المجتمع مجموعة من الأفراد والاُسر الّذين تربطهم روابط مختلفة ، كالعقيدة أو القرابة ، أو المصالح المشتركة ، والعلاقات التأريخية ... وغيرها .
فكلّ فرد يشعر بانتمائه إلى اُسرته وإلى مجتمعه ، وبأ نّه جزء من اُسرته ومجتمعه ..
إنّ الفرد يتبادل المنافع مع الاُسرة والمجتمع الذي يعيش فيه . كما يكتسب من اُسرته الأخلاق والسّلوك وطريقة العيش ، بل ويكتسب جزءاً من أفكاره وطريقة تفكيره ..
وللفرد مصالح وشخصيّة مستقلّة ، كما إنّ للمجتمع شخصيّة ومصالح مستقلّة. وكثيراً ما يحصل التناقض بين مصالح الفرد والمجتمع لذا اهتمّت القوانين والأنظمة الوضعيّة والإلهيّة بتنظيم العلاقة ، وحلّ التناقض بين مصالح الفرد والجماعة في المجالات التي تتعارض فيها المصلحتان الفرديّة والإجتماعية ..
وقد اهتمّت التعاليم الدينية بتنظيم الحياة المدنيّة للفرد والجماعة لحفظ الحقوق والواجبات الانسانية ، كذلك اهتمّت دراسات الأخلاق والآداب الاجتماعية بتنظيم حياة الفرد والمجتمع والموازنة بينهما على اُسس أخلاقيّة وإحساس وجدانيّ سليم..
فالبعض من الناس لا يفكِّر إلاّ بتحقيق مصالحه الشخصيّة ، ولا تعنيه مصلحة الآخرين ..
فالتاجر المحتكِر والبائع والمنتِج المتلاعِب بالأسعار ، لا يفكِّرون إلاّ بتحقيق الرِّبح الفرديّ ، ولا يعنيهم ما يقع على المستهلكين الفقراء من غلاء وأزمات ومشاكل معاشيّة ..
وصاحب الحاجة يفكِّر في سدِّ حوائجه ، ولا يعنيه أن تبقى حوائج الآخرين وأزماتهم قائمة تفتك بهم ، وتسبِّب القلق والمشاكل والمعاناة لهم ..
والّذي له هدف سياسي خاص يسعى لتحقيق هدفه الشخصيّ ، والحصول على موقع أو منصب يطمح إليه . فإذا حقّق ذلك ، لا يعنيه ما يصيب الآخرين من مشاكل ومعاناة أمنيّة ومعاشيّة وسياسيّة ..
والفلّاح الّذي يملك أرضاً زراعيّة ، لا يتضامن مع الآخرين لتوفير الماء أو العلاج إذا توفّر ذلك لزرعه .
فهذا الصِّنف من الناس لا ينظر إلى القضايا والمشاكل إلاّ من خلال مصالحه .
وقد شخص الرسول الكريم صلى الله عليه واله وسلم هذه المشكلة الاجتماعية الخطيرة ، وهذه الأنانيّة الضّارّة بمصالح الجماعة ، فحذّر منها بقوله :
((( لا يؤمن احدكم حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسة ))) .
وبذا يربط الرّسول الكريم محمّد صلى الله عليه واله وسلم بين التفكير بمصالح الجماعة، والخروج من الأنانيّة الفرديّة . فالأناني الذي لا يفكِّر بمصلحة الجماعة ليس بمؤمن صادق الإيمان .
ومَن لا يفكِّر بمصلحة الآخرين ، لا يفكِّر أحد بمصالحه .. وبذا تنهار وحدة المجتمع وبناؤه .
فما لم يتحقّق الشعور النفسي والتربوي السّليم لدى الفرد والجماعة ، وما لم تكن هناك قوانين تحفظ مصلحة الفرد والجماعة .. يتحوّل المجتمع إلى فوضى وأنانية ، وحرمان الأكثرية من أبناء المجتمع .. ومن ثمّ يفسح المجال أمام الأقوياء لقهر الضعفاء واستضعافهم ..
إنّ الإحساس الوجداني والأخلاقي في نفوسنا، والمبادئ الإلهيّة السّامية ، تدعونا إلى أن نحرص على مصلحة الجماعة ، كما نحرص على مصالحنا الفردية الخاصّة.. إذ إنّ كثيراً من المصالح الفرديّة تلحق الضّرر بمصلحة المجتمع ، لذا يجب الابتعاد عنها .
والجدير بالذكر أنّ الإضرار بالمجتمع ، لا يبقى الفرد ، أيّاً كانت مصالحه الفرديّة متحقِّقة ، بمنأى عن الأذى ، إذ إنّ الانسان إجتماعي بالطّبع وبحاجة إلى أن يعيش في المجتمع السّليم والآمن .
'>
'>