يرى علماء النفس المعاصرين والمهتمين بمجال التعلم أنه إذا لم ينتبه الفرد فإنه لا يتعلم , حيث يؤكد هؤلاء العلماء على أهمية عملية الانتباه بالنسبة لعملية التعلم التي تعتبر أساسية في كسب كثير من المهارات , فلكي يحدث التعلم لابد من توافر الانتباه بالدرجة الأولى , ولابد من المحافظة على هذا الانتباه ثانياً , حيث يعد الانتباه العملية النفسية التي تقوم باختيار المعلومات ، وبدونها لا يستطيع الفرد أن يتذكر , أو يتخيل أو يتعلم أو يفكر في أي شيء , ويرى بوجالسكي إلى أنه لكي يحدث التعلم , فإن الحد الأدنى الذي لابد أن يعمله المتعلم هو أن ينتبه إلى المثيرات المناسبة. كما يقرر بوجالسكي أن الفرد يتعلم أي شيء يثير انتباهه سواء أراد أم لم يرد ذلك .
ويقرر كالفنت أن الفشل في الانتباه يعيق تعلم المهارات والمفاهيم ، ومن ثم فشل عملية التعلم كلية .
ولقد حاول كثير من المربين أن يوظفوا أهمية الانتباه في عمليات التعلم والتعليم . فالتلاميذ يتعلمون فقط ما ينتبهون أليه ، ولذلك كان من الضروري أن يتقن المعلم مهارات استثارة اهتمام التلاميذ وجذب انتباههم للمادة التعليمية وموضوعات التعلم الجديد , إذا ما أراد أحداث التعلم ، فالمعلم الذي يقوم بتغيير نبرات صوته في أثناء عمليات الشرح قد يكون بسبب تركيز انتباه الطلبة على جملة معينة . وفي ذلك يشير جانيه ( 1974م ) إلى : " أن الحدث هو اجتذاب انتباه التلميذ وتوجيهه نحو المعلومات المستهدفة في الموقف التعليمي / التعلمي " ... ويستطرد جانييه فيقول : " ان المعلم يستطيع تحقيق ذلك بوسائل مختلفة كالتلوين ورسم الخطوط تحت العبارات المستهدفة أو تغيير نبرات الصوت أو التوجيه اللفظي بطلب الانتباه لأمر معين أو ناحية معينة كأن يقول : " انتبه لكذا أو أنظر لكذا .... الخ .
ويستطيع المعلم من خلال ملاحظته للتلاميذ أثناء الموقف التعليمي في حجرة الفصل أن يميز بين الطالب المنتبه وغير المنتبه ، وذلك ما يؤكده كالفنت ،من أنه يجب أن نتذكر أن الانتباه عملية معرفية لا يمكن ملاحظتها بشكل مباشر , فالمعلمون يتمكنون فقط من ملاحظة أداء التلميذ والوصول إلى استنتاجات فيما إذا كان منتبهاً أم لا.
ويعتبر مدى الانتباه أحد الخصائص الهامة للانتباه التي يجب أن يدركها المعلم ، ففي مناقشة مع ميللر ( Miller ) أشار إلى أن المدى المطلق للحكم والذي تبلغ سعته لدينا سبعة أشياء تقريباً في الموقف الواحد . هذا المدى يمكن أن يتحسن بشكل جوهري ، باستخدام عملية معروفة باسم " التجمع " وتقوم على تجميع البنود أو المفردات في شكل مجموعات لا يزيد العدد في كل منها عن سبعة أشياء ,ويستخدم هذا الأسلوب على نطاق واسع في تعليم مواد دراسية مثل ( شفرة المورس , والآلة الكاتبة ، والكيمياء ) حيث تعمل على شكل مجموعات نقط وشرط ( كما في المورس ) أو حروف أو رموز كيميائية في المواد الأخرى .