'> السلام عليكم ورحمة الله و بركاته
'>
الأخت المتميزة جنين.. أعجبني موضوعك هذا كثيراً.. قرأت جزء يسير منه بالأمس ولضيق الوقت حفظت الصفحة و أخذتها لأقرأها في المنزل في وقت أوسع..
بداية أشكر لك تميزك في الطرح و في اختيار الموضوع وأغبطك على أسلوبك في التفكير.. و إلى الأمام..
'>
بالنسبة للحوار..
أعتقد أن تقريب وجهات النظر يحل كثيراً من إشكالات الحوار و المناقشات الحادة..
بالأمس كنت مع أحد أصدقائي المقربين.. و كنّا نتناقش في موضوع أن كل عمل يجب أن يراد به وجه الله سبحانه و تعالى.. أي أن كل عمل يعمله المسلم مهما كان يجب أن يخدم دينه بأي شكل.. بداية كنت أره معارضاً لي.. فساعة لنفسك و ساعة لربك.. كما قال.. كنت ألاحظ أنني كلما عارضت أكثر كلما اشتد تمسكه برأيه أكثر.. بعدها ألنت الجانب.. و وافقته في كثير مما قال.. ولكن بتعديل بعض العبارات التي كان يستخدمها.. بمعنى حاولت أن أقرب بين وجهة نظر ي ونظره.. فأصبحنا متفقين في أغلب إن لم يكن كل أراءنا.. و اعترف في النهاية أنه (( خانه التعبير )) و أركز عليها.. أي أن كثير من الحوارات الساخنة أو حتى المواقف المتوترة قد تكون فقط عن سوء فهم مقصد الطرف الآخر بسبب (( سوء التعبير عن الفكرة )).. أرى أن هذا الأمر قد يحل كثير من المشاكل في النقاشات و المواقف و غيرها..
و كما تفضلتم جميعاً.. امتصاص غضب الطرف الآخر والكلام اللين معه من أقوى أساليب الكسب.. و قد أرشدنا الله سبحانه و تعالى لهذا في قصة موسى و هارون عندما أمرهما بمخاطبة سيد الكفر في زمنه و مع ذلك قال سبحانه و تعالى: (( فقولا له قولاً ليّناً لعله يتذكر أو يخشى )).. وسيرة المصطفى تزخر بالكنوز من مثل هذه المواقف لمن تأملها.. فكثير من الصحابة الكرام قبل إسلامهم كان الإسلام أكره الأمور إلى أنفسهم.. ولكن بعد المقابلة اللينة.. والأسلوب النبوي التربوي في امتصاص غضب الطرف الآخر جعل الإسلام أحب إليهم جميعاً حتى من أرواحهم..
أيضاً أرى أن المُحاور يجب أن يتخلى عن مقولة (إن لم تكن معي فأنت ضدي) فالهدف من الحوار هو توضيح وجهات النظر و تقريبها للتوصل إلى رأي يرضى بها الجميع.. و في أسوأ الأحوال إن لم يرضي أحدا.. فلكل رأيه ولكن دون كره أو بغضاء.. بعض الناس يحب أن يحاور (ليكسر خشم محاوره).. لا أعتقد أن هذا الغرض من الحوار.. حتى الحوارات و المناظرات التي تتم بين علماء المسلمين و العلماء الملحدين.. أرى أن الغرض الأساسي منها هو توضيح فكرة وحقيقة الدين الإسلامي بمنظور علمي مدروس و عقلاني.. لا إكره في الدين.. لن نجبر الكفار على الإسلام.. ولكن المسلم يوضح وجهة نظره و الآخر كذلك.. ولكل وجهة هو موليها..
بالتأكيد هناك أسباب و أهداف كثيرة للحوارات و النقاشات تبعاً لنوع النقاش و المحاورين وغيرها من الأمور غير الذي ذكرته..
كتاب اسمه خصائص القيادة الناجحة في سير القادة العظماء للمؤلف: الفريق/ يحي بن عبدالله المعلمي من إصدارات دار المعلمي للنشر.. يقول فيه أن من خصائص هؤلاء القادة "القدرة على الإقناع" و يتحدث عن هذه الصفة فيقول عنها أنها:
"تعتمد على أسلوب عرض الحقائق بشكل يجعلها مقبولة لدى السامع فلا يقترن الجدال أو المناقشة بشيء من الغضب أو التشنج أو المغالطة أو ضعف المنطق، و إنما تكون الحجة صحيحة و الدليل عليها واضحاً، و يتم عرض الحجة والدليل بهدوء و ضبط نفس و عفة لسان"
و في خصائص القيادة لدى المصطفى صلى الله عليه وسلّم أورد قصة الفتى الذي طلب السماح له بالزنا وكيف جعله رسول الهدى صلوات ربي وسلامه عليه من أكره الناس إلى الزنا بأسلوب تربوي مقنع، يقول مؤلف الكتاب:
"ففي هذا الحديث الشيء العديد من مكارم الأخلاق وخصائص القيادة التي كان يتمتع بها القائد الأعظم صلوات الله وسلامه عليه، ففيفه: الحلم والأناة ولين الجانب والتواضع والدعوة إلى الخير بالحكمة و الموعظة الحسنة... والقدرة على الإقناع"
أعلم أني أطلت عليكم.. لكن أعجبني الموضوع صراحة.. و أحببت أن أبدي رأي فيه.. لعلي أستفيد..
و أرجو من الأخت الفاضلة جنين و من جميع الفضلاء لو يذكرون لنا أمثلة أخرى عن المواقف التي مروا بها ثم حاسبوا نفسها و عّدلوا آراءهم.. حتى نستفيد منها أكثر..
و دمتم بخير..