Advanced Search

المحرر موضوع: الدماغ الثاني... في أمعائنا!  (زيارة 769 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

فبراير 02, 2004, 12:04:47 صباحاً
زيارة 769 مرات

وليد الطيب

  • عضو خبير

  • *****

  • 1327
    مشاركة

  • مشرف الإجتماع و النفس والتربية

    • مشاهدة الملف الشخصي
الدماغ الثاني... في أمعائنا!
« في: فبراير 02, 2004, 12:04:47 صباحاً »
السلام عليكم                                                                            منقول

في أعماق أحشائك, تقبع ذات تحركية معقدة - وهي جهاز عصبي كامل يحتوي على خلايا عصبية أكثر من تلك التي يضمها الحبل الشوكي, بل وأكثر من الخلايا التي يحتوي عليها بقية الجهاز العصبي الطرفي - فهناك أكثر من 100 مليون خلية عصبية في الأمعاء الدقيقة وحدها!

           على الرغم من أن البعض كانوا يعتبرونه مجرد جمع بسيط من العقد العصبية, يعرف الجهاز العصبي المعوي حاليا بكونه دماغا ثانيا مستقلا بذاته. وبرغم أننا لانزال غير قادرين على الربط بين السلوكيات المعقدة مثل حركة الأمعاء والإفرازات المعوية, وبين خلايا عصبية محددة, فإن الأبحاث الجارية في هذا المجال تتقدم بسرعة هائلة, مما سيؤدي لحدوث تطورات مهمة في تدبير الأمراض الوظيفية للأمعاء.

           من الناحيتين التركيبية والكيميائية, يعد الجهاز العصبي المعوي دماغا بحد ذاته, فبين تلافيف الأمعاء التي يبلغ طولها أمتار عدة, تقبع شبكة معقدة من الخلايا العصبية التي يتحكم في أنشطتها عدد من الناقلات العصبية والمعدّلات العصبية, أكبر بكثير مما يوجد في أي مكان آخر من الجهاز العصبي الطرفي, مما يسمح للجهاز العصبي المعوي بممارسة أنشطته بصورة مستقلة عن الجهاز العصبي المركزي - وهي صفة فريدة أتاحت لعلماء البيولوجيا العصبية المعوية دراسة تطور الخلايا العصبية والوسائط الكيميائية للسلوك المنعكس داخل بيئة المختبر, مما أدى لظهور فرع علمي مستقل هو طب أعصاب الجهاز الهضمي.

نبذة تاريخية

           يرجع البحث في طب أعصاب الجهاز الهضمي للقرن التاسع عشر, حيث أظهر الباحثان البريطانيان وليام بايلس وإرنست ستارلنج أن الضغط على تجويف البطن في الكلاب المخدّرة يؤدي إلى انقباض الفم وارخاء الشرج, يليها حدوث موجة دافعة, وهو ما أطلق عليه وقتها اسم (قانون الأمعاء), ويعرف الآن باسم منعكس التمعج, بقوة تكفي لدفع الطعام عبر السبيل الهضمي. ونظرا لأن هذا المنعكس يظل فاعلا حتى بعد قطع الأعصاب الخارجية الواصلة إلى الأمعاء. وقد استنتج بايلس وستارلنج - محقين - أن الجهاز العصبي المعوي عبارة عن محور ذاتي من النشاط العصبي يعمل بصورة مستقلة بدرجة كبيرة عن الجهاز العصبي المركزي.

           وبعد ذلك بثمانية عشر عاما, أثبت العالم الألماني ترندلنبرج صحة هذه الاكتشافات بإظهار إمكان إحداث منعكس التمعج خارج الجسم الحي في الأمعاء المعزولة لحيوانات التجارب, دون مشاركة من الدماغ, أو الحبل الشوكي, أو العقد القحفية. كان ترندلنبرج على علم بأن هذه الاكتشافات فريدة من نوعها, فليس هناك عضو طرفي آخر يمتلك مثل هذا الجهاز العصبي الداخلي المعقد, فإذا تم قطع الاتصالات العصبية بين الدماغ والمثانة أو العضلات الهيكلية على سبيل المثال, فستتوقف جميع الأنشطة الحركية لهذه الأعضاء, أما إذا تم قطع الاتصالات العصبية إلى الأمعاء, فستظل وظيفتها كما هي دون تغير.

           تم نشر أبحاث ترندلنبرج عام 1917, ويبدو أن هناك عددا من معاصريه كانوا يشاركونه الرأي, كما يتضح من وصف الجهاز العصبي المعوي داخل كتاب جون لانجلي الكلاسيكي عن الجهاز العصبي المستقل, والمنشور عام 1921. وقد توقع لانجلي أن هناك الملايين من الخلايا العصبية في الأمعاء, وأنها تؤلف أحد الأجزاء الثلاثة التي وضعها للجهاز العصبي المستقل, الودي (السمبتاوي), واللاودي (الباراسمبتاوي), والمعوي.

           كان لانجلي صاحب ومحرر المجلة الفيزيولوجية (مجلة علم وظائف الأعضاء), ولسوء الحظ فقد كانت علاقته سيئة بالكثيرين من زملائه. ولذلك, فبعد وفاته, قامت هيئة التحرير الجديدة للمجلة الفيزيولوجية بإعادة تصنيف العصبونات المعوية على أنها جزء من الإمداد العصبي للعصب الحائر (المبهم vagus), والذي يتحكم في حركة الأمعاء. وبرغم أن هذا التصنيف صحيح إلى حد ما, فإنه أدى إلى إهمال مفهوم وجود جهاز عصبي معوي مستقل - فقد انشغل الباحثون بمتابعة التطورات المتلاحقة في مجال الناقلات العصبية, حيث تم التعرف على الإبينفرين والأستيل كولين كناقلات عصبية في الجهازين السمبتاوي والباراسمبتاوي (برغم أن النقال العصبي الفعلي للجهاز السمبتاوي قد اكتشف لاحقا أنه النور إبينفرين). وقد ظلت هذه النظرية سائدة حتى عام 1965, عندما أثبت الباحث الأمريكي مايكل جيرشون وجود ناقل عصبي ثالث, وهو السيروتونين, يستهدف الجهاز العصبي المعوي.

           ولتجدد الاهتمام بالجهاز العصبي المعوي جذور تاريخية قوية, فمنذ ما يقرب من 100 عام, أجرى الطبيب الأمريكي بايرون روبنسون أبحاثا متعمقة عن الموضوع, ضمّنها كتابه المثير للإعجاب بعنوان (الدماغ البطني والحوضي), والمنشور عام 1907. ويخلص كتاب روبنسون هذا إلى أن الأحشاء البطنية تحتوي على جهاز عصبي هائل ومعقد, يقوم بالتحكم وتنظيم العمليات الحيوية للأحشاء البطنية.

           ولم يكن روبنسون ولانجلي وحيدين في اهتمامهما بالجهاز العصبي للبطن, فقد كان إدجار كايس, والذي أطلق عليه اسم أبي الطب الشمولي, من كبار المتحمسين لفكرة وجود جهاز عصبي بطني مستقل. كان كايس يعتقد أن الأنماط (المجهولة المنشأ) من بعض المتلازمات العصبية, مثل الصَرَع والشقيقة (الصداع النصفي), تنتج عن أسباب بطنية. وقد اقترح كايس عددا كبيرا من المعالجات الطبيعية لهذه المتلازمات.

الدماغ الثاني... كيف تفكر الأمعاء?

           يبدو الهضم عملية مألوفة لدرجة أن أغلب الناس يفضلون عدم التفكير فيها. ولحسن الحظ, فليس عليهم أن يفكروا بذلك - على الأقل باستخدام أدمغتهم التي في رءوسهم! وبرغم أن قليلين على علم بذلك, فالبشر (والحيوانات الأخرى) يمتلكون دماغا ثانيا يتحكم في أغلب الوظائف الهضمية.

           في أعماق أحشائك, تقبع ذات حركية معقدة - وهي جهاز عصبي كامل يحتوي على خلايا عصبية أكثر من تلك التي يضمها الحبل الشوكي, بل وأكثر من الخلايا التي يحتوي عليها بقية الجهاز العصبي الطرفي - هناك أكثر من 100 مليون خلية عصبية في الأمعاء الدقيقة وحدها! قد تسهم اضطرابات (الدماغ المعوي) هذا في حدوث متلازمة القولون العصبي, وهي حال مرضية تصيب نحو 20% من سكان البلدان الصناعية, ويعتقد أنها مسئولة عن خسائر تقدر بنحو 8 مليارات دولار من أموال الرعاية الصحية سنويا في الولايات المتحدة وحدها. ويعاني ضحايا هذا المرض من نوبات من الإسهال أو الإمساك المزمن أو كليهما بالتبادل في بعض الأحيان. ويعد تشخيص القولون العصبي أكثر تشخيص يتوصل إليه أطباء الجهاز الهضمي. إن وظيفة الجهاز الهضمي معقدة للغاية, فإذا كان على الدماغ أن يتحكم فيها, لتوجب عليه أن يخصص عددا هائلا من الخلايا العصبية لهذا الغرض وحده! ولذلك يرى العلماء أن وظيفة الجهاز العصبي المعوي مستقلة عن الجهاز العصبي المركزي. وعلى الرغم من ذلك, فمن الممكن أن يؤثر الجهاز العصبي المعوي على الجهاز العصبي المركزي عن طريق كل من المنعكسات العصبية والبيتيدات العصبية. ويقدر الباحثون أن 80% من ألياف العصب المبهم تعد واردات حشوية, وأظهرت الأبحاث الحديثة وجود تراكب هائل بين نشاط الببتيدات العصبية في كل من الأمعاء والدماغ. ويعد الجهاز العصبي المعوي مجالا خصبا للأبحاث حاليا, حيث نشرت أكثر من 600 مقالة علمية في الموضوع منذ عام 1985!

الصرع البطني

           تم التعرف على وجود ارتباط بين الأعراض البطنية والصرَع منذ زمن بعيد, فعلى سبيل المثال, كانت (الاضطرابات المعدية والمعوية) ينظر إليها كعوامل سببية رئيسية من قبل الأطباء في القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

           وتعد (الأورة) مثالا آخر على الارتباط البطني للصرَع, وهي شائعة في بعض أنواع الصرع, فنوبات صرع الفص الصدغي بدأ بالأورة. ومن وجهة نظر طب الأعصاب, فهذه الأورة هي في الواقع نوبة خفيفة تسبق النوبة الصرعية الأولية, ويمكن اعتبارها تحذيرا بقرب حدوث النوبة. وفي أغلب الأحيان, تظهر الأورة في صورة اضطراب مبهم في المعدة وينتقل إلى الصدر.

           وقد أعاد الطب الحديث اكتشاف الصلة بين الصرَعَ والبطن, وهناك عدد قليل من الأبحاث التي نشرت في الستينيات من القرن العشرين, والتي لفتت الأنظار إلى الملامح البطنية المتعلقة بالصرَعَ. وخلال السنوات الخمس والعشرين الأخيرة, ذكرت تقارير كثير من الأطباء الممارسين الجوانب المتعددة للصرع البطني, والتي تشمل: ألم البطن, والغثيان, والانتفاخ, والإسهال, مع مظاهر متعلقة بالجهاز العصبي المركزي مثل الصداع, والتخليط, والإغماء. وعلى الرغم من أن الأعراض البطنية قد تتشابه مع تلك الموجودة في حال القولون العصبي, فإنه من الممكن التفريق بينهما بوجود بعض التغير في مستوى الوعي أثناء النوبة, مع تغيرات شاذة في تخطيط كهربية الدماغ.

           ومن أهم المشكلات التي تواجهنا في محاولتنا لفهم الصرَعَ البطني, نجد التحديد الدقيق للعلاقة بين الأعراض البطنية والنشاط العصبي الشاذ في الدماغ. كما تلقى دور العصب المبهم اهتماما خاصا يتمثل في إجراء جراحي يتم فيه زراعة ناظمة في العصب المبهم بأعلى الصدر. وقد أدى التنبيه المنتظم للعصب المبهم بواسطة الناظمة إلى تقليل أو إزالة الاختلاجات في بعض المرضى المستعصين على العلاج. فإذا كان تنبيه الجهاز العصبي الطرفي, ممثلا في هذه الحال بالعصب المبهم, يمكنه تقليل النشاط العصبي الشاذ في الدماغ, فربما كانت الاستثارة المرضية لهذا العصب, أو غيره من الأعصاب الطرفية, تلعب دورا في سببيات بعض أنواع الصرَعَ.

الشقيقة البطنية

           من وجهة النظر الطبية, تظهر الشقيقة (الصداع النصفي: migraine) كمرض جهازي مركب, يظهر على هيئة توليفات متباينة من الأعراض العصبية, والهضمية, والمستقلة (الأوتونومية). وبرغم أن المكونات العصبية تستأثر بمعظم الاهتمام في التشخيص والعلاج الطبي, فإن وجهات النظر التاريخية - والمعاصرة أحيانا - تخلع على الأعراض الهضمية مكانة مميزة.

           ويميل المنظور التاريخي لمتلازمة مثل الشقيقة لوضع جميع الأعراض في الاعتبار نحو تفسير أكثر شمولا للمرض. ولذلك, فقد تلقت الملامح الهضمية الرئيسية للشقيقة اهتماما أكثر بكثير, فيما يتعلق بكل من السببيات والعلاج.

           وقد ركزت معالجات الشقيقة في الماضي على الملامح الهضمية مباشرة, من خلال مجموعة كبيرة من المعالجات تشبه الطبيعية بهدف تحسين وظائف الهضم, والتمثيل الغذائي, والإخراج عبر الأمعاء.

           أما العلوم الطبية الحديثة, فقد اعترفت بإعادة اكتشاف الارتباط البطني بالشقيقة بصور عدة, أهمها الاعتراف بوجود صورة إكلينيكية مستقلة, أطلق عليها اسم (الشقيقة البطنية), والتي يتم تشخيصها في الأطفال أكثر من الكبار. وقد خلصت الأبحاث المتعددة التي أجريت بهذا الخصوص إلى وجود أدلة مؤكدة على أن الألم البطني المتكرر يعد واحدا من الملامح المبكرة للشقيقة, ويدعم بقوة وجود ارتباط سببي بين الألم البطني الراجع والشقيقة. وقد اكتشفت العلاقة بين الجهاز الهضمي والشقيقة أيضا في صورة حساسية لبعض أنواع الأغذية, فكان المتخصصون في الحسياسية يرون أن التعب, والعوامل العصبية والعاطفية, تحدث تغيرات في الأنشطة الحركية للجهاز الهضمي, مما يؤدي إلى ركود الطعام في الاثنى عشري, ويؤدي ذلك لتشجيع امتصاص مولدات الحساسية, ويستجيب الجسم لذلك بالشعور بالصداع النصفي (الشقيقة). ويذكر أولئك العلماء أن الأنظمة الغذائية الخاصة بالحساسية تؤدي إلى شفاء 5% من المرضى, وإلى تحسن جزئي في 45 من المصابين بالشقيقة.

التوحد ذو الملامح المعوية

           يظهر المصابون بالتوحد ثلاثة أنواع من الأعراض, تعطل التفاعل مع المجتمع, ومشكلات متعلقة بالتواصل والتخيل اللفظي وغير اللفظي, ووجود أنشطة واهتمامات شاذة أو محدودة للغاية. وعادة ما تظهر أعراض التوحد خلال السنوات الثلاث الأولى من العمر, وتستمر طوال الحياة. وعلى الرغم من أن هذا المرض لا علاج له حتى الآن, فإن التدبير المناسب له قد يساعد على النمو الطبيعي للطفل, ويقلل من السلوكيات غير المرغوب فيها. وقد أضافت الأبحاث الطبية الحديثة مرض التوحد إلى القائمة المتنامية دوما للأمراض العصبية ذات الملامح البطنية, حيث تؤكد تلك الأبحاث على وجود نمط مميز من التهاب الأمعاء في نسبة كبيرة من الأطفال المصابين بالتوحد. وقد يؤدي فهم العلاقة بين الأمعاء والدماغ في مرضى التوحد إلى مزيد من الفهم لهذا المرض المعوّق.

           وقد ظهرت أدلة جديدة على دور العامل المعوي في مرضى التوحد, عندما وجد أن مدة السيكريتين فعالة بصورة مدهشة في علاج التوحد لدى بعض الأطفال, وهي مادة طبيعية يفرزها الجهاز الهضمي لجميع الثدييات. وعادة ما يتم إعطاء السيكريتين عن طريق الحقن الوريدي البطيء, وهو ما يعرف بالتسريب. وقد حصلت هذه المادة على موافقة هيئة الأغذية والأدوية, وهي الجهة المسئولة عن منح التراخيص للأدوية الجديدة في الولايات المتحدة, وذلك لعلاج الاضطرابات الهضمية, على أنها تعتبر علاجا لا يجوز صرفه إلا بموجب وصفة طبية.

المضامين الإكلينيكية

           إن احتمال كون أمراض عصبية مثل الصَرَع, والشقيقة, والتوحد, قد تكون ناجمة عن اضطرابات الجهاز الهضمي, يطرح بعض الأسئلة المحيرة فيما يتعلق بالممارسة الطبية الإكلينيكية والأبحاث الأكاديمية. وتتضمن هذه الأسئلة: ما طبيعة المرض? وهل يمكن قياسها? أوإذا ظهر (أو افترض) وجود المرض, فما أفضل السبل العلاجية المتاحة? وهل هناك أي دليل يدعم المعالجات التي تركز على العوامل المرضية في الجهاز الهضمي? وأخيرا... هل يمكن شفاء هذه الأمراض? وللإجابة عن هذه الأسئلة, يدلنا التاريخ على أن العلاج الطبي للصرَعَ والشقيقة في الماضي كثيرا ما كان يضم معالجات موجهة للملامح البطنية لهذه الأمراض. وبصورة خاصة, كان لأبحاث روبنسون تأثير كبير على بعض ممارسي (الطب البديل) - والذي كان لايزال في مهده - في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين.

           وعلى الرغم من أن المعالجة بتقويم العظام قد أصبحت جزءا معروفا من الممارسة الطبية المعاصرة, فإن المبادئ والأساليب المعتمدة من قبل الممارسين التقليديين للمعالجة بتقويم العظام (مثل المعالجة اليدوية, والحمية الغذائية, والمعالجة المائية) قد استخدمت أيضا من قبل العديد من ممارسي بعض فروع الطب البديل, مثل تقويم العمود الفقري باليد, والمعالجة الطبيعية. وقد تلقت هذه الأنماط العلاجية اهتماما متزايدا كمعالجات مكملة للطب التقليدي, فقد استخدمت المعالجة اليدوية في علاج الشقيقة والصرع, واستخدمت الحمية الغذائية في علاج الشقيقة. ويستخدم العلاج المولد للكيتونات بصورة متزايدة في علاج الصرع, كما استخدمت المعالجة المائية وكمادات زيت الخروع على البطن في علاج الصرَعَ والشقيقة.

ماذا بعد?

           يمكن تناول الأمراض العصبية ذات الملامح الجهازية (وخصوصا ذات الملامح الهضمية المهمة) من منظور الطب التكميلي, والذي يدرك دور الجهاز العصبي البطني من حيث السببيات والعلاج. وعن طريق التوفيق بين المقاربات التاريخية والإكلينيكية المبنية على أجهزة الجسم المختلفة, وبين الأبحاث الحديثة المتعلقة بالجهاز العصبي المعوي, يمكن خلق أسلوب تكميلي يجمع بين أفضل خصائص الممارسة الطبية الحديثة, مع الأنظمة العلاجية التقليدية والبديلة, والمتوافقة مع الحقائق المؤكدة لعلمي التشريح والفيزيولوجيا (علم وظائف الأعضاء).

           وعلى الرغم من أن الصرَعَ والشقيقة من بين الأمراض الشائعة, فإن النمط البطني لكل منهما نادر بصورة عامة, وبناء على المعطيات التاريخية والحديثة المتوافرة لدينا, يمكن القول إن الصرَعَ والشقيقة المجهولي المنشأ يمكن فهمهما بصورة أكبر إذا تم استقصاء الأعراض البطنية لكل منهما بصورة أكثر تفصيلا. وقد لا يكون الصرَعَ والشقيقة البطنيان نادرين في الحقيقة, لكن الطب الحديث يعتبرهما نادري الحدوث لأن قليلا فقط من الاهتمام قد أعطي لفهم معنى الأعراض البطنية المرتبطة بهذه الحالات المرضية.

           وربما كانت الأنماط المجهولة المنشأ لكلا المرضين تنطوي على أسباب بطنية, وبالمثل, فإن الجوانب البطنية لمرض التوحد تمثل علامات مميزة لمجموعة فرعية مهمة من هذا الاضطراب الذي يسبب كثيرا من الإعاقة للمصابين به والكثير من الضيق لذويهم.

           ويجب أن تركز الأبحاث المستقبلية المتعلقة بمسببات وعلاج هذه الحالات المرضية على اكتناف الجهاز العصبي المعوي فيها. ومن وجهة النظر الإكلينيكية, فقد يشير وجود ملامح بطنية مؤثرة إلى ضرورة أن تشتمل الخطة العلاجية على عناصر تقليدية (مثل الحمية, والمعالجة المائية للقولون العصبي, والمعالجة اليدوية), والتي قد تؤثر بصورة إيجابية على الدماغ البطني والجهاز العصبي المعوي


شكرا

فبراير 02, 2004, 12:07:20 صباحاً
رد #1

وليد الطيب

  • عضو خبير

  • *****

  • 1327
    مشاركة

  • مشرف الإجتماع و النفس والتربية

    • مشاهدة الملف الشخصي
الدماغ الثاني... في أمعائنا!
« رد #1 في: فبراير 02, 2004, 12:07:20 صباحاً »
السلام عليكم


هل تعرف شخصاً بهذه المواصفات:
يصاب بالمغص قبل ركوب الطائرة!؟ أو بالإسهال قبل دخول الامتحان!؟ أو باضطراب الأمعاء قبل الدخول على طبيب الاسنان؟.. أنا شخصياً من الفئة التي يتعكر مزاجها (وتسود الدنيا في عينيها) حين تجوع وتبدأ امعاؤها بالـ"كركررره"...
وهذا إن دل على شيء فعلى وجود علاقة متبادلة بين جهازنا الهضمي والحالة النفسية التي نمر بها... وفي المقابل ثبت ان بعض الاضطرابات المعوية والهضمية تؤثر على امزجتنا وحالتنا النفسية بطريقة مؤقته أو دائمة!!
وكنت قبل فترة قد كتبت مقالاً بعنوان "العقل أين مكانه بالتحديد؟" تساءلت فيه عن مكان الضمير والمبادئ والحب والتضحية!؟.. فالعلماء يفترضون وجود العقل (بمفهومه الشامل) في الجمجمة. غير انني تساءلت حينها ان كانت المواهب العقلية تتجاوز حدود الجمجمة لتشمل كامل الجسد.. فهناك آيات كثيرة تشير الى احتمال وجود العقل في القلب حيث {لهم قلوب لايعقلون بها} أو الصدر {وليبتلي الله مافي صدوركم} أو كامل الفؤاد {ماكذب الفؤاد ما رأى}...
وقد يقول قائل ان هذا التعبير مجازي ولا يحدد بدقة مكان العقل. (وقد تكون هذه هي الحقيقة بالفعل) ولكن يجب ان نفرق بين العمليات البيولوجية التي يتحكم بها الدماغ والملكات العقلية النبيلة للانسان..
فالأولى مكانها في الجمجمة بالتأكيد حيث مراكز الإحساس بالسمع والبصر والحركة والتنفس (الخ).
اما الملكات النبيلة (كالاخلاص والوفاء) فلم يثبت اطلاقاً وجودها داخل الجمجمة.. وعليه أتساءل لمَ لا تكون نتيجة ثانوية لتفاعل الجهاز العصبي بأكمله!؟ لمَ لاتكون مظهراً لطيفاً للتبادل الكهربائي والكيميائي بين كافة الاعضاء!؟
وما ذكرني بهذا الموضوع معلومة عجيبة قرأتها مؤخراً عن الامعاء؛ فأمعاء الانسان يتجاوز طولها التسعة امتار وتضم 120.000.000خلية عصبية. وهو عدد يفوق بكثير الخلايا العصبية الموجودة في الحبل العصبي الرئيسي الممتد داخل العمود الفقري او اي عضو آخر في الجسم. ووجود هذا العدد الكبير من الخلايا واستقلاليتها التامة عن الدماغ المركزي جعل العلماء يطلقون على الامعاء لقب "الدماغ الثاني"؛ فمن الناحيتين التركيبية والكيميائية يعد الجهاز العصبي المعوي دماغاً بحد ذاته.
فبين تلافيف الامعاء تقبع عقد وناقلات عصبية تمارس معظم انشطتها بمعزل عن الدماغ المركزي وتساوي في مستواها الجهاز العصبي الموجود في الحشرات والكائنات الوسطى.
ويرجع البحث في هذا الموضوع الى القرن التاسع عشر حين اكتشف الباحث البريطاني وليام بايلس ان الجهاز المعوي يتصرف وحده (حتى) عند فصله عن الدماغ المركزي وهو مالا يحدث مع اي عضو آخر.. واليوم يعتقد العلماء ان عملية الهضم معقدة جداً (بعكس مانتصور) وتتطلب متابعة مستمرة بحيث لو تولاها الدماغ المركزي لاحتاج لضعف حجمه الحالي؛ لهذا السبب يتولى "الدماغ الثاني" في الامعاء هذه المهمة ويرسل للدماغ المركزي فقط "ملخصات" عما يجري!!
وبسبب التأثير المتبادل بين الطرفين يعترف الاطباء اليوم بجملة من الامراض النفسية ذات العلاقة بالجهاز الهضمي تعرف باسم (الامراض العصب - بطنية).. فبالاضافة للحالات التي بدأنا بها المقال (....) هناك مايعرف بـ "القولون العصبي" حيث التأثير المتبادل بين الحالة العصبية واضطرابات القولون المزمنة. وهناك ايضاً حالات صرع كثيرة تسبقها انتفاخات في الامعاء وتراكم للغازات بحيث يدرك المريض انه سيسقط صريعاً لامحالة. كما يربط بعض الاطباء بين انواع غامضة من الصداع (كالشقيقة) واضطرابات الامعاء الدقيقة.. حتى مرض التوحد في الاطفال الذي لايعرف له علاج اتضح انه يخفف كثيراً حين ترتفع نسبة مادة السيكريتين في الامعاء!!
كل هذه الروابط تدعوني للتفكير جدياً بالمثل القائل "بطن الرجل أقرب الطرق لقلبه".. خصوصاً الفئة التي يتعكر مزاجها حين تجوع!!
شكرا