مخاوف من انتشارالإيدز
تجارة "قناني الدم" تزدهر على أرصفة المدن العراقية
سنوات في تجارة "الدم"
مخاوف من انتشار الإيدز
العنف أوجد سوقا رائجة للدماء
بغداد - قدس برس
يفخر العراق بأنه البلد الأول الذي امتلك واخترع صيدلية تسمى صيدلية الرصيف، وهي عبارة عن صيدلية وجدها العراقيون أمامهم بمجرد زوال النظام السابق. ولم يعد على العراقي أن يجلب وصفة طبية من طبيب مسجل لدى نقابة الأطباء، ويتجشم عناء الذهاب إلى صيدلية، ربما تقع بعيدة عن مسكنه، إذ يكفي أن يذهب إلى أي رصيف من أرصفة بغداد ليجد مختلف أنواع الأدوية معروضة على الرصيف، تحت شمس الصيف، أو برد الشتاء، دون أن يحتاج إلى وصفة طبية.
وإذا كان استخدام العراقيين لأقراص "البنادول" المزيلة للصداع أو حتى أقراص "البوكسيديوم" المخففة لآلام القولون العصبي علاوة على أدوية السكر والضغط والالتهابات لا تشكل خطرا، فإن الظاهرة الآخذة في الانتشار والتي تتجسد مخاطرها في أكثر من ناحية، هي بيع "أكياس الدم" أمام المستشفيات العراقية في عدد من المدن هناك,
ولا يتعين على العراقي إذا احتاج لنجدة قريب في حاجة ماسة لدماء سوى التوجه لأقرب رصيف حيث يعثر على بغيته في كميات وافرة من الدماء. ويبدو أن العنف المتواصل جعل الحاجة للدم كالحاجة إلى الخبز والماء. ويبلغ سعرقنينة الدم 25 - 30 ألف دينار عراقي.
سنوات في تجارة "الدم"
وقرب مدينة الطب، التي تعتبر واحدة من أضخم المستشفيات العراقية، يتجمع يوميا عدد كبير من باعة أكياس الدم، دون أي تدخل من وزارة الصحة أو الأجهزة التابعة للمستشفى. ويقول إحسان جودي لوكالة "قدس برس" "أعمل في هذه التجارة منذ عدة سنوات، في زمن النظام السابق كانت الأجهزة الأمنية تمنعنا من بيع الدم، بل أن عدد من الأصدقاء اعتقل وسجن، إلا أننا ومع ذلك كنا نبيع الدم خفية. وبعد سقوط النظام صارت ظاهرة بيع الدم ظاهرة عادية، فنحن نبيع الدم للراغبين في شرائه وبأسعار معقولة .. نحصل على الأكياس من المصرف القريب، أما الدم فإن هناك الكثير ممن يرغبون ببيع جزء من دمهم لقاء مبالغ نقدية".
والغريب، أن العراقيين لا يتوجهون في كثير من الأحيان لمصارف الدم, ويفسر إحسان هذه الظاهرة قائلا "إن السبب في ذلك يعود إلى أن الكثير من الحالات الطارئة التي تحتاج إلى الدم، والاعتماد على المصارف قد يتعثر بسبب الإجراءات الروتينية، مما يعني أن المريض قدي بسبب تلك الإجراءات، لذلك فشراء الدم من الباعة يكون أسرع وسيلة للمحتاج والمضطر".
مخاوف من انتشار الإيدز
ويستنكر لأطباء بيع الدماء في الشوارع مشيرين إلى مخاوفهم من تفشي أمراض انتقالية بين العراقيين. يقول الدكتور خالد القيسي لوكالة "قدس برس" إن "بيع الدم من قبل أشخاص غير مختصين، وبعيدا عن الرقابة الصحية بهذه الصورة، سيؤدي حتما إلى تفشي العديد من الأمراض الانتقالية بين المواطنين".
ويضيف أنه "لا أحد يعلم من أين يأتون بأكياس حفظ الدم، ولا بنوعية الدم الذي فيها، ناهيك عن عدم خضوع الدم المباع لإجراءات الفحص، ومن هنا فمن المحتمل أن تقوم بعض الجهات بإدخال دم ملوث يباع عبر هؤلاء، ومن ثم انتشار الأمراض الخطرة بين العراقيين كالإيدز مثلا".
ورغم تأكيدات وزارة الصحة العراقية أنها قامت في الفترة الأخيرة بعمليات دهم واعتقال لمروجي هذه "البضاعة"، إلا أن هناك عددا كبيرا منهم مازال يقف أمام المستشفيات، والعراقيون الذين باتوا بأمس الحاجة إلى الدم يلجؤون في أحيان كثيرة إلى مثل هؤلاء الباعة لغرض إنقاذ مرضاهم.
ويقول عادل محسن المفتش العام في وزارة الصحة العراقية تعليقا على هذا الموضوع إن وزارته قامت بالتعاون مع وزارة الداخلية العراقية في عمليات اعتقال وتوقيف عدد من هؤلاء الباعة. ويشير إلى أن أغلب هؤلاء هم من مدمني المخدرات والمشروبات الكحولية، الذين وجدوا في هذه المهنة وسيلة سهلة لكسب المال.