Advanced Search

عرض المشاركات

هنا يمكنك مشاهدة جميع المشاركات التى كتبها هذا العضو . لاحظ انه يمكنك فقط مشاهدة المشاركات التى كتبها فى الاقسام التى يسمح لك بدخولها فقط .


الرسائل - أبو عبدالرحمن

صفحات: [1] 2 3 4 ... 37
1
منتدى علوم الحاسب / مشكلة البحث ( الذكاء الاصطناعى )
« في: أبريل 13, 2005, 03:33:39 مساءاً »
( كفيت ووفيت ) هذه بعض من صفاتك أخي الحبيب السفير .. وما زلنا نتعلم منك

2
منتدى علوم الحاسب / طلب كراك
« في: أبريل 12, 2005, 11:30:22 مساءاً »
البرنامج المذكور له إصدارات مختلفة ..
لو وضعت رقم الإصدار لكان أفضل للحصول على الكراك المناسب ..

عموماً البرنامج والكراك في هذا الرابط .. منتدى الصايرة .. يحتاج إلى تسجيل في المنتدى للحصول على البرنامج ..
إضغط هنا

3
منتدى علوم الحاسب / الى من عنده بلوتوث
« في: أبريل 12, 2005, 11:17:01 مساءاً »
أنا ما عندي بلوتووووث .. بس دخلت لقافة ..  '<img'>  '<img'>
شكراً على المعلومات

4
منتدى علوم الحاسب / مشكلة البحث ( الذكاء الاصطناعى )
« في: أبريل 12, 2005, 11:12:28 مساءاً »
------------------------------------
وهذه المادة أيضاً

الذكاء الاصطناعي .. واقعه ومستقبله
محمود سلامة محمود الهايشة
mahmoud_elhaisha@yahoo.com
الحوار المتمدن - العدد: 1129 - 2005 / 3 / 6
--------------------------------------


نقدم فى هذا المقال نبذة عن علم الذكاء الاصطناعى، وهو علم حديث اكتسب أهمية بالغة فى السنوات الأخيرة لتطبيقاته العديدة فى مجالات حيوية كالدفاع والاستخبارات والحاسوب والترجمة الآلية وغيرها. وهو أحد العلوم التى نتجت عن الثورة التكنولوجية المعاصرة. ويتميز علم الذكاء الاصطناعى بأنه علم تعددى (عمل جماعى بالدرجة الأولى)، يشارك فيه علماء الحاسب الآلى والرياضيات وعلم النفس وعلم اللغة والفلسفة، والمنطق.
يهدف علم الذكاء الاصطناعى إلى فهم طبيعة الذكاء الإنسانى عن طريق عمل برامج للحاسب الآلى قادرة على محاكاة السلوك الإنسانى المتسم بالذكاء. وتعنى قدرة برنامج الحاسب على حل مسألة ما، أو اتخاذ قرار فى موقف ما – بناء على وصف لهذا الموقف – أن البرنامج نفسه يجد الطريقة التى يجب أن تتبع لحل المسألة، أو للتوصل إلى القرار بالرجوع إلى العديد من العمليات الاستدلالية المتنوعة التى غذى بها البرنامج. ويعتبر هذا نقطة تحول هامة تتعدى ما هو معروف باسم "تقنية المعلومات" التى تتم فيها العملية الاستدلالية عن طريق الإنسان، وتنحصر أهم أسباب استخدام الحاسب فى سرعته الفائقة.
ورغم أننا لا نستطيع أن نعرف الذكاء الإنسانى بشكل عام فإنه يمكن أن نلقى الضوء على عدد من المعايير التى يمكن الحكم عليه من خلالها. ومن تلك المعايير القدرة على التعميم والتجريد، التعرف على أوجه الشبه بين المواقف المختلفة، والتكيف مع المواقف المستجدة، واكتشاف الأخطاء وتصحيحها لتحسين الأداء فى المستقبل. وكثيراً ما قرن الذكاء الاصطناعى خطأ بالسبرانية Cybernetics التى تختص بالخصائص الرياضية لأنظمة التغذية الراجعة، وتنظر إلى الإنسان كأنه جهاز آلى، بينما يهتم علم الذكاء الاصطناعى بالعمليات المعرفية التى يستخدمها الإنسان فى تأدية الأعمال التى نعدها ذكية. وتختلف هذه الأعمال اختلافاً بيناً فى طبيعتها، فقد تكون فهم نص لغوى منطوق أو مكتوب، أو لعب الشطرنج أو "البريدج"، أو حل لغز، أو مسألة رياضة، أو كتابة قصيدة شعرية، أو القيام بتشخيص طبى (كما يحدث فى مجال طب وجراحة العيون)، أو الاستدلال على طريق للانتقال من مكان إلى آخر. ويبدأ الباحث فى علم الذكاء الاصطناعى عمله أولاً باختبار أحد الأنشطة المتفق على أنها "ذكية"، ثم يضع بعض الفروض عما يستخدمه الإنسان لدى قيامه بهذا النشاط من معلومات واستدلالات، ثم يدخل هذه فى برنامج للحاسب الآلى، ثم يقوم بملاحظة سلوك هذا البرنامج. وقد تؤدى ملاحظة البرنامج إلى اكتشاف أوجه القصور فيه مما يفضى إلى إدخال تعديلات وتطوير فى أسسه النظرية، وبالتالى فى البرنامج نفسه، ويؤدى هذا بدوره إلى سلوك مختلف للبرنامج، وما يستتبعه من ملاحظة وتطوير.. وهكذا.
ويمكن تعريف الذكاء الاصطناعى على أنه ذلك الفرع من علم الكمبيوتر الذى يتعلق بميكنة تصرف ذكى. ومن هذا المنطلق فهو يجب أن يقوم على مبادئ نظرية وتطبيقيه فى هذا المجال. وتتضمن هذه المبادئ هياكل البيانات المستخدمة فى تمثيل المعرفة والخوارزميات المطلوبة لتطبيق تلك المعرفة واللغات وتقنيات البرمجة المستخدمة فى معالجتها.
وبالرغم من ذلك فإن هذا التعريف به قصور من ناحية أن الذكاء نفسه غير معرف أو مفهوم جيداً. ومع ذلك فإننا نعرف التصرف الذكى بمجرد مشاهدته. إن مشكلة تعريف الذكاء الاصطناعى تكمن فى تعريف الذكاء نفسه هل الذكاء عبارة عن مقدرة شخصية منفردة ؟أم أنه مجرد اسم لتجميع إمكانيات محددة وغير مرتبطة ؟.
هل يمكن تعلم الذكاء فى مقابل أنه يمكن الحصول على تواجد مسبق له ؟ ماذا يحدث بالضبط عندما يحدث التعلم ؟ ما هى الإبداعية Creativity ؟ وما هو الحدس Intuition ؟ هل يمكن استشعار الذكاء من تصرف ملاحظ أم هل يتطلب أمارة أو علامة من آلية داخلية خاصة ؟
كيف يمكن تمثيل المعرفة فى النسيج العصبى للإنسان ؟ وما هى الدروس التى يمكن استنباطها لتصميم آلات ذكيه ؟ ما هو الوعى الذاتى ؟ وما هو الدور الذى يلعبه فى الذكاء ؟.
هل من الضرورى نمذجة برنامج كمبيوتر ذكى بعد ما يعرف عن الذكاء البشرى أم هل يلزم مدخل هندسى صارم وبحت لحل المسألة ؟ هل يمكن تحقيق الذكاء على الكمبيوتر أم هل تحتاج الكينونة الذكية إلى الإحساس المفرط والخبرة التى قد توجد فقط فى الوجود الحيوى ؟ .
مازالت كل هذه الأسئلة غير مجابة وكلها تساعد على بلورة كل من منهجيات المشاكل والحلول التى تمثل قلب الذكاء الاصطناعى الحديث. نجد فى الواقع أن جزءً كبيراً من الإعجاب الشديد بالذكاء الاصطناعى ما هو إلا نتيجة أنه يقدم وسيلة قاطعة قوية لاستكشاف تلك الأسئلة بالتحديد.
يقدم الذكاء الاصطناعى وسطا ومختبراً النظريات الذكاء التى يمكن صياغتها بلغة برمجيات الكمبيوتر وبالتالى يتم تحقيقها خلال تنفيذها على كمبيوتر فعلى.
لهذه الأسباب فإن التعريف الأولى للذكاء الاصطناعى يبدو أنه يسقط جزءا قصيراً من الغموض الذى يحيط بالمجال. من الصعب الوصول إلى تعريف محدد ملائم للذكاء الاصطناعى أنه نظام حديث وبناؤه واهتماماته وطرقه مازالت غير معرفة جيداً.
الجديد في تكنولوجيات التعليم‏..‏ نظرة مستقبلية
الذكاء الاصطناعى والتعليم
تعرف البرامج التى تستخدم تقنيات الذكاء الاصطناعى لتساعد الأشخاص فى التعليم ببرامج "التعليم الذكى بمساعدة الكمبيوتر" Intelligent Computer Assisted-Instruction (ICAI) .
تعتمد تكنولوجيات التعليم الذكية علي الانتشار الواسع لاستخدام وتطبيق مفاهيم ونظريات كل من علم الذكاء الاصطناعي‏ وعلوم الإدراك المعرفية‏ فالتقدم في علم الذكاء الاصطناعي يؤدي إلي تحسين وتطوير النظم التعليمية من خلال الفهم العميق لكل من كيفية تمثيل المعرفة وأساليب الاستنتاج والاستدلال بالإضافة إلي الوصف الدقيق للطرق المعرفية‏.‏ أما التقدم في علوم الادارك المعرفية يؤدي إلى الفهم العميق للقضايا العلمية الآتية‏:‏ كيف يفكر البشر ـ كيف يقوم البشر بحل المسائل ـ كيف يتعلم البشر‏.‏
التزاوج بين علوم الذكاء الاصطناعي (علوم الكمبيوتر Computer Science) وعلوم الإدراك المعرفية (علم النفس الإدراكى Cognitive Psychology ، علم الإدراك Cognitive Science) يؤدي بالتبعية إلى تصميم وخلق برمجيات تعليمية من نوع جديد تتميز بالذكاء‏ لها صفات وقدرات تقترب من سلوك الإنسان البشري حيث أنها تساعد الطلاب في التعليم بطريقة أفضل وأحسن وأسرع من الأجيال السابقة للبرمجيات التعليمية التقليدية نظرا لما يتميز به من الإدراك والقدرة علي التفكير والاستنتاج والاستدلال في حل أي مشكلة في أي مجال ما‏.‏
ومن أحدث تكنولوجيات التعليم الذكية ‏(‏ أو الماكينات الذكية‏)‏ ما يلي‏:‏
ـ تكنولوجيا الطلاب الافتراضيين.
ـ تكنولوجيا نظم التعليم الذكية.
ـ تكنولوجيا التعرف علي الكلام والتي تساعد الطلاب علي تعلم القراءة‏.‏
التكنولوجيا تهدد بانقراض البشر
بسبب التطور التكنولوجي السريع الذي يشهده العالم حاليا خاصة في مجال تكنولوجيا المعلومات‏، تتصاعد تحذيرات خبراء ومنظرين من احتمالات فناء الجنس البشري‏، في حين يتوقع آخرون انتهاء عصر العمل خاصة الشاق منه‏.
ويري بعض الخبراء أن تطوير ما يعرف بالذكاء الاصطناعي سوف ينتج عنه وجود أعداد هائلة من الإنسان الآلي‏ (‏روبوت‏)‏ في كل مجال وتخصص‏، بدءا من المنزل حتى أماكن العمل‏، لينتهي الاحتياج إلي الأيدي العاملة التي سيكون عليها البحث عن فرص عمل بديلة في مجال وحيد متاح هو تكنولوجيا المعلومات‏!‏
ويحذر المتشائمون من أن العصر الآلي الجديد سوف يفرز آلات قادرة علي برمجة نفسها بفضل هذا الذكاء الاصطناعي‏، وقد تقرر في مرحلة ما إبادة البشر ذاتهم‏!!
إنه لا توجد لغة تجمع ما بين التكنولوجيا والايكولوجيا‏ (علم البيئة)..‏ بل إن التنافر بين الظاهرتين سوف يزداد عمقا مع زيادة إتقان صنع الأجهزة الآلية المسيرة ذاتيا‏(‏ الروبوت‏)، ومع كل تقدم ينجز في مجال تطوير الذكاء الاصطناعي‏..‏ أن كائنات آلية مزودة بذكاء اصطناعي سوف تولد لغات خاصة بها‏، وأصبحت بصدد غزو مجال انفرد به الإنسان من قبل‏، هو مجال الذكاء‏!.‏ إذا أضفنا إلي ذلك زيادة هذه الكائنات الآلية‏/‏ الذكية استقلالية إزاء الإنسان‏، مع ما بات العلماء يجرونه من تجارب في مجال الاستنساخ مثلا‏، وذلك ليس فقط للثدييات‏، وإنما حتى ربما‏، وفي مستقبل قريب‏، للبشر‏..‏ فإن هذه أمور لابد أن تنتهي إلي مواجهة الذكاء الإنساني بتحد خطير‏، متمثل في صور أخري من الذكاء‏، قد تكون من صنع الإنسان ابتداء‏، ولكن هل تظل تحت هيمنته ؟‏..‏
الذكاء الاصطناعى .. والأدب
فقد بدا واضحا الآن ان تكنولوجيا المعلومات راحت تنمي إعادة الاستخدام‏، وإعادة الإنتاج بشكل من الأشكال، أي أن الأدب كما لاحظ خبير المعلومات سوف يحول إلى (‏كولاج‏)‏ والي نصوص يمكن إعادة استخدامها من جديد‏.‏ ولكن أية أهمية لهذا؟ الأهمية تنبع من إعادة استخدام النصوص القديمة سيصبح مهما جدا‏، وهو يؤكد في هذا السياق أهمية النصوص التراثية ان هذا في حد ذاته يمثل نقطة أخري يمكن أن نطلق عليها‏(‏ الهجين التكنولوجي‏)‏ وذلك بالمزج بين أشياء وأشياء وهو ما مكنتنا منه هذه الخاصية‏، أن التغير التكنولوجي الجديد يسمح بشيء يسمي ‏Hypertification أو ما يطلق عليه عندنا بالتناص‏، أن يتناص نص مع نص آخر أو‏-‏ حتي‏-‏ مع نفسه‏، وهذا سيؤدي الآن الي كسر خطية السرد وخطية الرواية‏، ونحن اليوم أصبحنا نبحث عن النص غير الخطي خروجا من النص التقليدي‏، وهو ما يصل بنا الي محاولة كتابة أو بروز كتابة أسلوب جديد للرواية‏.‏ بل أن هناك بالفعل محاولات في هذا عبر الانترنت‏، يقوم بها مجموعة من الهاوين أو‏-‏ حتي المحترفين‏-‏ غير أن رصد بعض هذه المحاولات سيتأكد لنا أنها مازالت في طور جنيني‏، وان ما يحدث من محاولة كتابة رواية‏، رغم الطموح‏، لا يزيد‏-‏ كما يري خبير المعلومات‏-‏ ان يكون‏(‏ لعبة‏)‏ أكثر من كونها أمر جاد‏.‏ تبرز في الطريق الي هذا قضية اللغة‏، أو قضية استخدام اللغة في الكتابة الروائية‏، وهنا نكتشف ان علاقة علم اللغة بالأدب أصبحت قضية حاسمة جدا من منظور الذكاء الاصطناعي‏.‏ لقد أصبحنا بين ثالوث‏(‏الذكاء الاصطناعي والنقد الأدبي ونظرية المعني‏)‏ أمام لوحة في غاية الأهمية في مناخ أصبحت فيه قضية المعني لها دلالة كبيرة‏.‏
بيد أن النقطة التي يصل بنا إليها خبير المعلومات تعكس لنا واقعا عربيا بشعا‏، وهو ما عبر عنه بالعلاقة بين الأدب والتكنولوجيا في وجه سلبي غريب‏.‏ هذه العلاقة التي سيبدو أنها ستقلل من تأثير الأدب واستمرار تأثيره فمع تدفق المعلومات ومع حمل المعولمات الزائد ستصبح النصوص قصيرة العمر إلا لو كانت ممتعة للغاية‏، فان أكثر النصوص‏-‏ بهذا الشكل سيكون مآلها‏-‏ هكذا‏-‏ صناديق القمامة‏.‏ استمع الي صوت عالم التقنية وأنا أحدث نفسي‏:‏ وكأن عشرات النصوص الآن‏، بعيدا عن التأثير المعلوماتي‏، ليس مآلها‏(‏ صناديق القمامة‏)‏ وهو ما أثار لدينا مشاعر متضاربة من الخزن واليقين والخوف والترقب والتأرجح‏..‏ ان كاتب هذه السطور يتلقي يوميا عددا لا بأس به من النصوص الأدبية‏، وهي نصوص يغلب عليها التهافت وضعف الوعي القيمي‏..‏ وما الي ذلك من خصائص الأدب‏، ومن ثم‏، فانه لا يفعل أكثر من أنه‏، بعد أن يتأمل النص جيدا‏، ويطالع فيه أحيانا‏، حتي يجد نفسه‏، دون أن يدري‏، وقد دفع به الي‏(‏ صناديق القمامة‏).‏ صحيح ان هناك بعض النصوص الجيدة‏، لكنها الاستثناء التي لا يمكن أن نؤرخ به لحركة أدبية أو لتيار مذهبي أو لوعي معاصر ونحن علي منعطف أخطر قرن نواجهه علي الإطلاق.‏
إنسان العصر القادم .. والعولمة
إن إنسان العصر القادم هو الإنسان الذي لن يجد أمامه بعد أن يستغل ما لم يستغله بعد من الطبيعة المطروحة دونه الا ما وراءها‏، وهو الإنسان الذي سوف يتجاوز واقعه الفسيولوجي الي ما يمكن تسميته بالسوبر فسيولوجي‏.‏ إن ألبرت اينشتاين يفترض ان الإنسان لا يستخدم اكثر من عشرة بالمئة (10%) من قدراته العقلية مركزا أقصي ما يمكن علي الجانب المنطقي والرقمي من المخ علي حساب إهمالنا لمناطق أخرى مازالت بمثابة صحراء المجهول داخلنا‏.‏ إن قلبنا الذي يدق بواقع سبعين مرة في الدقيقة في المتوسط ويدفع في كل دقة حوالي سبعين سنتيمترا مكعبا من الدم ونحن جالسون في أماكننا نشاهد التليفزيون في حالة من الاسترخاء البدني والذهني‏، يستطيع هذا القلب وبدون مقدمات في حالة حدوث طارئ مثل زلزال مفاجئ ان يزيد دقاته الي مائتين دافعا في كل مرة نفس ذلك الرقم من السنتيمترات المكعبة من الدم‏.‏ نفهم من هذا أن هامش الاحتياطي الحيوي الذي يدخره القلب يجعله يدفع أربعين لترا من الدم في الدقيقة بدلا من خمسة لترات فقط‏. وأيضا نحن نستطيع ان نعيش بخمس كبد وبأقل من كلية واحدة‏، والموسيقار الكبير محمد عبد الوهاب كان يغني برئة واحدة أوصلته الي ما يقرب من التسعين عاما‏.‏ ما نخلص إليه من هذا كله أن الإنسان ـ حتي علي المستوي المادي ـ لم ينظم استخدامه لأعضائه الاستخدام الأقصي‏، وتفسير ذلك يقع علي عاتق كمية الطاقة المحدودة الممنوحة له‏، فلو تصورنا إمكانية مده وبانتظام بكمية أوفر من الطاقة‏، فلابد وأن يفضي ذلك إلى أداء عضوي ارقي واسخي مما هو عليه الآن‏، فضلا عن عمر أطول يستطيع ان يسأل الله منحه له علي ظهر هذه الأرض‏، لأن الأنسجة المتهرئة من الاستعمال وسوئه سوف تنتج الطاقة الوفيرة المتاحة لها عناصر تعويضية مستمرة‏، وسوف تقل معاناة إنسان العصر القادم من الشيخوخة‏.‏ لأن الشيخوخة باختصار تعني بطء عمليات الإحلال والتجديد للخلايا البالية وهي تعني أيضا التقاعس عن استعاضة هذه الخلايا خاصة خلايا المخ التي تتحدد عدديا وبشكل نهائي عند ميلاد الكائن البشري‏.‏ إن إنسان العصر القادم هو إنسان السوبر فسيولوجي والباراسيكولوجي معا‏.‏ إنه حلم الأجمل والأقوي تحت تأثير سحر الهندسة الوراثية العلمي وهو ليس فقط ناتج زواج الجميلات من الأذكياء كما كان يتصور برنارد بأن شو ولكنه ناتج زواج البيولوجيا الجزيئية من التكنولوجيا ذات الذكاء الاصطناعي‏، وهو أيضا ناتج الاعتراف المؤجل بالشق الروحي في الإنسان والعناية بتصويب كل أضواء الليزر الممكنة إلى ما بين الخلايا وما وراءها‏.‏
فلقد قفزت الإلكترونيات إلي المقدمة‏، خاصة فيما يتعلق بكشف أسرار الكمبيوتر‏، وخوض حروب الإعلام والمعلوماتية‏، والقدرة علي جني المعلومات وتلوينها وفق مخططات مقررة سلفا‏..‏ هذه كلها جوانب من تكنولوجيا العصر بسبيلها إلي احتلال المواقع الأمامية..‏ ان محاربة الإرهاب معركة تدار في ساحات سرية‏، بمقتضي نوعيات مبتكرة من الجاسوسية الإلكترونية‏..‏ إنها تعتمد علي أنظمة تقوم علي الذكاء الاصطناعي‏، وغير ذلك من أكثر إنجازات العصر رقيا‏، وهي عمليات تخدم في نهاية الأمر مصالح المجتمعات الأكثر تقدما‏، علي رأسها المجتمع الأمريكي بإنجازاته المتلاحقة في تكنولوجيا الإعلام‏.‏ غير أن إعفاء المواجهة الدولية من صفة المواجهة ذات طابع جغرافي كي تكتسب طابعا مختلفا‏، إنما يقتضي تغييرات كبيرة فيما يتعلق ببنية الدول الحديثة‏..‏
وتذكر الدراسات أيضا ان عدد مشاهدي التليفزيون عبر الأقمار الصناعية سيفوق في بعض البلدان مشاهدي التليفزيون المحلي‏، كما بدأت تندثر أشكال الأجهزة القديمة أمام تحدي التطور المتسارع للأجهزة المرتحلة‏، كالمحمول والفاكس والكمبيوتر والمسجلات وشبكات الفيديو‏، وغيرها من الأجهزة ذات الذكاء الاصطناعي‏، وطاقة الذاكرة التي تتطور تطورا سريعا في حجمها وقدرتها‏، حتي باتت في حكم المتاع الشخصي الذي يحمله الإنسان في تجواله وفي اسفاره‏، وأمام تحدي التجارة الإليكترونية سقطت كل الحواجز‏، وانهارت كيانات مالية في مواجهة كيانات مالية كبيرة متعددة الجنسيات‏، تجدول الأداء وتفرض توقيت الانهيار‏، وتوجه مسيرة السياسات الاقتصادية‏.
آلان ترنج
وهو عالم رياضيات وأول من فكر في إنتاج آلة تستطيع ترجمة أوامر الإنسان‏، وهو الأساس لإختراع الكمبيوتر بشكله الحديث الحالي‏.‏ وقد ولد عام‏1912‏ في لندن وبدأ في دراسة الرياضيات المنطقية بجامعة كمبريدج عام‏1931، وبدأ يفكر في اختراع الآلة التي تفكر مثل الإنسان عام‏ 1937‏ واستطاع بالعمل مع فريق سري وبمساعدة الآلة التي أطلق عليها آلة ترنج أن يفك الشفرة السرية التي كان يتعامل بها القادة الألمان مع جنودهم خلال الحرب العالمية الثانية‏.‏ وتتلخص فكرة ترنج في اختراع آلة بسيطة تشبه الآلة الكاتبة يوضع عليها شريط يترجم أوامر الإنسان سواء لحل المعضلات الرياضية أو للعب الشطرنج‏، أو حسب الأوامر التي تتلقاها الآلة عن طريق الشريط‏.‏ وبحلول عام‏1950‏ وانتهاء الحرب كان ترنج يعتبر أحد رواد الذكاء الاصطناعي‏.‏ وقد انتحر عام‏1954‏ بعد اكتشاف تورطه في علاقة جنسية شاذة‏.‏ ولكنه بلا شك يعتبر أول من وضع أسس إنتاج أجهزة الكمبيوتر بالشكل الحالي‏.‏
مميزات برامج الذكاء الاصطناعى
1- التمثيل الرمزى Symbolic Representation
أنها تستخدم أساساً رموزاً غير رقمية وهى فى هذا تشكل نقضاً صارخاً للفكرة السائدة أن الحاسب لا يستطيع أن يتناول سوى الأرقام، فعلى المستوى القاعدى يتكون الحاسب من نبائط ثنائية binary devices ولا يمكن لهذه النبائط أن تتخذ إلا أحد وضعين اتفق على أن يرمز لهما ب "1 أو صفر". وقد أدى اختيار هذين الرمزين الرقميين إلى انتشار الفكرة القائلة إن الحاسب لا يستطيع أن يتفهم سوى "نعم أو لا"، وأنة لا يستطيع تمييز ظلال المعنى بينهما. ولكن إذا نظرناً على نفس المستوى للإنسان، مستوى الخلايا العصبية neurons ، لوجدنا أن الفهم الإنسانى يعتمد أيضاً على الوضع الثنائى مما يشير إلى إمكانية التعبير عن الأفكار والتصورات والمفاهيم البالغة التعقيد واتخاذ القرارات بتشكيلات متطورة من هذه الأوضاع أو الحالات الثنائية. ولا شك أن إمكانية التعبير عن التصورات العليا والمعقدة بواسطة الرموز الثنائية التى يفهمها الحاسب تجعل محاكاة عملية اتخاذ القرارات ممكنة.
2- الاجتهاد Heuristics
تتحدد السمة الثنائية لبرامج الذكاء الاصطناعي بنوعية المسائل التى تتناولها. فهى فى العادة ليس لها حل خوارزمي معروف، ونعنى بذلك عدم وجود سلسلة من الخطوات المحددة التي يؤدى اتباعها إلى ضمان الوصول إلى حل للمسألة. وطالما لا يوجد حل خوارزمي للمسائل التى يعالجها الذكاء الاصطناعي فلابد إذن من الالتجاء إلى الاجتهاد، أى إلى الطرق غير المنهجية و التى لا ضمان لنجاحها. ويتمثل "الاجتهاد" فى اختيار إحدى طرق الحل التى تبدو ملائمة مع إبقاء الفرصة فى نفس الوقت للتغيير إلى طريقة أخرى فى حالة عدم توصل الطريقة الأولى إلى الحل المنشود فى وقت مناسب.
3- تمثيل المعرفة Knowledge Representation
تختلف برامج الذكاء الاصطناعى عن برامج الإحصاء فى أن بها "تمثيل للمعرفة". فهى تعبر عن تطابق بين العالم الخارجى والعمليات الاستدلالية الرمزية بالحاسب. ويمكن فهم تمثيل المعرفة هذا بيسر لأنه عادة لا يستخدم رموزاً رقمية. فقد يستخدم أحد برامج التشخيص العلاجى القاعدة التالية فى تشخيص حالة المريض بالأنفلونزا:
"إذا كانت درجة حرارة المريض عالية، ويشعر بآلام عضلية وصداع، فإن هناك احتمالاً قوياً بأنه يعانى من الأنفلونزا".
ويكون التعبير عن مثل هذه القاعدة فى برامج الذكاء الاصطناعي بوضوح وإيجاز وبلغة أقرب ما تكون إلى لغتنا الطبيعية (اللغات الطبيعية هى اللغات الإنسانية التى لم يخترعها إنسان معين ولم تنشأ بقرار، وترتبط بحضارات وتراث الشعوب كاللغات العربية والألمانية والإنجليزية وغيرها تختلف عن لغات البرمجة والاسبرانتو التى صممت لأغراض معينة)، وليس بلغة الحاسب الدنيا (لغات الحاسب الدنيا هى لغات البرمجة التى تستخدم الرمزين صفر وواحد وهى لغات البرمجة الأولى قبل تصميم لغات برمجة "عليا" مثل باسكال وبيسك وفورتران وتستخدم هذه اللغات كلمات مألوفة من اللغة الإنجليزية مثل directory, print, type, save, then ). والتعبير عن هذه القاعدة فى البرامج التقليدية يتطلب إضافة جداول كثيرة ومتعددة للتعبير عن هذه العلاقة بين الأعراض المرضية وتلك الأمراض التى يحتمل أن تسببها. وحتى فى هذه الحالة سيكون من الصعب جداً على البرنامج أن يفسر طريقة توصله إلى الحل كما تفعل برامج الذكاء الاصطناعى.
4- البيانات غير الكاملة
تتمثل السمة الرابعة لبرامج الذكاء الاصطناعي فى قدرتها على التوصيل لحل المسائل حتى في حالة عدم توفر جميع البيانات اللازمة وقت الحاجة لاتخاذ القرار. ويحدث ذلك كثيراً فى الطب حين لا يكون نتائج جاهزة وحالة المريض لا تسمح بالانتظار ولا يستطيع الطبيب فى هذه الحالة انتظار نتائج التحاليل التى سيستفيد منها بالتأكيد ويضطر إلى اتخاذ قرار سريع.
ويترتب على نقص البينات اللازمة كون النتيجة التى تم التوصيل إليها غير مؤكدة، أو كونها أقل صواباً مع احتمال خطئها فى بعض الأحيان. وكثيراً ما نتخذ قرارات فى حياتنا العملية مع غياب جميع البيانات أحياناً نتيجة لطبيعة المسألة نفسها. ومثال ذلك لاعب البريدج الذى لا يعرف سوى الأوراق التى فى يديه وعلية أن يتوصل إلى تقديرات قد تخطئ وقد تصيب عن توزيع الأوراق الأخرى ولا بديل له عن التخمين.
5- البيانات المضاربة Conflicting Data
أما السمة الخامسة لبرامج الذكاء الاصطناعي فهى قدرتها على التعامل مع بيانات قد يناقض بعضها بعضاً، وهذا ما نسميه البيانات المتناقضة ونعنى بها ببساطة تلك البيانات المتناقضة ونعنى بها ببساطة تلك البيانات التى يشوبها بعض الأخطاء. ويوضح ذلك المثال التالى حيث يرمز كل من أ،ب،ج إلى حدثيمكن ملاحظته، بينها يدل الرقم أمام كل قانون على مدى صحته. وتتراوح الأرقام من + 10(وتعنى أن القانون صحيح تماماً)، إلى-10(وتعنى أن القانون غير صحيح بالمرة). ويفترض فى كلتا الحالتين أن أ و ب قد لوحظا بالفعل.
مجالات وتطبيقات الذكاء الاصطناعى Artificial Intelligence (AI)
هناك اهتمامان للباحثين فى مجال AI هما:
1- تمثل المعرفة Knowledge representation .
2- البحث Search .
يتعلق الاهتمام الأول بالتجميع الكامل للمعرفة للمطلوبة للتصرف الذكى فى لغة منهجية بعمى أنها تكون مناسبة للمعالجة الكمبيوترية وفى هذا المجال يقوم الحساب الاسنادى predicate calculus كلغة بتوصيف الخواص والعلاقات بين الكائنات فى مجال المسألة التى استنتاج عالى أكثر منه حسابات رياضية ل لحلها.
أما الاهتمام الثانى وهو البحث فعبارة عن تكنيك حل مسائل من شأنه الاستكشاف المنظم لفراغ حاله المسألة ويعنى أيضا تواجد مراحل متابعة للبدائل فى عملية حل المسألة.
يمكن سرد المجلات الرئيسية لتطبيقات الذكاء الاصطناعى فيها يلى:
1- لعب المباريات Game playing
لقد كانت المباريات من المجالات المبكرة فى حيز البحث مثل الشطرنج والفوازير والمربعات السحرية.
تقوم معظم المباريات بناء على مجموعة معرفة جيدا من القواعد مما يجعل من السهولة توليد حيز بحث يحرر الباحثين من الغموض والتعقيدات التى قد توجد فى هيكل المسألة.
تستطيع المباراة توليد حيز واسع للبحث الأمر الذى يتطلب تقنيات قويه لتحديد أى البدائل يتم استكشافها فى حيز فضاء المسألة. وتسمى هذه التقنيات الموجهات Heuristics وهى تشكل الجانب العظم فى بحوث AI .
تعتبر الموجهات مفيدة ولكنها محدودة فى لإستراتيجية حل المسألة وتشكل المباريات مجالا خصبا لدراسة البحث الموجة. بالرغم من سهولة برامج لعب المباريات إلا أنها تعطى تحديا كبيرا لحركة الخصم الغير متوقعة.
2- الاستدلال الذاتى واثبات النظريات Automated Reasoning and Theorem Proving
يمكن البرهنة على أن الإثبات الآلى للنظريات كان من أقدم فروع AI ولقد كان بالتأكيد واحدا من الفروع المثمرة فى هذا المجال.
لقد كان البحث فى برهنة النظريات المسئول عن الكثير من العمل المثمر لتشكيل خوارزميات وتطوير تمثيل منهجى للغات مثل الحساب الاسنادى والبرمجة المنطقية logic programming أو Prolog .
إن الإعجاب الشديد بإثبات النظريات يرجع إلى صرامة وعمومية المنطلق ويمكن معالجة مدى واسع من المسائل بتمثيل مواصفات المسألة والخلفية المتعلقة بها كبديهيات منطقية ومعالجة حالات المسألة كنظريات مطلوب إثباتها وهذا هو الضوء الملقى على عاتق الإثبات الآلى للنظرية ونظم الاستدلال الرياضى.
تعمل البرامج العديدة التى تثبت النظريات الحديثة كمساعد ذكى يعلم الإنسان تنفيذ معظم الأعمال المطلوبة لتحليل مشكلة كبيرة إلى مسائل صغيرة وتقسم الموجهات للبحث فى الحيز الممكن للإثبات المطلوب.
3- النظم الخبيرة Expert Systems
لقد برزت أهمية المعرفة فى مجال محدد كناتج من أهم النواتج الأولية فى مجال حل المسائل Problem solving . سوف نستعرض بعض التعريفات التى تنفع فى هذه النقطة.
معرفة الخبير Expert Knowledge
هى عبارة عن تركيبة من فهم نظرى للمسألة ثم تجميع لقواعد موجهه لحل المسألة التى أظهرت الخبرة كفاءتها فى المجال. وتشيد النظم الخبيرة بالحصول على المعرفة من العنصر البشرى الخبير ثم تكوين هذه المعرفة بشكل يمكن أن يطبق على الكمبيوتر فى مسائل شبيهه.
يعد الاعتماد على معرفة الخبير البشرى لإستراتيجية حل المسألة هو السمة الأساسية للنظام الخبير. يقدم الإنسان الخبير المعرفة الأساسية لمسألة فى مجاله من خلال مناقشة عامه لطرق حله وبشرح مهاراته فى عينه مختارة بعناية من المسائل.
مهندس المعرفة Knowledge Eng.
هو متخصص الذكاء الاصطناعى المسئول عن تنفيذ تلك المعرفة فى برنامج يبدو فى النهاية ذكى التصرف. وعند كتابة هذا البرنامج من الضرورى تدقيق الخبرة فيه من خلال عملية إعطائه أمثلة للمسألة لكى يحلها ثم نترك الخبير البشرى ينتقدها ويضع أى تغييرات أو تعديلات لبرنامج المعرفة وتكرر هذه العملية مرات عديدة حتى يحقق البرنامج الهدف المنشود ومستوى الأداء المطلوب.
4- فهم اللغات الطبيعية ونمذجة علم المعانى
Natural Language Understanding and Semantic Modeling
لقد كان من الأهداف بعيدة المدى للذكاء الاصطناعى إنشاء برامج تكون قادرة على فهم لغة الإنسان فليست فقط إمكانية فهم اللغة الطبيعية من أهم أساسيات واعتبارات الذكاء البشرى ولكن أيضا الميكنة الناجحة للغة ذات تأثير عالى على استخدام وكفاءة أجهزة الكمبيوتر نفسها. لقد بذلت مجهودات مضيئة فى كتابة البرامج التى تفهم اللغة الطبيعية للإنسان.
يتضمن فهم اللغة الطبيعية الكثير فهو لا يقتصر فقط على تقطيع الجملة إلى أجزائها المستخدمة فى الحديث ثم البحث عن تلك الأجزاء فى قاموس. يعتمد الفهم الحقيقى على الخلفية المتاحة فى مجال المقالة واللهجة المستخدمة فى المجال وإمكانية تطبيق المعرفة الواسعة حسب السياق لتغطية السهو والغموض الذين هما جزء من الحديث البشرى.
يشكل تجميع وتنظيم تلك الخلفية وبطريقة يمكن تطبيقها إلى لغة مفهومة الجانب الأعظم فى ميكنة فهم اللغة. واستجابة لتلك المتطلبات طور الباحثون العديد من التقنيات لبناء علم المعانى ودراسة الرموز التى تستخدم على الدوام فى الذكاء الاصطناعى.
5- نمذجة الأداء البشرى Modeling Human Performance
بالرغم من أن المناقشات السابقة استخدمت الذكاء الإنسانى كنقطة مرجعية فى اعتبار الذكاء الاصطناعى إلا أن تلك البرامج يجب أن تحاكى تنظيم العقل البشرى.
لقد هندست برامج الذكاء الاصطناعى فى الواقع لحل بعض المسائل المفيدة دون النظر إلى اعتبار تشابهها لبناء الفكر البشرى. وحتى النظم الخبيرة وأثناء تشغيلها فإن معظم المعرفة المستنبطة من الخبراء البشريين لم تحاول فى الواقع محاكاة عملية الفكر البشرى. وإذا كان الأداء هو المعيار الذى يحكم به على النظام فسنجد أن من الأسباب القليلة التى منعت محاولة محاكاة الإنسان فى طرق حل المسائل أن البرامج التى تأخذ مداخل غير بشرية لحل المسائل تكون غالبا أكثر نجاحا عن نظيرها الإنسانى.
مازال تصميم نظم تنمذج بصراحة بعض هيئة حل الإنسان للمسألة مرتعاً خصباً فى كل من الذكاء الاصطناعى وعلم النفس. إن نمذجة الأداء البشرى علاوة على ما تقدمه للذكاء الاصطناعى من طرق مفيدة أثبتت أنها وسيلة قوية لتشكيل واختبار نظريات الإدراك البشرى.
لقد أعطت طرق حل المسائل المطورة بواسطة علماء الكمبيوتر مجالا جديداً لاستكشاف العقل البشرى.
لقد واءم العديد من علماء النفس لغة ونظرية الكمبيوتر لتشكيل نماذج للذكاء البشرى خلاف إلقاء نظريات الإدراك بلغة غامضة فى البحوث الأولية أو التخلى عن مشكلة توصيف الأعمال الداخلية للعقل البشرى.
لم تكتف تلك التقنيات فقط بتقديم مصطلحات جديدة لتوصيف الذكاء الإنسانى ولكن أيضاً قدمت إنجازات الكمبيوتر لعلماء النفس فرصة لاختبار تجريبى ونقد وتعديل أفكارهم.
6- التخطيط والربوت Planning and Robotics
يعد التخطيط مظهراً هاماً للمجهود الخاص بتصميم الربوتات التى تنفذ أعمالها بدرجة معينه من المرونة والحساسية للعالم الخارجى. يفرض التخطيط باختصار أن الربوت قادر على تنفيذ أفعال شديدة الصغر ويحاول أن يجد تتابع لتلك الأفعال التى تنفذ عمل ذو مستوى عال كالتحرك وسط عوائق فى حجرة ممتلئة. يعتبر التخطيط عملية صعبة لعدة أسباب منها أن حجم الحيز المفروض للبحث عن تتابع الحركات الممكنة فى ابسط ربوت يكون قادراً على توليد عدد هائل من تتابع الحركات.
تخيل على سبيل المثال ربوت يستطيع الحركة للأمام – الخلف – اليمين – اليسار وافترض عدة طرق مختلفة للحركة حول الغرفة افترض أيضا أنه يوجد عدة عوائق بالحجرة وعليه أن يختار مسار ليتحرك حولها بطريقة فعالة.
يتطلب كتابة برنامج – من شأنه أن يكشف بذكاء المسار الأمثل تحت هذه الظروف دون أن يرتبك بالعدد الضخم من الإمكانيات – تقنيات متطورة لتمثيل المعرفة المكانية والتحكم فى البحث.
هناك طريقة يستخدمها الإنسان فى التخطيط هى:-
تحليل المسألة هرمياً Hierarchical problem decomposition على سبيل المثال إذا أردت أن تسافر من بلدك إلى لندن يجب أن تعالج هذه المسألة كالتالى:-
إعداد الجواز – التأشيرة – حجز الرحلة – الذهاب إلى المطار و …… الخ ، وكل خطوه منها يمكن تحليلها إلى خطوات أقل Subproblems .
لا يقوم هذا المدخل بتقيد حجم الفضاء الذى يتم البحث فيه فقط ولكنه أيضا يوفر خططا فرعية للاستخدام المستقبلى. عندما يقوم الإنسان بالتخطيط الكفء يكون إنشاء برنامج كمبيوتر ينفذ نفس التخطيط تحديا صعباً.
إن عملا بسيطا كتفييت المسألة إلى مسائل مستقلة يتطلب فى الواقع توجيها متطوراً ومعرفة واسعة عن مجال التخطيط. ويعد تحديد أى الخطط الفرعية سوف تحفظ وكيف نعمم الاستخدام فى المستقبل عملية صعبة الأمر الذى يكتشف تكراراً فى المواقف البحثية.
إن الربوت الذى ينفذ الأفعال المتتابعة بطريقة عمياء دون أن يستجيب للتغيرات المحيطة أو ذلك الذى يكون غير قادر على تصحيح الأخطاء فى خطته لا يمكن اعتباره ذكياً بسهولة.
يقوم الربوت غالبا ببناء خطة على معلومات غير كاملة ويصحح مساره عند تنفيذ تلك الخطة. قد لا يتوفر لدى الربوت أجهزة احساس لتحديد كل العوائق الموجودة فى المسار ومثل هذا الربوت يجب أن يتحرك فى الحجرة اعتماداً على ما يدركه أو يلاحظه ويصحح مساره بمجرد إحساسه بالعوائق الأخرى. ويعتبر تنظيم حفظ بهذا الشكل الذى يسمح بالاستجابة للشروط المحيطة مشكلة كبيرة فى التخطيط.
7-لغات وبيئات الذكاء الاصطناعى Languages and Environments for AI
بعض أهم توابع بحوث الذكاء الاصطناعى هو التقدم فى لغات البرمجة وبيئة تطوير البرمجيات. لقد اضطر مبرمجى الذكاء الاصطناعى إلى تطوير مجموعة منهجيات قوية للبرمجة لعدة أسباب تتضمن الحجم الانحرافى لمعظم برامج وتطبيقات الذكاء الاصطناعى والميل نحو خوارزميات بحث تولد حيزا هائلا لتوقع صعوبة تصرف البرامج الموجهة المساعدة.
تضمنت بيئات البرمجة تقنيات هيكله المعرفة مثل اللغات موجهة الأهداف Object Oriented Languages وأطر عمل النظم الخبيرة Expert system frameworks . ومن اللغات عالية المستوى لغة ,PROLOG ولغة LISP وقد دعمتا بقوة تطوير الوحدات التى تساهم فى إدارة حجم البرنامج وصعوبته.
8-تعليم الآلة Machine Learning
لقد ظل التعليم مشكلة صعبة فى برامج الذكاء الاصطناعى بالرغم من نجاحها كحلال للمسألة وهذا العيب جد خطير وخاصة أن إمكانية التعليم فى حد ذاتها واحدة من أهم مكونات الصرف الذكى.
قد ينفذ النظام الخبير حسابات كثيرة ومكلفة لحل مسألة وعلى العكس فى الإنسان فإذا أعطى النظام الخبير نفس المسألة أو مسألة مشابهة مرة ثانية فإنه لن يتذكر الحل وسوف ينفذ نفس الخطوات مرة ثانية.
تعاق معظم النظم الخبيرة بسبب عدم مرونة استراتيجيات حل المسألة وكذلك صعوبة تعديل الكود الذى استخدم فيها. والحل الواضح لتلك الصعاب هو أن يتعلم البرنامج بنفسه إما من التجارب أو التناظر الوظيفى أو بإخباره ماذا يفعل.

نحو نظرية رقمية جديدة لموسيقى الشعر العربى
فى إطار طرق تعليم الآلات بنفس الطريقة التى يتعلم بها الإنسان Machine learning ، حيث أن بإمكانية تطوير برامج الكمبيوتر لكى يتعرف على أوزان الشعر العربى معبراً عنها بمفرداته فقط .. وليكونا 0 ، 1 .. هذا هو اقتراح العالم الموسوعى الأستاذ الدكتور أحمد مستجير فى كتابة "مدخل رياضى لعروض الشعر العربى" لتشفير الشعر العربى تشفيرا ثنائيا بحيث يأخذ الحرف المتحرك الرمز ( 1 ).. ويأخذ الحرف الساكن الرمز (0) .. ثم أكمل الدكتور مستجير نظريته الرقمية للتعبير عن الشعر العربى..
وطالما تحولت الأمور إلى رموز ثنائية فالكمبيوتر هنا هو سيد الموقف .. بعد تحويل السواكن والمتحركات إلى أصفار ووحايد ..
كيف يمكن للكمبيوتر أن يخبر إن كانت أبيات ما من الشعر موزونة معا أم لا ؟
نحن أمام ثلاث نظريات:
· النظرية التقليدية .. وسأشير إليها صاعدا إما بـ العروض أو بـ الخليل.
· النظرية الرقمية التى وضعها الدكتور مستجير وسأشير إليها بـ نظرية مستجير.
· النظرية الجديدة للمهندس باسل لمعى وسأشير إليها بـ النظرية الرقمية الجديدة أو اختصارا النظرية الرقمية ..
وسأفترض فى القارئ الإلمام بمصطلحات العروض ..
مفردات النظرية الرقمية الجديدة
ويحسن فى البداية تعريف كل المصطلحات المستخدمة لوصف النظرية سواء كانت مستعارة من العروض أو جديدة..
وربما كان مجرد تعريف مفردات النظرية يغنى عن شرح كثير لها ويكفى لفهمها تماما..
التشفير الثنائى:
هو استبدال الحرف المتحرك بالرمز 1 والحرف الساكن 0 .. والحروف المعنية هنا هى الحروف المنطوقة لا المكتوبة ..
الوتد: (ورمزه "ت")
هو المقطع الصوتى الذى يتكون من متحركين يعقبهما ساكن..
مثل: أَمَل قصَص أَنَا
وعلى هذا يكون تشفيره الثنائى: 011
الفاصلة: (والتعريف التالى جديد فلا ينبغى للكلمة أن تختلط على القارئ مع استخدامها فى العروض).
هى مجموعة من المتحركات والسواكن المتعاقبة تفصل ما بين الأوتاد فى أبيات الشعر كما يمكن أن تأتى فى بداية شطر الشعر كما يمكن أن تأتى فى نهايته..
ويمتنع فى الفاصلة:
1. زيادة عدد السواكن على عدد المتحركات.
2. تعاقب خمس متحركات.
3. اختتامها بثلاث متحركات (لأن ذلك يقود إلى تعاقب خمس متحركات عند إضافة متحركى الوتد التالى).
4. البدء بساكن.
5. تركيب الفاصلة من فاصلة ووتد وفاصلة إلا إذا أتت فى آخر الشطر حتى لا تؤدى إلى ارتباك النمط الموسيقى.
ويقل فى الفاصلة:
1. تعاقب أربع متحركات.
2. اختتامها بمتحركين.
النظرية الرقمية الجديدة محل التطبيق
لنبدأ بداية شجاعة مع عنترة .. سنطبق التحليل الرقمى على البيتين الأولين والمقطوعة الأخيرة من واحدة من عيون الشعر العربى القديم وهى معلقة عنترة .. ها هى:
هل غادر الشعرا من متردم أم هل عرفت الدار بعد توهم
يا دار عبلة بالجواء تكلمى وعمى صباحا دار عبلة واسلمى
لما رأيت القوم أقبل جمعهم يتذا مرون كررت غير مذمم
يدعون عنتر والرياح كأنها أشطان بئر فى لبان الأدهم
مازلت أرميهم بغرة وجهه ولبانه حتى تسربل بالدم
فازور من وقع القنا بلبانه وشكا إلى بعبرة وتحمحم
لو كان يدرى ما المحاورة اشتكى ولكان لو علم الكلام مكلمى
والخيل تقتحم الخبار عوابسا من بين شيظمة وأجرد شيظم
ولقد شفى نفسى وأبرأ سقمها قول الفوارس ويك عنتر أقدم

وها هو التشفير الثنائى للتسعة أبيات السابقة:
0101 011 0111 011 0111 011 0101 011 0101 011 0111 011
0101 011 0111 011 0111 011 0111 011 0101 011 0111 011
0101 011 0101 011 0111 011 0111 011 0111 011 0111 011
0101 011 0111 011 0111 011 0101 011 0101 011 0101 011
0101 011 0101 011 0111 011 0111 011 0101 011 0111 011
0101 011 0101 011 0111 011 0111 011 0111 011 0111 011
0101 011 0101 011 0111 011 0111 011 0111 011 0111 011
0101 011 0101 011 0111 011 0101 011 0111 011 0111 011
0101 011 0111 011 0111 011 0101 011 0111 011 0111 011

إذن فربما جاء اليوم الذى يستطيع فيه علماء الذكاء الصناعى إنشاء برامج تحسن إلقاء الشعر بأى لغة كان .. بل من يدرى .. ربما جاء اليوم الذى نستمع فيه لقصيدة من تأليف الكمبيوتر للأسف .. ووجه الأسف هنا أن الإنسان إذا اكتشف سر الإبداع وحوله لقواعد حسابية يمكن للكمبيوتر استيعابها فإنه يفقد بذلك الاستمتاع بالإبداع الذى تكمن متعته فى سره ..
ونحن نأمل بأن يزداد عدد المهتمين بالذكاء الاصطناعى، وأن يتجه العديد من العلماء الشبان، خاصة علماء الإنسانيات، إلى البحث العلمى الدؤوب فى هذا المجال، وتسخيره لخدمة احتياجات أمتنا العربية الملحة والعاجلة. كما نأمل ألا يقتصر اهتمامهم على النواحى التطبيقية – كما هو حادث الآن – بل يتعداها إلى القضايا النظرية الملحة فى الذكاء الاصطناعى وانعكاساتها على باقى العلوم، حتى نتجاوز النقل والاستهلاك إلى الإبداع والمساهمة فى تطوير هذا العلم.





المراجع :
1. آلان بونيه ، ترجمة: على صبري فرغلى ، الذكاء الاصطناعي واقعة ومستقبلة ، سلسلة عالم المعرفة ، يصدرها المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ، الكويت ، 1993م.
2. د. أحمد مستجير ، مدخل رياضى إلى عروض الشعر العربى ، الطبعة الأولى ، 1987م.
3. د. عباس بيومى عجلان ، دراسات فى موسيقى الشعر علم العروض ، دار المعرفة الجامعية ، 1989م.
4. م. باسل لمعى ، نحو نظرية رقمية جديدة لموسيقى الشعر العربى، ، مجلة الشعر، تصدر عن اتحاد الإذاعة والتليفزيون، مصر، العدد (93) يناير 1999م.
5. د‏.‏ أحمد تيمور، إنسان العصر القادم رؤية علمــــية قديمـة ، جريدة الأهرام المصرية ، السنة 124 العدد (41367) ، 4 من ذى الحجة 1420 هـ - 10 مارس 2000م.
6. د‏.‏ عبدالبديع محمد سالم ، نحن والحياة في عصر التكنولوجيا والمعرفة ، جريدة الأهرام المصرية ، السنة 125 العدد (41654) ، 26 من رمضــان 1421 هـ– 22 ديسمبر 2000م.
7. د. عطا إبراهيم إمام الألفي ، الذكاء الاصطناعي ، كلية التربية النوعية ، جامعة المنصورة ، مصر ، 2001م.
8. Alain Bonnet (1985), Artificial Intelligence, Prentice Hall.
9. Winograd, T. (1972), Understanding natural language, Edinburgh, Edinburgh University Press.
10. Boden, M. (1977), Artificial intelligence and natural man, New York, Basic Books.
11. Pratt, W. (1978), Digital image processing. New York, Wiley.

5
منتدى علوم الحاسب / مشكلة البحث ( الذكاء الاصطناعى )
« في: أبريل 12, 2005, 11:11:34 مساءاً »
قبل قراءة المادة الآتية أرجو التعامل معها على أنها حديقة عامة فيها الأزهار الجميلة وفيها الشوك الجارح .. اختاري بتمعن الأزهار الجميلة .. واحذري الشوك

بحث بعنوان علم الذكاء الاصطناعى

--------------------------

علم الذكاء الإصطناعي هو أحد علوم الحاسب الآلي الحديثة التي تبحث عن أساليب متطورة لبرمجته للقيام بأعمال واستنتاجات تشابه ولو في حدود ضيقة تلك الأساليب التي تنسب لذكاء الإنسان ، فهو بذلك علم يبحث أولاً في تعريف الذكاء الإنساني وتحديد أبعاده ، ومن ثم محاكاة بعض خواصه. وهنا يجب توضيح أن هذا العلم لا يهدف إلى مقارنة أو ماشبهة العقل البشري الذي خلقه الله جلت قدرته وعظمته بالآلة التي هي من صنع المخلوق ، بل يهدف هذا العلم الجديد إلى فهم العمليات الذهنية المعقدة التي يقوم بها العقل البشري أثناء ممارسته ( التفكير ) ومن ثم ترجمة هذه العمليات الذهنية إلى ما يوازيها من عمليات محاسبية تزيد من قدرة الحاسب على حل المشاكل المعقدة.
الذكاء الإنساني هل ينافس الذكاء الاصطناعي العقل البشري؟!!
* إعداد محمد شاهين
البحث عن ماهية الذكاء شغل الفلاسفة قبل أكثر من ألفي عام، فقد حاولوا فهم كيف تتم رؤية الأشياء، وكيف يتم التعلم، والتذكر والتعليل. ومع حلول استخدام الكمبيوتر في الخمسينات تحولت هذه البحوث إلى أنظمة تجريبية واقعية.
وبالرغم من أن علماء النفس لم يتمكنوا من تحديد تعريف جامع شامل لمفهوم الذكاء الطبيعي أو البشري، إلا أنه يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي أو التوصل إلى مفهوم خاص حوله وهو أنه علم حديث من أحدث علوم الحاسب الآلي، وينتمي هذا العلم إلى الجيل الحديث من أجيال الحاسب الآلي ويهدف إلى أن يقوم الحاسب بمحاكاة عمليات الذكاء التي تتم داخل العقل البشري، بحيث تصبح لدى الحاسب المقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات بأسلوب منطقي ومرتب وبنفس طريقة تفكير العقل البشري.
الأمر الذي يستوجب التوقف عنده طويلا هو محاولة إكساب هذا الإنسان الآلي بعضا من الأحاسيس والمشاعر البشرية، وفكرة زرع بعض المشاعر والأحاسيس داخل الإنسان الآلي، من منطلق انه لم يكن ينقص صناعة الإنسان الآلي غير المشاعر. وقد سبقت أفلام الخيال العلمي في طرح هذه الفرضية البعيدة عن الواقع، وكعادتها حولتها إلى واقع ملموس. وقد تناول أحدها قصة وضع طفل آلي وسط عائلة من البشر، وجعله يكتسب نوعا من المشاعر بالتدرج وفق برنامج علمي خيالي، وتصل القصة إلى نجاح هذا البرنامج إذ أخذ الطفل الصناعي يحب أبويه الافتراضيين إلى حد يصدق المشاهد له أنه حب حقيقي.
هل يتحول الإنسان إلى آلة؟
بالرغم من أن القصة تنطوي على كثير من المبالغة والتي تصل إلى حد غير مقبول أحياناً، إلا أنها تلفت النظر إلى الطبيعة البشرية في هذا العصر، حيث تنهال التساؤلات على العقول.
فهل يصبح الإنسان آلة في داخله؟. هل تكتسب ذواتنا طبائع الآلات كما اعتادت أجسامنا التعامل معها؟. وبالأحرى، هل يدرك الإنسان ما هو فيه من اتجاه للميكنة البشرية؟!.
لا شك أن التطور الهائل الموجود في العالم اليوم والمظاهر التقنية والحضارة الرقمية، كل ذلك لا شك أنه تغلغل في حياة الناس في كل المجتمعات بحيث أصبح ضرورة لا غنى عنها على الإطلاق. كما لا يمكن إغفال ما لهذه الحضارة من فوائد ومميزات.
ولكن ما أود الإشارة إليه هنا وأنا أنعم بهذه الحضارة انها ليست خالصة الفوائد دون وجود العيوب والمؤثرات السلبية. ولعل القارئ هنا يتخيل أن المؤثرات تعني المضار الصحية التي تسببها الأجهزة والمصانع والمواد المستخدمة في الصناعات المختلفة وما إلى ذلك. والحقيقة أنه بالرغم من أهمية تلك المؤثرات بالنسبة لحياة الفرد إلا أن هناك مؤثرات أخرى قد لا يدركها الإنسان مباشرة ولكنها تعتبر أكثر أهمية وأشد أثراً على الحياة العامة والخاصة بالإنسان على حد سواء.
الميكنة البشرية..
كان الحديث عن الإنسان الآلي وتطوره مجرد مثال للتدخل في الخلقة البشرية، حيث إن هناك أمثلة كثيرة على تلك المحاكاة والتقليد. ولنأخذ مثالاً على ذلك الأبحاث التي بدأت تؤتي أُكلها في مجال الأعضاء التعويضية الصناعية في جسم الإنسان.
لقد بدا قريباً لنا أن نرى جسم الإنسان يشتمل على أعضاء صناعية مثل الكبد والقلب الصناعي وأخيراً المخ الصناعي.
لقد بدا للعلم أنه من السهل الآن إنجاز جهاز يحل محل بعض أجزاء المخ ويتصل بأعضاء الجسم ليقوم بالتحكم فيها. والأمثلة على ذلك كثيرة، إحدى الجامعات الأمريكية قامت بتصنيع وتجربة أحد الأجهزة التي يفترض أن تحل محل المخ في الإنسان وذلك للتغلب على بعض أنواع الأمراض المستعصية مثل مرض الزهايمر والفشل المخي.
إلا إن النظر إلى العملية في حد ذاتها شيء مخيف. وهذا ما يجعل تلك العمليات المتعلقة بالمخ وكل ما يعتبره العلماء انتصاراً يلقى المعارضة من قبل المنتصرين للأخلاقيات والأعراف. كما تثير هذه العمليات الكثير من القضايا مثل ما إذا كانت هذه الآلات التي تثبت في المخ سوف تعالج فقط الأمراض وتتغلب على العيوب الموجودة في المخ الطبيعي، أم أنها سوف تنطوي على تأثيرات أخرى على طباع وسلوك ووعي الإنسان المعالَج؟. وعلى ذلك كانت هناك كثير من القضايا التي أثيرت لمجرد ذكر إمكانية العبث بمخ الإنسان، ذلك العضو الذي يحمل هوية المخلوق وذاكرته وعاداته ودينه وكل ما اكتسب من خبرة.
وللتذكير: أليس هذا ما نراه في أفلام الخيال العلمي حيث يحتوي جسم الرجل على آلة أو جهاز ما لفائدة ما؟!. ألم يصبح من غير العقل أن نطلق عليه خيالاً علمياً بعد الآن؟!.
دعونا نستعرض بعض الأمثلة الأخرى:
جهاز لقراءة العقول
قامت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بتطوير برنامج كمبيوتر يمكنه قراءة الكلمات قبل نطقها من خلال تحليل إشارات الأعصاب في أفواه الناس وحلوقهم، حيث أظهرت النتائج الأولية أن مجسات بحجم الأزرار يتم وضعها اسفل الذقن وعلى كل جانبي تفاحة أدم يمكنها التقاط الأعصاب من اللسان والحلق والحبال الصوتية ويمكن بالفعل استخدامها لقراءة العقول.
وكما يقول أحد العلماء (إن الإشارات البيولوجية تنشأ عند القراءة أو التحدث مع الذات سواء مع أو بدون حركة للشفاه أو الوجه). وذلك يعني أن الجهاز سوف يدخل إلى المخ حتى يخبرنا بما يود الإنسان التفوه به، بل وما يفكر به أيضاً قبل أن ينطق.
ومن ناحية أخرى، قال (فيل جرين) وهو عالم كمبيوتر يركز على الكلام والسمع بجامعة شيفلد بالمملكة المتحدة عن هذا البحث (مثير ومبتكر) وأضاف (انه إذا كنت لا تتحدث فعلاً وتفكر فقط في الكلام، عندئذ على الأقل يتم إرسال بعض الرسائل من المخ إلى الحبال الصوتية).
أما علماء وكالة ناسا فقد كان في رأيهم أن هذه المجسات يمكن استخدامها في الحياة اليومية بشكل بارع حيث يمكن للأفراد استخدامها في وسائل النقل المزدحمة بدون أن يسمعهم الآخرون.
أسلاك في اليد لتحريك الأشياء
وقد قام فريق من العلماء في إحدى الجامعات البريطانية بزرع نظام دقيق من الأقطاب الكهربائية في ساعد بروفيسور لعلم الضبط بالمملكة المتحدة، كيفين وارويك، حيث يسمح هذا الجهاز الذي يبلغ طوله سنتمترا واحدا الاتصال الثنائي بين الكمبيوتر والنيترونات في العصب الأوسط بذراع الدكتور وارويك. وفي حين يأمل القائمون على المشروع ظهور نتائج طبية كبيرة لعدد كبير من الأشخاص، وخاصة لمساعدة المصابين في العمود الفقري على التحرك، يأتي خبراء الهندسة الحيوية ليطلقوا على هذا المشروع أنه ليس إلا (وسيلة للتحايل) وأضاف نيك دونالدسون بجامعة لندن انه جيد للصناعة الترفيهية، ولكنه لن يسهم بأي جديد في علم الأعصاب وعلاجها.
في عام 1998، قام وارويك بزرع جهاز إرسال بسيط بشكل مؤقت في ذراعه تم توصيله لاسلكياً بالكمبيوتر، ولذلك عندما كان يتجول في قسمه بالجامعة، كانت الأبواب تفتح والمصابيح تعمل.
ويتكون الجهاز الجديد الذي تم زرعه من نظام من الأقطاب الكهربائية الصغيرة به 100 زرار معدني، كل منها بسمك الشعر البشري، فيما تمتد الأسلاك التي تم توصيلها بالجهاز إلى 15 سنتمتراً على ذراع «وارويك» وتبرز من الجلد، وتم توصيل هذه الأسلاك بجهاز استقبال وإرسال لاسلكي يمكنه توصيله مع جهاز الكمبيوتر.
وقال وارويك لمجلة (نيوساينتست) (سوف نقوم بوضع الإشارات في الأعصاب لنرى ما إذا كان من الممكن أن نحصل على حركة في اليد وإذا تمكّنا من جعل أصابعي تتحرك، فذلك سوف يكون شيئاً مثيراً).
أبحاث مماثلة على الحيوان
ويتم استخدام النظام المزروع في ذراع وارويك على الحيوانات للقيام بأبحاث عصبية علمية ولفحص النشاط المتزامن لعدد من الخلايا العصبية تصل إلى 100 خلية، إلا إن دونالدسون غير مقتنع بأن تجربة وارويك سوف ينتج عنها نتائج قيمة وأضاف (أشك في أنهم خلال أسابيع قليلة سيقومون بأي شيء مفيد في علم الأعصاب).
ومن ناحية أخرى، يقول وارويك إنه يأمل أن يتم استخدام مثل هذه الجراحات الترقيعية العصبية لاستعادة الوظائف الحسية والحركية المفقودة بسبب الإصابة بالعامود الفقري، والأمراض العصبية الأخرى أو في حالة بتر الأطراف. كما تم استخدام الحث الكهربائي لمساعدة المرضى المصابين في العامود الفقري على المشي، إلا إن حركة السير التي يقومون بها تعتبر ضعيفة المستوى نسبياً وفقاً للمقاييس الطبيعية. وأضاف دونالدسون (من وجهة نظري أنه لن تقوم تكنولوجيا على المدى القصير بجعل المصابين بالشلل يسيرون أفضل مما تم وسيكون هذا التوجه مفيداً فقط لعلاج محدود للضرر ينطوي على مراقبة وحث خلية عصبية واحدة أو اثنتين).
صراع الإنسان والآلة
ولا يجب أن يعتقد القارئ أن هذه المحاولات جديدة على العالم أو أنها وليدة هذه الأيام فقط وإنما هي موجودة منذ فترة ليست بالبعيدة، حيث يمكن القول إنها بدأت مع بزوغ فجر الحاسبات الآلية تلك العقول الإلكترونية التي كان تصميمها في الأساس محاولة لابتكار عقول تحاكي العقل البشري أو على الأقل تقوم ببعض وظائفه. ولعل من أشهر المواجهات التي كانت تعقد بين العقل البشري والعقل الإلكتروني هي تلك المباريات على لعبة الشطرنج والتي كانت تقام لها مسابقات سنوية.
وقد بدأت مثل هذه المسابقات في طرح سؤال مهم ألا وهو: هل يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يفكر؟. والحقيقة أن مباريات الشطرنج بدأت منذ منتصف القرن الماضي وبالتحديد في عام 1945 عندما استخدم آلان تونرج لعبة الشطرنج على الكمبيوتر كمثل لقدرات ذلك العقل الصناعي أو ما اصطلح عليه فيما بعد تحت مسمى ذكاء الكمبيوتر، أو الذكاء الاصطناعي. بعد ذلك قام آلان بتصميم أول برنامج للعبة الشطرنج على الكمبيوتر وبعد ذلك توالت المحاولات وكما توالت الجولات بين العقل الاصطناعي وبين عقل الإنسان حيث استمرت إلى الآن، حيث كان من أشهر المتصارعين البرنامج الشهير والذي صممته شركة مايكروسوفت تحت اسم DEEP BLUE وكان الخصم البشري هو السوفييتي كاسباروف.
أما المفاجأة فكانت انتصار الكمبيوتر على اللاعب كاسباروف في أول مباراة من نوعها. ولكن بعد ذلك استرد العقل البشري التاج في هذه اللعبة. ولكن المعركة استمرت سجالاً بين الطرفين، وهي مستمرة إلى الآن حتى مع بطل العالم الحالي للعبة الشطرنج على الكمبيوتر الروسي أيضاً فلاديمير كارمنيك.
عقل الإنسان... اللغز المحير
البشر هم التجسيد الوحيد الحقيقي للذكاء الواعي على هذا الكوكب بالإضافة إلى بعض الحيوانات القليلة التي تشترك مع البشر في بعض سمات الذكاء مثل القردة مثلا، وإذا أردنا أن نجعل أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاء فمن الأفضل أن نتطلع إلى مملكة الحيوانات، ونحن رغم معرفتنا الكبيرة عن المخ ما زلنا نجهل الطريقة التي يعمل بها أو يؤدي بها وظائفه.
في عام 1949 اكتشف العالم النفسي دونالد هيب اكتشافا كبيراً حيث قدم مبدأ عاماً للتعلم بسيط جدا ولكنه للأسف غير معروف للكثيرين، حيث توصل إلى أن توصيلات إدخال المعلومات إلى الخلية العصبية متصلة بتوصيلات خروج البيانات من الخلايا العصبية الأخرى في الشبكة العصبية..
وتقوم هذه الخلية بإرسال الإشارة التي تحفز الخلايا الأخرى عندما يتجاوز إجمالي المداخل قيمة الحد الأدنى، وتأخذ الإشارة التي ترسلها الخلية العصبية شكل انفجار عشوائي من النبضات، ويؤدي ذلك إلى سلوك معقد للشبكة برمتها، وهو سلوك معقد ومن الصعب تحليله. وحتى اليوم ما زال الإنسان يحتاج إلى محاكاة شبكات صغيرة جداً لاكتشاف ما يمكن أن يكون عليه سلوكها. إن أهم ميزة في المخ البشري والتي لا تقتصر على كونها شبكات عصبية هائلة هي التعلم، والسؤال هو ما هذا الذي يحدث داخل هذا العقل لكي تحدث عملية التعلم؟!
بدأ العالم بعد ذلك ينمي فكرة إحلال الذكاء الصناعي محل الذكاء الطبيعي أو البشري إلى أن وصل العالم إلى وقت يحل فيه الكمبيوتر محل الإنسان، من أجل الإنجاز العلمي تارة ومن أجل الترفيه والانتصارات العلمية فقط تارة أخرى.
والعجيب أننا ندرك ذلك وننبهر به. إنه الضوء الذي يخطف الأبصار، ولم لا طالما ينعم الإنسان بالترف والراحة والرفاهية والسعادة على ظهر الكوكب. والمشكلة أن إنسان العصر لا يرى من كل هذه التقنيات إلا الوجه المشرق منها، بالرغم من أن هناك وجهاً أكثر قساوة ينتظره في الجهة الأخرى.
هل ينافس الذكاء الاصطناعي العقل البشري؟!!

* إعداد محمد شاهين
البحث عن ماهية الذكاء شغل الفلاسفة قبل أكثر من ألفي عام، فقد حاولوا فهم كيف تتم رؤية الأشياء، وكيف يتم التعلم، والتذكر والتعليل. ومع حلول استخدام الكمبيوتر في الخمسينات تحولت هذه البحوث إلى أنظمة تجريبية واقعية.
وبالرغم من أن علماء النفس لم يتمكنوا من تحديد تعريف جامع شامل لمفهوم الذكاء الطبيعي أو البشري، إلا أنه يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي أو التوصل إلى مفهوم خاص حوله وهو أنه علم حديث من أحدث علوم الحاسب الآلي، وينتمي هذا العلم إلى الجيل الحديث من أجيال الحاسب الآلي ويهدف إلى أن يقوم الحاسب بمحاكاة عمليات الذكاء التي تتم داخل العقل البشري، بحيث تصبح لدى الحاسب المقدرة على حل المشكلات واتخاذ القرارات بأسلوب منطقي ومرتب وبنفس طريقة تفكير العقل البشري.
الأمر الذي يستوجب التوقف عنده طويلا هو محاولة إكساب هذا الإنسان الآلي بعضا من الأحاسيس والمشاعر البشرية، وفكرة زرع بعض المشاعر والأحاسيس داخل الإنسان الآلي، من منطلق انه لم يكن ينقص صناعة الإنسان الآلي غير المشاعر. وقد سبقت أفلام الخيال العلمي في طرح هذه الفرضية البعيدة عن الواقع، وكعادتها حولتها إلى واقع ملموس. وقد تناول أحدها قصة وضع طفل آلي وسط عائلة من البشر، وجعله يكتسب نوعا من المشاعر بالتدرج وفق برنامج علمي خيالي، وتصل القصة إلى نجاح هذا البرنامج إذ أخذ الطفل الصناعي يحب أبويه الافتراضيين إلى حد يصدق المشاهد له أنه حب حقيقي.
هل يتحول الإنسان إلى آلة؟
بالرغم من أن القصة تنطوي على كثير من المبالغة والتي تصل إلى حد غير مقبول أحياناً، إلا أنها تلفت النظر إلى الطبيعة البشرية في هذا العصر، حيث تنهال التساؤلات على العقول.
فهل يصبح الإنسان آلة في داخله؟. هل تكتسب ذواتنا طبائع الآلات كما اعتادت أجسامنا التعامل معها؟. وبالأحرى، هل يدرك الإنسان ما هو فيه من اتجاه للميكنة البشرية؟!.
لا شك أن التطور الهائل الموجود في العالم اليوم والمظاهر التقنية والحضارة الرقمية، كل ذلك لا شك أنه تغلغل في حياة الناس في كل المجتمعات بحيث أصبح ضرورة لا غنى عنها على الإطلاق. كما لا يمكن إغفال ما لهذه الحضارة من فوائد ومميزات.
ولكن ما أود الإشارة إليه هنا وأنا أنعم بهذه الحضارة انها ليست خالصة الفوائد دون وجود العيوب والمؤثرات السلبية. ولعل القارئ هنا يتخيل أن المؤثرات تعني المضار الصحية التي تسببها الأجهزة والمصانع والمواد المستخدمة في الصناعات المختلفة وما إلى ذلك. والحقيقة أنه بالرغم من أهمية تلك المؤثرات بالنسبة لحياة الفرد إلا أن هناك مؤثرات أخرى قد لا يدركها الإنسان مباشرة ولكنها تعتبر أكثر أهمية وأشد أثراً على الحياة العامة والخاصة بالإنسان على حد سواء.
الميكنة البشرية..
كان الحديث عن الإنسان الآلي وتطوره مجرد مثال للتدخل في الخلقة البشرية، حيث إن هناك أمثلة كثيرة على تلك المحاكاة والتقليد. ولنأخذ مثالاً على ذلك الأبحاث التي بدأت تؤتي أُكلها في مجال الأعضاء التعويضية الصناعية في جسم الإنسان.
لقد بدا قريباً لنا أن نرى جسم الإنسان يشتمل على أعضاء صناعية مثل الكبد والقلب الصناعي وأخيراً المخ الصناعي.
لقد بدا للعلم أنه من السهل الآن إنجاز جهاز يحل محل بعض أجزاء المخ ويتصل بأعضاء الجسم ليقوم بالتحكم فيها. والأمثلة على ذلك كثيرة، إحدى الجامعات الأمريكية قامت بتصنيع وتجربة أحد الأجهزة التي يفترض أن تحل محل المخ في الإنسان وذلك للتغلب على بعض أنواع الأمراض المستعصية مثل مرض الزهايمر والفشل المخي.
إلا إن النظر إلى العملية في حد ذاتها شيء مخيف. وهذا ما يجعل تلك العمليات المتعلقة بالمخ وكل ما يعتبره العلماء انتصاراً يلقى المعارضة من قبل المنتصرين للأخلاقيات والأعراف. كما تثير هذه العمليات الكثير من القضايا مثل ما إذا كانت هذه الآلات التي تثبت في المخ سوف تعالج فقط الأمراض وتتغلب على العيوب الموجودة في المخ الطبيعي، أم أنها سوف تنطوي على تأثيرات أخرى على طباع وسلوك ووعي الإنسان المعالَج؟. وعلى ذلك كانت هناك كثير من القضايا التي أثيرت لمجرد ذكر إمكانية العبث بمخ الإنسان، ذلك العضو الذي يحمل هوية المخلوق وذاكرته وعاداته ودينه وكل ما اكتسب من خبرة.
وللتذكير: أليس هذا ما نراه في أفلام الخيال العلمي حيث يحتوي جسم الرجل على آلة أو جهاز ما لفائدة ما؟!. ألم يصبح من غير العقل أن نطلق عليه خيالاً علمياً بعد الآن؟!.
دعونا نستعرض بعض الأمثلة الأخرى:
جهاز لقراءة العقول
قامت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) بتطوير برنامج كمبيوتر يمكنه قراءة الكلمات قبل نطقها من خلال تحليل إشارات الأعصاب في أفواه الناس وحلوقهم، حيث أظهرت النتائج الأولية أن مجسات بحجم الأزرار يتم وضعها اسفل الذقن وعلى كل جانبي تفاحة أدم يمكنها التقاط الأعصاب من اللسان والحلق والحبال الصوتية ويمكن بالفعل استخدامها لقراءة العقول.
وكما يقول أحد العلماء (إن الإشارات البيولوجية تنشأ عند القراءة أو التحدث مع الذات سواء مع أو بدون حركة للشفاه أو الوجه). وذلك يعني أن الجهاز سوف يدخل إلى المخ حتى يخبرنا بما يود الإنسان التفوه به، بل وما يفكر به أيضاً قبل أن ينطق.
ومن ناحية أخرى، قال (فيل جرين) وهو عالم كمبيوتر يركز على الكلام والسمع بجامعة شيفلد بالمملكة المتحدة عن هذا البحث (مثير ومبتكر) وأضاف (انه إذا كنت لا تتحدث فعلاً وتفكر فقط في الكلام، عندئذ على الأقل يتم إرسال بعض الرسائل من المخ إلى الحبال الصوتية).
أما علماء وكالة ناسا فقد كان في رأيهم أن هذه المجسات يمكن استخدامها في الحياة اليومية بشكل بارع حيث يمكن للأفراد استخدامها في وسائل النقل المزدحمة بدون أن يسمعهم الآخرون.
أسلاك في اليد لتحريك الأشياء
وقد قام فريق من العلماء في إحدى الجامعات البريطانية بزرع نظام دقيق من الأقطاب الكهربائية في ساعد بروفيسور لعلم الضبط بالمملكة المتحدة، كيفين وارويك، حيث يسمح هذا الجهاز الذي يبلغ طوله سنتمترا واحدا الاتصال الثنائي بين الكمبيوتر والنيترونات في العصب الأوسط بذراع الدكتور وارويك. وفي حين يأمل القائمون على المشروع ظهور نتائج طبية كبيرة لعدد كبير من الأشخاص، وخاصة لمساعدة المصابين في العمود الفقري على التحرك، يأتي خبراء الهندسة الحيوية ليطلقوا على هذا المشروع أنه ليس إلا (وسيلة للتحايل) وأضاف نيك دونالدسون بجامعة لندن انه جيد للصناعة الترفيهية، ولكنه لن يسهم بأي جديد في علم الأعصاب وعلاجها.
في عام 1998، قام وارويك بزرع جهاز إرسال بسيط بشكل مؤقت في ذراعه تم توصيله لاسلكياً بالكمبيوتر، ولذلك عندما كان يتجول في قسمه بالجامعة، كانت الأبواب تفتح والمصابيح تعمل.
ويتكون الجهاز الجديد الذي تم زرعه من نظام من الأقطاب الكهربائية الصغيرة به 100 زرار معدني، كل منها بسمك الشعر البشري، فيما تمتد الأسلاك التي تم توصيلها بالجهاز إلى 15 سنتمتراً على ذراع «وارويك» وتبرز من الجلد، وتم توصيل هذه الأسلاك بجهاز استقبال وإرسال لاسلكي يمكنه توصيله مع جهاز الكمبيوتر.
وقال وارويك لمجلة (نيوساينتست) (سوف نقوم بوضع الإشارات في الأعصاب لنرى ما إذا كان من الممكن أن نحصل على حركة في اليد وإذا تمكّنا من جعل أصابعي تتحرك، فذلك سوف يكون شيئاً مثيراً).
أبحاث مماثلة على الحيوان
ويتم استخدام النظام المزروع في ذراع وارويك على الحيوانات للقيام بأبحاث عصبية علمية ولفحص النشاط المتزامن لعدد من الخلايا العصبية تصل إلى 100 خلية، إلا إن دونالدسون غير مقتنع بأن تجربة وارويك سوف ينتج عنها نتائج قيمة وأضاف (أشك في أنهم خلال أسابيع قليلة سيقومون بأي شيء مفيد في علم الأعصاب).
ومن ناحية أخرى، يقول وارويك إنه يأمل أن يتم استخدام مثل هذه الجراحات الترقيعية العصبية لاستعادة الوظائف الحسية والحركية المفقودة بسبب الإصابة بالعامود الفقري، والأمراض العصبية الأخرى أو في حالة بتر الأطراف. كما تم استخدام الحث الكهربائي لمساعدة المرضى المصابين في العامود الفقري على المشي، إلا إن حركة السير التي يقومون بها تعتبر ضعيفة المستوى نسبياً وفقاً للمقاييس الطبيعية. وأضاف دونالدسون (من وجهة نظري أنه لن تقوم تكنولوجيا على المدى القصير بجعل المصابين بالشلل يسيرون أفضل مما تم وسيكون هذا التوجه مفيداً فقط لعلاج محدود للضرر ينطوي على مراقبة وحث خلية عصبية واحدة أو اثنتين).
صراع الإنسان والآلة
ولا يجب أن يعتقد القارئ أن هذه المحاولات جديدة على العالم أو أنها وليدة هذه الأيام فقط وإنما هي موجودة منذ فترة ليست بالبعيدة، حيث يمكن القول إنها بدأت مع بزوغ فجر الحاسبات الآلية تلك العقول الإلكترونية التي كان تصميمها في الأساس محاولة لابتكار عقول تحاكي العقل البشري أو على الأقل تقوم ببعض وظائفه. ولعل من أشهر المواجهات التي كانت تعقد بين العقل البشري والعقل الإلكتروني هي تلك المباريات على لعبة الشطرنج والتي كانت تقام لها مسابقات سنوية.
وقد بدأت مثل هذه المسابقات في طرح سؤال مهم ألا وهو: هل يمكن لجهاز الكمبيوتر أن يفكر؟. والحقيقة أن مباريات الشطرنج بدأت منذ منتصف القرن الماضي وبالتحديد في عام 1945 عندما استخدم آلان تونرج لعبة الشطرنج على الكمبيوتر كمثل لقدرات ذلك العقل الصناعي أو ما اصطلح عليه فيما بعد تحت مسمى ذكاء الكمبيوتر، أو الذكاء الاصطناعي. بعد ذلك قام آلان بتصميم أول برنامج للعبة الشطرنج على الكمبيوتر وبعد ذلك توالت المحاولات وكما توالت الجولات بين العقل الاصطناعي وبين عقل الإنسان حيث استمرت إلى الآن، حيث كان من أشهر المتصارعين البرنامج الشهير والذي صممته شركة مايكروسوفت تحت اسم DEEP BLUE وكان الخصم البشري هو السوفييتي كاسباروف.
أما المفاجأة فكانت انتصار الكمبيوتر على اللاعب كاسباروف في أول مباراة من نوعها. ولكن بعد ذلك استرد العقل البشري التاج في هذه اللعبة. ولكن المعركة استمرت سجالاً بين الطرفين، وهي مستمرة إلى الآن حتى مع بطل العالم الحالي للعبة الشطرنج على الكمبيوتر الروسي أيضاً فلاديمير كارمنيك.
عقل الإنسان... اللغز المحير
البشر هم التجسيد الوحيد الحقيقي للذكاء الواعي على هذا الكوكب بالإضافة إلى بعض الحيوانات القليلة التي تشترك مع البشر في بعض سمات الذكاء مثل القردة مثلا، وإذا أردنا أن نجعل أجهزة الكمبيوتر أكثر ذكاء فمن الأفضل أن نتطلع إلى مملكة الحيوانات، ونحن رغم معرفتنا الكبيرة عن المخ ما زلنا نجهل الطريقة التي يعمل بها أو يؤدي بها وظائفه.
في عام 1949 اكتشف العالم النفسي دونالد هيب اكتشافا كبيراً حيث قدم مبدأ عاماً للتعلم بسيط جدا ولكنه للأسف غير معروف للكثيرين، حيث توصل إلى أن توصيلات إدخال المعلومات إلى الخلية العصبية متصلة بتوصيلات خروج البيانات من الخلايا العصبية الأخرى في الشبكة العصبية..
وتقوم هذه الخلية بإرسال الإشارة التي تحفز الخلايا الأخرى عندما يتجاوز إجمالي المداخل قيمة الحد الأدنى، وتأخذ الإشارة التي ترسلها الخلية العصبية شكل انفجار عشوائي من النبضات، ويؤدي ذلك إلى سلوك معقد للشبكة برمتها، وهو سلوك معقد ومن الصعب تحليله. وحتى اليوم ما زال الإنسان يحتاج إلى محاكاة شبكات صغيرة جداً لاكتشاف ما يمكن أن يكون عليه سلوكها. إن أهم ميزة في المخ البشري والتي لا تقتصر على كونها شبكات عصبية هائلة هي التعلم، والسؤال هو ما هذا الذي يحدث داخل هذا العقل لكي تحدث عملية التعلم؟!
بدأ العالم بعد ذلك ينمي فكرة إحلال الذكاء الصناعي محل الذكاء الطبيعي أو البشري إلى أن وصل العالم إلى وقت يحل فيه الكمبيوتر محل الإنسان، من أجل الإنجاز العلمي تارة ومن أجل الترفيه والانتصارات العلمية فقط تارة أخرى.
والعجيب أننا ندرك ذلك وننبهر به. إنه الضوء الذي يخطف الأبصار، ولم لا طالما ينعم الإنسان بالترف والراحة والرفاهية والسعادة على ظهر الكوكب. والمشكلة أن إنسان العصر لا يرى من كل هذه التقنيات إلا الوجه المشرق منها، بالرغم من أن هناك وجهاً أكثر قساوة ينتظره في الجهة الأخرى.





قال الله تعالى في محكم أياته : ومن أياته يريكم البرق خوفاً وطمعاً وينزل من السماء ماء فيحيي به الأرض بعد موتها إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون ، وقال سبحانه إن في خلق السموات والأرض واختلاف الليل والنهار لآيات لأولي الآلباب صدق الله العظيم. ويبين هذا القول الكريم أهمية العمليات الذهنية ( mental processes ) أولاً في تمييز الإنسان عن غيره من المخلوقات ، وثانياً في تمييز إنسان عن آخر ، ومع أن الذكاء هو من أهم العمليات أو الأنشطة التي يقوم بها عقل الإنسان فإنه يصعب تعريفه بدقة : أهو القدرة على الاستنتاج ؟ أم هو القدرة على تحصيل العلم وتطبيقه ؟ أم هو القدرة على استيعاب الأشياء وتصورها والتأثير عليها في العالم الحسي ؟ وبدون الدخول في أمور فلسفية عميقة فإن الذكاء يمكن تعريفه بكل ما تقدم ويزيد ، فهو في نطاقه الواسع قد يشمل جميع العمليات الذهنية من نبوغ وابتكار وتحكم في الحركة والحواس والعواطف ، أما في نطاق دراسة علم الذكاء الاصطناعي للحاسبات الآلية فيمكن تعريفه في نطاق قدرة الإنسان على تصور الأشياء وتحليل خواصها والخروج باستنتاجات منها ، فهو بذلك يمثل قدرة الإنسان على تطوير نموذج ذهني لمجال من مجالات الحياة وتحديد عناصره واستخلاص العلاقات الموجودة بينها ، ومن ثم استحدث ردود الفعل التي تتناسب مع أحداث ومواقف هذا المجال.
لكي نتعرف على تفاصيل هذا التعريف فلنتصور أن شخصين ذهبا معاً لمشاهدة مباراة لكرة القدم ، وكان أحدهما متمكناً من قوانين اللعبة وخططها وأسماء اللاعبين وأهمية نتيجة المبارة على المسابقات المختلفة ، في حين كان الشخص الآخر أبعد ما يكون عن كرة القدم وقوانينها . وبعد انتهاء المباراة طلبنا من كل منهما التعليق على مارأى ، فإننا سوف نجد أن الشخص الأول قادر على تقديم تحليل " ذكي " للمبارة وخطط الفريقين في اللعب والأخطاء التي ارتكبها ، ولوجدنا أن تعليق الشخص الثاني هو في الغالب بدائي قد لا يتعدى وصفاً بسيطاً لعدد 22 لاعباً يتنافسون بالملابس الرياضية على كرة واحدة بدون هدف أو معنى. ومن ذلك يمكن أن نستنتج أن سبب قيام الأول بتحليل ذكي هو وجود ما يمكن تسميته بنموذج اللعبة وقوانينها في ذهنه ، مما مكنه من استرجاع وتحليل المواقف وحوداث المبارة التي شاهدها ، في حين أن انعدام هذا النموذ لدى الشخص الثاني أدى إلى بساطة تعليقه على المبارة ، ولو أننا تركنا الشخص الثاني مدة كافية لمشاهدة مباريات عديدة فإنه من الجائز أن يقوم بتطوير نموذج في ذهنه عن هذه اللعبة ولأمكنه تقديم تحليل موضوعي عنها فيما بعد كما أن في استطاعة الشخص الأول تطوير النموذج الذي استحدثه وتغيير عناصره كلما جد جديد ، وبالتالي فإن الإنسان قادر على استحداث النماذج الذهنية التي نتحدث عنها بالممارسة والتفكير ومن ثم تطويرها إذا لزم الأمر.
ومن أهم فوائد هذا النموذج الذهني الذي يستحدثه الإنسان لا شعورياً انه يساعده على حصر الحقائق ذات العلاقة بالموضوع في مجال البحث وتبسيط الخطوات المعقدة التي تتميز بها الصورة الحقيقية. فإذا كان مجال البحث مثلاً ، هو الحالة الصحية لقلب أحد المرضى ، فإن النموذج الذهني الذي يستحدثه الطبيب المختص عن المريض يتركز على العلاقات المهمة مثل ضغط دم المريض ونسبة السكر والكوليسترول في الدم ، ويستبعد العلاقات غير المهمة مثل الأكلة المفضلة للمريض ومقاس ثوبه ولون سيارته وخلافه.
الذكاء الاصطناعي
يمكن تعريف الذكاء الاصطناعي للحاسب الآلي بأنه القدرة على تمثيل نماذج محاسبية ( Computer Models ) لمجال من مجالات الحياة وتحديد العلاقات الأساسية بين عناصره ، ومن ثم استحداث ردود الفعل التي تتناسب مع أحداث ومواقف هذا المجال ، فالذكاء الاصطناعي بالتالي مرتبط أولاً بتمثيل نموذج محاسبي لمجال من المجالات ، ومن ثم استرجاعه وتطويره ، ومرتبط ثانياً بمقارنته مع مواقف وأحدث مجال البحث للخروج باستنتاجات مفيدة ، ويتضح أن الفرق بين تعريفي الذكاء الاصطناعي والإنساني المذكورين أعلاه هو أولاً القدرة على استحداث النموذج فالإنسان قادر على اختراع وابتكار هذا النموذج ، في حين أن النموذج المحاسبي هو تمثيل لنموذج سبق استحداثه في ذهن الإنسان ، وثانياً في أنواع الاستنتاجات التي يمكن استخلاصها من النموذج فالإنسان قادر على استعمال أنواع مختلفة من العمليات الذهنية مثل الابتكار ( Innovation ) والاختراع ( Creativity ) والاستنتاج بأنواعه ( Reasoning ) في حين أن العمليات المحاسبية تقتصر على استنتاجات محدودة طبقاً لبديهيات وقوانين متعارف عليها يتم برمجتها في البرامج نفسها.
ويتركز أصل علم الذكاء الاصطناعي في أبحاث بحتة ونظرية تدرس أساليب تمثيل النماذج في ذاكرة الحاسب الآلي ( Model Representation ) وطرق البحث والتطابق بين عناصرها ( Search & Match Methods ) واختزال أهداف بها ( Goal reduction ) وإجراء أنواع الاستنتاجات المختلفة (Reasoning ) مثل الاستنتاج عن طريق المنطق ( Logic ) أو عن طريق المقارنة ( Analogy ) أو عن طريق الاستقراء ( Induction ).
ومن أهم أساليب تمثيل هذه النماذج هو استخدام القوانين ( Rules ) التي تحكم مجالا من المجالات ، فلو كانت أنواع الفاكهة مثلاً هي مجال بحثنا فإنه يمكننا كتابة القانون التالي إذا كان النبات فاكهة وكان لونها أحمر فهي غالباً تفاح ويحتوي هذا القانون على قسمين : القسم الشرطي (Premise ) المتمثل في " إذا كان النبات فاكهة وكان لونها أحمر والقسم الاستنتاجي أو الفعلي ( Action ) المتمثل في فهي غالباً تفاح.
وباستخدام عدد كبير من هذه القوانين عن موضوع معين فإننا ننشئ نموذجاً ضمنياً يخزن الحقائق عن موضوع البحث ، ويمكن استخدامه في التعامل مع الأحداث والخروج باستنتاجات عن موضوع البحث ، ويعتبر هذا النوع من التمثيل من الأساليب الشائعة نظراً لسهولة تطبيقه إلا أنه يعتبر تمثيلاً بسيطاً ولكن يعجز في كثير من الأحيان عن تمثيل جميع أنواع النماذج واستخراج جميع أنواع الاستنتاجات المعروفة.
ويعتبر أسلوب شبكات المعاني ( Semantic Networks ) أيضاً من الأساليب الشائعة في تمثيل النماذج وهو يتخلص في إنشاء شبكة من العلاقات بين عناصر النموذج. أما ثالث أنواع أساليب التمثيل الشائعة فهو ما يسمى بتمثيل الإطارات (frame Representation ) والذي يمكن اعتباره نوعاً خاصاً من تمثيل شبكات المعاني.
ونتج من معامل أبحاث الذكاء الاصطناعي تقنيات عديدة مازال بعضها في الأطوار الأولى من الدراسة والبحث ، في حين وصل البعض الآخر إلى نضج نسبي أدى إلى تطوير أنظمة جديدة عملية تعالج مشاكل واقعية كان يعتبر من المستحيل معالجتها بأساليب البرمجة التقليدية. ويعتبر مجال " الذراع الآلية الذكية ( Smart Robot ) وأنظمة الخبراء ( Expert Systems ) أهم مجالين من هذه المجالات وفيما يلي نبذة مبسطة لهاتين التقنيتين وإمكاناتهما:

الذراع الآلية الذكية
استخدمت الذراع الآلية مؤخراً في المصانع للقيام بالأعمال الروتينية التي تحتاج إلى قوة عضلية ولا تتطلب عمليات أو أنشطة ذهنية معقدة مثل عمليات اللحام والدهان في مصانع السيارات. وقد اعتمد تشغيل هذه الأذرعة على دقة وسرعة أنظمة التحكم ( Control Systems ) التي تعمل بواسطة أجهزة الحاسب الآلي ، وكان اليابانيون أول من استعمل هذه الأذرعة بصورة موسعة في صناعة السيارات والذي نتج عنه غزو اليابان للأسواق العالمية بسيارات ذات جودة عالية وأسعار منافسة.
ولا تستخدم الأذرعة الآلية في التصنيع فوائد عديدة فهي لا تطالب بإجازات أسبوعية أو سنوية أو عرضية ولاتكل ولا تتعب من العمل ولا تتوقف إلا لفترات الصيانة ، كما أنها تستطيع العمل في مصانع غير مكيفة أو مضاءة إضاءة غير قوية ، وفي هذا توفير للطاقة ، ثم إنها لا ترفع الدعاوي ، ولا تطالب بتعويضات إذا تعرضت خطأ أو عمداً إلى غازات سامة أو مواد كيماوية ضارة ، واخيراً فهي لاتحتاج إلى مرافق مساندة مثل دور الحضانة وصالات الطعام والصالات الرياضية وغيرها مما يطالب به العمال ، وليس من الصعب طبعاً ترجمة كل هذه المزيا إلى توفير كبير في تكلفة الإنتاج وفي السيطرة على الطاقة الإنتاجية للمصانع بحيث تتناسب مع قوى العرض والطلب للسوق ، وذلك بدون اللجوء إلى تسريح العمال لبضعة أسابيع أو شهور أو في وضع ورديات إضافية.
ومع تطور أنظمة التحكم الآلية وازدياد قدرة الحاسبات الآلية التي تشغلها ازدادت قدرات الذراع الآلية وأصبحت تقوم بأعمال دقيقة ومركبة كصنع شرائح الميكرو كمبيوتر وغيرها من الأعمال التي تتطلب أنظمة تحكم معقدة وصعبة ، إلا أن هذه الأعمال كانت محدودة بما يمكن إنجازه باستخدام أساليب البرمجة التقليدية وقد أدى إدخال أساليب الذكاء الاصطناعي في برمجة هذه الأذرع إلى فتح أفاق جديدة لم تكن ممكنة من قبل ، فأصبحنا اليوم نتكلم عن أذرع تستعمل الرؤية الإلكترونية ( Electronic Vision ) في فرز المنتجات وفي تحريك الذراع ( أو عدة أذرع ) في حيز ضيق بأسلوب مرن يتناسب مع متغيرات البيئة التي يعمل بها . ويتلخص أسلوب الرؤية الإلكترونية في تحويل الصورة الإلكترونية المكونة من نقاط ( Pixels ) سوداء أو بيضاء إلى خطوط وأضلاع متصلة لتكوين صورة ، ثم مقارنة خصائص الصورة الناتجة بالنماذج المخزونة سابقاً في الجهاز. ويمكن بهذه الطريقة التعرف مثلاً على صورة الطائرة من أجنحتها وذيلها ، وتمييز المطار بمدرجات إقلاع الطائرات ، والمسجد من مئذنته وهكذا وتتمثل صعوبة الرؤية الإلكترونية في اختلاف الصورة مع اختلاف الإضاءة المسلطة على الجسم ووقوع الظل على أجزاء منه ، ولتقنية الرؤية الإلكترونية تطبيقات عديدة في مجالات توجيه الصواريخ والطائرات والتوابع ( الأقمار الصناعية ) ومجالات التجسس بالإضافة طبعاً لمجال الأذرع الآلية.
ومن أشهر الأنظمة التي تستعمل الرؤية الإلكترونية في المجال الصناعي هو نظام كون سيت Consight المستخدم الآن في شركة جنرال موتورز للسيارات بكندا والذي يسمح للذراع الآلية الذكية بفرز قوالب محركات السيارة " Engine Casts " أثناء مرورها أمامه على الحزام المتحرك تحت إضاءة معينة . وبعد تحليل الضوء تقوم الذراع باستخراج القوالب التي لاتتفق والمواصفات المطلوبة.
ويمثل استعمال أكثر من ذراع واحدة في حيز ضيق صعوبة فنية كبيرة نظراً لخطورة اصطدام بعضها ببعض ، كما أن التنسيق بينها في التعاون على إنجاز عمل ما له مشاكله الفنية نظراً لضرورة متابعة كل ذراع وما يقوم به من عمل بالإضافة إلى ما أنجز غيره من أعمال . وقد أقتصر استعمال الأذرع الآلية إلى عهد قريب على استخدام كل ذراع على حدة ، حيث أن استخدام أكثر من زراع واحدة في إنجاز مهمة مركبة يحتاج إلى أنظمة آلية جديدة ومعقدة تقوم برسم الخطة العامة للحركة وتقوم باستنتاج الخطوات المنطقية التي يجب أن تنفذها كل ذراع ، وبالتالي فهي أنظمة تحتاج إلى الذكاء الاصطناعي وأساليبه في استحداث نماذج محاسبية للبيئة وتخزين قوانين وأسس الحركة المطلوبة ورغم ظهور بعض الأنظمة الآلية تمكن الذراع الآلية من الحركة الذاتية مثل نظام " ستربس Strips " إلا أن معظم هذه الأنظمة ما زال في أطوار البحث والتطوير.
أنظمة الخبراء (Expert Systems )
لفظ الخبير مشتق من الخبرة ، وهو الشخص المتمرس الذي مر بتجارب عديدة صقلت فهمه لمجال من المجالات وأغنت فكرة بمعلومات اختص بها دون غيره ، وميزته عن أنداده من المختصين في المجال وبذلك استحق لفظ خبير. وتهدف أنظمة الخبراء ( Expert Systems ) إلى تطوير برامج محاسبية تستطيع تحليل الأحداث والمواقف في مجال من المجالات والوصول إلى نفس الاستنتاجات أو النتائج التي يصل لها الخبير.
ويتم ذلك عن طريق استحداث نموذج محاسبي يوازي النموذج الذهني الذي لدى الخبير وخزن المعلومات به ، وقد دلت الأبحاث على أن المعلومات التي يستخدمها الخبير في عمله تنقسم إلى قسمين رئيسيين : الأول خاص بالمعلومات الشائعة في هذا المجال مثل الحقائق والقوانين ( facts ) المتعرف عليها والمقبولة لجميع المختصين ( Heuristics ) التي يتميز بها الخبير عن غيره والتي قد تكون على شكل علاقة مثلا بين لون البشرة ونسبة الكوليسترول في الدم ، أو الشكل الانسيابي لعينة صخرية ونسبة الترسبات المعدنية فيها.
وهذه القوانين يستخلصها الخبير من التجارب التي مر بها وتقوم بتوجيه بحثه ودراسته للحالة المعروضة عليه ومساعدته في الوصول إلى النتائج المطلوبة ، وقد تختلفه هذه القوانين التخصصية من خبير إلى آخر.
كانت الورقة العلمية التي تقدم بها البروفيسور فايجنباوم ( faygenbaum ) خبير الذكاء الاصطناعي في جامعة ستانفورد لمؤتمر الذكاء الاصطناعي العالمي لعام 1977 م أكبر الأثر في توجيه هذا العلم الجديد ، فقد طرح البروفيسور فكرة أن قوة أنظمة الخبراء تنبع من المعرفة Knowledge التي تختزنها وليس من قدرتها على تمثيل النماذج والقيام بعمليات استنتاجية ، ومن هذه النظرية ركزت الأبحاث الجديدة على استخلاص المعرفة من الخبراء عوضاً عن التركيز على الطرق المختلفة للتمثيل والعمليات الاستنتاجية المعقدة ، وهما موضوعان لم يتم تكوين نظريات متكاملة عنهما بعد وبالتالي فهما يعانيان من قصور في تطبيقاتهما العملية.
ومن أوائل أنظمة الخبراء التي تطورت حتى الآن نظام مايسن Mycin لتحليل وعلاج وأمراض الدم المعدية ، وقد طور هذا النظام في جامعة ستانفورد حيث أحتوت قاعدة معلوماته على نحو ( 400 ) قانون تربط العوارض المحتملة للمرض بالاستنتاجات الممكنة ، وقد قورنت النتائج المستخرجة من نظام مايسن في كثير من تحليلاته على مستوى الأطباء الموجودين في اللجنة!
ويعتبر نظام بروسبكتر Prospector أيضاً من أنجح الأنظمة التي طورت حتى الآن حيث قام باكتشاف ترسبات معدن الموليبدنم -Molybdenum في ولاية واشنطن بالولايات المتحدة الأماكن التي قرر الخبراء عدم جدوى البحث فيها ! وقد بلغت قيمة هذا الاكتشاف نحو مائة مليون دولار أمريكي.
ومجال أنظمة الخبراء هو حديث الساعة في مجال الذكاء الاصطناعي ، وذلك نظراً لكونها أنجح التطبيقات العملية لهذا العلم الجديد ، وتوجد اليوم شركات عديدة تسوق مايسمى بقشرة أو هيكل النظام Expert Shells وهي أنظمة تسهل عملية تمثيل النماذج المحاسبية وتخزن قوانينها ومن ثم إجراء الاستنتاجات عنها بصورة ألية ، وبذلك يتم التركيز على استخلاص المعرفة من الخبير أو الخبراء ووضعها في قوانين ( Rules ) تناسب وأسلوب عمل هيكل النظام المختار ، وتسمى هذه العملية بهندسة المعرفة (Knowledge Engineering ) كما يسمى الذين يقومون بها مهندسي المعرفة ( Knowledge Engineers ) ويوجد حالياً في الأسواق هياكل أنظمة خبراء عديدة تختلف في نقاط تفوقها وضعفها وفي أسعارها ومجالات تطبيقها ، كما ظهرت أخيراً هياكل أنظمة تعمل على الحاسب الشخصي وبأسعار مقبولة نسبياً مما يشير إلى قرب وصول هذه الأنظمة إلى الأسواق التجارية بأسعار منافسة.
ورغم النجاح الذي حققته كثير من هذه الأنظمة فإنه يجب أن نتوخى الحذر وعدم التسليم لكل ما يخرج من هذه الأنظمة من نتائج أو استنتاجات ، كما يجب الابتعاد عن الخوض في توقعات خيالية عن قدراتها. والذي يجب توضيحه هو أن هذه الأنظمة لا يمكن أن تحل محل الخبير نهائياً ، وأنه على الرغم من أن كثيراً من النتائج التي تتوصل لها الأنظمة تتطابق أو حتى تفوق النتائج التي قد يصل لها الخبير إلا أن هذه الأنظمة تستخلص قوتها من التركيز على موضوع معين ومحدود لمجال من المجالات وأنه كلما أتسع نطاق هذا الموضوع ضعفت قدرتها الاستنتاجية والعكس صحيح. ومن ذلك فإن أنظمة الخبراء ذات فائدة كبيرة ما دامت تستخدم في من قبل شخص مختص بموضوع مجال البحث ومطلع على الأساليب والتحاليل التي يستخدمها النظام في الوصول إلى استنتاجاته ، وهي مفيدة في يد " أنصاف الخبراء " ذوي المعرفة الجديدة للموضوع إلا أنها قد تؤدي إلى نتائج عكسية ، فمثلاً إذا وضع نظام مثل نظام Reactor الذي يحلل أخطاء المفاعلات النووية في يد شخص لايعرف عن المفاعلات النووية شيئاً وتصور هذا الشخص أنه بذلك أصبح خبيراً وبدأ يعبث بالمفاتيح فإن النتائج سوف تكون خطيرة بلا شك.
ولأنظمة الخبراء مجالات معينة أثبتت قدرتها فيه أكثر من غيرها فقد اشتهرت في التخطيط Planning وفي تحليل العوارض وتحديد الأخطاء Diagnostics وفي التصميم Design وفي القيادة والسيطرة Command and Control وغيرها من المجالات المتخصصة التي تم فهم العمليات المطلوبة لها ، والتي تتناسب والقدرات التمثيلية والاستنتاجية لهياكل الأنظمة المستخدمة ، نستنتج من كل ماتقدم أن أنظمة الخبراء أو الأحرى نظم قواعد المعرفة Knowledge Base Systems كما يفضل كثير من الباحثين تسميتها - هي أنظمة جديدة ذات قدرات تفوق بمراحل قدرات الأنظمة الآلية التقليدية حيث أن لها القدرة على الحصول على الاستنتاجات بمعلومات متناقضة وغير مكتملة Incomplete and Inconsistent knowledge وهي بذلك تحاكي الخبراء والقادة العسكريين الذين غالباً ما يتخذون القرارات تحت هذه الظروف ، وهي تقنية عملية مفيدة مادامت تستخدم من قبل المختصين وطبقت في المجالات التي تتناسب مع حدود معرفتنا لقدراتها.
الخلاصة
الذكاء الاصطناعي هو اسم اطلق على مجموعة من الأساليب والطرق الجديدة في برمجة الأنظمة المحاسبية والتي يمكن أن تستخدم لتطوير أنظمة تحاكي بعض عناصر ذكاء الإنسان وتسمح لها بالقيام بعمليات استنتاجية عن حقائق وقوانين يتم تمثيلها في ذاكرة الحاسب . ولا يزال كثير من نظريات هذا العلم الجديد تحت بحث وتطوير إلا أن هناك بعض التقنيات المعتمدة عليه بدأت تخرج للمجال العلمي ، وقد أثبتت فعاليتها حيث أنجزت أعمال كان من شبه المستحيل القيام بها باستعمال البرمجة التقليدية ، ومن هذه التقنيات الجديدة تقنية الذراع الآلية الذكية Smart Robot وأنظمة الخبراء Expert Systems وتركز التقنية الأولى على تزويد الذراع الآلي بالرؤية الإلكترونية والقدرة على التخطيط والقيام بأعمال مركبة ومعقدة قد تحتاج إلى أكثر من ذراع التعاون عليها. وتركز تقنية أنظمة الخبراء على استخلاص المعرفة التي يستخدمها الخبراء في مجال ما وتخزينها واستخدامها في الوصول لاستنتاجات توازي تلك التي يصل لها الخبير.
ولعلم الذكاء الاصطناعي بإذن الله مجالات تطبيقية واسعة جداً إذا توفرت الشروط التالية:-
1. البعد عن الخيال والتوقعات المبنية على غير الحقائق العلمية المثبتة مثل ما يردنا من كتب وأفلام خيالية عن أنظمة تفوق ذكاء الإنسان أو تتحكم فيه.
2. استيعاب حدود وإمكانات هذا العلم الجديد واستخدامه في المجالات المناسبة
3. العمل على حث طلابنا وعلمائنا وباحثينا على دراسته وبحثه وتطويره وتطويعه لاحتياجاتنا.
وإنني أنتهز فرصة النشر في نشرة " عصر الحاسب " التي تخاطب المتخصصين في الحاسب الآلي لأهيب بالجميع كل ما فيما يخصه بالعمل على نشر هذا العلم الجديد . ولتسليمي بقول الله تعالى " كذب المنجمون ولو صدقوا " فإنني لا أنجم بل أتوقع وأؤكد عن معرفة متواضعة أن يكون لهذا العلم شأن كبير في السنوات العشر القادمة إن شاء الله مما يجعله يمس معظم مجالات حياتنا اليومية. كما أحث المسؤولين على عمل مراك

7
منتدى علوم الحاسب / أيها السفير
« في: أبريل 11, 2005, 12:45:11 صباحاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

ليأذن لي أخي الحبيب وأستاذي Mgh على الدخول عنوة ومزاحمة الكبار في هذا الممنتدى

لن أتحدث عن أخي Mgh لأن شهادتي فيه مجروحة كوني أحد تلاميذه وأكن له كل حب وتقدير

أخي السفير .. ليهنأ هذا المنتدى بامثالك .. ولأهنأ أنا بهذا النشاط والحماس لإثراء هذا الركن من المنتدى .. نعم أخي هنيئناً لنا بك ..

محبكم أبو عبدالرحمن

8
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

قال أخي محمد عمر أن هذا الموضوع (( متعوب عليه )) .. وأوافقه الرأي مع تحفظي الشديد على بعضه ..
قرات الموضوع بتمعن شديد لأن أسلوب كاتبه يعجزك أن تهمل ما استهللت قراءته .. ولكن

تلك الصادر التي استقيت منها المعلومات

اقتباس
المصادر :   جريدة الرياض   2/16/2003 م   تشريح النكته  _ فهد عامر الاحمدي    .. . ,
           عالم المعرفه رقم 289   2003 يناير    _  الفكاهه و الضحك _  د . شاكر عبد الحميد   . . ,
           مجله العربي    2004 يناير  
            الثقافه النفسية   1993 تموز  _  التوحيدي وعلم نفس الضحــك  
           انيس منصور طبعه خامسة  2001   _ لعلك تضحك  


لم أجد بينها القرآن الكريم ولا السنة المطهرة .. رغم ان الموضوع يتحدث عن جزء من سلوك الإنسان ــ الذي خلقه الله الحكيم الخبير ــ وصورة من ردود أفعاله .. رايت أسماء علماء من الغرب واستدلالات كثيرة لتعزيز المعلومة وتوكيدها .. غير أنه لم تتم الإشارة حتى ولو بالصدفة إلى قول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما معناه "ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب"
ومن جميل المنقول ليكمل هذا الموضوع ويزدان بما يتواءم مع الفطرة التي فطر الناس عليها أن الضحك من خصائص الإنسان فالحيوانات لا تضحك؛ لأن الضحك يأتي بعد نوع من الفهم والمعرفة لقول يسمعه، أو موقف يراه، فيضحك منه.
ولهذا قيل: الإنسان حيوان ضاحك، ويصدق القول هنا: أنا أضحك، إذن أنا إنسان.

والإسلام -بوصفه دين الفطرة- لا يتصور منه أن يصادر نزوع الإنسان الفطري إلي الضحك والانبساط بل هو علي العكس يرحب بكل ما يجعل الحياة باسمة طيبة، ويحب للمسلم أن تكون شخصيته متفائلة باشة، ويكره الشخصية المكتئبة المتطيرة، التي لا تنظر إلي الحياة والناس إلا من خلال منظار قاتم أسود.

وأسوة المسلمين في ذلك هو: رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فقد كان -برغم همومه الكثيرة والمتنوعة- يمزح ولا يقول إلا حقًا، ويحيا مع أصحابه حياة فطرية عادية، يشاركهم في ضحكهم ولعبهم ومزاحهم، كما يشاركهم آلامهم وأحزانهم ومصائبهم.

يقول زيد بن ثابت، وقد طلب إليه أن يحدثهم عن حال رسول الله -صلي الله عليه وسلم- فقال: كنت جاره، فكان إذا نزل عليه الوحي بعث إلي فكتبته له، فكان إذا ذكرنا الدنيا ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الآخرة ذكرها معنا، وإذا ذكرنا الطعام ذكره معنا، وقال: فكل هذا أحدثكم عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- ؟ (رواه الطبراني بإسناد حسن كما في مجمع الزوائد "9/17").

وقد وصفه أصحابه بأنه كان من أفكه الناس في. (كنز العمال برقم 18400) .
وقد رأيناه في بيته -صلي الله عليه وسلم- يمازح زوجاته ويداعبهن، ويستمع إلي أقاصيصهن، كما في حديث أم زرع الشهير في صحيح البخاري.
وكما رأينا في تسابقه مع عائشة رضي الله عنها، حيث سبقته مرة، وبعد مدة تسابقا فسبقها، فقال لها: هذه بتلك!

وقد روي أنه وطأ ظهره لسبطيه الحسن والحسين، في طفولتهما ليركبا، ويستمتعا دون تزمت ولا تحرج، وقد دخل عليه أحد الصحابة ورأي هذا المشهد فقال: نعم المركب ركبتما، فقال عليه الصلاة والسلام: "ونعم الفارسان هما"!
ورأيناه يمزح مع تلك المرأة العجوز التي جاءت تقول له: ادع الله أن يدخلني الجنة، فقال لها: "يا أم فلان، إن الجنة لا يدخلها عجوز" ! فبكت المرأة حيث أخذت الكلام علي ظاهره، فأفهمها: أنها حين تدخل الجنة لن تدخلها عجوزًا، بل شابة حسناء.

وتلا عليها قول الله تعالي في نساء الجنة: (إنا أنشأناهن إنشاء. فجعلناهن أبكارًا. عربًا أترابًا).(الواقعة: 35-37) والحديث أخرجه الترمذي في "الشمائل"، وعبد بن حميد، وابن المنذر، والبيهقي،وغيرهم، وحسنه الألباني في "غاية المرام")
وجاء رجل يسأله أن يحمله علي بعير، فقال له عليه الصلاة والسلام: "لا أحملك إلا علي ولد الناقة" ! فقال: يا رسول الله، وماذا أصنع بولد الناقة ؟ ! -انصرف ذهنه إلي الحوار الصغير- فقال: "وهل تلد إلا النوق" ؟ (رواه الترمذي، وقال: حسن صحيح وأخرجه أبو داود أيضًا).

وقال زيد بن أسلم: إن امرأة يقال لها أم أيمن جاءت إلي النبي -صلي الله عليه وسلم- فقالت: إن زوجي يدعوك، قال: "ومن هو ؟ أهو الذي بعينه بياض" ؟ قالت: والله ما بعينه بياض فقال: "بلي إن بعينه بياضا" فقالت: لا والله، فقال -صلي الله عليه وسلم-: "ما من أحد إلا بعينه بياض" (أخرجه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة والمزاح، ورواه ابن أبي الدنيا من حديث عبيدة بن سهم الفهري مع اختلاف، كما ذكر العراقي في تخريج الإحياء). وأراد به البياض المحيط بالحدقة.

وقال أنس: كان لأبي طلحة ابن يقال له أبو عمير، وكان رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يأتيهم ويقول: "يا أبا عمير ما فعل النغير" ؟ (متفق عليه). لنغير كان يلعب به وهو فرخ العصفور.
وقالت عائشة رضي الله عنها: كان عندي رسول الله -صلي الله عليه وسلم- وسودة بنت زمعة فصنعت حريرة -دقيق يطبخ بلبن أو دسم- وجئت به، فقلت لسودة: كلي، فقالت: لا أحبه، فقلت: والله لتأكلن أو لألطخن به وجهك، فقالت، ما أنا بذائقته، فأخذت بيدي من الصحفة شيئًا منه فلطخت به وجهها، ورسول الله -صلي الله عليه وسلم- جالس بيني وبينها، فخفض لها رسول الله ركبتيه لتستقيد مني فتناولت من الصحفة شيئًا فمسحت به وجهي ! وجعل رسول الله -صلي الله عليه وسلم- يضحك. (أخرجه الزبير بن بكار في كتاب الفكاهة وأبو يعلي بإسناد جيد كما في تخريج الإحياء).

وروي أن الضحاك بن سفيان الكلابي كان رجلاً دميمًا قبيحًا، فلما بايعه النبي -صلي الله عليه وسلم- قال: إن عندي امرأتين أحسن من هذه الحميراء -ذلك قبل أن تنزل آية الحجاب- أفلا أنزل لك عن إحداهن فتتزوجها !، وعائشة جالسة تسمع، فقالت: أهي أحسن أم أنت ؟ فقال: بل أنا أحسن منها وأكرم، فضحك رسول الله -صلي الله عليه وسلم- من سؤالها إياه؛ لأنه كان دميمًا. (قال الحافظ العراقي: أخرجه الزبير بن بكار في الفكاهة من رواية عبد الله بن حسن مرسلاً أو معضلاً وللدارقطني نحو هذه القصة مع عيينة بن حصن الفزاري بعد نزول الحجاب من حديث أبي هريرة).

وكان -صلي الله عليه وسلم- يحب إشاعة السرور والبهجة في حياة الناس، وخصوصًا في المناسبات مثل الأعياد والأعراس.
ولما أنكر الصديق أبو بكر -رضي الله عنه- غناء الجاريتين يوم العيد في بيته وانتهرهما، قال له "دعهما يا أبا بكر، فإنها أيام عيد" ! وفي بعض الروايات: "حتي يعلم يهود أن في ديننا فسحة".
وقد أذن للحبشة أن يلعبوا بحرابهم في مسجده عليه الصلاة والسلام في أحد أيام الأعياد، وكان يحرضهم ويقول: "دونكم يا بني أرفدة" !
وأتاح لعائشة أن تنظر إليهم من خلفه، وهم يلعبون ويرقصون، ولم ير في ذلك بأسًا ولا حرجًا.

واستنكر يومًا أن تزف فتاة إلي زوجها زفافًا صامتًا، لم يصحبه لهو ولا غناء، وقال: "هلا كان معها لهو ؟ فإن الأنصار يعجبهم اللهو، أو الغزل". وفي بعض الروايات: "هلا بعثتم معها من تغني وتقول: أتيناكم أتيناكم .. فحيونا نحييكم".
وكان أصحاب النبي -صلي الله عليه وسلم- ومن تبعهم بإحسان في خير قرون الأمة يضحكون ويمزحون، اقتداءً بنبيهم -صلي الله عليه وسلم- واهتداء بهديه. حتي إن رجلاً مثل عمر بن الخطاب -علي ما عرف عنه من الصرامة والشدة- يروي عنه أنه مازح جارية له، فقال لها: خلقني خالق الكرام، وخلقك خالق اللئام ! فلما رآها ابتأست من هذا القول، قال لها مبينًا: وهل خالق الكرام واللئام إلا الله عز وجل ؟؟

وقد عرف بعضهم بذلك في حياته -صلي الله عليه وسلم-، وأقره عليه، واستمر علي ذلك من بعده، وقبله الصحابة، ولم يجدوا فيه ما ينكر، برغم أن بعض الوقائع المروية في ذلك لو حدثت اليوم لأنكرها معظم المتدينين أشد الإنكار، وعدوا فاعلها من الفاسقين أو المنحرفين !
من هؤلاء المعروفين بروح المرح والفكاهة والميل إلي الضحك والمزاح النعيمان بن عمر الأنصاري، رضي الله عنه، الذي رويت عنه في ذلك نوادر عجيبة وغريبة.

وقد ذكروا أنه كان ممن شهد العقبة الأخيرة، وشهد بدرًا وأُحدًا، والخندق، والمشاهد كلها.
روي عنه الزبير بن بكار عددًا من النوادر الطريفة في كتاب "الفكاهة والمرح" نذكر بعضًا منها:
قال: وكان لا يدخل المدينة طرفة إلا اشتري منها، ثم جاء بها إلي النبي -صلي الله عليه وسلم-، فيقول: ها أهديته لك، فإذا جاء صاحبها يطلب نعيمان بثمنها، أحضره إلي النبي -صلي الله عليه وسلم-، قائلا: أعط هذا ثمن متاعه، فيقول: "أو لم تهده لي" ؟ فيقول: إنه والله لم يكن عندي ثمنه، ولقد أحببت أن تأكله، فيضحك، ويأمر لصاحبه بثمنه.

وأخرج الزبير قصة أخري من طريق ربيعة بن عثمان قال: دخل أعرابي علي النبي -صلي الله عليه وسلم-، وأناخ ناقته بفنائه، فقال بعض الصحابة للنعيمان الأنصاري: لو عقرتها فأكلناها، فإنا قد قرمنا إلي اللحم ؟ ففعل، فخرج الأعرابي وصاح: واعقراه يا محمد ! فخرج النبي -صلي الله عليه وسلم- فقال: "من فعل هذا" ؟ فقالوا: النعيمان، فأتبعه يسأل عنه حتي وجده قد دخل دار ضباعة بنت الزبير بن عبد المطلب، واستخفي تحت سرب لها فوقه جريد، فأشار رجل إلي النبي -صلي الله عليه وسلم- حيث هو فأخرجه فقال له: "ما حملك علي ما صنعت" ؟ قال: الذين دلوك علي يا رسول الله هم الذين أمروني بذلك قال: فجعل يمسح التراب عن وجهه ويضحك، ثم غرمها للأعرابي.

قال الزبير أيضا: حدثني عمي عن جدي قال: كان مخرمة بن نوفل قد بلغ مائة وخمس عشرة سنة، فقام في المسجد يريد أن يبول، فصاح به، الناس، المسجد المسجد، فأخذه نعيمان بن عمرو بيده، وتنحي به، ثم أجلسه في ناحية أخري من المسجد فقال له: بل هنا قال: فصاح به الناس فقال: ويحكم، فمن أتي بي إلي هذا الموضع ؟! قالوا نعيمان، قال: أما إن لله علي إن ظفرت به أن أضربه بعصاي هذه ضربة تبلغ منه ما بلغت ! فبلغ ذلك نعيمان، فمكث ما شاء الله، ثم أتاه يومًا، وعثمان قائم يصلي في ناحية المسجد، فقال لمخرمة: هل لك في نعيمان قال: نعم قال: فأخذه بيده حتي أوقفه علي عثمان، وكان إذا صلي لا يلتفت فقال: دونك هذا نعيمان، فجمع يده بعصاه، فضرب عثمان فشجه، فصاحوا به: ضربت أمير المؤمنين، فذكر بقية القصة. (ذكر هذه القصص الحافظ ابن حجر في ترجمة نعيمان من كتابه: "الإصابة" نقلاً عن كتاب الزبير بن بكار في كتابه: "الفكاهة والمرح").

ومن الطرائف أن صحابيًا آخر من أهل الفكاهة والمزاح، استطاع أن يوقع نعيمان في بعض ما أوقع فيه غيره من "المقالب" كما في قصة سويبط بن حرملة معه، وكان ممن شهد بدرًا أيضًا، قال ابن عبد البر في "الاستيعاب" في ترجمة سويبط رضي الله عنه: وكان مزاحًا يفرط في الدعابة، وله قصة ظريفة مع نعيمان وأبي بكر الصديق -رضي الله عنهم-، نذكرها لما فيها من الظرف، وحسن الخلق.

وروي عن أم سلمة قالت: خرج أبو بكر الصديق -رضي الله عنه- في تجارة إلي بصري قبل موت النبي -صلي الله عليه وسلم- بعام، ومعه نعيمان وسويبط بن حرملة، وكانا قد شهدا بدرًا، وكان نعيمان علي الزاد، فقال له سويبط، وكان رجلاً مزاحًا، أطعمني فقال: لا حتي يجيء أبو بكر رضي الله عنه، فقال: أما والله لأغيظنك، فمروا بقوم فقال لهم سويبط: تشترون مني عبدًا ؟ قالوا: نعم، قال: إنه عبد له كلام، وهو قائل لكم: إني حر، فإن كنتم إذا قال لكم هذه المقالة تركتموه، فلا تفسدوا علي عبدي، قالوا: بل نشتريه منك، قال: فاشتروه منه بعشر قلائص، قال: فجاءوا فوضعوا في عنقه عمامة أو حبلاً، فقال نعيمان: إن هذا يستهزئ بكم، وإني حر، لست بعبد، قالوا: قد أخبرنا خبرك فانطلقوا به، فجاء أبو بكر رضي الله عنه، فأخبره سويبط فأتبعهم، فرد عليهم القلائص، وأخذه، فلما قدموا علي النبي -صلي الله عليه وسلم- أخبروه قال: فضحك النبي -صلي الله عليه وسلم- وأصحابه منها حولاً أخرجه ابن أبي شيبة وابن ماجة. وأخرجه أبو داود الطيالسي والروياني فجعلا المازح هو النعيمان والمبتاع سويباطًا، كما في ترجمته في "الإصابة").

موقف المتشددين:
ولا ريب أن هناك من الحكماء والأدباء والشعراء من ذم المزاح، وحذر من سوء عاقبته، ونظر إلي جانب الخطر والضرر فيه، وأغفل الجوانب الأخري.
قال بعضهم: المزاح مجلبة للبغضاء، مثلبة للبهاء، مقطعة للإخاء، وقيل: إذا كان المزاح أول الكلام كان آخره الشتم واللكام، وسئل الحجاج بن الفرية عن المزاح فقال: أوله فرح، وآخره ترح، وهو نقائص السفهاء مثل نقائص الشعراء، والمزاح فحل لا ينتج إلا الشر.
وقال مسعر بن كدام:
أما المزاحة والمراء فدعهما خلقان لا أرضاهما لصديق
وقيل:
لا تمازح صغيرًا فيجترئ عليك، ولا كبيرًا فيحقد عليك !
ونحوه قول الشاعر:
فإياك إياك المزاح فإنه يجرئ عليك الطفل والدنس النذلا
وقال عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه: لا يكون المزاح إلا من سخف أو بطر، وقيل: المزاح يبدي المهانة ويذهب المهابة، والغالب فيه واتر، والمغلوب ثائر.
وقيل: احذر فلتات المزاح فسقطة الاسترسال لا تقال.

ولكن ما جاء عن الرسول -صلي الله عليه وسلم- وأصحابه أحق أن يتبع، وهو يمثل التوازن والاعتدال.
وقد قال لحنظلة حين فزع من تغير حاله في بيته عن حاله مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم-، واتهم نفسه بالنفاق: "يا حنظلة لو دمتم علي الحال التي تكونون عليها عندي لصافحتكم الملائكة في الطرقات، ولكن يًا حنظلة ساعة وساعة"، وهذه هي الفطرة، وهذا هو العدل.

روي ابن أبي شيبة عن أبي سلمة بن عبد الرحمن قال: لم يكن أصحاب رسول الله -صلي الله عليه وسلم- متحزقين ولا متماوتين. كانوا يتناشدون الأشعار، ويذكرون أمر جاهليتهم، فإذا أريد أحدهم علي شيء من أمر دينه دارت حماليق عينيه كأنه مجنون. (المصنف لابن أبي شيبة 8/711 بلفظ "منحرفين" بدل "متحزقين" والتصويب من غريب الحديث للخطابي 3/49).
والتحزق كما يقول الإمام الخطابي: التجمع وشدة التقبص.
وفي النهاية لابن الأثير: متحزقين: أي منقبضين ومجتمعين.

وسئل ابن سيرين عن الصحابة: هل كانوا يتمازحون ؟ فقال: ما كانوا إلا كالناس. كان ابن عمر يمزح وينشد الشعر. (رواه أبو نعيم في: الحلية 2/275).
وبهذا يكون موقف أولئك النفر من المتدينين أو المتحمسين للدين، وعبوسهم وتجهمهم الذي ذكره الأخ السائل، لا يمثل حقيقة الدين في شيء، ولا يتفق مع هدي الرسول الكريم وأصحابه.
إنما يرجع إلي سوء فهمهم للإسلام، أو لطبيعتهم الشخصية، أو لظروف نشأتهم وتربيتهم.
وعلي كل حال، لا يجهل مسلم أن الإسلام لا يؤخذ من سلوك فرد أو مجموعة من الناس، يخطئون ويصيبون. والإسلام حجة عليهم، وليسوا هم حجة علي الإسلام، إنما يؤخذ الإسلام من القرآن والسنة الثابتة.
تفسير النصوص الموهمة لخلاف ذلك:
وأما النصوص الدينية التي ذكرها السائل، والتي فهم منها من فهم أن الإسلام يدعو إلي الحزن والاكتئاب والتجهم، فأود أن ألقي بعض الضوء عليها حتي لا نسيء فهمها، ونخرجها عن الإطار الذي أريد بها.

فقوله تعالي علي لسان قوم قارون له ناصحين: (لا تفرح إن الله لا يحب الفرحين) لا يفهم منه ذم الفرح بإطلاق، بل الفرح المراد هنا -كما يدل عليه السياق- هو فرح الأشر والبطر والغرور والانتفاخ الذي ينسي صاحبه فضل الله عليه، وينسب كل فضل إلي نفسه، فهو فرح بغير الحق، كذلك الذي ذم به القرآن المشركين حين قال لهم بعد دخولهم النار: (ذلكم بما كنتم تفرحون في الأرض بغير الحق وبما كنتم تمرحون). (غافر: 75).

وهو أشبه بفرح الذين سألهم النبي -صلي الله عليه وسلم- من اليهود عن شيء فكتموه إياه، وأخبروه بغيره، وخرجوا من عنده فرحين بما صنعوا من الكتمان والكذب ولم يكتفوا بذلك، بل طلبوا الحمد علي أنهم سئلوا فأجابوا بالحقيقة وفيهم نزل قوله تعالي: (لا تحسبن الذين يفرحون بما أتوا ويحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا فلا تحسبنهم بمفازة من العذاب ولهم عذاب أليم). (آل عمران: 188).

ومثل ذلك فرح الذين غرهم علمهم المادي، فوقفوا عنده، ورفضوا ما جاء به الوحي، وفيهم جاء قول الله تعالي: (فلما جاءتهم رسلهم بالبينات فرحوا بما عندهم من العلم وحاق بهم ما كانوا به يستهزئون). (غافر: 83).

وقوله -صلي الله عليه وسلم-: "لا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب" فالحديث واضح الدلالة علي أن المنهي عنه ليس مجرد الضحك، بل كثرته، وكل شيء خرج عن حده انقلب إلي ضده.
وأما وصفه -صلي الله عليه وسلم- "بأنه متواصل الأحزان" فالحديث ضعيف، والضعيف لا تقوم به حجة.
ويعارضه الحديث الصحيح الذي رواه البخاري، أنه كان -صلي الله عليه وسلم- يستعيذ بالله من الهم والحزن.

علي أن ذلك الحديث لو صح لأمكن تأويله أنه كان يمسي ويصبح وهو مشغول بهموم دعوته، وهموم أمته، وما أكثرها.
ولكنه مع هذا لم يضق قلبه الكبير عن المزاح والمداعبة، وإعطاء الفطرة حقها، والناس حقوقهم، وهذه هي الإنسانية الكاملة، والأسوة المثلي.

حدود المشروعية في الضحك والمزاح:
ومن هنا نقول: إن الضحك والمرح والمزاح أمر مشروع في الإسلام، كما دلت علي ذلك النصوص القولية، والمواقف العملية للرسول الكريم -صلي الله عليه وسلم- وأصحابه -رضي الله عنهم-.
وما ذلك إلا لحاجة الفطرة الإنسانية إلي شيء من الترويح يخفف عنها لأواء الحياة وقسوتها، وتشعب همومها وأعبائها.
وفي هذا قال الإمام علي رضي الله عنه: "إن القلوب تمل كما تمل الأبدان فابتغوا لها طرائف الحكمة".
وقال: "روحوا القلوب ساعة بعد ساعة، فإن القلب إذا أكره عمي" !
كما أن هذا الضرب من اللهو والترفيه يقوم بمهمة التنشيط للنفس، حتي تستطيع مواصلة السير والمضي في طريق العمل الطويل، كما يريح الإنسان دابته في السفر، حتي لا تنقطع به.
وفي هذا يقول أبو الدرداء رضي الله عنه: "إني لأستجم نفسي بالشيء من اللهو ليكون أقوي لها علي الحق".

فمشروعية الضحك والمرح والمزاح لا شك فيها في الأصل، ولكنها مقيدة بقيود وشروط لابد أن تراعي:
أولها: ألا يكون الكذب والاختلاق أداة الإضحاك للناس، كما يفعل بعض الناس في أول إبريل -نيسان- فيما يسمونه "كذبة إبريل".
ولهذا قال -صلي الله عليه وسلم-: "ويل للذي يحدث فيكذب، ليضحك القوم، ويل له، ويل له، ويل له".
وقد كان -صلي الله عليه وسلم- يمزح ولا يقول إلا حقًا.

ثانيًا: ألا يشتمل علي تحقير لإنسان آخر، أو استهزاء به وسخرية منه، إلا إذا أذن بذلك ورضي.
قال تعالي: (يأيها الذين آمنوا لا يسخر قوم من قوم عسي أن يكونوا خيرًا منهم ولا نساء من نساء عسي أن يكن خيرًا منهن ولا تلمزوا أنفسكم ولا تنابزوا بالألقاب بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان). (الحجرات: 11).

وجاء في الحديث الصحيح: "بحسب امرئ من الشر أن يحقر أخاه المسلم" رواه مسلم.
وذكرت عائشة أمام النبي -صلي الله عليه وسلم- إحدي ضرائرها، فوصفتها بالقصر تعيبها به، فقال: "يا عائشة، لقد قلت كلمة لو مزجت بماء البحر لمزجته" قالت: وحكيت له إنسانًا -أي قلدته في حركته أو صوته أو نحو ذلك- فقال: "ما أحب أني حكيت إنسانًا وأن لي كذا وكذا". (رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح).

ثالثا: ألا يترتب عليه تفزيع وترويع لمسلم.
فقد روي أبو داود عن عبد الرحمن بن أبي ليلي قال: حدثنا أصحاب محمد -صلي الله عليه وسلم-، أنهم كانوا يسيرون مع النبي -صلي الله عليه وسلم- فقام رجل منهم، فانطلق بعضهم إلي حبل معه فأخذه، ففزع فقال رسول الله -صلي الله عليه وسلم-: "لا يحل لرجل أن يروع مسلمًا".

وعن النعمان بن بشير قال: كنا مع رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في مسير، فخفق رجل علي راحلته -أي نعس- فأخذ رجل سهمًا من كنانته فانتبه الرجل، ففزع، فقال رسول الله: "لا يحل لرجل أن يروع مسلمًا" رواه الطبراني في الكبير ورواته ثقات. والسياق يدل علي أن الذي فعل ذلك كان يمازحه.
وقد جاء في الحديث الآخر: "لا يأخذ أحدكم متاع أخيه لاعبًا ولا جادا" رواه الترمذي وحسنه.

رابعًا: ألا يهزل في موضع الجد، ولا يضحك في مجال يستوجب البكاء، فلكل شيء أوانه، ولكل أمر مكانه، ولكل مقام مقال. والحكمة وضع الشيء في موضعه المناسب.
ومن ممادح الشعراء:
إذا جد عند الجد أرضاك جده وذو باطل إن شئت ألهاك باطله !
والباطل هنا يقصد به اللهو والمرح.
وقال آخر:
أهازل حيث الهزل يحسن بالفتي وإني إذا جد الرجال لذو جد !
وروي الأصمعي أنه رأي امراة بالبادية تصلي علي سجادتها خاشعة ضارعة فلما فرغت، وقفت أمام المرآة تتجمل وتتزين، فقال لها: أين هذه من تلك ؟
فأنشدت تقول:
ولله مني جانب لا أضيعه وللهو مني والبطالة جانب !
قال: فعرفت أنها امرأة عابدة لها زوج تتجمل له.

وقد قال أبو الطيب:
ووضع الندي في موضع السيف بالعلا
مضر كوضع السيف في موضع الندي
وفي الحديث: "ثلاث جدهن جد، وهزلهن جد: النكاح والطلاق والعتاق".
وقد عاب الله تعالي علي المشركين أنهم كانوا يضحكون عند سماع القرآن وكان أولي بهم أن يبكوا، فقال تعالي: (أفمن هذا الحديث تعجبون. وتضحكون ولا تبكون. وأنتم سامدون). (النجم: 59-61).
وعاب علي المنافقين فرحهم وضحكهم لتخلفهم عن رسول الله -صلي الله عليه وسلم- في غزوة تبوك وافتعالهم الأعذار الكاذبة للقعود مع الخوالف، فقال تعالي: (فرح المخلفون بمقعدهم خلاف رسول الله وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم في سبيل الله وقالوا لا تنفروا في الحر قل نار جهنم أشد حرًا لو كانوا يفقهون. فليضحكوا قليلاً وليبكوا كثيرًا جزاء بما كانوا يكسبون). (التوبة: 81، 82).

خامسًا: أن يكون ذلك بقدر معقول، وفي حدود الاعتدال والتوازن، الذي تقبله الفطرة السليمة، ويرضاه العقل الرشيد، ويلائم المجتمع الإيجابي العامل.
والإسلام يكره الغلو والإسراف في كل شيء، ولو في العبادة، فكيف باللهو والمرح ؟!
ولهذا كان التوجيه النبوي: "ولا تكثر من الضحك فإن كثرة الضحك تميت القلب" فالمنهي عنه هو الإكثار والمبالغة.
وقد ورد عن علي رضي عنه قوله: "أعط الكلام من المزح، بمقدار ما تعطي الطعام من الملح".
وهو قول حكيم، يدل علي عدم الاستغناء عن المزح، كما يدل علي ضرر الإفراط فيه.

والمبالغة هي التي يخشي من ورائها الإلهاء عن الأعباء، أو تجريء السفهاء، أو إغضاب الأصدقاء، ولعل هذا المراد من حديث "لا تمار أخاك ولا تمازحه" رواه الترمذي.
فالمبالغة في المزاح كالمماراة، كلتاهما تؤدي إلي إيغار الصدور.
وقال سعيد بن العاص لابنه: "اقتصد في مزاحك، فالإفراط فيه يذهب البهاء، ويجريء عليك السفهاء، وتركه يقبض المؤانسين، ويوحش المخالطين".
وخير الأمور هو الوسط دائمًا وهو نهج الإسلام وخصيصته الكبري، ومناط فضل أمته علي غيرها. وهو الصراط المستقيم الذي ندعو الله أن يهدينا إليه، ويثبتنا عليه في الأقوال والآراء والأعمال والمواقف، اللهم آمين.
والله أعلم
-----------------
لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين

9
منتدى علوم الحاسب / هل تريد إضافة جماليات إلى مشاركاتك
« في: فبراير 11, 2004, 12:54:31 مساءاً »
أستاذي الفاضل عسكر
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أولاً وقبل كل شيء أدعو الله القدير لي ولك بأسمائه الحسنى وصفاته العلى العفو والرحمة والمغفرة و الشفاء وحسن الخاتمة..
ثم إنني أتقدم لك نيابة عن أعضاء وزوار المنتدى بالشكر الجزيل لقاء ما تثري به هذه الساحة، متمنياً عدم التوقف والتنوع في الإضافات، لما لديكم من قدرة وبراعة في هذا المجال..

تقبل خالص تحيات وتقدير تلميذك المحب أبو عبدالرحمن

10
منتدى علوم الحاسب / هل تريد إضافة جماليات إلى مشاركاتك
« في: فبراير 10, 2004, 01:27:10 صباحاً »
أخي الحبيب عسكر

زدنا ..بارك الله فيك وزاد من علمك ..

آمل أخي الحبيب أن تزيل أو تحذف الكود التالي لأني أكرهه كره العمى ..

اقتباس
ى


أخوك المحب أبو عبدالرحمن

11
منتدى علوم الحاسب / احد يساعدنيييي بسررررعه.....!!!!!
« في: فبراير 04, 2004, 10:03:36 مساءاً »
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

يبدو أن أحدهم قد نقل مجلد Program Files من مكانه عن طريق الدوس أو برنامج تشغيلي آخر ، أو أنه تم تغيير اسمه إلى اسم آخر أو شيء من هذا  القبيل .. تأكد من ذلك .. وحالو استعداة النظام إن أمكنك ذلك عن طريق إبدأ --  البرامج الملحقة -- أدوات النظام -- استعادة نقطة النظام

وعلى الله الاتكال ..

أخوك أبو عبدالرحمن

12
منتدى علوم الحاسب / هل تريد إضافة جماليات إلى مشاركاتك
« في: فبراير 01, 2004, 10:45:02 مساءاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

إخوتي الأحباب جمعني الله بهم في دار كرامته

لم أكن أتوقع أن يحصل هذا الموضوع على الاهتمام الذي أراه .. ولقد كنت أتوقع أن يكون هناك جهد متواصل من بقية الأعضاء .. ولكن .. رايت هذا الموضوع يبعث من جديد .. وفي الحقيقة أن هناك أكواد كثيرة جداً غير أن تنفيذها يعتمد بالدرجة الأولى على الصلاحيات الممنوحة لها في المنتدى وما الذي تم التصريح له بالتنفيذ ..

وعلى أي حال كل باب له طارقوه .. وكل منزل له زواره .. وأرى أن هذا الموضوع قد يكمل الجهود التي يبذلها أخواي محمد الحريري والسفير وأرى أن أستاذي عسكر بدأ يثري هذا الموضوع بمشاركات آمل أن لا يقف عندها ..

وأعتذر عن التوقف الذي كنت مجبراً عليه .. فمن عرفكم لا يمكن بحال أن يبتعد عنكم .. وهذا المنتدى سيظل منزلي مهما انشغلت عنه ..

وسأواصل بإذن الله فيما يمكن أن يحقق رغباتكم .. وطلباتكم أوامر ..

أخوكم أبو عبدالرحمن

13
منتدى علوم الحاسب / تحية
« في: يناير 27, 2004, 06:12:53 مساءاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الغالي الأستاذ عسكر          أحبه الله

بكل التقدير والاحترام قرأت السطر الذي أضفته في الرد آنفاً وهو عندي والله أبلغ من توطئة كتاب مهم ..

ولكم أنتم أخي عسكر وإخوتي أعضاء المنتدى شوق الله به عليم .. وتظل شمسك مشرقة في جوانب هذا المنتدى.

بارك الله في تحيتك واستقبالك وجعلني الله خيراً مما يظن أحبتي وإخوتي لا حرمني الله وإياك وإياهم جنة الخلد ..

تقبل تحيات وتقدير أخيك المحب أبو عبدالرحمن

14
منتدى علوم الحاسب / تحية
« في: يناير 26, 2004, 09:11:45 مساءاً »
السلام عليكم ورحة الله وبركاته


أستاذي وأخي الحبيب محمد الحريري              أحبه الله

إن الشوق الذي أحمله في قلبي لك لا يقل عن ما تحمله ، وإن تقديري لشخصك الكريم أبلغ مما تتصور ..

مالذي أراه في منتدى الحاسب إنها نقلة نوعية يحتاجها كل زائر .. التنوع سرعة المعالجة والمساعدة .. الدعم الفني المتخصص .. تفاعل الأعضاء ...بارك الله في جهودك ..

أتمنى رؤيتك قريباً .. فلربما أتيحت الفرصة لزيارة القاهرة في زيارة عمل.علشان اقولك ( وشلوني ) '<img'>


تقبل تحيات وتقدير تلميذك أبو عبدالرحمن

15
منتدى علوم الحاسب / تحية
« في: يناير 26, 2004, 08:18:27 مساءاً »
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

الأخ الغالي السفير    أحبه الله

إن كان ثمة تحية يجب أن تزجى لصاحبها فهي لك ابتداءً لأنك المبادر لها ..

تتبعت مشاركاتك .. وردودك .. وتعليقاتك .. ولفت نظري فيها حسن اجتهادك في خدمة إخوانك الأعضاء لا حرمك الله الأجر والمثوبة على ذلك .. لا يغيب عني أن أتقدم لك بالشكر والتقدير على إثراء هذا المنتدى المبارك .. وأنتم خير عضد لأستاذي وأخي الحبيب محمد الحريري ..

بارك الله في جهودكم وإلى الأمام بعون الله

أخوك المحب أبو عبدالرحمن

صفحات: [1] 2 3 4 ... 37