في ظل تزايد الدعاية والإعلان من خلال شبكة الإنترنت أصبح ''ياهو'' و''جوجل'' في وضع يمكنهما من اكتساب القوة والنفوذ على نطاق العالم. ويبدو أن الأيام السوداء التي شهدتها الإنترنت بوصفها وسيلة إعلامية عام 2002 قد طواها الزمن.
انخفض حجم الدعاية والإعلان في الإنترنت بنحو 25 في المائة من الذروة التي بلغها، ما تسبب في أزمة لهذه الوسيلة الجديدة من وسائل الدعاية والإعلان. وكانت الرسالة واضحة: الاعتماد على الدخل المتوافر من الرسوم والاشتراكات وأي شكل آخر من أشكال الإيرادات أفضل من الاعتماد على الإعلانات.
عندما يفصح كل من ''ياهو'' و''جوجل''، عملاقي الإعلام، خلال الأيام المقبلة عن آخر بيانات إيراداتهما سيكون التباين صارخاً. والفضل في ذلك يعود بقدر كبير إلى استحداث طريقة الإعلان من خلال الكلمة الافتتاحية في محركات البحث.
يقول لاني بيكر محلل الإنترنت في مؤسسة سميث بارني: ''كل فرد أصبح مفتوناً بالبحث''. مع توقعات كبيرة جداً. ويضيف ''يتعين علي أن أضفي على نفسي مظهراً مبالغاً فيه'' من أجل أن أحافظ على الظهور بمظهر المتحمس.
إن المبالغة أمر مفهوم. فمن بداية متواضعة للإعلانات عن طريق محركات البحث في أول هذه الحقبة إلى أن بلغت العام الماضي نحو 40 المائة من مجمل الإعلانات التي تمت عن طريق الإنترنت، بقيمة وصلت إلى 15 مليار دولار. نتيجة لذلك - إلى حد كبير - قفز الإعلان عن طريق الإنترنت بمعدل أكبر من الثلث في الولايات المتحدة العام الماضي.
ويعود استمرار الزيادة بهذه الطريقة الدرامية وارتفاع أسعار أسهم الإنترنت إلى المستوى التي هي عليه الآن، إلى أمرين: أولهما أن وجود شركة مقرها الولايات المتحدة يمكنها من الانتشار بسرعة في الخارج. وتشير التقديرات إلى أن نحو ثلثي الإعلانات التي تم نشرها من خلال شبكة الإنترنت العام الماضي كانت من الولايات المتحدة، على الرغم من أنها الآن تمثل أقل من ثلث المشاهدين لشبكة الإنترنت في العالم.
ويتعين على المعلنين في بقية أنحاء العالم اللحاق بالقطار. ويتكهن المحللون، مثل بيكر، بنمو سنوي مضاعف بنسبة 30 في المائة في الأسواق غير الأمريكية خلال السنوات القليلة المقبلة، مقارنةً بنحو 20 في المائة في الولايات المتحدة. ويؤدي ذلك إلى تقوية عملاقي الإنترنت في الولايات المتحدة، اللذين يتحولان بسرعة إلى قوى عالمية بفضل ما لديهما من قدرة على الاستثمار في التكنولوجيا الحديثة والجهود الجبارة التي يبذلانها في شراء منافذ الإنترنت المحلية. ويبلغ نصيب ''ياهو'' في الإعلانات التي تتم عبر شبكة الإنترنت على مستوى العالم في الوقت الحاضر 15 في المائة، وربما تزيد على 22 في المائة عام 2009، حسبما يقول لورين ريك فاين محلل شؤون الإنترنت في ''ميريل لينش''. أما المبرر الثاني، فهو أنه بينما تظل محركات البحث هي التي تقود التوسع في هذه الصناعة ـ بحيث تصل عام 2008 إلى نحو 50 في المائة من إجمالي مصروفات الدعاية والإعلان التي تتم عبر شبكة الإنترنت، حسب ''توماس ويسيل بارتنرس'' ـ تنمو الأنواع التقليدية من الإعلانات بحيث تصبح ثاني أكبر مصدر للنمو .استنادا إلى ذلك، ومع اتجاه عدد أكبر من الناس لقضاء قدر أكبر من وقتهم على الشبكة، خاصة الشباب وذوي الدخل المرتفع، لن يكون لدى كبار المعلنين في مجال السلع الاستهلاكية خيارات أخرى غير أن يتبعوا هذا الخط.
يقول ديفيد جاريتي محلل شؤون الإنترنت في مركز كاريس للبحوث في نيويورك: ''نحن نعيش في مجتمع توجد فيه منحنيات تبني متسارعة''. فمن الراديو إلى التلفزيون، إلى الكيبل إلى الإنترنت، تبنت كل وسيلة أسلوباً للعمل أسرع من سابقتها.
وبينما تتوافر الشروط الأساسية لنمو قوي ومستمر في الإعلانات من خلال شبكة الإنترنت، هنالك بعض الأمور التي تحد من هذا النمو. أحد تلك القيود يتمثل في تأمين صفحات ترويج من شأنها أن تجتذب الإعلانات. فإذا وجدت قصة العامين الماضيين طريقها إلى تحويل الحركة الحالية في الإنترنت إلى نقود، فإن النجاح في المستقبل يكمن في إيجاد السبل اللازمة لزيادة حجم الحركة ـ وصفحات الترويج. يقول شارلين لي محلل شؤون الإنترنت في مركز بحوث فورستر، إنه في مجال البحث ''العرض لا ينمو بالسرعة التي ينمو بها الطلب''. ونتيجة لذلك يتعين على المعلنين تقديم أسعار أعلى من أجل الحصول على شروط بحث جيدة. وربما يكون ذلك أمراً جيدا بالنسبة لأرباح شركات محركات البحث على المدى القصير، لكنه أمر ينطوي على ضرر إذا نتج عنه تقليل الجاذبية النسبية لهذا النوع من أنواع الإعلان.
وهنالك عقبة أخرى هي عدم إلمام العديد من المعلنين الجدد بهذه الوسيلة الإعلانية التي يصعب التنقل فيها. وبينما نجد أن الآليات الأساسية لطريقة الإعلان التي تعتمد على الكلمة الرئيسية في محركات البحث تعتبر آليات بسيطة يستطيع المعلنون الجدد أن يتقنوها، حسبما تقول الآنسة فاين، إلا أن تعلم كيفية الحصول على أفضل النتائج يعتبر أمراً معقداً ويستغرق وقتاً طويلاً، خاصةً بالنسبة للمؤسسات والشركات الصغيرة التي تعتمد محركات البحث فيها على المرحلة التالية من مراحل نموها.
بقلم :ريتشارد ووترس _جريدة الاقتصادية-