ثانيا : الاضطراب النفسي قبل العملية :
ان مشاعر الخوف و الرهبة التي شرحناه اعلاة لابد لها ان تنعكس على مزاج المريض متبدية من خلال مظاهر القلق و الرهاب وهذة المظاهر هي غاية في الطبيعه و بعيدة عن اعتبارها مرضية بسبب وجود اسباب وجبهه تبرر شعور المريض بها ولكن هذة المظاهر وان لم تكن مرضيه بحد ذاتها الا انها قد تؤدي الى وضع مرضي ناجم عن الشدة ( Stress ) التي يعيشها المريض بسبب مشاهر الخوف و القلق .
وهذة الحاله النفسية المعقدة للمريض قبل العملية من شأنها ان تحرك آلياته الدفاعية النفسية وهذة الاليات تمتاز بفرديتها و خاصيتها لكل مريض على حدة وذلك تبعا لشخصيته الذاتية أي تبعا لخصائصه وميزاته التي تسم شخصيته و تميزة عن الاخرين على اننا نستطيع تقسيم المرضى قبل العملية الى :
1 / المرض الخاضع و المستسلم لوضعه : ومثل هذا الموقف نجدة لدى المنهار ولدى المازوشي .
2 / المريض المحبط و اليائس : ومثل هذة المواقف تميز المريض الموسوس و الرهابي و القهري و الكئيب .
3 / المريض الخاضع بطريقه مازوشية : وهذا النوع من المرضى يضفي على الجراح صفات ( سوبرمانية ) يخفي خلفه خوفه و قلقه .
4 / المريض رابط الجأش : وهو الذي يستطيع ان يتكيف مع الواقع الذي املى الجراحه ومثل هذا المريض يرى الامور بصورتها الايجابية ولا بد من الاشارة الى ان هذا الموقف يساعد الجراح و يساهم في انجاح العملية
5 / المريض اللاجيء للمرض : وهذا المريض يعاني عادة من صعوبات التكيف في حياته اليومية وفي محيطه مما يجعل سلوكة متسما بالكــآبه و اليأس فهو يجد في الجراحه مناسبه لتجميد صراعاته و الهرب منها ولو مؤقتا
ومن هذا التقسيم لا نريد ان نقرر بأن الاضطراب النفسي _ السابق للعملية _ يؤدي الى احداث الميول المرضية المشار اليها اعلاة ولكننا نود القول بان الميول تكون موجودة لدى هذا الشخص وكامنه فيه دون ان تتبدى بشكل مرضي ولكنها هي التي تدفعه الى اتخاذ موقف من المواقف الخمسة المشار اليها .
وتجد الاشارة هنا الى ان الازمه النفسية لهذا المريض تجد اجواء مشجعه لتطورها المرضي اذ ان جسد المريض يكون منهكا بسبب الالام و الاضطرابات التي يحدثها المرض , موضوع الجراحه كما ان حالته النفسية العامه تكون فائقه التطور اذ انه اضافه لتحسس جهازة العصبي واثارته يعيش ظروفا غير عادية كالبعد عن المحيط العائلي و العملي و الوجود في المستشفى و بقية اوضاع المرض . . .. . , الخ
وهنا لابد ان نحذر من خطر محاولة المريض الاطلاع على الكتب و المراجع الطبية المتعلقه بمرضة فهذا الاطلاع لا يؤدي الا الى نتيجه واحدة : ( زيادة قلق المريــض ) .
فالكتب الطبية لا بد لها من تنبية الاطباء الى الاخطاء و احتمالات الخطأ و التعقيدات و المفاجآت التي قد ترافق العملية او تنجم عنها . . . و هذة الكتب اذ تصر على ذكر هذة الامور فمرد ذلك الى ندرة حدوثها .
الا ان المريض يتمسك بهذة الامور و يصر عليها و على مناقشتها وهنا لابد لي من الاعتراف بحقيقة مفادها ان هذا المريض يأخذ المواقف التي يتخذها الطبيب المتخرج حديثا اذ يميل في تشخيصة الى الامراض غير المألوفه ولكنه ومع تعمقه في الممارسة نراة يبتعد رويدا رويدا عن هذا الميل ليقنع بالتشخيص الذي فرضه علية خبرته و ممارسته نستنتج مما تقدم انه من الواجب ابعاد المريض عن هذا الميل للاطلاع على التفاصيل .
عوامل القلق ما قبل العملية :
مما سبق نرى تعدد العوامل المساهمه في احداث نوبات القلق لدى المريض قبيل خضوعه للعملية وهذا القلق لا يفاجىء الجراحين عادة ذلك لانهم يرونه لدى مرضاهم كافه ولكن الطبيب النفسي قادر على تقديم مساعدة هامه للجراح عن طريق تقييمه للدرجة التي وصل اليها قلق المريض ومدى تسبب هذا القلق في احداث الاضطرابات العصبية _ البنانية _ ومما يسهل هذة المهمه في وقتنا الحاضر وجود الالات المسماة ( Biofeed Back )
التي تستطيع قياس درجة الشدة و القلق من خلال قياسها لعدد من المتغيرات البيولوجية منها حديثا درجة التوتر الجلدي .
وليست نادرة تلك الحالات التي يفاجئنا فيها المريض بدرجة متطورة من القلق ومثل هذة النوبات من القلق المتفجرة بمناسبه انتظار العملية يمكن ان تعود للاسباب التالية :
1 _ حاله عصابية كامنه يفجرها انتظار العملية و الشدة النفسية المحيطه به .
2 _ بنية نفسية غير متوازنه غير كافية التنظيم تتعرض لصدمه ترقب العمل الجراحي فتؤدي هذة الصدمه الى اضطراب توازن الشخصية .
3 _ ان يكون المريض قد عانى من نوبات ذهانية مرحلية و ترقب العملية يمكنه ان يؤدي الى ظهور نوبه ذهانية جديدة .
4 _ الخوف من الموت بسبب العملية و خصوصا بسبب التخدير ذلك ان عددا كبيرا من المرضى غير المطلعين يخشون من عدم الاستيقاظ من مفعول التخدير .
5 _ الحالات التي يطلب فيها الى المريض او الى اهله التوقيع على استعدادهم لتحمل الاخطار التي قد تنجم عن العملية فهذا التوقيع يظهر الجراح وكانه يتنصل من مسؤولياته وهذا ما يزعزع ثقه المريض به و يزيد في قلقة على ان امكانات الطب الحديث و التحديد الدقيق لواجبات الطبيب و مسؤولياته يجعلان طلب هذا التوقيع دون مبرر .
مظاهر نوبات القلق :
اذا اردنا وصف نوبات القلق التي تجتاح المريض قبل الجراحه فأنها تاتي كما يلي :
أ _ مظاهر نفســـية :
(1) الاضطراب وعدم الهدوء
(2) خوف غامض من شيء غير محدد { مظاهر لا واعية للخوف من الموت }
(3) العودة عن القبول بالخضوع للعملية و بالتالي محاولة رفض العملية .
(4) التوتر النفسي و الانجازات النفسية .
(5) الهيــاج
(6) صعوبات النوم
(7) مظاهر متنوعه اخرى تختلف من مريض لآخر
ب _ مظاهر جســـدية :
(1) الشحوب
(2) ارتجاف الاطراف
(3) الشعور بالاختناق و انقباض الصدر
(4) تسارع دقات القلب
(5) ازدياد عدد مرات التنفس
(6) تعرق اليدين
(7) تغيرات على صعيد الجلــد
(
الصـــداع
(9) ارتفاع الضغط
(10) مظاهر متنوعه
وفي دراسه تمت على 800 مريض تم رؤية نسبه هذة الاضطرابات _ نفسية و جسدية _ وفي الليله السابقه للعملية تتوزع كالتالي :
_ خوف غامض 96%
_ الخوف من الموت 32%
_ رفض العملية 24%
_ التوتــر النفسي 100%
_ الهياج 19%
_ صعوبات النوم 66% د
_ نوبات البكاء 12%
_ الكــــآبه 20%
_ الجمود 60%
_ الشحوب 79%
_ ارتجاف الاطراف 55%
_ صعوبات التنفس 73%
_ تسارع دقات القلب 60 %
_ اوجاع في الصدر 25 %
_ تعرق اليدين 65 %
_ تغيرات على صعيد الجلد 88 %
_ الصداع 45%
_ ارتفاع الضغـــط 40%
_ اوجاع هضمية 28 %
خطوات لمنع تطور الاضطراب :
وللحؤول دون تطور مظاهر الاضطراب النفسي قبل العملية و تخطية الحدود المقبوله نقترح الخطوات التالية :
1 _ اجراء الفحص النفســي : وذلك بهدف التأكد من عدم وجود اضطرابات مرضية في شخصية المريض و سلوكة ( ذهان مرحلي , ادمان مخدرات , مهدئات او كحول , شخصية عصابية , . . .. الخ ) فأذا ما اثبت الفحص وجود مثل هذة الاضطرابات وجب علاجها و اتخاذ الخطوات الوقائية الملائمه .
2 _ عدم ابلاغ المريض عن موعد العملية الا قبل ذلك بأيام قليله
3 _ اعطاء المهدئات البسيطه ( لها ايضا مفعول ارخاء العضلات الى جانب التهدئة النفسية ) قبل العملية ببضعه ايام .
4 _ تهيئه العائلة و تطمينها حتى لا تؤثر سلبا في مزاج المريض و تزيد في قلقة .
5 _ العلاج النفسي الداعم لمعنويات المريض و المشجع لدفعه في التعامل مع العملية وكأنها مغامرة غامضة قد تنطوي على الالم ولكنها بعيدة عن خطر الموت وكذلك فان الآم العملية هي التي ستلغي الآم المريض الغاء تاما .
6 _ تدعيم صورة الجراح لدى المريض و ترسيخ الثقة به مما يخفف من قلق المريض .
7 _ اعداد العائله و المقربين لدعم المريض في الحالات الخطرة ( سرطان , او غيرة ) وذلك تبعا لخطورة الحاله او عدم معرفه المريض بحقيقة مرضة .
شكرا