السلام عليكم :
الأخ الكريم ولد جدة : حياك الله تعالى ..
1 - أحسب أن الأخ الكريم ( الراصد 2007 ) قد سبقني في التعليق بما يفي بالغرض
بيد أنك – كما أحسب – لم تصل إلى ما يتفق عندك مع مجموع ما حصَّلته في هذه المسألة بعدُ ..
2 - مفاد مفهوم العطالة
أنه إذا كان هناك حركة منتظمة بين شيئين
فإنك لا تستطيع إثبات أيهما الذي يتحرك – فعلاً - من خلال تجارب تجري في أيّ من هذين الشيئين , لأن نتائج التجارب التي تقام على كل واحد منهما , تكون متطابقة ..
وأما قولك : (( ... هل القوانين التي اتت بها نظرية كوبرنكس تختلف في فرض الارض ثابتة او متحركة ؟؟؟ ... ))
فهذا السؤال يوجه إليك , لأنك أنت من يعارض ما أتت به نظرية كوبرنيكوس ..
على أية حال , أوجز لك التالي :
عندما نسأل أنفسنا : هل يمكننا إثبات أن الأرض ساكنة أو متحركة من خلال تجارب تجري عليها ؟
أقول : لو كانت الإجابة القطعية على هذا السؤال بنعم , لما وجدنا اختلافاً أو تبايناً في التصور العلمي لهذه القضية , منذ أن عرف الناس طرفاً صالحاً من العلوم وحتى يوم الناس هذا ..
فأصل البحث هو عدم القدرة على إثبات أيٍّ من ذلك بتجارب تجري على الأرض
ولكن القرائن و الدلائل والإشارات التي حصَّلها العلماء مع كوبرنيكوس , رجَّحت حركة الأرض
ثم جاءت المناظير فزادت قوة هذا الترجيح
ثم جاءت المراصد العملاقة والأقمار الصنعية ..... إلخ فازدادت قوة هذا الترجيح أكثر فأكثر ..
فإذا أمكنك أخي الكريم أن تُثبت أن الأرض ساكنة من خلال تجارب تجري عليها
فإنك لن تجد بين علماء الفيزياء والفلك من ينكر ذلك ..
وكذلك الأمر , إذا استطعت أن تبرهن على وجود قرائن وإشارات ودلائل علمية – حسية وذهنية - تشير إلى سكون الأرض , أقوى مما عند العلماء اليوم من قرائن تشير إلى حركتها , فسيذعن لك الجميع ..
3 – إذا اتفقنا على أننا لسنا متعبَدين بتحديد هيئة الكون المنظور
فإنه لا ينبغي علينا أن نحجر واسعاً ..
وليُسهم كلّ منا بما يسر الله تعالى له ..
ومَن أراد أن يكون تصوره هو الأعم , فعليه أن يقيمه على أسس علمية متينة , تتفق مع المفاهيم العلمية القائمة , وتُجيب على معظم التساؤلات المطروحة ..
4 - قلتَ :
(( ... ان القول بدوران الارض هو لم يكفر من قال به لكن ذكر انه يخالف مااتي به القران
ووجهة الدلالة من المخالفة والمفهوم :-
ان تفسير ايات القران ومفهوم التفسير لدينا يبقى هو يقينا قطعيا وثابتا
مالم يظهر ويثب تبوتا قطعيا خلاف ذلك
ولما كان مفهوم ماوجد في كتب التفسير ومفهوم الصحابة لايات القران
هو ثبات الارض وهو لدينا يقينا ثابتا في المعنى
والقول بدوران ليس قطعيا وباقيا في مجال البحث
فاننا نبق في اليقين اعتمادا
حتى يتم قطع الشك باليقين
وخلاصة ذلك
ان نقول ان ماجاء في القران ثبات الارض
ولا يجوز ان نفسر القران بدوران الارض حتى ينتهي مجال البحث في المسالة
... ))
أقول :
أ ) : هو – رحمه الله تعالى - ذَكر : ( ما يخالف ما أتى به ظاهر القرآن )
ولم يقل : ( ما يخالف ما أتى به القرآن )
وشتان بين هذا وذاك ..
ب ) : قولك : (( ان تفسير ايات القران ومفهوم التفسير لدينا يبقى هو يقينا قطعيا وثابتا
مالم يظهر ويثب تبوتا قطعيا خلاف ذلك ))
لا يتفق مع أسس البحث العلمي الشرعي وسواه ..
لأن اليقين لا يزول
وما كان يقيناً لا يتغير ولا يتبدل
و الذي يطرأ عليه التبديل والتغيير , إنما هو الوهم والشك والظن ....
فما استقر عند العلماء الأفاضل الذين تحتج بأقوالهم
ليس يقيناً وإنما هو ظن راجح , لأنه لو كان يقيناً , لكان اعتقاداً راسخاًُ ..
علماً بأنك قلتَ بعد ثلاثة أسطر : (( حتى يتم قطع الشك باليقين ))
فأنت تقر هنا بأنه شك وليس يقيناً ..
ج ) : والقرآن الكريم لم يقل بدوران الأرض , ولا أحسب أن أحداً قال ذلك
وإنما المعهود عمن نظر في ذلك , قولهم : والقرآن الكريم يشير إلى ذلك ..
أي : تلميحاً لا تصريحاً ..
والتلميح هو مما يجوز البحث فيه
كما يجوز تنوع المفاهيم عنه , مادامت جميعها ضمن ضوابط العلم الصحيح ..
5 - قلتَ :
(( ... ان تفسير القران نتوقف عند مااتفق مفهمومه مع مفهوم الصحابة
مع القطعي من العلوم فقط ومابقى في دائرة الترجيح فلا يحق لنا ترجيح
من عند انفسنا ربما قد يكون غير صحيحا في يوم ... )) .
أقول :
أ ) : - بحسب رأيي - ليس في العلوم الوضعية ما هو قطعي بالمعنى الذي تريده
أي : كالذي نجزم فيه اعتقاداً ..
ب ) : أحسب أنك تأخذ قول السلف رضوان الله تعالى عليهم , لفهم آي القرآن العظيم
من فهمك للمبدأ الآتي الذي ذكرتَه في المشاركة ( 50 ) :
(( ... تفسير القران الكريم وبيان مفهوم الايات في القران الكريم
لنا فيها مرجعية في الدين الاسلامي
فحرم علينا الشارع تفسير القران او فهم الايات من عند انفسنا
والصحابة رضوان الله عليهم لم يفسروا القران من عند انفسهم
او برايهم بل كرهوا في مواقف كثيرة ان يفسروا القران برايهم
او ان يقولوا على الله مالايعلمون
كانوا لايتجاوزون اية الا بعد ان يعرفوا معناها ومافيها من احكام ويحفظوها من رسول الله
فهم اخذوا تفسير القران من الرسول صلى الله عليه وسلم
نحن اخي الكريم وصلنا القران ثابتا كاملا بكل معانيه واياته
لذا اخوي الكريم ماجاء به القران من معاني واحكام هو ماناخذه من كتب التفسير منقولا عن كبار
الصحابة رضوان الله عليهم ... ))
أقول :
نعم !
لا خلاف أنهم كانوا - رضي الله تعالى عنهم - لا يتجاوزون آية حتى يعرفوا ما فيها من أحكام وعظات وعبر ... , ويحفظوها ويعملوا بها ..
أما في وقوفهم عند معانيها كاملة , فهذا يحتاج إلى بحث طويل ...
وحسبي أن أذكرك بدعاء النبي صلى الله تعالى عليه وسلم , لابن عباس رضي الله تعالى عنهما , كما جاء في مسند الإمام أحمد رحمه الله تعالى :
(( وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده بين كتفي أو قال على منكبي فقال اللهم فقهه في الدين وعلمه التأويل )) ..
فلو كان الأمر على إطلاقه فيما تفضلتَ به , فما هي الحاجة إلى تعلم التأويل ؟
6 - أخي الكريم :
لا أحسب أنه من الحكمة أن يُناقَش أصحاب العلوم الوضعية من المسلمين في مفاهيمهم العلمية
من خلال مفاهيم العلوم الشرعية
فلكلّ مجاله ولكلّّ ضوابطه وأسسه
ومَن أراد مناقشتهم , فعليه أن ينطلق من مفاهيم علومهم وضوابطها
مثلما أنّ مَن أراد أن يناقش علماء الشريعة , فعليه الانطلاق من مفاهيم علومهم وضوابطها ..
أخي الكريم :
حيث إنك تريد الجانب العلمي في هذه المسألة
فعليك أن تأخذ به من أهله , وفق ضوابطه
لا وفق ما أنت ترغب , ولا وفق ما لم يُجمع عليه أهل العلم .....
ثم ابحث بعد ذلك في تلك الضوابط وما ينتج عنها
فقد تجد فيها ما تنشده ..
وفقك الله تعالى ووفق الجميع وإياي إلى ما يحبه ويرضاه ..
ولكم تحياتي