السلام عليكم
هذا اضافة من نفس الكتاب السابق حول النظرية النسبية :
الكتلة
لنفرض أننا نريد أن نؤثر على جسم ساكن لكي يتحرك بسرعة معينة . لذلك يجب أن نؤثر على هذا الجسم بقوة ما . ففي هذه الحالة إذا لم تؤثر على هذا الجسم اية قوة خارجية تعيق حركته كقوة الإحتكاك مثلاً ، فان الجسم سيتحرك بسرعة تتزايد تدريجياً . وبعد مضي فترة معينة من الزمن يصبح بوسعنا زيادة سرعة الجسم إلى المقدار الذي نريده . وفي هذه الحالة فإننا نجد أنه لاكساب الأجسام المختلفة سرعة معينة واحدة تحت تأثير القوة المعطاة تتطلب فترات زمنية مختلفة .
ولكي يمكننا اهمال الإحتكاك فلنتصور أنه لدينا كرتان متساويتان في الحجم وموضوعتان في الفضاء الكوني ، احداهما من الرصاص والاخرى من الخشب . وسنقوم بشد كل من هاتين الكرتين بقوة متساوية ، إلى أن تكتسبا سرعة تعادل عشرة كيلومترات في الساعة مثلاً .
بديهي فان الحصول على هذه النتيجة ، سيتطلب التأثير بالقوة المعطاة لفترة زمنية اطول بالنسبة للكرة الرصاصية مما يستغرقه تأثير نفس القوة على الكرة الخسبية . ويقال في هذه الحالة ان للكرة الرصاصية كتلة اكبر مما للكرة الخشبية . وما دامت السرعة تتزايد عند تأثير قوة ثابتة على الجسم بازدياد الفترة الزمنية لتأثير القوة ، فاننا نعتبر ان مقياس الكتلة هو عبارة عن النسبة بين الفترة الزمنية اللازمة للوصول إلى السرعة المعطاة ، ابتداء من حالة السكون وبين السرعة المذكورة . إن الكتلة تتناسب مع هذه النسبة ، مع ملاحظة أن معامل التناسب يتوقف على مقدار القوة التي تكسب الجسم حركته .
الكتلة تتزايد
وتعتبر الكتلة من أهم خواص الجسم . ولقد الفنا أن كتلة الجسم لا تتغير على الاطلاق ، وانها لا تعتمد على السرعة . وهذا ناتج عن التأكيد الذي ذكرناه في البداية والقائل أن السرعة تتناسب في حالة تأثير قوة ثابتة على الجسم تناسباً طردياً مع الفترة الزمنية لتأثير هذه القوة .
ان هذا التأكيد من جانبنا مبني على القاعدة المعتادة لجمع السرعات . غير أننا قد اثبتنا ، لتونا ، انه لا يمكن استخدام هذه القاعدة في جميع الحالات .
فماذا نفعل للتوصل إلى السرعة المطلوبة في نهاية الثانية الثانية من بدء تأثير القوة ؟ اننا نجمع السرعة التي اكتسبها الجسم في نهاية الثانية الأولى مع السرعة التي اكتسبها خلال الثانية الثانية ونقوم بذلك طبقاً للقاعدة المعتادة لجمع السرعات .
ويمكننا ان نقوم بذلك ما دامت السرعة المكتسبة لم تبلغ حد مقارنتها بسرعة الضوء . ففي هذه الحالة لايمكن استخدام هذه القاعدة القديمة .فاذا ما جمعنا السرعتين آخذين بعين الاعتبار نظرية النسبية ، فلا بد لنا من التوصل إلى نتيجة تكون دائماً أقل من النتيجة التي نحصل عليها لو استخدمنا قاعدة الجمع القديمة ، التي لا تصلح في هذه الحالة . ومعنى هذا أنه في حالة بلوغ السرعة قدراً أكبر فانها لن تزداد بازدياد الفترة الزمنية لتأثير القوة على الجسم ، بل ستزداد أبطأ . وهذا أمر مفهوم لان هناك حداً أقصى للسرعة .
وكلما اقتربت سرعة الجسم من سرعة الصوء ، فانها تزداد أبطأ فأبطأ ، عند تأثير القوة الثابتة عليها . ذلك لانه لا يمكن تعدي الحد الأقصى للسرعة .
حتى الحين ، عندما كان في إمكاننا التأكيد بأن سرعة الجسم تتزايد بازدياد الفترة الزمنية لتأثير القوة على الجسم فقد كان في وسعنا اعتبار أن الكتلة لا تعتمد على مقدار سرعة الجسم ولكن عندما تبلغ سرعة الجسم قدراً يمكن مقارنته بسرعة الضوء فإن التناسب بين الفترة الزمنية وسرعة الجسم يتلاشى وتبدأ الكتلة في هذه الحالة في الاعتماد على السرعة . ولما كان زمن العجلة يتزايد بلا حدود في حين أن السرعة لايمكن أن تتعدى حداً معيناً ، فإننا نرى أن الكتلة تتزايد بازدياد السرعة حتى تبلغ مقداراً لا نهائياً عندما تساوي سرعة الجسم سرعة الضوء .
وتؤكد الحسابات أنه أثناء الحركة تتزايد كتلة الجسم بنفس القدر الذي يتناقص به طوله أثناء هذه الحركة . إذاً فإن كتلة قطار آينشتاين الذي يتحرك بسرعة 240000 كيلومتر في الثانية تزيد بـ 6/10 مرة عن كتلة القطار الساكن .
وبديهي أنه في حالة السرعات المعتادة الصغيرة بالمقارنة بسرعة الضوء ، فبوسعنا أن نهمل تغير الكتلة تماماً كما يمكننا إهمال ارتباط أبعاد الجسم بسرعته أو إهمال ارتباط الفترة الزمنية بين حدثين بالسرعة التي يتحرك بها مراقبو هذين الحدثين .
إننا نستطيع أن نتأكد من صحة اعتماد الكتلة على السرعة ، وهو الاعتماد . الناتج عن النظرية النسبية ، من التجربة المباشرة ، عندما نراقب حركة الالكترونات السريعة .
ففي الظروف التجريبية الحديثة ، فان الالكترون المتحرك بسرعة تقترب من سرعة الضوء ، ليس بالشيء النادر ، بل هو ظاهرة اعتيادية . وهناك اجهزة خاصة لزيادة سرعة الالكترونات تزود فيها الالكترونات بسرعة تنقص عن سرعة الضوء بأقل من 30 كيلومتراً في الثانية .
وإذاً فان الفيزياء الحديثة قادرة على مقارنة كتلة الالكترونات المتحركة بسرعة هائلة ، بكتلة الالكترونات الساكنة ، ولقد اكدت نتائج التجارب اعتماد الكتلة على السرعة ، وهو الأمر الذي يتفق ومبدأ النسبية . " انتهى
منقول من كتاب آينشتاين والنظرية النسبية للدكتور محمد عبد الرحمن مرحبا