(الأسرة والإعلام لهما دور حيوي في حماية الطفل من الشراهة الإنفاقية )
--------------
إذا كان الكبار لديهم من الوعي ما يسمح لهم بأن يدركوا قضية حماية المستهلك، فما بالنا بالأطفال أو المستهلكين الصغار الذين تتنازعهم رغباتهم لتحقيق ذواتهم، وأيضا الآلة الإعلانية الضخمة التي تسوق لسلع قد يكون استخدامها ليس في صالح الأطفال؟!
حقوق الطفل الاستهلاكيةتضمنت وثيقة حقوق الطفل (الصادرة عن الأمم المتحدة) بعض البنود التي تحقق الحماية للمستهلك الصغير، ومن أبرزها المادة 24 التي نصت على حق الطفل في التمتع بأعلى مستوى صحي.
وجاء في مجموعة التدابير من البند الثاني من هذه المادة: "كفالة تزويد جميع قطاعات المجتمع، ولاسيما الوالدين والطفل بالمعلومات الأساسية المتعلقة بصحة الطفل وتغذيته، ومزايا الرضاعة الطبيعية، ومبادئ حفظ الصحة والإصحاح البيئي، والوقاية من الحوادث، وحصول هذه القطاعات على تعليم في هذه المجالات ومساعدتها في الاستفادة من هذه المعلومات".
تجربة أهلية تطبيق هذه الحقوق على أرض الواقع خالطه الكثير من التعثر في البلدان النامية.
غير أن ثمة تجارب للجمعيات الأهلية في عدد من الدول العربية تحاول حماية حقوق المستهلك الصغير، ومنها في مصر على سبيل المثال تجربة الجمعية الإعلامية للتنمية وحماية المستهلك التي ترأسها سعاد الديب، وهي تسعى لحماية المستهلكين الصغار من خلال محورين، رصدتهما إسلام أون لاين.نت:
1- المحور الأول: التنسيق مع وزارة التربية والتعليم، حيث تسعى الجمعية لتوقيع بروتوكول مع الوزارة يعمل على تنظيم المقصف المدرسي بحيث يؤدي دوره في تقديم أطعمة ومشروبات تتوافر فيها: عوامل السلامة الصحية للطفل وبسعر مناسب لأن المقصف المدرسي يتواجد في كافة المدارس، والرغبة لدى الطفل في الشراء منه لها الكثير من الدوافع النفسية لدى الطفل لإشباع رغبته وتحقيق ذاته، ورؤيته للآخرين من الأطفال، وهم يقومون بعملية الشراء.
كما ترى رئيسة الجمعية أن وجود هذا البروتوكول سينظم أمورا أخرى غير الاهتمام بالمقصف المدرسي، مثل: وجود مواد دراسية لتوعية الأطفال بمسألة حمايتهم كمستهلكين، وتكوين وعيهم الثقافي والسلوكي تجاه هذه القضية.
مواصفات قياسية- المحور الثاني: يتمثل في الاتصال بهيئة الموصفات القياسية المصرية لوضع معايير تراعي المتطلبات الصحية في المنتجات التي يستخدمها الأطفال سواء أكانت أغذية أو ملابس أو خدمات أخرى مثل الموبايل أو شاشات أجهزة الكمبيوتر، والتي يظل الأطفال أمامها وقتا طويلا سواء في المنازل أو المدارس.
وتضيف سعاد ديب أن أجهزة الإعلام ومعها الأسرة والمدرسة لها دور حيوي في تحقيق الحماية للمستهلك الصغير، للتحذير من الوجبات الجاهزة التي تخالف المواصفات الصحية، والإسراف في تناول المشروبات الغازية التي يقع الأطفال فريسة لها تحت وطأة التأثير الإعلاني لهذه المنتجات.
حماية العقل يقول أحمد زرزور المتخصص في أدب الأطفال في مصر الذي يرى أن الأطفال هم أكثر فئات المجتمع حاجة لتحقيق الحماية في جانبيها المادي والفكري، فكما نحرص على أن تصل للطفل سلعة غذائية نظيفة وملبس جميل ومتين أيضا لا بد من أن نحرص على أن تصل إليه سلعة فكرية -إن جاز تسمية الفكر سلعة- نظيفة لا تلوث فكره.
ويأسف زرزور لأن الأطفال في مجتمعاتنا هم آخر من نفكر في حمايتهم على الرغم من خطورة المرحلة التي نعيشها من انهيار اقتصادي، وخراب للذمم وفساد في الأخلاق على مستوى الأمة، وأيضا في ظل ما تشهده الأمة من تعرضها لفساد حضاري، حسب قوله.
ويرى الكاتب المصري أن المطلوب تقديم ما يحمي الطفل بثقافة غير ملوثة وأن نصنع وعيه بأن يكون منتجا، وأن يستهلك ما ينتجه، وأن نعلمه تاريخه وما هو موقف أمته وسط العالم، وما يجب عليه أن يتسلح به في مواجهة ما نعيشه من تحديات.
كما يدعو زرزور إلى ضرورة تنبيه الأطفال وتوعيتهم
"بأن ليس كل ما هو مبهر نافعا ومفيدا، فيجب أن يعود الطفل على تحكيم عقله لاختيار السلع الجميلة شكلا والمفيدة من حيث المضمون، فاليد تمتد للسلع والعقل يمتد للفكر، ومن هنا فعلينا أن نعود الأطفال أن يستخدموا أيديهم وعقولهم معا".شروط حماية الصغار *أولها*: وعي أولياء الأمور وإلمامهم بما يصلح للأطفال من شروط صحية فيما يحتاجونه، وفي توجيه سلوكهم لكي يكونوا مستهلكين واعين عند الكبر.
*الشرط الثاني*: فهو وعي الأطفال أنفسهم بما يستهلكونه، فالطفل يعلم حقوقه كمستهلك بالتدريج كأن يصحب أباه إلى الأسواق، ويعرف أن هناك قائمة أسعار، ولا يقبل أن يشتري بأسعار أكثر من المعلن عنها، ويرفض أن يشتري سلعة غير مكتوب عليها الثمن.
وفي مرحلة أخرى يتعلم الطفل أن يقرأ مكونات السلع المصنعة، وألا تحتوي هذه المكونات على المواد الضارة.
أيضا أن يتعود الطفل على ألا يكون مستهلكا شرها.
ويمكن صياغة وعي الطفل كمستهلك بالوسائل المحببة إليه بالقصة والكتيب والنشيد والأغنية والمسلسل وغيرها.
*الشرط الثالث*: يتعلق بالحكومات التي عليها أن تمارس رقابة جيدة على الأسواق، لكي تكون الأسعار مناسبة للخدمات والسلع المعروضة ومطابقة للمواصفات.
------------
ما سبق جزء من مقال.. انقر هنا لقراءته كاملا