بسم الله الرحمن الرحيم..
بصمة الحياة..
دراسات الحامض النووي DNA واستخداماته تتداخل في كل المجالات من الطب إلى الجريمةبقلم: روب كامبوس
أبريل 2005
قبل سنتين تماما، أنهى العلماء، لأول مرة في التاريخ، رسم خريطة متوالية الحامض النووي البشري، الذي يشكل حجر زاوية الحياة.
وفي حين أن هذا الإنجاز، الذي استغرق سنوات، يعد مَعْلماً بارزا على الصعيد التاريخي، فإنه لم يكن سوى وسيلة لأجل بلوغ غاية. فمنذ ذلك الحين، أحرز العلماء تقدما ملحوظا في فهم بعض الخصائص الموروثة وإيجاد السبل لتصحيح المعيب منها.
حامض متفرد::
شأنه شأن بصمة الإصبع أو تخطيط مسح شبكية العين، يحمل كل شخص حامضاً نووياً خاصاً به. فتركيبة الحامض النووي تحدد الخصائص الفردية مثل لون العينين، والمواهب الشخصية، وقابلية التعرض لبعض الأمراض. وقد أطلقت الاكتشافات الخاصة بالحامض النووي عنان الخيال لدى الكثيرين، فمؤلفو قصص الخيال العلمي يستمتعون بإثارة فكرة إمكانية إحياء حيوانات منقرضة أو لقاء إنسان بدائي من العصر الحجري أو زيارة حديقة تسرح فيها الديناصورات وتمرح.
إلا أن المنافع العملية لهذا الاكتساف بالنسبة إلى البشر ملموسة بشكل أكبر.
تطبيقات عملية ::
وقد برزت بعض أهم الإنجازات في مجال تنفيذ القانون. فالمنظمات الأميركية تستخدم عينات الحامض النووي لكشف الجرائم وإطلاق سراح المتهمين زورا، منذ حوالي عقدين من الزمن، لكن تلك العملية غالبا ما كانت مُربكة، وتتطلب الكثير من الوقت ومن مقومات الحامض النووي لتكون ناجحة.
واليوم، باستخدام طريقة تدعى التفاعل التسلسلي بأنزيم بوليميريز يمكن تشكيل الحامض النووي من أصغر الأجزاء. يقول الدكتور دي بيه لايل، مؤلف كتاب "الطب الشرعي للمبتدئين": "يمكنك أخذ طابع بريدي تم لعقه أو حويصلة شعر أو لبّ سن وإضافة أنزيم يضاعف الحامض النووي ويصنع نسخا عديدة منه. وحالما يصبح لديك عيّنتان، يمكنك إجراء مقارنة لتحديد الهوية في فترة تتراوح من 12 إلى 18 ساعة".
وقد دفع هذا التقدّم مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى إنشاء قاعدة بيانات قومية للحامض النووي. ومن المتوقع، في المستقبل القريب، أن يُحفظ الحامض النووي لكل الجناة في سجلات للمساعدة على اعتقال المجرمين الخطرين.
ولا تزال تلوح في الأفق إنجازات أكثر إثارة للاهتمام في مجال الطب. فالأطباء يعملون بجهد لتحديد الأدوية الفعالة وتلك التي قد يكون لها تأثيرات جانبية سيئة، من خلال تحليل شيفرتنا الوراثية. وسيؤدى ذلك في النهاية إلى علاجات طبية معدّلة وفقا للاحتياجات الفردية.
يقول مايكل أيه غولدمان، أستاذ علم الأحياء في جامعة سان فرانسيسكو: "تصور إمكانية حفظ خريطتك الجينية بالكامل على قرص ليزر حتى قبل ولادتك. فإذا عانيت أية مشكلة طبية، يستطيع الطبيب تشغيل القرص وتفحص الجينات المعنية ليصف لك الدواء المناسب".
وفقا لغولدمان، سيكون تعديل العلاجات الطبية وفقا للاحتياجات الفردية الطريقة المعتمدة بعد حوالي 15 عاما.
ويضيف قائلا: "بدلا من وصف الأدوية كما نفعل الآن، أي البدء بالدواء الأرخص والتحقّق مما إذا كان فعالا، يمكننا تفحص الحامض النووي لمعرفة ما إذا كان الشخص المعني بين الـ30% من الأشخاص الذين ينفع معهم دواء معين أم لا. وقد يتبيّن لنا أنهم لن يتجاوبوا معه، وبالتالي فلا حاجة لوصفه لهم".
إن وصف الأدوية ليس سوى واحدة من الطرق التي يساهم بها تحليل الحامض النووي في مكافحة الأمراض. وقد أجرت الدكتورة إيفا غالانيس، وهي أستاذة مشاركة مختصة بعلم الأورام في عيادة "مايو" الشهيرة في مدينة روشتستر بولاية منيسوتا، تجارب مخبرية على الفيروسات التي تم تعديل الحامض النووي فيها لمساعدة المصابين بسرطان البنكرياس وسرطان القولون والأورام الدماغية والأورام الميلانية المتعددة وسرطان المبيض.
تقول غالانيس: "لقد عدلنا الفيروسات وراثيا لمهاجمة الأورام، وفي بعض الحالات، يمكننا أيضا إدخال جينة في الفيروس لاستخدامها كمؤشر عندما تتضاعف. وتعمل فيروسات معينة على مضاعفة مضادات يمكن تحديد مقدارها في الدم. وهذا يشكل طريقة غير تدخلية لمراقبة انتشار الفيروسات، ما يعني أنه يمكننا اختيار الجرعة المناسبة لكل مريض".
وتتضمن إحدى تجارب غالانيس الحالية فيروس حصبة معدلاً يمكنه القضاء على الأورام المبيضية مع احتمال ضئيل جدا أو شبه معدوم بانتقال الفيروس إلى المريضة. وتعديل الفيروسات هذا جزء من فرع طبي جديد يدعى المعالجة الجينية.
هنالك ثلاث غايات أساسية للمعالجة الجينية. أولها تصحيح خلل جيني مكتسب أو موروث من خلال تغيير الحامض النووي للشخص المعني. فالتليّف الكيسي مثلا واحد من العيوب الجينية الأكثر شيوعا لدى الجنس الأبيض. وسببه جينة معيبة. فإذا كان بالإمكان تعديل تلك الجينة، يمكن شفاء المصاب بالمرض والحيلولة دون نقله الجينة المعيبة إلى أولاده.
الغاية الثانية هي معالجة مرض ليس بالضرورة موروثا. فلا حاجة، على سبيل المثال، إلى تعديل الحامض النووي للتخلص من عدوى فيروسية أو سرطان، بل يجب القضاء عليهما.
الغاية الثالثة هي جعل خلايا الجسم تنتج مادة علاجية. بدلا من محاولة القضاء على فيروس في الجسم، يتم حث الخلية على إنتاج مادة كيميائية أو بروتين يكافح المرض.
يقول الدكتور ديفيد ساندرز، الأستاذ المشارك المختص بعلوم الأحياء في جامعة بوردو بولاية إنديانا الواقعة في الغرب الأوسط الأميركي: "للمعالجة الجينية مناهج مختلفة، يمكنك نزع الخلايا وتعديلها ومن ثم استبدالها. كما يمكن تعديل الجينات بحيث تحث جهاز المناعة وتوقّف عمله في أوقات مختلفة. ويمكنك تعديل الجينات لتستجيب لبعض المواد الكيميائية، مثل تناول فطر الغوشنة لإثارة ردة فعل محددة ومنتظمة لجهاز المناعة".
لا بد من الحذر ::
والحذر واجب هنا: فالتلاعب بالتطوّر البشري يمكن أن يكون له تأثيرات جانبية غير متوقعة. فالجينة المعيبة التي تسبب فقر الدم المنجلي، على سبيل المثال، يمكن أن تمنح أيضا المناعة ضد الملاريا. وليس ذلك من قبيل الصدفة فالملاريا سائدة في المناطق التي ينتشر فيها فقر الدم المنجلي. ويقول ساندرز: "إذا صحّحنا الجينات المعيبة المتوارثة بين البشر، فإننا لا نعرف دائما ما سنحصل عليه. فالجينات تتعاون. إذا صححنا واحدة، ربما ستسبب جينة أخرى مشكلة ما. إن السعي إلى جعل خريطة الجينات البشرية في وضع كامل قد تنقلب ضدنا إن لم نكن على علم بكل الأمور". غير أنها غاية سيستمر العلماء في السعي إليها.
إنتهـــــــــى..
المصدر::
http://www.himag.com/articles/art9.cfm?topicId=9&id=829 ( سبحان الله أخر مقطع ,, يبين مدى عجز الإنسان عن الإلمام بالعواقب مهما بلغ علمه >>>>>> وما أتيتم من العلم إلا قليل..)
والسلام عليكم..