جزء من فصل المكان والزمان من كتاب" تاريخ موجز للزمان "
تاليف ستيفن هوكنج (الجزء من حلقتان)
ترجمة الاستاذ الدكتور مصطفى ابراهيم فهمى
(1)
ستيفن هوكنج رجل معوق الزمه مرض اعصابه وعضلاته كرسيه ذا العجلات طيلة العشرين سنة الاخيرة فمن عمره الذى بلغ التاسعة والاربعين وهو لا يستطيع حتى ان يمسك القلم ليكتب ولا يستطيع ان ينطق الكلام بوضوح ومع ذلك فهو يعد ابرز المنظرين فى الفيزياء منذ اينشتين ويشغل الان كرسى استاذ الرياضيات الذى كان يشغله اسحق نيوتن فى كمبردج وله بحوث علمية رائعة.
ترجع أفكارنا الحالية عن حركة الأجسام إلى جاليليو ونيوتن. وكان الناس قبلهما يصدقون
أرسطو , الذى قال إن الحالة الطبيعية لجسم ما هى أن يكون ساكنا , وأنه لا يتحرك إلا إذا
دفعته قوة أو دافع وبالتالى فإن الجسم الثقيل ينبغى أن يسقط بأسرع من الجسم الخفيف ,
لأنه سيكون له شد أكبر إلى الأرض .
والتراث الأرسطى يؤمن أيضا بأن المرء يستطيع أن يستنبط كل القوانين التى تحكم الكون
بالفكر الصرف ؛ فليس من الضرورى التحقق بواسطة المشاهدة , وهكذا لم يهتم أحد حتى
زمن جاليليو بأن يرى ما إذا كانت الأجساد ذات الوزن المختلف تسقط فعلا فى الحقيقة
على سرعات مختلفة ويقال أن جاليليو برهن على زيف اعتقاد أرسطو بأن أسقط أثقالا من
برج بيزا المائل , ويكاد يكون من المؤكد أن هذه القصة غير حقيقية , ولكن جاليليو قام
بصنع شىء مماثل : فقد دحرج كرات من أوزان مختلفة أسفل منحدر ممهد , والوضع يشبه
الأجسام الثقيلة إذ تسقط رأسيا , ولكنه أسهل فى ملا حظته لأن السرعات تكون أقل , وقد
بينت قياسات جاليليو أن كل جسم قد زادت سرعته بنفس المعدل بصرف النظر عن وزنه
, فمثلا يمكنك أن تطلق كرة على منحدر ينحدر مترا واحدا لكل عشرة أمتار تقطعها ,
وستتحرك الكرة أسفل المنحدر بسرعة تقرب من متر فى الثانية بعد ثانية واحدة , ومترين
فى الثانية بعد ثانيتين , وهلم جرا , مهما كان ثقل الكرة . وبالطبع فإن ثقلا من الرصاص
سيكون سقوطه أسرع من الريشة , ولكن السبب فى هذا هو فقط ان مقاومة الهواء تقلل من
سرعة الريشة . ولو أسقط المرء جسمين ليس لهما مقاومة كبيرة للهواء , مثل ثقلين
مختلفين من الرصاص و فإنهما يسقطان بنفس المعدل .
وقد استخدم نيوتن قياسات جاليليو كأساس لقوانينه عن الحركة وفى تجارب جاليليو إذ
يتدحرج أحد الأ جسام اسفل المنحدر فإنه يكون دائما تحت مفعول نفس القوة (ثقله) , وتاثير
ذلك هو أن تتزايد سرعته بثبات ويبين هذا أن التأثير الحقيقى لقوة ما هو أنها دائما تغير
من سرعة الجسم , بدلا من أن تحركه فحسب كما كان الاعتقاد من قبل ويعنى هذا أنه
طالما أن أحد الأجسام غير واقع تحت تأثير أى قوة فإنه سيظل يتحرك فى خط مستقيم
بنفس السرعة وقد تم ذكر هذه الفكرة لأول مرة بوضوح فى مؤلف نيوتن "المبادىء
الرياضية" الذى نشر فى 1687 وتعرف بقانون نيوتن الأول , ويعطى لنا قانون نيوتن
الثانى ما يحدث لأحد الأجسام عندما تحدث إحدى القوى تأثيرها عليه , ويقرر هذا أن الجسم
ستزيد عجلته , أو تتغير سرعته , بمعدل يتناسب مع القوة (وكمثل فإن العجلة يتضاعف
قدرها عندما يتضاعف قدر القوة والعجلة تقل أيضا بزيادة كتلة الجسم (أو كمية مادته )
عندما تعمل نفس القوة على جسم له ضعف الكتلة سينتج عن ذلك تنصيف العجلة ) ومن
الأمثلة المألوفة ما تمد به السيارة فكلما زادت قوة المحرك زادت العجلة , ولكن كلما ثقلت
السيارة , قلت عجلة نفس المحرك .
وبالاضافة إلى قوانينه عن الحركة اكتشف نيوتن قانونا آخر يصف قوة الجاذبية , يقرر أن
كل جسم يجذب كل جسم آخر بقوة تتناسب مع كتلة كل جسم وهكذا فإن القوة التى بين
جسمين ستزيد إالى الضعف لو أن أحدا الجسمين (الجسم 1 مثلا ) تضاعفت كتلته وهذا ما
يمكن أن تتوقعه لان المرء يستطيع أن يتصور الجسم الجديد 1 وكانه مصنوع من جسمين
كل بالكتلة الاصلية وسوف يجذب كل منهما الجسم 2 بالقوة الاصلية وهكذا فإن القوة
الكلية بين 1 و2 تصبح ضعف القوة الاصلية واذا كان لاحد الجسمين مثلا ضعف الكتلة
وللثانى ثلاث اضعاف الكتلة فان القوة تصبح اشد بستة اضعاف ويستطيع المرء الان ان
يعرف لماذا تسقط الاجسام بنفس المعدل فالجسم ذى الوزن المضاعف سيكون شده لاسفل
بضعف قوة الجاذبية ولكنه ايضا له ضعف الكتلة وحسب قانون نيوتن الانى فان هذين
المفعولين يلغى احهما الاخر بالضبط وهكذا فان العجلة ستكون هى نفسها فى كل الحالات
وقانون نيوتن للجاذبية يخبرنا ايضا انه كلما تباعدت الاجسام صغرت القوة و قانون نيوتن
للجاذبية يقول ان شد جاذبية احد النجوم يكون بالضبط ربع شد نجم مماثل على نصف
المسافة ويتنبا هذا القانون بافلاك الارض والقمر والكواكب بدقة عظيمة . ولو كان القانون
هو ان شد جاذبية احد النجوم يقل بالمسافة بسرعة اكبر فان افلاك الكواكب لن تكون
اهليلجية وانما النجوم البعيدة ستتغلب على قوى الجاذبية من الارض .
والفارق الكبير بين افكار ارسطو وافكار جاليليو ونيوتن هو ان ارسطو كان يؤمن بحال
مفضلة من السكون يتخذه اى جسم ما دام لا تدفعه قوة او دافع وكان بالذات يعتقد ان
الارض ساكنة على انه يترتب على قوانين نيوتن ان ليس ثمة معيار وحيد للسكون فالمرء
يستطيع ان يقول بما يتساوى فى صحته إن الجسم 1 كان ساكنا بينما كان الجسم 2 يتحرك
بسرعة ثابته بالنسبة للجسم 1 , او ان الجسم 2 كان ساكنا بينما كان 1 يتحرك وكمثل لو
وضعنا جانبا للحظة دوران الارض وفلكها حول الشمس فان المرء يستطيع القول بان
الارض ساكنة بينما ثمة قطار فوقها يتحرك شمالا بسرعة تسعين ميلا فى الساعة او ان
القطار كان ساكنا بينما الارض تتحرك كل قوانين نيوتن تظل صحيحة .