ابن العوام (000-540هـ / 000 -1145م)
أبو زكريا يحيى بن محمد بن العوام الإشبيلي، عالم زراعة اشتهر في القرن السادس الهجري / الثالث عشر الميلادي. ترعرع ونما في إشبيلية ، ولا يعرف عن تاريخ حياته إلا القليل.
عاش ابن العوام في فترة كانت الفنون الزراعية قد ازدهرت فيها وبشكل خاص في منطقة الوادي الكبير بالأندلس. ولقد اهتم ابن العوام بدراسة علم الزراعة والنبات اهتماما بالغا لأسباب كثيرة من أهمها أن علم الزراعة والنبات له تأثير مباشر على حياة البشر، ولما تتجلى قدرة الله سبحانه وتعالى في النبات.
واستطاع ابن العوام أن يعرف الزراعة باستقلالية عن علم النبات الذي كان مرتبطا بالصيدلة والأعشاب إلى حد كبير، فكان معنى فلاحة الأرض عند ابن العوام هو إصلاحها، وغراسة الأشجار فيها وتركيب ما يصلحه التركيب منها، وزراعة الحبوب المعتاد زراعتها فيها، وإصلاح ذلك وإمداده بما ينفعه ويجوده، وعلاج ذلك بما يدفع الآفات عنه، ومعرفة جيد الأرض ووسطها والرديء منها، ومعرفة ما يصلح أن يزرع، أو يغرس من الشجر والحبوب والخضروات، واختبار النوع الجيد من ذلك، ومعرفة الموعد المناسب لزراعة كل صنف فيها، وكيف يتعهده بالعناية والرعاية. ومثل هذا التعريف لم يختلف كثيرا عن المفهوم الحديث لعلم الزراعة المعاصر خاصة في علم المحاصيل.
حاول ابن العوام الإشبيلي أن يطبق معارف العراق واليونان والرومان وأهل إفريقيا على بلاد الأندلس، وقد نجح في تطبيقاته. وانتفع بذلك مسلمو الأندلس والأوربيون فيما بعد. وصار العرب يعرفون خواص الأتربة وكيفية تركيب السماد مما يلائم الأرض، أكثر من غيرهم، كما أنه أدخل تحسينات كثيرة على طرق الحرث والغرس والسقي. وهذا ما جعل الأندلس في العهد الإسلامي جنة الدنيا.
كان ابن العوام يؤلف كتبه على أساس يجمع بين التبحر العلمي في الكتب الإغريقية والعربية، وبين المعارف العملية العميقة التي استفادها من التجارب المباشرة. فاستطاع بذلك أن يقدم وصفا دقيقا لحوالي (585) نوعا من النباتات ذكر من بينها (55) نوعا من الأشجار المثمرة.
ولقد تبحر ابن العوام في حقل الطب. ولكن شهرته العظيمة التي نالها كانت عن كتابه الفلاحة . وهو الكتاب الوحيد الذي وصلنا من إنتاجه، إذ معظم إنتاجه قد فقد خلال الحروب العاصفة التي مرت بالأمة العربية والإسلامية في الأندلس أيام حياة ابن العوام.