النبات الأخضر أصل الوقود
قال تعالى: ( الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنْ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُون)
المـتأمل في هذه الآية الكريمة، يرى من خلال نظرة ظاهرية أنه لا يوجد سبق علمي للقرآن الكريم، بل لربما يستغرب أو يستشكل عليه الأمر فيقول: نحن نعلم أن الشجر الأخضر غير قابل للاحتراق، إنما الذي يتمّ حرقه هو الشجر اليابس ، فكيف يمكن لنا أن نوفق بين هذا الواقع المرئي والمطبق عملياً وبين ظاهر هذه الآية القرآنية التي تخبرنا أن الشجر الأخضر هو الذي يحترق ليكون نـاراً ؟.
الجواب في إبراز حقيقتين علميتين سبق القرآن في تسجيلهما أصحاب العلوم والاكتشافات، وهما حقيقة كيماوية وأخرى جيولوجية.
الحقيقة الكيماوية:
أن النباتات الخضراء تستطيع أن تقتنص أو تمتص أشعة الشمس، وتستغلها في أهم عملية بناء في الحياة، وتتقدم هذه النباتات الخضراء في العمر، وتقتنص المزيد من أشعة الشمس، وتختزنه في أجسامها إلى هيئة طاقة مصنعة ومحفوظة في صور شتى أو تتراصّ بجوار بعضها في جـذع الشجرة وفروعها، بعد أن تتحد بمادة اللجنن فتكون طبقات خشبية تتراكم فوق بعضها البعض، حتى إذا ما احتاج الإنسان إليها في الطهي أو الصناعة أو غير ذلك من الاستعمالات المختلفة أشعل بعض هذه الأفرع من النباتات أو الأشجار الخضراء، فتنطلق الطاقة الكامنة أو المختزنة التي اقتنصتها النباتات الخضراء، واختزنتها لحين الحاجة إليها …" ولزيادة التوضيح من الناحية العلمية نرى أن:
النبات الأخضر مليء بملايين المليارات من البلاستيدات الخضراء… وهذه البلاستيدات عنصرها الأساسي هو ( الكلوروفيل ) وهي مادة سحرية عجيبة أودعها الله سراً من أسراره في مخلوقاته … فبفضل هذا الكلوروفيل تقوم البلاستيدة الخضراء بامتصاص أشعة الشمس، وتحولها من طاقة ضوئية إلى طاقة كيميائية ثم يتم استغلال هذه الطاقة الكيميائية في ربط جزيئات الماء الممتص من الأرض بجزيئات ثاني أكسيد الكربون من الجو، لتكون جزيئات السكر الأحادية في جسم النبات، وينطلق الأكسجين.
ويتم كل ذلك في عملية حيوية هامة، تقوم بها النباتات الخضراء في ضوء الشمس، ولذا تسمى بعملية ( التمثيل الضوئي ) … لأنها تتم في الضوء … أو ( التمثيل النباتي ) …لأنها تبني المادة الأساسية الخام التي تصنع منها كل المواد في جسم النبات.
وبفضل هذا الكلورفيل، يتم تركيب وبناء كل الأنسجة الحية في الكون، من نبات وحيوان وطير وإنسان … بل ويتم تخزين طاقة الشمس في جسم الشجر الأخضر لحين الحاجة إليها.
إذن، فاليخضور هو مخزن لطاقة الشمس، والذي يساعد في عملية الإحراق، بل لولا وجود اليخضور لما تم تخزين الطاقة وبالتالي لم يتواجد الوقود، ولذلك قال تعالى: ( الذي جعل لكم من الشجر الأخضر ناراً ).
فمن الذي أخبر محمداً rبهذه الحقيقة الكيماوية؟
الحقيقة الجيولوجية :
لكن إذا كان اليخضور في الشجر يؤدي إلى الإحتراق، فما معنى قوله تعالى: ( فإذا أنتم منه توقدون ) إن هذه الآية تعطينا إعجازاً قرآنياً آخراً في علم الجيولوجيا وهو: أن أصل الوقود هو النبات، أو الحيوانات التي تتغذى من ضمن تغذيتها على النبات، وبعوامل الطبيعة طُمرت في طوايا التراب، يقول تاربوك و لوتجنز في كتابهما ( الأرض: مقدمة للجيولوجيا الطبيعية ):
" يوجد النفط والغاز الطبيعي في ظروف مشابهة وعادة ما يكونان متلازمين، وكلاهما خليط لمواد هيدروكربونية، أي مركبات تتألف من الهيدروجين والكربون، وقد تحتوي أيضا على كميات ضئيلة من عناصر أخرى مثل: الكبريت، والنيتروجين، والأكسجين، ويشبه كل من النفط والغـاز الطـبيعي، الفحم في كونهما نواتج حياتية مستمدة من بقايا الكائنات الحية، ولكن الفحم يستمد أساساً من المواد النباتية المتراكمة في بيئة المستنقعات فوق مستوى سطح البحر، بينما يستمد النفط والغاز الطبيعي من بقايا الحيوانات والنباتات التي لها أصل بحري.
منقول
'>