التكوين الاجتماعي في عالم النحل
إننا نحتاج إلى وقفة طويلة نتدبر فيها مزيداً من آيات الله الدالة على كمال قدرته وبديع صنعه وطلاقة مشيئته وحكمته في خلق هذه الحشرة المباركة، وفي سلوكها المتميز وفي أسرار ما يخرج من بطونها، تلك الأسرار التي لم يستطع العلماء الإحاطة بها إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين.
لقد اختار الله هذه الحشرة من بين مئات الألوف من الحشرات، فأوحى إليها وحياً نحسّ به وندرك آثاره التي تنعكس في حياتنا ومعاشنا.
والوحي بالنسبة للمخلوقات أعلى من مرتبة الهداية التي أشار إليها الخالق العظيم بقوله: (قال ربنا الذي أعطى كل شيء خلقه ثم هدى) طه 50.
إنها رفعة عظيمة لحشرة صغيرة لا يزيد وزنها على أجزاء من الغرام، ارتفع مقامها في بني جنسها من سائر الحشرات لتصبح صديقاً وفياًّ، وخادماً أميناً يقدم عرقه وجهده وعطاءه لبني آدم بأحسن ما يكون العطاء وأرقى أنواع التسخير.
وقد غدت النحلة الآن وما يخرج من بطونها على موائد البحث العلمي في جميع أرجاء الأرض .. فحيثما اتجهنا رأينا علماء الأحياء منهمكين في تطوير الأبحاث المتعلقة بها .. فمنهم من يدرس تركيب العسل .. ومنهم من يدرس حلاوته .. وآخرون يدرسون شذاه ونكهته .. كما يدرس آخرون لونه وأثر المعادن عليه وتبلوره وكثافته، ولُزوجته وحامضيته، وآخرون يدرسون جودته.
وها هم أساتذة الطب يدرّسونه في جامعاتهم ويعالجون به مرضاهم، .. فقد أقيمت المراكز الطبية العالمية للاستشفاء بمنتجات نحل العسل وذلك منذ عام 1975.
كما تجده لدى علماء الصيدلة في مختبراتهم .... وعلماء الزراعة في مزارعهم .. وبين بساتينهم وأشجارهم، .... وعلماء الاقتصاد يدرسون آثاره الاقتصادية، ... وعلماء البيئة يدرسون تأثيره على بيئاتهم، حتى أن الشعراء قد تغزّلوا به في أشعارهم.