السلام عليكم
حتى عشر سنوات مضت لم يكن أحد يتصور وجود حياة على كوكب يختلف عن الأرض. أما اليوم فأصبح العلماء أكثر تسامحاً وتقبلاً لفكرة وجود حياة في أكثر الكواكب غرابة وتطرفاً. فقد تولدت قناعة بأن الحياة يمكن أن تظهر في ظروف كونية قاسية وغير متوقعة على الإطلاق. وليس بالضرورة أن تكون الحياة المقصودة معقدة أو متطورة. اذ يكفي إثبات وجود (بعض البكتيريا) لفتح المجال واسعاً لاحتمال وجود الحياة على الكواكب الأخرى.
وما جعل العلماء "أكثر تسامحاً" حيال هذا الموضوع اكتشاف مظاهر حياة غريبة على الأرض ذاتها.. فعلى سبيل المثال اكتشفت ميكروبات كثيرة تعيش حول البراكين النشطة على عمق 3000متر تحت المحيط الباسيفيكي. وهي ضمن أنواع لا تحصى من الطحالب والبكتيريا التي تعيش حول البراكين العميقة - حيث المياه مكبرته، والأوكسجين معدوم، ودرجة الحرارة تفوق الغليان. كما اكتشفت طحالب تعيش تحت تسعمائة متر من ثلوج القطبين وفي الاحواض الجوفية لمكامن النفط والغاز. وفي الثمانينات اكتشفت بالصدفة مغارة في رومانيا انغلقت قبل خمسة ملايين عام فتطورت بداخلها مخلوقات شفافة عمياء تعيش بمعزل عن النظام الحياتي المعروف - المعتمد على التمثيل الضوئي ووجود الأوكسجين والماء.
هذه الأمثلة (الأرضية) تجعل من المقبول اليوم وجود حياة بدائية على كواكب متطرفة مثل عطارد والمشتري وبلوتو. أما الكواكب المعتدلة كزحل والمريخ ويوروبا فقد ثبت فعلاً وجود حياة عليها. ففي عام 1996مثلاً اعلنت وكالة ناسا عن اكتشاف آثار حياة متحجرة على نيزك سقط من المريخ. واليوم تملك الوكالة 15نيزكاً كوكبياً تضم حياة متحجرة - أضخمها النيزك الذي اكتشف في عمان عام 2000وخلال أحد عشر عاماً من وجود المحطة الفضائية مير في الفضاء؛ لاحظ الرواد انها اصبحت مرتعاً لجراثيم (غير أرضية) وغير معروفة. وقد تكاثرت فيها بصورة خطيرة وتركزت حول نوافذ المحطة وخراطيم الوقود وأجهزة التكييف!!
وفي الحقيقة فإن مظاهر الحياة الغريبة على الأرض تتجاوز الميكروبات والطحالب إلى حيوانات أكبر وأكثر تعقيداً.. فعلى سبيل المثال:
- على عمق 4000متر تحت المحيط؛ حيث ضغط الماء كاف لسحق الحديد، والظلام دامس بحيث (إذا أخرج يده لم يكد يراها) تعيش أسماك عمياء وهلاميات شفافة ونباتات لا تعرف ضوء الشمس!!
- كما توجد نباتات تعيش على المياه المالحة، وتزدهر في البيئة المشعة، وتنمو في التربة السامة.
- حتى البحر الميت ليس ميتاً في الحقيقة (!!) بل تعيش فيه بعض الطالحب والديدان والكائنات الدقيقة!
- وفي المناطق القطبية تتمتع بعض الأسماك والضفادع بوجود سوائل مضادة للتجمد تتيح لها العيش تحت الثلوج لفترة طويلة.
- وفي الصحاري الجافة تعيش حيوانات كثيرة بلا ماء.. وبعض الحشرات تجف السوائل في أجسادها بنسبة 99% ومع ذلك تظل على قيد الحياة.
- المزارعين كثيراً ما يصادفون - حين يحفرون الأبيار - حشرات غريبة تعيش على اعماق كبيرة، وأن هناك نوعاً أصفر بالذات إذا رأوه علموا انهم اصبحوا على مقربة من المياه الجوفية.
- والأغرب من هذا كله اكتشاف ديدان وضفادع ويرقات تعيش داخل حجارة صماء أو جذوع متحجرة (حيث لا ماء ولا هواء ولا حتى فراغ للتحرك). وهي ظاهرة قديمة تدعى الأحافير الحية أو (Living Fossils!!).
.. حتى عشر سنوات مضت كان العلماء يبحثون عن الظروف المناسبة، ثم يدرسون طبيعة الحياة فيها.. أما اليوم فيكتشفون الحياة أولاً، ثم يدرسون كيف تأقلمت مع الظروف
القاسية
شكرا
