المنتديات العلمية > منتدى علم الإجتماع وعلم النفس والتربية

كيف نحلم ... !! ؟

(1/8) > >>

وليد الطيب:
السلام عليكم

اتأسف  اخواني و اخواتي  على التأخير  في طرح الموضوع    نظرا  لظروف  خاصه . .,  

هذة مجموعه مواضيع   :  

* (خير اللهم اجعله خير)..
حلمت ذات ليلة بأحداث كانت من الوضوح والقوة بحيث تساءلت فور استيقاظي عن الحد الفاصل بين الحلم والواقع. فحين نكون داخل الحلم لا يخالجنا أدنى شك في اننا نعيش الواقع بفرحه وترحه وأحاسيسه المتنوعة.. حتى اعضاؤنا الجسدية (كحركة العين وعضلات الأطراف ونبضات القلب) تتفاعل جميعها مع احداث الحلم كما لو كان حقيقياً.. حينها بدأت "أهوجس": كيف نعرف ان ما نعيشه الآن ليس أكثر من حلم طويل.. لا خلاف على وجود التكليف ولكن كيف نثبت ان الأجسام والتضاريس ليست إلا عنصراً مكملاً للصورة وجزءا من حلم لنا الخيار فيه؟
* توقفت ذات مرة عند مشهد من مشاهد يوم القيامة {يوم تبدل الأرض غير الأرض والسموات وبرزوا لله الواحد القهار} ففي ذلك اليوم يبعث الناس من قبورهم على ارض ملساء مستوية لا تضاريس فيها ولا مرتفعات. وقد جاء في صحيح مسلم عن المصطفى ~ "يحشر الناس يوم القيامة على أرض عفراء كقرصة النفي ليس فيها علم (أو أثر) لأحد".
* حواسنا الخمسة ليست مقياساً للواقع لأننا نستغني عنها في الحلم ـ ومع ذلك نشعر بكل شيء.. في الحلم يتكفل عقلنا بكل ما حولنا، فهو يفبرك الأحداث ويختلق التضاريس وينهي القصة بالشكل المناسب. حتى في الواقع (والتعبير مجازي) لا تشعر حواسنا بالأشياء فقط بل (تساهم) في اختلاقها أو تجاهلها أو الاضافة إليها.. مثلاً، حين نعجب بسيارة معينة نراها لاحقاً في كل تقاطع، وحين تغيب الأم عن وليدها تسمع بكاءه في كل مكان، وحين نرى "الجوافة" خلف الزجاج نبدأ بشم رائحتها!!
* وطالما كانت حواسنا تخدعنا في اليقظة ـ ولا نحتاج إليها في الحلم يصبح من الضروري البحث عن مفهوم جديد للواقع بعيداً عن خلايا الدماغ.. سبق ان تحدثت عن فيلم غريب يدعى Existens للمخرج ديفيد كرونبرج. وهو فيلم يدور في المستقبل ويتحدث عن تربية الإنسان لحيوانات برمائية هجينة بغرض انتزاع نظامها العصبي واستخدامه في الألعاب والأجهزة المتقدمة.. وتدور الأحداث حول مصممة ألعاب تدعى جيلر يتم استضافتها في برنامج تلفزيوني لعرض آخر لعبة من اختراعها أمام الجمهور. وهذه اللعبة ليست أكثر من كتلة لحمية تضم أجهزة عصبية حية. وفي البرنامج تطلب جيلر بعض المتطوعين للتجربة والمشاركة في مغامرة واقعية تضم الجميع. غير ان هذه اللعبة تأخذ المبادرة من أدمغتهم الحقيقية وتضعهم في عالم فنتازي غريب لا يستطيعون منه فكاكا.. حينها يعيشون في حيرة دائمة: هل هذه هي الحياة الحقيقية أم التي كانوا يعيشونها سابقا!!!
بصراحة لا أحاول اثبات أو استنتاج أي شيء إنما هي دعوة للتفكير في الحدود الفاصلة بين الحلم والواقع.. فأنت مثلاً، كيف تعرف انك لا تحلم بقراءة المقال  الآن؟ وكيف تعرف ان هذا المقال ليس جزءاً من احلامك انت وليس أنا؟
.. خير اللهم اجعله خير!

وليد الطيب:
السلام عليكم

كان لدي قريب يدعي قدرته على الحلم بأي شيء يريده.. ورغم أنه كان يفضل أحلاماً معينة (.. ولا يخفى عليكم معاناة البعض) إلاّ ان ما لفت انتباهي "الاستراتيجية" التي كان يتبعها لرؤية الأحلام المرغوبة؛ فحسب قوله كان يعمد للسهر لأطول فترة ممكنة وحين يغلبه النعاس ينام جالساً وفي ذهنه فكرة قوية ومحددة عما يريد الحلم به.
وحين أفكر اليوم في هذه الاستراتيجية أجدها مقبولة نوعاً ما؛ فمغالبة النوم لفترة طويلة تضمن دخولنا مباشرة لمرحلة الأحلام. والنوم جلوساً (أو في وضع غير مريح) يجعل نومنا خفيفاً بحيث نبقى هائمين ومتذبذبين بين النوم واليقظة - في حين يوفر التفكير بعمق استمرارية الفكرة وانتقالها بقوة من عالم الواقع إلى دنيا الأحلام!!
.. على أي حال رغم فشلي شخصياً في تطبيق هذه الاستراتيجية إلاّ أنني أصدق بقدرة البعض على برمجة أحلامهم كيفما شاءوا.. وتدل سيرة الكاتب الإنجليزي روبرت لويس ستيفنسون أنه كان من أكثر المبدعين استغلالاً لأحلامه. فأمراضه الكثيرة حالت بينه وبين النوم العميق فأصبحت أحلامه مليئة بالأحداث الخصبة التي كونت قصصاً كاملة كان يسارع لكتابتها بعد استيقاظه مباشرة. وجاء في كتابه "عبر السهول" أنه يحلم دائماً بقصص متسلسلة وكانت لديه القدرة على بدء حلمه من النقطة التي انقطع فيها في الليلة السابقة. وحين كان يحتاج للمال كان يسهر لعدة ليال حتى يغلبه النوم وفي رأسه فكرة عامة - يكتب تفاصيلها في اليوم التالي!!
* أما في عالم السياسة فكان أباطرة الصين ومنغوليا يوظفون موهوبين وعرافين يحلمون بما يخفيه المستقبل. أما فراعنة مصر - وخلفاء الدولة العباسية والفاطمية - فلم يكونوا يهتمون بمشاكل العامة بقدر اهتمامهم بما يتداولونه من أحلام تحدد مصيرهم ومصير دولتهم.. أما باطرة اليابان فلم يتركوا هذا الشرف للعامة وكانوا يقومون بأنفسهم (بالأحلام التي تهم الشعب) على سرير خاص يدعى "كامودوكو". وكان حلم الامبراطور أقوى من أي قرار حكومي وينظر إليه بمثابة "الهام إلهي" تتحرك الجيوش بسببه وتقطع الرؤوس من أجله.. وحتى عصرنا الحالي ما تزال الفكرة جذابة وتشكل تحدياً للجميع، وقبل أيام أعلنت شركة تاكارا اليابانية عن تسويق أول جهاز لبرمجة الأحلام حسب الطلب (وشركة تاكارا بالمناسبة اخترعت العام الماضي جهازاً أكثر غرابة يترجم نباح الكلاب لأصوات مفهومة).. والاختراع الجديد مزود بخمس وظائف يضبطها المرء قبل النوم لرؤية الحلم المطلوب. فهناك صور عن الموضوع تبث لعين النائم، وأصوات تصب في أذنيه عن نفس المشاهد - بالإضافة إلى رائحة وطبيعة وأجواء المكان المراد رؤيته.. ومن خلال توفير هذه المعطيات (عن سويسرا مثلاً) وتكرارها بإلحاح يوفق الزبون - بنسبة كبيرة - بالحلم بسويسرا فعلاً!!
* وفي تصوري الخاص أنه - في حالة فشل الجهاز الياباني - فإن الفكرة بحد ذاتها ستبقى متقدمة وملحة حتى ينجزها العلماء بالشكل الصحيح.. ومستقبلاً لن يتجاوز جهاز كهذا حجم "الفيديو" أو "البلاي ستيشن" يمكنه تشغيل أقراص تشحن برؤوسنا شتى الأحلام والذكريات.. واختراع كهذا سيفتح للفقراء ومستوري الحال أبواباً وآفاقاً لا يمكن حصرها؛ لذا يمكن لأي صعلوك مثلاً العيش في أرقى القصور وزيارة أجمل البلدان والزواج كل ليلة بملكة جمال. وبدل ان تلف العالم (بمبلغ وقدره) في عام أو عامين تستطيع شحن رأسك بأجمل الرحلات خلال ساعة أو ساعتين!!
بدون شك.. اختراع كهذا سيحقق أمنية قديمة لشاعر صعلوك قال:
إذا تمنيت بتّ الليل مغتبطاً
إن المنى رأس مال للمفاليس

شكرا

وليد الطيب:
السلام عليكم

حقيقة علمية يؤكدها الأطباء النفسيون والعصبيون فالأحلام صمامات الأمان للصحة النفسية والذهنية يفرغ عبرها العقل الباطن رغباتنا المكبوتة فلا نختنق بها.. وقد جذبت ظاهرة الأحلام اهتمام العلماء والمفسرين على حد سواء عبر عصور التاريخ، وعلى الرغم من تباين الآراء حول تفاسير هذه الظاهرة، إلا أنها ظلت ظاهرة معقدة على الفهم والتأويل، فلم يستطع العلم الحديث الوصول إلى جوهرها ولا الإجابة على الكثير فيما يتعلق بتكوين الأحلام ومعانيها.

فكانت بعض قبائل الإسكيمو تعتقد أن الروح تترك الجسم أثناء النوم وتعيش في عالم آخر خاص بها وأن إيقاظ الحالم من نومه يسبب خطراً كبيراً يهدد بضياع روحه وعدم قدرتها على العودة إلى جسده مرة أخرى، حتى وصل الأمر أن بعض القبائل الهندية القديمة التي لديها نفس الاعتقاد كانت تعاقب بشدة كل من يوقظ نائما.

وكان المصريون القدماء هم أول من أعتقد بأن الأحلام إيحاء مقدس وكانوا يسمونها الرسل الغامضة إلى النائم للإنذار بالعقاب أو المواساة والتعزية والتبصير، وقد وجدت بعض البرديات منها بردية شستر بيتي - نسبة إلى مكتشفها - من عهد الأسرة الثانية عشرة قبل الميلاد وبها تفسيرات للأحلام ومعناها، وتعد تلك أول محاولة من نوعها في التاريخ.

ويذكر هيرودوت أن اليونان وبلاد الإغريق كانت تحتوي في وقت من الأوقات على حوالي 600 معبد مخصص للأحلام وتلمس الشفاء عن طريقها. ثم انتقلت الأحلام من معابد الإغريق إلى اهتمام علماء النفس والأطباء والفلاسفة، مما أدى إلى ظهور وجهات نظر في تفسير الأحلام اختلفت باختلاف زاوية نظر كل فريق وطبيعة كل باحث.

كيف نحلم ؟


 
إذا أصبت بشلل النوم .. فلا تفزع
 
وقد تم إخضاع الأحلام إلى دراسات علمية ومعملية لكشف الغموض الذي يحيط بكيفية وأسباب حدوثها أثناء النوم، وفي بعض هذه التجارب تم متابعة أشخاص من المرضى والأصحاء أثناء النوم مع توصيل أقطاب ترصد نشاط العقل والجهاز العصبي خلال مراحل النوم المختلفة على مدى ليلة كاملة أو أكثر، وقد تبين أن الأحلام تحدث خلال مرحلة حركة العين السريعة Rapid eye movement ويميز هذه المرحلة زيادة ضربات القلب، وارتعاش الأصابع والأنامل وزيادة سرعة تنفس النائم ونشاط دماغه.وفي خلال هذه المرحلة تجول العين تحت الجفن وخلال هذه المرحلة يحدث ما يسمى ارتخاء العضلات.

وتشير عدة دراسات أجريت بجامعة شيكاغو إلى أن الأحلام تختلف في الطول وقد تبقى لمدة ساعة، بعكس الآراء القديمة لبعض علماء النفس التي كانت ترى أن الأحلام دائماً قصيرة، والأحلام تتأثر بالبيئة المحيطة وما نشاهده أثناء اليقظة. يقول إريك شيفيتزجبل أستاذ علم النفس بجامعة كاليفورنيا أن مسحاً أجرى في الخمسينيات، وهي العصر الذهبي لأفلام الأبيض والأسود أثبت أن غالبية الذين عاشوا في تلك الفترة كانوا يشاهدون أحلاما خالية من الألوان. غير أنه بعد تلك الفترة، وبظهور الأفلام الملونة قال آخرون في استطلاعات الرأي أنهم يشاهدون أحلاما ملونة.

وتختلف الأحلام باختلاف العمر والجنس وطبيعة الحياة التي يعيشها الإنسان. فعادة يحلم الطالب بتأخيره عن موعد الامتحان, أو أنه يجلس في قاعة الامتحان ولايجد قلما أو مكانا له. وقد يرى الفرد أحلاما لها علاقة بالمثيرات الخارجية كطرق الباب أو صوت جرس الهاتف أو بكاء طفل إلا أنه يراها بشكل محرف بعض الشيء، فعلى سبيل المثال رش الماء على وجه النائم يجعله يحلم بأنه واقف تحت خرطوم الماء أو تحت الشلال.

شلل النوم.. تجربة مرعبة

وكما ذكرنا سابقا فإن مرحلة الأحلام أو كما يسمونها مرحلة حركة العين السريعة يحدث خلالها ارتخاء للعضلات، لهذا يجدر الإشارة إلى ظاهرة قد يكون مر بها الكثيرون وهي شلل النوم، ومن حدثت له يعرف بالتأكيد أنها تجربة مرعبة. حيث يفيق البعض ليشعر باقتراب الموت وخروج روحه من جسده، والبعض الآخر يعتقد أن جنّياً يضغط على صدره. ويفسر الأطباء ذلك بأن آلية ارتخاء العضلات تضمن لك بقاءك في سريرك أثناء مرحلة الحلم وتنتهي هذه الآلية بمجرد انتقالك إلى مرحلة أخرى من مراحل النوم وفي بعض الأحيان يستيقظ الإنسان خلال مرحلة حركة العين السريعة، في حين أن هذه الآلية (ارتخاء العضلات) لم تكن قد توقفت بعد؛ وينتج عن ذلك أن يكون الإنسان في كامل وعيه ويعي ما حوله، ولكنه لا يستطيع الحركة بتاتاً. وبما أن الدماغ كان في طور الحلم فإن ذلك قد يؤدي إلى هلوسات مرعبة وشعور المريض باقتراب الموت أو ما شابه ذلك.

الأحلام.. أنواع

ويمكن تصنيف الأحلام إلي ثلاثة أنواع: منها ما يتعلق بالجسد ومنها ما له علاقة بالنفس ومنها ما يتصل بالروح. فما يراه الإنسان في منامه لاضطراب في جسده من عسر هضم أو ارتفاع بالحرارة هو ما سماه القرآن أضغاث أحلام، ومثلها ليس له أي مدلول ويصعب تفسيره.

أما الأحلام النفسية فهي ما اهتم به علماء النفس مثل فرويد وأمثاله وهي انعكاسات أماني الشخص ومخاوفه في العقل الباطن، حيث تكون مستقرة ما دام متيقظا وعقله الواعي يراقبها فإذا نام وغفل العقل الواعي تنبه العقل الباطن فعبر عن هذه الرغبات وهذه المخاوف بطريقته إما صراحة أو عن طريق الرمز والإشارة.

وعن النوع الثالث وهو المتصل بالروح أو ما نطلق عليه الرؤيا فتأتي الإنسان من خارج نفسه، وقد تكون صحيحة وتعبر تعبيرا يدل على ما قد يحدث مستقبلا، ولم يجد العلماء تفسيراً لحدوث الرؤيا إنما اعتبروها فطرة أو هبة لبعض الأشخاص.

الحلم ملهم العلماء

لم تقتصر وظيفة الأحلام على إخـبار أو تحذير الحالم أو عتابه أو غير ذلك من الرسائل ولكنها نبهت العلماء إلى أفكار عديدة ساعدت في اكتشافات أو أوحت باختراعات. فمثلاً إلياس هاو مخترع ماكينة الخياطة في القرن الثامن عشر، يقول: انه حلم ذات ليلة بأشخاص يرمون رماحا ولكل رمح فتحة في أعـلاه على هيئة شكل العين.. وقد أوحى له ذلك بالمكان المناسب لوجود الفتحة في إبرة الخياطة أثناء تصميمه لماكينة الخياطة.. أما جيمس وات مكتشف ما يسمى (محمل الكريات) وهو إطار يستخدم في الميكانيكا يحمل داخله كريات من الرصاص. وقد جاءته فكرة هذا الاكتشاف بعد أن رأى في المنام أنه يسير تحت أمطار ثقيلة من كريات الرصاص، فعندما بحث هذا الأمر بالتجربة وجد أن الرصاص المنصهر إذا سقط من ارتفاع كبير يمكن أن يتحول بالفعل إلى أجسام صلبة دائرية أو كرات صغيرة.      

ويرى الدكتور أحمد عكاشة رئيس الجمعية المصرية للأطباء النفسانيين أن الأحلام تمحو أسباب التوتر التي عايشناها طوال اليوم وتقترح لنا حلولا بديلة لمشاكلنا وإحباطاتنا وأحيانا يبدو الحلم وكأنه مجرد تعويض عن إحباط معين مما يخلق نوعا من التوازن لدى الإنسان نفسيا وذهنيا. فهي ظاهرة صحية تفيد في الاحتفاظ بالتوازن العقلي والصحة النفسية، وعلينا ألا نجتهد في البحث عن تفسير لأحلامنا الغامضة المزعجة.. مع أطيب التمنيات بنوم هادئ وأحلام سعيدة

شكرا

وليد الطيب:
السلام عليكم

يظل سؤال لماذا نحلم من أكبر ألغاز الحياة. أما سؤال كيف نحلم فقد قطع العلماء شوطا كبيرا في محاولة سبر أغواره. وقد أسهم في ذلك بدرجة كبيرة تجارب نفذها العلماء وقاموا خلالها بمراقبة عقول الناس وهم يحلمون.


وقد خلص العلماء إلى نتيجة هامة مفادها أن الوعي أثناء الاستيقاظ والوعي أثناء الحلم هما من طبيعة هيكلية واحدة. يقول الباحث المتخصص في مجال الاحلام مايكل شريدل في مقال كتبه في مجلة متخصصة في علم النفس أن رؤية الحلم ما هي إلا تجربة مثل سواها. ولعل في ذلك تفسيرا لشعور كل منا أن ما يراه أثناء نومه من أحلام كل ليلة يستشعره وكأنه من أحداث اليوم الواقعية، أيا كان ما انطوى عليه الحلم من أحداث تتنافى مع المنطق والعقل. وبالنظر إلى الفصل الذي ينص عليه علم النفس بين هويتين للانسان «الانا الحالم» و«الانا المتيقظ» فإنه من الممكن القول إن الانسان يتعلم من تجاربه المرتبطة بالاحلام بنفس قدر تعلمه من تجاربه وهو مستيقظ. وقد قال شريدل في مقابلة مع وكالة الانباء الالمانية (د.ب.أ) ان الاحلام تتيح «فرصة لاكتساب خبرات شديدة التنوع، خبرات توسع من نطاق خبرة المرء العادية حال استيقاظه.


ففي التجارب يمر المرء بخبرات تضيف إلى شخصيته الحقيقية أثناء الاستيقاظ. فالمرء يتمتع أثناء الحلم بمساحة خالية أكبر». وكان الكتاب في الماضي هم أكثر المهتمين بالتحدث عن هذه التجارب ووصفها. فقد كتب نوفاليس قائلا إن الاحلام تعلمنا، بينما قال فردريخ هيبيل إنها توحي لنا بما يتعين علينا فعله. وقد تكون الاحلام، في الاغلب الاعم منها، مرتبطة بما حدث أثناء اليوم واقعيا، لكن الاحلام قادرة كذلك على ما هو أكبر، فهي قادرة على بناء جسر بين حاضر الانسان وماضيه البعيد.


فمن الممكن أن يرى الانسان نفسه في الحلم طفلا، ولكن من الممكن أيضا أن يرى نفسه «كيانا خارجا عن حدود العمر ولا يقع تحت طائلة الزمن، شخصية جوهرية نحتفظ بها جميعا داخلنا ولا تتغير» كما يقول شريدل. ومن خلال ذلك يمكن للانسان أن يتعلم شيئا جديدا عن نفسه وأن يستدعي إلى وعيه أشياء هامة. من ناحية أخرى تصبح المخاوف أكثر وضوحا في الاحلام مما هي عليه في الواقع.


ويشير شريدل إلى أن هناك دربين أساسيين تسلكهما بحوث الاحلام فضلا عن البحوث النفسية في هذا المجال وهما علم نفس العمق وعلم النفس البيولوجي. فعلى سبيل المثال، لا يظهر من خلال التحليل النفسي الذي وضع ركائزه سيجموند فرويد إن كانت دراسة الحالات المنفردة توفر في النهاية نتائج يمكن تعميمها. كما يقر علماء فرع «بيولوجي الاحلام» بأن الوقوف على كيفية عمل آلية الاحلام ليس بالسهولة التي كانت متوقعة في البداية. لقد ظهر هذا الفرع في أعقاب اكتشاف ما بات يعرف «بنوم حركة العينين السريعة».


حدث ذلك في عام 1953 وكان من نتائجه أن ثبت أن نشاط المخ يحدد مراحل الاحلام التي تصاحبها حركة العين السريعة تلك. والجزء الذي يتولى ذلك من المخ هو المختص بتنظيم التنفس ودرجة حرارة الجسم اثناء فترة الاحلام دون أن تكون له علاقة بالوعي. وكان هذا ما حمل باحث النوم الامريكي ألان هوبسون على أن يخلص إلى أن الاحلام هي المنتج الذي ينجم عرضا عن تحركات الاعصاب المختلفة أثناء النوم. وفضلا عن أن المرء يمكن أن يحلم أيضا في أوقات أخرى غير فترة حركة العينين السريعة، فإنه من المعلوم الان أن فترة حركة العينين السريعة تلك ليست هي الاساس النفسي للاحلام كما يقول عالم الاعصاب البريطاني مارك سولمز. فحركة العينين السريعة يمكن أن تكون الالية التي تطلق شرارة الاحلام الاولى، لكن المرء قادر كذلك على أن يحلم دون حدوث هذه الشرارة.


ويقول سولمز إن نتائج بحوثه تشير إلى أن الاحلام لا تنجم عن جزء بدائي من المخ بل عن أجزاء دماغية أكثر رقيا تتحكم في أشياء مثل الدوافع والعواطف والذاكرة والتجارب الحسية. ويشير الفهم النفسي للاحلام إلى أن الاختلافات بين ما يراه الرجال والنساء في أحلامهم لا تستند إلى أساس بيولوجي. بل انها تعكس الاختلاف بين ما يمر به الرجال والنساء في حياتهم اليومية العادية. فليس هناك حلم مذكر وآخر مؤنث، هناك فقط حلم يعكس حياة الرجل وآخر يعكس حياة المرأة  ..,


شكرا

وليد الطيب:
السلام عليكم

جاء في كتاب البستان للقيرواني عن بعض السلف أنه قال:
كان لي جار يشتم أبا بكر وعمر. فلما كان ذات يوم أكثر من شتمهما أمامي فانصرفت إلى منزلي وأنا مغموم فنمت فرأيت رسول الله ~ فقلت له: إن فلانا يسب أصحابك، قال مَنء مِنء أصحابي قلت: أبو بكر وعمر، فقال: خذ هذه المدية فاذبحه بها، فأخذتها وذبحته ورأيت كأن يدي أصابها من دمه فألقيت المدية وأهويت بيدي إلى الأرض فاستيقظت (من النوم) وأنا أسمع الصراخ من داره فقلت ما هذا الصراخ قالوا: فلان مات فجأة فلما أصبحنا جئت فنظرت إليه فإذا فيه موضع الذبح الذي حلمت!
ـ وجاء في كتاب المنامات لأبي الدنيا:
كان رجل قد إسوَدّ (احترق) نصف وجهه وكان يغطيه عن الناس فسألته عن ذلك فقال: كنت شديد الوقيعة في علي بن أبي طالب فبينما كنت نائماً ذات يوم أتاني (عليّ) في منامي وقال لي: أنت صاحب الوقيعة فيّ؟ فقلت نعم، فضرب وجهي فأصبحت (ونصف) وجهي قد اسودّ كما ترى!
ـ وذكر ابن القيم (عن كتاب الرؤيا لمسعدة) أن ربيع ابن الرقاشي قال:
أتاني رجلان واغتابا رجلا عندي فنهيتهما. ثم بعد حين أتاني أحدهما فقال: إني رأيت في المنام كأن زنجيا أتاني بطبق عليه خنزير لم أر أسمن منه فقال لي: كل، فأكلت ثم أصبحت وقد تغير (ريح) فمي ـ فلم أزل أجد الريح في فمه لشهرين!!
* مثل هذه القصص كثيرة في كتب التراث الإسلامي.. ورغم اعتقادي أن بعضها موضوع أو مبالغ فيه إلا أن كثيراً منها صحيح يسانده الواقع. فمعظمنا رأى أحلاماً غريبة ثم استيقظ وشاهد علاماتها في الواقع. وجميعنا تفاعل جسدياً مع حلم بدأ حقيقياً فآذى نفسه أو ضر غيره.. وفي حالات السرنمة (أو المشي خلال النوم) قد يخرج النائم من بيته ويسوق سيارته ويفعل ما يفعل ثم يعود إلى فراشه وما يزال نائماً!!
وفي تجارب التنويم المغناطيسي ثبت أن أعضاء الجسم تتأثر فعلياً ومادياً بإيحاء المنوم، فقد تظهر آثار الغرق على النائم ـ وقد يختنق بالفعل ـ إن أوحيت إليه انه يغرق في البحر. وقد تظهر آثار حروق حقيقية على الشخص إن أوحيت إليه أنه يمسك بجمرة ملتهبة وليس حصاة باردة. في المقابل يحدث العكس (في احتفالات المشي على الجمر) حيث تبلغ سيطرة الإنسان على نفسه حد الاقتناع ببرودة الجمرة فلا تحترق قدماه!!
* هذا التشابك ـ بين الحلم والواقع ـ يثير الشك حتى في واقعنا نفسه. وظهور آثار مادية للتخيلات الذهنية هو تفاعل غير مفهوم بين الذهن والمادة. والظاهرة برمتها قد تستعصي على الحل لأنها بعيدة عن الحواس وأعز من أن تخضع للاختبار.. بل اننا في الحقيقة لا نعلم إلى الآن إن كانت تتولد في الدماغ ذاته، أم أن الدماغ ـ في هذه الحالة ـ ليس إلا محطة استقبال لقوى غامضة تأتيه من الخارج!!؟

شكرا

تصفح

[0] فهرس الرسائل

[#] الصفحة التالية

الذهاب الى النسخة الكاملة