Advanced Search

المحرر موضوع: ثقافة الهامبورغر والكوكا كولا والجينز تغزو العالم  (زيارة 664 مرات)

0 الأعضاء و 1 ضيف يشاهدون هذا الموضوع.

يناير 08, 2005, 04:07:05 صباحاً
زيارة 664 مرات

marwan

  • عضو خبير

  • *****

  • 2630
    مشاركة

    • مشاهدة الملف الشخصي
طالبة في الجامعة الأميركية بمصر تؤكد أن الشباب مقتنع بالحرية ما دامت لا تضر الآخرين
ثقافة الهامبورغر والكوكا كولا والجينز تغزو العالم العربي طالبة في الجامعة الأميركية بمصر تؤكد أن الشباب مقتنع بالحرية ما دامت لا تضر الآخرين
 
القاهرة: دينا وادي
إذا كنت لا تشاهد افلاما أميركية أو تلبس الجينز أو تأكل الهامبورغر، فأنت إذا لا تعيش على هذا الكوكب الذي أصبحت تسيطر عليه الثقافة الأميركية، خاصة على الأجيال الحالية، حتى روسيا التي كانت ألد أعداء اميركا في وقت ما، أصبح شبابها حاليا يأكلون الهامبورغر ويشاهدون الأفلام الأميركية ويلبسون الجينز، وتخلوا عن الثقافة الروسية شديدة التحفظ.
ولكن إذا نظرنا إلى الأفلام الاميركية، على سبيل المثال، سنجد أن سبب نجاحها وسيطرتها على السوق العالمي في ظل تراجع السينما الأوروبية أو الغربية، بالطبع امامها على حسب رأي السينمائيين، أن الموضوعات التي تناقشها الأفلام الأميركية ليست مواضيع أو مشكلات أميركية، وبالتالي لا تعتبر السينما الأميركية انعكاسا للواقع الأميركي، بعكس حقيقة السينما وهدفها، وبالطبع عكس السينما الأوروبية أو الروسية التي تعكس كيف تعيش مجتمعاتها. ويتضح من خلال آراء السينمائيين أن السينما الاميركية ليست أميركية. أما الهامبورغر اشهر وجبة أميركية ومعروفة بين الأطفال والشباب حتى اعمار متقدمة تصل إلى 30 عاما، نظرا لمواكبتها سرعة العصر في سرعة تحضيرها وإعدادها، وبالتالي سرعة تناولها نجد أن اصلها يرجع إلى مدينة هامبورغ في المانيا، وبالتالي نجد أن اشهر وجبة أميركية أيضا ليست أميركية.
أما الجينز، والذي نسب إلى رعاة البقر (الكاوبوي) في الأفلام الاميركية، فهو قماش كان يرتديه عمال المناجم في البلدان التي تكثر بها مناجم الذهب أو الالماس أو الفحم، نظرا لمتانته في تحمل طبيعة عمل من يرتديه، أي العامل، وهذا القماش الذي اصبح موضة عالمية، خاصة لدى النساء اللاتي اصبحن يرتدينه في السهرات والمناسبات الخاصة والعامة بأشكال مختلفة، فإن أول من ارتداه هم عمال ليسوا اميركيين وليسوا رعاة البقر، كما هو معروف، وبالتالي هذه الموضة الأميركية، والتي أصبحت عالمية، ليست أيضا أميركية.
ولأن الثقافة الاميركية ليست أميركية، فلم يكن لها تأثير على بعض الشباب الاكثر وعيا، في الوطن العربي، وفي مصر بصفة خاصة، التي يعتبر شباب الجامعات فيها هم من يتأثرون بالثقافة الأميركية خلال حياتهم وروتينهم اليومي، وينظر بعضهم الى الجامعة الأميركية، هذا الصرح الكائن في منطقة وسط القاهرة منذ اكثر من 75 عاما وتحيطه محلات إعداد الوجبات السريعة من كل جهة، كصورة من صور الهيمنة الأميركية على المجتمع المصري، وان طلبتها وأساتذتها متهمون بالانفصال عن المجتمع والبعد عن قضايا بلادهم، واتباع السياسة الأميركية. ولكن من يتأمل في تاريخ الجامعة الأميركية، هذا الصرح التعليمي الهائل، يجد انه تخرج منها عدد من سياسيي ومثقفي مصر والوطن العربي أيضا، والذين لم يتخل أي منهم عن هموم وطنه وقضايا بلاده العربية، وهم ليسوا فقط من مصر، وانما يوجد عدد لا يستهان به من الفلسطينيين الذين يتلقون تعليمهم في بقاع مختلفة من العالم، اشهرها الجامعة الأميركية بمصر، وان لم تكن، فمثيلتها في بيروت التي تعتبر اكثر قربا لأهل الضفة الغربية بفلسطين، وكذلك يوجد الكثير من العراقيين وأبناء دول الخليج بنسبة 40% من مجموع الطلبة.
فإذا حاولت زيارة الجامعة الاميركية لمتابعة أحد أنشطتها التي يحضرها المشاهير من السياسيين والمثقفين والفنانين لما لها من أهمية، ستجد نفسك وكأنك في الأمم المتحدة، فأهل الشرق والغرب والعرب جميعهم في مكان واحد، ولهذا السبب ستجد الطلبة والأساتذة مدركين تماما لقضايا هذا الكوكب الذي نعيش عليه، لأنهم يعتبرون نموذجا مصغرا لشعوب العالم بهمومهم وقضاياهم المختلفة.
ولهذا السبب، كانت المظاهرة التي خرج فيها شباب الجامعة الأميركية مع آخرين أخطر المظاهرات التي حدثت بمصر، وكان ذلك أثناء دخول القوات الاميركية بغداد وحربها ضد العراق. وكان أحد أهم آثارها إغلاق المنطقة المحيطة بسفارتي أميركا وبريطانيا في حي «غاردن سيتي»، وتحويل هذه المنطقة إلى ثكنة عسكرية.
هذا بالإضافة إلى القوافل التي تحمل غذاء ومواد، وفي احيان أخرى كساء إلى فلسطين، ويشارك فيها طلبة مصريون وخليجيون واميركيون أيضا، ممن يعيشون في مصر ويدرسون بهذه الجامعة، إلى جانب زملائهم العرب، وبالتالي يتفهمون طبيعتهم وثقافتهم بعيدا عن السياسة الأميركية، وما تثيره من تحفظات وآراء تختلف عن آراء مواطنيها ممن تفهموا ثقافة العرب وطبيعتهم ومشاكلهم وعاصروها عن قرب، وكانوا من ضمن أول الدروع البشرية، سواء في فلسطين أو العراق.
وإذا حاولت التحدث إلى أحد طلبة الجامعة الأميركية من دون النظر إلى جنسية بعينها سيرفض حتما الحديث معك، إذا بدأت معه حديثك وكأنك تتحدث مع شخص ينتمي إلى ثقافة تختلف عنك، خاصة إذا كنت تمثل إحدى وسائل الإعلام، سواء المقروءة أو المرئية أو حتى المسموعة، فهم متابعون لكافة وسائل الإعلام، وهذا ما قالته لي «ريم» التي تدرس الإعلام بالجامعة الاميركية وترتدي الحجاب على رأسها وتمارس بيع بعض قطع التراث الفرعوني والإسلامي المقلدة أثناء وقت الفراغ من المحاضرات، والذي تذهب إيراداته لصالح القوافل التي تذهب لسكان المناطق الشعبية لإعانتهم على العيش أو لترميم إحدى البنايات التي تأثرت من الزلزال في بعض المناطق الأخرى أو لذوي الاحتياجات الخاصة ومرضى السرطان. وحكت لي بنبرة صوت متوترة أن بعض الصحافيين يتسللون إلى الجامعة ويقومون بتصوير بعض الطلبة ممن يرتدون موضة غريبة أو يدخنون السجائر، فيشوهون الصورة العامة لطلبة الجامعة الاميركية، ويأخذونهم كمثال عن الثقافة الأميركية وسيطرتها على المجتمع، وكأن هذه الموضة أو تدخين السجائر لا تحدث في الجامعات الأخرى وبين الشباب الآخرين. وتضيف «ريم»: «لا أحب التحدث بهذا الأسلوب، وكأننا شباب من طراز خاص مختلف عن الشباب الآخر، بل بالعكس نحن نرفض هذا الأسلوب في التفكير ونقتنع بالحرية ما دامت لا تضر بالآخرين. وعلى سبيل المثال فإن مشكلة الزواج العرفي وانتشارها بين الشباب وتناول وسائل اعلام لها كظاهرة، تكاد تكون معدومة بين شباب الجامعة الأميركية. ومن يريد التعرف اكثر إلى الجامعة الأميركية يمكنه ذلك من خلال موقع الجامعة على شبكة الإنترنت».
كلام «ريم» والتجول بين طلبة وطالبات الجامعة الأميركية يشبه إلى حد كبير فيلم «صعيدي في الجامعة الأميركية» الذي قام ببطولته الممثل الكوميدي «محمد هنيدي»، والذي قدم من خلاله نماذج من الطلبة في الجامعة الأميركية، منهم المجتهد والمبهور بهذا العالم البعيد كل البعد عن بيئته، وهو الصعيدي القادم من الجنوب ليدرس مناهج قادمة من اميركا، وهو الشخصية الرئيسية في الفيلم والطالب الثوري الرافض للهيمنة الأميركية وللثقافة الأميركية، بالرغم من انه من أقدم طلبة هذه الجامعة لكثرة رسوبه في سنوات دراسته، وشخصية الفتاة الجادة التي تبحث عن العلم وفي ذات الوقت تلتفت الى زميلها الصعيدي وتترك زملاءها طلبة الجامعة الأميركية الذين يتفوقون عليه في المظهر والهيئة، وتجسدها «منى زكي»، وكذلك هناك الفتاة الجميلة التي يتهافت عليها جميع الشباب، ومن ضمنهم الصعيدي، لكنها تتطلع إلى الدكتور الذي يدرّسهم، ولديه سيارة أحدث موديل، وتقوم بتجسيدها «غادة عادل»، وزميلهم الطالب المستهتر ونجل أحد الاثرياء الذي يعيش في فيلا تشبه القصر وفي جيبه نقود لا يعرف عددها، كان أيضا أحد النماذج الموجودة بالفيلم الذي حاول نقل صورة تشبه الحقيقة إلى حد كبير في عالم الجامعة الأميركية الذي ينتمي إلى أميركا في ظاهره، لكنه متعدد الثقافات والأجناس في باطنه، مثل أميركا في حقيقتها التي اقتربت من كل الشعوب لأن في داخلها تسكن كل الشعوب.