Advanced Search

المحرر موضوع: مستقبل المذهب البيئي في القرن الحادي والعشرين  (زيارة 2621 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

ديسمبر 29, 2003, 12:50:14 صباحاً
زيارة 2621 مرات

التواق للمعرفة

  • عضو خبير

  • *****

  • 2342
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
مستقبل المذهب البيئي في القرن الحادي والعشرين
« في: ديسمبر 29, 2003, 12:50:14 صباحاً »
قد تبدو التوقعات بخصوص المذهب البيئي للقرن الحادي والعشرين شديدة الارتباط بحالة الأزمة البيئية والمستوى العام لفهم القضايا والمشكلات البيئية؛ فمن المتوقع أن يزيد البحث عن بديل للتقدم الصناعي المولع بالنمو، وإحدى المشاكل التي تواجه الأحزاب الخضراء أن منافسيهم قد اتخذوا مواقف "صديقة للبيئة" كانت قبل ذلك حكرًا على الخضر (مثلما اتخذت الرأسمالية بعد نقد الشيوعية لها سياسات دولة الرفاهة والحقوق الاجتماعية)؛ إذ لن يكون للجنس البشري بدٌّ في القرن الحادي والعشرين من قلب السياسات والممارسات التي كادت أن تدمر كل من الجنس البشري والعالم الطبيعي.

وتواجه النظرية البيئية عددًا من المشكلات:

الأولى: صعوبة جعل المذهب البيئي أيديولوجية عالمية، فيبدو أن القيود التي تكبل الدول النامية قد سلبتها فرصة اللحاق بركب الغرب، حيث تطورت الدول الغربية بالصناعات الكبيرة وباستنزاف الموارد المحدودة والتلوث... إلخ، وهي ممارسات يسعون الآن إلى إنكارها على الدول الساعية للتقدم. والغرب الصناعي مثله مثل العالم النامي غير مهيأ لأخذ الأولويات البيئية في الاعتبار، حيث يعني ذلك التخلي عن الرخاء الذي ينعم به بوصفه أكبر مستهلك للطاقة والموارد.

والمشكلة الثانية: تتمثل في الصعوبات التي تحف رسالة المذهب البيئي المعادية للنمو، فسياسة النمو المستديم أو اللانمو قد تكون غير مشجعة للجماهير بحيث تستحيل عمليًا كخيار انتخابي.

ثالثًا: قد يكون المذهب الأخضر greenism ما هو إلا بدعة حضرية أو شكل من أشكال رومانسية ما بعد الحركة الصناعية، وهو ما يملي أن الوعي البيئي ما هو إلا رد فعل مؤقت للتقدم الصناعي، ويميل إلى الاقتصار على الشباب والأغنياء الذين يملكون ترف الاحتجاج.

رابعاً: أن الرؤية البيئية صعبة التحقيق لو استقام الناس عليها؛ لأنها تتضمن تضحيات لا يريد الكثيرون تقديمها ويفضلون المصالح العاجلة، فالبيئية الحقيقية أكثر راديكالية من الاشتراكية والفاشية والحركة النسائية أو أي اعتقاد سياسي آخر، فهذا المذهب لا يقتصر على المطالبة بتحول النظام الاقتصادي أو إعادة تنظيم العلاقات بين السلطات داخل النظام السياسي فحسب، بل لا يرضى بأقل من إقامة نمطا جديدًا للوجود أي أسلوب مختلف في تجربة الوجود وفهمه. والأكثر من ذلك أن نظرياته وقيمه وأحاسيسه تتعارض كلية مع تلك الخاصة بالمجتمعات التي يهيمن عليها التقدم الصناعي.