ارسل مسبار الفضاء هويجينز أول صور يلتقطها للقمر تايتان، اكبر أقمار زحل، ويظهر فيها ساحل لمحيط زيتي.
وتظهر صورة رائعة باللونين الابيض والاسود ما يبدو أن قنوات صرف على سطح أرضه تؤدي إلى مسطح داكن اللون من السوائل.
وتظهر صورة أخرى سطحا مستويا كالارض تتناثر عليه ما يشبه الحجارة.
وقال العلماء إن هويجينز التقط اكثر من 300 صورة خلال دخوله الغلاف الجوي لتايتان.
وقال البروفسور جون زارنيكي أحد مسؤولي عملية إطلاق هويجينز متحدثا عن الصورة التي ظهر فيها خطا ساحليا "إن لم يكن بحرا، فقد يكون بحيرة قطران، وهل رأى أحد أمواج؟".
وأكد العلماء أن مركبة الفضاء واصلت إرسال بيانات لاكثر من ساعتين بعد هبوطها.
وقال جان جاك دوردين، مدير عام وكالة الفضاء الاوروبية "نحن أول زوار لتايتان".
كما أن تايتان يمثل أبعد نقطة عن الارض تصل إليها مركبة فضاء على الاطلاق.
وقال دوردين "في الصباح حققنا نجاحا هندسيا وظهيرة هذا اليوم حققنا نجاحا علميا".
وأكد البروفسور زارنيكي أن أجهزته رصدت هبوط المسبار على سطح تايتان.
وقال جان بيير ليبرتون مدير مهمة هويجينز الفضائية إن المسبار نشط منذ سبع ساعات وإن ذلك ربما يعود إلى دقة تصميمه الذي يحافظ على أجهزته في درجة حرارة دافئة بشكل أفضل من المتوقع رغم أن درجة حرارة تايتان تبلغ 179 درجة تحت الصفر.
ويقوم الباحثون حاليا بتجميع الصور والابعاد والاصوات التي تبث للارض من المركبة الام كاسيني، وهو ما قد يكشف عن معلومات حول طقس القمر وتركيبه الكيميائي.
ويمكن أن يؤدي البحث العلمي لهذا العالم الغامض إلى الكشف عن بعض المعلومات عن النشأة الأولى للحياة على الأرض.
وقد شعر العلماء بالسعادة حينما بعث المسبار أول الأمر بإشارة تدل على أنه وصل إلى المجال الجوي لتايتان، فأعلنوا "نجاح" المهمة.
ويستقبل المركز الأوروبي لعمليات الفضاء في دارمشتات بألمانيا تلك المعلومات منذ الساعة 1615 بتوقيت جرينيتش.
وكان تلسكوب جرين بانك قد استقبل إشارة هيوجينز أول مرة ما بين الساعة 1020 و1025 بتوقيت جرينيتش الجمعة.
وأدرك العلماء أن المظلة الأولى دفعت بالغطاء الخلفي للمسبار، بما يسمح لهوائيه بالبدء في نقل المعلومات.
وظل هيوجينز لمدة عشرين يوما يسبح بهدوء في الفضاء باتجاه عالم غريب، وذلك منذ انفصاله عن السفينة الأم كاسيني.
وقال البروفيسور ساوثوود "إننا نفعل اليوم شيئا سيستمر لقرون، وليس المهم اسمي بل ما ننجزه".
وأضاف قائلا "لو كان كولومبس قد قرر عدم عبور المحيط الأطلنطي لأن الرحلة تستغرق شهرين، لكانت الملكة إيزابيلا قد وفرت الكثير من المال"، وأضاف "ولكن عليك المخاطرة، إذ لا مكاسب دون مخاطر".
يذكر أن القمر تايتان يحيط به ضباب برتقالي اللون يحجب ملامح سطحه. ويمكن أن يكون هيوجينز قد هبط على جليد أو صخور، أو على مادة تشبه القطران أو على بحر زيتي.
وسيكون المسبار قد التقط نحو 750 صورة خلال هبوطه باتجاه سطح القمر، والذي استمر ساعتين ونصف، بما يلقي الضوء على هذا السر الكوني الغامض.
ويقول مارتي توماسكو، المحقق الرئيسي المتابع لمعدات الالتقاط والتصوير على سطح هيوجينز "من المتوقع أن يقدم المسبار صورة جديدة مدهشة لتايتان ونأمل أن يوسع مدارك فهمنا لهذا العالم الغامض".
ولم يخف البروفيسور جون زارنيكي، الباحث الرئيسي لعلوم السطح الكوكبي ومتعلقاتها بالمسبار هيوجينز، رغبته أن يهبط المسبار في محيط فضائي جديد.
وقال "أنا سعيد بأن معداتي بها ما يقيس سطحا سائلا، أو صلبا، أو ما بين هذا وذاك".
وأضاف بالقول "رغم دوران كاسيني بالقرب من القمر تايتان، مازلنا لا نعرف شكل سطحه".
وسوف يتم تسجيل أصوات الأجواء العاصفة لتايتان من خلال مايكروفون بالمسبار، فيما يأمل العلماء أن يتمكنوا من سماع أصوات البرق على سطح القمر.
وحينما دخل المسبار أوروبي الصنع إلى المجال الجوي للقمر على ارتفاع 1270 كيلومترا من سطحه، كان يهبط بسرعة تفوق 20 ضعف سرعة الصوت.
ومع الاحتكاك تتباطأ سرعة الهبوط إلى نحو سرعة الصوت مرة ونصف، حيث تنفتح أول مظلة من بين ثلاث مظلات، لتدفع بالغطاء الخلفي الذي يحمي هيوجينز من الحرارة الهائلة التي تتولد عن احتكاكه بالمجال الجوي لتايتان مع الهبوط فائق السرعة.
وتهيمن جزيئات النيتروجين والميثان وغيرهما من الجزيئات العضوية (الكربونية) على تايتان وهي الظروف الذي تجعل هذا القمر يشبه الأرض كما كانت قبل 4.6 مليار عام.
وبالتالي من المتوقع أن ينقل المسبار معلومات عن نوعية التفاعلات الكيماوية التي مهدت السبيل لظهور الحياة على الأرض.
يذكر أن هيوجينز أمضى السنوات السبع الماضية مرتبطا بالمركبة كاسيني، التي وصلت إلى زحل في يوليو 2004.