أولا لدي عتب على الأخوة الذين كتبوا نصوص بالأنجليزية دونما حتى أن يترجموا ما كتبوا فنحن في منتدى عربي وجدير بنا أن نعتز بلغتنا...هذه نقطة.
والنقطة الثانية بالنسبة للزمن فطبيعة الزمن أربكت أرقى العقول البشرية على مدى آلاف السنين فليس من السهل علينا أن نختصره طبعا في موضوع ولكن لا بأس إطلاقا في محاولة فهم الزمن الذي يشكل جوهرا أساسيا في حياتنا.
فالزمن قبل أينشتاين كان مطلقا وأصبح بعده نسبيا وينحني بالحركة والجاذبية.
ولأنه عصي علينا التعريف للزمن فإننا لانستطيع إطلاقا التحكم به لأننا لم ندركه في الحقيقة ونعرف ماهو ولكن يظهر تأثير الزمن علينا بشكل واضح جدا وصحيح أنه هو البعد الرابع ولكن ليس مثل الأبعاد الثلاثة المكانية أبدا اللهم فقط يتشابهون في كلمة البعد فالزمن يختلف عن المكان مع أنه مثله في أنه بعد.
عالم الفلك الأمريكي كارل ساغان وصاحب رواية اتصالcontactوالذي أصبح فيلما بعد ذلك لجودي فوستر
قال عن الزمن أنه عصي على التعريف.
كلنا ندرك بالزمن لأننا نشعر بمروره وكما قال الفلاسفة والعلماء إذا حاولنا أن نشرح ماهو الزمن نعجز عن إيجاد الكلمات المناسبة.
حتى وأنا جالس أكتب هذه الكلمات محتار في إيجاد الصيغ المناسبة والكلام المفيد عن الزمن فكيف بمن هم حاولو دراسته ومع ذلك استعصى عليهم ذلك .
أنا في رأي أن الزمن هو مخلوق من مخلوقات الله لايعلم سرها إلا الله وممكن أن يتوصل العقل البشري لهذا السر بعد إرادة المولى عز وجل ولولا الزمن لحدثت كل لأمور في لحظتها تخليلو لو أنك رميت بذرو البرتقال وفي التو خرجت شجرتها فسبحان الله الحكيم الذي خلق لنا الزمن لحكمة عظيمة فسبحانه.
ومثلما هو معتقد أن الزمن له بداية فعلى الأرجح له نهاية وسيتباطئ الزمن وهذا التباطئ يؤدى لتمدد الكون يوما ما إلى حد كبير ثم ينطوي على نفسه في اتجاه معاكس للإنفجار العظيم قال تعالى يوم نطوي السماء كطي السجل . وهذه نهاية الكون
والأنفجار العظيم معه بدأ الزمن وكذلك ذكر القرآن ذلك قال تعالى (أَوَلَمْ يَرَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ كَانَتَا رَتْقًا فَفَتَقْنَاهُمَا وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ أَفَلَا يُؤْمِنُونَ) [الأنبياء: 30]، وهنا يتفوق البيان القرآني على حقائق العلم الحديث. فالعلم الحديث يسمى بداية الكون (كتلة) وهذه تسمية غير صحيحة علمياً، فالكتلة لا تشير إلى أي نوع من أنواع البناء أو الحركة.
بينما القرآن يعطينا مصطلحاً دقيقاً وهو (الرتق) وفي هذه الكلمة نجد إشارة إلى البنية النسيجية للكون، وفيها إشارة إلى وجود النظام منذ بداية الخلق وليس كما يصفه العلماء بأن الكتلة الابتدائية التي خُلِق منها الكون كانت تعجّ بالفوضى!
وفي كل يوم نجد العلماء يعدلون مصطلحاتهم ويغيرونها بما يتناسب مع جديد الاكتشافات، ولكن الله تعالى خالق هذا الكون والذي يعلم السرَّ وأخفى حدَّد المصطلحات الدقيقة والثابتة منذ بداية نزول القرآن.
والكون في توسع وتمدد مستمر يعتقد جميع العلماء اليوم بأن الكون يتوسع بسرعات مذهلة، وهذا يوضح أن الكون بدأ من نقطة واحدة هي الانفجار الكبير وتوسع ولا زال يتوسع، وهذا ما نجده في قول الحق عزّ وجل: (والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون).
فالزمن أمر مهم جدا ولن نستطيع أن ندرك البعد (الرابع) الزمني إلا إذا انتقلنا إلى عالم آخر ذي أبعاد أكثر، وفي هذه الحالة ـ فقط ـ نستطيع أن نطلع على الماضي والحاضر والمستقبل.
ولتوضيح ذلك، فإننا نتحرك أثناء النوم بعقولنا ومشاعرنا في أبعاد أخرى غير التي نعرفها في اليقظة، فمن الناس من يرى في نومه أحداثاً قد تتحقق بعد ساعات وأيام أو شهوراً ..
فأين كنا أثناء النوم ؟
وفي أي بعد كان عقلنا الباطن يتجول؟ .
من المؤكد أننا لم نكن أثناء النوم موتى، ومع ذلك كنا غائبين بوعينا غير شاعرين بأجسامنا، وبذلك كنا ميتين بالنسبة لهذا العالم، ولكننا أحياء أثناء النوم لنتجول بأحلامنا في عالم غير محدد بالأبعاد الثلاثة، بل ربما كنا نمر بتجربة أبعاد أربعة، أو أكثر، فنرى بعض أحداث الماضي ماثلة أمامنا بالرغم من أنها قد أنقضت، أو قد نرى أحداثاً لم تحدث بعد وإذا بها تحدث في المستقبل، وكأنما مشاعرنا تنطلق بدون حدود أثناء النوم في الزمان والمكان دون أن ندري ...!!!
وليس البعد الرابع الزمني نهاية مطاف الأبعاد.. بل هناك بعد خامس وبعد سادس وبعد سابع ... الخ ..
والموت هو الطريق الوحيد الذي سيحررنا من عالم الماديات (المحكوم بالأبعاد الثلاثة ) إلى عالم الروحانيات، حيث نستطيع أن نخلق في الكون، ونطلع على كل أبعاده، فنرى ما لا عين رأت، ونسمع ما لا أذن سمعت، ونشعر بما لا يخطر على قلب بشر، مصداقاً لقوله تعالى : (لقد كنت في غفلة من هذا فكشفنا عنك غطاءك فبصرك اليوم حديد ) [سورة ق]..
حقاً إن الروح قبس من نور الله لا تعترف بحواجز الزمان والمكان.
ونحن في حياتنا في الدنيا نعتبر الكون المحسوس بداية الزمان. والآن نسأل : هل هناك زمان قبل هذا الزمان وهل هناك زمان بعده؟ يقول ابن رشد: إن ظواهر بعض الآيات القرآنية والأحاديث النبوية الصحيحة تؤكد وجود زمان قبل خلق هذا الكون المحسوس، كما يدل عليه قول الله تعالى : (وهو الذي خلق السماوات والأرض في ستة أيام وكان عرشه على الماء)[سورة هود :7].
وقد نسأل: ما هو مقدار زمن الخلود؟ هل هو زمن دائم لا ينقطع ؟ أم له مدة محددة من علم الله ؟ وهل إذا قلنا بأنه زمن دائم، فهل يكون حينئذ مشارك لله تعالى في أبديته؟
يقول تعالى في آيات كثيرة من القرآن عن زمن الخلود: ( .. خالدين فيها أبداً (22)) [التوبة]. (.. خالدين فيها ما دامت السماوات والأرض إلا ما شاء ربك عطاء غير مجذوذ) [هود].
وقد يتعرض بعض الناس على الخلود مستدلين بقول الله تعالى : (كل شيء هالك إلا وجهه.. ) [القصص، وقوله : (وأحصى كل شيء عدداً) [الجن].
وبرى بعض المفسرين أن خلود الجنة والنار خلود حادث بإيجاد الله له وأن مدته متجددة دوماً، ومحاطة بعلم الله عز وجل ومشروط بدوام السماوات والأرض وبإرادة الله عز وجل، ومعنى هذا أن خلود الآخرة غير مشارك الله تعالى في صفة قدمه وبقائه، والله أعلم .. وعموماً، فإن هذه الأزمنة الأربعة للعرش والكون والعروج والآخرة جميعاًَ مخلوقة لله عز وجل، وعلمها عنده سبحانه، وما نحن إلا مجتهدون من أجل الوصول للحقيقة.
عرفنا أن للكون بداية من عدم، ونهاية إلى عدم، وهذا في حد ذاته إثبات لوجود الله وقدراته اللانهائية.
يقول أديموند ويتيكر: (ليس هناك ما يدعو إلى أن نفترض وجود مادة وطاقة قبل الانفجار العظيم)، وإلا فما الذي يميز تلك اللحظة عن غيرها ؟ والأبسط أن نفترض الخلق من العدم بمعنى إبداع الإرادة الإلهية للخلق من العدم، علماً بأن هذه الصورة لا تكتمل إلا بوجود الإله ) .. لأن شيئاً ما لابد أن يكون موجوداً على الدوام؟ هذا الشيء غير مادي (لأن المادة لها بداية) .. ولابد للمادة أن تكون من خلق عقل أزلي الوجود.. هذا الكائن، وهذا العقل الأزلي، هو الله ...
إن اكتشاف بداية الكون وتوقع نهاية له سوف يؤدي حتماً إلى الإيمان بوجود الله، والعلم اليقيني يؤكد وجود الله على هؤلاء الكفار الدهريين الذين اعتقدوا الكون مستقراً بلا بداية ولا نهاية، أي الكون المستقر الأزلي الدائم Steady state universe.
وهناك فرضية أخرى طرحها بعض العلماء تجنباً لافتراض حتمية بداية الكون ونهايته ـ تدعى (نظرية الكون المتذبذب أزلياً )، أي : انفجار ـ تمدد ـ انكماش ـ انسحاق، ثم انفجار جديد لتتكرر الدورة ) فلا بداية ولا نهاية، بل دورات أزلية من التمدد والانكماش.
وهذه النظرية عليها تحفظات كثيرة، كما يقول الفيزيائي بلودمان: إن عالمنا لا يمكن له أن يتكرر في المستقبل، ونحن ندرك الآن أن أي كون مغلق، كعالمنا، لا يمكن أن يمر إلا بدورة واحدة من دورات التمدد والانكماش وذلك بسبب ضخامة الأنتروبيا (القصور الحراري) المتولدة في كوننا، الذي هو أبعد ما يكون عن التذبذب.
ويقول الله تعالى عن الانكماش الكوني المتوقع في المستقبل : (يوم نطوي السماء كطي السجل للكتب كما بدأنا أول خلق نعيده وعداً علينا إنا كنا فاعلين ) [الأنبياء].
أي : انتظروا يوماً ينطوي فيه الكون بسماواته وأرضه تماماً كما يطوي الكاتب الصحف والكتب ليعود الكون بالانسحاق العظيم إلى حيث بدأ .. هذا الانسحاق واضح أيضاً في قول الله تعالى

'>وحّملت الأرض والجبال فدكتا دكةّ واحدة )[ الحاقة].
وقوله سبحانه وتعالى: (ويسألونك عن الجبال فقل ينسفها ربي نسفاً )[ طه].
ويكرر القرآن الكريم التأكيد على هول هذه اللحظة، التي يسميها العلماء " الانسحاق العظيم" (Big Crush)،ويسميها الله : الساعة والحاقة والصاخة والطامة الكبرى والقارعة وكلما تقرع الأذن وتهز القلوب والوجدان من هول يوم يتبدل فيه الكون.. كما في قوله تعالى : (يوم تبدل الأرض غير الأرض والسماوات وبرزوا لله الواحد القهار)[إبراهيم ].
والله قادر على إعادة خلق الكون، كما قوله تعالى: (.. إنه يبدأ الخلق ثم يعيده .) [يونس].
ويتساءل العلماء: هل سنلاحظ إزاحة زرقاء في طيف المجرات بمجرد بدء الانكماش في المستقبل ؟ .. والجواب : نعم. فهذه الإزاحة علامة فيزيائية من علامات القيامة. ويتساءلون أيضاً، هل تستحيل الحياة في طور الانكماش مستقبلاً لأن الظروف لن تكون ملائمة لوجود كائنات حية، حيث تكون كل النجوم ميتة وقد انتهى وقودها وتحولت إلى أجرام متكورة كالثقوب السوداء؟
وهل (على سبيل الخيال العلمي ) سيموت الناس قبل أن يولدوا في زمن معكوس عند الانكماش؟ .
وهل ستعود الكواكب المكسورة لتجمع نفسها المضاد، أي كلما ازداد الكون انكماشاً؟
وغير ذلك من أسئلة مثيرة .
والجواب المنطقي والعلمي، في رأي ـ أن هذا الانقلاب الزمني لن يحدث في طور الانكماش لأنه لا تماثل بينه وبين التمدد ، لأن طور الانكماش ستسيطر عليه الثقوب السوداء التي ستطحن وتسحق كل شيء سحقاً. وسوف تستحيل الحياة في هذا الطور، لأن الكون سيكون ـ كما يقول ستيفن هوكنج ـ في حالة اضطراب كامل.
وأعتقد، بل وأؤكد، أنا شخصياً ـ كفيزيائي مسلم ـ أن طور الانكماش سيكون مصحوباً بأحداث كونية هائلة، كما ورد بالقرآن الكريم، كتكور الشمس وابتلاع كواكبها في باطنها، وبالتالي اختفاء الكواكب وانتثارها وتسجير البحار واشتعالها وزوال الجبال،
حقاً إن مرحلة الانكماش قيامة صغرى قبل الانسحاق العظيم ، ولن تبقى حياة على وجه الأرض، بل سيقول الإنسان يومئذ أين المفر، كما ورد في قول الله تعالى : (فإذا بر البصر * وخسف القمر * وجمع الشمس والقمر * يقول الإنسان يومئذ أين المفر * كلا لا وزر * إلى ربك يومئذ المستقر ) [ القيامة ].
وقد تسألني : لماذا الدنيا دار الفناء والآخرة دار خلود؟ وإليك الجواب: إن البداية والنهاية في الدنيا قائمة لأجل محدود مسمى عند الله، يعلمه سبحانه، والنهاية حتمية علمياً وقرآنياً، لأن هذا الوجود محدود بالمكان والزمان، ولقد علمنا كيف أن الانحلال الإشعاعي الذري والقانون الثاني للديناميكا الحرارية، وغير ذلك من ظواهر، تؤكد كلها أن للكون نهاية.. أما وجود زمن آخر يسميه البعض( زمن العرش) قبل بدء " الانفجار العظيم" من جهة، وزمن آخر موصوف بالدوام في الآخرة من جهة ثانية، فهذا موضوع آخر، لأنهما زمانان خالدان لا تسري عليهما قوانين الفيزياء.. وليس أمامنا سوى القرآن الكريم نرجع إليه لبيان الغيب الزمني ... المعروف بالخلود، سواء قبل البداية أو بعد النهاية.
يؤكد القرآن الكريم التسبيح والذكر واغتنام الزمن وعدم تضييع العمر والتحذير من الغفلة، لأن العمر برهة والموت يأتي فجأة، وهناك فرق كبير بين من يموت والقلوب عليه حزينة والأعين عليه باكية والألسنة معطرة عليه بالثناء الطيب، وبين من يموت ولا يحزن لفراقه قلب ولا يترحم عليه لسان ولا تبكي عليه عين.. ولقد جعل الله الليل والنهار يتعاقبان على حياة الناس لحكمة، كما في قوله تعالى: ( وهو الذي جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذّكر أو أراد شكوراً ) [ الفرقان]، وقوله سبحانه : (الذي خلق الموت والحياة ليبلوكم أيكم أحسن عملاً وهو العزيز الغفور ) [الملك ] .. هذه هي الحكمة من عمرنا لفترة زمنية محددة، ما مضي منها لا يعود ولا يعوض وهيهات هيهات فقد مضى العمر ولا رجعة فيه، كما يقول الحسن البصري، رحمه الله: ( ما من يوم ينشق فجره إلا وينادي : يا ابن آدم أنا خلق جديد وعلى علك شهيد، فتزود مني فإني إذا مضيت لا أعود إلى يوم القيامة ) .
ويحذر الله من عذاب الآخرة ويحببنا في نعيمها بهدف توجيهنا لاستثمار أعمارنا لما فيه خير الإنسان والبشرية.