يا بنيّ! هذه أوراق انتهت صلاحيتها!
غازي بن عبد الرحمن القصيبي
يسلمني الشاب معروضا يتذمر فيه من وضعه الحالي الذي لا يتمشى مع طموحاته ويطالب بوظيفة ـ حكومية إن أمكن! ـ تنقذه من أزمته الحالية. وما هو الوضع الحالي الذي يتذمر منه الشاب؟ وظيفة في القطاع الخاص راتبها الشهري 1500 ريال. وما الذي عند الشاب من مؤهلات؟ الثانوية العامة ـ فقط ـ لا غير.
يخرج الشاب ويدخل شاب آخر بعريضة أخرى وظلامة أخرى لا تختلف عن ظلامة الشاب الأول إلا في مقدار الراتب (1200 ريال شهريا) ونوع المؤهل (الإعدادية ـ فقط ـ لا غير!).
أحاول أن أشرح للشابين، ولكل شاب يزور مكتبي طالبا تحسين وضعه الوظيفي أن الزمان لا يدوم على حال، وأن المتغيرات تفرض نفسها على الجميع، وأن الحقائق في سوق العمل تقول إن الشهادة الإعدادية والشهادة الثانوية لا تؤهلان حاملهما لشيء يتجاوز ما يستلمه بالفعل.
ذات يوم كان خريج الابتدائية يُعيّن أستاذا في الابتدائية، وكان حامل الثانوية يعتبر من كبار المثقفين، وكانت الشهادة الجامعية حدثا تحتفل به الأسرة ويدعى إليه الوجهاء والأعيان وتنحر فيه النوق والأغنام. حسنا! كان هذا جزءا من مراحل التطور في مجتمعنا، انتهى ومر ولن تعيده أحلام الحالمين ولا آمال الراغبين.
على كل شاب أن يدرك أن الشهادة الإعدادية لا تعني شيئا سوى أنه أصبح يستطيع أن يقرأ ويكتب ـ أحيانا بالكاد! ـ وأن الشهادة الثانوية لا تعني سوى شيء أنه أصبح يعرف إضافة إلى القراءة والكتابة حدا ضئيلا جدا من المعارف الإنسانية، وأن صاحب العمل أي صاحب عمل، لن يجد لحامل الشهادة الأولى أو الثانية وظيفة تتجاوز المعقب أو موظف الاستقبال، وهذا أحسن الإيمان.
أقول لكل شاب سعودي: يا بني! إذا كنت قانعا بالإعدادية والثانوية فاقنع برزقك مهما كان ضئيلا ـ أما إذا كنت بالفعل شابا طموحا فأذكر أن عليك أن تواصل مشوار التعليم أو التدريب وأعلم أن شهادات الإعدادية والثانوية ليست، في سوق العمل، سوى أوراق منتهية الصلاحية.
منقول من جريدة الاقتصادية