بقلم / محمد شكري الجماصي
=====================
تدريس الرياضيات
بدأت حياتي المهنية كمدرس للرياضيات منذ كنت طالباً في الصف الثاني الثانوي في مدارس الصيف التي تجهز الطالب للسنة القادمة وذلك في قطاع غزة دون أي إلمام بأساليب التدريس المعتمدة على النظريات وخاصة نظرية جان بياجيه التي درستها لاحقاً في الجامعة، وفي أول عمل حكومي فعلي لتدريس مادة الرياضيات كان في مدرسة المنامة الثانوية للبنين بالمنامة وفوجئت بأن معظم طلاب الصف الأول الثانوي غير قادرين على فهم الأمور البسيطة، واستغربت كيف اجتازوا الصف الثالث الإعدادي في مادة الرياضيات؟ علماً بأن السؤال المطروح سبق دراسته في السنة الماضية إن لم يكن منذ شهور فقط.
- رجعت لما درسته في الجامعة وخاصة لنظرية جان بياجيه والتي تبين عدة عوامل وأثرها على النمو العقلي للفرد وتركز على الخبرة العملية في النمو العقلي للطالب في هذا السن وقد حدد بياجيه نمطين للخبرة هما
1) الخبرة الطبيعية وتتمثل في تفاعل الفرد مع ما يحيط به في بيئته.
2) الخبرة الرياضية المنطقية وهي التفاعلات العقلية التي يؤديها الأفراد.
ومن العوامل الأخرى التي ذكرها بياجيه تفاعل الفرد ومدى تعاونه مع الآخرين وسماه بالعامل الاجتماعي ورأي بياجيه بأن العمليات المجردة تنمو بدرجة أفضل بتبادل وجهات النظر مع الآخرين.
- كل عملية تحدث تُعطي خبرة جديدة للفرد ووجود التعادل بين الخبرات الجديدة خلال عمليات الاستيعاب والتكييف وهو ما يعرف بالتوازن عند بياجيه
- إن ما ذكرناه مهم في عملية النمو العقلي.
وقد لاحظت حينها أن الطلاب معتمدين على حفظ النظريات والقواعد الرياضية بل تعدى الأمر أن حلهم للمسألة يكون عن مقارنتها بمسألة لديهم وكل مسألة جديدة عليهم لا يستطيعون فيها شيئاً ولقد قمت بتحوير مسألة سبق حلها منذ لحظات بصورة مغايرة لما يحفظون فكأن المسألة غريبة عليهم ويرجع ذلك للحفظ كطريقة متبعة عندهم.
بعد سنوات أردنا تطبيق البعض من نظرية بياجيه بالتفاعل بين الطلاب على شكل مجموعات كل منها مكون من خمسة طلاب أحدهم لديه معلومات لا بأس بها ليدير المجموعة وكان لا بد من وجود أكثر من مدرس للمجموعات الست المكونة للفصل وكانت النتيجة مثمرة وناجحة بدرجة لم نتوقعها وكانت من جانب آخر مرهقة وصعبة التنفيذ لكثرة عدد المجموعات وقلة المدرسين، فالمدرس لوحده غير قادر على تنفيذ هذه الطريقة إلا بمساعدة زملائه من المدرسين أو وجود عدد كافي من الطلبة الممتازون (5 على الأقل) يقومون بدور المدرس كل في مجموعته وقد نجحت في ذلك مع أحد الفصول مع مدرس آخر في فصل آخر وكانت النتائج باهرة ولكن كانت سنة مرهقة في هذين الفصلين فالطريقة هذه ليست بالأمر السهل ولكن نستخلص منها
1) لا بد من تفاعل الطالب مع الآخرين بالسؤال والمناقشة
2) أن يكون الطالب ملماً بالنظريات والتعريف وغيرها
3) التشديد على قوة العلاقة بين المدرس والطالب من جهة وبين المدرس والموجه من جهة أخرى
4) إمكانية تدريس التركيبات الرياضية في سن مبكر للطلاب مع تعارض هذا لنظرية بياجيه.
5) متابعة أولياء الأمور لأبنائهم وإن كان هذا في حاجة لجهد كبير.
6) يجب العمل على تطوير المدرس وتحسين وضعه.
7) التشجيع على استخدام الحاسوب وطرق ابحث فيه وأن يكون في متناول اليد بل يجب أن يستخدمه الطالب في الامتحانات وخاصة في الصف الثالث الإعدادي والمرحلة الثانوية

الاهتمام بهندسة أقليدس لما لها الأثر في النمو العقلي إن عرضت بطريقة صحيحة.
وما للمدرس من دور أساسي في العملية التعليمية فيجب عليه الاهتمام بالتالي:
1) الطالب، من حيث التعرف على الفروق الفردية بين الطلاب فالطالب سيتلقى المادة
2) المادة، يجب أن يكون ملماً إلماماً جيداً بمادة الدرس.
3) الطريقة, في الرياضيات على المدرس اتباع الأسلوب العلمي بجعل التلميذ إيجابياً وأن يمر الدرس:
أ- الإعداد: كيفية إلقائه على الطلاب والتحضير الجيد حيث تبرز شخصية المدرس في تقديم المادة وطريقة عرضها وتدرجه في التمارين ومدى استعانته بوسائل الإيضاح.
ب- العرض, مقدمة لعرض المفيد للدرس من السابق كمراجعة ومتطلبات الدرس الحالي عقلياً وشفوياً وتحريرياً ويفضل عرض أمثلة من تمارين الكتاب معتمداً الأسلوب العلمي في حل الأمثلة
4) أن لا يكون الطالب ناقلاً للدرس عن السبورة
5) أن يكون التدريس ناتجاً عن الفهم وليس على الحل الآلي
أخيراً إن أهم سمات المدرس الناجح هي الإلمام بالمادة التي يدرسها وكذلك معرفته بقدرات طلابه وخاصة الطلبة المتفوقين حيث يتم تكليفهم بمسائل أكثر، كما الواجب يتطلب من المدرس الإطلاع على أكثر من كتاب ومرجع لتوسعة مداركه وتمكنه من المادة فيكون مستعداً لكل سؤال مهما كان صعباً.
26-المواقف- العدد1326