تؤكد الدراسات العلمية أن ذكاء الطفل يرتبط بعدة عوامل وراثية , ولكن الدراسات الحديثة أثبتت أن الظروف الأسرية المحيطة بالطفل تلعب دورا هاما في تنمية ذكائه , وان أساليب التربية التي تعتمد القهر و الإهمال توقف مستوى نمو ذكاء الطفل.
وفي دراسة جرت في القاهرة شملت 300 طفل تتراوح أعمارهم بين 7 – 10 سنوات , تبين للباحثين أن إحساس الطفل بحب والديه ورعايتهما له وحرصهما على تشجيعه وتقبل أخطائه ومعالجتها , يؤدي إلى نمو ذكائه مقارنة بقرينه الذي يعيش في ظروف أخرى حيث يمارس الأبوين القهر والعنف معه , ولا يقدمان له الرعاية الكاملة .
وبالرغم من أن ذكاء الطفل يعتبر استعدادا وراثيا إلا أن القدرات العقلية والمهارات تختلف من طفل لأخر تبعا للظروف البيئية التي يعيش فيها الطفل , ولذلك لابد أن نعرف أننا مسئولون عن نمو ذكاء أطفالنا وعن مفهومهم للذات ,باعتبار أن الأسرة هي البيئة الاجتماعية الأولى التي ينشأ فيها الطفل ويتأثر بها , وفيها تزداد ثقته بنفسه أو يصبح شخصية مهزوزة .
وقد أظهرت الدراسة أن شعور الطفل بالحرمان داخل أسرته يؤثر على ذكائه , وعلى مفهومه لذاته , والحرمان هنا لا يعني فقدان احد أبويه بالسفر أو الوفاة أو الطلاق , وإنما هو الشعور بنقص المثيرات المختلفة التي يتعرض لها الطفل , مثل الحرمان الاقتصادي الذي يؤدي إلى الحرمان من القصص واللعب والمصروف الشخصي , إضافة إلى الحرمان المعرفي , وهو حرمانه من الوسائل التي يمكن أن تستثير نموه المعرفي , كالسماح له بالتعبير عن رأيه و الاستماع إليه والحديث معه ومتابعته دراسيا وتشجيعه على النجاح والتفوق , الحرمان الاجتماعي أيضا ويتمثل في عدم تشجيعه على أن يكون له أصدقاء , وحثه على الاستقلال والاعتماد على النفس .... وتذكر الدراسة أيضا الحرمان الانفعالي ويعني شعور الطفل بعدم المساواة بينه وبين إخوته وعدم بث الثقة في نفسه .
ذكاء الطفل في مرحلة الطفولة المبكرة يكون أكثر اعتمادا على الأسرة , أما في مرحلتي الطفولة الوسطى والمتأخرة فتوجد عوامل أخرى مؤثرة على ذكائه مثل المدرسة و مجموعة الأصدقاء.
وقد أثبتت الدراسة أن العلاقة الحميمة بين الوالدين والأبناء هي التي تؤدي إلى تنمية وتطوير فعالية الذات لديهم ,و أن لمفهوم الذات دورا هاما في توجيه سلوك الفرد . كما أن إحساس الفرد بنفسه وشعوره بالسعادة والحب واتفاقه مع الآخرين واختلافه عنهم , ومدى تكيفه في الأسرة أو المجتمع كلها عوامل مؤثرة في تنشئة الطفل.
أن حاجات الطفل لا تشبع بالطعام والماء وحدهما , فهناك الحاجة للإشباع المعرفي والاجتماعي والانفعالي , وعلى الأسرة توفيرها حتى ينمو ذكاء الطفل ويشعر بالحب والاحترام لذاته بينه وبين نفسه و أمام الآخرين .