نجاح تحليق طائرة سرعتها سبعة أمثال الصوت يبشر بعصر جديد للطيران
طائرات تحلق حول العالم في عدة ساعات تعوض عن القواعد العسكرية الأميركية الخارجية
لندن ـ سان فرانسيسكو: «الشرق الاوسط» ـ رويترز
نجحت تجربة اجرتها وكالة الطيران والفضاء الأميركية (ناسا) لاطلاق المركبة التجريبية «اكس ـ 43 ايه» المزودة بمحرك نفاث تبلغ سرعته سبعة امثال سرعة الصوت على ارتفاع عال فوق المحيط الهادي. وقال لورانس هوبنر رئيس فرقة العمل الهندسي في بيان صحافي بعد الاختبار«كان يوما رائعا تم فيه تحطيم رقم قياسي». وتعدت سرعة المركبة التي بلغ طولها 3.6 متر 8 آلاف كيلومتر في الساعة بقليل خلال 11 ثانية من اطلاقها، ثم تجاوزت سبعة امثال سرعة الصوت لعدة دقائق قبل ان تسقط في مياه المحيط. وهذه التجربة التي أجريت قبالة الساحل الجنوبي لكاليفورنيا هي الأولى التي يستخدم فيها محرك نفاث تضاغطي يعمل باشعال الوقود الممزوج مع الهواء المضغوط في تسيير مركبة بمثل تلك السرعة العالية. وقال جويل سيتز مدير المشروع «اذا كنت ستنطلق من الارض الى الفضاء فهناك حاجة لمركبة نفاثة تعمل بمحرك تضاغطي كي ترتقي الى الفضاء بافضل طريقة». وبدلا من حمل المحرك للوقود والاوكسجين اللازم للتسارع مثلما هو الحال مع محركات الصواريخ التقليدية، فان المحركات الاسرع من الصوت لا تحمل سوى وقود الهيدروجين وتمتص الاوكسجين الذي تحتاجه من الغلاف الجوي. ويأمل خبراء «ناسا» في مركز ابحاث دريدن بقاعدة ادواردز الجوية شمال لوس انجليس، ان يكون المحرك الجديد بمثابة ثورة في عالم الطيران وأن يؤدي الى الاسراع بخطى تطوير طائرات وخفض تكلفة الاطلاق. واضاف هوبنر ان الاختبار سجل رقما قياسيا جديدا لمركبة تحلق بمحرك يتنفس الهواء. وكانت اول تجربة لمركبة تعمل بمحرك «اكس ـ 43ايه" فشلت في يونيو (حزيران) 2001 بعد عطل في المرحلة الاولى للصاروخ الذي زودت به المركبة التجريبية مما اضطر العلماء لتفجير الطائرة. واثناء تجربة أول من امس أطلقت قاذفة قنابل من طراز بي ـ 52 المركبة التي كانت مركبة على بطنها في الاسفل على ارتفاع نحو 12192 مترا. ثم رفع صاروخ المركبة الى ارتفاع 30 الف متر مما أفسح المجال لاختبار المحرك. ويأمل علماء «ناسا» اواخر العام الحالي اختبار المحرك على سرعة 11265 كيلومترا في الساعة كجزء من برنامج يسمى «هايبر اكس». ولن يتم استخراج المركبة التي استخدمت في التجربة من مياه المحيط لارتفاع التكلفة.
* طيران خيالي
* ويقول خبراء الطيران إن عصر الطيران الفائق السرعة آخذ بالشروق. فإن تحقق تحليق الطائرة بسرعة 7000 ميل (11600 كلم) بالساعة مثلا فانها ستطير حول العالم بأقل من أربع ساعات. ولأن مثل هذه الطائرة لا تحمل الاوكسجين معها، فان ذلك سيوفر متسعا لعدد اكثر من المسافرين على متنها وزيادة مداها.
وسيتم تقليل زمن الرحلة من لندن الى نيويورك الى حوالي 40 دقيقة فقط من رحلة مدتها 7.5 ساعة على متن طائرة الجامبو التي تحلق بسرعة 920 كلم بالساعة، أو رحلة مدتها 3.5 ساعة على متن الكونكورد. ولم تتغير سرعة الطائرات التقليدية منذ الخمسينات وبعض الرحلات اليوم تتطلب وقتا أكثر من قبل نظرا لازدحام الجو بالطائرات. وأسرع طائرة مدنية موجودة هي النسخة الروسية لطائرة الكونكورد «تي. يو 144» التي سميت كونكوردسكي التي تحطمت احداها في معرض باريس الجوي في 1978، ولم تسحب من الخدمة حتى 1985. وفي المحركات النفاثة التقليدية تقوم مروحة المحرك بسحب الهواء داخل المحرك وضغطه للاحتراق. أما محركات «رامجيت» Ramjet فتعمل على حرق الوقود بعد سحب الهواء داخلها بواسطة سرعة الطيران. ويتم سحب الهواء الى حجرة الهواء وحرقه في تدفق سرعته دون سرعة الصوت، لكن كلما زادت سرعة الطائرة زادت القوة. اما في طائرة «هايبر اكس» فيظل تدفق الهواء داخل المحرك متحركا بسرعة أعلى من سرعة الصوت وهي عملية اعتبرها الكثير من العلماء مستحيلة في السابق. ولذلك يسمى محركها «سكرامجيت» Scramjet وهو مختصر لكلمات Supersonic Combustion Ramjet (ويعني ان الاحتراق يتم وسط تدفق بسرعات أعلى من الصوت).
ويتوجه الخبراء الى تصميم طائرة فائقة السرعة للقوات العسكرية، ونموذج أكبر حجما لشركات الشحن وأخيرا لخطوط الطيران المدنية. ولأن الطائرة لن تحتوي على أي نوافذ سيكون الهيكل قويا جدا وستحمل مثل هذه الطائرة حوالي 250 راكبا.
