Advanced Search

المحرر موضوع: استنبات أسنان.. في أنابيب!!  (زيارة 466 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

مارس 17, 2004, 10:47:20 مساءاً
زيارة 466 مرات

التواق للمعرفة

  • عضو خبير

  • *****

  • 2342
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
استنبات أسنان.. في أنابيب!!
« في: مارس 17, 2004, 10:47:20 مساءاً »
ثمة ثقة زائدة تكمن خلف تكشيرة أسماك القرش المخيفة، فهي لا تخشى فقد أو تسوس أسنانها؛ لأن الله خصها بهبة عجيبة وهي القدرة على إنبات أسنان جديدة باستمرار، حتى إن هناك بعض أنواع أسماك القرش تنبت بضع آلاف من الأسنان في حياتها.
وما أتعس الإنسان في هذا الصدد فهو لا تنبت له أسنان بعد فقدها إلا مرة واحدة، وتشير الإحصائيات إلى أن الإنسان العادي يفقد 12 سنا في المتوسط من مجموع أسنانه عندما يصل لسن الخمسين، كما يفقد نصف البشر جميع أسنانهم قبل بلوغ سن السبعين طبقا لـتقرير المعاهد القومية للصحة.
وكان الناس في سالف الزمان يلجئون إلى الحواة والحلاقين ليعالجوهم من آلام الأسنان، أما اليوم فطب الأسنان أصبح مرهونا بيد الأطباء المتخصصين، الذين يعتمدون في عملهم على أحدث المنجزات العلمية والتقنية. ولكن لم تقدم هذه التقنيات حلولا جذرية لاستبدال الأسنان المفقودة أو التالفة، فأطقم الأسنان الصناعية تعتبر غير مريحة.
كما أن عمليات زراعة أسنان من التيتانيوم والخزف وغيرها من المواد تعتبر صعبة ومؤلمة وتستلزم وجود غرس مسمار (برغى) معدني في اللثة؛ وهو ما يتسبب أحيانا في لحظات   مروعة من الألم والعذاب بين حفر وحشو وحقن.. لحظات قاسية أوشك الماضي أن يطويها. فقريبا يغادر المرضى العيادة ببسمة عريضة بعد أن يستنبتوا أسنانا طبيعية جديدة من خلاياهم.
وهناك أسباب كثيرة تجعلنا نعتقد أن عملية استنبات الأسنان قابلة للتحقيق، منها أن الكثير من الفقاريات المتدنية تقوم بإنبات أسنان جديدة باستمرار، وهناك بعض الأشخاص ينبتون أسنانا إضافية بالفعل نتيجة لإصابتهم بأمراض وراثية معينة. كما أن علوم الهندسة الوراثية والنسيجية تقدمت بوتيرة سريعة في الأعوام القليلة الماضية.
ومن المألوف حاليا أن يتم الحديث عن استنساخ الأعضاء الحيوية التي يمكن أن تؤدي إلى الوفاة في حال توقفها عن العمل مثل القلب والكبد والكلية، ولكن آخر ما يتبادر إلى الذهن هو استنبات الأسنان الطبيعية مرة أخرى بعد فقدها، غير أن هناك بعض الباحثين يعتقدون أن مجال الهندسة الحيوية ينتج الآن بعضا من أكثر التطورات إثارة في مجال طب الأسنان؛ فقريبا قد يستطيع العلماء استنبات (استنساخ) أسنان طبيعية من خلايا الشخص نفسه في أنابيب الاختبار.
وعلى الرغم من أن الثدييات فقدت القدرة على استنبات أسنان جديدة منذ أمد بعيد، فإنه في عالم يخلو من علاج مطلق لتسوس الأسنان، فإن الأسنان ستحتاج دوما إلى تبديل. ويعتقد بعض الباحثين أن الأسنان قد جرى تجاهلها بغباء مقارنة بالجهود التي بذلت لاستنبات أعضاء أكثر سحرا.
ويرى البعض الآخر أن عملية نمو السن الطبيعية تعتبر معقدة جدا، وبالتالي فإن عملية إنبات الأسنان لن تكون سهلة أبدا. فالأسنان مكونة من أنواع متعددة مختلفة من الأنسجة، من بينها طبقة العاج الصلبة وطبقة رقيقة من المينا التي تعتبر أقسى مادة في الجسم.
ولكن "بول شارب" رئيس قسم التطوير الجراحي للوجه في كلية كنجز بلندن، يتوقع أنه قد لا تمضي أكثر من عشر سنوات حتى يكون باستطاعة المريض أن يطلب تنمية أسنان له في أنابيب الاختبار لكي يتم زراعتها مكان الأسنان التالفة والمفقودة. ويشرح شارب ذلك بقوله: "كل ما عليك هو أن تذهب إلى طبيبك، ونحن نقوم بأخذ خلايا منك ونتدبر أمرها. ونعيد بعد ذلك زرعها في مكان السن التي تريدها فتنبت السن من جديد".
وأعلن "شارب" أن فريقه العلمي تمكن من زرع سن منقولة من جنين فأر في فم فأر بالغ وراقبوه ينمو بنجاح. وأكد العلماء في الاجتماع الأخير لـ الرابطة الأمريكية لتقدم العلم أنهم صاروا أكثر قربا من أي وقت مضى إلى إنتاج الأسنان في أنابيب الاختبار.
وتقوم الفكرة العلمية على تجميع الخلايا الجذعية من الشخص نفسه لإعادة تكوين براعم الأسنان الشبيهة بالبراعم التي تتشكل في الجنين المبكر، ثم تزرع هذه "الأسنان الأولية" في الفك لتنتج أسنانا جديدة. وأساسيات هذه العملية مفهومة؛ حيث تتشكل الأسنان في الجنين بطريقة بسيطة نسبيا من نوعين فقط من الخلايا الجنينية، وينتج النوع الأول من الخلايا الطلائية (طبقة المينا) في الخارج، في حين تشكل الخلايا الأخرى (من نوع mesenchyme) الأنسجة الرابطة والأوعية الدموية في الداخل.
ومع ذلك فإن تطوير سن واحدة يتضمن عملا دقيقا منظما لشبكة كبيرة متقنة تتشكل من آلاف الجينات. وتشعر "إيرماتيسليف" بتشاؤم كبير وهي مديرة بحث في جامعة هيلسنكي في فنلندا قامت بوضع قاعدة بيانات ضخمة لكل الجينات المعروفة التي تدخل في نمو السن. وتقول بهذا الخصوص: "إنها عملية دقيقة والسن هي عضو معقد. قد يكون الأمر ممكنا، ولكنه سيحدث بعد فترة طويلة في المستقبل".
ولكن "شارب" يؤكد أنه ليس من الضروري فهم طبيعة عمل الجينات للبدء في استنبات الأسنان في المختبر، فعندما قام هو وفريقه بمراقبة عمل الجينات الرئيسية، ظهر أن بعضها يعمل في الفك الأعلى فقط، في حين تعمل الأخرى في الفك السفلي فقط. وتمكن فريق "شارب" من زراعة أضراس في مقدمة فكاك الفئران، حيث تنمو القواطع عادة عن طريق التحكم في عمل جين معروف بنشاطه في إنتاج الأضراس.
كما قام "شارب" وفريقه باستبدال خلايا براعم الأسنان التي تتشكل في جنين الفأر بخلايا جذعية لفأر بالغ وتمكنوا من الحصول على سن كاملة بعد زراعتها في كُلْيَة فأر؛ حيث تقوم خلايا الكلية بتزويد الدم بالأوكسجين الصافي واللازم للحصول على سن جديدة!
لماذا تستنبت الأسنان؟  
قد يتساءل البعض: لماذا كل هذا الاهتمام العلمي باستنبات الأسنان؟ الواقع أن الأسنان تعتبر هدفا جذابا للغاية بالنسبة للمهندسين الحيويين، وذلك لانعدام نسبة المخاطرة بحياة المريض؛ لأنه إذا لم تنم إحدى الأسنان بشكل طبيعي، يستطيع طبيب الأسنان أن يقتلعه ويبدأ من جديد، دون خسائر تذكر مقارنة بالأعضاء الحيوية الأخرى التي لا تحتمل وجود أي نسبة خطأ في التجريب. كما أن الوصول إلى موقع الزرع لا يعني إجراء جراحة كبيرة؛ فالمطلوب فقط هو فتح الفم على مصراعيه.
وهناك فرصة كبيرة بأن يؤدي تأنق الإنسان الدائم وتوقه للابتسامة المثالية إلى ضمان سيولة نقدية مضطردة للبحوث العلمية الضرورية في هذا المجال. وتعتبر السوق الأمريكية الهائلة لطب الأسنان التجميلي دليلاً على ذلك، ولهذا فقد بدأت العديد من شركات التقنية الحيوية تتجه للحصول على تراخيص وبراءات اختراع للتقنيات الحديثة في هذا المجال للحصول على أرباح قد تصل قيمتها إلى مليارات الدولارات.
واشترت شركة "رنتيجنكس" الأمريكية تراخيص لتقنيات جرى تطويرها من قبل باحثين آخرين يعملون على الإصلاح البيولوجي والاستزراع الكامل للأسنان.
وتظل هناك الكثير من العقبات قبل إجراء نفس التجارب داخل فك إنسان، إلا أن "شارب" وأمثاله ما زالوا متفائلين ويسعون لتحقيق هذا الحلم في يوم من الأيام، وتشير النتائج العلمية إلى قرب حدوث ذلك.