بالإضافة للمجال الاقتصادي والصناعي فإن المجال الطبي أيضاً يعتبر من أهم المستفيدين من المواد البديلة التي تستنبطها المختبرات الكيميائية بين الحين والآخر. الشرط الأساسي كي تكون المواد صالحة للاستخدام في المجال الطبي هو قبولها من الأنسجة الحية ، أي أن الأنسجة لا ترفضها بل تتآلف معها. والذي يشغل بال العلماء في هذا المجال الشيء الكثير ، وعلى سبيل المثال المواد البديلة لنمو العظام.
في الستينيات تم اكتشاف مادة البيوغلاس (BIOGLASS) ، وهي المادة الاصطناعية الأولى التي يمكن للأنسجة الحية أن تترابط معها وتتحد. وقد تبين مؤخراً أن مسحوق البيوغلاس قادر على زيادة نمو العظام ، واكتشاف هذه الظاهرة أوجد طفرة كبيرة في مجال البحث والتفكير العلمي. المهم أن مادة البيوغلاس تساعد العظام على النمو الطبيعي أو بأسرع منه ، وهذا الاكتشاف هو أحد الاكتشافات التي سجلها البروفيسور " لاري هينش " من كلية امبريال في جامعة لندن.
الاكتشاف الجديد ، كما يقول البروفيسور لاري هينش ، سيكون له شأن كبير في المجال الطبي. ونحن الآن أمام حالة جديدة وهي أن الجسم يمكنه أن يصبح قادراً على إنماء الأنسجة الغضروفية ، وقد يصبح مستقبلاً قادراً على إعادة إنماء عظمة كاملة في الجسم. وتشمل أبحاث البروفيسور لاري هينش شتى التطبيقات السريرية للمواد المشجعة على الإنماء العضوي في الجسم مثل جبر العظام وإصلاح المفاصل والأسنان.
ويجري في مختبرات كلية إمبريال إنتاج أنواع جديدة من الزجاج الذي يحفز الأنسجة الحية على النمو حيث تم التوصل حتى الآن إلى :
1 - مواد تستعمل كوسائل لحفز خلايا العظام على النمو.
2 - مواد حافزة لنمو خلايا الأنسجة الطرية.
3 - مواد تستخدم في دراسة الكيفية التي تم بها الالتحام والترابط بين الخلايا الحية وقطع الزجاج ، وكيف تعمل هذه الأجسام الصلبة على تشجيع نمو الخلايا في الجسم.
والقصد من هذه الأبحاث هو محاولة فهم كيف تتكاثر خلايا العظام وكيف تنتشر في حالة التئام الكسور. ولا شك أن مثل هذه الاكتشافات سيكون لها الشأن في علاج كسور العظام والمواد الغضروفية المتواجدة في مفاصل الجسم.
ويرجع نجاح البيوغلاس في الجسم البشري إلى محتواه المعدني الذي يشبه المحتوى المعدني للعظام ، وتكون المعادن منتشرة على سطح البيوغلاس الخارجي. وعند تماس الزجاج بالنسيج الحي يحدث تفاعل قوي بين الاثنين لا يلبث أن ينتج عنه نمو معين على السطح الزجاجي.
وينتظر العاملون في المجال الطبي مثل هذه الأبحاث بفارغ الصبر كي يتمكنوا من استخدامها في التشخيص والعلاج. وعادة بعد اكتشاف المواد في المختبرات الكيميائية فإنها تمر في سلسلة من التجارب لاختبار صلاحيتها للاستخدام البشري. وفترات الكشف هذه قد تطول أحياناً لعدة سنوات ذلك أن الأمر يتعلق بالحياة البشرية وهو أمر لا يمكن التهاون به.
