هناك بضع الخلايا في جسم الإنسان لمي يعد إليها حاجة أو تكون مريضة أو مصابة ، فهذه الخلايا تتلف نفسها بنفسها ، و معظم الخلايا تقوم بتوليد البروتينات الكافية لقتلها ، و لكن هذه البروتينات لا تكون مؤثرة طالما كانت الخلية مفيدة للجسم و تمارس وظيفتها بشكل إيجابي إلا أن هذه البروتينات القاتلة أو ما نستطيع تسميتها بـ : آلة الموت داخل الخلية ـ تبدأ في العمل فقط عندما تصبح الخلية مريضة أو في حالة إبدائها سلوكاً غريباً أو في حالة كون و جود الخلية يعرض جسم الكائن الحي إلى خطر أكيد .
و من ألأهمية بمكان أن تقرر الخلية الانتحار في الوقت المناسب تماماً ، و إلا فإن بدء البروتينات القاتلة في التأثير سيسبب موت الخلية السليمة حتماً ، و هذا يعني استمرار موت الخلايا السليمة في الجسم و بالتالي هلاك الكائن الحي .
و كذلك استمرار الخلايا المصابة في الحياة يؤدي إلى أضرار تستفحل باستمرار و تقوم في النهاية إلى الموت ، و هذه الخلية التي يقرر الانتحار ، و تسمح لبروتيناتها القاتلة في العمل ، تبدأ أولاً بالانكماش كي تعزل نفسها عن الوسط الموجدة فيه ، و من ثم تظهر فقاعات على سطح الخلية فتبدو كأنها تغلي . و بعدها تبدأ النواة ثم سائر أجزاء الخلية في الانقسام إلى أجزاء متعددة . و تتلف الفضلات الناتجة عن الانتحار في الحال بواسطة الخلايا السليمة الأخرى و الموجودة في منطقة الخلية المنتحرة ، و الغريب هنا أن الخلايا المنتحرة و الميتة لا تتلف كلها بل يتم الإبقاء على بعضها ، لأن في ذلك فائدة لجسم الكائن الحي ، و على سبيل المثال فإن عدسة العين و الجلد و الأظافر ، كل هذه تراكيب تتألف من أنسجة ميتة و لكن وجودها مهم لجسم الكائن الحي ، لذلك لا يتم إتلافها من الخلايا الميتة التي لا تزال ذات فائدة .
ما الذي جعل الخلية السليمة تستطيع أن تميز بهذا الشكل العجيب ؟ من الذي أوحى للخلية السليمة بأن ثمة خلية قد تلفت و أصبحت تشكل خطراً على الجسم ؟ من خلال ما تقدم يتضح لنا أن الخلايا الحية مبرمجة على أداء وظائفها الحياتية على أحسن صورة و هو ما يسمح باستمرار حياة الكائن الحي . ولكن من صاحب هذا النظام الخارق .
إن دعاة نظرية التطور لابد و أنهم مصابون بالعمى المزمن لأنهم لم يكفوا عن التأكيد بأن المصادفة العمياء هي التي أودعت هذا النظام الخارق في الخلايا . و لكن الذي لا شك فيه أن الله تعالى بقدرته التي لا مثيل لها ، و بعلمه الذي لا حد له يتجلى بكل وضوح عند النظر في مخلوقات .