Advanced Search

المحرر موضوع: الروس من صعود جاجارين إلى سقوط مير  (زيارة 493 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

أبريل 12, 2004, 03:10:41 مساءاً
زيارة 493 مرات

طاليس

  • عضو خبير

  • *****

  • 7167
    مشاركة

  • مشرف قسم الفلك

    • مشاهدة الملف الشخصي
    • [img]http://saac.jeeran.com/نداء.jpg[/img]
الروس من صعود جاجارين إلى سقوط مير
« في: أبريل 12, 2004, 03:10:41 مساءاً »



شتان بين يومي الثالث والعشرين من مارس 2001والثاني عشر من إبريل الحالي في ذاكرة الروس: فبينما في الأول بكوا على سقوط أسطورتهم الفضائية "مير" إلى مرقدها الأخير بعد تحليق دام أكثر من خمسة عشر عامًا ـ في الثاني احتفلوا بذكرى مرور 40 عامًا على صعود أول إنسان في البشرية إلى سطح القمر، رائد الفضاء السوفيتي يوري جاجارين الذي فتح أبواب الفضاء أمام البشرية عام 1961م، وربما كانت تلك المفارقة العجيبة اختزالاً لمشاهد أكثر من أربعين عامًا هي تاريخ الفضاء الروسي بدأت بالإبهار وانتهت بالانهيار في سيناريو مثير لا يزال بلا شك محط إعجاب العالم.

بدأت الرحلة في 4 أكتوبر 1957 حيث استيقظ الجميع على مفاجأة مذهلة تمثلت في إطلاق الاتحاد السوفيتي لكرة صغيرة من الألومنيوم إلى الفضاء أطلق عليها اسم "سبوتينك" لتكون أول قمر صناعي يطلقه الإنسان حول الأرض، وكان إيذانًا بواقع جديد على مختلف المستويات خاصة العلمية والعسكرية.

وبينما كان الأمريكيون يلومون أجهزتهم الأمنية على عدم رصدها ما حدث ـ فاجأ السوفيت العالم من جديد في 3 نوفمبر 1957 بإطلاق "سبوتينك –2 " حاملاً أول زائر حي للفضاء هو الكلبة "لايكا" وشهد عام 1959 مهرجانًا قمريًا سوفيتيًا قامت فيه سفنهم الفضائية "لونا –1 " و " لونا – 2 " بقياسات ناجحة للتعرف على جو القمر كما صورت " لونا-3 " جانبه الذي لا نراه من الأرض وهو ما كان ثمرة أبحاث وتجارب وجهود بذلها العلماء السوفيت على مدار سنوات لغزو هذا الفضاء المجهول.

إلا أن المفاجأة الكبرى كانت حين استيقظ العالم صباح يوم 12 أبريل 1961 م على البيان الرسمي الذي بثته أجهزة الإعلام السوفيتية والعالمية لتعلن فيه خروج الإنسان لأول مرة في تاريخ البشرية إلى الفضاء؛ حيث طل رائد الفضاء السوفيتي "يوري جاجارين" على الأرض من سفينته الفضائية "فوستو" التي دار بها حول الكرة الأرضية في رحلة استغرقت بالكامل 108 دقائق فتحت بالفعل عالما مجهولا في تاريخ البشرية، واعتبر من أهم أحداثها، وقد أشعل سباقًا فضائيًا وعلميًا بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأمريكية التي قرر رئيسها جون كنيدي الرد على الصفعة العلمية الروسية بالإعلان عن برنامج تعهد فيه بإرسال رجل أمريكي للقمر عام 1970م خاصة مع استمرار السوفيت في نجاحاتهم الفضائية حيث أطلقوا قمرين صناعين عام 1964 كما أطلقوا 3 أقمار بصاروخ واحد عام 1965 وكرروا ذلك ثلاث مرات وتعددت تجاربهم في هذا المضمار إلى أن نجح الأمريكيون بالفعل في 20 يوليو 1969 عبر المركبة الفضائية "أبوللو" التي أقلت ثلاث رواد هبطت بهم على سطح القمر ومضى قائدها "نيل أرمسترونج" وزميله "والدرين" يمشيان فوق سطح القمر لمدة ساعتين و 32 دقيقة قاما خلالهما بتثبيت أجهزة علمية وجمع عينات من صخور القمر وعادا إلى المركبة وغادرا مع زميلهما "مايك كولنيز" الذي تولى قيادة السفينة إلى الأرض التي وصلوا إليهما يوم 24 يوليو ليصبح " أرمسترونج " أول رجل يسير على القمر كما أصبح "جاجارين" أول إنسان يصعد إليه وأصبح الفضاء مجال سباق سوفيتي أمريكي.

التفوق الفضائي الروسي

وتفوق البرنامج الفضائي الروسي الذي أقيم على أساس استغلال الفضاء من أجل تحقيق أقصى فائدة ممكنة في جميع المجالات خاصة العسكرية بما يضمن لهم التفوق على الساحة الدولية؛ فتعددت إطلاقاتهم التي بلغت 75 إطلاقا فضائيًا سنوياً، بلغ منها ما يتعلق بالأغراض العسكرية أكثر من 90%، ولعل ارتفاع معدل الإطلاق الفضائي بالنسبة للسوفييت يرجع أساسًا إلى قصر المدى الزمني لعمل أقمارهم؛ حيث تراوحت أعمار النسبة الكبرى منها عام 86 ما بين 13-59 يومًا وكان أطولها عمرًا أقمار الجيل الخامس من فئة "كوزموس" التي بلغت 238 يومًا.

وامتلك الاتحاد السوفيتي ثلاثة مواقع لإطلاق الحمولات الفضائية، وكانت تتولى قوات الصواريخ الإستراتيجية الإشراف والتنفيذ لجميع الإطلاقات الفضائية، كما يتولى سلاح الجو عملية تدريب رواد الفضاء؛ ولذلك غلب الطابع العسكري على البرنامج الفضائي السوفيتي.

وقد اعتمد هذا البرنامج على عدة أركان لعل أهمها الأقمار الصناعية التي اعتمدوا عليها لأداء العديد من المهام الحيوية في الفضاء الخارجي، سواء للأغراض العسكرية أو المدنية، مثل: تأمين عمليات التصوير الفوتوغرافي والإلكتروني، والإنذار المبكر، واكتشاف التفجيرات النووية… وتعد موسكو أول من امتلك هذه الأقمار في العالم منذ تمكنت من إطلاق (سبوتنيك-1) في 4/10/1957.

كما شكلت المحطات الفضائية المزودة بالأطقم البشرية العنصر المميز في برنامج الفضاء الروسي الذي اكتنف نشاطه الغموض، ربما لأنه يعكس التفوق السوفيتي في مجالات تكنولوجيا الفضاء خاصة أنها كانت تشكل خطوة هامة للروس للاستعداد للوصول للمريخ، وقد بلغ إجمالي المحطات الفضائية التي أطلقها السوفيت ثماني محطات، ثلاثة منها عسكرية والخمسة الأخرى ذات مهام مدنية، وقد استخدمت الكبسولات الفضائية من طراز "سويوز" في عمليات توصيل الإمداد وتغيير أطقم رواد الفضاء العاملين على هذه المحطات التي كانت تشكل قاعدة فضائية بمثابة معامل علمية أو مراصد لمراقبة الأرض وغيرها، وكانت تضم أجهزة ومعدات كونت قطارًا فضائيًا روسياً، وكان أهم هذه المحطات هي "ساليوت 7 " التي أطلقت في 14 يوليو 1983 وكان يعتقد أنها ستكون دائمة الوجود في الفضاء الخارجي غير أنها تحطمت في 8 يناير 1991م إلا أن السوفيت كانوا قد أطلقوا في 20 فبراير 1986 جيلا جديدًا من المحطات الفضائية الدائمة المزودة بأطقم بشرية من طراز "مير" التي اشتق تصميمها أساسًا من المحطات "ساليوت" فضلاً عن تعديلات تم إدخالها عليها؛ حيث تحول السوفيت من مرحلة البحث والتجارب إلى ممارسة الأنشطة الإنتاجية الواسعة في الفضاء الخارجي؛ ولذلك ضمت المحطة مراصد ومعامل خاصة بالأنشطة العلمية المطلوب إجراؤها في حالات انعدام الوزن في الفضاء الخارجي.

كما أن الروس استطاعوا ضمن برنامجهم الفضائي التوصل إلى صنع المكوك الفضائي "بوران " أي العاصفة الثلجية، والذي انطلق في 15/11/88 ليطوف بالأرض أكثر من مرتين دون أن يكون على متنه أي رواد، وهو ما كسر احتكار الولايات المتحدة لهذه التكنولوجيا الفضائية؛ حيث أطلقت مكوك فضاء لها باسم "كولومبيا" في 12 أبريل 1981.

وبالإضافة لمكونات برنامج الفضاء الروسي مضى السوفييت في تنفيذ العديد من المشروعات الفضائية المتعلقة بدراسة المجموعة الشمسية فمنذ نوفمبر 1965 أطلقوا المركبة "فينوس –2 " نحو كوكب الزهرة وعلى متنها جهاز لقياس الضغط ودرجة الحرارة، ثم أطلقوا "فينوس-4 " في يناير 1967 التي قامت بإلقاء كبسولة على سطح الكوكب، وبعد عامين أطلقوا "فينوس-5 " التي قامت بغرس علمهم وصورة زعيمهم لينين هناك، وفي عام 1984 أطلقوا السفينتين "فيجا-1" و "فيجا-2 " نحو الكوكب قبل تحويل مساريهما لتصوير المذنب "هالي" في 1985 كما اهتموا بكوكب المريخ فأطلقوا إليه المركبة "مارس-3 " في ديسمبر 1971 ثم أطلقوا "مارس-5 " في يوليو 1973 وفي السابع من يوليو 1988 أطلقوا " فوبوس-1 " للمريخ وبعدها بخمسة أيام أطلقوا " فوبوس-2 " كما قاموا بالعديد من الدراسات على سطح القمر وفي عام 1984 بلغ إجمالي المهام التي قاموا بها إلى القمر حوالي 24 مهمة، هذا بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والتجارب المختلفة التي زادت عن أكثر من 1700 تجربة علمية فردية تمت على متن محطتهم "مير" فضلاً عن استقبال العديد من أطقم الرواد من جنسيات مختلفة في محطاتهم عبر برنامج استمر لأكثر من 40 سنة أنفقت عليه بلايين الدولارات وعمل فيه وفقًا لتقديرات غربية نحو 500 ألف شخص خلال فترة ذروة نشاطه في الثمانينيات التي شهدت عمليات تحديث مستمرة للنظم الفضائية؛ حيث طورت موسكو حوالي 30 نوعًا منها بمعدل أربعة أنظمة كل عام، الأمر الذي يعني تفوقا سوفيتيا فضائيًا عبر تاريخهم منذ صعود "جاجارين" الذي لخص هذا السبق بقوله: إن أول أمريكي سيطأ قدمه على القمر أعتقد أنه سيجد هناك عددًا من السوفييت في استقباله، وهو ما يعد حقيقيا إلى حد كبير في دلالاته إلى أن صعد "سيرغي كريكا ليف "آخر ملاح سوفيتي للفضاء وهو يحمل جنسية الاتحاد السوفيتي وعاد وهو مواطن في دولة روسيا الاتحادية بما يحمل ذلك من دلالات انهيار من البرنامج الفضائي الروسي أكده سقوط "مير" الأخير ليبقى للروس تركة ليست هينة في المعدات والخبرات الفضائية فضلاً عن مشاركتهم في محطة الفضاء الدولية "ألفا" بمساهمة دول أوروبية أخرى هذا بالإضافة إلى الذكرى الجميلة بأنهم أول من صعدوا للقمر، وللأسف أيضاً الذكرى الأليمة أنهم أول من سقطوا منه!
قـــــرص الــشـمـــس الــــيــوم هــنـــا

الـبـث الـمـبـاشـر لـوكـالـة الـفـضـاء الامـريـكـية نـاسـا هــنـــا