرة أخرى نموذجاً على ذلك. فقد حاول في شبابه تفسير أقطار مدارات الكواكب من خلال بناء هندسة معقدة تعتمد على المجسمات المنتظمة، ونحن نستطيع أن نلمح في تفسيره بشكل واضح الخلفية اللاهوتية التي تشير إلى خلق كون منتظم وكامل وفق غاية معينة. أما اليوم فإننا قد نبتسم لسذاجة هذا الطرح لأننا نعلم أن المسافات بين الكواكب والشمس نتجت عن حوادث حصلت لحظة تشكل المجموعة الشمسية وأنه لا يمكن أن يخطر لنا على بال استقراءها من أي قانون أساسي.

يتساءل علماء الكونيات بشكل متزايد عما إذا كان الإنفجار الكبير واحداً من انفجارات كبيرة أخرى تحصل هنا وهناك في كون فائق أوسع بكثير من كوننا المرصود. وهم يتساءلون إذا كانت تظهر أو تتغير، خلال هذه الانفجارات الكبيرة الكثيرة، ثوابت الطبيعة الأساسية المعروفة لتأخذ قيماً مختلفة، بل وحتى إن كانت قوانين الطبيعة لا تتخذ شكلاً آخر مغايراً تماماً للشكل الذي نعرفه لها. وفي هذه الحالة، فإن مسألة معرفة لماذا قوانين الطبيعة التي نكتشفها والثوابت التي نقيسها هي ما هي عليه يكون لها إجابة لاهوتية واضحة ووحيدة: فمع مثل هذا النمط من الانفجار الكبير فقط إنما يمكن أن يوجد أحد ما قادر في يوم ما على طرح هذا السؤال.

يأمل واينبرغ أننا لن ننجرف إلى مثل هذا المنطق أو المحاكمة العقلية، وأننا سوف نكتشف مجموعة وحيدة من القوانين التي تفسر لماذا ثوابت الطبيعة المعروفة هي على ما هي عليه. ولكن، علينا أن نتذكر دائماً أن ما نسميه اليوم قوانين وثوابت الطبيعة ليس سوى آثار طارئة للانفجار الكبير الذي وُجدنا من خلاله، وهي آثار محدودة بإشراط التواجد ضمن حدود معينة من القيم (مثل بعد الأرض عن الشمس) هذه القيم التي تسمح بظهور كائنات قادرة على التساؤل حول طبيعتها الخاصة وحول الكون وأصله ومصيره. فوجودنا على هذه المسافة من الشمس هو في النهاية وجود طارئ، لكنه مع ذلك يحمل إمكانية عظيمة بوجود حياة أخرى في الكون لأنه وجود طارئ.

وعلى العكس، من الممكن أيضاً أن تعتبر مجموعة من الظواهر على أنها حوادث بسيطة، في حين أنها في الحقيقة تظاهرات لمبادئ فيزيائية أساسية. وربما نستطيع هنا أن نجد الجواب على سؤال تاريخي: لماذا حاول أرسطو (وغيره من الفلاسفة الطبيعيين مثل ديكارت) أن يضع نظرية ديناميكية تخلو من التنبؤ بمسار قذيفة ما مثلاً، على عكس قوانين نيوتن؟ بحسب أرسطو تميل العناصر إلى العثور على مواضعها في الطبيعة: فالعناصر الترابية في الأسفل، والنارية في الأعلى، والمائية والهوائية توجد في حالة وسطية. لكن أرسطو لم يسعَ إلى معرفة سرعة عنصر ما. لسنا نتساءل هنا لماذا لم يكتشف أرسطو قوانين نيوتن، ولكن لماذا لم يعبر أرسطو أبداً عن عدم رضاه لعدم وجود أداة أو وسيلة لحساب موضع وسرعة جسم ما؟ بل يبدو أن أرسطو لم يشعر حتى بوجود مسألة يجب حلها هنا؟

يستنتج واينبرغ هنا أن أرسطو كان يفترض أن سرعة عثور الجسم على موضعه كانت مجرد حدث طارئ ولا تخضع لأية قاعدة أو قانون، وأنه كان من المستحيل استنتاج أي انتظام أو تناسق حول هذه المسألة، وأن المسائل الوحيدة التي يمكن تعميمها كانت تتعلق بالتوازن فقط، أي الحالة التي توجد الأجسام فيها في حالة الراحة. لا شك أن أرسطو كان مخطئاً، ولكن لو قارنا نمط تفكيره بوضعنا الراهن لأدركنا كم كان من الصعب تخيل أن الديناميكا يمكن أن تكون محكومة بمجموعة من القوانين والمبادئ الدقيقة. وهكذا يخلص واينبرغ إلى أن أحد أكبر تحديات العلم هو التمييز بين الحوادث والمبادئ، الأمر الذي لا نستطيع الحسم فيه حتى الآن. ويمكننا أن نساءل واينبرغ عند هذه النقطة، هل يكفي أن نميز بين المبادئ والحوادث كي نحظى بفرصة معرفة أكمل؟ بعبارة أخرى، ألن تكون معرفتنا المحكومة بالقوانين أشبه بتصورات أرسطو بعد ألفي سنة بالنسبة لأجيال ربما تكون قد تجاوزت كل أطر تفكيرنا الحالي؟

النظرية النهائية

بعد أن أوضح واينبرغ مصطلحات الأساسي والاستقراء والمبدأ، ما الذي يمكن فهمه من تعريفه الذي يقول إنه في الفيزياء يتم تفسير مبدأ ما عندما نستنتجه من مبدأ أكثر أساسية منه؟ يرى واينبرغ أن تعريفه يقع ضمن الإطار التاريخي للتطور المعرفي، أي ضمن منظور للعلم متجه نحو المستقبل. إننا نتقدم باستمرار نحو وصف أكثر كمالاً للعالم. وهكذا يأمل واينبرغ أننا سنصل في المستقبل إلى فهم كافة الانتظامات التي نرصدها في الطبيعة بفضل بعض المبادئ البسيطة وقوانين الطبيعة، والتي يصبح من الممكن اعتماداً عليها استنتاج كافة الانتظامات الأخرى في الكون. وعندها فقط، عندما نعرف هذه النظرية الفائقة والنهائية، سنستطيع التمييز بشكل صريح بين المبدأ والحادث، وتحديد ما هي وقائع الطبيعة التي تشكل نتائج لمبادئ معينة، كما وسنعرف ما هي المبادئ الأساسية التي تفسرها.

إذا كان العلم قادراً بالتالي وفق واينبرغ على تفسير بعض جوانب الطبيعة والكون، هل يستطيع العلم تفسير كل شيء على الأطلاق؟ من المؤكد أن الجواب هو لا. فسيكون ثمة دائماً حوادث تظل غير مفسرة. ليس لأننا لا نستطيع تفسيرها حتى مع امتلاكنا لكافة الشروط الدقيقة التي تمت فيها هذه الحوادث، ولكن لأننا لن نعرف أبداً هذه الحوادث: فهي ضائعة في ضباب الزمن. لن نعرف مثلاً أبداً ما هي الحوادث التي أدت لأن يكون لنا هذا العدد المحدد من المورثات، أو لماذا ضرب نيزك ضخم في نقطة محددة الأرض قبل 65 مليون سنة. إن الجزء الأعظم مما يحاول العلماء معرفته يتعلق بحوادث ضائعة في ضباب الزمن وفق تعبير واينبرغ.

كذلك فإن العلم غير قادر على تفسير مبدأ أخلاقي أياً كان. ويبدو أن ثمة هوة غير قابلة للردم حتى الآن بين ما هو كائن وما يجب أن يكون. ربما يستطيع العلم تفسير لماذا على الناس القيام ببعض التصرفات أو لا، أو لماذا تطور الجنس البشري بحيث أن بعض الأمور يجب القيام بها وبعضها الآخر لا يجب القيام به. لكن لا شيء يمنعنا من تصعيد هذه القوانين الأخلاقية المرتكزة على البيولوجيا. فمن الممكن مثلاً أن يكون جنسنا قد تطور بحيث يلعب الرجل والمرأة دورين مختلفين في الحياة، ولكن بإمكاننا كما يرى واينبرغ أن نحاول خلق مجتمع تتناسب فيه الوظائف كلها بين الرجال والنساء. والمبادئ الأخلاقية التي يجب أن تملي علينا إن كان يجب أن نتصرف على هذا النحو أم لا ليست ولا يجب أن تكون نابعة أو ناتجة عن المعرفة العلمية. ويمكننا القول إضافة إلى واينبرغ إن هذه المعرفة يمكن أن تلعب دوراً في تعديل مفاهيمنا الأخلاقية، لكن الأخلاق في النهاية ليست قوانين مضافة على الطبيعة.

كذلك فإن يقينية تفسيراتنا العلمية محدودة. فلست أعتقد أننا سوف نصل إلى يقين كامل في أي تفسير من تفاسيرنا. وكما أنه توجد مبرهنات رياضية عميقة تبين لنا استحالة البرهان على تجانس منظومة رياضية ما، فإنه يبدو من المحتمل ألا نكون قادرين أبداً على البرهان أن قوانين الطبيعة الأساسية متجانسة من وجهة نظر رياضية. لكن ذلك لا يقلق واينبرغ كما يقول، لأننا حتى لو كنا نعرف أن قوانين الطبيعة متجانسة رياضياً، فإننا لن نكون متأكدين من صحتها النهائية والمطلقة.

وأخيراً يبدو لنا أنه من المؤكد أننا لن نستطيع أبداً تفسير المبادئ العلمية الأساسية. ولهذا السبب بالذات يؤكد عدد من العلماء أن العلم لا يقدم أي تفسير، ولكن النقد الذي يوجهه واينبرغ لهؤلاء أنه مع مثل هذا النمط من التفكير لا يمكن الوصول إلى معرفة أفضل أبداً. ويعتقد واينبرغ أننا سوف نصل إلى مجموعة من القوانين الطبيعية البسيطة والكونية، وهي قوانين لن نستطيع تفسيرها. والنمط الوحيد من التفسير الذي يراه واينبرغ ممكناً هو أن يتطلب التجانس الرياضي مثل هذه القوانين. لكن ذلك مستحيل برأيه، لأننا منذ الآن قادرون على تخيل مجموعات من القوانين الطبيعية المتجانسة تماماً من وجهة النظر الرياضية إنما التي لا تصف الطبيعة كما نرصدها ونراها. ولكن، هل لنا أن نعترض هنا على واينبرغ اعتراضاً بسيطاً: فالقوانين التي تصف اليوم حالات لا تتفق والطبيعة المرصودة ألا يمكن أن توافق حالات طبيعية غير مرصودة، أو حتى يمكن تخليقها؟

يقول واينبرغ في النهاية إن أملنا في الحصول على تفسير نهائي يبقى بلا شك اكتشاف مجموعة من القوانين النهائية للطبيعة، والبرهان أنها النظرية الكاملة الوحيدة والمتجانسة من منظور منطقي، وهي يجب أن تكون كاملة بمعنى أنها يجب أن تسمح حتى بوجودنا. ويعتقد واينبرغ أن مثل هذه النظرية ستتحقق خلال قرن أو قرنين، وعندها فإن الفيزيائيين وفق واينبرغ سيصلون إلى الحدود القصوى لمقدرتهم على التفسير والمعرفة![7]

ما لا تفسره الفيزياء

كثير من الفيزيائيين يحتاجون إلى الاعتقاد بأن التقدم العلمي سيقودنا يوماً إلى التفسير الشامل للظاهرات الطبيعية. ويبدو أن الفيزياء الكمومية تقربنا من مثل هذه النتيجة، لكن القناعة والاعتقاد لا يعنيان البرهان. وهكذا فإن مطب المصطلحات يطاردنا دائماً في بحثنا عن المعرفة الكاملة. ماذا عن المدرسة المقابلة؟ وماذا يقول التيار الأكثر تحرراً في السياسة العلمية من غائية علمية هدفها معرفة كاملة ونظرية نهائية؟

يأمل واينبرغ أننا سنفهم يوماً كافة انتظامات الطبيعة، وأنه سيأتي يوم تُستنتج فيه كافة الانتظامات من بعض المبادئ البسيطة. لكن هناك تيار من العلماء (خاصة الفرنسيين) الذين يعتقدون بمحدودية مثل هذا النمط من التفكير، وأحدهم جان ـ مارك ليفي ـ لوبلون. وهو يرى من منظور تاريخي أن هذا التوجه قد يكون هاماً في دفع هؤلاء العلماء الرواد باتجاه مزيد من الاكتشافات والمعرفة. إن هذا الايمان قديم قدم الفيزياء والعلوم، ولنا مثال على ذلك في اكتشاف نيوتن للجذب الثقالي الذي سماه الجاذبية الكونية. ففي أعماقه كان يعتقد أن اكتشافه سيحمل مفتاح المعرفة الكاملة في النهاية التي ستفسر الكون. ولنتذكر أيضاً اللورد كالفنLord Kalvin الذي أعلن في بداية القرن العشرين أنه لم يبق شيء لاكتشافه في الفيزياء سوى بعض التتمات البسيطة التي لا بد من إضافتها إلى الثوابت الكونية الأساسية. ومثل هذا الاعتقاد في رأي ليفي ـ لوبلون يندرج في مستوى الاعتقاد الديني أو التفكير اللاهوتي أكثر منه الرأي العلمي.

إن نقد التفسير الكامل للكون يرتكز على ما هو أبعد من النقد التاريخي. فواينبرغ ومدرسته لا يقدمون في النهاية سوى الاعتقاد دون أي برهان. ولهذا لا يمكن أن نقدم لهم بالمقابل سوى الاعتقاد لدى الكثير من العلماء بأن الكون أغنى وأكثر تعقيداً مما يتصوره الفيزيائيون والناس عموماً. وبالتالي فإن الاعتقاد بإمكانية تفسير أعماق أعماقه أمر غير مقبول بشكل مطلق.

وهكذا، على خلفية صراع ثقافي لم يعد خافياً، يذهب ليفي ـ لوبلون إلى نقد الأسلوب الأمريكي في نظرية واينبرغ وإن بشكل مهذب وغير مباشر. ويقول: "ما يبدو لي أمريكياً في رأي واينبرغ هو الطريقة التي يطرح فيها العلاقة بين المبادئ الفيزيائية الأساسية والمبادئ الإنسانية بما فيها الأخلاق. يؤكد واينبرغ أننا لا نستطيع تأسيس الأخلاق على الفيزياء، الأمر الذي يسعدنا، لكن تعبيره عن الحاجة إلى تحديدها يشير بوضوح إلى إطار ثقافي معين لا شك أنه يتصل بأصولية توراتية. ويبدو لي أنه لا يوجد في العالم اللاتيني والفرنسي خصوصاً من لديه الحاجة لإثبات مثل هذا اليقين!"[8]" ويمكننا أن نضيف على خلفية هذا الصراع الثقافي غير المعلن تماماً أن الحاجة إلى تحديد الأخلاق أو إلى تحريرها لا يجب أن يلعب دوراً أساسياً، كما هو الحال هنا، في إثبات إمكانية المعرفة الكاملة أو لا. والحق أن نمط التفكير الأمريكي يرتبط إلى حد كبير بنمط معرفة أصولية تريد أن ترسم الكون وفق منظورها، النفعي إنما المحدد أصلاً في إطار أخلاقي موجه يمكن التحكم به.

يقدم واينبرغ حججاً أخرى في إطار نظرته، منها مثلاً أن الكيمياء إذا بقيت علماً مستقلاً حتى الآن إلى حد ما، فذلك أن الميكانيك الكمومي ومبدأ الجذب الكهرستاتيكي لا يكفيان لشرح الظاهرات الكيميائية شرحاً وافياً. ويرد عليه ليفي ـ لوبلون أنه في مجال الكيمياء نفسه، لا يكفي التفسير الفيزيائي ما أن يصبح الجزيء المدروس معقداً بدرجة معينة. وفي أفضل الأحوال يقوم الفيزيائي بعمل حساباته الخاصة بهذا الجزيء على الحاسوب. لكن هذه الحسابات لا تعطينا فكرة وافية عن حقيقة المسألة. فالفهم والتفسير يعنيان أن تكون لدينا معرفة عميقة بالآليات القائمة في قلب هذا التكوين. وكما قال ويغنر Eugene Wigner يوماً عندما قدمت له مثل هذه الحسابات التي كانت تصف سلوك منظومة كيميائية: "حسناًن لقد فهم الحاسوب، لكنني أريد أنا أيضاً أن أفهم". وينطبق ذلك على الفيزياء نفسها. فهناك الكثير من حالات الوصف للأجسام المجهرية إنما غير الأولية، مثل نواة الذرة. إن التفاعلات الأولية بين العناصر التي تشكل النواة لا تفسر سلوكها إلا بشكل عام. وعلى الرغم من النجاح الكبير لفيزياء الجسيمات الأولية، فلا يزال العلماء بحاجة إلى رصد ومهاجمة مختلف السويات المادية الدقيقة من أجل تدقيق وصفها ومعرفتها. فلا بد لنا في النهاية من احترام هذه الاستقلالية أو الخصوصية إن صح التعبير لمختلف مظاهر الحقيقة. ولا شك أن الأمثلة تكون أوضح وأكثر بكثير إذا ما غصنا في تفاصيل العلاقات الفيزيائية البيولوجية للكائن الحي، أو إذا فتحنا ملف العلاقات الإنسانية والاجتماعية.

يتهرب واينبرغ بطريقة ليست فائقة الذكاء من مثل هذه الأمثلة، وذلك بالتمييز الذي سبقه إليه أرسطو، بين ما هو مبدئي وما هو طارئ. لكن هل يمكن أن نعتبر أن لهذا التمييز قيمة تفسيرية ما؟ من الواضح أنه يلائم حالات محددة فقط. فنحن لا نملك معايير تسمح لنا بالتأكيد أن مبدأ ما ليس هو نفسه نتيجة طارئة أو صدفة. وبالمثل، فإن قوانين يمكن أن تبدو لنا طارئة، مثل قوانين الوراثة أو الجيولوجيا، لها أيضاً على مستواها قيمة مبدئية. فمفهوم الصدفة يستدعي نظرة نقدية مثله مثل مفهوم المبدأ. وكما يقول ليفي ـ لوبلون "لسنا أكيدين من أنه يمكن الفصل بشكل مطلق بين ما هو أساسي، أي ما يتعلق بالمبادئ، وما هو مركب ومعقد، أي ما يتعلق بالطارئ".

لكن واينبرغ يطرح، على الرغم من ذلك، في صالح مثل هذا التمييز فكرة لا يستهان بها يسميها "ضباب الزمن". وهو يقول فيما يتعلق بالصيغة الوراثية أننا قد لا نعرف أبداً لماذا هو على ما هو عليه، لأن أصله يغيب في ضباب الزمن. أي أن أصولاً معرفية كثيرة ربما ضاعت في الماضي البعيد. لكن هذه الحجة مردودة في نظر ليفي ـ لوبلون. ويستشهد بريتشارد فاينمان الذي كان قد طرح مرة فكرة أن الإنتظامات على المستوى تحت الذري، في فيزياء الجسيمات الدقيقة، يمكن أن تكون هي نفسها غير أولية ومركبة، بل نتيجة لتطور أكثر بدئية منها في ماضي لا يمكن ولوجه أبداً: "نكتشف تناظرات رائعة في عالم الجسيمات هذا، وهو أمر جميل! ولكن لقد تطلب الأمر انتظار كبلر لكي يتبين أن التناظرات الدائرية في مسارات الكواكب غير كاملة، فما الذي يؤكد لنا أن التناظرات في عالم الجسيمات الدقيقة ليست مركبة؟" ووفقاً لهذه الفكرة لفاينمان، يمكن القول بالتالي إن ما يعتبره واينبرغ الأكثر أساسية يمكن أن يكون طارئاً، ويغيب هو نفسه بالتالي في أصوله في "ضباب الزمن".

لا شك أن الأمر الطارئ بامتياز في النهاية، الأمر الطارئ الذي كان وراء كافة الأمور الطارئة الأخرى، كان ظهور الكون نفسه. إن واينبرغ وديفيس ومعظم الفيزيائيين يعتقدون أن الفيزياء الكمومية ستكون قادرة على تفسير هذا الحادث. بالمقابل، يرى ليفي لوبلون إننا لسنا بحاجة من أجل تفسير هذه البداية للفيزياء الكمومية، ولا للزمن التخيلي الذي يطرحه هوكنغ Hawking، ولا لنظرية الأوتار الفائقة أو لنظرية التضخم الفائق. ففكرة بداية الكون طرحت في الكوزمولوجيا التي ترجع إلى معادلات فريدمان لوميتر في العشرينات. وهذه المعادلات تصف تطور الكون تبعاً للزمن. ويمكن استخدام هذه المعادلات من أجل الرجوع بالزمن الحاضر إلى لحظة يمكننا تسميتها "الأصل" ولكن حيث تتوقف هذه المعادلات عن كونها فاعلة وصحيحة. فالأمر يتعلق بفرادة رياضية. وهذا يعني أن هذه اللحظة الأولى ليست وحيدة، فهي لا تنتمي إلى محور الزمن. ومن هنا يسجل ليفي ـ لوبلون دهشته لأن المقارنة لم تتم لهذه النقطة مع الصفر المطلق في الحرارة. فجميع الفيزيائيين يتفقون على أن هذا الصفر المطلق ليس من الحرارة. فهو صفر غير موجود، يمكننا الاقتراب منه بلا نهاية إنما دون أن نستطيع بلوغه. فهذا الصفر المطلق هو بالتالي عدد منته لكنه لامنته من وجهة نظر تصورية. فلماذا لا يكون الأمر على هذا النحو بالنسبة لنقطة الصفر الكونية؟ من جهة أخرى فإن نظرية التوسع الكوني تشتمل ربما بشكل غير مباشر على فكرة أن اللحظة الأولى من عمر الكون لم تكن واحدة؛ ومن هنا النتيجة بأنه لم يكن ثمة ما هو قبل الانفجار الكبير. وهكذا مهما حاولنا فلن نستطيع الوصول إلى لحظة الإنفجار الكبير نفسها. إن سؤال الأصل هو سؤال سيء الطرح، والسبب أننا نطرح تصوراً للزمن مرتبطاً بتجربتنا اليومية على مستوى مختلف تماماً.

هذا لا يعني بالتأكيد أنه لا يمكن تمثيل البيغ بانغ. فالشكلانية الرياضية تعطي مجالاً واسعاً لوضع بناءات مختلفة لتصورات بدئية كثيرة للكون. ومع ذلك سيبقى هناك هذا الغموض المرتبط بأصل الكون. ويطرح ليفي ـ لوبلون مثالاً يشرح فيه هذه الفكرة: لنتخيل العالم الذي نحيا فيه أنه مستوي لانهائي وأننا نحيا في برج لا نستطيع الخروج منه على هذا المستوي. ولهذا البرج نافذة ذات قضبان حديدية مشبكة. إن الضباب يغلف الأفق البعيد، لكننا نستطيع أن نرى ما يجري قرب البرج. والطريقة الوحيدة التي لدينا لقياس الأشياء هي قضبان النافذة. وملاحظة مثلاً أن حدي الطريق الموجود أسفل البرج يقتربان من بعضهما كلما ابتعدا نحو البعيد حتى يغيب الطريق في الضباب. وعندما ينزاح الضباب في أحد الأيام نلاحظ أن الطريق يصبح نقطة في الأفق. ويمكن تحديد هذه النقطة تماماً بفضل الإحداثيات المعتمدة على قضبان النافذة، بحيث ليس ثمة ما يمنع من اعتبار هذه النقطة أنها أصل الطريق. ولكن يمكن أيضاً اعتبار أن هذه النقطة تقع على الأفق، وبالتالي في اللانهاية. وهذا المثل يبين لنا أن درجة معينة من القياس يمكن أن تمثل في الحقيقة قياساً لانهائياً. فالمسألة لا تتعلق بالفيزياء الكمومية أو غيرها من أجل طرح ومعالجة مسألة الأصول.

مع ذلك يبقى السؤال قائماً: هل يمكن للفيزياء أن تفسر حادثة ظهور الكون والزمن والمكان والمادة…؟ لا شك أن هذا السؤال ذو طبيعة ميتافيزيائية، بينما لا يمكن للفيزياء أن تجيب إلا بشكل فيزيائي. بعبارة أخرى، قد يأتي يوم تطرح فيه مفاهيم جديدة للزمان والمكان والمادة وغيرها، وتطرح نظريات جديدة حول أصول الكون، لكن الحديث عن ظهور الكون الطارئ، أو حتى الغائي، يبقى خارج نطاق الفيزياء. ولا شك أننا أصبحنا، خاصة مع فيزياء القرن العشرين، أسرى أكثر فأكثر لمصطلحاتنا. كان فيزيائيو القرن التاسع عشر أكثر فطنة وانتباهاً لهذه النقطة. في حين أن مصطلحات الفيزيائيين في القرن العشرين تتطلب منهم باستمرار تكريس وقت للتنبيه إلى ضرورة عدم الوقوع في خطأ الفهم. وهذا مصطلح الانفجار الكبير أو البيغ بانغ يستخدم بشكل خاطئ بحيث نجد العلماء ينبهون دائماً: هذا المصطلح لا يعني أبداً ما يمكن فهمه من كلماته! فما حصل ليس انفجاراً بالمعنى المعروف، ولم يحصل في مكان معطى ومحدد من الفراغ,ولا حتى في لحظة معطاة، إلخ.".

إن الفيزياء بهذا المعنى لا تزال بعيدة حتى عن مجرد طرح فكرة النظرية الفيزيائية الكاملة. ولا بد على الأقل من انتظار ليس تطوراً في الفيزياء نفسها أو اكتشافات جديدة في حقول العلم فقط، بل وحتى تطوراً في ذهنيتنا وأدمغتنا ونفسانيتنا لمواجهة مثل هذه المسألة من منظور أشمل وأعمق.

 


  
--------------------------------------------------------------------------------

[1] W. Pauli, Physique moderne et philosophie, p. 152, Albin Michel, 1999.

[2] J.-M. Lévy-Leblond, Ce que n'explique pas la physique, Entretient, La Recherche 349, 2002, p. 87.

[3] P. Davies, Avant le Big Bang, La Recherche 349, 2002, p.32.

[4] B. Russel, "On the Notion of Cause", Proceedings of the Aristotelian Society, vol. 13, 1912-1913.

[5] S. Weinberg, La physique peut-elle tout expliquer?, La Recherche, 349, Janvier 2002, p. 25.

[6] C. hempel et P. Oppenheim, Philosophy of Science, vol. 15, no 135, p. 135, 1948.

[7] S : Weinberg ; Facing Up ; Science and Its Cultural Adversaries ; Harvard University Press ; 2001 :

S : Weinberg ; Le Rêve d’une théorie ultime ; Odile Jacob ; 1997 :

[8] J.-M. Lévy-Leblond, Ce que n’explique pas la physique, La Recherche, 349, Janvier 2002, p. 87.

  بقلم :موسى ديب الخوري
 المصدر : موقع الجمعية الكونية السورية

8
منتدى علم الفيزياء العام / ابن الهيثم
« في: يوليو 21, 2003, 05:38:00 صباحاً »
ابن الهيثم.. صاحب "المناظر"‏

هو الحسن أبو علي بن الحسن بن الهيثم، وُلد في البصرة عام 354هـ/ 965م، وهو من أصل عربي، كان في طفولته عازفًا عن اللهو مع أقرانه، مقبلاً على القراءة والاطلاع، كثير التساؤل، وكان حَسَن الخط (وقد اشتغل بنسخ الكتب فيما بعد)، سار على طريق العلماء، فسافر في طلب العلم، فذهب إلى بغداد، والشام ومصر، وتنقّل بين أرجاء الدولة الإسلامية.

وكان في كل أحواله زاهدًا عن الدنيا؛ درس في بغداد الطب، واجتاز امتحانًا مقررًا لكل من يريد العمل بالمهنة، وتخصص في طب الكحالة (طب العيون)، كان أهل بغداد يقصدونه للسؤال في عدة علوم، برغم أن المدينة كانت زاخرة بصفوة من كبار علماء العصر.

وقد سمع الحاكم بأمر الله بمقولته عن قدرته على تنظيم أمور النيل، بحيث يصلح للري في كافة أوقات السنة، فاستدعاه إلى بلاطه، وأمده بما يريد للقيام بهذا المشروع، ولكن ابن الهيثم بعد أن حدد مكان إقامة المشروع (وهو نفس مكان السد العالي المقام حاليًا)، أدرك صعوبة أو استحالة إقامة المشروع بإمكانات عصره، فاعتذر للحاكم بأمر الله.

بعد ذلك اتخذ من غرفة بجوار الجامع الأزهر سكنًا، ومن مهنة نسخ بعض الكتب العالمية موردًا لرزقه، هذا بخلاف التأليف والترجمة؛ حيث كان متمكنًا من عدة لغات، وتفرغ في سائر وقته للتأليف والتجربة، وذلك حتى وفاته في عام 1039م، وقد وصل ما كتبه إلى 237 مخطوطة ورسالة في مختلف فروع العلم والمعرفة، وقد اختفى جزء كبير من هذه المؤلفات، وإن كان ما بقي منها أعطى لنا صورة واضحة عن عبقرية الرجل، وإنجازاته العلمية.

إفادة من يطلب الحق ويؤثره

اعتمد ابن الهيثم في بحوثه على أحد منهجين، هما: منهج الاستقراء، ومنهج الاستنباط. وفي الحالين كان يعتمد على التجربة والملاحظة، وكان همه من وراء البحث هو الوصول إلى الحقيقة التي تثلج صدره، وقد حدد الرجل هدفه من بحوثه، وهو إفادة من يطلب الحق ويؤثره، في حياته وبعد مماته.

وكان ابن الهيثم يرى أن تضارب الآراء هو الطريق الوحيد لظهور الحقيقة. وقد جعل من التجربة العملية منهاجًا ثابتًا في إثبات صحة أو خطأ النتائج العقلية أو الفرضيات العلمية، وبعد ذلك يحاول التعبير عن النتيجة الصحيحة بصياغة رياضية دقيقة.

وقد كان لابن الهيثم مساهماته الجليلة في العديد من العلوم بخلاف علم البصريات؛ ففي علم الرياضيات وضع العديد من المؤلفات، وقد صل إلينا منها 37 مخطوطًا، بعضها كان شرحًا وتعليقًا على مؤلفات الأولين في هذا المجال، والبعض الآخر تأسيسًا لنظريات رياضية حول خصائص المثلث والكرة، وكيفية استخراج ارتفاعات الأجسام، وغير ذلك، ومن أمثلة هذه المؤلفات:

- شرح مصادرات إقليدس - كتاب في بركار (فرجار) القطوع.

- مقال في أصول المساحة - مقالة في مساحة المجسم المكافئ.

- قول في استخراج ضلع المكعب - مقالة في خواص المثلث من جهة العمود.

- كتاب الجامع في أصول الحساب - مقالة في استخراج ما بين بلدين في البعد بجهة (باستخدام) الأمور الهندسية.

وقد وضع ابن الهيثم مؤلفًا تحت عنوان: "قول في حل مسألة عددية"، والمسألة التي يتعرض لها في هذا الكتاب هي "إيجاد عدد يقبل القسمة على (7) بحيث إذا قسم على (2) أو (3) أو (4) أو (5) أو (6) كان باقي القسمة واحدًا"، وقد وجد للمسألة أكثر من مدخل، فوضع قانونًا للحل يصلح لرقم (7) ولغيره من الأرقام.

أما في علم الميكانيكا كانت دراسته للظواهر الميكانيكية في إطار تجاربه في علم الضوء، ولكنه توصّل إلى رصد ما يلي:

- أن للحركة نوعين:

1-الحركة الطبيعية: وهي حركة الجسم بتأثير من وزنه، وهو ما يعرف الآن باسم "السقوط الحر".

2- الحركة العرضية: وهي الحركة التي تنتج من تأثير عامل خارجي (القوة)، وهو يرى في الجسم الساقط سقوطًا حرًا أن سرعته تكون أقوى وأسرع إذا كانت مسافته أطول، وتعتمد بالتالي سرعته على ثقله والمسافة التي يقطعها.

- تحليل حركة الجسم:

ينظر ابن الهيثم إلى حركة الجسم أنها مركبة من قسطين (مركبتين)، واحدة باتجاه الأفق، والأخرى باتجاه العمود على الأفق، وأن الزاوية بين المركبتين قائمة، وأن السرعة التي يتحرك بها الجسم هو محصلة هذين القسطين.

- درس تغير سرعة الأجسام عند تصادمها بحسب خصائص هذه الأجسام وميز بين الاصطدام المرن، وغير المرن، وكان ذلك عند تجربته بإلقاء كرة من الصلب (في دراسته لانعكاس الضوء) على سطح من الحديد، وسقوطها على سطح من الخشب أو التراب.

أما في علم الفلك فلابن الهيثم حوالي 20 مخطوطة في هذا المجال، وقد استخدم عبقريته الرياضية في مناقشة كثير من الأمور الفلكية، كما ناقش في رسائله بعض الأمور الفلكية مناقشة منطقية، عكست عبقرية الرجل من جانب، ومن جانب آخر مدى عمق خبرته وعلمه بالفلك، ومن أمثله مؤلفاته:

- ارتفاع القطب: وفيه استخرج ارتفاع القطب، وتحديد خط عرض أي مكان.

- أضواء الكواكب – اختلاف منظر القمر.

- ضوء القمر: وأثبت أن القمر يعكس ضوء الشمس وليس له ضوء ذاتي.

- الأثر الذي في وجه القمر: وفيها ناقش الخطوط التي تُرى في وجه القمر، وتوصل إلى أن القمر يتكون من عدة عناصر، يختلف كل منها في امتصاص وعكس الضوء الساقط عليه من الشمس، ومن ثم يظهر هذا الأثر.

- مقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد.

- تصحيح الأعمال النجومية – ارتفاعات الكواكب.

وغير ذلك كثير.

ابن الهيثم مؤسس علم الضوء

لا بد أن نقرر أن الحضارة الإسلامية أضافت إلى كافة العلوم، ولكن الذي أعلى قدرها بحق هو إبداعها لعلوم غير مسبوقة، ومن هذه العلوم علم الضوء، وصاحب السبق والفضل فيه هو ابن الهيثم بلا منازع، وقد وضع أسس هذا العلم في كتابه الفريد "المناظر".

وقد قسّم الكتاب إلى سبع مقالات، كل مقالة احتوت على عدة فصول، وكانت عناوين المقالات كالتالي:

المقالة الأولى: كيفية الإبصار بالجملة.

المقالة الثانية: تفصيل المعاني التي يدركها البصر وعللها وكيفية إدراكها، وتشمل الفصول التالية:

المقالة الثالثة: أغلاط البصر فيما يدركه على استقامة وعللها.

المقالة الرابعة: كيفية إدراك البصر بالانعكاس عن الأجسام الثقيلة.

المقالة الخامسة: مواضيع الخيالات، وهي الصور التي ترى في الأجسام الثقيلة.

المقالة السادسة: أغلاط البصر فيما يدركه بالانعكاس وعللها.

المقالة السابعة: كيفية إدراك البصر بالانعطاف من وراء الأجسام المشفة المخالفة لشفيف الهواء.

وقد ألف هذا الكتاب عام 411هـ/ 1021م، وفيه استثمر عبقريته الرياضية، وخبرته الطبية، وتجاربه العلمية، فتوصل فيه إلى نتائج وضعته على قمة عالية في المجال العلمي، وصار بها أحد المؤسسين لعلوم غيّرت من نظرة العلماء لأمور كثيرة في هذا المجال، والكتاب سبقه عدة مؤلفات في المجال نفسه، مثل: المرايا المحرقة بالقطوع، والمرايا المحرقة بالدائرة، ولكن في كتاب المناظر ذي السبع مقالات، وضع الأسس الواضحة لعلم الضوء، وأبرز النتائج التي توصل إليها، ولم يسبقه إليها أحد:

- حسم الخلاف حول كيفية إبصار الأجسام، وقطع أنها ناتجة من انعكاس الضوء من على الأجسام، ووصول الأشعة إلى العين منها، وليس خروج الأشعة من العين إلى الأجسام، ذلك مع وصف للعين قريب من الصحة.

وبالرغم من أن عددًا من التفاصيل التي ذكرها ابن الهيثم مخالفة للعلم الحديث فإن مجمل وصف العين يبدو مقبولاً كخطوة جريئة نحو الحقيقة، وبالتالي يكون ابن الهيثم هو أول من رتّب أقسام العين ورسمها بوضوح، كما يقول عنه "ماكس مايرهوف".

- قام بتعريف الضوء بصورة قريبة مما نعرفه اليوم، وذلك بأنه جسم مادي لطيف يتألف من أشعة لها أطوال وعروض، وناقش خصائصه، وقام بتعريف الانعكاس، وحدد بصورة قاطعة أن زاوية السقوط تساوي زاوية انعكاس الضوء في المرايا.

- كان أول من قال بأن للضوء سرعة محددة يمكن قياسها.

- حدد اتجاه انكسار الضوء عند انتقاله من وسط إلى وسط أقل أو أكثر كثافة من الأول، فيكون الانكسار (الانعطاف في لفظه) مبتعدًا أو مقتربًا من العمود المقام على المستوى الفاصل بين الوسطين.

- وكان أحد أبرز إنجازاته في هذا الكتاب تجربة الصندوق الأسود، وهي تعتبر الخطوة الأولى في اختراع الكاميرا. وكما تقول الموسوعة العلمية "سارتون": فابن الهيثم يعتبر أول مخترع للكاميرات، وهي ما يُسمى عمليًا (Camera obscura).

1-عرض لصور الانعكاس من على السطوح المختلفة، وهو ما عُرف باسم مسألة ابن الهيثم، وفيها تعامل ابن الهيثم مع معادلة من الدرجة الرابعة، وذلك لتحديد مكان نقطة الانعكاس لكافة أشكال الأسطح.

هذا قليل من كثير من عطاء هذا العالِم الموسوعي الفذّ؛ فهل عقمت بطون الأمهات المسلمات أن يأتين بمثل هذا الرجل، أم أن تربيتنا هي العقيمة؟!. صدق "قدري طوقان"؛ إذ يقول: "يؤلمني أن أقول إنه لو كان ابن الهيثم من أبناء أمة أوروبية لرأيت كيف يكون التقدير، وكيف يُذاع اسمه وتنتشر سيرته؛ لتأخذ منه الأجيال حافزًا يدفعهم إلى الاقتداء به".

 ( من موقع اسلام أون لاين )

9
أسس هندسة كهربائية و الكترونية / أديسون  الشرق
« في: يوليو 16, 2003, 05:12:56 مساءاً »
الصبّاح..

"أديسون الشرق" الذي أضاء في بلاد الغرب!!  

مِن "حسن كامل الصباح" إلى "أحمد زويل" مسار قافلة طويلة كُتِبَ فيها على أرحام الشرق أن تقذف؛ لتُقطف الثمار هناك في الغرب، ونكتفي نحن هنا بالفخر والاحتفاء!!

وإذا كنا جميعًا نعرف من هو "أحمد زويل"، فالكثيرون منا لا يعرفون العالم اللبناني "حسن كامل الصباح" (1894-1935) الذي قدم للبشرية حوالي 176 اختراعاً رغم عمره القصير 41 عامًا، بالإضافة إلى العديد من النظريات الرياضية في مجال الهندسة الكهربائية حتى أطلقت عليه الصحف الأمريكية لقب خليفة أديسون أو "أديسون الشرق"، وكان العربي الوحيد الذي منحه معهد المهندسين الكهربائيين الأمريكيين لقب فتى العلم الكهربائي.

بيت علم

ولد الصبّاح في 16 أغسطس عام 1894 في بلدة النبطية بجنوب لبنان، ونشأ في بيت علم وفكر، فتوجهت اهتماماته نحو الاطلاع والثقافة والتعرف على ما في الطبيعة من قوى، وشجعه على ذلك خاله الشيخ أحمد رضا الذي كان شغوفًا بالبحث والتعرف على الحقائق الطبيعية والاجتماعية والروحية.

وقد ظهرت علامات الذكاء والنبوغ على "حسن كامل الصباح" وهو في السابعة من عمره عندما ألحقه والده بالمدرسة الابتدائية فنال إعجاب معلميه، ثم التحق بالمدرسة السلطانية في بيروت سنة 1908 فظهر نبوغه في الرياضيات والطبيعيات، وفى نهاية السنة الأولى له فيها أدرك الصباح عدم صلاحية الكتب الدراسية المقررة عليه مع طموحاته العلمية؛ فبدأ في دراسة اللغة الفرنسية للاطلاع على العلوم التي لم يكن يجدها في الكتب العربية آنذاك.

ثم التحق الصبّاح بالجامعة الأمريكية في بيروت، وأتقن اللغة الإنجليزية في مدة قصيرة، واستطاع حل مسائل رياضية وفيزيائية معقدة ببراعة وهو في السنة الجامعية الأولى، وشهد له أساتذته بقدراته، وتردد اسمه بين طلاب الجامعات اللبنانية، ووصفه الدكتور فؤاد صروف - أحد أساتذته - في مجلة المقتطف بأنه شيطان من شياطين الرياضيات.

مدرس للرياضيات

والتحق الصباح بقسم الهندسة في الجامعة الأمريكية، وأبدى اهتمامًا خاصًّا نحو الهندسة الكهربائية ونتيجة لما ظهر عليه من نبوغ في استيعاب نظرياتها وتطبيقاتها تبرع له أحد الأساتذة الأمريكيين البارزين بتسديد أقساط المصروفات الجامعية تقديراً منه لهذا التفوق حين عرف أن ظروف أسرة الصباح المادية لا تسمح له بمواصلة الدراسة الجامعية.

وعندما بلغ سن تأدية الخدمة العسكرية اضطر "حسن كامل الصباح" إلى التوقف عن الدراسة عام 1916 والتحق بسرية التلغراف اللاسلكي وفى عام 1918 توجه إلى العاصمة السورية دمشق؛ حيث عمل مدرساً للرياضيات بالإضافة إلى متابعته دراسة الهندسة الكهربائية والميكانيكا والرياضيات، كما وجه اهتمامًا للاطلاع على نظريات العلماء في مجال الذرة والنسبية، وكان من القلائل الذين استوعبوا هذه النظرية الشديدة التعقيد، وكتب حولها المقالات فشرح موضوع الزمان النسبي والمكان النسبي والأبعاد الزمانية والمكانية والكتلة والطاقة وقال عنه العالم إستون فيما بعد: كان الوحيد الذي تجرأ على مناقشة أراء أينشتاين الرياضية وانتقادها والتحدث عن النسبية كأينشتاين نفسه.

وفى 1921 غادر دمشق وعاد إلى الجامعة الأمريكية مرة أخرى؛ لتدريس الرياضيات، وكان حريصاً على شراء المؤلفات الألمانية الحديثة في هذا المجال، ولكن في  الوقت نفسه كان الصباح تواقاً إلى التخصص في مجال الهندسة الكهربائية.

إلى أمريكا

وفى عام 1927 توجه "حسن كامل الصباح" إلى أمريكا، والتحق بمدرسة الهندسة الكبرى المسماة مؤسسة ماسانشوستش الفنية، لكنه لم يتواءم مع التعليم الميكانيكي في هذه المؤسسة، كما عجز عن دفع رسومها فتركها بعد عام، وانتقل إلى جامعة إلينوي ولمع نبوغ الصباح قبل نهاية العام الدراسي الأول في هذه الجامعة، فقدم أستاذ الفلسفة الطبيعية بها اقتراحًا للعميد بمنح الصباح شهادة معلم علوم (M.A) إلا أن العميد لم يوافق على الاقتراح؛ حيث كان يجب على الطالب أن يقضي عامين على الأقل في الجامعة قبل منحه أي شهادة.

وفكر الصباح في بدء حياته العملية؛ فالتحق بشركة الكهرباء العامة في ولاية نيويورك، وكانت تعتبر أعظم شركات الكهرباء في العالم، وفيها ظهرت عبقريته وتفوقه على المئات من المهندسين العاملين بالشركة، ولم تمضِ سنة واحدة على عمله بها حتى بدأت سلسلة اختراعاته التي نالت إعجاب رؤسائه؛ فخصصوا له مختبراً ومكتبًا وعينوا عددًا من المهندسين الذين يعملون تحت إدارته.

ووضع الصباح نظريات وأصولا جديدة لهندسة الكهرباء؛ فشهد له العلماء بالعبقرية ومن بينهم العالم الفرنسي الشهير موريس لوبلان، وبعث إليه الرئيس الأمريكي آنذاك بخطاب يؤكد فيه إعجابه بنبوغه واختراعاته، وأرسلت إليه شركات الكهرباء الكبرى شهادات تعترف بصحة اختراعاته، ومنها شركة وستنجهاوس في شيكاغو وثلاث شركات ألمانية أخرى.

وفى عام 1932 منحه مجمع مؤسسة الكهرباء الأمريكي لقب "فتى مؤسسة مهندسي الكهرباء الأمريكية"، وهو لقب علمي لا يُعطى إلا إلى من اخترع وابتكر في الكهرباء، ولم ينل هذا اللقب إلا عشرة مهندسين في الشركة.

"فتى العلم الكهربائي"

وفي مطلع عام 1933 تمت ترقيته في الشركة، ومنح لقب "فتى العلم الكهربائي" وذلك بعد انتخابه من جمعية المهندسين الكهربائيين الأمريكيين في نيويورك. واستطاع الصباح اكتشاف طرائق الانشطار والدمج النووي المستخدمة في صنع القنابل الهيدروجينية والنووية والنيترونية.

وقد شملت علوم الصباح نواحي معرفية عديدة في مجالات الرياضيات البحتة والإحصائيات والمنطق والفيزياء وهندسة الطيران والكهرباء والإلكترونيات والتلفزة، وتحدث عن مادة "الهيدرولية" وما ينتج عنها من مصادر للطاقة، واستشهد بشلالات نبع الصفا في جنوب لبنان ونهر الليطاني، كما كانت له آراؤه في المجالات السياسة والاقتصادية والاجتماعية والحرية والاستعمار والمرأة والوطنية والقومية العربية، وكان ذواقًا للأدب ويجيد أربع لغات هي: التركية والفرنسية والإنجليزية والألمانية.

اختراعات الصباح

ويصل عدد ما اخترعه حسن كامل الصباح من أجهزة وآلات في مجالات الهندسة الكهربائية والتلفزة وهندسة الطيران والطاقة إلى أكثر من 76 اختراعًا سجلت في 13 دولة منها: الولايات المتحدة الأمريكية، وبلجيكا، وكندا، وبريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وأستراليا، والهند، واليابان، وأسبانيا، واتحاد دول أفريقيا الجنوبية. وبدأ اختراعاته عام 1927 بجهاز ضبط الضغط الذي يعين مقدار القوة الكهربائية اللازمة لتشغيل مختلف الآلات ومقدار الضغط الكهربائي الواقع عليها.

وفي عام 1928 اخترع جهازًا للتلفزة يستخدم تأثير انعكاس الإلكترونيات من فيلم مشع رقيق في أنبوب الأشعة المهبطية الكاثودية، وهو جهاز إلكتروني يمكن من سماع الصوت في الراديو والتليفزيون ورؤية صاحبه في آن واحد.

كما اخترع جهازًا لنقل الصورة عام 1930، ويستخدم اليوم في التصوير الكهروضوئي، وهو الأساس الذي ترتكز عليه السينما الحديثة، وخاصة السينما سكوب بالإضافة إلى التليفزيون.

وفي العام نفسه اخترع جهازًا لتحويل الطاقة الشمسية إلى طاقة كهربائية مستمرة، وهو عبارة عن بطارية ثانوية يتولد بها حمل كهربائي بمجرد تعرضها لأشعة الشمس، وإذا وُضع عدد منها يغطي مساحة ميل مربع في الصحراء؛ فإن القوة الكهربائية التي يمكن استصدارها من الشمس عندئذ تكون 200 مليون كيلو وات، وقد عرض الصباح اختراعه هذا على الملك فيصل الأول ملك العراق ليتبناه، ولكنه مات ثم عرضه على الملك عبد العزيز بن سعود لاستخدامه في صحراء الربع الخالي، ولكن الصباح مات بعد فترة وجيزة.

وكان قد شرع قبيل وفاته في تصميم محرك طائرة إضافي يسمح بالطيران في الطبقات العليا من الجو، وهو شبيه بتوربينات الطائرة النفاثة.

الموت المفاجئ

وقد حدثت الوفاة المفاجئة مساء يوم الأحد 31 مارس 1935 وكان حسن كامل الصباح عائدًا إلى منزله فسقطت سيارته في منخفض عميق ونقل إلى المستشفى، ولكنه فارق  الحياة وعجز الأطباء عن تحديد سبب الوفاة خاصة وأن الصباح وجد على مقعد السيارة دون أن يصاب بأية جروح مما يرجح وجود شبهة جنائية خاصة وأنه كان يعاني من حقد زملائه الأمريكيين في الشركة، وذكر ذلك في خطاباته لوالديه.

وحمل جثمان العالم اللبناني والمخترع البارع حسن كامل الصباح في باخرة من نيويورك إلى لبنان، وشيع في جنازة مهيبة إلى مثواه الأخير في مسقط رأسه ببلدة النبطية بجنوب لبنان، ورثاه رئيس شركة جنرال إلكتريك قائلا: إنه أعظم المفكرين الرياضيين في البلاد الأمريكية، وإن وفاته تعد خسارة لعالم الاختراع.  
( من موقع اسلام أون لاين )

10
منتدى علم الفيزياء العام / الموسوعة
« في: يوليو 15, 2003, 06:24:21 صباحاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
خطر ببالي أن نعمل موسوعة فيزيائية ولكن بعيدة كل البعد عن القوانين والنظريات والمسائل النظرية وإنما نجمع فيها قصص علماء الفيزياء وقصص الاختراعات والظواهر الفيزيائية في الحياة اليومية وإلى ما هنالك من معلومات وطرائف وألغاز فيزيائية .
فأرجو من جميع رواد المنتدى المساهمة سواء بمساهماتهم أو آراءهم واقتراحاتهم والكلمة الطيبة صدقة .

11
منتدى علم الفيزياء العام / وغربت الشمس
« في: يوليو 13, 2003, 05:54:18 صباحاً »
ومع صناع المجد نكمل مشوارنا وعن الشمس التي غربت قبل أوانها نقرأ معا ما سطرته يد التاريخ , عسى أن يكون دافعا لنا أن نكون من المحلقين في سماء المجد.
سميرة موسى .. غروب قبل الأوان

"قال المتحدث باسم السفارة المصرية في واشنطن اليوم: إن الآنسة سميرة موسى علي الطالبة المصرية التي تتلقى العلم في الولايات المتحدة قتلت في حادث سيارة بعد أن أتمت دراستها في جامعة "أوكردج" بولاية تنيسي الأمريكية" .

هكذا.. نشر الخبر في آخر صفحة من جريدة المصري في 19 أغسطس عام 1952.. أعلن هذا الخبر وفاة الدكتورة سميرة موسى .. عالمة الذرة من قرية سنبو الكبرى .. ميس كوري الشرق .. أول معيدة في كلية العلوم بجامعة فؤاد الأول (جامعة القاهرة حالياً) .

فمن هي هذه الفتاة ذات الملامح المصرية الأصيلة؟ .. ولماذا كان الخبر يحيط به هالة من الغموض والشكوك؟ وأين تكريمنا لهذه النماذج العلمية الفريدة؟ بل .. من يكمل ما بدأته سميرة موسى؟‍‍!

أسئلة عديدة لا أعد القارئ بأن أجيب عنها كلها في جولتنا مع هذه الشخصية.

الأب .. موسى علي

كان هذا الرجل هو"بطل البداية" .. الذي بشر بقدوم الابنة الرابعة "سميرة" فحمد الله - عز وجل- على هذه الدرة الغالية، وعزم على ألا يفرق في التعليم بين بناته السبع وأبنائه الذكور الذين رزق بهم بعد ذلك.

شهد هذا الشهر – شهر مارس – مولد الدكتورة سميرة في 3 مارس من عام 1917 .. وكان ذلك في قرية سنبو الكبرى – مركز زفتى بمحافظة الغربية.

في السنة الثانية من عمرها جاءت ثورة عام 1919 لتنادي بحرية الوطن .. وفتحت سميرة عينيها على أناس قريتها الذين يجتمعون باستمرار في دار الحاج موسى يناقشون الأمور السياسية المستجدة ويرددون شعارات الاستقلال الغالية، هيأ هذا المناخ لسميرة أن تصاغ امرأة وطنية تعتز بمصريتها وعروبتها دائماً .. وعندما شبت فتاة يافعة .. وجدت تياراً آخر ينادي بحرية تعليم المرأة .. في جميع مراحل التعليم .. كان من قياداته صفية زغلول، وهدى شعراوي، ونبوية موسى، وغيرهن ، إلا أن هذا التيار أثر تأثيراً غير مباشر على تقدم سميرة في علمها ... وضحى والدها الحاج موسى بكثير من التقاليد السائدة ليقف إلى جانب ابنته حتى تكمل مسيرتها ... وسط تشجيع من حوله بالاهتمام بهذه النابغة.

تعلمت سميرة منذ الصغر القراءة والكتابة، وحفظت أجزاء من القرآن الكريم .. وكانت مولعة بقراءة الصحف التي لم يخل بيت أبيها منها.. وأنعم الله عليها بذاكرة قوية تؤهلها لحفظ الشيء بمجرد قراءته.

في 23 نوفمبر من عام 1927، توفي سعد زغلول، وتولت الطفلة سميرة التي لم يتجاوز سنها عشر سنوات قراءة الخبر كاملاً لضيوف والدها قراءة عربية راقية .. وحينما توافد آخرون لسماع الخبر من جديد ألقته سميرة عليهم من الذاكرة دون الحاجة إلى الجريدة.

إلى القاهرة

انتقل الحاج موسى مع ابنته إلى القاهرة من أجل تعليمها .. واشترى ببعض أمواله فندقاً بالحسين حتى يستثمر أمواله في الحياة القاهرية . التحقت سميرة بمدرسة "قصر الشوق" الابتدائية ثم بمدرسة "بنات الأشراف" الثانوية الخاصة والتي قامت على تأسيسها وإدارتها "نبوية موسى"

حصدت الطالبة سميرة الجوائز الأولى في جميع مراحل تعليمها، فقد كانت الأولى على شهادة التوجيهية عام 1935، ولم يكن فوز الفتيات بهذا المركز مألوفا في ذلك الوقت حيث لم يكن يسمح لهن بدخول امتحانات التوجيهية إلا من المنازل حتى تغير هذا القرار عام 1925 بإنشاء مدرسة الأميرة فايزة، أول مدرسة ثانوية للبنات في مصر.

ولقد كان لتفوقها المستمر أثر كبير على مدرستها .. حيث كانت الحكومة تقدم معونة مالية للمدرسة التي يخرج منها الأول، دفع ذلك ناظرة المدرسة نبوية موسى إلى شراء معمل خاص حينما سمعت يومًا أن سميرة تنوي الانتقال إلى مدرسة حكومية يتوفر بها معمل.

ويذكر عن نبوغها أنها قامت بإعادة صياغة كتاب الجبر الحكومي في السنة الأولى الثانوية، وطبعته على نفقة أبيها الخاصة، ووزعته بالمجان على زميلاتها عام 1933.

الحلم الكبير .. يتحقق

اختارت سميرة موسى كلية العلوم .. حلمها الذي كانت تصبو إليه ، رغم أن مجموعها كان يؤهلها لدخول كلية الهندسة .. حينما كانت أغلى أمنية لأي فتاة هي الالتحاق بكلية الآداب.

لبست سميرة الرداء الأبيض ودخلت معامل الكلية شغوفة لتحصيل العلم . وهناك .. لفتت نظر أستاذها الدكتور علي مشرفة، أول مصري يتولى عمادة كلية العلوم .

كان د. علي مشرفة البطل الثاني في حياة سميرة موسى حيث تأثرت به تأثراً مباشرًا، ليس فقط من الناحية العلمية .. بل أيضاً بالجوانب الاجتماعية في شخصيته.

حصلت د.سميرة على بكالوريوس العلوم وكانت الأولى على دفعتها .. وعينت كأول معيدة بكلية العلوم وذلك بفضل جهود د.علي الذي دافع عن تعيينها بشدة وتجاهل احتجاجات الأساتذة الأجانب، وعلى رأسهم الإنجليزي "آيرز".

حصلت على شهادة الماجستير في موضوع التواصل الحراري للغازات ثم سافرت في بعثة إلى بريطانيا درست فيها الإشعاع النووي، وحصلت على الدكتوراة في الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة. أنجزت الرسالة في سنتين وقضت السنة الثالثة في أبحاث متصلة وصلت من خلالها إلى معادلة هامة تمكن من تفتيت المعادن الرخيصة مثل النحاس ومن ثم صناعة القنبلة الذرية من مواد قد تكون في متناول الجميع .. ومن ثم تخرج الدول الفقيرة من حكر الدول الغنية كأمريكا.

الذرة من أجل السلام

مع الأسف الشديد .. لم تدون الكتب العلمية العربية الأبحاث التي توصلت إليها د. سميرة موسى، ولا نملك إلا أن نتجول في فكرها الغامض في محاولة للاستفادة منه قدر المستطاع.

لقد كانت تأمل أن يكون لمصر والوطن العربي مكان وسط هذا التقدم العلمي الكبير، حيث كانت تؤمن بأن زيادة ملكية السلاح النووي يسهم في تحقيق السلام، فإن أي دولة تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة فقد عاصرت الدكتورة سميرة ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التي دكت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945 ولفت انتباهها الاهتمام المبكر من إسرائيل بامتلاك أسلحة الدمار الشامل .. وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة.

حيث قامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948 وحرصت على إيفاد البعثات للتخصص في علوم الذرة فكانت دعواتها المتكررة إلى أهمية التسلح النووي، ومجاراة هذا المد العلمي المتنامي.

وما المعادلة التي توصلت إليها إلا ثمرة هذا الفكر النابض عند د. سميرة .. تلك المعادلة التي لم تكن تلقى قبولاً عند العالم الغربي.

عملت د. سميرة على إنشاء هيئة الطاقة الذرية .. وتنظيم مؤتمر الذرة من أجل السلام الذي استضافته كلية العلوم وشارك فيه عدد كبير من علماء العالم.

لقد كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي حيث كانت تقول:

"أمنيتي أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين"، ونزلت متطوعة للخدمة في مستشفيات القصر العيني؛ للمساعدة في علاج المرض بالمجان.

د. سميرة موسى كانت عضوا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها "لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.

د. سميرة موسى .. والجانب الأخر

كانت د. سميرة مولعة بالقراءة . وحرصت على تكوين مكتبة كبيرة متنوعة تم التبرع بها إلى المركز القومي للبحوث .. حيث الأدب والتاريخ وخاصة كتب السير الذاتية للشخصيات القيادية المتميزة.

أجادت استخدام النوتة والموسيقى وفن العزف على العود، كما نمت موهبتها الأخرى في فن التصوير بتخصيص جزء من بيتها للتحميض والطبع .. وكانت تحب التريكو والحياكة وتقوم بتصميم وحياكة ملابسها بنفسها.

شاركت د. سميرة في جميع الأنشطة الحيوية حينما كانت طالبة بكلية العلوم .. انضمت إلى ثورة الطلاب في نوفمبر عام 1932 والتي قامت احتجاجا على تصريحات اللورد البريطاني "صمويل" وشاركت في مشروع القرش لإقامة مصنع محلي للطرابيش .. وكان د. علي مشرفة من المشرفين على هذا المشروع، وشاركت في جمعية الطلبة للثقافة العامة والتي هدفت إلى محو الأمية في الريف المصري، وجماعة النهضة الاجتماعية .. والتي هدفت إلى تجميع التبرعات؛ لمساعدة الأسر الفقيرة، كما انضمت أيضًا إلى جماعة إنقاذ الطفولة المشردة، وإنقاذ الأسر الفقيرة.

تأثرت د. سميرة بإسهامات المسلمين الأوائل .. متأثرة بأستاذها أيضا د.علي مشرفة ولها مقالة عن محمد الخوارزمي ودوره في إنشاء علوم الجبر.

ولها عدة مقالات أخرى من بينها مقالة مبسطة عن الطاقة الذرية أثرها وطرق الوقاية منها شرحت فيها ماهية الذرة من حيث تاريخها وبنائها، وتحدثت عن الانشطار النووي وآثاره المدمرة .. وخواص الأشعة وتأثيرها البيولوجي.

وقد أوضحت جانباً من فكرها العلمي في مقالة: "ما ينبغي علينا نحو العلم" حيث حثت الدكتورة سميرة الحكومات على أن تفرد للعلم المكان الأول في المجتمع، وأن تهتم بترقية الصناعات وزيادة الإنتاج والحرص على تيسير المواصلات .. كما كانت دعوتها إلى التعاون العلمي العالي على أوسع نطاق.

سافرت د.سميرة موسى إلى بريطانيا ثم إلى أمريكا .. ولم تنبهر ببريقها أو تنخدع بمغرياتها .. ففي خطاب إلى والدها قالت: "ليست هناك في أمريكا عادات وتقاليد كتلك التي نعرفها في مصر، يبدءون كل شيء ارتجاليا.. فالأمريكان خليط من مختلف الشعوب، كثيرون منهم جاءوا إلى هنا لا يحملون شيئاً على الإطلاق فكانت تصرفاتهم في الغالب كتصرف زائر غريب يسافر إلى بلد يعتقد أنه ليس هناك من سوف ينتقده؛ لأنه غريب.

حادث أم اغتيال؟!

مر أكثر من 48 عاماً على رحيل د.سميرة، وما زال حادث مقتلها في أمريكا محاطاً بالغموض.

استجابت الدكتورة إلى دعوة للسفر إلى أمريكا في عام 1951، أتيحت لها فرصة إجراء بحوث في معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية، تلقت عروضاً لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت بقولها: "ينتظرني وطن غالٍ يسمى مصر"، وقبل عودتها بأيام استجابت لدعوة لزيارة معامل نووية في ضواحي كاليفورنيا في 15 أغسطس، وفي طريق كاليفورنيا الوعر المرتفع ظهرت سيارة نقل فجأة؛ لتصطدم بسيارتها بقوة وتلقي بها في وادي عميق، قفز سائق السيارة واختفى إلى الأبد .. وأوضحت التحريات أنه كان يحمل اسمًا مستعاراً وأن إدارة المفاعل لم تبعث بأحد لاصطحابها.

كانت تقول لوالدها في رسائلها : لو كان في مصر معمل مثل المعامل الموجودة هنا كنت أستطيع أن أعمل حاجات كثيرة.. ولقد علق محمد الزيات مستشار مصر الثقافي في واشنطن وقتها أن كلمة (حاجات كثيرة) كانت تعني بها أن في قدرتها اختراع جهاز لتفتيت المعادن الرخيصة إلى ذرات عن طريق التوصيل الحراري للغازات ومن ثم تصنيع قنبلة ذرية رخيصة التكاليف.

وفي أخر رسالة لها كانت تقول: "لقد استطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان وسأستطيع أن أخدم قضية السلام حيث كانت تنوي إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم .

أين سيارة النقل التي ظهرت في طريقها؟ .. ومن كان فيها؟

أين ما توصلت إليه الشرطة الأمريكية؟ ولماذا قيدت القضية ضد مجهول؟ .. أين .. أين؟

هل ماتت د.سميرة ميتة عادية أم أنه حادث اغتيال؟

وهكذا غربت شمس هذه العالمة الجليلة في 15 أغسطس عام 1952 ....

سلمت إلى والدها نوتة سوداء صغيرة كانت تسجل فيها خواطرها وكانت آخر ما خطته فيها:

.. ثم غربت الشمس
(من موقع اسلام أون لاين )
 

 
.

12
منتدى علم الفيزياء العام / شادية رفاعي
« في: يوليو 09, 2003, 10:42:06 مساءاً »
البرفسورشادية رفاعي حبال
* أستاذة فيزياء الفضاء
* تشغل الدكتورة شادية رفاعي حبال منصب أستاذة كرسي فيزياء الفضاء في جامعة ويلز في بريطانيا وترأس تحرير المجلة الدولية الخاصة بفيزياء الفضاء. وتشير سيرة حياة شادية العلمية والعائلية إلى القدرة الاسثنائية التي تميز نساء العلم في العالم العربي، كما تبرهن على القدرات الكامنة في المجتمع العلمي داخل العالم العربي. فالمسيرة الطويلة للعالمة العربية انطلقت من جامعة دمشق، حيث نالت البكالوريوس في علوم الفيزياء والرياضيات، ثم الجامعة الأميركية في بيروت، حيث حصلت على الماجستير في الفيزياء، وبعدها الماجستير والدكتوراه في الفيزياء من جامعة سنسناتي في الولايات المتحدة الأميركية.
* واخترقت شادية رفاعي رابع المستحيلات كما يقال بالعربية. فقد جمعت بين انشغالات الأمومة والعائلة والتدريس والبحث العلمي والقيادة العلمية والنشاط الأكاديمي. فهي أم لطفلين، وتمتد نشاطاتها ما بين التدريس الجامعي، وقيادة الفرق العلمية لرصد كسوف الشمس حول العالم، والمساهمة في تطوير أول مركبة فضائية ترسل إلى أقرب نقطة من الشمس عام 2007 ، وتصميم كائنات آلية «روبوتات» للاستكشافات الفضائية، وقيادة حركة أكاديمية لنساء العلم عرفت باسم «النساء المغامرات».
وإذا كانت الفيزياء أم العلوم كما يقال، فإن فيزياء الشمس التي تخصصت بها شادية هي ملكتها المتوجة. الشمس نجم هائل تستغرق الحركة ما بين مركزه وسطحه نحو مليون سنة، والشمس مفاعل نووي جبار يستعر بنار تبلغ حرارتها ملايين الدرجات المئوية. وقد اعتبرت بحوث العالمة العربية وزملائها حول الرياح الشمسية بمثابة «تفجير قنابل». ذكرت ذلك المجلة الأميركية «ساينس» Science، التي تعتبر المجلة الأولى في العالم، وصورت كيف تباينت ردود الأفعال على اكتشافات شادية وزملائها ما بين اعتبارها «هرطقة» و«خطوة عملاقة إلى الأمام» و«مثيرة للجدل» و«ثورية».
* رياح الشمس
* والرياح الشمسية جسيمات ذرية مشحونة كهربائياً تنطلق عبر المنظومة الشمسية كلها وتخترق الطبقات الجوية العليا للأرض وتبث الاضطراب في جميع كواكب المنظومة الشمسية بما في ذلك كوكبنا الأرضي. وكانت النظرة السائدة تعتبر الرياح الشمسية نوعين: رياح سريعة تنطلق من القطب الشمسي بسرعة 800 كلم في الثانية ورياح بطيئة تبدو في مشيتها المتثاقلة كأنها قادمة من المنطقة الاستوائية للشمس. وقد عصفت أبحاث شادية وزملائها بهذه التصورات حين كشفت أن الرياح تأتي من كل مكان في الشمس وأن سرعتها تتوقف على الطبيعة المغناطيسية للمواقع المختلفة. دعمت هذه النتائج المعلومات التي جمعتها عن الشمس ثلاث مركبات فضائية هي: «راصد الشمس»، المعروف بالحروف الأولى SOHO من اسم المركبة التي رصدت الشمس من مدار أرضي، والمركبة الفضائية «غاليليو» التي دارت حول الشمس ومركبة «يوليسيس» التي أرسلتها وكالة الفضاء الأوروبية لرصد الشمس. واعتبر رئيس التحرير السابق للمجلة العلمية «نيوساينتست» نايجل كالدر مساهمة العالمة العربية «هائلة» في كشف بعض أسرار الرياح الشمسية «التي تشد الكرة الأرضية كأنشوطة جبارة وتغطي كالنسيج مليارات الكيلومترات من الفضاء الشمسي». ويعتقد أن الحياة على الأرض تدين إلى هذه الرياح التي تحتضن الكرة الأرضية كالملاءة وتحميها من الأشعة الكونية المهلكة.

 

نشرت الصفحة في الشرق الأوسط 24\مارس \2002

13
منتدى علم الفيزياء العام / علي مشرفة
« في: يوليو 09, 2003, 06:22:43 صباحاً »
ويتواصل المشوار مع باعثي حضارة أمة الإسلام ومع فارس من فرسانها المجهولين نمضي خطوة بخطوة لتحقيق الهدف .

علي مشرفة"
عميد العلوم.. الحافظ الفنان!
فتح "مشرفة" عينيه فوجد داره منزلاً كريمًا، يُعرف عنه العلم، يجتمع عنده الناس يسألون عن أمور دينهم، ويحتكمون إلى والده في قضاياهم اليومية..
ورغم مشاغل الوالد الكثيرة فإنه كان حريصًا على توفير جزء كبير من وقته في تعليم ابنه الأكبر"عليّ" العلوم المختلفة، فغرس فيه منذ الصغر الدين والخلق الكريم، وحبب إليه العلم والاطلاع في شتى المجالات المختلفة.

ولد الدكتور علي مشرفة في دمياط في 22 صفر 1316 الموافق 11 يوليه 1898، والده هو السيد "مصطفى عطية مشرفة" من مشايخ الدين ومن مدرسة الإمام جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده. كان لأبويه اليسر المادي والجاه الاجتماعي.. فنشأ "علي" على الشعور المرهف بالجمال الذي لم يفقده حبه للخير.. ومصادقة الضعفاء والمساكين.

في عام 1907 حصل "علي" على الشهادة الابتدائية، وكان ترتيبه الأول على القطر.. إلا أن والده توفي في نفس العام تاركًا عليًّا الذي لم يتجاوز الاثنى عشر ربيعًا ربًّا لأسرته المكونة من أمه وإخوته الأربعة..

ولعل هذا هو السر فيما يُعرف عن شخصية الدكتور "علي مشرفة" بالجلد والصبر.. وحب الكفاح. وارتفاع الحس التربوي في شخصيته.

حفظ عليٌّ القرآن الكريم منذ الصغر، كما كان يحفظ الصحيح من الأحاديث النبوية.. كان محافظًا على صلاته مقيمًا لشعائر دينه كما علمه والده، وقد ظلت هذه المرجعية الدينية ملازمة له طوال حياته.. يوصي إخوته وجميع من حوله بالمحافظة على الصلاة وشعائر الدين كلما سنحت له الفرصة.. وقد بدا ذلك جليًّا في خطاباته التي كان يبعثها إلى إخوته وأصدقائه أثناء سفره للخارج.. والتي طالما ختمها بمقولة:
(اعمل وإخوانك للإسلام.. لله). وقد عاش ملازمًا له في جيبه مصحف صغير رافقه في السفر والحضر..

مشواره إلى الأستاذية

في عام 1914 التحق الدكتور علي مشرفة بمدرسة المعلمين العليا، التي اختارها حسب رغبته رغم مجموعه العالي في البكالوريا. وفي عام 1917 اختير لبعثة علمية لأول مرة إلى إنجلترا بعد تخرجه.. فقرر "علي" السفر بعدما اطمأن على إخوته بزواج شقيقته وبالتحاق أشقائه بالمدارس الداخلية.. التحق "علي" بكلية نوتنجهام Nottingham ثم بكلية "الملك" بلندن؛ حيث حصل منها على بكالوريوس علوم مع مرتبة الشرف في عام 1923. ثم حصل على شهادة Ph.D (دكتوراة الفلسفة) من جامعة لندن في أقصر مدة تسمح بها قوانين الجامعة.

وقد رجع إلى مصر بأمر من الوزارة، وعين مدرسًا بمدرسة المعلمين العليا.. إلا أنه وفي أول فرصة سنحت له، سافر ثانية إلى إنجلترا، وحصل على درجة دكتوراة العلوم D.Sc فكان بذلك أول مصري يحصل عليها.

في عام 1925 رجع إلى مصر، وعين أستاذًا للرياضة التطبيقية بكلية العلوم بجامعة القاهرة، ثم مُنح درجة "أستاذ" في عام 1926 رغم اعتراض قانون الجامعة على منح اللقب لمن هو أدنى من الثلاثين.

اعتمد الدكتور "علي" عميدًا للكلية في عام 1936 وانتخب للعمادة أربع مرات متتاليات، كما انتخب في ديسمبر 1945 وكيلاً للجامعة حتى عام 1945.

نبذة عن حياته العلمية:  

بدأت أبحاث الدكتور "علي مشرفة" تأخذ مكانها في الدوريات العلمية وعمره لم يتجاوز خمسة عشر عامًا.

* في الجامعة الملكية بلندن King’s College، نشر له أول خمسة أبحاث حول النظرية الكمية التي نال من أجلها درجتي Ph.D ( دكتوراه الفلسفة) و Dsc.(دكتوراة العلوم).
دارت أبحاث الدكتور مشرفة حول تطبيقه الشروط الكمية بصورة م.عدلة تسمح بإيجاد تفسير لظاهرتي شتارك وزيمان.

* كذلك.. كان الدكتور مشرفة أول من قام ببحوث علمية حول إيجاد مقياس للفراغ؛ حيث كانت هندسة الفراغ المبنية على نظرية "أينشين" تتعرض فقط لحركة الجسيم المتحرك في مجال الجاذبية.

* ولقد أضاف نظريات جديدة في تفسير الإشعاع الصادر من الشمس؛ إلا أن نظرية الدكتور مشرفة في الإشعاع والسرعة عدت من أهم نظرياته وسببًا في شهرته وعالميته؛ حيث أثبت الدكتور مشرفة أن المادة إشعاع في أصلها، ويمكن اعتبارهما صورتين لشيء واحد يتحول إحداهما للآخر.. ولقد مهدت هذه النظرية العالم ليحول المواد الذرية إلى إشعاعات.

* كان الدكتور "علي" أحد القلائل الذين عرفوا سر تفتت الذرة وأحد العلماء الذين حاربوا استخدامها في الحرب..

* بل كان أول من أضاف فكرة جديدة وهي أن الأيدروجين يمكن أن تصنع منه مثل هذه القنبلة.. إلا أنه لم يكن يتمنى أن تصنع القنبلة الأيدروجينية ، وهو ما حدث بعد وفاته بسنوات في الولايات المتحدة وروسيا..

* تقدر أبحاث الدكتور "علي مشرفة" المتميزة في نظريات الكم، الذرة والإشعاع، الميكانيكا والديناميكا بنحو خمسة عشر بحثًا..

* وقد بلغت مسودات أبحاثه العلمية قبل وفاته إلى حوالي مائتين.. ولعل الدكتور كان ينوي جمعها ليحصل بها على جائزة نوبل في العلوم الرياضية.

"العلم والحياة" في رؤية الدكتور مصطفى

"خير للكلية أن تخرج عالمًا واحدًا كاملاً.. من أن تخرج كثيرين أنصاف علماء" هكذا كان يؤمن الدكتور مشرفة، وكان كفاحه المتواصل من أجل خلق روح علمية خيرة..

يقول في سلسلة محاضراته الإذاعية: أحاديث العلماء:

"هذه العقلية العلمية تعوزنا اليوم في معالجة كثير من أمورنا، وإنما تكمن الصعوبة في اكتسابها والدرج عليها.. فالعقلية العلمية تتميز بشيئين أساسيين: الخبرة المباشرة، والتفكير المنطقي الصحيح" ولقد نادى بأفكاره هذه في كثير من مقالاته ومحاضراته في الإذاعة: مثل: كيف يحل العالم مشكلة الفقر؟ – العلم والأخلاق – العلم والمال – العلم والاقتصاد - العلم والاجتماع.. وغيرها.

كان ينادي دائمًا أن على العلماء تبسيط كل جديد للمواطن العادي حتى يكون على إحاطة كاملة بما يحدث من تطور علمي.. يوجه كلامه إلى العلماء قائلاً:
"ومن الأمور التي تؤخذ على العلماء أنهم لا يحسنون صناعة الكلام؛ ذلك أنهم يتوخون عادة الدقة في التعبير ويفضلون أن يبتعدوا عن طرائق البديع والبيان، إلا أن العلوم إذا فهمت على حقيقتها ليست في حاجة إلى ثوب من زخرف القول ليكسبها رونقًا؛ فالعلوم لها سحرها، وقصة العلم قصة رائعة تأخذ بمجامع القلوب؛ لأنها قصة واقعية حوادثها ليست من نسج الخيال".

فبسط الدكتور مشرفة كتبًا عديدة منها: النظرية النسبية - الذرة والقنابل - نحن والعلم - العلم والحياة.

واهتم خاصة بمجال الذرة والإشعاع وكان يقول: "إن الحكومة التي تهمل دراسة الذرة إنما تهمل الدفاع عن وطنها".

ثقافتنا في نظر الدكتور مشرفة هي الثقافة الأصلية التي لا بد أن نقف عندها طويلاً.

ويرى أنه لا يزدهر حاضر أمة تهمل دراسة ماضيها، وأنه لا بد من الوقوف عند نوابغ الإسلام والعرب، ونكون أدرى الناس بها.. فساهم بذلك في إحياء الكتب القديمة وإظهارها للقارئ العربي مثل: كتاب الخوارزمي في الجبر والفارابي في الطب والحسن ابن الهيثم في الرياضة.. وغيرها.

وكان الدكتور مشرفة ينظر إلى الأستاذية على أنها لا تقتصر على العلم فقط، وإنما توجب الاتصال بالحياة.. وأن الأستاذ يجب أن يكون ذا أثر فعال في توجيه الرأي العام في الأحداث الكبرى التي تمر بالبلاد، وأن يحافظ على حرية الرأي عند المواطنين، وآمن الدكتور مشرفة بأن "العلم في خدمة الإنسان دائمًا وأن خير وسيلة لاتقاء العدو أن تكون قادرًا على رده بمثله.. فالمقدرة العلمية والفنية قد صارتا كل شيء.. ولو أن الألمان توصلوا إلى صنع القنبلة الذرية قبل الحلفاء لتغيرت نتيجة الحرب.. وهو تنوير علمي للأمة يعتمد عليه المواطن المدني والحربي معًا".

"إسهاماته"

مشرفة جامعيًّا:  

تمتعت كلية العلوم في عصره بشهرة عالمية واسعة؛ حيث عني عناية تامة بالبحث العلمي وإمكاناته، فوفر كل الفرص المتاحة للباحثين الشباب لإتمام بحوثهم.. ووصل به الاهتمام إلى مراسلة أعضاء البعثات الخارجية..

سمح لأول مرة بدخول الطلبة العرب الكلية؛ حيث كان يرى أن:

"القيود القومية والفواصل الجنسية ما هي إلا حبال الشيطان يبث بها العداوة والبغضاء بين القلوب المتآلفة".

أنشأ قسمًا للغة الإنجليزية والترجمة بالكلية.. كما حول الدراسة في الرياضة البحتية باللغة العربية.. صنف قاموسًا لمفردات الكلمات العلمية من الإنجليزية إلى العربية.

يقول المؤرخون: إن الدكتور مشرفة أرسى قواعد جامعية راقية.. حافظ فيها على استقلالها وأعطى للدرس حصانته وألغى الاستثناءات بكل صورها، وكان يقول: "إن مبدأ تكافؤ الفرص هو المقياس الدقيق الذي يرتضيه ضميري".

مشرفة أدبيًا:  

كان مشرفة حافظًا للشعر.. ملمًّا بقواعد اللغة العربية.. عضوًا بالمجمع المصري للثقافة العلمية باللغة العربية؛ حيث ترجم مباحث كثيرة إلى اللغة العربية.

كان يحرص على حضور المناقشات والمؤتمرات والمناظرات، وله مناظرة شهيرة مع د/ طه حسين حول: أيهما أنفع للمجتمع الآداب أم العلوم".
نشر للدكتور مشرفة ما يقرب من ثلاثين مقالاً منها: سياحة في فضاء العالمين - العلم والصوفية - اللغة العربية كأداة علمية - اصطدام حضارتين- مقام الإنسان في الكون..

مشرفة اجتماعيًّا:  

شارك الدكتور علي في مشاريع مصرية عديدة تشجيعًا للصناعات الوطنية.. كما شارك في إنشاء جماعة الطفولة المشردة.. كان أول من لقن من حوله دروسًا في آداب الحديث وإدارة الجلسات.

مشرفة موسيقيًّا:  

كان الدكتور مشرفة عازفًا بارعًا على الكمان والبيانو مغرمًا بموسيقى جلبرت وسلفن، ألف الجمعية المصرية لهواة الموسيقى في سنة 1945؛ وكان من أغراضها العمل على تذليل الصعوبات التي تحول دون استخدام النغمات العربية في التأليف الحديث.

كوّن لجنة لترجمة "الأوبرتات الأجنبية" إلى اللغة العربية.. وكتب كتابًا في الموسيقى المصرية توصل فيه إلى أن جميع النغمات الأخرى في السلم الموسيقي غير السيكا والعراق يمكن إلغاؤها أو الاستغناء عنها.

"في بلدي جيل يحتاج إلي"

دُعيَ من قبل العالم الألماني الأصل ألبرت أينشتين للاشتراك في إلقاء أبحاث تتعلق بالذرة عام 1945 كأستاذ زائر لمدة عام، ولكنه اعتذر بقوله:
"في بلدي جيل يحتاج إلي"

وفاته:  

توفى الدكتور "علي مصطفى مشرفة" عن عمر يناهز 52 عامًا.. يوم الإثنين الموافق 15 يناير 1950.
( من موقع اسلام أون لاين )

وهكذا هو شأن العلماء ، فلنكن مثلهم ولنعلي شعارنا :
إن هممت فبادر .. وإن عزمت فثابر .. واعلم أنه لايدرك المفاخر من رضي بالصف الآخر .
متفئل واليأس بالمرصاد          متفائل بالسبق دون جياد
متفائل رغم القنوط يذيقنا          جمر السياط وزجرة الجلاد

14
منتدى علم الفيزياء العام / محمد عبد السلام
« في: يوليو 07, 2003, 08:54:14 مساءاً »
كان المسلمون - ولازال بعضهم - العماد الرئيسي لفروع العلم المختلفة ومع العالم المسلم ممد عبدالسلام - رحمه الله - يتجدد الأمل بأن تعود لنا عزتنا وحضارتنا .

د/ محمد عبد السلام " العالم والإنسان "
" د / محمد عبد السلام " اسم تردد بين جنبات الأبنية الفخمة الشاهقة لمؤسسة نوبل، حينما أذيع أسماء العلماء الفائزين بجائزة "نوبل" للفيزياء عام 1979.

فمن هو محمد عبد السلام؟ وكيف استطاع بلد فقير كباكستان أن يخرج مثل هذا العالم الفيزيائي الكبير؟.

النشأة المتواضعة

ولد عبد السلام في قرية "جهانج" بمقاطعة "لاهور" بالبنجاب عام 1956 والتي كانت في ذلك الوقت جزءاً من الهند، والده كان رجلاً بسيطاً يعمل كاتباً في مكتب مفتش المدارس إلا أنه كان حريصا كل الحرص على تعليم أبنائه منذ الصغر، فتنقل "محمد " في مراحل التعليم حتى وصل إلى سن الرابعة عشرة حيث التحق بالجامعة الحكومية في "لاهور"، وظهر نبوغه المبكر في الرياضيات محطماً كل الأرقام القياسية في امتحانات القبول، وحاصدا لجوائز التفوق في جميع مراحل التعليم، تخرج في الجامعة عام 1944، وحصل على درجة الماجستير في الرياضيات من جامعة "لاهور" بالبنجاب بعد سنتين في عام 1946

وفي صيف هذا العام بالتحديد، تدخل القدر لمنح عبد السلام منحة إلى جامعة "كامبريدج " بإنجلترا، فلقد اختير قبله طالب هندي آخر يدرس مادة الأدب الإنجليزي، ولكنه اعتذر قبل سفره بفترة قليلة؛ فرشحت" الهيئة الهندية العليا " الطالب/ عبد السلام؛ ليسافر بدلا منه.

في الطريق إلى نوبل

في "كامبريدج" وبالتحديد في كلية "سانت جون" لفت عبد السلام الأنظار إليه حينما حصل في سنتين على دبلومتين في الرياضة المتقدمة والفيزياء، وكان في مركزه الأول المعهود.

ثم بدأ أبحاثه في عام 1946 في معامل كافيندش Cavendish وتعلم على يد واحد من الأوائل في مجال الفيزياء النظرية وخاصة في الجسيمات الأولية ألا وهو د/ كيمر Dr. Nicholas Kemmer أستاذ الفيزياء الرياضية بجامعة كامبريدج، كان كيمر أول مشرف رسمي على عبد السلام وهو الذي عرفه على العالم الكبير د/ ماثويث Paul Matthews الذي قدمه إلى النظرية الكميةQuantum theory وأدخله في محاولات لإيجاد الإجابات المفقودة في هذه النظرية.

سافر عبد السلام إلى معهد الدراسات المتقدمة في برنسيتون Princeton في نيو جيرسي بالولايات المتحدة في صحبه ماثويث، وهناك في 2 مايو 1951م عمل على انتخابه زميلاً للأبحاث العلمية في كلية سانت جون. ومن هنا بدأ يلمع نجمه دولياً، وأخذت أبحاثه تحتل مكاناً بين أبحاث العلماء المتميزين.

التأثير الأكبر على عبد السلام في بداية حياته كان من المعلم المخلص د / بول ديراك Paul Diarc والذي عاش البطل الأكبر في حياة عبد السلام الذي رآه أعظم علماء القرن في الفيزياء، وأن أبحاثه هي التي أعطت الشهرة الكبيرة لأبحاث النشانين في الرياضيات.

كان عبد السلام يخطط دائماً للعودة إلى وطنه "باكستان" والتي استقلت عن الهند في عام 1948 لينقل ما حمل من علم ويضعه في خدمة شعبه وحكومته. فقرر عام 1952 العودة بعد حصوله على درجة الدكتوراه، وعين هناك رئيساً لقسم الرياضيات بجامعة البنجاب بلاهور.

مرت السنوات عصيبة على عكس ما كان يتوقع، واكتشف صعوبة الاستمرار في أبحاثه لقلة الإمكانات الموجودة، فسرعان ما قبل دعوة أخرى من جامعة كامبريدج عام 1954 وعاد كأستاذ جامعي في الرياضيات وزميلا لكلية سانت جون.

سنوات العمر في المراكز والميداليات

بقى د / عبد السلام في جامعة كامبردج حتى عام 1957، ثم انتقل إلى الكلية الملكية بلندن كأستاذ في الفيزياء.. وقد حصل في العام نفسه على الدكتوراه الفخرية من جامعة البنجاب، ثم انتخب مبعوثاً للكلية الملكية عندما بلغ من العمر 33 سنة عام 1959.

تنقل د. عبد السلام بين مراكز عديدة، ومنح أوسمة عالية... نذكر منها:

- أرفع وسام لدولة باكستان من رئيس الجمهورية وعين مستشاراً علمياً للرئيس.. كما منح وسام الجمعية الفيزيائية البريطانية عام 1960 وعين عضواً في لجنة العلوم والتكنولوجيا.

- وتقديراً لجهوده كرئيس للجنة الفرعية التي أنشأتها الأمم المتحدة لدراسة إمكانية تقديم العون من الدول الصناعية للبلدان النامية .. حصل د / عبد السلام على جائزة "هيوج" من الجمعية الملكية للعلوم عام 1964.

- هذا فضلاً عن جائزة وميدالية بنهايمر (1971) ، وميدالية أيشتين من اليونسكو (1979) وميدالية السلام (1981) وجائزة الفروسية تقديراً لجهوده في العلوم البريطانية (1989) ونيشان الامتياز الباكستاني (1979).

- كما يحمل د / عبد السلام المراكز الفخرية في أكثر من أربعين جامعة على مستوى العالم، وتم اختياره عضواً في معهد الدراسات العليا في "برنستيو"ن، والذي لا يحظى بعضويته إلا كبار العلماء.

جائزة نوبل لأبحاث "عبد السلام"

في عام 1979، حصل د / عبد السلام على جائزة نوبل في الفيزياء مشاركة مع العالمين ستيف واينبرج Weinberg وجلاشو Glashow حينما قام بتقديم نظريته التي تقضي بتوحد قوتين من القوى الرئيسية في الكون إلى قوة واحدة.

فمن المعروف فيزيائيا أن القوى الأساسية في الكون أربعة: ألا وهي: قوى الجاذبية المادية التي تتسبب في سقوط الأجسام نحو سطح الأرض أو في استقرار حركة الكواكب.. ثم القوى الكهرومغناطيسية، التي ينتج عنها تجاذب أو تنافر الشحنات الكهربائية، فالقوى النووية الضعيفة التي تظهر في انحلال الأنوية عن طريق إشعاع جسيمات مثل الإلكترونات وغيرها وأخيراً القوى النووية القوية وهي المسئولة عن تماسك النواة، وفي حالة انشطارها تتولد طاقة كبيرة يمكن استغلالها سلمياً أو تدميرياً. وقام عبد السلام بتطوير نظرية لتوحيد القوى النووية الضعيفة والكهرومغناطيسية، بل وجزم بإمكانية توحيد القوى النووية القوية مع القوى الثلاث الأخرى.

واهتم أيضا بالنظرية الكمية، التي تصف سلوك المادة بجسيماتها الأولية والطاقة في الكون. وقام بدراسات عديدة على الجسيمات الأولية مثل الإلكترون (ذو الشحنة السالبة) والبروتون (ذو الشحنة الموجبة) والنيوترون (المتعادل) والتي تتواجد في الذرة. واهتم بجزيء "نيوترنيو" الذي لم يسجل له العلماء شحنه أو كتله (أو ربما تكون ضعيفة جداً) وثبت تأثره بالقوى النووية الضعيفة التى تستطيع التغيير من شكله.. فكان عبد السلام أول من وصل الى أن هذا الجزيء يدور في اتجاه عكس عقارب الساعة، مما أوضح نقاطاً كانت غائبة في فهم نظرية القوى النووية الضعيفة وتأثيراتها.

وكان يرى أن ديراك كما ذكرنا من قبل أعظم علماء القرن؛ حيث قام بتطوير علم ميكانيكا الكم النسبية ليصف به حركة الجسيمات الدقيقة ذات السرعات العالية.. وتوصل إلى معادلة سميت باسمه، وعند تطبيقها على جسيم الإلكترون تنبأ بوجود جسيم آخر له نفس كتلة الإلكترون، ولكن ذو شحنة موجبة وهو البوزتيرون الذي اكتشفه كارل أندرسون بعد ذلك في عام 1932.

عبد السلام.. الفكر والإنسان

عاش عبد السلام حياته مشغولاً بالعوائق التى تقف أمام تقدم العالم الثالث في العلم والتعليم .. وكان يرى أن الفجوة الكبيرة بين الدول الصناعية الكبرى والنامية لن تضيق إلا إذا استطاعت الدول النامية أن تحكم نفسها في مستقبلها العلمي والتكنولوجي، وأن ذلك لن يتحقق من خلال استيراد التكنولوجيا من الخارج، بل من خلال تدريب نخبة من العلماء المتميزين والزج بهم في مجالات العلم المختلفة، وقد سجل رؤيته عن الحاجة الملحة للعلوم والتكنولوجيا في العالم الثالث في كتابة "المثاليات والحقائق ". ولم يتأخر في مد يد العون لشباب العلماء من العالم الثالث، وصرف جزءا من أمواله لمساعدتهم.

وقد كان إنشاؤه للمركز الدولي للفيزياء النظرية في تريستا Trieste بإيطاليا في عام 1964 انعاكساً لفكره ومبدئه؛ حيث كان هدف المركز الأول هو إيجاد مكان للفيزيائيين الشبان من العالم الثالث؛ لاستكمال أبحاثهم، وقد استمر مديره حتى عام 1994 حيث كان منارة للعمل الدءوب والطموح العالي.

وقد دعا د.عبد السلام إلى توظيف علوم الفيزياء لخدمة السلام والتعاون الدولي، ووضعه هدفًا من أهدافه، حتى إن البعض كان يعتقد باستحقاقه لجائزة نوبل للسلام فضلا عن جائز نوبل للفيزياء.

كان عبد السلام رجلاً متواضعاً، مرحاً يحب الاستمتاع بالحياة كما يراه تلامذته، ولا يأنف أن يستمع إلى كل الأفكار الجديدة حتى ولو لم تكن جديرة بالثقة، ورغم خوضه الشديد في مجال الفيزياء فإنه كان يرفض تعقيد المادة، ويرد على من يحاول ذلك بقوله: "أنا إنسان متواضع".

وقد صنف شباب العلماء هؤلاء العلماء الكبار الى صنفين: صنف واضح تستطيع أن تفهمه، يفتح لك مجال الاختيار، وصنف ثانٍ وهم "الساحرون" المبهمون ذوو الشخصية المحيرة، وكان " محمد عبد السلام " واحدا من هؤلاء، تردد عن عبد السلام اعتناقه للمذهب القادياني وكان يحتفظ دائما بالنزعة الشرقية فى شخصيته، وقد ظهر هذا جلياً حينما حرص على حضور حفل توزيع جوائز نوبل بالزي الرسمي الباكستاني، بل كان متزوجا باثنتين، وحرص على حضورهما معا فى الحفل، حتى كاد الأمر يتحول إلى كارثة دبلوماسية.

ويسدل الستار على هذه الشخصية في 21 نوفمبر 1996 حينما توفي عبد السلام بعد صراع طويل مع المرض.. ودفن في قريته التى ولد فيها وهي قرية "جهانج" مسقط رأسه بمقاطعة لاهور.
من موقع اسلام أون لاين .

15
منتدى علم الفيزياء العام / أخبرني لماذا ؟
« في: يوليو 01, 2003, 06:17:40 صباحاً »
أسلاك توصيل الكهرباء أحيانا توجد فيها كرات . ما وظيفة هذه الكرات ؟

صفحات: [1] 2