فيروس حمى الوادي المتصدع
Rift Valley Fever
حمى الوادي المتصدع، هي مرض يصيب الحيوانات بصورة رئيسية ولكنه يصيب الإنسان أحياناً، وقد يتسبب في إصابة الإنسان والحيوان بمرض خطير يؤدي إلى حدوث نسبة عالية من مضاعفات المرض والوفيات بين المصابين. وغالباً ما تؤدي وفاة الماشية المصابة إلى حدوث خسائر اقتصادية جسيمة.
ومنذ عام 1930م، عندما عزل الفيروس أثناء الفحوص التي أجريت للوباء الذي أصاب الأغنام في مزرعة الوادي المتصدع في كينيا تفشى المرض في شمال أفريقيا والصحراء.
وفي عام 1997-1998م، حدث انتشار كبير للمرض في كينيا والصومال.
وفي شهر سبتمبر عام 2000م انتشرت حمى الوادي المتصدع لأول مرة خارج القارة الأفريقية، وتأكد وقوع حالات مصابة بهذا المرض في المملكة العربية السعودية واليمن. والفيروس الموجود في شبه الجزيرة العربية شديد الوبائية ويهدد بالإنتشار إلى مناطق أخرى في آسيا وأوروبا، وقد خلف المرض ورائه عدة مئات من المرضى، وأقل من 100 حالة وفاة من بين المصابين بهذا المرض.
وتعتبر الأنواع العديدة المختلفة للبعوض الناقلة لفيروس حمى الوادي المتصدع. ولذا، فإن الحيوانات معرضة للإصابة بهذا الوباء وكذلك الإنسان نتيجة دخول الفيروس لمناطق جديدة يتواجد فيها البعوض. وقد حدث هذا في الماضي ولا يزال خطره قائماً.
الفيروس المسبب لحمى الوادي المتصدع هو من نوع Phlebovirusgenus وهو أحد الأجناس الخمسة لفصيلة Bunya Viridae.
ناقلات حمى الوادي المتصدع:
وينتشر فيروس حمى الوادي المتصدع بدرجة رئيسية بين الحيوانات عن طريق لدغة البعوض الملوث، وتعمل أنواع مختلفة من البعوض على نقل الفيروس، وفي مناطق مختلفة تكون بمثابة الناقل الرئيسي للمرض، وتلعب أدواراً مختلفة في انتشار الفيروس. فمثلاُ يأخذ بعوض Aedes الفيروس من الحيوانات المصابة وينقله من إناث البعوض الملوثة إلى صغار البعوض عن طريق البيض. ولذا تفقس أجيال جديدة من البعوض الملوث.
وهذه العملية تعمل على إيجاد آلية قوية لإبقاء الفيروس في الطبيعة، إذ أن بيض هذا البعوض قد يعيش لفترات تصل إلى عدة سنوات في ظروف جافة.
وخلال فترات غمر اليرقات بماء المطر، يفقس البيض وتزداد أعداد البعوض وينتشر الفيروس على الحيوانات التي يتغذى عليها.
ويتغذى بعوض Aedes غير الملوث وكذلك الأنواع الأخرى من البعوض على الحيوانات المصابة والتي يتواجد الفيروس في دمها وهكذا يتضاعف انتشار المرض ويستمر بانتقال الفيروس إلى الحيوانات التي بالتالي يتغذى البعوض عليها.
يحدث بعد ذلك مرض يشبه الانفلونزا مصحوباً بحمى مفاجئة، وصداع وألم عضلي وألم في الظهر، وقد يصاب بعض المرضى بتيبس في الرقبة وتقيؤ ومضايقة من التعرض للضوء. وعند هؤلاء المرضى، وفي المراحل الأولى من الإصابة بالمرض، قد يشخص المرض خطأ على أنه التهاب السحايا (الأغشية المحيطة بالمخ).
وتستمر أعراض حمى الوادي المتصدع عادة من أربعة إلى سبعة أيام تظهر بعدها الاستجابة المناعية بظهور أضداد 1gM و 1gG واختفاء الفيروس من الدم.
الأسباب والمسببات في عدوى الإنسان بمرض حمى الوادي المتصدع
وبعض من العوامل التي تساهم في حدوث المرض
المصادر غير البشرية لفيروس حمى الوادي المتصدع:
قد تصاب العديد من الحيوانات بحمى الوادي المتصدع وقد يكون المرض شديداً ويصيب العديد من الحيوانات الأليفة مثل الأبقار والأغنام والجمال والماعز. ويبدو أن الأغنام أكثر عرضة للإصابة بهذا المرض من الماشية في حين أن الماعز أقلها عرضة.
تكون الحيوانات المستوردة إلى المنطقة المستوطن فيه المرض أسوأ من تلك التي تكيفت مع الظروف المحلية. وتختلف أيضاً الحيوانات بأعمارها المختلفة من حيث تعرضها للإصابة بالمرض حيث يموت أكثر من 90% من صغار الأغنام المصابة بحمى الوادي المتصدع في حين أن نسبة الوفيات بين الأغنام لكبار قد تصل إلى 10%. وتبلغ نسبة الإجهاض بين الحيوانات المصابة 100%. وتتمثل أولى أعراض الإصابة بحمى الوادي المتصدع في حدوث موجة من الإجهاض بين الماشية. وقد يكون ذلك نذيراً ببدء انتشار الوباء.
الإنتشار إلى الإنسان:
قد يصاب الإنسان بحمى الوادي المتصدع عن طريق لدغة البعوض الملوث أو عن طريق ملامسة دم أو سوائل الحيوانات المصابة أو أعضائها أثناء حدوث وباء حيواني. قد تحدث الملامسة أثناء الاعتناء بالحيوان المصاب أو أثناء ذبحه أو عن طريق شرب حليب غير مغلي.
قد يصيب الفيروس الإنسان في حالة تشقق الجلد أو حدوث جرح ناجم عن سكين ملوثة، أو عن طريق الاستنشاق كما في الايروسول. وقد أدى انتقال الفيروس عن طريق الايروسول على إصابة العاملين في المختبرات.
العلامات السريرية:
تتفاوت فترة الاحتضان (وهي الفترة من الإصابة بالعدوى إلى ظهور الأعراض) لحمى الوادي المتصدع من يومين إلى ستة أيام. يحدث بعد ذلك مرض يشبه الانفلونزا مصحوباً بحمى مفاجئة، وصداع وألم عضلي وألم في الظهر، وقد يصاب بعض المرضى بتيبس في الرقبة وتقيؤ ومضايقة من التعرض للضوء. وعند هؤلاء المرضى، وفي المراحل الأولى من الإصابة بالمرض، قد يشخص المرض خطأ على أنه التهاب السحايا (الأغشية المحيطة بالمخ).
وتستمر أعراض حمى الوادي المتصدع عادة من أربعة إلى سبعة أيام تظهر بعدها الاستجابة المناعية بظهور أضداد 1gM و 1gG واختفاء الفيروس من الدم.
العلامات السريرية للحالات الشديدة:
1- بما أن معظم الحالات البشرية خفيفة نسبياً، إلا أن نسبة صغيرة من المرضى تتعرض لإصابة شديدة. ويظهر هذا عادة على شكل متلازمة من المتلازمات العديدة المعروفة: مرض العين أو التهاب الدماغ السحائي أو الحمى النزفية. وتبلغ نسبة المرضى الذين يتعرضون لهذه المضاعفات حوالي 0.5 على 2% بالنسبة لمرض العين وأقل من 1% لالتهاب الدماغ السحائي ومتلازمة الحمى النزفية.
2- وقد تظهر الحمى والأعراض الأخرى التي ورد ذكرها، عند الإصابة بمرض العين والذي يتجلى في الآفات الشبكية، ويظهر مرض العين عادة بعد أسبوع إلى ثلاثة أسابيع من ظهور الأعراض الأولى. وعندما تكون الآفة في البقعة الشبكية يصاب المريض بدرجة ما من الفقدان الدائم للإبصار. ومن النادر وفاة المرضى المصابين بمرض العين فقط.
3- تتمثل الصورة الأخرى للمرض، في حدوث مرض عصبي حاد هو التهاب الدماغ السحائي. وتحدث هذه المتلازمة بعد أسبوع على ثلاثة أسابيع من ظهور الأعراض الأولى. ومن النادر وفاة المرضى المصابين فقط بالتهاب الدماغ السحائي.
4- قد تظهر أيضاً حمى الوادي المتصدع على شكل حمى نزفية، وبعد يومين إلى أربعة أيام من الإصابة بالمرض يصاب المريض بمرض شديد في الكبد مع يرقان وظواهر نزفية مثل تقيؤ وتبرز دم وطفح ناجم عن نزيف من الجلد واللثة وقد يظل المرضى بمتلازمة الحمى النزفية مصابين بفيروسية الدم لمدة تصل إلى عشرة أيام وتكون نسبة الوفيات عالية حيث تصل إلى 50% تقريباً.
تحدث معظم الوفيات عند المرضى الذين قد أصيبوا بالحمى النزفية. وتفاوتت نسبة الوفيات بدرجة كبيرة في الوبائيات المختلفة ولكنها إجمالاً أقل من 1%.
التشخيص والعلاج :
قد تستخدم عدة طرق لتشخيص حمى الوادي المتصدع الحادة. وقد تُظهر الفحوص المصلية مثل فحوص المقايسة المناعية المرتبطة بالأنزيم (ELISA أو EIA) وجود أضداد معينة من (1gM) ويمكن اكتشاف الفيروس في الدم في مرحلة فيروسية الدم أو في الأنسجة بعد الوفاة وذلك بطرق عديدة منها تكاثر الفيروس (في مزارع خلوية مأخوذة من الحيوانات الملقحة)، وفحوص اكتشاف المستضد، وPCR ، والطريقة الجزيئية لاكتشاف المجين الفيروسي.
وقد ثبت أن العقار المضاد للفيروسات ribavirin يمنع النمو الفيروسي في الأجهزة التجريبية، إلا أنه لم يتم تقييمه سريرياً. ومعظم الحالات البشرية المصابة بحمى الوادي المتصدع هي حالات خفيفة نسبياً ومدتها قصيرة ولذا لا تحتاج إلى أية معالجة معينة. أما الحالات الشديدة فيتمثل العلاج في المعالجة الدائمة العامة لأي من الأعراض التي قد تظهر.
الوقاية والمكافحة :
يمكن الوقاية من حمى الوادي المتصدع عن طريق تطعيم الحيوانات. فقد تم تطوير لقاحات من فيروسات ضعيفة أو ميتة معدة للاستعمال البيطري. وتعطي جرعة واحدة فقط من اللقاح الحي وهذه الجرعة تعطي مناعة طويلة، أما اللقاحات المكونة من الفيروسات الميتة فلا تتسبب في حدوث هذه المضاعفات غير أنه يجب إعطاء العديد من هذه الجرعات للحصول على المناعة اللازمة وهذا يخلق مشاكل في المناطق التي يستوطن فيها المرض.
لقد تم تطوير لقاح غير نشط للإستعمال الآدمي، وهذا اللقاح ير مرخص ولا يتوفر بصورة تجارية إلا أنه استخدم تجريبياً لحماية الأفراد المخبريين والبيطريين المعرضين لخطر الإصابة بحمى الوادي المتصدع. وهناك لقاحات أخرى قيد الدراسة.
هناك خطر لانتقال المرض عن طريق الدم أو الأنسجة الملوثة إلى الأشخاص الذين يعملون مع الحيوانات المصابة وغيرهم أثناء انتشار المرض ولذا يجب لبس القفازات والملابس الواقية الأخرى وتوخي الحذر عند التعامل مع الحيوانات المريضة أو أنسجتها. وعلى العاملين في القطاع الصحي الذين يقومون برعاية المرضى المشتبه في إصابتهم بحمى الوادي المتصدع أو الذين تأكدت إصابتهم بهذا المرض أن يتخذوا الاحتياطات الوقائية عند أخذ وتحليل عينات المرضى. وتقديم الرعاية لهم.
وكما ذكرنا سابقاً، يتعرض العاملون في المختبرات للخطر، ولذا يجب أن يتعامل أفراد مدربين مع العينات التي تؤخذ لأغراض التشخيص من المشتبه بهم أو من الحيوانات المصابة بحمى الوادي المتصدع وأن تحلل في مختبرات جيدة التجهيز.
تشتمل الطرق الأخرى لمكافحة المرض على الحماية من البعوض ومكافحته والحماية الشخصية مهمة وفعالة. ويجب ارتداء الملابس الواقية مثل القمصان ذات الأكمام الطويلة والسراويل الفاتحة اللون، واستخدام الناموسيات والمواد الطاردة للحشرات، وتفادي العمل خارج المنزل في الأوقات التي كثر فيها لدغ البعوض الناقل للفيروس. وطرق مكافحة البعوض أثناء انتشار الوباء، باستخدام المبيدات الحشرية فعالة إذا سمحت الظروف بالوصول إلى أماكن تكاثر البعوض. وقد استخدمت أنظمة جديدة لمراقبة الاختلافات في الظروف المناخية من أجل إعطاء إنذار مبكر لحدوث انتشار وشيك عن طريق التنبه للعوامل التي قد تؤدي إلى زيادة أعداد البعوض. وهذا الإنذار يساعد السلطات على اتخاذ الإجراءات اللازمة لتفادي حدوث وباء وشيك.
لمحات عن إصابات متكررة بحمى الوادي المتصدع
'>
'>
'>
'>
'>
'>
'>
'>
'>
